الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَمَّا بِالنِّسْبَةِ إلَى غَيْرِ تِلْكَ الصَّلَاةِ، فَلَا حَقَّ لَهُ فِيهِ، وَخَرَجَ بِمَا ذَكَرَ مَا لَوْ فَارَقَهُ بِلَا عُذْرٍ أَوْ بِهِ لَا لِيَعُودَ فَيَبْطُلُ حَقُّهُ مُطْلَقًا، وَمَا لَوْ لَمْ يُفَارِقْ الْمَحَلَّ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ حَتَّى لَوْ اسْتَمَرَّ إلَى وَقْتِ صَلَاةٍ أُخْرَى، فَحَقُّهُ بَاقٍ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد السَّابِقِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَسْتَمِرَّ حَقُّهُ مَعَ الْمُفَارَقَةِ كَمَقَاعِدِ الشَّوَارِعِ؛ لِأَنَّ غَرَضَ الْمُعَامَلَةِ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمَقَاعِدِ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ بِبِقَاعِ الْمَسْجِدِ
(أَوْ) سَبَقَ إلَى مَحَلٍّ (مِنْ نَحْوِ رِبَاطٍ) مُسَبَّلٍ كَخَانِقَاهْ، وَفِيهِ شَرْطُ مَنْ يَدْخُلُهُ (وَخَرَجَ) مِنْهُ (لِحَاجَةٍ) ، وَلَمْ تَطُلْ غَيْبَتُهُ كَشِرَاءِ طَعَامٍ، وَدُخُولِ حَمَّامٍ (فَحَقُّهُ بَاقٍ) وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ فِيهِ مَتَاعَهُ، أَوْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ الْإِمَامُ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ السَّابِقِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ خَرَجَ لِغَيْرِ حَاجَةٍ أَوْ لِحَاجَةٍ، وَطَالَتْ غَيْبَتُهُ، فَيَبْطُلُ حَقُّهُ
(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ حُكْمِ الْأَعْيَانِ الْمُشْتَرَكَةِ الْمُسْتَفَادَةِ مِنْ الْأَرْضِ
(الْمَعْدِن) بِمَعْنَى مَا يُسْتَخْرَجُ مِنْهَا نَوْعَانِ ظَاهِرٌ، وَبَاطِنٌ، فَالْمَعْدِنُ (الظَّاهِرُ مَا خَرَجَ بِلَا عِلَاجٍ) وَإِنَّمَا الْعِلَاجُ فِي تَحْصِيلِهِ (كَنِفْطٍ) بِكَسْرِ النُّونِ أَفْصَحُ مِنْ فَتْحِهَا مَا يُرْمَى بِهِ (وَكِبْرِيتٍ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ (وَقَارٍ) أَيْ: زِفْتٍ (وَمُومْيَا) بِضَمِّ أَوَّلِهِ يُمَدُّ، وَيُقْصَرُ، وَهُوَ شَيْءٌ يُلْقِيهِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
مُدَّةً بَطَلَ حَقُّهُ بِخُرُوجِهِ، وَلَوْ لِحَاجَةٍ وَإِلَّا لَمْ يَبْطُلْ حَقُّهُ بِخُرُوجِهِ لِلْحَاجَةِ ح ل وَم ر وَق ل. (قَوْلُهُ: فَيَبْطُلُ حَقُّهُ مُطْلَقًا) أَيْ: طَالَتْ غَيْبَتُهُ أَوْ لَا ع ش، وَيَصِحُّ أَنْ يُفَسَّرَ الْإِطْلَاقُ بِأَنْ يُقَالَ: مُطْلَقًا أَيْ: فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا، بَلْ هَذَا هُوَ الْمُتَبَادِرُ مِنْ سِيَاقِ الْعِبَارَةِ. (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ يَسْتَمِرَّ حَقُّهُ) هَذَا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: أَمَّا بِالنِّسْبَةِ إلَى غَيْرِ تِلْكَ الصَّلَاةِ فَلَا حَقَّ لَهُ فِيهِ فَهُوَ مُرْتَبِطٌ بِهِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر. (قَوْلُهُ: بِبِقَاعِ الْمَسْجِدِ) وَاعْتَرَضَهُ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّ الصَّلَاةَ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ أَفْضَلُ، وَرُدَّ بِأَنَّ هَذَا إنَّمَا جَاءَ بِالنِّسْبَةِ لِلْإِمَامِ ح ل، وَعِبَارَةُ م ر: وَاعْتِرَاضُ الرَّافِعِيِّ بِأَنَّ ثَوَابَ الصَّلَاةِ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ أَكْثَرُ رُدَّ بِأَنَّهُ لَوْ تَرَكَ لَهُ مَوْضِعَهُ مِنْهُ، وَأُقِيمَتْ لَزِمَ عَدَمُ اتِّصَالِ الصَّفِّ الْمُسْتَلْزِمِ لِنَقْصِهَا فَإِنَّ تَسْوِيَتَهُ مِنْ تَمَامِهَا، وَمَجِيئُهُ فِي أَثْنَائِهَا لَا يَجْبُرُ الْخَلَلَ الْوَاقِعَ فِي أَوَّلِهَا، وَبِأَنَّ الصَّفَّ الْأَوَّلَ لَا يَتَعَيَّنُ لَهُ مَحَلُّهُ مِنْ الْمَسْجِدِ، بَلْ هُوَ مَا يَلِي الْإِمَامَ فِي أَيِّ مَحَلٍّ كَانَ مِنْهُ، فَثَوَابُهُ غَيْرُ مُخْتَلِفٍ بِاخْتِلَافِ بِقَاعِهِ بِخِلَافِ مَقَاعِدِ الْأَسْوَاقِ، فَإِنَّهَا مُخْتَلِفَةٌ فِي ذَاتِهَا مِنْ حَيْثُ اخْتِصَاصُ بَعْضِهَا بِكَثْرَةِ الْوَارِدِينَ فِيهِ، وَبِالْوِقَايَةِ مِنْ نَحْوِ حَرٍّ وَبَرْدٍ وَهَذَا أَوْلَى مِنْ الْجَوَابِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ قَائِلَهُ التَّفْرِقَةُ بَيْنَ مَجِيئِهِ قَبْلُ فَيَبْقَى حَقُّهُ، وَبَيْنَ أَنْ يَتَأَخَّرَ عَنْ الْإِقَامَةِ فَيَبْطُلُ حَقُّهُ، وَهُمْ لَمْ يَقُولُوا بِذَلِكَ شَرْحُ م ر
(قَوْلُهُ: أَوْ مِنْ نَحْوِ رِبَاطٍ) وَهُوَ مَا يُبْنَى لِلْمُحْتَاجَيْنِ وَالْخَانْقَاهُ مَا يُبْنَى لِلصُّوفِيَّةِ فَهُوَ أَخَصُّ، وَلِغَيْرِ أَهْلِ الْمَدْرَسَةِ مَا اُعْتِيدَ فِيهَا مِنْ نَحْوِ نَوْمٍ بِهَا وَطُهْرٍ وَشُرْبٍ مِنْ مَائِهَا مَا لَمْ يَنْقُصْ الْمَاءُ عَنْ حَاجَةِ أَهْلِهَا فِيمَا يَظْهَرُ شَرْحُ م ر، وَهَلْ لِلْغَيْرِ ذَلِكَ وَإِنْ مَنَعَهُ أَهْلُهَا؟ وَهَلْ لَهُمْ الْمَنْعُ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُمْ ضَرَرٌ؟ يُحَرَّرْ شَوْبَرِيٌّ، وَاَلَّذِي يُؤْخَذُ مِنْ ع ش عَلَى م ر أَنَّهُ إنْ لَمْ يَشْرِطْ الْوَاقِفُ الِاخْتِصَاصَ جَازَ دُخُولُ غَيْرِهِمْ بِغَيْرِ إذْنِهِمْ، وَإِنْ شَرَطَهُ لَمْ يَجُزْ بِغَيْرِ إذْنِهِمْ فَإِنْ صَرَّحَ بِمَنْعِ دُخُولِ غَيْرِهِمْ لَمْ يَطْرُقْهُ خِلَافٌ قَطْعًا أَيْ: لَا يَجُوزُ وَلَوْ بِإِذْنِهِمْ تَأَمَّلْ. ذَكَرَهُ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ.
(قَوْلُهُ: وَخَرَجَ مِنْهُ لِحَاجَةٍ) وَقَيَّدَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِذَلِكَ نَاظِرٌ أَوْ اسْتَأْذَنَهُ، وَإِلَّا فَلَا حَقَّ لَهُ، وَيُوَافِقُ اعْتِبَارُ الْمُصَنِّفِ كَابْنِ الصَّلَاحِ إذْنَهُ فِي سُكْنَى بُيُوتِ الْمَدْرَسَةِ، وَلَمْ يَعْتَبِرْ الْمُتَوَلِّي إذْنَهُ فِي ذَلِكَ، وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا اُعْتِيدَ عَدَمُ اعْتِبَارِهِ، وَيَعْمَلُ بِالْمُعْتَادِ الْمُطَّرِدِ فِي مِثْلِهِ حَالَةَ الْوَقْفِ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ الْمُطَّرِدَةَ فِي زَمَنِ الْوَاقِفِ إذَا عُلِمَ بِهَا تَنْزِلُ مَنْزِلَةَ شَرْطِهِ، فَيُزْعِجُ فَقِيهٌ تَرَكَ التَّعَلُّمَ وَصُوفِيٌّ تَرَكَ التَّعَبُّدَ شَرْحُ م ر، وَأَمَّا مَا يَقَعُ الْآنَ مِنْ بَطَالَةِ الْمُدَرِّسِينَ فِي الْمَدَارِسِ، فَيَمْنَعُ اسْتِحْقَاقَ مَعْلُومِهَا عَنْ شَيْخٍ لَمْ يُدَرِّسْ وَمُتَعَلِّمٍ لَمْ يَحْضُرْ؛ لِأَنَّ زَمَنَ بَطَالَتِهِمْ غَيْرُ مُعْتَادٍ فِيمَا سَبَقَ فِي زَمَنِ الْوَاقِفِ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِمْ أَخْذُ الْمَعْلُومِ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ حَيْثُ لَمْ يُرَاعُوا مَا كَانَ فِي زَمَنِ الْوَاقِفِ وَإِنْ كَانَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِمْ فِي الْمُتَعَلِّمِ إذَا حَضَرَ الْمُدَرِّسُ مَا إذَا لَمْ يَحْضُرْ الْمُدَرِّسُ فَلَا يَسْقُطُ مَعْلُومُ الْمُتَعَلِّمِ شَرْحُ م ر مَعَ زِيَادَةٍ مِنْ ق ل، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ: وَخَرَجَ مِنْهُ لِحَاجَةٍ اُنْظُرْ لِمَ لَمْ يَقُلْ هُنَا: لِيَعُودَ كَمَا قَالَ فِي اللَّذَيْنِ قَبْلَهُ، وَلَعَلَّ هَذَا يُفْهَمُ مِنْ التَّعْبِيرِ بِالْحَاجَةِ؛ لِأَنَّ شَأْنَ مَنْ خَرَجَ لِحَاجَةٍ الْعَوْدُ انْتَهَى. (قَوْلُهُ: وَطَالَتْ غَيْبَتُهُ) أَيْ: بِحَيْثُ يُعَدُّ مُعَرَّضًا ح ل.
[فَصْلٌ فِي بَيَانِ حُكْمِ الْأَعْيَانِ الْمُشْتَرَكَةِ الْمُسْتَفَادَةِ مِنْ الْأَرْضِ]
(فَصْلٌ: فِي بَيَانِ حُكْمِ الْأَعْيَانِ الْمُشْتَرَكَةِ)
كَالْمَعْدِنِ، وَالْمَاءِ أَيْ: وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ كَقِسْمَةِ مَاءِ الْقَنَاةِ الْمُشْتَرَكَةِ ع ش. (قَوْلُهُ الْمَعْدِنُ الظَّاهِرُ) مِنْ الْعَدْنِ وَهُوَ الْإِقَامَةُ وَمِنْهُ {جَنَّاتُ عَدْنٍ} [الرعد: 23]، وَعِبَارَةُ م ر وَهُوَ حَقِيقَةً: الْبُقْعَةُ الَّتِي أَوْدَعَهَا اللَّهُ تَعَالَى جَوَاهِرَ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِعُدُونِ أَيْ: إقَامَةِ مَا أَثْبَتَهُ اللَّهُ فِيهَا، وَالْمُرَادُ مَا فِيهَا م ر فَهُوَ مَجَازٌ مُرْسَلٌ مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ الْمَحَلِّ عَلَى الْحَالِ، وَقِيلَ: هُوَ حَقِيقَةٌ فِيهِمَا كَمَا تَقَدَّمَ، وَهَذَا أَعْنِي قَوْلَهُ الْمَعْدِنُ الظَّاهِرُ إلَخْ لَيْسَ هُوَ الْحُكْمُ بَلْ تَوْطِئَةٌ، وَالْحُكْمُ مِنْ قَوْلِهِ: وَلَا يُمْلَكُ ظَاهِرٌ عَلِمَهُ.
(قَوْلُهُ: بِلَا عِلَاجٍ) أَيْ: بَعْدَ الْوُصُولِ إلَيْهِ بِنَحْوِ حَفْرٍ. اهـ. سم. (قَوْلُهُ: مَا يَرْمِي بِهِ) وَهُوَ الْمُسَمَّى الْآنَ بِالْبَارُودِ. (قَوْلُهُ: وَكِبْرِيتٍ) وَهُوَ عَيْنٌ تَجْرِي فَإِذَا جَمَدَ مَاؤُهَا صَارَ كِبْرِيتًا أَبْيَضَ، وَأَصْفَرَ، وَأَكْدَرَ، وَأَحْمَرَ، وَأَعَزُّهُ الْأَحْمَرُ، وَمَعْدِنُهُ خَلْفَ وَادِي النَّمْلِ الَّذِي مَرَّ بِهِ سُلَيْمَانُ عليه السلام، وَيُضِيءُ فِي مَعْدِنِهِ فَإِذَا فَارَقَ مَعْدِنَهُ زَالَ ضَوْءُهُ. اهـ إشَارَاتٌ لِابْنِ الْمُلَقِّنِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ شَيْءٌ يُلْقِيهِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْعَنْبَرَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ يَنْبُتُ فِي قَاعِ
الْبَحْرُ إلَى السَّاحِلِ فَيَجْمُدُ وَيَصِيرُ كَالْقَارِ (وَبِرَامٍ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ حَجَرٌ تُعْمَلُ مِنْهُ الْقُدُورُ (وَ) الْمَعْدِنُ (الْبَاطِنُ بِخِلَافِهِ) أَيْ: بِخِلَافِ الظَّاهِرِ فَهُوَ مَا لَا يَخْرُجُ إلَّا بِعِلَاجٍ (كَذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَحَدِيدٍ) وَلِقِطْعَةِ ذَهَبٍ مَثَلًا أَظْهَرَهَا السَّيْلُ حُكْمُ الْمَعْدِنِ الظَّاهِرِ (وَلَا يُمْلَكُ ظَاهِرٌ) بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي: (عَلِمَهُ) أَيْ: مَنْ يُحْيِي (بِإِحْيَاءٍ) كَمَا عَلَيْهِ السَّلَفُ وَالْخَلَفُ (وَلَا بَاطِنٌ بِحَفْرٍ) ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ الْمَوَاتَ، وَهُوَ إنَّمَا يُمْلَكُ بِالْعِمَارَةِ، وَحَفْرُ الْمَعْدِنِ تَخْرِيبٌ.
(وَلَا يَثْبُتُ فِي ظَاهِرِ اخْتِصَاصٍ بِتَحَجُّرٍ) بَلْ هُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ النَّاسِ كَالْمَاءِ الْجَارِي وَالْكَلَأِ، وَالْحَطَبِ (وَلَا) يَثْبُتُ فِيهِ (إقْطَاعٌ) لِخَبَرٍ وَرَدَ فِيهِ، فَلَيْسَ لِلْإِمَامِ إقْطَاعُ سَمَكِ بِرْكَةٍ، وَلَا حَشِيشِ أَرْضٍ وَلَا حَطَبٍ بِخِلَافِ الْبَاطِنِ، فَيَثْبُتُ فِيهِ مَا ذُكِرَ لِاحْتِيَاجِهِ إلَى عِلَاجٍ (فَإِنْ ضَاقَا) أَيْ: الْمَعْدِنَانِ عَنْ اثْنَيْنِ مَثَلًا جَاءَا (قُدِّمَ سَابِقٌ) إلَى بُقْعَتَيْهِمَا (إنْ عُلِمَ وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ السَّابِقُ (أُقْرِعَ) بَيْنَهُمَا فَيُقَدَّمُ مَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ، وَتَقْدِيمُ مَنْ ذُكِرَ يَكُونُ (بِقَدْرِ حَاجَتِهِ) بِأَنْ يَأْخُذَ مَا تَقْتَضِيهِ عَادَةُ أَمْثَالِهِ، فَإِنْ طَلَبَ زِيَادَةً عَلَيْهَا أُزْعِجَ؛ لِأَنَّ عُكُوفَهُ عَلَيْهِ كَالتَّحَجُّرِ، وَذِكْرُ عَدَمِ الْمِلْكِ بِالْإِحْيَاءِ، وَعَدَمِ الِاخْتِصَاصِ بِالتَّحَجُّرِ، وَحُكْمُ الضِّيقِ مِنْ زِيَادَتِي فِي الْبَاطِنِ. وَقَوْلِي: وَإِلَّا أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ: فَلَوْ جَاءَا مَعًا
(وَمَنْ أَحْيَا مَوَاتًا فَظَهَرَ بِهِ أَحَدُهُمَا مَلَكَهُ) ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ، وَقَدْ مَلَكَهَا بِالْإِحْيَاءِ، وَخَرَجَ بِظُهُورِهِ مَا لَوْ عَلِمَهُ قَبْلَ الْإِحْيَاءِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَمْلِكُ الْمَعْدِنَ الْبَاطِنَ دُونَ الظَّاهِرِ كَمَا رَجَّحَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَغَيْرُهُ وَأَقَرَّ النَّوَوِيُّ عَلَيْهِ صَاحِبَ التَّنْبِيهِ، أَمَّا بُقْعَتُهُمَا فَلَا يَمْلِكُهَا بِإِحْيَائِهَا مَعَ عِلْمِهِ بِهِمَا لِفَسَادِ قَصْدِهِ؛ لِأَنَّ الْمَعْدِنَ لَا يُتَّخَذُ دَارًا وَلَا بُسْتَانًا وَلَا مَزْرَعَةً أَوْ نَحْوَهَا
ــ
[حاشية البجيرمي]
الْبِحَارِ ثُمَّ يَقْذِفُهُ الْمَاءُ بِتَمَوُّجِهِ إلَى الْبَرِّ. اهـ ق ل.
(قَوْلُهُ: فَيَجْمُدُ) بَابُهُ نَصَرَ وَدَخَلَ مُخْتَارٌ. (قَوْلُهُ: وَيَصِيرُ كَالْقَارِّ) وَيُؤْخَذُ مِنْ عِظَامِ الْمَوْتَى الْكُفَّارِ شَيْءٌ يُسَمَّى بِذَلِكَ وَهُوَ نَجِسٌ أَوْ مُتَنَجِّسٌ. اهـ شَرْحُ م ر ع ش. (قَوْلُهُ: بِكَسْرِ أَوَّلِهِ) جَمْعُ بُرْمَةٍ بِضَمِّهَا ق ل. (قَوْلُهُ: حُكْمُ الْمَعْدِنِ الظَّاهِرِ) وَهُوَ أَنَّهَا لَا تُمْلَكُ بِالْإِحْيَاءِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يُمْلَكُ ظَاهِرٌ إلَخْ) وَكَذَا بَاطِنٌ لَا يُمْلَكُ بِإِحْيَاءٍ س ل وَقَوْلُهُ: وَلَا يَثْبُتُ فِي ظَاهِرٍ أَيْ: وَكَذَا بَاطِنٌ كَمَا فِي حَجّ. اهـ س ل. (قَوْلُهُ: بِإِحْيَاءٍ) بِأَنْ تُنْصَبَ عَلَيْهِ عَلَامَاتٌ؛ لِأَنَّ إحْيَاءَ كُلِّ شَيْءٍ بِحَسَبِهِ ح ل، وَمُقْتَضَى هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِحْيَاءِ فِي الْمَتْنِ إحْيَاءُ الْمَعْدِنِ نَفْسِهِ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُرَادَ بِهِ إحْيَاءُ الْبُقْعَةِ نَفْسِهَا. (قَوْلُهُ: كَمَا عَلَيْهِ السَّلَفُ وَالْخَلَفُ) الْمُرَادُ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ الْمُتَقَدِّمُونَ وَالْمُتَأَخِّرُونَ ع ش. (قَوْلُهُ: وَلَا بَاطِنٌ بِحَفْرٍ) أَيْ: بِمُجَرَّدِهِ بَلْ إنَّمَا يَمْلِكُهُ بِالِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهِ بَعْدَ اسْتِخْرَاجِهِ ح ل قَالَ سم: وَانْظُرْ لِمَ خَصَّ الْبَاطِنَ بِذَلِكَ؟ ، فَإِنَّ الظَّاهِرَ كَالْبَاطِنِ فِي ذَلِكَ لَا يُمْلَكُ بِمُجَرَّدِ الْحَفْرِ فَلْيُحَرَّرْ. اهـ، وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر، وَالْمَعْدِنُ الْبَاطِنُ لَا يُمْلَكُ مَحَلُّهُ بِالْحَفْرِ وَالْعَمَلِ مُطْلَقًا وَلَا بِالْإِحْيَاءِ فِي مَوَاتٍ عَلَى مَا يَأْتِي فِي الْأَظْهَرِ كَالظَّاهِرِ، وَالثَّانِي يُمْلَكُ بِذَلِكَ إذَا قَصَدَ التَّمَلُّكَ كَالْمَوَاتِ، وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْمَوَاتَ يُمْلَكُ بِالْعِمَارَةِ، وَحَفْرُ الْمَعْدِنِ تَخْرِيبٌ.
(قَوْلُهُ: كَالْمَاءِ) وَكَذَا الْمِلْحُ الْمَائِيُّ، وَالْجَبَلِيُّ نَعَمْ لَوْ حَفَرَ بِجَانِبِ السَّاحِلِ، وَسَاقَ الْمَاءَ إلَيْهِ فَانْعَقَدَ مِلْحًا جَازَ إحْيَاؤُهُ وَإِقْطَاعُهُ، وَلَوْ تَمْلِيكًا، وَكَذَا لَوْ احْتَاجَ الْجَبَلِيُّ إلَى حَفْرٍ، قَالَ سم: وَهَذَا التَّشْبِيهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ لَا يَثْبُتُ فِيهَا اخْتِصَاصٌ بِتَحَجُّرٍ، وَكَذَا فِي الْبَاطِنِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَثْبُتُ فِيهِ إقْطَاعٌ) وَلَوْ لِلْإِرْفَاقِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا فِي ز ي. (قَوْلُهُ: بِرْكَةٍ) بِكَسْرِ الْبَاءِ وَحُكِيَ ضَمُّهَا ع ش، وَظَاهِرُهُ أَنَّ السَّمَكَ وَالْحَشِيشَ وَالْحَطَبَ مِنْ الْمَعْدِنِ الظَّاهِرِ. (قَوْلُهُ: فَيَثْبُتُ فِيهِ مَا ذَكَرَ) أَيْ: مِنْ الْإِقْطَاعِ فَقَطْ لَا الِاخْتِصَاصُ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ، وَالْمُرَادُ بِالْإِقْطَاعِ فِيهِ إقْطَاعُ الْإِرْفَاقِ لَا التَّمْلِيكِ ع ش. (قَوْلُهُ فَإِنْ ضَاقَا) أَيْ: بِخِلَافِ مَا إذَا اتَّسَعَا فَكُلٌّ يَأْخُذُ مِنْ جَانِبِهِ وَلَوْ ذِمِّيًّا ق ل. (قَوْلُهُ: قُدِّمَ سَابِقٌ) وَلَوْ ذِمِّيًّا وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا ز ي مَا يُوَافِقُهُ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ) بِأَنْ جَاءَاهُ مَعًا أَوْ جَهِلَ الْحَالَ. (قَوْلُهُ: أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا) لِانْتِفَاءِ الْمُرَجِّحِ فَإِنْ وَسِعَهُمَا اجْتَمَعَا وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَخْذُ أَكْثَرَ مِنْ الْآخَرِ إلَّا بِرِضَاهُ قَالَهُ فِي الْجَوَاهِرِ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَخْذِ أَكْثَرَ مِنْ الْبُقْعَةِ لَا النِّيلِ إذْ لَهُ أَخْذُ أَكْثَرَ مِنْهُ نَعَمْ لَوْ كَانَ مُسْلِمًا وَالْآخَرُ ذِمِّيًّا قُدِّمَ الْمُسْلِمُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي مَقَاعِدِ الْأَسْوَاقِ شَرْحُ م ر، وَعِبَارَةُ ق ل نَعَمْ إنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُسْلِمًا قُدِّمَ وَلَا إقْرَاعَ. (قَوْلُهُ: بِقَدْرِ حَاجَتِهِ) هَلْ الْمُرَادُ حَاجَةُ يَوْمِهِ أَوْ أُسْبُوعِهِ أَوْ شَهْرِهِ أَوْ سَنَتِهِ أَوْ عُمُرِهِ الْغَالِبِ أَوْ عَادَةِ النَّاسِ مِنْ ذَلِكَ؟ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: الْأَقْرَبُ اعْتِبَارُ الْعُمُرِ الْغَالِبِ كَمَا فِي أَخْذِ الزَّكَاةِ، وَقَدْ يُقَالُ: بَلْ الْأَقْرَبُ اعْتِبَارُ عَادَةِ النَّاسِ وَلَوْ لِلتِّجَارَةِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الزَّكَاةِ بِأَنَّ النَّاسَ مُشْتَرِكُونَ فِي الْمَعْدِنِ بِالْأَصَالَةِ بِخِلَافِ الزَّكَاةِ، فَإِنَّ مَبْنَاهَا عَلَى الْحَاجَةِ، وَمِنْ ثَمَّ امْتَنَعَتْ عَلَى الْغَنِيِّ بِمَالٍ أَوْ كَسْبٍ بِخِلَافِ الْمَعْدِنِ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: أَزْعَجَ) فَلَوْ أَخَذَ شَيْئًا قَبْلَ الْإِزْعَاجِ هَلْ يَمْلِكُهُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ حِينَ أَخَذَهُ كَانَ مُبَاحًا ع ش عَلَى م ر
. (قَوْلُهُ: وَمَنْ أَحْيَا مَوَاتًا فَظَهَرَ) التَّعْقِيبُ الْمُسْتَفَادُ مِنْ الْفَاءِ لَيْسَ قَيْدًا وَلَيْسَ مُكَرَّرًا مَعَ مَا سَبَقَ؛ لِأَنَّ هَذَا فِي حَالَةِ الْجَهْلِ وَمَا مَرَّ فِي حَالَةِ الْعِلْمِ. (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِظُهُورِهِ) أَيْ: الْمُشْعِرِ بِعَدَمِ عِلْمِهِ بِهِ حَالَ إحْيَائِهِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: دُونَ الظَّاهِرِ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَعْدِنِ الْبَاطِنِ وَالظَّاهِرِ فِي حَالَةِ الْعِلْمِ وَالْجَهْلِ، فَإِنْ عَلِمَهُمَا لَمْ يَمْلِكْهُمَا وَلَا
وَقَوْلِي: أَحَدُهُمَا أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْمَعْدِنِ الْبَاطِنِ، وَبَعْضُهُمْ قَرَّرَ كَلَامَ الْأَصْلِ بِمَا لَا يَنْبَغِي فَاحْذَرْهُ
(وَالْمَاءُ الْمُبَاحُ) كَالنَّهْرِ وَالْوَادِي وَالسَّيْلِ (يَسْتَوِي النَّاسُ فِيهِ) بِأَنْ يَأْخُذَ كُلٌّ مِنْهُمْ مَا يَشَاءُ مِنْهُ لِخَبَرِ «النَّاسُ شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثَةٍ: فِي الْمَاءِ، وَالْكَلَأِ، وَالنَّارِ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ (فَإِنْ أَرَادَ قَوْمٌ سَقْيَ أَرْضِهِمْ مِنْهُ) أَيْ: مِنْ الْمَاءِ الْمُبَاحِ (فَضَاقَ) الْمَاءُ عَنْهُمْ، وَبَعْضُهُمْ أَحْيَا أَوَّلًا (سَقَى الْأَوَّلُ) فَالْأَوَّلُ فَيَحْبِسُ كُلٌّ مِنْهُمْ الْمَاءَ (إلَى) أَنْ يَبْلُغَ (الْكَعْبَيْنِ) ؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَضَى بِذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ، وَالْحَاكِمُ، وَصَحَّحَهُ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ (وَيُفْرَدُ كُلٌّ مِنْ مُرْتَفَعٍ وَمُنْخَفَضٍ بِسَقْيٍ) بِأَنْ يَسْقِيَ أَحَدُهُمَا حَتَّى يَبْلُغَ الْكَعْبَيْنِ ثُمَّ يَسُدَّ ثُمَّ يَسْقِيَ الْآخَرُ، وَخَرَجَ بِضَاقَ مَا إذَا كَانَ يَفِي بِالْجَمِيعِ فَيَسْقِي مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ مَتَى شَاءَ، وَتَعْبِيرِي بِالْأَوَّلِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْأَعْلَى، وَمَنْ عَبَّرَ بِالْأَقْرَبِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ مِنْ أَنَّ مَنْ أَحْيَا بُقْعَةً يَحْرِصُ عَلَى قُرْبِهَا مِنْ الْمَاءِ مَا أَمْكَنَ لِمَا فِيهِ مِنْ سُهُولَةِ السَّقْيِ وَخِفَّةِ الْمُؤْنَةِ وَقُرْبِ عُرُوقِ الْغِرَاسِ مِنْ الْمَاءِ، وَمِنْ هُنَا يُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ إلَى النَّهْرِ إنْ أَحْيَوْا دَفْعَةً أَوْ جَهِلَ السَّابِقُ، وَلَا يَبْعُدُ الْقَوْلُ بِإِقْرَاعٍ، ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ.
(وَمَا أُخِذَ مِنْهُ) أَيْ: مِنْ الْمَاءِ الْمُبَاحِ بِيَدٍ، أَوْ ظَرْفٍ كَإِنَاءٍ أَوْ حَوْضٍ مَسْدُودٍ فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ: فِي إنَاءٍ (مُلِكَ) كَالِاحْتِطَابِ وَالِاحْتِشَاشِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
بُقْعَتَيْهِمَا وَإِنْ جَهِلَهُمَا مَلَكَهُمَا وَبُقْعَتَيْهِمَا ز ي وَس ل وَشَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَبَعْضُهُمْ) هُوَ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ، وَالْمُعْتَمَدُ مَا قَرَّرَهُ مِنْ التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ فَقَوْلُهُ فَاحْذَرْهُ ضَعِيفٌ.
[فَائِدَةٌ غَرِيبَةٌ]
ذَكَرَ الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ كَغَيْرِهِ أَنَّ الْمُرْصَدَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لِحَفْرِ خُلْجَانِ إقْلِيمِ مِصْرَ وَتُرَعِهِ وَبُحُورِهِ وَتَسْوِيَةِ جُسُورِهِ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ أَلْفَ قِطَاعٍ بِالطَّوَارِي، وَالْأَغْلَاقُ مِنْهُمْ سَبْعُونَ أَلْفًا لِخُصُوصِ الصَّعِيدِ وَالْبَاقِي لِبَقِيَّةِ الْإِقْلِيمِ. اهـ
. (قَوْلُهُ: وَالْمَاءُ الْمُبَاحُ) وَمِنْهُ مَا يَبْقَى فِي الْحُفَرِ عَلَى رُءُوسِ الْغِيطَانِ فَهُوَ مُبَاحٌ يَسْتَوِي فِيهِ النَّاسُ ح ف. (قَوْلُهُ يَسْتَوِي النَّاسُ فِيهِ) أَيْ: فَلَا يُمْلَكُ بِإِقْطَاعٍ، وَلَا يَثْبُتُ فِيهَا تَحَجُّرٌ وَكَذَا حُكْمُ حَافَّتَيْ النَّهْرِ، فَلَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ بَيْعُ شَيْءٍ مِنْهَا وَلَا إقْطَاعُهُ وَقَدْ عَمَّتْ الْبَلْوَى بِالْبِنَاءِ عَلَى حَافَّتَيْ النَّهْرِ كَمَا عَمَّتْ بِالْبِنَاءِ فِي الْقَرَافَةِ، وَهِيَ مُسَبَّلَةٌ ب ر سم. (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَأْخُذَ كُلٌّ مِنْهُمْ مَا يَشَاءُ) وَعِنْدَ الِازْدِحَامِ مَعَ ضِيقِ الْمَاءِ أَوْ مَشْرَعِهِ يُقَدَّمُ الْأَسْبَقُ فَالْأَسْبَقُ، وَإِلَّا أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا وَلَيْسَ لِلْقَارِعِ تَقْدِيمُ دَوَابِّهِ عَلَى الْآدَمِيِّينَ، إذْ الظَّامِئُ مُقَدَّمٌ عَلَى غَيْرِهِ وَطَالِبُ الشُّرْبِ عَلَى طَالِبِ السَّقْيِ وَمَا جَهِلَ أَصْلَهُ وَهُوَ تَحْتَ يَدِ وَاحِدٍ أَوْ جَمَاعَةٍ لَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِالْإِبَاحَةِ؛ لِأَنَّ الْيَدَ دَلِيلُ الْمِلْكِ، وَمَحَلُّهُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ إذَا كَانَ مَنْبَعُهُ مِنْ مَمْلُوكٍ لَهُمْ بِخِلَافِ مَا مَنْبَعُهُ بِمَوَاتٍ أَوْ يَخْرُجُ مِنْ نَهْرٍ عَامٍّ كَدِجْلَةَ فَإِنَّهُ بَاقٍ عَلَى إبَاحَتِهِ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: فِي الْمَاءِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: أَرَادَ بِالْمَاءِ مَاءَ السَّمَاءِ وَمَاءَ الْعُيُونِ الَّتِي لَا مَالِكَ لَهَا، وَأَرَادَ بِالْكَلَأِ مَرْعَى الْأَرْضِ الَّتِي لَا مَالِكَ لَهَا، وَأَرَادَ بِالنَّارِ النَّارَ إذَا أُضْرِمَتْ فِي حَطَبٍ غَيْرِ مَمْلُوكٍ، أَمَّا الْمَمْلُوكُ فَلَا يَجُوزُ الْأَخْذُ مِنْهُ بِغَيْرِ الْإِذْنِ، وَأَمَّا الْجُزْءُ الْمُضِيءُ فَالْوَجْهُ عَدَمُ مَنْعِ مَنْ يَقْتَبِسُ مِنْهُ ضَوْءًا كَالِاسْتِنَادِ لِجِدَارِ الْغَيْرِ سم وَس ل.
(قَوْلُهُ: سَقَى الْأَوَّلُ) أَيْ: فِي الْإِحْيَاءِ وَلَوْ تَرَتَّبَ عَلَى ذَلِكَ هَلَاكُ زَرْعِ مَنْ دُونَهُ قَبْلَ وُصُولِ الْمَاءِ إلَيْهِ، قَالَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ: فَإِنْ احْتَاجَ مَنْ أَحْيَا أَوَّلًا إلَى السَّقْيِ مَرَّةً أُخْرَى مُكِّنَ مِنْهُ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ بَعْدَ شُرُوعِ مَنْ بَعْدَهُ فِي السَّقْيِ وَالْتَزَمَهُ م ر لَكِنْ أَظُنُّ أَنَّ الْعُبَابَ صَرَّحَ بِخِلَافِهِ. اهـ سم. (قَوْلُهُ: إلَى الْكَعْبَيْنِ) وَالْمُرَادُ بِمَا ذَكَرَ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ جَانِبُ الْكَعْبِ الْأَسْفَلِ، وَمُخَالَفَةُ غَيْرِهِ لَهُ مُحْتَجًّا بِآيَةِ الْوُضُوءِ مَرْدُودٌ بِأَنَّ الدَّالَّ عَلَى دُخُولِ الْغَايَةِ فِي تِلْكَ خَارِجِيٌّ وُجِدَ ثَمَّ لَا هُنَا، وَالتَّقْدِيرُ بِهِمَا هُوَ مَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ شَرْحُ م ر قَالَ حَجّ: وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الْوَجْهَ أَنَّهُ يَرْجِعُ فِي قَدْرِ السَّقْيِ لِلْعَادَةِ وَالْحَاجَةِ لِاخْتِلَافِهِمَا زَمَانًا وَمَكَانًا، فَاعْتُبِرَ فِي حَقِّ أَهْلِ مَحَلٍّ بِمَا هُوَ الْمُتَعَارَفُ عِنْدَهُمْ، وَالْخَبَرُ جَارٍ عَلَى عَادَةِ أَهْلِ الْحِجَازِ، قِيلَ: النَّخْلُ إنْ أُفْرِدَ كُلٌّ بِحَوْضٍ، فَالْعَادَةُ مِلْؤُهُ، وَإِلَّا اُتُّبِعَتْ عَادَةُ تِلْكَ الْأَرْضِ وَلَا حَاجَةَ لِهَذَا التَّفْصِيلِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ قِسْمَيْهِ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ الْعَادَةِ فِي مِثْلِهِ، فَكَلَامُهُمْ شَامِلٌ لَهُ انْتَهَى بِحُرُوفِهِ، وَمُرَادُهُ بِالْخَبَرِ قَوْلُ الشَّارِحِ هُنَا؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَضَى بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِهِ وَفِي ق ل أَنَّ الْمُعْتَمَدَ اعْتِبَارُ عَادَةِ الزَّرْعِ وَالْأَرْضِ وَالْوَقْتِ.
اهـ. (قَوْلُهُ: وَيُفْرَدُ كُلٌّ مِنْ مُرْتَفِعٍ إلَخْ) كَأَنْ يَكُونَ وُصُولُ الْمَاءِ إلَى الْكَعْبَيْنِ فِي الْمُسْتَعْلِيَةِ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِبُلُوغِهِ إلَى الرُّكْبَتَيْنِ مَثَلًا فِي الْمُنْخَفِضَةِ سم. (قَوْلُهُ: أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْأَعْلَى) مُرَادُهُ بِالْأَعْلَى الْأَوَّلُ أَوْ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ كَمَا بَيَّنَهُ الشَّارِحُ فِي التَّعْبِيرِ بِالْأَقْرَبِ فَلْيُتَأَمَّلْ. سم أَيْ: فَلَا أَوْلَوِيَّةَ، لَكِنَّ الْمُرَادَ لَا يَدْفَعُ الْإِيرَادَ. وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَعْلَى الْأَقْرَبُ لِلْمَاءِ. (قَوْلُهُ: يَحْرِصُ) بِكَسْرِ الرَّاءِ مِنْ بَابِ ضَرَبَ قَالَ تَعَالَى: {إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ} [النحل: 37] وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} [يوسف: 103] . (قَوْلُهُ: مِنْ هُنَا) وَهُوَ الْغَالِبُ أَنَّ مَنْ أَحْيَا بُقْعَةً يَحْرِصُ عَلَى قُرْبِهَا مِنْ الْمَاءِ مَا أَمْكَنَ، وَهَذَا شُرُوعٌ فِي بَيَانِ مَفْهُومِ قَوْلِهِ: سَقَى الْأَوَّلُ، وَقَوْلُهُ: وَلَا يَبْعُدُ الْإِقْرَاعُ ضَعِيفٌ، فَالْمُعْتَمَدُ تَقْدِيمُ الْأَقْرَبِ حَتَّى فِي صُورَةِ الْجَهْلِ. (قَوْلُهُ: بِيَدٍ أَوْ ظَرْفٍ) وَمِنْهُ كِيزَانُ الدُّولَابِ كَالسَّاقِيَّةِ فَيَمْلِكُهُ بِمُجَرَّدِ دُخُولِهِ فِيهَا، وَمِثْلُهُ نَحْوُ الْأَحْوَاضِ وَالْمَصَايِدِ. (قَوْلُهُ: فِي إنَاءِ مُلِكَ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْآخِذُ لَهُ غَيْرَ مُمَيِّزٍ، وَعَلَيْهِ فَانْظُرْ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذَا، وَمَا تَقَدَّمَ فِي الْإِحْيَاءِ مِنْ اشْتِرَاطِ التَّمَيُّزِ فِي الْمُحْيِي بِنَاءً عَلَى مَا تَقَدَّمَ عَنْ شَيْخِنَا ز ي. وَالْجَوَابُ أَمَّا أَوَّلًا فَيَحْتَمِلُ أَنَّ الشَّارِحَ لَا يَرَى
وَلَوْ رَدَّهُ إلَى مَحَلِّهِ لَمْ يَصِرْ شَرِيكًا بِهِ، وَخَرَجَ بِأَخْذِ الْمَاءِ الْمُبَاحِ الدَّاخِلُ فِي نَهْرٍ حَفَرَهُ فَإِنَّهُ بَاقٍ عَلَى إبَاحَتِهِ لَكِنَّ مَالِكَ النَّهْرِ أَحَقُّ بِهِ كَالسَّيْلِ يَدْخُلُ فِي مِلْكِهِ
(وَحَافِرُ بِئْرٍ بِمَوَاتٍ لِارْتِفَاقِهِ) بِهَا (أَوْلَى بِمَائِهَا حَتَّى يَرْتَحِلَ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ السَّابِقِ، فَإِذَا ارْتَحَلَ صَارَ كَغَيْرِهِ وَإِنْ عَادَ إلَيْهَا كَمَا لَوْ حَفَرَهَا بِقَصْدِ ارْتِفَاقِ الْمَارَّةِ أَوْ لَا بِقَصْدِ شَيْءٍ فَإِنَّهُ فِيهَا كَغَيْرِهِ كَمَا فُهِمَ ذَلِكَ بِزِيَادَتِي ضَمِيرَ لِارْتِفَاقِهِ (وَ) حَافِرُهَا بِمَوَاتٍ (لِتُمْلَكَ أَوْ يَمْلِكَهُ مَالِكٌ لِمَائِهَا) ؛ لِأَنَّهُ نَمَاءٌ مَلَكَهُ كَالثَّمَرَةِ وَاللَّبَنِ (وَعَلَيْهِ بَذْلُ مَا فَضَلَ عَنْهُ) أَيْ: عَنْ حَاجَتِهِ مَجَّانًا وَإِنْ مَلَكَهُ (لِحَيَوَانٍ مُحْتَرَمٍ) لَمْ يَجِدْ صَاحِبُهُ مَاءً مُبَاحًا وَثَمَّ كَلَأٌ مُبَاحٌ يُرْعَى وَلَمْ يَجُزْ الْفَاضِلُ فِي إنَاءٍ لِحُرْمَةِ الرُّوحِ، وَالْمُرَادُ بِالْبَذْلِ تَمْكِينُ صَاحِبِ الْحَيَوَانِ لَا الِاسْتِسْقَاءُ لَهُ، وَدَخَلَ فِي حَاجَتِهِ حَاجَتُهُ لِمَاشِيَتِهِ وَزَرْعِهِ نَعَمْ لَا يُشْتَرَطُ فِي وُجُوبِ بَذْلِ الْفَاضِلِ لِعَطَشِ آدَمِيٍّ مُحْتَرَمٍ كَوْنُهُ فَاضِلًا عَنْهُمَا، وَخَرَجَ بِالْحَيَوَانِ غَيْرُهُ كَالزَّرْعِ فَلَا يَجِبُ سَقْيُهُ
(وَالْقَنَاةُ الْمُشْتَرَكَةُ) بَيْنَ جَمَاعَةٍ (يُقْسَمُ مَاؤُهَا) عِنْدَ ضِيقِهِ بَيْنَهُمْ (مُهَايَأَةً) كَأَنْ يَسْقِيَ كُلٌّ مِنْهُمْ يَوْمًا، أَوْ بَعْضُهُمْ يَوْمًا، وَبَعْضُهُمْ أَكْثَرَ بِحَسَبِ حِصَّتِهِ، وَلِكُلِّ مِنْهُمْ الرُّجُوعُ عَنْ الْمُهَايَأَةِ مَتَى شَاءَ (أَوْ بِ) نَصْبِ (خَشَبَةٍ بِعَرْضِهِ) أَيْ: الْمَاءِ (مُثْقَبَةً بِقَدْرِ حِصَصِهِمْ) مِنْ الْقَنَاةِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
ذَلِكَ الْقَيْدَ بِدَلِيلِ تَمْثِيلِهِ ثَمَّ بِالْمَجْنُونِ، وَأَمَّا ثَانِيًا فَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: هَذَا لَمَّا كَانَ الِانْتِفَاعُ بِهِ بِإِعْدَامِهِ، وَالْمَقْصِدُ مِنْهُ النَّفْعَ بِهِ حَتَّى لِلدَّوَابِّ الَّتِي لَا قَصْدَ لَهَا وَلَا شُعُورَ، تَوَسَّعُوا فِيهِ فَلَمْ يَشْتَرِطُوا فِي تَمَلُّكِهِ تَمْيِيزًا وَلَا غَيْرَهُ، وَيُؤَيِّدُ الثَّانِيَ أَنَّهُمْ جَوَّزُوا لِلذِّمِّيِّ أَخْذَ الْحَطَبِ وَنَحْوِهِ مِنْ دَارِنَا قَالُوا: لِأَنَّ الْمُسَامَحَةَ تَغْلِبُ فِي ذَلِكَ وَعَلَى هَذَا فَمَا يَقَعُ مِنْ إرْسَالِ الصِّبْيَانِ لِلْإِتْيَانِ بِمَاءٍ أَوْ حَطَبٍ الْمِلْكُ فِيمَا أَتَوْا بِهِ لِلْمُرْسِلِ حَيْثُ كَانَ لَهُ وِلَايَةٌ عَلَيْهِمْ لِجَوَازِ اسْتِخْدَامِهِ لَهُمْ فِي مِثْلِ ذَلِكَ، وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يُرْسِلْهُ أَحَدٌ أَوْ أَرْسَلَهُ غَيْرُ وَلِيِّهِ الْمَذْكُورِ، فَالْمِلْكُ فِيهِ لَهُ فَيَحْرُمُ عَلَى غَيْرِهِ وَلَوْ وَالِدًا أَخْذُهُ إلَّا إذَا رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِي أَخْذِهِ وَصَرْفِهِ أَوْ بَدَلِهِ عَلَى الصَّبِيِّ انْتَهَى ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: لَمْ يَصِرْ شَرِيكًا) لِأَنَّهُ كَالتَّالِفِ، وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ حُرْمَةِ تَضْيِيعِهِ عَلَيْهِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَمْيِ الْمَالِ فِيهِ ظَاهِرٌ شَرْحُ م ر، وَهُوَ أَنَّ ذَلِكَ يُعَدُّ ضَيَاعًا لَهُ بِخِلَافِ الْمَاءِ، فَإِنَّهُ يَتَمَكَّنُ مِنْ أَخْذِهِ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَيْنَ مَا رَدَّهُ ع ش، وَفِيهِ عَلَى م ر بِخِلَافِ السَّمَكِ، فَإِنَّهُ يَحْرُمُ إلْقَاؤُهُ بَعْدَ أَخْذِهِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ رَدَّ السَّمَكِ إلَيْهِ يُعَدُّ تَضْيِيعًا لَهُ لِعَدَمِ تَيَسُّرِ أَخْذِهِ كُلَّ وَقْتٍ بِخِلَافِ الْمَاءِ. اهـ. (قَوْلُهُ: لَكِنَّ مَالِكَ النَّهْرِ أَحَقُّ بِهِ) وَمَعَ ذَلِكَ فَلِغَيْرِهِ السَّقْيُ مِنْهُ وَالْأَخْذُ مِنْهُ بِنَحْوِ دَلْوٍ وَاسْتِعْمَالِهِ نَعَمْ إنْ سَدَّ عَلَيْهِ مَالِكُهُ إنْ قَصَدَ تَمَلُّكَهُ وَإِنْ كَثُرَ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ
(قَوْلُهُ: لِارْتِفَاقِهِ) أَيْ: سَوَاءٌ تَلَفَّظَ بِذَلِكَ أَوْ لَا ق ل. (قَوْلُهُ: حَتَّى يَرْتَحِلَ) الْمَدَارُ عَلَى الْإِعْرَاضِ لَا الِارْتِحَالِ كَمَا فِي الْخَادِمِ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ مُسْلِمٍ السَّابِقِ) أَيْ: الْمَذْكُورِ بَعْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ: وَمَنْ سَبَقَ إلَى مَحَلٍّ مِنْهُ لِحِرْفَةٍ وَفَارَقَهُ إلَخْ، وَلَفْظُهُ:«مَنْ قَامَ مِنْ مَحَلِّهِ ثُمَّ رَجَعَ إلَيْهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ» ، وَفِيهِ أَنَّهُ لَا يَدُلُّ عَلَى مَا ذَكَرَ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَرَادَ عَلَى بُعْدٍ الْقِيَاسَ عَلَى مَا فِيهِ، أَوْ يَكُونُ الشَّارِحُ اخْتَصَرَهُ فِيمَا مَرَّ فَلَوْ اسْتَدَلَّ بِخَبَرِ أَبِي دَاوُد السَّابِقِ لَكَانَ أَظْهَرَ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: فَإِذَا ارْتَحَلَ) هَذَا ظَاهِرٌ إنْ ارْتَحَلَ مُعْرِضًا أَمَّا لَوْ كَانَ لِحَاجَةٍ عَازِمًا عَلَى الْعَوْدِ فَلَا إلَّا أَنْ تَطُولَ غَيْبَتُهُ، وَحِينَئِذٍ فَلَيْسَ الْمَنَاطُ الِارْتِحَالَ بَلْ الْإِعْرَاضَ حَتَّى لَوْ أَعْرَضَ وَلَمْ يَرْتَحِلْ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ، وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الرُّويَانِيِّ. اهـ خَادِمٌ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ عَادَ إلَيْهَا) وَمَحَلُّهُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ: مَا لَمْ يَرْتَحِلْ بِنِيَّةِ الْعَوْدِ وَلَمْ تَطُلْ غَيْبَتُهُ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ حَفَرَهَا بِقَصْدِ ارْتِفَاقِ الْمَارَّةِ) وَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ سَدُّهَا وَإِنْ حَفَرَهَا لِنَفْسِهِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ النَّاسِ بِهَا فَلَا يَمْلِكُ إبْطَالَهُ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: لِتَمَلُّكٍ) مَفْهُومُ قَوْلِهِ: لِارْتِفَاقِهِ، وَقَوْلِهِ: أَوْ بِمِلْكِهِ مَفْهُومُ قَوْلِهِ: بِمَوَاتٍ فَهُوَ عَلَى اللَّفِّ وَالنَّشْرِ الْمُشَوِّشِ. (قَوْلُهُ: عَنْ حَاجَتِهِ) أَيْ: النَّاجِزَةِ فَلَوْ احْتَاجَ إلَيْهِ فِي ثَانِي الْحَالِ وَجَبَ بَدَلُهُ إنْ كَانَ مَا يَسْتَخْلِفُ يَكْفِيهِ لِمَا يَطْرَأُ مِنْ حَاجَتِهِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: لَمْ يَجِدْ صَاحِبُهُ مَاءً مُبَاحًا) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُبَاحَ هُنَا وَفِيمَا بَعْدَهُ لَيْسَ بِقَيْدٍ فَلْيُرَاجَعْ رَشِيدِيٌّ عَلَى م ر، وَعِبَارَةُ ح ل: وَثَمَّ كَلَأٌ مُبَاحٌ هَلْ هَذَا قَيْدٌ؟ ، فَلَا يَجِبُ بَذْلُ مَا ذُكِرَ لِحَيَوَانٍ يُعْلَفُ بِعَلَفِ مَمْلُوكٍ، وَلَعَلَّهُ لِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ حَيْثُ لَمْ يُعَدَّ الْمَاءُ كَالْعَلَفِ. اهـ بِحُرُوفِهِ. (قَوْلُهُ: لَا الِاسْتِقَاءُ لَهُ) حَيْثُ وَجَبَ الْبَذْلُ لَمْ يَجُزْ أَخْذُ عِوَضٍ عَلَيْهِ، وَلَا يَجِبُ عَلَى مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْبَذْلُ إعَارَةُ آلَةِ الِاسْتِقَاءِ شَرْحُ م ر، وَسَكَتُوا عَنْ الْبَذْلِ لِنَحْوِ آلَةِ طَهَارَةٍ غَيْرَهُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ أَيْضًا وَلَكِنْ هَلْ تُقَدَّمُ عَلَيْهِ مَاشِيَتُهُ وَزَرْعُهُ؟ . اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: نَعَمْ يَنْبَغِي أَنْ تُقَدَّمَ الْمَاشِيَةُ، وَيَدُلُّ لَهُ مَا صَرَّحُوا بِهِ فِي التَّيَمُّمِ مِنْ أَنَّ مِنْ أَسْبَابِ التَّيَمُّمِ احْتِيَاجَهُ لِعَطَشِ حَيَوَانٍ مُحْتَرَمٍ وَلَوْ مَآلًا فَلْيُرَاجَعْ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: وَزَرْعِهِ) مِثْلُهُ م ر، فَمُقْتَضَاهُ تَقْدِيمُ سَقْيِ زَرْعِهِ عَلَى الْحَيَوَانِ الْمُحْتَرَمِ الْمَذْكُورِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ. اهـ. (قَوْلُهُ: كَالزَّرْعِ) أَيْ: وَلَوْ كَانَ لِيَتِيمٍ. اهـ. ع ش
. (قَوْلُهُ: يُقْسَمُ مَاؤُهَا) لَا يَخْفَى صَرَاحَةُ الْكَلَامِ فِي أَنَّ مَاءَ الْقَنَاةِ مَمْلُوكٌ فَمَا صُورَتُهُ فَإِنَّهُ إنْ دَخَلَ الْقَنَاةَ مِنْ نَهْرٍ مُبَاحٍ فَهُوَ عَلَى إبَاحَتِهِ، فَلَعَلَّ مِنْ صُوَرِهِ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ بِئْرٍ مَمْلُوكَةٍ لَهُمْ ع ش. (قَوْلُهُ: أَوْ بِنَصْبِ إلَخْ) وَلَكِنَّ هَذِهِ الطَّرِيقَةَ يُجْبَرُ عَلَيْهَا بِخِلَافِ الْمُهَايَأَةِ. اهـ. سم