المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب نكاح المشرك) - حاشية البجيرمي على شرح المنهج = التجريد لنفع العبيد - جـ ٣

[البجيرمي]

فهرس الكتاب

- ‌(بَابُ الصُّلْحِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي التَّزَاحُمِ عَلَى الْحُقُوقِ الْمُشْتَرَكَةِ

- ‌(بَابُ الْحَوَالَةِ)

- ‌(بَابُ الضَّمَانِ)

- ‌(كِتَابُ الشَّرِكَةِ)

- ‌(كِتَابُ الْوَكَالَةِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَا يَجِبُ عَلَى الْوَكِيلِ فِي الْوَكَالَةِ الْمُطْلَقَةِ، وَالْمُقَيَّدَةِ

- ‌(فَرْعٌ) لَوْ قَالَ لِوَكِيلِهِ: بِعْ هَذَا بِكَمْ شِئْتَ

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَا يَجِبُ عَلَى الْوَكِيلِ فِي الْوَكَالَةِ الْمُقَيَّدَةِ بِغَيْرِ أَجَلٍ وَمَا يَتْبَعُهَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي حُكْمِ الْوَكَالَةِ وَارْتِفَاعِهَا وَغَيْرِهِمَا

- ‌(كِتَابُ الْإِقْرَارِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ أَنْوَاعٍ مِنْ الْإِقْرَارِ مَعَ بَيَانِ صِحَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْإِقْرَارِ بِالنَّسَبِ

- ‌(فَرْعٌ)لَوْ اسْتَلْحَقَ شَخْصٌ عَبْدَ غَيْرِهِ أَوْ عَتِيقَهُ

- ‌(كِتَابُ الْعَارِيَّةُ)

- ‌(فَصْلٌ)فِي بَيَانِ أَنَّ الْعَارِيَّةُ غَيْرُ لَازِمَةٍ

- ‌(كِتَابُ الْغَصْبِ)

- ‌(فَصْلٌ)فِي بَيَانِ حُكْمِ الْغَصْبِ وَمَا يُضْمَنُ بِهِ الْمَغْصُوبُ وَغَيْرُهُ

- ‌(فَصْلٌ)فِي اخْتِلَافِ الْمَالِكِ، وَالْغَاصِبِ وَضَمَانِ مَا يَنْقُصُ بِهِ الْمَغْصُوبُ

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَا يَطْرَأُ عَلَى الْمَغْصُوبِ مِنْ زِيَادَةٍ وَغَيْرِهَا

- ‌(كِتَابُ الشُّفْعَةِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَا يُؤْخَذُ بِهِ الشِّقْصُ الْمَشْفُوعُ

- ‌(كِتَابُ الْقِرَاضِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي أَحْكَامِ الْقِرَاضِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ أَنَّ الْقِرَاضَ جَائِزٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ

- ‌(كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ)

- ‌(فَصْلٌ)فِي بَيَانِ أَنَّ الْمُسَاقَاةَ لَازِمَةٌ، وَحُكْمِ هَرَبِ الْعَامِلِ، وَالْمُزَارَعَةِ وَالْمُخَابَرَةِ

- ‌(كِتَابُ الْإِجَارَةِ)

- ‌(فَصْلٌ)فِيمَا يَجِبُ بِالْمَعْنَى الْآتِي عَلَى الْمُكْرِي وَالْمُكْتَرِي لِعَقَارٍ أَوْ دَابَّةٍ

- ‌(فَصْلٌ)فِي بَيَانِ غَايَةِ الزَّمَنِ الَّذِي تُقَدَّرُ الْمَنْفَعَةُ بِهِ تَقْرِيبًا مَعَ مَا يُذْكَرُ مَعَهَا

- ‌(فَصْلٌ)فِيمَا يَقْتَضِي الِانْفِسَاخَ وَالْخِيَارَ فِي الْإِجَارَةِ وَمَا لَا يَقْتَضِيهِمَا

- ‌(كِتَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ) وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ

- ‌(فَصْلٌ)فِي بَيَانِ حُكْمِ الْمَنَافِعِ الْمُشْتَرَكَةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ حُكْمِ الْأَعْيَانِ الْمُشْتَرَكَةِ الْمُسْتَفَادَةِ مِنْ الْأَرْضِ

- ‌(كِتَابُ الْوَقْفِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي أَحْكَامِ الْوَقْفِ اللَّفْظِيَّةِ

- ‌(فَصْلٌ: فِي أَحْكَامِ الْوَقْفِ الْمَعْنَوِيَّةِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ النَّظَرِ عَلَى الْوَقْفِ وَشَرْطِ النَّاظِرِ وَوَظِيفَتِهِ

- ‌(كِتَابُ الْهِبَةِ)

- ‌(كِتَابُ اللُّقَطَةِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ حُكْمِ لَقْطِ الْحَيَوَانِ وَغَيْرِهِ مَعَ بَيَانِ تَعْرِيفِهِمَا

- ‌(كِتَابُ اللَّقِيطِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْحُكْمِ بِإِسْلَامِ اللَّقِيطِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ حُرِّيَّةِ اللَّقِيطِ وَرِقِّهِ وَاسْتِلْحَاقِهِ

- ‌(كِتَابُ الْجَعَالَةِ)

- ‌(كِتَابُ الْفَرَائِضِ)

- ‌(فَصْلٌ)فِي بَيَانِ الْفُرُوضِ وَذَوِيهَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْحَجْبِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي كَيْفِيَّةِ إرْثِ الْأَوْلَادِ وَأَوْلَادِ الِابْنِ انْفِرَادًا وَاجْتِمَاعًا

- ‌(فَصْلٌ)فِي كَيْفِيَّةِ إرْثِ الْأَبِ وَالْجَدِّ وَإِرْثِ الْأُمِّ فِي حَالَةٍ

- ‌(فَصْلٌ) فِي إرْثِ الْحَوَاشِي

- ‌(فَصْلٌ)فِي الْإِرْثِ بِالْوَلَاءِ

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ مِيرَاثِ الْجَدِّ وَالْإِخْوَةِ]

- ‌(فَصْلٌ)فِي مَوَانِعِ الْإِرْثِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي أُصُولِ الْمَسَائِلِ وَبَيَانِ مَا يَعُولُ مِنْهَا

- ‌(فَرْعٌ)فِي تَصْحِيحِ الْمَسَائِلِ وَمَعْرِفَةِ أَنْصِبَاءِ الْوَرَثَةِ مِنْ الْمُصَحِّحِ

- ‌(فَرْعٌ: فِي الْمُنَاسَخَاتِ)

- ‌(كِتَابُ الْوَصِيَّةِ)

- ‌(فَصْلٌ)فِي الْوَصِيَّةِ بِزَائِدٍ عَلَى الثُّلُثِ وَفِي حُكْمِ اجْتِمَاعِ تَبَرُّعَاتٍ مَخْصُوصَةٍ

- ‌(فَرْعٌ)لَوْ أَوْصَى بِالثُّلُثِ وَلَهُ عَيْنٌ وَدَيْنٌ

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْمَرَضِ الْمَخُوفِ وَالْمُلْحَقِ بِهِ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي أَحْكَامٍ لَفْظِيَّةٍ لِلْمُوصَى بِهِ وَلِلْمُوصَى لَهُ

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَامٍ مَعْنَوِيَّةٍ لِلْمُوصَى بِهِ مَعَ بَيَانِ مَا يُفْعَلُ عَنْ الْمَيِّتِ وَمَا يَنْفَعُهُ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي الرُّجُوعِ عَنْ الْوَصِيَّةِ

- ‌(فُرُوعٌ)إنْكَارُ الْمُوصِي الْوَصِيَّةَ

- ‌(فَصْلٌ: فِي الْإِيصَاءِ)

- ‌(كِتَابُ الْوَدِيعَةِ)

- ‌(كِتَابُ قَسْمِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ)

- ‌(فَصْلٌ: فِي الْغَنِيمَةِ وَمَا يَتْبَعُهَا)

- ‌[تَعْرِيف النَّفَلُ]

- ‌(كِتَابُ قَسْمِ الزَّكَاةِ)

- ‌[مصارف الزَّكَاة]

- ‌(فَصْلٌ)فِي بَيَانِ مَا يَقْتَضِي صَرْفَ الزَّكَاةِ لِمُسْتَحِقِّهَا وَمَا يَأْخُذُهُ مِنْهَا

- ‌[شُرُوطُ آخِذ الزَّكَاةِ]

- ‌(فَصْلٌ)فِي حُكْمِ اسْتِيعَابِ الْأَصْنَافِ وَالتَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمْ وَمَا يَتْبَعُهُمَا

- ‌[نَقْلُ الزَّكَاة مِنْ بَلَد إلَى بَلَدٍ آخَرَ]

- ‌[شُرُوطُ الْعَامِلِ عَلَى الزَّكَاة]

- ‌(فَصْلٌ) فِي صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ

- ‌(كِتَابُ النِّكَاحِ)

- ‌[فَرْعٌ الْمَرْأَةَ التَّائِقَةَ يُسَنُّ لَهَا النِّكَاحُ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْخِطْبَةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي أَرْكَانِ النِّكَاحِ وَغَيْرِهَا

- ‌[نِكَاحُ الشِّغَارِ]

- ‌[شُرُوطَ الزَّوْجِ]

- ‌(فَصْلٌ)فِي عَاقِدِ النِّكَاحِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ

- ‌(فَصْلٌ)فِي مَوَانِعِ وِلَايَةِ النِّكَاحِ

- ‌(فَصْلٌ)فِي الْكَفَاءَةِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي النِّكَاحِ

- ‌(فَصْلٌ)فِي تَزْوِيجِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ

- ‌(بَابُ مَا يَحْرُمُ مِنْ النِّكَاحِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَا يَمْنَعُ النِّكَاحَ مِنْ الرِّقِّ

- ‌(فَصْلٌ)فِي نِكَاحِ مَنْ تَحِلُّ وَمَنْ لَا تَحِلُّ مِنْ الْكَافِرَاتِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ

- ‌(بَابُ نِكَاحِ الْمُشْرِكِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي حُكْمِ مَنْ زَادَ عَلَى الْعَدَدِ الشَّرْعِيِّ مِنْ زَوْجَاتِ الْكَافِرِ بَعْدَ إسْلَامِهِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي حُكْمِ مُؤْنَةِ الزَّوْجَةِ إنْ أَسْلَمَتْ أَوْ ارْتَدَّتْ مَعَ زَوْجِهَا

- ‌(بَابُ الْخِيَارِ) فِي النِّكَاحِ (وَالْإِعْفَافِ وَنِكَاحِ الرَّقِيقِ) وَمَا يُذْكَرُ مَعَهَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْإِعْفَافِ

- ‌(كِتَابُ الصَّدَاقِ)

- ‌(فَصْلٌ)فِي الصَّدَاقِ الْفَاسِدِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ

- ‌(فَصْلٌ)فِي التَّفْوِيضِ

- ‌(فَصْلٌ)فِيمَا يُسْقِطُ الْمَهْرَ وَمَا يُنَصِّفُهُ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُمَا

- ‌(فَصْلٌ)فِي الْمُتْعَةِ:

- ‌(فَصْلٌ)فِي التَّحَالُفِ إذَا وَقَعَ اخْتِلَافٌ فِي الْمَهْرِ الْمُسَمَّى

- ‌(فَصْلٌ)فِي الْوَلِيمَةِ

- ‌[كِتَابُ الْقَسْمِ وَالنُّشُوزِ]

- ‌(فَصْلٌ)فِي حُكْمِ الشِّقَاقِ بِالتَّعَدِّي بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ

- ‌(كِتَابُ الْخُلْعِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي الِاخْتِلَافِ فِي الْخُلْعِ أَوْ فِي عِوَضِهِ

الفصل: ‌(باب نكاح المشرك)

إلَى آخِرِ مَا مَرَّ، لِجَوَازِ مُوَافَقَتِهِمْ فِي ذَلِكَ لِلْأَقْدَمِينَ مَعَ مُوَافَقَتِهِمْ فِي الْفُرُوعِ لِلنَّصَارَى، وَهُمْ مَعَ الْمَوْجُودِ فِي زَمَنِهِمْ مِنْ الْأَقْدَمِينَ سَبَبٌ فِي اسْتِفْتَاءِ الْقَاهِرِ الْفُقَهَاءَ عَلَى عُبَّادِ الْكَوَاكِبِ فَأَفْتَى الْإِصْطَخْرِيُّ بِقَتْلِهِمْ

(وَمَنْ انْتَقَلَ مِنْ دِينٍ لِآخَرَ تَعَيَّنَ) عَلَيْهِ (إسْلَامٌ) ، وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا يُقَرُّ أَهْلُهُ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِبُطْلَانِ مَا انْتَقَلَ عَنْهُ وَكَانَ مُقِرًّا بِبُطْلَانِ مَا انْتَقَلَ إلَيْهِ، فَإِنْ أَبَى الْإِسْلَامَ أُلْحِقَ بِمَأْمَنِهِ إنْ كَانَ لَهُ أَمَانٌ، ثُمَّ هُوَ حَرْبِيٌّ إنْ ظَفِرْنَا بِهِ قَتَلْنَاهُ، (فَلَوْ كَانَ) الْمُنْتَقِلُ (امْرَأَةً) كَأَنْ تَنَصَّرَتْ يَهُودِيَّةٌ، (لَمْ تَحِلَّ لِمُسْلِمٍ) كَالْمُرْتَدَّةِ (فَإِنْ كَانَتْ) أَيْ الْمُنْتَقِلَةُ (مَنْكُوحَةً فَكَمُرْتَدَّةٍ) تَحْتَهُ فِيمَا يَأْتِي، وَخَرَجَ بِالْمُسْلِمِ الْكَافِرُ فَإِنَّهُ إنْ كَانَ يَرَى نِكَاحَ الْمُنْتَقِلَةِ حَلَّتْ لَهُ، وَإِلَّا فَكَالْمُسْلِمِ

(وَلَا تَحِلُّ مُرْتَدَّةٌ) لِأَحَدٍ لَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ لِأَنَّهَا كَافِرَةٌ لَا تُقَرُّ، وَلَا مِنْ الْكُفَّارِ لِبَقَاءِ عُلْقَةِ الْإِسْلَامِ فِيهَا

(وَرِدَّةٌ) مِنْ الزَّوْجَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا (قَبْلَ دُخُولٍ) وَمَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ اسْتِدْخَالِ مَنِيٍّ (تُنَجِّزُ فُرْقَةً) بَيْنَهُمَا لِعَدَمِ تَأَكُّدِ النِّكَاحِ بِالدُّخُولِ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ. (وَبَعْدَهُ) تُوقِفُ (فَإِنْ جَمَعَهُمَا إسْلَامٌ فِي الْعِدَّةِ دَامَ نِكَاحٌ) بَيْنَهُمَا، لِتَأَكُّدِهِ بِمَا ذُكِرَ. (وَإِلَّا فَالْفُرْقَةُ) بَيْنَهُمَا حَاصِلَةٌ (مِنْ) حِينِ (الرِّدَّةِ) مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا، (وَحَرُمَ وَطْءٌ) فِي مُدَّةِ التَّوَقُّفِ لِتَزَلْزُلِ مِلْكِ النِّكَاحِ بِالرِّدَّةِ، (وَلَا حَدَّ) فِيهِ لِشُبْهَةِ بَقَاءِ النِّكَاحِ بَلْ فِيهِ تَعْزِيرٌ، وَتَجِبُ الْعِدَّةُ مِنْهُ كَمَا لَوْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ رَجْعِيًّا ثُمَّ وَطِئَهَا فِي الْعِدَّةِ

(بَابُ نِكَاحِ الْمُشْرِكِ)

وَهُوَ الْكَافِرُ عَلَى أَيِّ مِلَّةٍ كَانَ، وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى مُقَابِلِ الْكِتَابِيِّ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ} [البينة: 1] لَوْ (أَسْلَمَ) أَيْ الْمُشْرِكُ وَلَوْ غَيْرَ كِتَابِيٍّ كَوَثَنِيٍّ وَمَجُوسِيٍّ (عَلَى) حُرَّةٍ (كِتَابِيَّةٍ) بِقَيْدٍ زِدْتُهُ بِقَوْلِي، (تَحِلُّ) لَهُ ابْتِدَاءً (دَامَ نِكَاحُهُ) لِجَوَازِ نِكَاحِ الْمُسْلِمِ لَهَا (أَوْ) عَلَى حُرَّةٍ (غَيْرِهَا) كَوَثَنِيَّةٍ وَكِتَابِيَّةٍ، لَا تَحِلُّ لَهُ ابْتِدَاءً. (وَتَخَلَّفَتْ) عَنْهُ بِأَنْ لَمْ تُسْلِمَ مَعَهُ وَتَعْبِيرِي بِغَيْرِهَا أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِوَثَنِيَّةٍ أَوْ مَجُوسِيَّةٍ

ــ

[حاشية البجيرمي]

الْفِرْقَةَ الَّتِي هِيَ أَقْدَمُ فِي كَوْنِهِمْ يَعْبُدُونَ الْكَوَاكِبَ، فَهِيَ مُلَفِّقَةٌ، وَهَذِهِ مُرَادُ الرَّافِعِيِّ وَبِالْجُمْلَةِ فَقَوْلُ الرَّافِعِيِّ إطْلَاقٌ ثَالِثٌ لِلصَّابِئَةِ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ) أَيْ عِبَادَةِ الْكَوَاكِبِ السَّبْعَةِ (قَوْلُهُ فَأَفْتَى الْإِصْطَخْرِيُّ بِقَتْلِهِمْ) وَبَذَلُوا لِلْقَاهِرِ مَالًا كَثِيرًا فَلَمْ يَقْتُلْهُمْ م ر وَهَذَا مِنْ غَبَاوَتِهِ، إذْ كَانَ يُمْكِنُهُ أَنْ يَقْتُلَهُمْ وَيَأْخُذَ جَمِيعَ أَمْوَالِهِمْ

(قَوْلُهُ وَمَنْ انْتَقَلَ) ذَكَرَ هَذَا هُنَا مَعَ أَنَّ الْمُنَاسِبَ ذِكْرُهُ فِي بَابِ الرِّدَّةِ تَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ فَلَوْ كَانَ الْمُنْتَقِلُ إلَخْ. (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ أَقَرَّ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ مَنْ انْتَقَلَ عَقِبَ بُلُوغِهِ إلَى مَا يُقَرُّ عَلَيْهِ يُقَرُّ وَلَيْسَ مُرَادًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، لِأَنَّا لَا نَعْتَبِرُ اعْتِقَادَهُ بَلْ الْوَاقِعَ، وَهُوَ الِانْتِقَالُ إلَى الْبَاطِلِ، وَالتَّعْلِيلُ الْمَذْكُورُ إنَّمَا هُوَ لِلْغَالِبِ فَلَا مَفْهُومَ لَهُ شَوْبَرِيٌّ وَمِثْلُهُ م ر. (قَوْلُهُ مَا انْتَقَلَ إلَيْهِ) أَيْ مَعَ كَوْنِهِ بَاطِلًا فِي الْوَاقِعِ فَلَا يُقَالُ: إنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ يَأْتِي فِيمَا إذَا أَسْلَمَ الْكَافِرُ. (قَوْلُهُ قَتَلْنَاهُ) أَيْ يَجُوزُ لَنَا قَتْلُهُ وَيَجُوزُ ضَرْبُ الرِّقِّ عَلَيْهِ وَيَجُوزُ الْمَنُّ عَلَيْهِ، كَذَا قِيلَ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَا يُقَرُّ عَلَى غَيْرِ الْإِسْلَامِ، فَلَا بُدَّ مِنْ قَتْلِهِ وَإِنْ ضَرَبْنَا عَلَيْهِ الرِّقَّ أَوْ مَنَنَّا ح ل (قَوْلُهُ حَلَّتْ لَهُ) أَيْ اسْتَمَرَّ حِلُّهَا لَهُ

(قَوْلُهُ وَلَا مِنْ الْكُفَّارِ) وَلَوْ مُرْتَدًّا مِثْلَهَا لِأَنَّهُمَا لَا دَوَامَ لَهُمَا

. (قَوْلُهُ وَرِدَّةٌ مِنْ الزَّوْجَيْنِ) وَمِنْ رِدَّتِهِ مَا لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: يَا كَافِرَةُ مُرِيدًا حَقِيقَةَ الْكُفْرِ، لَا إنْ أَرَادَ الشَّتْمَ أَوْ أَطْلَقَ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ قَبْلَ دُخُولٍ) أَيْ وَطْءٍ وَلَوْ فِي الدُّبُرِ. (قَوْلُهُ وَبَعْدَهُ تُوقِفُهَا) وَلَيْسَ لَهُ فِي زَمَنِ التَّوَقُّفِ نِكَاحُ نَحْوِ أُخْتِهَا شَرْحُ م ر وَيُوقَفُ ظِهَارُهُ وَإِيلَاؤُهُ وَطَلَاقُهُ فِيهَا. اهـ. ب ر، وَلَا نَفَقَةَ لَهَا وَإِنْ أَسْلَمَتْ فِي الْعِدَّةِ وَقَوْلُهُ فَإِنْ جَمَعَهُمَا إسْلَامٌ بِأَنْ اتَّفَقَ عَدَمُ قَتْلِهِمَا حَتَّى أَسْلَمَا ع ش، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُمَا يُؤَخَّرَانِ إلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، لِيُنْظَرَ هَلْ يَعُودُ الْمُرْتَدُّ لِلْإِسْلَامِ؟ أَوْ لَا؟ وَقَوْلُهُ إسْلَامٌ فِي الْعِدَّةِ أَيْ وَلَوْ بِقَوْلِهِ كَأَنْ غَابَ ثُمَّ عَادَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَقَالَ: أَسْلَمْتُ قَبْلَ انْقِضَائِهَا وَلَمْ تُكَذِّبْهُ فَإِنْ كَذَّبَتْهُ قُبِلَ قَوْلُهَا (قَوْلُهُ وَإِلَّا) بِأَنْ أَسْلَمَ بَعْدَ انْقِضَائِهَا أَوْ قَارَنَهُ الْإِسْلَامُ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ تَغْلِيبًا لِلْمَانِعِ س ل، وَقَوْلُهُ وَحَرُمَ وَطْءٌ وَيَجِبُ بِهِ مَهْرٌ بِرْمَاوِيٌّ أَيْ إنْ لَمْ يَجْمَعْهُمَا الْإِسْلَامُ فِي الْعِدَّةِ. (قَوْلُهُ لِتَزَلْزُلِ مِلْكِ النِّكَاحِ) أَيْ مِلْكِ انْتِفَاعِهِ أَيْ الِانْتِفَاعِ بِهِ كَمَا مَرَّ

[بَابُ نِكَاحِ الْمُشْرِكِ]

أَيْ الْحُكْمِ بِصِحَّتِهِ أَوْ فَسَادِهِ أَوْ دَوَامِهِ أَوْ رَفْعِهِ ق ل. (قَوْلُهُ وَهُوَ الْكَافِرُ عَلَى أَيِّ مِلَّةٍ كَانَ) فَيَشْمَلُ الْكِتَابِيَّ وَغَيْرَهُ إنْ أُرِيدَ بِهِ مَنْ جَعَلَ لِلَّهِ تَعَالَى شَرِيكًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} [التوبة: 31]، وَعِبَارَةُ حَجّ وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ أَيْ الْمُشْرِكُ مَعَهُ أَيْ الْكِتَابِيِّ كَالْفَقِيرِ وَالْمِسْكِينِ ح ل. (قَوْلُهُ وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى مُقَابِلِ الْكِتَابِيِّ) وَحِينَئِذٍ يَكُونُ الْمُرَادُ بِهِ مَنْ يَعْبُدُ غَيْرَ اللَّهِ مِنْ الْأَصْنَامِ وَنَحْوِهَا كَالشَّمْسِ ح ل. قَوْلُهُ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ} [البينة: 1] فِيهِ الشَّاهِدُ، لِأَنَّ عَطْفَهُ عَلَى أَهْلِ الْكِتَابِ يَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ ع ش. (قَوْلُهُ مُنْفَكِّينَ) أَيْ زَائِلِينَ عَمَّا هُمْ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ لَوْ أَسْلَمَ) وَلَوْ تَبَعًا لِأَحَدِ أَبَوَيْهِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ عَلَى حُرَّةٍ) مِثْلُهَا الْأَمَةُ إذَا عَتَقَتْ فِي الْعِدَّةِ أَوْ أَسْلَمَتْ، وَكَانَ يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ م ر. (قَوْلُهُ تَحِلُّ لَهُ ابْتِدَاءً) أَيْ قَبْلَ الْإِسْلَامِ بِأَنْ وُجِدَ فِيهَا الشَّرْطُ الْمَارُّ وَهَذَا يُفِيدُ مَا تَقَدَّمَ أَنَّ الرَّاجِحَ عِنْدَ شَيْخِنَا كَابْنِ حَجَرٍ حِلُّ الْكِتَابِيَّةِ لِلْمَجُوسِيِّ وَالْوَثَنِيِّ، وِفَاقًا لِلرَّوْضَةِ، وَخِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ حَيْثُ كَانَتْ تَحِلُّ لِلْمُسْلِمِ ح ل، وَقَدْ تَقَدَّمَتْ حُرْمَةُ الْوَثَنِيَّةِ وَالْمَجُوسِيَّةِ عَلَى الْوَثَنِيِّ وَالْمَجُوسِيِّ كَمَا قَالَهُ م ر فَحُرْمَتُهُمَا

ص: 376

(أَوْ أَسْلَمَتْ) زَوْجَتُهُ (وَتَخَلَّفَ فَكَرِدَّةٍ) وَتَقَدَّمَ حُكْمُهَا قُبَيْلَ الْبَابِ، أَيْ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ تَنَجَّزَتْ الْفُرْقَةُ أَوْ بَعْدَهُ وَأَسْلَمَ الْآخَرُ فِي الْعِدَّةِ دَامَ نِكَاحُهُ، وَإِلَّا فَالْفُرْقَةُ مِنْ الْإِسْلَامِ وَالْفُرْقَةُ فِيمَا ذُكِرَ فُرْقَةُ فَسْخٍ لَا فُرْقَةُ طَلَاقٍ، لِأَنَّهُمَا مَغْلُوبَانِ عَلَيْهَا

(أَوْ أَسْلَمَا مَعًا) قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ (دَامَ) نِكَاحُهُمَا لِخَبَرٍ صَحِيحٍ فِيهِ، وَلِتَسَاوِيهِمَا فِي الْإِسْلَامِ الْمُنَاسِبِ لِلتَّقْرِيرِ بِخِلَافِ مَا لَوْ ارْتَدَّا مَعًا كَمَا مَرَّ، (وَالْمَعِيَّةُ) فِي الْإِسْلَامِ (بِآخِرِ لَفْظٍ) لِأَنَّ بِهِ يَحْصُلُ الْإِسْلَامُ لَا بِأَوَّلِهِ وَلَا بِأَثْنَائِهِ وَسَوَاءً فِيمَا ذُكِرَ أَكَانَ الْإِسْلَامُ اسْتِقْلَالًا؟ أَمْ تَبَعِيَّةً؟ لَكِنْ لَوْ أَسْلَمَتْ الْمَرْأَةُ مَعَ أَبِي الطِّفْلِ أَوْ عَقِبَهُ قَبْلَ الدُّخُولِ بَطَلَ النِّكَاحُ كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ، لِتَقَدُّمِ إسْلَامِهَا فِي الْأُولَى لِأَنَّ إسْلَامَ الطِّفْلِ عَقِبَ إسْلَامِ أَبِيهِ، وَإِسْلَامُهَا فِي الثَّانِيَةِ مُتَأَخِّرٌ فَإِنَّهُ قَوْلِيٌّ،

ــ

[حاشية البجيرمي]

عَلَيْهِمَا مَعَ حِلِّ الْكِتَابِيَّةِ لَهُمَا مُشْكِلٌ لِأَنَّهَا أَشْرَفُ مِنْهُمَا، إلَّا أَنْ يُقَالَ: قِيَامُ الْمَانِعِ بِالْوَثَنِيَّةِ وَالْمَجُوسِيَّةِ وَهُوَ التَّوَثُّنُ وَالتَّمَجُّسُ حَرَّمَهُمَا عَلَيْهِمَا، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ تَحِلُّ لَهُ مُحَرَّمَةٌ وَمُطَلَّقَتُهُ ثَلَاثًا قَبْلَ التَّحْلِيلِ، وَكِتَابِيَّةٌ غَيْرُ إسْرَائِيلِيَّةٍ لَمْ يُعْلَمْ دُخُولُ أَوَّلِ آبَائِهَا فِي ذَلِكَ الدِّينِ قَبْلَ نَسْخِهِ وَتَحْرِيفِهِ بِرْمَاوِيٌّ

(قَوْلُهُ أَوْ أَسْلَمَتْ زَوْجَتُهُ) سَوَاءٌ كَانَتْ كِتَابِيَّةً، أَمْ لَا، وَهَذَا حِكْمَةُ الْإِظْهَارِ حَيْثُ لَمْ يَقُلْ: أَسْلَمَتْ هِيَ. (قَوْلُهُ قَبْلَ الدُّخُولِ) أَيْ الْوَطْءِ وَلَوْ فِي الدُّبُرِ وَقَوْلُهُ وَمَا فِي مَعْنَاهُ أَيْ مِنْ اسْتِدْخَالِ الْمَنِيِّ فِي الْقُبُلِ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَالْفُرْقَةُ مِنْ الْإِسْلَامِ) وَكَذَا لَوْ أَسْلَمَ مَعَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ تَغْلِيبًا لِلْمَانِعِ ح ل. (قَوْلُهُ لِأَنَّهُمَا مَغْلُوبَانِ) أَيْ مَقْهُورَانِ عَلَيْهَا فَإِنْ قُلْتَ: الْفُرْقَةُ بِاخْتِيَارِ مَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمَا لِأَنَّ الزَّوْجَ إنْ أَسْلَمَ فَقَدْ وُجِدَتْ الْفُرْقَةُ بِاخْتِيَارِهِ وَكَذَا إنْ أَسْلَمَتْ هِيَ، قُلْتُ: هُمَا مَغْلُوبَانِ عَلَيْهَا بِاعْتِبَارِ أَنَّ الشَّرْعَ طَلَبَ مِنْهُمَا الْإِسْلَامَ وَقَهَرَهُمَا عَلَيْهِ، فَهُمَا بِهَذَا الِاعْتِبَارِ مَقْهُورَانِ، وَيَرِدُ عَلَى التَّعْلِيلِ فُرْقَةُ الرِّدَّةِ، فَإِنَّهَا فُرْقَةُ فَسْخٍ مَعَ أَنَّهُمَا غَيْرُ مَغْلُوبَيْنِ عَلَيْهَا فَتَأَمَّلْ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ بِالرِّدَّةِ تَحْصُلُ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا قَهْرًا عَنْهُمَا وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي إسْلَامِ أَحَدِهِمَا

(قَوْلُهُ أَوْ أَسْلَمَا مَعًا) وَلَوْ شُكَّ فِي الْمَعِيَّةِ فَمُقْتَضَى تَنْزِيلِهِمْ الْإِسْلَامَ مَنْزِلَةَ الِابْتِدَاءِ، الْحُكْمُ بِعَدَمِ دَوَامِ النِّكَاحِ وَاَلَّذِي فِي الرَّوْضِ دَوَامُ النِّكَاحِ. اهـ. ح ل، وَعِبَارَةُ س ل أَسْلَمَا مَعًا أَيْ يَقِينًا فَلَا يَكْفِي الشَّكُّ فِي الْمَعِيَّةِ تَغْلِيبًا لِلْمَانِعِ. (قَوْلُهُ وَلِتَسَاوِيهِمَا إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَلِتَقَارُبِهِمَا لِأَنَّ الْمُسَاوَاةَ تَصْدُقُ مَعَ تَخَلُّفِ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمَعْنَى وَلِتَسَاوِيهِمَا فِي زَمَنِ النُّطْقِ بِكَلِمَةِ الْإِسْلَامِ، وَقَوْلُهُ الْمُنَاسِبِ إلَخْ أَتَى بِهِ لِيُخْرِجَ مَا إذَا ارْتَدَّا مَعًا فَإِنَّهُمَا لَا يُقِرَّانِ. (قَوْلُهُ لِأَنَّ بِهِ يَحْصُلُ الْإِسْلَامُ) إنْ أَرَادَ أَنَّهُ يَحْصُلُ بِهِ وَحْدَهُ، وَلَا مَدْخَلَ لِمَا قَبْلَهُ فَمَمْنُوعٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَإِلَّا لَزِمَ حُصُولُ الْإِسْلَامِ إذَا أَتَى بِآخِرِهَا دُونَ أَوَّلِهَا وَإِنْ أَرَادَ التَّوَقُّفَ عَلَيْهِ مَعَ مَدْخُولِيَّةِ مَا قَبْلَهُ، فَظَاهِرٌ شَوْبَرِيٌّ وَاسْمُ أَنَّ فِي مِثْلِ هَذَا التَّرْكِيبِ ضَمِيرُ الشَّأْنِ مَحْذُوفًا كَمَا قَالَهُ الْيُوسِيُّ عَلَى الْكُبْرَى، وَفِيهِ أَنَّهُ لَمْ يُعْهَدْ حَذْفُ ضَمِيرِ الشَّأْنِ إلَّا إذَا خُفِّفَتْ أَنَّ، وَقَوْلُهُ يَحْصُلُ أَيْ يُوجَدُ وَيَتَحَقَّقُ فَلَا يُقَالُ: إنَّ بِالتَّمَامِ يَتَبَيَّنُ دُخُولُهُ فِي الْإِسْلَامِ مِنْ حِينِ النُّطْقِ بِالْهَمْزَةِ، كَمَا أَنَّهُ لَوْ مَاتَ مُورِثُهُ أَيْ الْمُسْلِمُ بَعْدَ شُرُوعِهِ فِي الْهَمْزَةِ وَقَبْلَ تَمَامِ كَلِمَتَيْ الشَّهَادَةِ لَا يَرِثُهُ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ، يَتَبَيَّنُ بِالرَّاءِ دُخُولُهُ فِيهَا بِالْهَمْزَةِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ الصَّلَاةِ بِأَنَّ كَلِمَتَيْ الشَّهَادَةِ خَارِجَةٌ عَنْ مَاهِيَّةِ الْإِسْلَامِ، بِخِلَافِ التَّكْبِيرِ فَإِنَّهُ رُكْنٌ مِنْ الصَّلَاةِ ح ل وَشَرْحُ م ر أَيْ فَهُوَ مِنْ أَجْزَائِهَا فَكَانَ ذَلِكَ التَّبَيُّنُ ضَرُورِيًّا ثَمَّ لَا هُنَا بَلْ لَا يَصِحُّ، بَلْ الْمُحَصِّلُ لِلْإِسْلَامِ تَمَامُهَا وَيُمْكِنُ أَنْ يُفَرَّقَ أَيْضًا بِأَنَّ الدُّخُولَ فِي الصَّلَاةِ بِالنِّيَّةِ، وَهِيَ تَتَحَقَّقُ مَعَ أَوَّلِ التَّكْبِيرِ وَفِي الْإِسْلَامِ بِالِاعْتِرَافِ بِمَعْنَى الشَّهَادَةِ وَلَا يَتَحَقَّقُ ذَلِكَ الِاعْتِرَافُ إلَّا بِالتَّمَامِ، إذْ قَبْلَهُ لَمْ يُوجَدْ الِاعْتِرَافُ بِجَمِيعِ مَعْنَاهَا عَنَانِيٌّ مُلَخَّصًا وَقَوْلُهُ لَا بِأَوَّلِهِ لِلرَّدِّ عَلَى الْمُخَالِفِ

(قَوْلُهُ لَكِنْ لَوْ أَسْلَمَتْ الْمَرْأَةُ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ أَوْ أَسْلَمَا مَعًا دَامَ وَقَوْلُهُ مَعَ أَبِي الطِّفْلِ لَوْ قَالَ: مَعَ أَبِي الزَّوْجِ الطِّفْلِ أَوْ الْمَجْنُونِ كَانَ أَظْهَرَ، وَقَوْلُهُ بَطَلَ النِّكَاحُ مِثْلُهُ فِي الْبُطْلَانِ عَكْسُهُ. (قَوْلُهُ عَقِبَ إسْلَامِ أَبِيهِ) فَهُوَ عَقِبَ إسْلَامِهَا وَلَا نَظَرَ إلَى أَنَّ الْعِلَّةَ الشَّرْعِيَّةَ مَعَ مَعْلُولِهَا لِأَنَّ الْحُكْمَ لِلتَّابِعِ مُتَأَخِّرٌ عَنْ الْحُكْمِ لِلْمَتْبُوعِ، فَلَا يُحْكَمُ لِلْوَلَدِ بِإِسْلَامٍ حَتَّى يَصِيرَ الْأَبُ مُسْلِمًا شَرْحُ م ر، وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ لِأَنَّ إسْلَامَ الطِّفْلِ إلَخْ أَيْ لَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ إلَّا بَعْدَ إسْلَامِ أَبِيهِ، وَإِسْلَامُهَا مُقَارِنٌ لِإِسْلَامِ الْأَبِ فَإِسْلَامُهُ عَقِبَ إسْلَامِهَا، لِأَنَّ الْحُكْمَ لِلتَّابِعِ مُتَأَخِّرٌ عَنْ الْحُكْمِ لِلْمَتْبُوعِ فَقَدْ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ بَعْدَ إسْلَامِهِمَا وَهَذَا وَجَّهَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ خِلَافًا لحج حَيْثُ قَالَ: بِدَوَامِ النِّكَاحِ بِنَاءً عَلَى مَا صَحَّحُوهُ مِنْ أَنَّ الْعِلَّةَ الشَّرْعِيَّةَ تُقَارِنُ مَعْلُولَهَا فَتَرَتُّبُ إسْلَامِهِ عَلَى إسْلَامِ أَبِيهِ لَا يَقْتَضِي تَقَدُّمًا وَتَأَخُّرًا بِالزَّمَانِ اهـ. وَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ الشَّرْعِيَّةَ تَتَقَدَّمُ عَلَى مَعْلُولِهَا بِالزَّمَانِ، وَرَدَّ حَجّ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْبُلْقِينِيِّ بِأَنَّ الشَّارِعَ نَزَّلَ نُطْقَ الْمَتْبُوعِ بِالْإِسْلَامِ مَنْزِلَةَ نُطْقِ التَّابِعِ، فَكَأَنَّ نُطْقَهُمَا وَقَعَ فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ، فَإِسْلَامُهُ مُقَارِنٌ لِإِسْلَامِهَا، وَكَوْنُ الْحُكْمِ لِلتَّابِعِ مُتَأَخِّرًا عَنْ الْحُكْمِ لِلْمَبْتُوعِ لَا يُفِيدُ، لِأَنَّ الْمَدَارَ هُنَا عَلَى التَّقْدِيمِ وَالتَّأَخُّرِ

ص: 377

وَإِسْلَامُ الطِّفْلِ حُكْمِيٌّ

(وَحَيْثُ دَامَ) النِّكَاحُ (لَا تَضُرُّ مُقَارَنَتُهُ لِمُفْسِدٍ زَائِلٍ عِنْدَ إسْلَامٍ) بِشَرْطٍ زِدْته بِقَوْلِي. (وَلَمْ يَعْتَقِدُوا فَسَادَهُ) تَخْفِيفًا بِسَبَبِ الْإِسْلَامِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَزُلْ الْمُفْسِدُ عِنْدَ الْإِسْلَامِ، أَوْ زَالَ عِنْدَهُ وَاعْتَقَدُوا فَسَادَهُ، وَمِنْ الْأَوَّلِ مَا لَوْ نَكَحَ حُرَّةً وَأَمَةً وَأَسْلَمُوا إذْ الْمُفْسِدُ وَهُوَ عَدَمُ الْحَاجَةِ لِنِكَاحِ الْأَمَةِ لَمْ يَزُلْ عِنْدَ الْإِسْلَامِ الْمُنَزَّلِ مَنْزِلَةَ الِابْتِدَاءِ، كَمَا يُعْلَم مِمَّا يَأْتِي، فَلَا حَاجَةَ إلَى الِاحْتِرَازِ عَنْهُ بِقَوْلِهِ: وَكَانَتْ بِحَيْثُ تَحِلُّ لَهُ الْآنَ (فَيُقَرُّ عَلَى نِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ وَشُهُودٍ وَفِي عِدَّةٍ) لِلْغَيْرِ (تَنْقَضِي عِنْدَ إسْلَامٍ) لِانْتِفَاءِ الْمُفْسِدِ عِنْدَهُ، بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُنْقَضِيَةِ فَلَا يُقَرُّ عَلَى النِّكَاحِ فِيهَا لِبَقَاءِ الْمُفْسِدِ،

ــ

[حاشية البجيرمي]

بِالزَّمَانِ لَا بِالرُّتْبَةِ، لِأَنَّهُ أَمْرٌ عَقْلِيٌّ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ هُنَا اهـ

(قَوْلُهُ وَإِسْلَامُ الطِّفْلِ حُكْمِيٌّ) أَيْ فَهُوَ أَسْرَعُ فَيَكُونُ إسْلَامُهُ مُتَقَدِّمًا عَلَى إسْلَامِهَا وَيَأْتِي ذَلِكَ فِي إسْلَامِ أَبِيهَا مَعَهُ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ لَا تَضُرُّ مُقَارَنَتُهُ) أَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّ الْمُفْسِدَ الطَّارِئَ بَعْدَ الْعَقْدِ كَأَنْ ارْتَدَّ أَحَدُهُمَا ثُمَّ رَجَعَ فِي الْعِدَّةِ لَا يَضُرُّ، وَهُوَ كَذَلِكَ إلَّا فِي رَضَاعٍ أَوْ جِمَاعٍ رَافِعَيْنِ لِلنِّكَاحِ س ل. (قَوْلُهُ لِمُفْسِدٍ) أَيْ عِنْدَنَا فَقَطْ، فَإِنْ كَانَ مُفْسِدًا عِنْدَنَا وَعِنْدَهُمْ ضَرَّ مُطْلَقًا، أَوْ عِنْدَهُمْ فَقَطْ لَمْ يَضُرَّ مُطْلَقًا، وَالْمُرَادُ بِالْمُفْسِدِ عِنْدَنَا مَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ عُلَمَاؤُنَا، أَيْ عُلَمَاءُ مِلَّتِنَا كَمَا قَالَهُ الْجُرْجَانِيِّ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فَيُقَرُّ عَلَى إلَخْ، فَيُفِيدُ أَنَّ غَيْرَهُ لَا يُشْتَرَطُ زَوَالُهُ عِنْدَ الْإِسْلَامِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ تَرَافَعُوا لِمَنْ لَا يَرَاهُ مُفْسِدًا اهـ عَبْدُ الْحَقِّ

(قَوْلُهُ زَائِلٍ عِنْدَ إسْلَامٍ) وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ زَوَالُ الْمُفْسِدِ حِينَ الْإِسْلَامِ لِأَنَّ شُرُوطَ الصِّحَّةِ لَمَّا لَمْ تُعْتَبَرْ فِي حَالِ الْكُفْرِ، فَلَا أَقَلَّ مِنْ اعْتِبَارِهَا حَالَ الْإِسْلَامِ لِئَلَّا يَخْلُوَ الْعَقْدُ عَنْ شَرْطِ الصِّحَّةِ فِي الْحَالَيْنِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُمْ نُزِّلُوا حَالَ الْعَقْدِ فِي حَالِ الْإِسْلَامِ مَنْزِلَةَ الِابْتِدَاءِ لَا مَنْزِلَةَ الدَّوَامِ. (قَوْلُهُ بِشَرْطٍ) هَلَّا قَالَ: بِقَيْدٍ كَعَادَتِهِ، وَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْقَيْدِ وَالشَّرْطِ؟ وَلَعَلَّهُ تَفَنَّنَ فِي التَّعْبِيرِ. (قَوْلُهُ وَلَمْ يَعْتَقِدُوا فَسَادَهُ) وَالْعِبْرَةُ بِاعْتِقَادِ أَهْلِ مِلَّةِ الزَّوْجِ ب ر (قَوْلُهُ وَمِنْ الْأَوَّلِ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ الْخُرُوجَ فَرْعُ الدُّخُولِ، وَهَذِهِ الصُّورَةُ لَمْ تَدْخُلْ فِي كَلَامِ الْمَتْنِ حَتَّى يَحْتَاجَ إلَى إخْرَاجِهَا، لِأَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ النِّكَاحَ دَامَ بَعْدَ الْإِسْلَامِ لِأَنَّهُ قَالَ: وَحَيْثُ دَامَ إلَخْ وَهَذِهِ انْقَطَعَ فِيهَا النِّكَاحُ بِالْإِسْلَامِ فَلَمْ تَدْخُلْ، فَلَوْ قَالَ الْمَتْنُ: وَلَا تَضُرُّ مُقَارَنَتُهُ إلَخْ وَحَذَفَ الْحَيْثِيَّةَ، صَحَّ قَوْلُهُ وَمِنْ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ مَا لَوْ نَكَحَ حُرَّةً) أَيْ صَالِحَةً لِلتَّمَتُّعِ وَأَمَةً سَوَاءٌ نَكَحَهُمَا مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا، أَمَّا مَعَ الْمَعِيَّةِ أَوْ تَقَدُّمِ نِكَاحِ الْحُرَّةِ، فَلَا إشْكَالَ فِي انْدِفَاعِ الْأَمَةِ لِأَنَّ الْمُفْسِدَ قَارَنَ الْعَقْدَ وَالْإِسْلَامَ، وَأَمَّا عِنْدَ تَقَدُّمِ نِكَاحِ الْأَمَةِ فَلَمْ يُوجَدْ فِيهِ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا أَفْسَدُوا فِيهِ نِكَاحَ الْأَمَةِ نَاظِرِينَ فِي ذَلِكَ إلَى أَنَّهُ أَيْ الْإِسْلَامَ كَابْتِدَاءِ النِّكَاحِ دُونَ الدَّوَامِ، بِخِلَافِ نَحْوِ الْعِدَّةِ الطَّارِئَةِ بَعْدَ الْعَقْدِ قَالَ الرَّافِعِيُّ لِأَنَّ نِكَاحَ الْأَمَةِ بَدَلٌ يُعْدَلُ إلَيْهِ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْحُرَّةِ، وَالْأَبْدَالُ أَضْيَقُ حُكْمًا مِنْ الْأُصُولِ فَلِهَذَا غَلَّبَ هُنَا شَائِبَةَ الِابْتِدَاءِ ز ي

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَإِنَّمَا غَلَّبُوا هُنَا شَائِبَةَ الِابْتِدَاءِ لِأَنَّ الْمُفْسِدَ خَوْفُ إرْقَاقِ الْوَلَدِ وَهُوَ دَائِمٌ فَأَشْبَهَ الْمَحْرَمِيَّةَ، بِخِلَافِ الْعِدَّةِ أَيْ عِدَّةِ الشُّبْهَةِ الطَّارِئَةِ وَالْإِحْرَامِ لِزَوَالِهِمَا عَنْ قُرْبٍ. فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِسْلَامَ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الِابْتِدَاءِ فِي الْإِحْرَامِ وَعِدَّةِ الشُّبْهَةِ الطَّارِئَةِ كَمَا قَالَهُ سم. (قَوْلُهُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي) فِي قَوْلِهِ وَنُقِرُّهُمْ فِيمَا تَرَافَعُوا فِيهِ إلَيْنَا عَلَى مَا نُقِرُّهُمْ عَلَيْهِ إلَخْ كَذَا قِيلَ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُرَادَ بِمَا يَأْتِي أَيْ فِي الْفَصْلِ الْآتِي حَيْثُ قَالَ هُنَاكَ: أَوْ أَسْلَمَ عَلَى حُرَّةٍ وَإِمَاءٍ وَأَسْلَمْنَ كَمَا مَرَّ تَعَيَّنَتْ أَيْ الْحُرَّةُ لِلنِّكَاحِ لِأَنَّهُ يَمْتَنِعُ نِكَاحُ الْأَمَةِ لِمَنْ تَحْتَهُ حُرَّةٌ تَصْلُحُ فَيَمْتَنِعُ اخْتِيَارُهَا. (قَوْلُهُ تَحِلُّ لَهُ الْآنَ) أَيْ حِينَ الْإِسْلَامِ وَقَالَ ابْنُ قَاسِمٍ كَلَامُ الْأَصْلِ يُحْتَاجُ إلَيْهِ لِإِخْرَاجِ مَا إذَا طَرَأَ لَهُ مَانِعٌ بَعْدَ الْعَقْدِ كَطُرُوِّ رَضَاعٍ مُحَرِّمٍ، وَوَطْءِ أُمِّ زَوْجَتِهِ أَوْ بِنْتِهَا، وَلِإِخْرَاجِ مَا إذَا تَقَدَّمَ نِكَاحُ الْأَمَةِ عَلَى الْحُرَّةِ وَوُجِدَتْ شُرُوطُ نِكَاحِ الْأَمَةِ، فَإِنَّ الْعَقْدَ لَمْ يَقْتَرِنْ فِي الْمَذْكُورَاتِ مَعَ أَنَّ الزَّوْجَةَ فِي الْأَوَّلَيْنِ وَالْأَمَةَ فِي الثَّالِثِ لَا تَحِلُّ عِنْدَ الْإِسْلَامِ اهـ

(قَوْلُهُ فَيُقَرُّ عَلَى نِكَاحٍ إلَخْ) هُوَ وَاَللَّذَانِ بَعْدَهُ مُفَرَّعَةٌ عَلَى الْمَنْطُوقِ وَقَوْلُهُ لَا عَلَى نِكَاحٍ مُحَرَّمٍ مُفَرَّعٌ عَلَى مَفْهُومِ زَائِلٍ عِنْدَ الْإِسْلَامِ. (قَوْلُهُ تَنْقَضِي) عِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ مُنْقَضِيَةٌ وَهِيَ أَظْهَرُ (قَوْلُهُ عِنْدَ إسْلَامٍ) أَيْ قَبْلَهُ، وَكَلَامُهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ انْطَبَقَ آخِرُ الْعِدَّةِ عَلَى آخِرِ كَلِمَتَيْ الشَّهَادَةِ أُقِرَّ عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّ الْعِدَّةَ مُنْقَضِيَةٌ عِنْدَ الْإِسْلَامِ، وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا أَنَّهُ لَا يُقَرُّ عَلَى ذَلِكَ لِمُقَارَنَةِ الْمَانِعِ وَهُوَ الْعِدَّةُ لِلْإِسْلَامِ ح ل، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ

(قَوْلُهُ لِانْتِفَاءِ الْمُفْسِدِ عِنْدَهُ) لِأَنَّهُ فِي الْأُولَى لَا فَسَادَ لِأَنَّ النِّكَاحَ بِلَا وَلِيٍّ وَلَا شُهُودٍ، لَمْ تُجْمِعْ أَئِمَّتُنَا عَلَى بُطْلَانِهِ بِدَلِيلِ أَنَّ دَاوُد الظَّاهِرِيَّ يَرَى صِحَّةَ النِّكَاحِ بِغَيْرِ الْوَلِيِّ وَالشُّهُودِ، وَفِي الثَّانِيَةِ الْمُفْسِدُ زَائِلٌ وَلَمْ يَعْتَقِدُوا فَسَادَهُ ح ل بِإِيضَاحٍ، أَيْ لِأَنَّ قَوْلَ الْمَتْنِ لَا تَضُرُّ مُقَارَنَتُهُ إلَخْ سَالِبَةٌ، تَصْدُقُ بِنَفْيِ الْمَوْضُوعِ فَتَشْمَلُ مَا إذَا انْتَفَى الْمُفْسِدُ بِالْكُلِّيَّةِ كَالنِّكَاحِ بِلَا وَلِيٍّ وَشُهُودٍ، لَكِنْ يُعَكِّرُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ مُقَارَنَتُهُ بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ: لَا تَضُرُّ مُقَارَنَتُهُ لِمُفْسِدٍ لِعَدَمِ الْمُفْسِدِ إذْ

ص: 378

وَ) يُقَرُّ عَلَى نِكَاحٍ (مُؤَقَّتٍ) إنْ (اعْتَقَدُوهُ مُؤَبَّدًا) كَصَحِيحٍ اعْتَقَدُوا فَسَادَهُ، وَيَكُونُ ذِكْرُ الْوَقْتِ لَغْوًا بِخِلَافِ مَا إذَا اعْتَقَدُوهُ مُؤَقَّتًا، فَإِنَّهُ إذَا وُجِدَ الْإِسْلَامُ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ شَيْءٌ لَا يُقَرُّ عَلَى نِكَاحِهِ، (كَنِكَاحٍ طَرَأَتْ عَلَيْهِ عِدَّةُ شُبْهَةٍ وَأَسْلَمَا فِيهِ) فَيُقَرُّ عَلَيْهِ، لِأَنَّهَا لَا تَرْفَعُ النِّكَاحَ، (أَوْ) نِكَاحٍ (أَسْلَمَ فِيهِ أَحَدُهُمَا ثُمَّ أَحْرَمَ) بِنُسُكٍ (ثُمَّ أَسْلَمَ الْآخَرُ) فِي الْعِدَّةِ (وَالْأَوَّلُ مُحْرِمٌ) فَيُقَرُّ عَلَيْهِ، لِأَنَّ الْإِحْرَامَ لَا يُؤَثِّرُ فِي دَوَامِ النِّكَاحِ فَلَا يَخْتَصُّ الْحُكْمُ بِمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْأَصْلُ مِنْ التَّصْوِيرِ، بِمَا إذَا أَسْلَمَ الزَّوْجُ ثُمَّ أَحْرَمَ ثُمَّ أَسْلَمَتْ الزَّوْجَةُ (لَا) عَلَى (نِكَاحِ مَحْرَمٍ) كَبِنْتِهِ وَأُمِّهِ وَزَوْجَةِ أَبِيهِ أَوْ ابْنِهِ لِلُزُومِ الْمُفْسِدِ لَهُ

(وَنِكَاحُ الْكُفَّارِ صَحِيحٌ) أَيْ مَحْكُومٌ بِصِحَّتِهِ وَإِنْ لَمْ يُسْلِمُوا رُخْصَةً وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ} [المسد: 4] وقَوْله تَعَالَى {وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ} [القصص: 9] وَلِأَنَّهُمْ لَوْ تَرَافَعُوا إلَيْنَا لَمْ نُبْطِلْهُ قَطْعًا (فَلَوْ طَلَّقَ ثَلَاثًا ثُمَّ أَسْلَمَا لَمْ تَحِلَّ لَهُ إلَّا بِمُحَلِّلٍ) ، كَمَا فِي أَنْكِحَتِنَا

(وَلِمُقَرَّرَةٍ) عَلَى نِكَاحٍ (مُسَمًّى صَحِيحٌ، وَ) الْمُسَمَّى (الْفَاسِدُ) كَخَمْرٍ

ــ

[حاشية البجيرمي]

الْمُقَارَنَةُ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الْمُفْسِدِ، وَالنَّفْيُ إنَّمَا هُوَ مُنْصَبٌّ عَلَى تَضُرُّ كَالْمُقَارَنَةِ، فَكَوْنُهَا تَصْدُقُ بِنَفْيِ الْمَوْضُوعِ فِيهِ شَيْءٌ وَفِيهِ أَنَّ مَوْضُوعَ السَّالِبَةِ نَفْسُ الْمُقَارَنَةِ، وَلَا يَرِدُ شَيْءٌ مِمَّا ذُكِرَ إذْ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ: لَا تَضُرُّ مُقَارَنَتُهُ لِمُفْسِدٍ لِعَدَمِ وُجُودِ الْمُقَارَنَةِ لَهُ وَعِبَارَةُ ع ن قَوْلُهُ لِانْتِفَاءِ الْمُفْسِدِ، أَيْ فَهُوَ مِثَالٌ لِلْمُفْسِدِ الزَّائِلِ عِنْدَ الْإِسْلَامِ أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْخُلُوَّ عَمَّا ذُكِرَ مُفْسِدٌ، وَهُوَ خِلَافُ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ غَيْرُ مُفْسِدٍ وَلَكَ أَنْ تَقُولَ: الْخُلُوُّ عَنْ الْوَلِيِّ وَالشُّهُودِ مُتَحَقِّقٌ عِنْدَ الْإِسْلَامِ، فَأَيْنَ الِانْتِفَاءُ؟ وَلَعَلَّ الْجَوَابَ أَنْ يُقَالَ: الْمُفْسِدُ خُلُوُّ الْعَقْدِ عَمَّا ذُكِرَ حِينَ صُدُورِهِ، وَهَذَا غَيْرُ مُتَحَقِّقٍ عِنْدَ الْإِسْلَامِ، وَالْمُتَحَقِّقُ عِنْدَهُ هُوَ كَوْنُ الْعَقْدِ السَّابِقِ خَالِيًا عَمَّا ذُكِرَ حِينَ صُدُورِهِ، وَذَلِكَ لَيْسَ هُوَ الْمُفْسِدَ

(قَوْلُهُ عَلَى نِكَاحٍ مُؤَقَّتٍ) فِيهِ أَنَّ هَذَا هُوَ نِكَاحُ الْمُتْعَةِ وَقَدْ قَالَ بِحِلِّهِ ابْنُ عَبَّاسٍ وَاسْتَمَرَّ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ مُخَالِفًا فِيهِ لِكَافَّةِ الْعُلَمَاءِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ ح ل أَيْ فَهُوَ غَيْرُ مُفْسِدٍ، فَيَصِحُّ سَوَاءٌ اعْتَقَدُوهُ مُؤَبَّدًا، أَمْ لَا، إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَمْ يُعْتَدَّ بِخِلَافِ ابْنِ عَبَّاسٍ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى خِلَافِهِ فَيَكُونُ مُفْسِدًا لَكِنْ يَرِدُ عَلَيْهِ خِلَافُ دَاوُد الظَّاهِرِيِّ فِيمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ إنْ اعْتَقَدُوهُ مُؤَبَّدًا) وَالْعِبْرَةُ بِاعْتِقَادِ أَهْلِ مِلَّةِ الزَّوْجِ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ إلَخْ) لِأَنَّ الْمُفْسِدَ لَيْسَ زَائِلًا عِنْدَ الْإِسْلَامِ فَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ الْوَقْتِ شَيْءٌ، فَمَعْلُومٌ أَنْ لَا نِكَاحَ لِاعْتِقَادِهِمْ ذَلِكَ ح ل

(قَوْلُهُ كَنِكَاحٍ طَرَأَتْ عَلَيْهِ عِدَّةُ شُبْهَةٍ) كَأَنْ أَسْلَمَ فَوُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ ثُمَّ أَسْلَمَتْ أَوْ عَكْسُهُ أَوْ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ ثُمَّ أَسْلَمَا فِي عِدَّتِهَا عَلَى الْمَذْهَبِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَجُوزُ نِكَاحُ الْمُعْتَدَّةِ لِأَنَّ عِدَّةَ الشُّبْهَةِ لَا تَقْطَعُ نِكَاحَ الْمُسْلِمِ، فَهُنَا أَوْلَى لِكَوْنِهِ يُحْتَمَلُ فِي أَنْكِحَةِ الْكُفَّارِ مَا لَا يُحْتَمَلُ فِي أَنْكِحَةِ الْمُسْلِمِينَ، فَغَلَّبْنَا عَلَيْهِ حُكْمَ الِاسْتِدَامَةِ هُنَا دُونَ نَظَائِرِهِ شَرْحُ م ر. وَاسْتَشْكَلَ الْقَفَّالُ عُرُوضَ الشُّبْهَةِ بَيْنَ الْإِسْلَامَيْنِ بِأَنَّ أَحَدَ الزَّوْجَيْنِ إذَا أَسْلَمَ شَرَعَتْ الزَّوْجَةُ فِي عِدَّةِ النِّكَاحِ وَهِيَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى عِدَّةِ الشُّبْهَةِ، كَمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا فِي كِتَابِ الْعِدَدِ، فَإِسْلَامُ الْآخَرِ يَكُونُ فِي عِدَّةِ النِّكَاحِ لَا فِي عِدَّةِ الشُّبْهَةِ. وَأُجِيبَ بِأَجْوِبَةٍ مِنْهَا مَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ: إنَّا لَا نَقْطَعُ بِكَوْنِهَا عِدَّةَ نِكَاحٍ لِجَوَازِ أَنْ يُسْلِمَ الْمُتَخَلِّفُ فَيَتَبَيَّنَ أَنَّ الْمَاضِيَ مِنْهَا لَيْسَ عِدَّةَ نِكَاحٍ، بَلْ عِدَّةَ شُبْهَةٍ ز ي وَمِنْ الْأَجْوِبَةِ مَا إذَا كَانَتْ حَامِلًا فَإِنَّهَا تُقَدِّمُ عِدَّةَ الشُّبْهَةِ عَلَى عِدَّةِ النِّكَاحِ، وَهَذَا الْإِشْكَالُ لَا يَرِدُ عَلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِأَنَّ كَلَامَهُ فِيمَا إذَا طَرَأَ الْإِسْلَامُ عَلَى الشُّبْهَةِ، وَالْإِشْكَالُ فِيمَا إذَا عَرَضَتْ الشُّبْهَةُ بَيْنَ الْإِسْلَامَيْنِ كَمَا فِي عِبَارَةِ م ر فَإِشْكَالُ الْقَفَّالِ وَارِدٌ عَلَيْهِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ ثُمَّ أَحْرَمَ) أَوْ قَارَنَ إحْرَامُهُ إسْلَامَهَا س ل

(قَوْلُهُ وَنِكَاحُ الْكُفَّارِ صَحِيحٌ) وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَنَا الْبَحْثُ عَنْ اشْتِمَالِ أَنْكِحَتِهِمْ عَلَى مُفْسِدٍ أَوْ لَا، لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي أَنْكِحَتِهِمْ الصِّحَّةُ كَأَنْكِحَتِنَا شَرْحُ م ر أَيْ لَيْسَ لَنَا الْبَحْثُ بَعْدَ التَّرَافُعِ إلَيْنَا وَالْمُرَادُ أَنْ لَا يُبْحَثَ عَنْ اشْتِمَالِهِ عَلَى مُفْسِدٍ، ثُمَّ يُنْظَرُ هَلْ هَذَا الْمُفْسِدُ بَاقٍ فَيُنْقَضُ الْعَقْدُ، أَوْ زَائِلٌ فَنُبْقِيهِ فَمَا مَرَّ مِنْ أَنَّا نَنْقُضُ عَقْدَهُمْ الْمُشْتَمِلَ عَلَى مُفْسِدٍ غَيْرِ زَائِلٍ، مَحَلُّهُ إذَا ظَهَرَ لَنَا مِنْ غَيْرِ بَحْثٍ وَإِلَّا فَالْبَحْثُ مُمْتَنِعٌ عَلَيْنَا اهـ رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ أَيْ مَحْكُومٌ بِصِحَّتِهِ) وَإِلَّا فَالصِّحَّةُ مُوَافَقَةُ الْفِعْلِ ذِي الْوَجْهَيْنِ الشَّرْعَ، فَهِيَ تَسْتَدْعِي تَحَقُّقَ الشُّرُوطِ بِخِلَافِ الْحُكْمِ بِهَا فَإِنَّهُ رُخْصَةٌ وَتَخْفِيفٌ، قَالَ الشَّيْخُ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يُعْطَى حُكْمَ الصَّحِيحِ، وَإِلَّا فَمُجَرَّدُ أَنَّهُ مَحْكُومٌ بِصِحَّتِهِ لَا يَخْلُصُ تَأَمَّلْ شَوْبَرِيٌّ وَكُتِبَ أَيْضًا قَوْلُهُ أَيْ مَحْكُومٌ بِصِحَّتِهِ أَيْ حَيْثُ لَمْ يُوَافِقْ الشَّرْعَ، وَأَمَّا إذَا وَافَقَ الشَّرْعَ كَأَنْ زَوَّجَهَا الْقَاضِي فَصَحِيحٌ لِانْطِبَاقِ تَعْرِيفِ الصِّحَّةِ عَلَيْهِ ح ل. (قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُمْ لَوْ تَرَافَعُوا إلَخْ) فِيهِ تَعْلِيلُ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ لَمْ نُبْطِلْهُ، أَنَّا نَحْكُمُ بِصِحَّتِهِ فَيَكُونُ الْمَعْنَى وَنِكَاحُ الْكُفَّارِ مَحْكُومٌ بِصِحَّتِهِ، لِأَنَّهُمْ لَوْ تَرَافَعُوا إلَيْنَا نَحْكُمُ بِصِحَّتِهِ تَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ فَلَوْ طَلَّقَ ثَلَاثًا ثُمَّ أَسْلَمَا) أَيْ أَوْ أَسْلَمَ هُوَ وَلَمْ تَتَحَلَّلْ فِي الْكُفْرِ، وَمَا ذَكَرْنَاهُ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ ظَاهِرٌ وَإِنْ أَوْهَمَ إطْبَاقُهُمْ عَلَى التَّعْبِيرِ هُنَا بِثُمَّ أَسْلَمَا خِلَافَهُ، أَمَّا لَوْ تَحَلَّلَتْ فِي الْكُفْرِ كَفَى فِي الْحَالِ اهـ شَرْحٌ م ر. (قَوْلُهُ إلَّا بِمُحَلِّلٍ) وَلَوْ فِي الْكُفْرِ سَوَاءٌ اعْتَقَدُوا وُقُوعَ الطَّلَاقِ أَوْ لَا، لِأَنَّا إنَّمَا نَعْتَبِرُ حُكْمَ الْإِسْلَامِ س ل

(قَوْلُهُ كَخَمْرٍ) وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَ الْخَمْرِ الدَّمُ لَوْ رَأَوْهُ مُتَقَوِّمًا ح ل

ص: 379

(إنْ قَبَضَتْهُ كُلَّهُ قَبْلَ إسْلَامٍ فَلَا شَيْءَ) لَهَا لِانْفِصَالِ الْأَمْرِ بَيْنَهُمَا، وَمَا انْفَصَلَ حَالَةَ الْكُفْرِ لَا يُتْبَعُ، نَعَمْ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ إنْ كَانَ الْمُسَمِّي مُسْلِمًا أَسَرُوهُ لِأَنَّ الْفَسَادَ فِيهِ لِحَقِّ الْمُسْلِمِ، وَفِي نَحْوِ الْخَمْرِ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَلِأَنَّا نُقِرُّهُمْ حَالَ الْكُفْرِ عَلَى نَحْوِ الْخَمْرِ دُونَ الْمُسْلِمِ، وَأُلْحِقَ بِالْمُسْلِمِ فِي ذَلِكَ عَبْدُهُ وَمُكَاتَبُهُ وَأُمُّ وَلَدِهِ، بَلْ يُلْحَقُ بِهِ سَائِرُ مَا يَخْتَصُّ بِهِ الْمُسْلِمُ وَالْكَافِرُ الْمَعْصُومُ. (أَوْ) قَبَضْت قَبْلَ الْإِسْلَامِ (بَعْضَهُ فَ) لَهَا (قِسْطُ مَا بَقِيَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ) ، وَلَيْسَ لَهَا قَبْضُ مَا بَقِيَ مِنْ الْمُسَمَّى (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَقْبِضْ مِنْهُ شَيْئًا قَبْلَ الْإِسْلَامِ، (فَ) لَهَا (مَهْرُ مِثْلٍ) لِأَنَّهَا لَمْ تَرْضَ إلَّا بِالْمَهْرِ، وَالْمُطَالَبَةُ فِي الْإِسْلَامِ بِالْمُسَمَّى الْفَاسِدِ مُمْتَنِعَةٌ، فَرَجَعَ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ كَمَا لَوْ نَكَحَ الْمُسْلِمُ بِفَاسِدٍ، وَمَحَلُّ اسْتِحْقَاقِهَا لَهُ بَلْ وَلِلْمُسَمَّى الصَّحِيحِ فِيمَا لَوْ كَانَتْ حَرْبِيَّةً إذَا لَمْ يَمْنَعْهَا مِنْ ذَلِكَ زَوْجُهَا قَاصِدًا تَمَلُّكَهُ وَالْغَلَبَةَ عَلَيْهِ، وَإِلَّا سَقَطَ حَكَاهُ الْفُورَانِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ النَّصِّ، وَجَرَى عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ

(وَمُنْدَفِعَةٌ بِإِسْلَامٍ) مِنْهَا أَوْ مِنْهُ (بَعْدَ دُخُولٍ) بِأَنْ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا وَلَمْ يُسْلِمْ الْآخَرُ فِي الْعِدَّةِ (كَمُقَرَّرَةٍ) فِيمَا ذُكِرَ فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ اقْتِصَارِهِ عَلَى أَنَّ لَهَا الْمُسَمَّى الصَّحِيحَ، (أَوْ) بِإِسْلَامٍ (قَبْلَهُ) فَإِنْ كَانَ (مِنْهُ فَ) لَهَا (نِصْفٌ) أَيْ نِصْفُ الْمُسَمَّى فِي الْمُسَمَّى الصَّحِيحِ، وَنِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ فِي الْمُسَمَّى الْفَاسِدِ (أَوْ مِنْهَا فَلَا شَيْءَ) لَهَا لِأَنَّ الْفِرَاقَ مِنْ جِهَتِهَا

(وَلَوْ تَرَافَعَ إلَيْنَا) فِي نِكَاحٍ أَوْ غَيْرِهِ (ذِمِّيَّانِ أَوْ مُسْلِمٌ وَذِمِّيٌّ أَوْ مُعَاهَدٌ أَوْ هُوَ) أَيْ مُعَاهَدٌ (وَذِمِّيٌّ، وَجَبَ) عَلَيْنَا (الْحُكْمُ) بَيْنَهُمْ بِلَا خِلَافٍ فِي غَيْرِ الْأُولَى وَالْأَخِيرَةِ، وَأَمَّا فِيهِمَا فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} [المائدة: 49] وَهَذَا نَاسِخٌ لِقَوْلِهِ {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ} [المائدة: 42] كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما نَعَمْ لَوْ تَرَافَعُوا إلَيْنَا فِي شُرْبِ خَمْرٍ لَمْ نَحُدَّهُمْ وَإِنْ رَضُوا بِحُكْمِنَا لِأَنَّهُمْ لَا يَعْتَقِدُونَ تَحْرِيمَهُ، قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ حَدِّ الزِّنَا، وَالْأَخِيرَتَانِ مِنْ زِيَادَتِي

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ إنْ قَبَضَتْهُ) أَيْ الرَّشِيدَةُ أَيْ أَوْ قَبَضَهُ وَلِيُّ غَيْرِهَا، وَلَوْ بِإِجْبَارٍ مِنْ قَاضِيهِمْ فَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ أَحَدٌ مِمَّنْ ذُكِرَ بِأَنْ قَبَضَتْهُ سَفِيهَةٌ رُجِعَ إلَى اعْتِقَادِهِمْ فِيهِ فِيمَا يَظْهَرُ شَرْحٌ م ر. (قَوْلُهُ لَا يُتْبَعُ) أَيْ بِالنَّقْضِ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ عَبْدُهُ وَمُكَاتَبُهُ وَأُمُّ وَلَدِهِ) وَإِنْ كَانُوا كُفَّارًا بِدَلِيلِ إلْحَاقِهِمْ بِالْمُسْلِمِ إذْ لَوْ قُيِّدُوا بِالْإِسْلَامِ، لَكَانُوا دَاخِلِينَ فِي الْمُسْلِمِ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ فَلَهَا قِسْطُ مَا بَقِيَ) وَالِاعْتِبَارُ فِي تَقْسِيطِ ذَلِكَ فِي صُورَةِ مِثْلِيٍّ كَخَمْرٍ تَعَدَّدَتْ ظُرُوفُهَا وَاخْتَلَفَ قَدْرُهَا أَمْ لَا، بِالْكَيْلِ وَفِي صُورَةِ مُتَقَوِّمٍ كَخَمْرَيْنِ زَادَتْ إحْدَاهُمَا بِوَصْفٍ يَقْتَضِي زِيَادَةَ قِيمَتِهَا وَكَخِنْزِيرٍ بِالْقِيمَةِ عِنْدَ مَنْ يَرَاهَا، نَعَمْ لَوْ تَعَدَّدَ الْجِنْسُ وَكَانَ مِثْلِيًّا كَزِقِّ خَمْرٍ وَزِقِّ بَوْلٍ وَقَبَضَتْ بَعْضَ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى السَّوَاءِ، فَيَنْبَغِي اعْتِبَارُ الْكَيْلِ وَلَا يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ هُنَا مَا مَرَّ فِي الْوَصِيَّةِ، أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا كِلَابٌ وَأَوْصَى بِكَلْبٍ مِنْ كِلَابِهِ، اُعْتُبِرَ الْعَدَدُ لَا الْقِيمَةُ، لِأَنَّ ذَلِكَ مَحْضُ تَبَرُّعٍ فَاغْتُفِرَ ثَمَّ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمُعَاوَضَاتِ شَرْحُ م ر

(قَوْلُهُ أَيْ وَإِنْ لَمْ تَقْبِضْ مِنْهُ شَيْئًا قَبْلَ الْإِسْلَامِ) بِأَنْ لَمْ تَقْبِضْهُ أَصْلًا أَوْ قَبَضَتْهُ بَعْدَ الْإِسْلَامِ، سَوَاءٌ كَانَ بَعْدَ إسْلَامِهِمَا أَمْ إسْلَامِ أَحَدِهِمَا كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ، شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ وَمَحَلُّ اسْتِحْقَاقِهَا لَهُ إلَخْ) مَحَلُّهُ أَيْضًا فِي غَيْرِ الْمُفَوِّضَةِ أَمَّا لَوْ نَكَحَ مُفَوِّضَةً فَلَا شَيْءَ لَهَا وَإِنْ وَطِئَهَا بَعْدَ الْإِسْلَامِ ز ي أَيْ لَا مَهْرَ لَهَا لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ وَطْئًا بِلَا مَهْرٍ، وَلَا يُنَافِيهِ مَا فِي الصَّدَاقِ أَنَّهُ لَوْ نَكَحَ ذِمِّيٌّ ذِمِّيَّةً تَفْوِيضًا وَتَرَافَعَا إلَيْنَا حَكَمْنَا لَهَا بِالْمَهْرِ، لِأَنَّ مَا هُنَا فِي الْحَرْبِيِّينَ وَفِيمَا إذَا اعْتَقَدُوا أَنْ لَا مَهْرَ بِحَالٍ بِخِلَافِهِ ثَمَّ فِيهِمَا م ر. (قَوْلُهُ فِيمَا لَوْ كَانَتْ حَرْبِيَّةً) أَيْ وَالزَّوْجُ مُسْلِمٌ أَوْ حَرْبِيٌّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ كَانَ مَهْرُ الْمِثْلِ أَوْ الْمُسَمَّى مُعَيَّنًا، أَمَّا لَوْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ فَهَلْ يَأْتِي ذَلِكَ فِيهِ أَيْضًا؟ بِأَنْ يَقْصِدَ عَدَمَ رَفْعِ مَا فِي ذِمَّتِهِ وَيَبْرَأُ بِذَلِكَ، أَمْ لَا؟ اُنْظُرْهُ ع ن وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَأْتِي فِيهِ أَيْضًا بِدَلِيلِ قَوْلِ الشَّارِحِ وَإِلَّا سَقَطَ، لِأَنَّ السُّقُوطَ لَا يَكُونُ إلَّا عَمَّا فِي الذِّمَّةِ شَيْخُنَا

(قَوْلُهُ وَلَوْ تَرَافَعَ إلَيْنَا) مُرَادُهُ رُفِعَ الْأَمْرُ إلَيْنَا وَلَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا فَقَطْ بِأَنْ جَاءَ لَنَا أَحَدُهُمَا بِطَلَبِ خَصْمِهِ بِدَلِيلِ بَقِيَّةِ الْكَلَامِ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ بِلَا خِلَافٍ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: لِلْإِجْمَاعِ (قَوْلُهُ وَهَذَا نَاسِخٌ إلَخْ) وَالْأَوْلَى حَمْلُهَا أَيْ الثَّانِيَةِ عَلَى الْمُعَاهَدِينَ وَالْأُولَى عَلَى الذِّمِّيِّينَ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ، إذْ لَا يُصَارُ إلَى النَّسْخِ إلَّا إنْ تَعَذَّرَ الْجَمْعُ وَالْجَمْعُ مُمْكِنٌ، وَيُقَالُ عَلَيْهِ: إذَا كَانَتْ الثَّانِيَةُ مَنْسُوخَةً بِالْأُولَى وَقَدْ سَلَفَ أَنَّ الثَّانِيَةَ فِي الْمُعَاهَدِينَ، يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ لُزُومُ الْحُكْمِ بَيْنَ الْمُعَاهَدِينَ وَقَدْ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ إلَى الْمَنْعِ. وَيُجَابُ بِأَنَّ النَّسْخَ فِي الْحَقِيقَةِ لِقِيَاسِ أَهْلِ الذِّمَّةِ عَلَى الْمُعَاهَدِينَ الَّذِينَ وَرَدَتْ فِيهِمْ الْآيَةُ، وَلَمَّا كَانَتْ الْآيَةُ أَصْلَ الْقِيَاسِ، جُعِلَتْ الْآيَةُ الْأُخْرَى نَاسِخَةً لَهَا مِنْ حَيْثُ الْمَانِعُ مِنْ صِحَّةِ الْقِيَاسِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ عَمِيرَةُ وَز ي، لِأَنَّهُمْ قَاسُوا الذِّمِّيِّينَ عَلَى الْمُعَاهَدِينَ لِعَدَمِ وُجُوبِ الْحُكْمِ بَيْنَهُمْ قَبْلَ نُزُولِ قَوْله تَعَالَى {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ} [المائدة: 49] ، فَلَمَّا نَزَلَ كَانَ نَاسِخًا لِهَذَا الْقِيَاسِ وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر أَوْ تُحْمَلُ الْآيَةُ الْأُولَى عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ، وَالثَّانِيَةُ عَلَى الْمُعَاهَدِينَ إذْ لَا يَجِبُ الْحُكْمُ بَيْنَهُمْ عَلَى الْمَذْهَبِ لِعَدَمِ الْتِزَامِهِمْ أَحْكَامَنَا، وَلَمْ نَلْتَزِمْ دَفْعَ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ النَّسْخِ

(قَوْلُهُ لِأَنَّهُمْ لَا يَعْتَقِدُونَ تَحْرِيمَهُ) وَلِأَنَّا نُقِرُّهُمْ عَلَى شُرْبِهِ حَيْثُ لَمْ يَتَجَاهَرُوا بِهِ وَلِأَنَّهُ أَسْهَلُ مِنْ الزِّنَا، لِأَنَّ الْخَمْرَةَ أُحِلَّتْ وَإِنْ أَسْكَرَتْ فِي ابْتِدَاءِ مِلَّتِنَا، وَذَاكَ لَمْ يُحَلَّ فِي مِلَّةٍ قَطُّ، قَالَ حَجّ: فَإِنْ قُلْتَ: هُمْ مُكَلَّفُونَ بِالْفُرُوعِ، فَلِمَ لَمْ نُؤَاخِذْهُمْ بِهَا مُطْلَقًا: قُلْتُ: ذَاكَ إنَّمَا هُوَ بِالنَّظَرِ لِعِقَابِهِمْ عَلَيْهَا فِي الْآخِرَةِ، وَمَا نَحْنُ فِيهِ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِأَحْكَامِ الدُّنْيَا عَلَى أَنَّ

ص: 380