الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَحَيْثُ حَلَفَ الدَّائِنُ انْدَفَعَتْ الْحَوَالَةُ وَيَأْخُذُ حَقَّهُ مِنْ الْمَدِينِ، وَيَرْجِعُ بِهِ الْمَدِينُ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ كَمَا اخْتَارَهُ ابْنُ كَجٍّ وَغَيْرُهُ
[دَرْس]
(بَابُ الضَّمَانِ)
هُوَ لُغَةً الِالْتِزَامُ، وَشَرْعًا يُقَالُ لِالْتِزَامِ دَيْنٍ ثَابِتٍ فِي ذِمَّةِ الْغَيْرِ أَوْ إحْضَارِ عَيْنٍ مَضْمُونَةٍ أَوْ بَدَنِ مَنْ يُسْتَحَقُّ حُضُورُهُ وَيُقَالُ: لِلْعَقْدِ الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ ذَلِكَ وَيُسَمَّى الْمُلْتَزِمُ لِذَلِكَ ضَامِنًا وَزَعِيمًا وَكَفِيلًا وَغَيْرَ ذَلِكَ كَمَا بَيَّنْتُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ أَخْبَارٌ كَخَبَرِ «الزَّعِيمُ غَارِمٌ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَابْنُ حِبَّانَ وَصَحَّحَهُ وَخَبَرِ الْحَاكِمِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم تَحَمَّلَ عَنْ رَجُلٍ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ»
(أَرْكَانُهُ) فِي ضَمَانِ الذِّمَّةِ خَمْسَةٌ (مَضْمُونٌ عَنْهُ وَ) مَضْمُونٌ (لَهُ وَ) مَضْمُونٌ (فِيهِ وَصِيغَةٌ وَضَامِنٌ)
(وَشَرْطٌ فِيهِ) أَيْ: فِي الضَّامِنِ (أَهْلِيَّةُ تَبَرُّعٍ) هُوَ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالرُّشْدِ (وَاخْتِيَارٌ) هُوَ مِنْ زِيَادَتِي فَيَصِحُّ الضَّمَانُ مِنْ سَكْرَانَ وَسَفِيهٍ لَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ وَمَحْجُورِ فَلَسٍ كَشِرَائِهِ فِي الذِّمَّةِ، وَإِنْ لَمْ يُطَالَبْ إلَّا بَعْدَ فَكِّ الْحَجْرِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
لَا تَقَاصَّ فِيهِمَا وَشَرْطُ الظَّفَرِ أَنْ يَتَعَذَّرَ أَخْذُ الْمُسْتَحِقِّ مَالَهُ عِنْدَ غَيْرِهِ كَأَنْ يَكُونَ مُنْكِرًا وَلَا بَيِّنَةَ عَلَيْهِ وَمَا هُنَا، وَإِنْ كَانَ فِيهِ دَيْنٌ لِلْمُحْتَالِ عَلَى الْمُحِيلِ لَيْسَ مُنْكِرًا لَهُ فَلَمْ تُوجَدْ فِيهِ شُرُوطُ الظَّفَرِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِحَمْلِ مَا هُنَا عَلَى مَا لَوْ تَلِفَ الْمَقْبُوضِ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ بِتَقْصِيرٍ مِنْ الْمُحْتَالِ فَيَضْمَنُ بَدَلَهُ وَالْبَدَلُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ جِنْسِ دَيْنِ الْمُحْتَالِ وَصِفَتِهِ فَيَقَعُ فِيهِ التَّقَاصُّ وَبِتَقْدِيرِ عَدَمِ تَلَفِهِ فَيَجُوزُ أَنْ يَتَعَذَّرَ أَخْذُ دَيْنِ الْمُحْتَالِ مِنْ الْمُحِيلِ بِأَنْ لَا يَكُونَ بِهِ بَيِّنَةٌ فَيُنْكِرَ أَصْلَ الدَّيْنِ فَيَجُوزُ لِلْمُحْتَالِ أَخْذُهُ بِطَرِيقِ الظَّفَرِ انْتَهَى، وَلَوْ تَلِفَ الْمَقْبُوضُ مَعَ الْقَابِضِ بِلَا تَفْرِيطٍ مِنْهُ لَمْ يُطَالِبْهُ الْحَالِفُ لِزَعْمِهِ الْوَكَالَةَ وَالْوَكِيلُ أَمِينٌ، وَلَمْ يُطَالِبْ هُوَ الْحَالِفَ لِزَعْمِهِ الِاسْتِيفَاءَ أَوْ تَلِفَ مَعَهُ بِتَفْرِيطِ طَالِبِهِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ ضَامِنًا وَبَطَلَ حَقُّهُ لِزَعْمِهِ اسْتِيفَاءَهُ س ل.
(قَوْلُهُ: وَيَرْجِعُ بِهِ الْمَدِينُ) الْمُرَادُ أَنَّهُ يَرْجِعُ بِدَيْنِهِ الْأَصْلِيِّ لَا بِمَا دَفَعَهُ شَيْخُنَا ح ف وَقَالَ ق ل: قَوْلُهُ: وَيَرْجِعُ بِهِ أَيْ: بَعْدَ أَخْذِهِ.
[بَابُ الضَّمَانِ]
ِ ذَكَرَهُ عَقِبَ الْحَوَالَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَعَلُّقِ الْأَحْكَامِ بِالدُّيُونِ وَمِنْ تَحَوُّلِ حَقٍّ إلَى ذِمَّةٍ أُخْرَى وَمِنْ مُطَالَبَةِ مَنْ لَا يَكُونُ لَهُ مُطَالَبَتُهُ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَسُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَنْ الْتَزَمَ مَالَ غَيْرِهِ فَقَدْ جَعَلَهُ فِي ذِمَّتِهِ وَكُلُّ شَيْءٍ جَعَلْتَهُ فِي شَيْءٍ فَقَدْ ضَمَّنْتَهُ إيَّاهُ، فَهُوَ مِنْ الضِّمْنِ؛ لِأَنَّ الْمَالَ الْمَضْمُونَ فِي ذِمَّةِ الضَّامِنِ فَيَكُونُ فِي ضِمْنِ ذَاتِهِ لَا مِنْ ضَمِّ ذِمَّةٍ إلَى أُخْرَى كَمَا يُتَوَهَّمُ لِأَنَّ أَصَالَةَ النُّونِ تَمْنَعُ ذَلِكَ، وَهُوَ عَقْدُ تَبَرُّعٍ، وَلَوْ مَعَ قَصْدِ الرُّجُوعِ خِلَافًا لِلرَّافِعِيِّ، وَهُوَ مَنْدُوبٌ لِقَادِرٍ وَاثِقٍ بِنَفْسِهِ أَمِنَ غَائِلَتَهُ، وَإِلَّا فَمُبَاحٌ، قَالَ الْعُلَمَاءُ: أَوَّلهُ شَهَامَةٌ أَيْ: شِدَّةُ حَمَاقَةٍ وَأَوْسَطُهُ نَدَامَةٌ وَآخِرُهُ غَرَامَةٌ؛ وَلِذَلِكَ قِيلَ نَظْمًا:
ضَادُ الضَّمَانِ بِصَادِ الصَّكِّ مُلْتَصِقٌ
…
فَإِنْ ضَمِنْتَ فَحَاءُ الْحَبْسِ فِي الْوَسَطِ
ثُمَّ إنَّ الِالْتِزَامَ إمَّا فِي الذِّمَّةِ فَقَطْ، وَهُوَ الْأَغْلَبُ وَالْأَكْثَرُ أَوْ فِي الْعَيْنِ كَضَمِنْتُ مَا لَكَ عَلَيْهِ فِي رَقَبَةِ عَبْدِي هَذَا أَوْ فِي الْعَيْنِ وَالذِّمَّةِ مَعًا كَضَمِنْتُ مَا لَكَ عَلَيْهِ فِي ذِمَّتِي وَفِي رَقَبَةِ عَبْدِي هَذَا. اهـ. ق ل
وَقَوْلُهُ: وَيُقَالُ لِلْعَقْدِ أَيْ: الْمُشْتَمِلِ عَلَى الْأَرْكَانِ الْآتِيَةِ وَفِي كَوْنِهِ عَقْدًا مُسَامَحَةً لِعَدَمِ احْتِيَاجِهِ لِلْقَبُولِ فَأَطْلَقَ الْكُلَّ عَلَى جُزْئِهِ، وَهُوَ الْإِيجَابُ وَالِالْتِزَامُ الْمُتَقَدِّمُ نَاشِئٌ عَنْ الْعَقْدِ فَالضَّمَانُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْعَقْدِ وَأَثَرِهِ.
(قَوْلُهُ: وَغَيْرَ ذَلِكَ) كَحَمِيلًا وَصَبِيرًا وَقَبِيلًا لَكِنَّ الْعُرْفَ خَصَّ الْأَوَّلَ بِالْمَالِ مُطْلَقًا وَالزَّعِيمَ بِالْمَالِ الْعَظِيمِ وَالْكَفِيلَ بِالنَّفْسِ وَالْحَمِيلَ بِالدِّيَةِ وَالصَّبِيرَ يَعُمُّ الْكُلَّ، وَمِثْلُهُ الْقَبِيلُ ح ل وم ر وَقِ ل.
قَوْلُهُ: «الزَّعِيمُ غَارِمٌ» لَفْظُ الْحَدِيثِ «الْعَارِيَّةُ مُؤَدَّاةٌ» أَيْ: مَرْدُودَةٌ «وَالزَّعِيمُ غَارِمٌ الدَّيْنَ مُقْتَضًى» أَيْ مُوَفًّى اهـ سم ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: تُحْمَلُ عَنْ رَجُلٍ) وَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى صِحَّةِ الضَّمَانِ ع ش.
(قَوْلُهُ: فِي ضَمَانِ الذِّمَّةِ) إنَّمَا قَيَّدَ بِهِ لِأَجْلِ قَوْلِهِ وَشُرِطَ فِي الْمَضْمُونِ فِيهِ ثُبُوتُهُ إلَخْ إذْ لَوْ أَرَادَ بِالْمَضْمُونِ مَا يَشْمَلُ الْعَيْنَ لَمْ يَتَأَتَّ فِيهَا ذَلِكَ، وَهَذَا ظَاهِرٌ جَلِيٌّ، وَقَدْ خَفِيَ عَلَى بَعْضٍ تَأَمَّلْ، وَإِلَّا فَكَوْنُهَا خَمْسَةً يَجْرِي فِي ضَمَانِ الْعَيْنِ وَالْبَدَنِ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: وَمَضْمُونٌ فِيهِ) ، وَهُوَ الدَّيْنُ، وَلَعَلَّ الْأَوْلَى حَذْفُ فِيهِ؛ لِأَنَّ مَضْمُونَ لَا مَضْمُونَ فِيهِ. وَأَجَابَ ع ش بِأَنَّهُ قَصَدَ بِهِ التَّمْيِيزَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ فَإِنَّ الْمَضْمُونَ يَصْدُقُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الدَّيْنِ وَمَنْ هُوَ عَلَيْهِ الدَّيْنُ اهـ وَأَقُولُ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ يُقَالُ لَهُ: مَضْمُونٌ عَنْهُ لَا مَضْمُونَ فَالتَّمْيِيزُ حَاصِلٌ
. (قَوْلُهُ: وَشَرْطٌ فِيهِ أَهْلِيَّةُ تَبَرُّعٍ إلَخْ) لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ فِي الْحَوَالَةِ؛ لِأَنَّهَا بَيْعٌ فَلَا حَاجَةَ لِذِكْرِهِ فِيهَا ح ل. (قَوْلُهُ: هُوَ أَوْلَى) أَيْ؛ لِأَنَّهُ يُخْرِجُ السَّفِيهَ بَعْدَ رُشْدِهِ الَّذِي لَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ فَإِنَّهُ أَهْلُ تَبَرُّعٍ مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ رَشِيدٍ وَيَصِحُّ ضَمَانُهُ. (قَوْلُهُ: مِنْ سَكْرَانَ) أَيْ: مُتَعَدٍّ بِسُكْرِهِ وَلَوْ ضَمِنَ حَالَ سُكْرِهِ وَاخْتَلَفَا فِي التَّعَدِّي وَعَدَمِهِ صُدِّقَ مُدَّعِي عَدَمِ التَّعَدِّي؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ ح ل. (قَوْلُهُ: وَمَحْجُورِ فَلَسٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ عَطْفٌ عَلَى سَكْرَانَ فَيَكُونُ مَجْرُورًا وَلَكَ رَفْعُهُ عَلَى أَنَّهُ
لَا مِنْ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَمَحْجُورِ سَفَهٍ وَمَرِيضٍ مَرَضَ مَوْتٍ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ وَمُكْرَهٍ وَلَوْ بِإِكْرَاهِ سَيِّدِهِ
(وَصَحَّ ضَمَانُ رَقِيقٍ) مُكَاتَبٍ أَوْ غَيْرِهِ (بِإِذْنِ سَيِّدِهِ) لَا بِغَيْرِ إذْنِهِ كَنِكَاحِهِ (لَا لَهُ) مِنْ زِيَادَتِي أَيْ: لَا ضَمَانُهُ لِسَيِّدِهِ؛ لِأَنَّ مَا يُؤَدِّي مِنْهُ مِلْكُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ صِحَّةُ ضَمَانِ الْمُكَاتَبِ لِسَيِّدِهِ وَكَالرَّقِيقِ الْمُبَعَّضِ إنْ لَمْ تَكُنْ مُهَايَأَةٌ أَوْ كَانَتْ وَضَمِنَ فِي نَوْبَةِ السَّيِّدِ
(فَإِنْ عَيَّنَ لِلْأَدَاءِ جِهَةً)
ــ
[حاشية البجيرمي]
مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ كَشِرَائِهِ فَيُفِيدُ أَنَّهُ إنْ ضَمِنَ فِي الذِّمَّةِ صَحَّ أَوْ فِي عَيْنٍ مِنْ الْأَعْيَانِ مَالَهُ لَا يَصِحُّ ع ش.
(قَوْلُهُ: لَا مِنْ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ) فَلَوْ ادَّعَى الضَّامِنُ الصِّبَا أَوْ الْجُنُونَ وَقْتَ الضَّمَانِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ إنْ أَمْكَنَ الصِّبَا وَعُهِدَ الْجُنُونُ، وَكَذَا لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِالسَّفَهِ وَقْتَ الضَّمَانِ عَلَى الْأَوْجَهِ أَيْ: وَقَدْ عُهِدَ لَهُ بِذَلِكَ قَالَ شَيْخُنَا: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ إنَّ إقْدَامَهُ عَلَى الضَّمَانِ مُتَضَمِّنٌ لِدَعْوَاهُ الرُّشْدَ فَلَا يُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ أَنَّهُ كَانَ سَفِيهًا بِخِلَافِ الصَّبِيِّ فَإِنْ قِيلَ تَقَدَّمَ أَنَّهُ إنْ ادَّعَى مَا ذُكِرَ فِي الْبَيْعِ لَمْ يُصَدَّقْ. أُجِيبَ بِأَنَّ الْبَيْعَ مُعَاوَضَةٌ مَحْضَةٌ فَاحْتِيطَ لَهُ، وَكَذَا لَوْ ادَّعَى الْوَلِيُّ ذَلِكَ عِنْدَ التَّزْوِيجِ؛ لِأَنَّ الْأَبْضَاعَ يُحْتَاطُ لَهَا فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا تَقَعُ بِشُرُوطِهَا ح ل.
(قَوْلُهُ: وَمَحْجُورِ سَفَهٍ) ، وَإِنْ أَذِنَ لَهُ وَلِيُّهُ ز ي، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا قَبْلَهُ ق ل.
(قَوْلُهُ: وَمَرِيضٍ مَرَضَ الْمَوْتِ) مَحَلُّ عَدَمِ صِحَّةِ ضَمَانِ الْمَرِيضِ إذَا قَضَى الدَّيْنَ مِنْ مَالِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا حَدَثَ لَهُ مَالٌ أَوْ أُبْرِئَ فَمَا أَطْلَقَهُ الشَّارِحُ مَحْمُولٌ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ كَمَا قَالَهُ حَجّ شَوْبَرِيٌّ أَيْ: فَيَتَبَيَّنُ صِحَّتُهُ م ر.
(قَوْلُهُ: وَمُكْرَهٍ) أَيْ: مَا لَمْ يَكُنْ بِحَقٍّ أَمَّا مَا كَانَ بِحَقٍّ كَأَنْ نَذَرَ أَنْ يَضْمَنَ فُلَانًا ثُمَّ امْتَنَعَ فَأَكْرَهَهُ الْحَاكِمُ عَلَى الضَّمَانِ فَضَمِنَ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ إعَادَةَ حَرْفِ النَّفْيِ بِأَنْ يَقُولَ: وَلَا مِنْ مُكْرَهٍ؛ لِأَنَّهُ مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ: وَاخْتِيَارٌ وَإِسْقَاطُهَا رُبَّمَا يُوهِمُ أَنَّهُ مِنْ أَفْرَادِ مُحْتَرَزِ قَوْلِهِ أَهْلِيَّةُ تَبَرُّعٍ، وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِإِكْرَاهِ سَيِّدِهِ) أَيْ: لِأَنَّهُ لَا تَسَلُّطَ لَهُ عَلَى ذِمَّتِهِ بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الِاسْتِخْدَامَاتِ شَرْحُ م ر.
وَعِبَارَةُ ق ل، وَلَوْ بِإِكْرَاهِ سَيِّدِهِ إذْ لَا مِلْكَ لِلسَّادَةِ عَلَى ذِمَمِ الْعَبِيدِ وَفَارَقَ صِحَّةَ بَيْعِ مَالِ الْغَيْرِ بِإِكْرَاهِهِ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ يَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ فَيَعُودَ ضَرَرُهُ عَلَيْهِ
. (قَوْلُهُ: وَصَحَّ ضَمَانُ رَقِيقٍ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ) نَعَمْ إنْ ضَمِنَ سَيِّدُهُ لِغَيْرِهِ لَمْ يَحْتَجْ لِإِذْنِهِ قَالَهُ خ ط وَخَالَفَهُ شَيْخُنَا م ر وز ي وَاعْتُبِرَا إذْنَ السَّيِّدِ لِأَنَّهُ يَتَصَرَّفَ فِي مَالِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ إذْنِهِ وَيَصِحُّ أَنْ يَضْمَنَ السَّيِّدُ عَبْدَهُ لِأَجْنَبِيٍّ مُطْلَقًا وَلَوْ مُكَاتَبًا، وَلَوْ فِي دَيْنِ الْمُعَامَلَةِ وَلَا رُجُوعَ لَهُ كَمَا ذَكَرَهُ ق ل قَالَ الْحَلَبِيُّ: وَلَمْ يُفَرِّعْهُ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ لَا يُقَالُ لَهُ أَهْلُ تَبَرُّعٍ عَلَى الْإِطْلَاقِ، فَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ مَفْهُومِ أَهْلِيَّةِ التَّبَرُّعِ كَأَنَّهُ قَالَ: وَلَكِنْ صَحَّ ضَمَانُ رَقِيقٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ: بِإِذْنِ سَيِّدِهِ) فَإِنَّهُ إثْبَاتُ مَالٍ فِي الذِّمَّةِ بِعَقْدٍ، وَإِنَّمَا صَحَّ خُلْعُ أَمَةٍ بِمَالٍ فِي ذِمَّتِهَا بِلَا إذْنٍ؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَضْطَرُّ إلَيْهِ لِنَحْوِ سُوءِ عِشْرَةٍ وَإِذَا أَدَّى بَعْدَ عِتْقِهِ فَلَهُ الرُّجُوعُ لَا قَبْلَهُ أَيْ: وَلَا بُدَّ مِنْ عِلْمِ السَّيِّدِ بِقَدْرِ الْمَالِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي ضَمَانِهِ ح ل وَيُتَّجَهُ اشْتِرَاطُ عِلْمِهِمَا مَعًا لِلْمَضْمُونِ لَهُ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُطَالَبٌ كَمَا فِي س ل. (قَوْلُهُ: أَيْ: لَا ضَمَانَهُ شَخْصًا لِسَيِّدِهِ) بِأَنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِسَيِّدِهِ نَعَمْ إنْ ضَمِنَ سَيِّدُهُ لِلْغَيْرِ صَحَّ كَمَا شَمَلَهُ كَلَامُهُ أَوَّلًا لِأَنَّهُ يُؤَدِّي مِنْ كَسْبِهِ، وَهُوَ لِسَيِّدِهِ وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى سَيِّدِهِ، وَإِنْ أَدَّاهُ بَعْدَ الْعِتْقِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَدَّى مَا ضَمِنَهُ عَنْ الْأَجْنَبِيِّ بِالْإِذْنِ مِنْهُ وَمِنْ سَيِّدِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ فَإِنَّ حَقَّ الرُّجُوعِ لَهُ لَا لِسَيِّدِهِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ مَنْفَعَةَ الرَّقِيقِ فِي ضَمَانِ سَيِّدِهِ وَقَعَتْ لِلسَّيِّدِ فَكَأَنَّهُ اسْتَوْفَاهَا حَالَ رِقِّهِ بِخِلَافِهَا فِي تِلْكَ فَإِنَّهَا وَقَعَتْ لِلْأَجْنَبِيِّ فَكَانَ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ، وَلَوْ ضَمِنَ السَّيِّدُ دَيْنًا وَجَبَ عَلَى عَبْدِهِ بِمُعَامَلَةٍ صَحَّ وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَيْهِ فِيمَا أَدَّاهُ عَنْهُ، وَلَوْ بَعْدَ عِتْقِهِ اعْتِبَارًا بِحَالَةِ الضَّمَانِ س ل.
(قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ) أَيْ: مِنْ التَّعْلِيل، وَهُوَ قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ مَا يُؤَدَّى مِنْهُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: لِسَيِّدِهِ) أَيْ: حَيْثُ أَذِنَ لَهُ فِي ذَلِكَ ح ل.
(قَوْلُهُ: الْمُبَعَّضُ) ثُمَّ إنْ أَذِنَ السَّيِّدُ فِي نَوْبَتِهِ فَهَلْ يَكُونُ مَا يُؤَدِّيهِ مِنْ الْكَسْبِ الْوَاقِعِ فِي نَوْبَةِ السَّيِّدِ دُونَ الْعَبْدِ أَوْ مِنْ كَسْبِهِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ فِي نَوْبَتِهِ أَوْ نَوْبَةِ السَّيِّدِ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ، وَلَوْ ادَّعَى الْمُبَعَّضُ أَنَّ ضَمَانَهُ بِغَيْرِ الْإِذْنِ كَانَ فِي نَوْبَةِ السَّيِّدِ فَيَنْبَغِي تَصْدِيقُهُ عِنْدَ الِاحْتِمَالِ كَمَا لَوْ ادَّعَى الضَّامِنُ الصِّبَا عِنْدَ الضَّمَانِ وَأَمْكَنَ سم عَلَى حَجّ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: أَوْ كَانَتْ إلَخْ) قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ صِحَّةِ شِرَائِهِ لِنَفْسِهِ حِينَئِذٍ بِأَنَّ الضَّمَانَ فِيهِ الْتِزَامُ مَالٍ فِي الذِّمَّةِ عَلَى وَجْهِ التَّبَرُّعِ، وَهُوَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ حِينَئِذٍ. فَإِنْ قُلْتَ: ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ صِحَّةُ هِبَتِهِ حِينَئِذٍ. قُلْتُ: يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْتِزَامَ الذِّمَّةِ عَلَى وَجْهِ التَّبَرُّعِ يُحْتَاطُ لَهُ؛ لِأَنَّ فِيهِ ضَرَرًا فَاشْتُرِطَ لَهُ عَدَمُ حَجْرٍ بِالْكُلِّيَّةِ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إلَّا وَالنَّوْبَةُ لَهُ لَا غَيْرَ س ل
. (قَوْلُهُ: فَإِنْ عَيَّنَ) أَيْ: وَقَّتَ.
كَكَسْبِهِ وَمَالِ تِجَارَةٍ بِيَدِهِ فَذَاكَ (وَإِلَّا) بِأَنْ اقْتَصَرَ عَلَى الْإِذْنِ لَهُ فِي الضَّمَانِ (فَمِمَّا يَكْسِبُهُ بَعْدَ إذْنٍ) فِي الضَّمَانِ (وَمِمَّا بِيَدِ مَأْذُونٍ) لَهُ فِي تِجَارَةٍ كَمَا فِي الْمَهْرِ، وَإِنْ اُعْتُبِرَ ثَمَّ كَسْبُهُ بَعْدَ النِّكَاحِ لَا بَعْدَ الْإِذْنِ فِيهِ وَالْفَرْقُ أَنَّ مُؤَنَ النِّكَاحِ إنَّمَا يَجِبُ بَعْدَهُ، وَمَا يُضْمَنُ ثَابِتٌ قَبْلَ الضَّمَانِ فَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ دُيُونٌ فَإِنْ حَجَرَ عَلَيْهِ الْقَاضِي لَمْ يُؤَدِّ مِمَّا بِيَدِهِ، وَإِلَّا فَلَا يُؤَدِّي إلَّا مِمَّا فَضَلَ عَنْهَا
(وَ) شَرْطٌ (فِي الْمَضْمُونِ لَهُ) وَهُوَ الدَّائِنُ (مَعْرِفَتُهُ) أَيْ: مَعْرِفَةُ الضَّامِنِ عَيْنَهُ لِتَفَاوُتِ النَّاسِ فِي اسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ تَشْدِيدًا وَتَسْهِيلًا وَأَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ بِأَنَّ مَعْرِفَةَ وَكِيلِهِ كَمَعْرِفَتِهِ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَغَيْرُهُ بِخِلَافِهِ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ (لَا رِضَاهُ) لِأَنَّ الضَّمَانَ مَحْضُ الْتِزَامٍ لَمْ يُوضَعْ عَلَى قَوَاعِدِ الْمُعَاقَدَاتِ
(وَلَا رِضَا الْمَضْمُونِ عَنْهُ) ، وَهُوَ الْمَدِينُ (وَ) لَا (مَعْرِفَتُهُ) لِجَوَازِ التَّبَرُّعِ بِأَدَاءِ دَيْنِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَمَعْرِفَتِهِ فَيَصِحُّ ضَمَانُ مَيِّتٍ لَمْ يَعْرِفْهُ الضَّامِنُ
(وَ) شَرْطٌ (فِي الْمَضْمُونِ فِيهِ) ، وَهُوَ الدَّيْنُ وَلَوْ مَنْفَعَةً (ثُبُوتُهُ) وَلَوْ بِاعْتِرَافِ الضَّامِنِ فَلَا يَصِحُّ الضَّمَانُ قَبْلَ ثُبُوتِهِ كَنَفَقَةِ الْغَدِ؛ لِأَنَّهُ وَثِيقَةٌ لَهُ فَلَا يَسْبِقُهُ كَالشَّهَادَةِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
الْإِذْنَ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ الضَّمَانِ حَجّ ع ش فَإِنْ لَمْ يَفِ مَا عَيَّنَهُ لَهُ بِأَنْ كَانَ غَيْرَ كَسْبِهِ وَمَا بِيَدِهِ اُتُّبِعَ الرَّقِيقُ بِالْبَاقِي بَعْدَ عِتْقِهِ؛ لِأَنَّ التَّعْيِينَ قَصَرَ الطَّمَعَ عَنْ تَعَلُّقِهِ بِكَسْبِهِ وَمَا فِي يَدِهِ مِنْ أَمْوَالِ التِّجَارَةِ. اهـ. ح ل. (قَوْلُهُ: فَمِمَّا يَكْسِبُهُ) ، وَلَوْ نَادِرًا بَعْدَ إذْنٍ فَلَوْ اسْتَخْدَمَهُ السَّيِّدُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أُجْرَتُهُ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَقِيَاسُ مَا فِي النِّكَاحِ مَعَ أَنَّهُ إذَا تَزَوَّجَ بِإِذْنِهِ وَاسْتَخْدَمَهُ مِنْ وُجُوبِ أُجْرَتِهِ عَلَيْهِ أَنَّهُ هُنَا كَذَلِكَ. اهـ. ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: وَمِمَّا بِيَدِ مَأْذُونٍ) رِبْحًا وَرَأْسَ مَالٍ ح ل وع ش، وَلَوْ انْتَفَى الْكَسْبُ وَالتِّجَارَةُ تَعَلَّقَ بِذِمَّتِهِ فَقَطْ فَإِنْ حَدَثَ لَهُ كَسْبٌ مَثَلًا فَيَنْبَغِي التَّعَلُّقُ بِهِ، وَمِثْلُهُ التِّجَارَةُ، وَلَوْ انْتَقَلَ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ لَهُ عَنْ مِلْكِ سَيِّدِهِ بِبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ بَقِيَ التَّعَلُّقُ بِكَسْبِهِ وَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ إنْ جَهِلَ قَالَهُ م ر ق ل.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ اُعْتُبِرَ ثَمَّ كَسْبُهُ) أَيْ: الْحَاصِلُ بِغَيْرِ التِّجَارَةِ وَمَا ذَكَرَهُ خَاصٌّ بِغَيْرِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ، وَأَمَّا الْمَأْذُونُ لَهُ فِيهَا فَيَتَعَلَّقُ مُؤَنُ النِّكَاحِ بِكَسْبِهِ الْحَاصِلِ قَبْلَ النِّكَاحِ أَيْضًا خِلَافًا لِظَاهِرِ كَلَامِ الشَّارِحِ ح ل.
(قَوْلُهُ: بَعْدَ النِّكَاحِ) أَيْ: وَبَعْدَ الْوُجُوبِ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ س ل وَسَيَأْتِي فِي نِكَاحِ الرَّقِيقِ أَنَّ هَذَا الْقَيْدَ إنَّمَا هُوَ فِي غَيْرِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ أَمَّا هُوَ فَيَتَعَلَّقُ بِأَكْسَابِهِ، وَلَوْ قَبْلَ النِّكَاحِ كَمَا يَتَعَلَّقُ بِأَمْوَالِ التِّجَارَةِ، وَلَوْ حَصَلَتْ فِي يَدِهِ قَبْلَ النِّكَاحِ وَانْظُرْ هَلْ هُوَ هُنَا كَذَلِكَ فَيُقَالُ مَحَلُّ هَذَا التَّقْيِيدِ أَيْ: قَوْلُهُ: بَعْدَ الْإِذْنِ فِي غَيْرِ الْمَأْذُونِ لَهُ أَمَّا هُوَ فَيَتَعَلَّقُ بِكَسْبِهِ، وَلَوْ قَبْلَ الْإِذْنِ فِي الضَّمَانِ وَاعْتَمَدَ سم أَنَّهُ هُنَا كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ أَنَّ مُؤَنَ النِّكَاحِ) عَبَّرَ بِهَا مَعَ أَنَّ كَلَامَهُ فِي الْمَهْرِ فَقَطْ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ مِثْلَهُ بَاقِي الْمُؤَنِ مِنْ نَفَقَةٍ وَكِسْوَةٍ وَغَيْرِهِمَا.
(قَوْلُهُ: وَمَا يُضْمَنُ ثَابِتٌ قَبْلَ الضَّمَانِ) قَدْ يُقَالُ: إنَّ ثُبُوتَهُ قَبْلُ إنَّمَا هُوَ عَلَى غَيْرِ الْعَبْدِ، وَإِنَّمَا يَثْبُتُ عَلَى الْعَبْدِ بَعْدَ ضَمَانِهِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ ثُبُوتَهُ قَبْلُ عَلَى غَيْرِهِ صَيَّرَهُ أَقْوَى مِنْ مُؤَنِ النِّكَاحِ لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ ثَابِتَةً قَبْلُ عَلَى أَحَدٍ. اهـ. ح ف.
(قَوْلُهُ: فَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ دُيُونٌ) هَذَا تَقْيِيدٌ لِكَوْنِهِ يُؤَدِّي مِنْ كَسْبِهِ وَمِمَّا فِي يَدِهِ مِنْ مَالِ التِّجَارَةِ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دُيُونٌ ح ل.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ حَجَرَ عَلَيْهِ الْقَاضِي) أَيْ: بَعْدَ الضَّمَانِ ح ل وَقَالَ ع ش: مُطْلَقًا سَوَاءٌ قَبْلَ الضَّمَانِ وَبَعْدَهُ
. (قَوْلُهُ: أَيْ: مَعْرِفَةُ الضَّامِنِ عَيْنِهِ) لَا الِاسْمَ وَالنَّسَبَ س ل وَكَلَامُهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ شَرْطٌ لِلضَّامِنِ لَا لِلْمَضْمُونِ لَهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْمُرَادَ بِالْمَعْرِفَةِ كَوْنُهُ مَعْرُوفًا لِلضَّامِنِ فَكَأَنَّهُ قَالَ وَشَرْطٌ فِي الْمَضْمُونِ لَهُ كَوْنُهُ مَعْرُوفًا لِلضَّامِنِ، وَكَذَا يُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ السَّيِّدِ إنْ كَانَ الضَّامِنُ عَبْدَهُ بِإِذْنِهِ فَإِنَّ الْمَضْمُونَ لَهُ يُطَالِبُ كُلًّا مِنْ الْعَبْدِ وَالسَّيِّدِ الْآذِنِ كَذَا فِي حَجّ أَيْ: لِيُؤَدِّيَ عَنْ عَبْدِهِ كَمَا عُلِمَ مِنْ مُعَامَلَةِ الْعَبِيدِ، وَإِنَّمَا كَفَتْ مَعْرِفَةُ عَيْنِهِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ عِنْوَانُ الْبَاطِنِ ح ل.
(قَوْلُهُ: بِأَنَّ مَعْرِفَةَ وَكِيلِهِ) أَيْ: فِي الْمُعَامَلَاتِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَكِيلًا فِي خُصُوصِ هَذَا، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَعَلَّلُوهُ بِقَوْلِهِمْ؛ لِأَنَّ أَحْكَامَ الْعَقْدِ تَتَعَلَّقُ بِهِ؛ وَلِأَنَّ الشَّخْصَ لَا يُوَكِّلُ غَالِبًا إلَّا مِنْ يُشْبِهُهُ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ الِاكْتِفَاءُ بِهِ، وَلَوْ بَعْدَ عَزْلِهِ، وَلَوْ فِي قَضِيَّةٍ وَاحِدَةٍ، وَلَوْ وَاحِدًا مِنْ وُكَلَاءَ فَانْظُرْهُ ق ل مَعَ زِيَادَةٍ.
(قَوْلُهُ: لَا رِضَاهُ) فَلَا يَرْتَدُّ بِرَدِّهِ، وَهُوَ مَا قَالَهُ حَجّ وَوَافَقَهُ شَيْخُنَا وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا م ر أَنَّهُ يَرْتَدُّ بِرَدِّهِ وَسَيَأْتِي اعْتِمَادُهُ فَرَاجِعْهُ ق ل. (قَوْلُهُ: ضَمَانُ مَيِّتٍ) أَيْ: ضَمَانُ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي ضَمَانِ الدَّيْنِ لَا فِي الْكَفَالَةِ
. (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَنْفَعَةً) كَالْعَمَلِ الْمُلْتَزَمِ فِي الذِّمَّةِ بِالْإِجَارَةِ أَوْ الْمُسَاقَاةِ وَشَمَلَ الدَّيْنُ الزَّكَاةَ فَيَصِحُّ ضَمَانُهَا لِمُسْتَحِقِّينَ انْحَصَرُوا لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ الْإِذْنِ فِي الْأَدَاءِ لِأَجْلِ النِّيَّةِ وَكَالزَّكَاةِ الْكَفَّارَةُ وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا مَا يَقْتَضِي صِحَّةَ ضَمَانِ الزَّكَاةِ عَنْ الْمَيِّتِ وَفِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ ق ل.
(قَوْلُهُ: ثُبُوتُهُ) أَيْ: وُجُودُهُ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِاعْتِرَافِ الضَّامِنِ)، بَلْ الضَّمَانُ مُتَضَمِّنٌ لِاعْتِرَافِهِ بِتَوَفُّرِ شَرَائِطِهِ ح ل فَلَوْ قَالَ شَخْصٌ: لِزَيْدٍ عَلَى عَمْرٍو مِائَةٌ وَأَنَا ضَامِنُهُ فَلِزَيْدٍ مُطَالَبَةُ الْقَائِلِ، وَإِنْ أَنْكَرَ عَمْرُو س ل.
(قَوْلُهُ: كَنَفَقَةِ الْغَدِ) أَيْ: لِلزَّوْجَةِ خَرَجَ بِنَفَقَةِ الْغَدِ نَفَقَةُ الْيَوْمِ وَمَا قَبْلَهُ لِوُجُوبِهَا وَلَا يَصِحُّ ضَمَانُ نَفَقَةِ الْقَرِيبِ مُطْلَقًا؛
وَبِذَلِكَ عُلِمَ شَرْطُ الْمَضْمُونِ عَنْهُ، وَهُوَ كَوْنُهُ مَدِينًا
(وَصَحَّ ضَمَانُ دَرَكٍ) وَيُسَمَّى ضَمَانَ عُهْدَةٍ (بَعْدَ قَبْضِ مَا يَضْمَنُ) كَأَنْ يَضْمَنَ لِمُشْتَرٍ الثَّمَنَ أَوْ لِبَائِعٍ الْمَبِيعَ (إنْ خَرَجَ مُقَابِلُهُ مُسْتَحِقًّا أَوْ مَعِيبًا) وَرَدَ (أَوْ نَاقِصًا لِنَقْصِ صِفَةٍ) شُرِطَتْ (أَوْ صَنْجَةٍ) بِفَتْحِ الصَّادِ وَرَدَ وَذَلِكَ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ وَمَا وَجَّهَ بِهِ الْقَوْلَ بِبُطْلَانِهِ مِنْ أَنَّهُ ضَمَانُ مَا لَمْ يَجِبْ أُجِيبُ عَنْهُ بِأَنَّهُ إنْ خَرَجَ الْمُقَابِلُ كَمَا ذَكَرَ تَبَيَّنَ وُجُوبُ رَدِّ الْمَضْمُونِ وَلَا يَصِحُّ قَبْلَ قَبْضِ الْمَضْمُونِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا
ــ
[حاشية البجيرمي]
لِأَنَّهَا مَجْهُولَةٌ وَلِسُقُوطِهَا بِمُضِيِّ الزَّمَانِ، وَهَذَا مَا رَجَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي ز ي
. (قَوْلُهُ: وَصَحَّ ضَمَانُ دَرْكٍ) ، وَهُوَ التَّبِعَةُ أَيْ الْمُطَالَبَةُ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِالْتِزَامِهِ الْغَرَامَةَ عِنْدَ إدْرَاكِ الْمُسْتَحِقِّ عَيْنَ مَالِهِ وَمُطَالَبَتِهِ بِهِ فَيَقُولُ فِي صِيغَتِهِ ضَمِنْتُ عُهْدَةَ الثَّمَنِ أَوْ دَرَكَهُ أَوْ خَلَاصَكَ مِنْهُ ح ل، وَهَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ وَثُبُوتُهُ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ كَلَامَهُ فِي الدَّيْنِ وَضَمَانُ الدَّرَكِ ضَمَانُ عَيْنٍ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ يَئُولُ إلَى ضَمَانِ الدَّيْنِ بِتَلَفِ الْعَيْنِ الْمَضْمُونَةِ؛ لِأَنَّهُ يُطَالَبُ بِبَدَلِهَا وَقَالَ سم عَلَى أَبِي شُجَاعٍ: أَصْلُ الدَّرَكِ التَّبِعَةُ أَيْ الْمُطَالَبَةُ وَالْمُؤَاخَذَةُ كَمَا قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ: وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمَضْمُونَ هُوَ الثَّمَنُ أَوْ الْمَبِيعُ لَا نَفْسُ التَّبِعَةِ فَالدَّرَكُ هُنَا إمَّا بِمَعْنَى الثَّمَنِ وَالْمَبِيعِ أَوْ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ: ذَا دَرَكٍ، وَهُوَ الْحَقُّ الْوَاجِبُ لِلْمُشْتَرِي وَالْبَائِعِ عِنْدَ إدْرَاكِ الْمَبِيعِ أَوْ الثَّمَنِ مُسْتَحَقًّا، وَهُوَ الثَّمَنُ أَوْ الْمَبِيعُ وَوَجْهُ تَسْمِيَتِهِ بِالدَّرَكِ كَوْنُهُ مَضْمُونًا بِتَقْدِيرِ الدَّرَكِ أَيْ: إدْرَاكِ الْمُسْتَحِقِّ عَيْنَ مَالِهِ وَمُطَالَبَتِهِ وَمُؤَاخَذَتِهِ بِهِ انْتَهَى قَالَ م ر: وَالْمَضْمُونُ هُنَا حَاصِلُهُ إنْ كَانَ الثَّمَنُ مُعَيَّنًا فِي الْعَقْدِ فَالْمَضْمُونُ ضَمَانُ عَيْنٍ لَا تَجِبُ قِيمَتُهُ عِنْدَ التَّلَفِ كَضَمَانِ الْأَعْيَانِ الْمَضْمُونَةِ، وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ فِي الذِّمَّةِ ثُمَّ عَيَّنَ فَالْمَضْمُونُ ضَمَانُ ذِمَّةٍ فَيُطَالَبُ بِعَيْنِهِ إنْ بَقِيَ وَسَهُلَ رَدُّهُ وَقِيمَتُهُ لِلْحَيْلُولَةِ إنْ تَعَذَّرَ رَدُّهُ وَالْبَدَلُ الشَّرْعِيُّ إنْ تَلِفَ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْمَبِيعِ، وَلَوْ أَطْلَقَ ضَمَانَ الدَّرَكِ أَوْ الْعُهْدَةِ اخْتَصَّ بِمَا خَرَجَ مُسْتَحَقًّا إذْ هُوَ الْمُتَبَادَرُ لَا مَا خَرَجَ فَاسِدًا بِغَيْرِ الِاسْتِحْقَاقِ. اهـ. س ل.
(قَوْلُهُ: بَعْدَ قَبْضِ مَا يُضْمَنُ) خَرَجَ مَا لَوْ بَاعَ الْحَاكِمُ مَالٍ غَائِبٍ لِلْمُدَّعِي بِدَيْنِهِ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَضْمَنَ لَهُ دَرَكَهُ لِعَدَمِ الْقَبْضِ فِي الثَّمَنِ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ دَيْنٌ فِي ذِمَّةِ الْغَائِبِ؛ لِأَنَّ ضَمَانَ الدَّرَكِ لَا يَكُونُ فِيمَا فِي الذِّمَّةِ ح ل وَالْمُرَادُ بِالْقَبْضِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ الْقَبْضُ الْحَقِيقِيُّ فَلَا تَكْفِي الْحَوَالَةُ بِهِ كَمَا فِي س ل.
(قَوْلُهُ: كَأَنْ يَضْمَنَ لِمُشْتَرٍ) أَوْ مُسْتَأْجِرٍ. (قَوْلُهُ: الثَّمَنَ) أَيْ: الْمُعَيَّنَ ابْتِدَاءً أَوْ الَّذِي فِي الذِّمَّةِ ثُمَّ عَيَّنَهُ أَيْ: وَقَدْ عَلِمَ قَدْرَهُ ح ل.
(قَوْلُهُ: أَوْ لِبَائِعٍ) أَوْ لِمُؤَجِّرٍ فَيَرُدُّهُ إنْ كَانَ بَاقِيًا وَسَهُلَ رَدُّهُ وَقِيمَتُهُ لِلْحَيْلُولَةِ إنْ عَسُرَ رَدُّهُ هَذَا إنْ كَانَ مُعَيَّنًا ابْتِدَاءً فَإِنْ عَيَّنَ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ رَدَّهُ فَإِنْ تَلِفَ رَدَّ بَدَلَهُ مِنْ مِثْلٍ أَوْ قِيمَةٍ، وَهُوَ فِي الْأَوَّلِ مِنْ ضَمَانِ الْأَعْيَانِ وَفِي الثَّانِي مِنْ ضَمَانِ الْأَمْوَالِ أَيْ الدُّيُونِ ح ل، وَأَوْ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَانِعَةُ خُلُوٍّ. (قَوْلُهُ: إنْ خَرَجَ مُقَابِلُهُ مُسْتَحَقًّا) أَيْ: أَوْ مَأْخُوذًا بِشُفْعَةٍ وَصُورَتُهُ أَنْ يَشْتَرِيَ حِصَّةً مِنْ عَقَارٍ ثُمَّ يَبِيعُهَا لِآخَرَ وَيَقْبِضُ مِنْهُ الثَّمَنَ فَيَضْمَنُ لِلْمُشْتَرِي الثَّانِي رَدَّ الثَّمَنِ إنْ أَخَذَهَا الشَّرِيكُ الْقَدِيمُ بِالشُّفْعَةِ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: أَوْ نَاقِصًا) لَوْ اخْتَلَفَ الْبَائِعُ وَالضَّامِنُ فِي نَقْصِ الصَّنْجَةِ صُدِّقَ الضَّامِنُ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ أَوْ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي صَدَقَ الْبَائِعُ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ ذِمَّةَ الْمُشْتَرِي كَانَتْ مَشْغُولَةً بِخِلَافِ الضَّامِنِ إلَّا إنْ اعْتَرَفَ أَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ وَيَصِحُّ ضَمَانُ الْعُهْدَةِ لِلْمُسْتَأْجِرِ، وَكَذَا عُهْدَةُ الْمُسْلِمِ فِيهِ بَعْدَ أَدَائِهِ لِلْمُسْلِمِ إنْ اسْتَحَقَّ رَأْسَ الْمَالِ الْمُعَيَّنِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَدَمِ صِحَّةِ الْحَوَالَةِ بِهِ أَنَّهُ هُنَاكَ يُطَالَبُ بِبَدَلِهِ، وَهُوَ لَا يَصِحُّ الِاسْتِبْدَالُ عَنْهُ وَهُنَا يُطَالَبُ بِنَفْسِهِ س ل. (قَوْلُهُ: بِفَتْحِ الصَّادِ) وَالسِّينُ أَفْصَحُ مِنْ الصَّادِ كَمَا فِي الْقَامُوسِ حَجّ وَفِي الْمُخْتَارِ صَنْجَةُ الْمِيزَانِ مُعَرَّبَةٌ وَلَا تَقُلْ سَنْجَةٌ انْتَهَى ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: أُجِيبَ عَنْهُ إلَخْ) مُحَصِّلُ هَذَا الْجَوَابِ مَنْعُ الْإِيرَادِ أَيْ، بَلْ هُوَ ضَمَانُ مَا وَجَبَ لَكِنْ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، فَهُوَ جَوَابٌ آخَرُ غَيْرُ الْجَوَابِ بِأَنَّ هَذَا مُسْتَثْنًى فَمُرَادُ الْمَتْنِ بِقَوْلِهِ وَصَحَّ إلَخْ تَحْقِيقُ قَوْلِهِ ثُبُوتُهُ أَيْ: وَلَوْ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَلَيْسَ مُرَادُهُ الِاسْتِثْنَاءَ كَمَا قِيلَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُنَاسِبُ كَلَامَهُ فِي الشَّرْحِ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: تَبَيَّنَ وُجُوبُ رَدِّ الْمَضْمُونِ) أَيْ: فَاكْتَفَى بِذَلِكَ وَحَيْثُ عُلِمَ أَنَّ الضَّمَانَ الْمُعَيَّنَ ابْتِدَاءً مِنْ ضَمَانِ الْأَعْيَانِ وَالْمُعَيَّنَ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ مِنْ ضَمَانِ الدُّيُونِ وَسْطَ ضَمَانِ الدَّرَكِ بَيْنَ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ ح ل، وَهَذَا لَا يَتَأَتَّى فِي غَيْرِ الْمُسْتَحَقِّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ وُجُوبُ الرَّدِّ فِيهِ أَيْ: رَدِّ الْمَضْمُونِ اهـ شَوْبَرِيٌّ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ رَدُّ الْمَضْمُونِ أَوْ الْأَرْشِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَصِحُّ قَبْلَ قَبْضِ الْمَضْمُونِ) أَيْ: وَلَا مَعَهُ. وَاعْلَمْ أَنَّ ضَمَانَهُ لَهُ بِحَسَبِ صِيغَتِهِ صُوَرٌ فَإِنْ قَالَ: ضَمِنْتُهُ إنْ خَرَجَ.
يَضْمَنُ مَا دَخَلَ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي وَمَسْأَلَةُ ضَمَانِ الْمَبِيعِ مَعَ نَقْصِ الصِّفَةِ مِنْ زِيَادَتِي وَقَوْلِي كَأَنْ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ، وَهُوَ أَنَّ لِشُمُولِهِ مَا لَوْ ضَمِنَ بَعْضَ الثَّمَنِ أَوْ الْمَبِيعَ إنْ خَرَجَ بَعْضُ مُقَابِلِهِ مُسْتَحَقًّا أَوْ مَعِيبًا أَوْ نَاقِصًا لِنَقْصِ مَا ذُكِرَ
(وَ) شَرْطٌ فِيهِ أَيْضًا (لُزُومُهُ وَلَوْ مَآلًا كَثَمَنٍ) بَعْدَ لُزُومِهِ أَوْ قَبْلَهُ فَيَصِحُّ ضَمَانُهُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ لِأَنَّهُ آيِلٌ إلَى اللُّزُومِ بِنَفْسِهِ وَشَرْطٌ قَبُولُهُ لَأَنْ يَتَبَرَّعَ بِهِ فَيَخْرُجُ الْقَوَدُ وَحَدُّ الْقَذْفِ وَنَحْوُهَا وَخَرَجَ بِاللَّازِمِ غَيْرُهُ كَدَيْنِ جِعَالَةٍ وَنَجْمِ كِتَابَةٍ فَلَا يَصِحُّ ضَمَانُهُ
(وَعِلْمٌ) لِلضَّامِنِ (بِهِ) جِنْسًا وَقَدْرًا وَصِفَةً وَعَيْنًا فَلَا يَصِحُّ ضَمَانُ مَجْهُولٍ بِشَيْءٍ مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ إثْبَاتُ مَالٍ فِي الذِّمَّةِ بِعَقْدٍ فَأَشْبَهَ الْبَيْعَ وَنَحْوَهُ، سَوَاءٌ الْمُسْتَقِرُّ وَغَيْرُهُ كَدَيْنِ السَّلَمِ وَثَمَنِ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِ الْمَبِيعِ (إلَّا فِي إبِلِ دِيَةٍ) فَيَصِحُّ ضَمَانُهَا مَعَ الْجَهْلِ بِصِفَتِهَا؛ لِأَنَّهَا مَعْلُومَةُ
ــ
[حاشية البجيرمي]
مُقَابِلُهُ مُسْتَحَقًّا لَمْ يَضْمَنْهُ إنْ خَرَجَ مَعِيبًا وَعَكْسُهُ أَوْ ضَمِنْتُ نَقْصَهُ لَمْ يَضْمَنْ عَيْنَهُ وَهَكَذَا فَإِنْ أَطْلَقَ حُمِلَ عَلَى خُرُوجِهِ مُسْتَحَقًّا ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: مَا دَخَلَ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ) أَيْ: فَكَانَ وَاجِبًا حَالَ الضَّمَانِ. (قَوْلُهُ: مَا لَوْ ضَمِنَ بَعْضَ الثَّمَنِ) أَوْ الْأُجْرَةِ إنْ خَرَجَ الْمُؤَجِّرُ مُسْتَحَقًّا. (قَوْلُهُ: أَوْ الْمَبِيعِ) ذَكَرَ فِيمَا سَبَقَ أَنَّ مَسْأَلَةَ الْمَبِيعِ مِنْ زِيَادَتِهِ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى الثَّمَنِ ح ل
. (قَوْلُهُ: وَشَرْطٌ فِيهِ أَيْضًا لُزُومُهُ) قَالَ الْعَلَّامَةُ ح ل: كَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يُؤَخِّرَ ضَمَانَ الدَّرَكِ عَنْ هَذَا الشَّرْطِ وَلَيْسَ هَذَا بِالْقَوِيِّ؛ لِأَنَّ ضَمَانَ الدَّرَكِ مُسْتَثْنًى مِنْ اشْتِرَاطِ الثُّبُوتِ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ اللُّزُومِ وَعَدَمِهِ فَمَا صَنَعَهُ الشَّيْخُ هُوَ الْأَحْسَنُ، وَالْمُرَادُ بِاللُّزُومِ أَمْنُ السُّقُوطِ بِالْفَسْخِ أَوْ الِانْفِسَاخِ.
(قَوْلُهُ: فَيَصِحُّ ضَمَانُهُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ) أَيْ: لِلْمُشْتَرِي وَحْدَهُ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَمْلِكُ الْبَائِعُ الثَّمَنَ فَيَصِحُّ ضَمَانُهُ لَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ لَهُمَا أَوْ لِلْبَائِعِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ ح ل؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَالِكًا لِلثَّمَنِ حَتَّى يَضْمَنَ لَهُ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ آيِلٌ إلَى اللُّزُومِ بِنَفْسِهِ) اُعْتُرِضَ بِخِيَارِ الْمَجْلِسِ بِأَنَّ الثَّمَنَ فِيهِ لَا يَئُولُ إلَى اللُّزُومِ بِنَفْسِهِ، بَلْ إمَّا بِمُفَارَقَةِ أَحَدِهِمَا لِلْآخِرِ أَوْ بِاخْتِيَارِهِ لُزُومَ الْبَيْعِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي وَحْدَهُ وَخِيَارُ الْمَجْلِسِ لَا يَثْبُتُ لَهُ ابْتِدَاءً وَحْدَهُ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَشَرْطٌ قَبُولُهُ إلَخْ) ، وَهَذَا الشَّرْطُ ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ وَأَوْرَدَ عَلَى طَرْدِهِ حَقَّ الْقَسْمِ فَإِنَّ لَهَا أَنْ تَتَبَرَّعَ بِهِ وَلَا يَصِحُّ ضَمَانُهُ لَهَا وَعَلَى عَكْسِهِ أَيْ: مَفْهُومِهِ دَيْنُ اللَّهِ كَزَكَاةٍ وَدَيْنٍ لِمَرِيضٍ مُعْسِرٍ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ فَإِنَّهُ يَصِحُّ ضَمَانُهُ وَلَا يَصِحُّ التَّبَرُّعُ بِهِ أَيْ: تَبَرُّعُ الْمَرِيضِ بِالدَّيْنِ الَّذِي لَهُ؛ وَلِذَلِكَ أَهْمَلَهُ الشَّيْخَانِ ح ل وَيُجَابُ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ عَدَمَ صِحَّةِ ضَمَانِهِ لِكَوْنِهِ غَيْرَ دَيْنٍ، فَهُوَ خَارِجٌ عَنْ الْمَوْضُوعِ فَلَا يَرِدُ وَعَلَى تَسْلِيمِ خُرُوجِهِ فَيُجَابُ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِ الشَّرْطِ وُجُودُ الْمَشْرُوطِ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْ الثَّانِي بِأَنَّ عَدَمَ صِحَّةِ التَّبَرُّعِ بِهِ لِعَارِضٍ وَبِبِنَائِهِ عَلَى الْغَالِبِ وَالْأَوْلَى تَأْخِيرُهُ عَنْ مَفْهُومِ الْمَتْنِ. (قَوْلُهُ: لَأَنْ يَتَبَرَّعَ بِهِ) أَيْ: يُنْقَلُ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ لَهُ بِغَيْرِ عِوَضٍ وَالْقِصَاصُ لَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يُنْقَلُ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ لَهُ، وَأَمَّا إسْقَاطُهُ عَمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ بِالْعَفْوِ فَلَيْسَ تَبَرُّعًا حَتَّى يُشْكِلَ عَلَى مَا قَالَهُ لِمَا عَلِمْتَ مِنْ الْمُرَادِ بِالتَّبَرُّعِ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: فَيَخْرُجُ الْقَوَدُ) فِيهِ أَنَّهُ لَيْسَ دَاخِلًا لِأَنَّهُ لَيْسَ دَيْنًا فَحِينَئِذٍ لَا حَاجَةَ لِهَذَا الشَّرْطِ. (قَوْلُهُ: وَنَحْوُهُمَا) كَحَقِّ الشُّفْعَةِ ح ل. (قَوْلُهُ: كَدَيْنِ جِعَالَةٍ) أَيْ: قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ الْعَمَلِ؛ لِأَنَّهُ، وَإِنْ آلَ إلَى اللُّزُومِ لَكِنْ لَا بِنَفْسِهِ، بَلْ بِالْفَرَاغِ مِنْ الْعَمَلِ وَيَرِدُ عَلَيْهِ خِيَارُ الْمَجْلِسِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي وَحْدَهُ إلَّا بِالْعَمَلِ، وَهُوَ مُفَارَقَةُ الْبَائِعِ الْمَجْلِسَ أَوْ إلْزَامُ الْعَقْدَ ح ل وَفِيهِ نَظَرٌ لِانْقِطَاعِ خِيَارِهِمَا بِالْمُفَارَقَةِ الْمَذْكُورَةِ.
(قَوْلُهُ: وَعَلِمَ لِلضَّامِنِ) أَيْ: وَعَلِمَ سَيِّدُهُ إنْ كَانَ الضَّامِنُ عَبْدًا. (قَوْلُهُ: جِنْسًا وَقَدْرًا وَصِفَةً) وَمِنْ الصِّفَةِ الْحُلُولُ وَالتَّأْجِيلُ وَمِقْدَارُ الْأَجَلِ سم.
(قَوْلُهُ: وَعَيْنًا) فَلَا يَصِحُّ ضَمَانُ أَحَدِ الدَّيْنَيْنِ مُبْهَمًا شَوْبَرِيٌّ قَالَ ح ل قَوْلُهُ: عَيْنًا، وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ مَا لِكُلٍّ كَمَا لَوْ ضَمِنَ شَخْصٌ لِجَمَاعَةٍ دَيْنًا مَعْلُومًا مَعَ جَهْلِهِ بِمَا يَخُصُّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَإِنَّهُ جَائِزٌ كَمَا قَالَهُ م ر. (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ الْمُسْتَقِرُّ) ، وَهُوَ مَا لَيْسَ مُعَرَّضًا لِلِانْفِسَاخِ بِتَلَفِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ الْمُعَرَّضُ لِذَلِكَ ع ش، وَهَذَا تَعْمِيمٌ فِي اللَّازِمِ فَالْأَوْلَى ذِكْرُهُ عَقِبَ اللُّزُومِ الَّذِي فِي الْمَتْنِ. (قَوْلُهُ: كَدَيْنِ السَّلَمِ) مِثَالٌ لِلْمُسْتَقِرِّ وَلَا يُقَالُ لِهَذَا اسْتِبْدَالٌ عَنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ وَفَاءِ دَيْنِ الْغَيْرِ، وَهُوَ جَائِزٌ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَزِيزِيُّ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّهُ مِثَالٌ لِغَيْرِ الْمُسْتَقِرِّ وَكَوْنُهُ غَيْرَ مُسْتَقِرٍّ لِكَوْنِهِ مُعَرَّضًا لِلِانْقِطَاعِ انْتَهَى. (قَوْلُهُ: وَثَمَنِ الْمَبِيعِ) وَالْمَهْرِ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَهَذَا مِثَالٌ لِغَيْرِ الْمُسْتَقِرِّ فَافْهَمْ. (قَوْلُهُ: قَبْلَ قَبْضِ الْمَبِيعِ) إنَّمَا أَظْهَرَ فِي مَحَلِّ الْإِضْمَارِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ عَوْدُ الضَّمِيرِ عَلَى الثَّمَنِ، وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ؛ لِأَنَّهُ إذَا قَبَضَ الْمَبِيعَ فَالثَّمَنُ حِينَئِذٍ مُسْتَقِرٌّ مَعَ أَنَّ مُرَادَهُ التَّمْثِيلُ لِغَيْرِ الْمُسْتَقِرِّ وَأَيْضًا الْفَرْضُ أَنَّ الثَّمَنَ فِي الذِّمَّةِ، فَهُوَ غَيْرُ مَقْبُوضٍ قَطْعًا. (قَوْلُهُ: إلَّا فِي إبِلِ دِيَةٍ) وَمِثْلُهَا الْأَرْشُ وَالْحُكُومَةُ وَإِذَا أَرَادَ الرُّجُوعَ ضَامِنُهَا بِالْإِذْنِ إذَا غَرِمَهَا رَجَعَ بِمِثْلِهَا لَا بِقِيمَتِهَا كَالْفَرْضِ ح ل، وَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ مَفْهُومِ الْعِلْمِ.
(قَوْلُهُ: مَعَ الْجَهْلِ بِصِفَتِهَا) كَنَوْعِهَا وَلَوْنِهَا وَطُولِهَا وَقِصَرِهَا. اهـ. اط ف
السِّنِّ وَالْعَدَدِ؛ وَلِأَنَّهُ قَدْ اُغْتُفِرَ ذَلِكَ فِي إثْبَاتِهَا فِي ذِمَّةِ الْجَانِي فَيُغْتَفَرُ فِي الضَّمَانِ وَيُرْجَعُ فِي صِفَتِهَا إلَى غَالِبِ إبِلِ الْبَلَدِ (كَإِبْرَاءٍ) فِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ الْعِلْمُ بِالْمُبَرَّأِ مِنْهُ فَلَا يَصِحُّ مِنْ مَجْهُولٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ تَمْلِيكُ الْمَدِينِ مَا فِي ذِمَّتِهِ فَيُشْتَرَطُ عَمَلُهُمَا بِهِ إلَّا فِي إبِلِ الدِّيَةِ فَيَصِحُّ الْإِبْرَاءُ مِنْهَا مَعَ الْجَهْلِ بِصِفَتِهَا لِمَا مَرَّ
(وَلَوْ ضَمِنَ) كَأَنْ قَالَ ضَمِنْتُ مِمَّا لَكَ عَلَى زَيْدٍ (مِنْ دِرْهَمٍ إلَى عَشَرَةٍ صَحَّ) لِانْتِفَاءِ الْغَرَرِ بِذِكْرِ الْغَايَةِ (فِي تِسْعَةٍ) إدْخَالًا لِلطَّرَفِ الْأَوَّلِ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ مَبْدَأُ الِالْتِزَامِ (كَإِقْرَارٍ وَنَحْوِهِ) كَإِبْرَاءٍ وَنَذْرٍ فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَصِحُّ فِي مِثْلِ ذَلِكَ فِي تِسْعَةٍ وَقَوْلِي وَنَحْوِهِ مِنْ زِيَادَتِي وَمَسْأَلَةُ الْإِقْرَارِ ذَكَرَهَا الْأَصْلُ فِي بَابِهِ
(وَتَصِحُّ كَفَالَةُ عَيْنٍ مَضْمُونَةٍ) بِغَصْبٍ أَوْ غَيْرِهِ أَيْ: كَفَالَةٍ رَدَّهَا إلَى مَالِكِهَا وَهَذِهِ مِنْ زِيَادَتِي (وَبَدَنِ غَائِبٍ) وَلَوْ بِمَسَافَةِ قَصْرٍ (وَ) بَدَنِ (مَنْ يُسْتَحَقُّ حُضُورُهُ فِي مَجْلِسِ حُكْمٍ)
ــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ: كَإِبْرَاءٍ) هَذَا إذَا كَانَ الْإِبْرَاءُ غَيْرَ مُعَلَّقٍ بِالْمَوْتِ أَمَّا الْمُعَلَّقُ بِالْمَوْتِ كَإِذَا مِتَّ فَأَنْتَ بَرِيءٌ فَوَصِيَّةٌ، وَلَوْ أَبْرَأَهُ مِنْ مُعَيَّنٍ مُعْتَقِدًا عَدَمَ اسْتِحْقَاقِهِ لَهُ فَتَبَيَّنَ خِلَافُ ذَلِكَ بَرِئَ ح ل وم ر، وَهَذَا التَّشْبِيهُ رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ إلَّا وَلِمَا بَعْدَهَا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ بَعْدُ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: يُشْتَرَطُ فِيهِ الْعِلْمُ بِالْمُبْرَأِ مِنْهُ) فَلَا بُدَّ مِنْ عِلْمِ الْمُبْرِئِ مُطْلَقًا، وَأَمَّا الْمَدِينُ فَإِنْ كَانَ الْإِبْرَاءُ فِي مُعَاوَضَةٍ كَالْخُلْعِ بِأَنْ أَبْرَأْتَهُ مِمَّا عَلَيْهِ فِي مُقَابَلَةِ الطَّلَاقِ فَلَا بُدَّ مِنْ عِلْمِهِ أَيْضًا لِتَصِحَّ الْبَرَاءَةُ، وَإِلَّا فَلَا يُشْتَرَطُ، وَلَوْ أَبْرَأَ ثُمَّ ادَّعَى الْجَهْلَ قُبِلَ بَاطِنًا لَا ظَاهِرًا وَطَرِيقُ الْإِبْرَاءِ مِنْ الْمَجْهُولِ أَنْ يُبْرِئَهُ مِمَّا يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ عَنْ الدَّيْنِ كَأَلْفٍ شَكَّ هَلْ دَيْنُهُ يَبْلُغُهَا أَوْ يَنْقُصُ عَنْهَا شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: بِالْمُبْرَأِ مِنْهُ) أَيْ: إذَا كَانَ دَيْنًا أَمَّا الْإِبْرَاءُ مِنْ الْعَيْنِ فَبَاطِلٌ جَزْمًا م ر. (قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ مِنْ مَجْهُولٍ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلدُّنْيَا أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْآخِرَةِ فَيَصِحُّ حَجّ ع ش وَقَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ مِنْ مَجْهُولٍ أَيْ: لَا يُمْكِنُ مَعْرِفَتُهُ بِخِلَافِ مَا يُمْكِنُ مَعْرِفَتُهُ كَإِبْرَائِهِ مِنْ حِصَّتِهِ مِنْ تَرِكَةِ مُوَرِّثِهِ؛ لِأَنَّهُ، وَإِنْ جَهِلَ قَدْرَ حِصَّتِهِ لَكِنْ يَعْلَمُ قَدْرَ التَّرِكَةِ شَرْحُ م ر فَيُشْتَرَطُ عِلْمُهُ بِالتَّرِكَةِ. اهـ. ح ف.
(قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ تَمْلِيكُ الْمَدِينِ إلَخْ) أَيْ: فَاشْتُرِطَ عِلْمُهُ بِهِ، وَلَوْ بَنَيْنَا عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ، وَهُوَ أَنَّهُ إسْقَاطٌ لَمْ يُشْتَرَطْ عِلْمُهُ بِالْمُبْرَإِ مِنْهُ، وَإِنَّمَا لَمْ يُشْتَرَطْ قَبُولُ الْمَدِينِ نَظَرًا لِشَائِبَةِ الْإِسْقَاطِ. (قَوْلُهُ: فَيُشْتَرَطُ عَمَلُهُمَا بِهِ) إنْ وَقَعَ فِي ضِمْنِ مُعَاوَضَةٍ كَالْخُلْعِ فَإِنْ وَقَعَ فِي غَيْرِهِ اُشْتُرِطَ عِلْمُ الْمُبْرِئِ بِالْكَسْرِ فَقَطْ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا، وَهَذَا تَفْصِيلٌ لِقَوْلِهِ أَوَّلًا فَيُشْتَرَطُ الْعِلْمُ إلَخْ، وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى هَذَا لَأَغْنَى عَنْ ذَاكَ قَالَ بَعْضُهُمْ: وَأَتَى بِهِ مَعَ عِلْمِهِ مِنْ ذَاكَ تَوْطِئَةً لِمَا بَعْدَهُ
. (قَوْلُهُ: إدْخَالًا لِلطَّرَفِ الْأَوَّلِ) أَيْ: بِخِلَافِ الطَّرَفِ الثَّانِي فَإِنْ قَالَ: مِنْ وَاحِدٍ إلَى مِائَةٍ أَوْ إلَى أَلْفٍ فَالْخَارِجُ وَاحِدٌ، وَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ مَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُمْ الْغَايَةُ إذَا كَانَتْ مِنْ جِنْسِ الْمُغَيَّا دَخَلَتْ مَحْمُولٌ عَلَى الْأُمُورِ الِاعْتِبَارِيَّةِ، وَمَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ الْأُمُورِ الِالْتِزَامِيَّةِ وَلَا يُعَارِضُهُ مَا يَأْتِي فِي الطَّلَاقِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْت طَالِقٌ مِنْ وَاحِدَةٍ إلَى ثَلَاثٍ طَلُقَتْ ثَلَاثًا؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ مَحْصُورٌ فِي الْعَدَدِ الْمَذْكُورِ فَالظَّاهِرُ اسْتِيفَاؤُهُ بِخِلَافِ الدَّيْنِ ح ل وَقِ ل ثُمَّ قَالَ ق ل بَعْدَ ذَلِكَ: وَلَوْ قَالَ: بِعْتُك الْأَشْجَارَ مِنْ هَذِهِ إلَى هَذِهِ دَخَلَتْ الْغَايَةُ أَوْ بِعْتُكَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إلَى هَذِهِ الشَّجَرَةِ لَمْ تَدْخُلْ الْغَايَةُ؛ لِأَنَّ الْأُولَى صِيغَةُ عُمُومٍ بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مَبْدَأُ الِالْتِزَامِ) أَيْ: فَهُوَ كَالْأَصْلِ الْمَبْنِيِّ عَلَيْهِ وَإِخْرَاجُ الْغَايَةِ عَنْ الْأَصْلِ؛ لِأَنَّهُ الطَّرَفُ الْمُسْتَغْنَى عَنْهُ وَرِعَايَةُ الْيَقِينِ أَوْ الظَّنِّ الْقَوِيِّ تُقَوِّي إخْرَاجَهَا اهـ إيعَابٌ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: فِي تِسْعَةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِيَصِحُّ
وَقَوْلُهُ: فِي مِثْلِ ذَلِكَ مُتَعَلِّقٌ بِحَالٍ مَحْذُوفَةٍ أَيْ حَالَ كَوْنِ الْإِبْرَاءِ وَالنَّذْرِ كَائِنَيْنِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ ح ف وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ مُتَعَلِّقًا بِيَصِحُّ فِي حَالِ إطْلَاقِهِ وَفِي تِسْعَةٍ مُتَعَلِّقًا بِهِ بَعْدَ تَقْيِيدِهِ بِالْأَوَّلِ فَاخْتَلَفَ الْعَامِلُ بِالْإِطْلَاقِ وَالتَّقْيِيدِ فَيَصِحُّ تَعَلُّقُ حَرْفَيْ الْجَرِّ بِهِ فَتَأَمَّلْ
. (قَوْلُهُ: بِغَصْبٍ أَوْ غَيْرِهِ) دَخَلَ فِيهِ مَا هُوَ مَضْمُونٌ ضَمَانَ يَدٍ كَالْمُعَارِ وَالْمُسْتَامِ وَمَا هُوَ مَضْمُونٌ ضَمَانَ عَقْدٍ أَوْ غَيْرِهِ دَخَلَ فِيهِ كَالْمَبِيعِ فِي يَدِ الْبَائِعِ وَالثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي لَهُ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: أَيْ: كَفَالَةِ رَدِّهَا إلَى مَالِكِهَا) إنْ كَانَ لَهُ قُدْرَةٌ عَلَى انْتِزَاعِهَا أَوْ أَذِنَ مَنْ هِيَ تَحْتَ يَدِهِ فَإِنْ تَعَذَّرَ رَدُّهَا لِنَحْوِ تَلَفٍ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ ح ل.
(قَوْلُهُ: وَبَدَنِ غَائِبٍ) أَفْرَدَهُ بِالذِّكْرِ لِيُنَبِّهَ عَلَى الْخِلَافِ فِيهِ؛ وَلِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْهُ بَيَانُ الْمَسَافَةِ الَّتِي يُعْتَبَرُ الْإِحْضَارُ مِنْهَا وَالْغَرَضُ مِنْ ذِكْرِ مَنْ يُسْتَحَقُّ حُضُورُهُ بَيَانُ صِفَةِ الْمَكْفُولِ وَبِمُلَاحَظَةِ هَذَا لَا يُغْنِي أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ. اهـ. ع ش فَيَكُونُ عَطْفُهُ عَلَى مَا قَبْلَهُ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ.
وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ الْمُرَادُ بِالْغَائِبِ مَنْ لَا يُسْتَحَقُّ حُضُورُهُ بِأَنْ طَالَتْ الْمَسَافَةُ بِأَنْ كَانَتْ فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى أَوْ كَانَ ثَمَّ أَيْ فِي مَحَلِّ غَيْبَتِهِ حَاكِمٌ أَوْ الْمُرَادُ بِهِ الْغَائِبُ مُطْلَقًا وَكَانَ يُسْتَحَقُّ حُضُورُهُ وَعَلَى هَذَا فَالْمُرَادُ بِمَنْ يُسْتَحَقُّ حُضُورُهُ الْمُقِيمُ فَقَطْ اهـ بِأَنْ كَانَ فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى فَيَكُونُ فِي كُلٍّ مِنْهُ وَمَا بَعْدَهُ عُمُومٌ. (قَوْلُهُ: وَبَدَنِ مَنْ يُسْتَحَقُّ حُضُورُهُ فِي مَجْلِسِ حُكْمٍ)
عِنْدَ الِاسْتِعْدَاءِ (لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى) مَالِيٍّ (أَوْ) لِحَقِّ (آدَمِيٍّ) وَلَوْ عُقُوبَةً لِلْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ بِخِلَافِ عُقُوبَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَذِكْرُ الضَّابِطِ مِنْ زِيَادَتِي، وَإِنَّمَا تَصِحُّ كَفَالَةُ بَدَنِ مَنْ ذُكِرَ (بِإِذْنِهِ) وَلَوْ بِنَائِبِهِ، وَإِلَّا لَفَاتَ مَقْصُودُهَا مِنْ إحْضَارِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْحُضُورُ مَعَ الْكَفِيلِ حِينَئِذٍ
(وَلَوْ) كَانَ مَنْ ذُكِرَ (صَبِيًّا وَمَجْنُونًا) بِإِذْنِ وَلِيِّهِمَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُسْتَحَقُّ إحْضَارُهُمَا لِإِقَامَةِ الشَّهَادَةِ عَلَى صُورَتِهِمَا فِي الْإِتْلَافِ وَغَيْرِهِ وَيُطَالِبُ الْكَفِيلُ وَلِيَّهُمَا بِإِحْضَارِهِمَا عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهِ (وَمَحْبُوسًا) ، وَإِنْ تَعَذَّرَ تَحْصِيلُ الْغَرَضِ فِي الْحَالِ كَمَا يَجُوزُ لِلْمُعْسِرِ ضَمَانُ الْمَالِ (وَمَيِّتًا) قَبْلَ دَفْنِهِ (لِيَشْهَدَ عَلَى صُورَتِهِ) إذَا تَحَمَّلَ الشَّاهِدُ عَلَيْهِ كَذَلِكَ وَلَمْ يَعْرِفْ اسْمَهُ وَنَسَبَهُ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ وَيَظْهَرُ اشْتِرَاطُ إذْنِ الْوَارِثِ إذَا اشْتَرَطْنَا إذْنَ الْمَكْفُولِ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ فِيمَنْ يُعْتَبَرُ إذْنُهُ، وَإِلَّا فَالْمُعْتَبَرُ إذْنُ وَلِيِّهِ
(فَإِنْ كَفَلَ) بِفَتْحِ الْفَاءِ أَفْصَحُ مِنْ كَسْرِهَا
ــ
[حاشية البجيرمي]
أَيْ: فِي مَحَلِّ الْكَفَالَةِ أَشَارَ لِقَاعِدَةٍ، وَهِيَ كُلُّ حَقٍّ لَوْ اُدُّعِيَ بِهِ عَلَى شَخْصٍ عِنْدَ حَاكِمٍ لَزِمَهُ الْحُضُورُ فَتَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِبَدَنِ مَنْ عَلَيْهِ ذَلِكَ الْحَقُّ وَدَخَلَ فِيهِ كَفَالَةُ الْكَفِيلِ فَتَصِحُّ، وَتَصِحُّ بِبَدَنِ مَنْ عِنْدَهُ مَالٌ لِغَيْرِهِ، وَلَوْ وَدِيعَةً امْتَنَعَ مِنْ أَدَائِهَا وَفِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ مَنْ عِنْدَهُ اخْتِصَاصَاتٌ نَجِسَةٌ يَصِحُّ التَّكْفِيلُ بِبَدَنِهِ كَمَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُمْ اُسْتُحِقَّ حُضُورُهُ وَرُبَّمَا يَقْتَضِي صَنِيعُهُ أَنَّ الْغَائِبَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يُسْتَحَقُّ حُضُورُهُ مِنْ الْمَحَلِّ الَّذِي هُوَ فِيهِ أَيْ: الْمُعَيَّنِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يُسْتَحَقَّ حُضُورُهُ لَوْ اسْتَعْدَى عَلَيْهِ مِنْ مَحَلِّهِ الَّذِي هُوَ بِهِ كَذَا قِيلَ لَكِنَّ هَذَا الْمُقْتَضَى هُوَ الْمُعْتَمَدُ فَتَصِحُّ كَفَالَةُ الْغَائِبِ، وَلَوْ لَمْ يَلْزَمْهُ الْحُضُورُ لَوْ اسْتَعْدَى عَلَيْهِ بِأَنْ كَانَ فَوْقَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ ح ل فَيَكُونُ فِي كُلٍّ مِنْهُ وَمَا بَعْدَهُ عُمُومٌ.
(قَوْلُهُ: عِنْدَ الِاسْتِعْدَاءِ) أَيْ: الطَّلَبِ مُطْلَقًا لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ مِنْ مَسَافَةِ الْعَدْوَى انْتَهَى ع ش وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ عَدَمُ اشْتِرَاطِ رِضَا الْمَكْفُولِ لَهُ بِالْكَفِيلِ كَمَا فِي ضَمَانِ الْمَالِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: أَوْ لِحَقِّ آدَمِيٍّ) كَأَجِيرٍ وَقِنٍّ آبِقٍ فَيَكْفُلُهُ لِمَوْلَاهُ وَامْرَأَةٍ لِمَنْ يَدَّعِي نِكَاحَهَا لِيُثْبِتَهُ أَوْ لِمَنْ ثَبَتَ نِكَاحُهَا لِيُسَلِّمَهَا لَهُ شَرْحُ م ر. (وَقَوْلُهُ: وَلَوْ عُقُوبَةً) كَقِصَاصٍ وَحَدِّ قَذْفٍ وَتَعْزِيرٍ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ لَازِمٌ
وَقَوْلُهُ: بِخِلَافِ عُقُوبَةِ اللَّهِ كَحَدِّ خَمْرٍ وَزِنًا وَسَرِقَةٍ وَتَعَازِيرِهِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِهِ لِأَنَّا مَأْمُورُونَ بِسَتْرِهَا وَالسَّعْيِ فِي إسْقَاطِهَا مَا أَمْكَنَ، وَإِنْ تَحَتَّمَ اسْتِيفَاؤُهَا كَمَا اعْتَمَدَهُ وَالِدُ شَيْخِنَا خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ. اهـ. ح ل.
(قَوْلُهُ: وَذِكْرُ الضَّابِطِ) هُوَ قَوْلُهُ: وَبَدَنِ غَائِبٍ وَمَنْ يُسْتَحَقُّ حُضُورُهُ إلَخْ وَقَوْله، وَإِنَّمَا تَصِحّ كَفَالَةُ بَدَنِ مَنْ ذُكِرَ أَيْ: الْغَائِبُ وَمَنْ يُسْتَحَقُّ حُضُورُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ إذْنِ كُلٍّ مِنْهُمَا، وَصُورَتُهُ فِي الْغَائِبِ أَنْ يَأْذَنَ قَبْلَ غَيْبَتِهِ أَوْ يُوَكِّلَ مَنْ يَأْذَنُ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: بِإِذْنِهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهَا بِدُونِ الْإِذْنِ بَاطِلَةٌ، وَلَوْ قَدَرَ الْكَفِيلُ عَلَى إحْضَارِ الْمَكْفُولِ قَهْرًا عَلَيْهِ وَقِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ صِحَّةِ كَفَالَةِ الْعَيْنِ إذَا كَانَ قَادِرًا عَلَى انْتِزَاعِهَا الصِّحَّةُ هُنَا أَيْضًا إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الْعَيْنَ وُجُوبُ إحْضَارِهَا مِمَّنْ قَدَرَ عَلَيْهَا لَا يَتَوَقَّفُ إلَّا عَلَى مُجَرَّدِ رِضَا مَالِكِهَا بِإِحْضَارِهَا وَالْبَدَنُ يَتَوَقَّفُ عَلَى وُجُوبِ حُضُورِ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلَا يَجِبُ ذَلِكَ عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ طَلَبِ الْقَاضِي مِنْ مَسَافَةِ الْعَدْوَى فَمَا دُونَهَا عَلَى أَنَّهُ قَدْ لَا يَجِبُ الْحُضُورُ مَعَ ذَلِكَ كَمَا لَوْ قَامَ بِهِ مَانِعٌ كَمَرَضٍ وَاحْتِيجَ إلَى إذْنِهِ لِيَجِبَ عَلَيْهِ مُوَافَقَةُ الطَّالِبِ إذَا أَرَادَ إحْضَارَهُ، وَلَوْ مِنْ مَوْضِعٍ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْحُضُورُ مِنْهُ لِكَوْنِهِ فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى ع ش.
(قَوْلُهُ: وَلِيَّهُمَا) أَيْ: مَا لَمْ يَنْعَزِلْ أَوْ يُكْمِلُ الْمَوْلَى سم أَيْ: فَإِنْ انْعَزَلَ قَامَ الثَّانِي مَقَامَ الْأَوَّلِ ع ش. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ قَدْ يُسْتَحَقُّ إحْضَارُهُمَا) هَذَا رُبَّمَا يَقْتَضِي الِاكْتِفَاءَ بِإِمْكَانِ اسْتِحْقَاقِ الْحُضُورِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ لِإِقَامَةِ الشَّهَادَةِ عَلَى صُورَتِهِمَا مِمَّنْ لَمْ يُعْرَفْ اسْمُهُمَا وَنَسَبُهُمَا ح ل.
(قَوْلُهُ: قَبْلَ دَفْنِهِ) أَيْ: وَضْعِهِ فِي الْقَبْرِ، وَإِنْ لَمْ يُهَلْ عَلَيْهِ التُّرَابُ لَا بَعْدَهُ، وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ وَمَحَلُّهُ قَبْلَ الدَّفْنِ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ فِي مُدَّةِ الْإِحْضَارِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ أَذِنَ قَبْلَ مَوْتِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ خَاصٌّ فَنَاظِرُ بَيْتِ الْمَالِ، وَلَوْ كَانَ الْوَارِثُ غَيْرَ حَائِزٍ فَلَا بُدَّ مِنْ إذْنِ النَّاظِرِ أَيْ: نَاظِرِ بَيْتِ الْمَالِ أَيْضًا وَلَوْ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ عِنْدَ مَوْتِهِ اُعْتُبِرَ إذْنُ الْوَلِيِّ إنْ كَانَ مِنْ وَرَثَتِهِ، وَإِلَّا فَوَرَثَتُهُ وَمَنْ لَا وَارِثَ لَهُ أَصْلًا كَذِمِّيٍّ مَاتَ وَلَمْ يَأْذَنْ فِي حَيَاتِهِ فَالْأَوْجَهُ عَدَمُ صِحَّةِ كَفَالَتِهِ؛ لِأَنَّ مَتْرُوكَهُ فَيْءٌ ح ل. (قَوْلُهُ: لِيَشْهَدَ عَلَى صُورَتِهِ) كَأَنْ كَانَ عَلَى شَخْصٍ دَيْنٌ وَهُنَاكَ شُهُودٌ تَشْهَدُ عَلَى صُورَتِهِ وَلَمْ تَعْرِفْ اسْمَهُ وَنَسَبَهُ ثُمَّ مَاتَ فَأَرَادَ صَاحِبُ الدَّيْنِ أَنْ يُحْضِرَهُ لِلْقَاضِي لِيَشْهَدَ الشُّهُودُ عَلَى صُورَتِهِ خَوْفًا مِنْ ضَيَاعِ حَقِّهِ فَيَكْفُلُهُ شَخْصٌ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا وَيُشْهَدُ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ ثَالِثِهِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر.
(قَوْلُهُ: إذْنِ الْوَارِثِ) أَيْ: كُلِّ وَارِثٍ إنْ لَمْ يَأْذَنْ الْمَيِّتُ فِي حَيَاتِهِ، وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ وَلِيٌّ لِلْمَيِّتِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَإِلَّا اُعْتُبِرَ إذْنُهُ فَقَطْ إنْ كَانَ وَارِثًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَلِيٌّ فَلَا بُدَّ مِنْ إذْنِ الْجَمِيعِ وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْوَلِيُّ غَيْرَ وَارِثٍ فَلَا عِبْرَةَ بِإِذْنِهِ ح ل
(قَوْلُهُ: فَإِنْ كَفَلَ بِفَتْحِ الْفَاءِ أَفْصَحُ) وَعَدَّاهُ بِنَفْسِهِ لِأَنَّهُ بِمَعْنَى ضَمِنَ وَعَدَمُ
(بَدَنَ مَنْ عَلَيْهِ مَالٌ شَرْطٌ لُزُومُهُ لَا عِلْمٌ بِهِ) لِعَدَمِ لُزُومِهِ لِلْكَفِيلِ وَكَالْبَدَنِ الْجُزْءُ الشَّائِعُ كَثُلُثِهِ وَالْجُزْءُ الَّذِي لَا يَعِيشُ بِدُونِهِ كَرَأْسِهِ (ثُمَّ إنْ عَيَّنَ مَحَلَّ التَّسْلِيمِ) فِي الْكَفَالَةِ (فَذَاكَ، وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْهُ (فَمَحَلُّهَا) يَتَعَيَّنُ كَمَا فِي السَّلَمِ فِيهِمَا
(دَرْس)(وَيَبْرَأُ الْكَفِيلُ بِتَسْلِيمِهِ) أَيْ الْمَكْفُولِ (فِيهِ) أَيْ فِي مَحِلِّ التَّسْلِيمِ الْمَذْكُورِ وَإِنْ لَمْ يُطَالَبْ بِهِ لِقِيَامِهِ بِمَا لَزِمَهُ (بِلَا حَائِلٍ) كَمُتَغَلِّبٍ يَمْنَعُ الْمَكْفُولَ لَهُ مِنْهُ فَمَعَ وُجُودِ الْحَائِلِ لَا يَبْرَأُ الْكَفِيلُ فَإِنْ أَتَى بِهِ فِي غَيْرِ مَحِلِّ التَّسْلِيمِ لَمْ يَلْزَمْ الْمُسْتَحِقَّ الْقَبُولُ إنْ كَانَ لَهُ غَرَضٌ فِي الِامْتِنَاعِ وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ الشَّيْخَانِ لُزُومُ الْقَبُولِ فَإِنْ امْتَنَعَ رَفْعُهُ إلَى حَاكِمٍ يَقْبِضُ عَنْهُ فَإِنْ فُقِدَ أَشْهَدَ شَاهِدَيْنِ أَنَّهُ سَلَّمَهُ (كَتَسْلِيمِهِ نَفْسَهُ عَنْ) جِهَةِ (كَفِيلٍ) فَإِنَّ الْكَفِيلَ يَبْرَأُ بِهِ حَيْثُ لَا حَائِلَ كَمَا يَبْرَأُ الضَّامِنُ بِأَدَاءِ الْأَصِيلِ فَلَا يَكْفِي مُجَرَّدُ حُضُورِهِ وَلَا تَسْلِيمُهُ نَفْسَهُ مَعَ وُجُودِ حَائِلٍ وَالتَّقْيِيدُ فِي هَذِهِ بِعَدَمِ الْحَائِلِ مِنْ زِيَادَتِي
ــ
[حاشية البجيرمي]
اسْتِعْمَالِ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ لَهُ بِغَيْرِ الْبَاءِ لِلْأَفْصَحِ. (قَوْلُهُ: شَرْطُ لُزُومِهِ) فَلَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِبَدَنِ مُكَاتَبٍ بِالنُّجُومِ، وَهُوَ وَارِدٌ عَلَى الضَّابِطِ؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ قَدْ يَسْتَحِقُّ إحْضَارَهُ لِنَحْوِ امْتِنَاعِهِ مِنْ الْأَدَاءِ أَوْ اخْتِلَافِهِمَا فِي قَدْرِ النُّجُومِ مَعَ عَدَمِ صِحَّتِهَا أَيْ: الْكَفَالَةِ. اهـ. ح ل. (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ لُزُومِهِ لِلْكَفِيلِ) هُوَ وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْهُ لَكِنَّهُ قَدْ يَحْتَاجُ إلَى تَوْفِيَتِهِ كَمَا لَوْ غَابَ الْمَكْفُولُ وَلَمْ يُحْضِرْهُ الْكَفِيلُ فَإِنَّهُ يُحْبَسُ إلَى أَنْ يَتَعَذَّرَ إحْضَارُهُ أَوْ يُوَفِّيَ الْمَالَ فَهَلَّا قِيلَ بِاشْتِرَاطِ عِلْمِهِ مَخَافَةَ أَنْ يَحْتَاجَ إلَى التَّوْفِيَةِ فَيَشُقُّ عَلَيْهِ مَا يَدْفَعُهُ مِنْ الْمَالِ لِكَثْرَتِهِ ع ش.
(قَوْلُهُ: وَالْجُزْءِ الَّذِي لَا يَعِيشُ بِدُونِهِ) أَيْ: فِيمَا إذَا كَانَ حَيًّا فَإِنْ كَانَ مَيِّتًا فِي صُورَةِ الرَّأْسِ لَمْ يُكْتَفَ بِذَلِكَ لِسُهُولَةِ إحْضَارِهَا كَيَدِ الْحَيِّ ح ل.
(قَوْلُهُ: فَذَاكَ) أَيْ: وَاضِحٌ تَعْيِينُهُ وَظَاهِرُهُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ صَالِحٍ وَلَهُ مُؤْنَةٌ فِي الْوُصُولِ إلَيْهِ، وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ مَحَلَّ الْكَفَالَةِ لَوْ كَانَ غَيْرَ صَالِحٍ لَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُهُ بِخِلَافِ السَّلَمِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَلَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ نَحْوِ الْمَكْفُولِ فَلَا يَصِحُّ كَفَلْتُ بَدَنَ أَحَدِ هَذَيْنِ ح ل،.
وَعِبَارَةُ ق ل عَلَى خ ط وَالتَّعْيِينُ وَاجِبٌ إنْ كَانَ مَحَلُّهَا غَيْرَ صَالِحٍ لِلتَّسْلِيمِ وَإِلَّا فَجَائِزٌ انْتَهَى وَنَصُّهُ فِي حَاشِيَةِ الْجَلَالِ يَتَعَيَّنُ إنْ صَلَحَ وَإِلَّا بَطَلَتْ الْكَفَالَةُ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَمَحَلُّهَا يَتَعَيَّنُ) أَيْ: إنْ صَلَحَ وَلَمْ تَكُنْ مُؤْنَةً، وَإِلَّا فَعَلَى مَا مَرَّ فِي مَكَانِ الْمُسْلَمِ فِيهِ فِي التَّفْصِيلِ وَنَظَرَ بَعْضُهُمْ فِي اعْتِبَارِ الْمُؤْنَةِ هُنَا؛ لِأَنَّ مُؤْنَةَ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي مَالِ نَفْسِهِ فَتَأَمَّلْهُ ق ل.
(قَوْلُهُ: كَمَا فِي السَّلَمِ) يُؤْخَذُ مِنْ التَّشْبِيهِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَحَلُّ صَالِحًا أَوْ كَانَ لَهُ مُؤْنَةٌ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِهِ، وَلَوْ خَرَجَ عَنْ الصَّلَاحِيَّةِ بَعْدَهَا تَعَيَّنَ أَقْرَبُ مَحَلٍّ إلَيْهِ وَبِهِ صَرَّحَ م ر. اهـ. اط ف.
(قَوْلُهُ: وَيَبْرَأُ الْكَفِيلُ بِتَسْلِيمِهِ) ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ عَنْ الْكَفَالَةِ كَمَا اقْتَضَاهُ صَنِيعُهُ حَيْثُ أَطْلَقَ فِي هَذِهِ وَفَصَّلَ فِي الَّتِي بَعْدَهَا ح ل وَيَبْرَأُ أَيْضًا بِإِبْرَاءِ الْمَكْفُولِ لَهُ، وَلَوْ قَالَ: لَا حَقَّ لِي جِهَةَ الْمَكْفُولِ أَوْ عَلَيْهِ فَوَجْهَانِ أَحَدُهُمَا: وَهُوَ الْأَوْجَهُ يَبْرَأُ الْأَصِيلُ وَالْكَفِيلُ لِتَضَمُّنِ مَا قَالَهُ سُقُوطَ الْحَقِّ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ فَتَعُمُّ وَالثَّانِي يُرَاجَعُ فَإِنْ فَسَّرَ بِنَفْيِ الدَّيْنِ فَذَاكَ أَوْ بِنَفْيِ وَدِيعَةٍ أَوْ شَرِكَةٍ أَوْ نَحْوِهِمَا قَبْلَ قَوْلِهِ فَإِنْ كَذَّبْنَاهُ حَلَفَ س ل.
(قَوْلُهُ: بِتَسْلِيمِهِ) أَيْ: إلَى الْمَكْفُولِ لَهُ أَوْ لِوَارِثِهِ فَلَوْ كَانَ لَهُ وَرَثَةٌ وَغُرَمَاءُ وَمُوصًى لَهُ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّسْلِيمِ إلَى الْجَمِيعِ وَيَكْفِي التَّسْلِيمُ إلَى الْمُوصَى لَهُ الْمَحْصُورِ عَنْ التَّسْلِيمِ إلَى الْمُوصِي س ل وَيَكْفِي تَسْلِيمُهُ، وَلَوْ مَحْبُوسًا إنْ كَانَ بِحَقٍّ، وَإِلَّا فَلَا، وَلَوْ كَفَلَ بِهِ اثْنَانِ فَسَلَّمَهُ أَحَدُهُمَا عَنْ نَفْسِهِ لَمْ يَبْرَأْ الْآخَرُ أَوْ عَنْهُمَا وَقَبِلَهُ الدَّائِنُ أَوْ بِإِذْنِ صَاحِبِهِ بَرِئَا مَعًا وَنَقَلَ ابْنُ قَاسِمٍ عَنْ شَيْخِنَا م ر أَنَّهُ لَا يَبْرَأُ الثَّانِي مُطْلَقًا، وَلَوْ كَفَلَ وَاحِدًا لِاثْنَيْنِ فَسَلَّمَهُ لِأَحَدِهِمَا لَمْ يَبْرَأْ مِنْ حَقِّ الْآخَرِ وَيَبْرَأُ بِقَوْلِ الْمَكْفُولِ لَهُ أَبْرَأْتُكَ مِنْ حَقِّي أَوْ لَا حَقَّ لِي عَلَى الْأَصِيلِ عَلَى الْأَصَحِّ ق ل.
(قَوْلُهُ: الْمَذْكُورُ) أَيْ: فِي قَوْلِهِ ثُمَّ إنْ عَيَّنَ مَحَلَّ التَّسْلِيمِ إلَخْ. (قَوْله بِلَا حَائِلٍ) ، وَلَوْ سَلَّمَهُ الْكَفِيلُ وَادَّعَى عَدَمَ الْحَائِلِ وَادَّعَى الْمَكْفُولُ لَهُ وُجُودَهُ صُدِّقَ الْكَفِيلُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ وُجُودِ الْحَائِلِ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: يُمْنَعُ الْمَكْفُولُ لَهُ مِنْهُ) أَيْ: مِنْ التَّسْلِيمِ. (قَوْلُهُ: فَمَعَ وُجُودِ الْحَائِلِ لَا يَبْرَأُ) نَعَمْ لَوْ قَبِلَ مُخْتَارٌ بَرِئَ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَتَى بِهِ فِي غَيْرِ مَحَلِّ التَّسْلِيمِ لَمْ يَلْزَمْ الْمُسْتَحِقَّ الْقَبُولُ) وَيَأْتِي هَذَا التَّفْصِيلُ فِيمَا لَوْ أَحْضَرَهُ قَبْلَ زَمَنِهِ الْمُعَيَّنِ م ر فَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ لِلْإِحْضَارِ زَمَنًا حُمِلَ عَلَى الْحَوْلِ فَلَهُ الْمُطَالَبَةُ فِي أَيِّ وَقْتٍ ع ش.
(قَوْلُهُ: كَتَسْلِيمِهِ) أَيْ: الْبَالِغِ الْعَاقِلِ كَأَنْ يَقُولَ لِلْمَكْفُولِ لَهُ سَلَّمْتُ نَفْسِي عَنْ جِهَةِ الْكَفِيلِ، وَلَوْ فِي غَيْرِ مَحَلِّ التَّسْلِيمِ وَزَمَنِهِ الْمُعَيَّنِ حَيْثُ لَا غَرَضَ وَخَرَجَ بِالْبَالِغِ الْعَاقِلُ الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ فَإِذَا سَلَّمَ كُلَّ نَفْسِهِ لَا عِبْرَةَ بِتَسْلِيمِهِ إلَّا إنْ رَضِيَ بِهِ الْمَكْفُولُ لَهُ، وَلَوْ ضَمِنَ إحْضَارَهُ كُلَّمَا طَلَبَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ إحْضَارُهُ إلَّا مُرَّةً وَاحِدَةً؛ لِأَنَّهُ فِيمَا بَعْدَهَا مُعَلِّقٌ لِلضَّمَانِ عَلَى طَلَبِ الْمَكْفُولِ لَهُ وَتَعْلِيقُ الضَّمَانِ يُبْطِلُهُ قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ: وَهُوَ الْأَوْجَهُ، وَإِنْ نَظَرَ فِيهِ بِأَنَّ مُقْتَضَى اللَّفْظِ تَعْلِيقُ أَصْلِ الضَّمَانِ عَلَى الطَّلَبِ وَتَعْلِيقُهُ مُبْطِلٌ لَهُ مِنْ أَصْلِهِ شَرْحُ م ر بِحُرُوفِهِ وح ل
وَقَوْلُهُ: كَأَنْ يَقُولَ لِلْمَكْفُولِ لَهُ سَلَّمْتُ نَفْسِي عَنْ جِهَةِ الْكَفِيل إلَخْ أَيْ: فَيُشْتَرَطُ اللَّفْظُ هُنَا لَا فِيمَا قَبْلَهُ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ مَجِيءَ هَذَا وَحْدَهُ لَا قَرِينَةَ فِيهِ عَلَى التَّسْلِيمِ عَنْ جِهَةِ الْكَفِيلِ فَاشْتُرِطَ لَفْظٌ
وَلَوْ سَلَّمَهُ أَجْنَبِيٌّ عَنْ جِهَةِ الْكَفِيلِ بَرِئَ إنْ كَانَ بِإِذْنِهِ أَوْ قَبِلَهُ الدَّائِنُ (فَإِنْ غَابَ لَزِمَهُ إحْضَارُهُ إنْ أَمْكَنَ) بِأَنْ عَرَفَ مَحَلَّهُ وَأَمِنَ الطَّرِيقَ وَلَا حَائِلَ وَلَوْ كَانَ بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ ذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْهُ إحْضَارُهُ لِعَجْزِهِ، وَتَعْبِيرِي بِإِنْ أَمْكَنَ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِمَا ذَكَرَهُ (وَيُمْهَلُ مُدَّتَهُ) أَيْ: مُدَّةَ إحْضَارِهِ بِأَنْ يُمْهَلَ مُدَّةَ ذَهَابِهِ وَإِيَابِهِ عَلَى الْعَادَةِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ إنْ كَانَ السَّفَرُ طَوِيلًا أُمْهِلَ مُدَّةَ إقَامَةِ الْمُسَافِرِ، وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ غَيْرِ يَوْمَيْ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ
(ثُمَّ إنْ) مَضَتْ الْمُدَّةُ الْمَذْكُورَةُ وَ (لَمْ يُحْضِرْهُ) حُبِسَ إلَى أَنْ يَتَعَذَّرَ إحْضَارُ الْمَكْفُولِ بِمَوْتٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ يُوَفِّي الدَّيْنَ فَإِنْ وَفَّاهُ ثُمَّ حَضَرَ الْمَكْفُولُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: فَالْمُتَّجِهُ أَنَّ لَهُ الِاسْتِرْدَادَ (وَلَا يُطَالَبُ كَفِيلٌ بِمَالٍ) وَلَا عُقُوبَةٍ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى، وَإِنْ فَاتَ التَّسْلِيمُ بِمَوْتٍ أَوْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْزَمْهُ، وَهَذَا أَعَمُّ وَأَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ إذَا مَاتَ وَدُفِنَ لَا يُطَالَبُ الْكَفِيلُ بِالْمَالِ (وَلَوْ شَرَطَ أَنَّهُ يَغْرَمُهُ) أَيْ: الْمَالَ وَلَوْ مَعَ قَوْلِهِ إنْ فَاتَ التَّسْلِيمُ لِلْمَكْفُولِ (لَمْ تَصِحَّ) الْكَفَالَةُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ
ــ
[حاشية البجيرمي]
يَدُلُّ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَجِيءِ الْكَفِيلِ فَلَا يُحْتَاجُ لِلَّفْظِ حَجّ.
(قَوْلُهُ: عَنْ جِهَةِ الْكَفِيلِ) بِخِلَافِ مَا لَوْ سَلَّمَ نَفْسَهُ عَنْ غَيْرِهَا بِأَنْ سَلَّمَ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ أَطْلَقَ وَيَبْقَى النَّظَرُ فِيمَا لَوْ سَلَّمَ نَفْسَهُ عَنْهَا وَعَنْ الْكَفِيلِ هَلْ يَبْرَأُ بِذَلِكَ الْكَفِيلُ أَوْ لَا؟ وَالْوَجْهُ عَدَمُ الْبَرَاءَةِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ الْحُكْمِ فِيمَا لَوْ تَكَفَّلَ بِهِ رَجُلَانِ فَأَحْضَرَهُ أَحَدُهُمَا مَعَ تَعْلِيلِهِ فِي كَلَامِ شَيْخِنَا شَوْبَرِيٍّ.
وَعِبَارَةُ شَيْخِهِ، وَلَوْ تَكَفَّلَ بِهِ اثْنَانِ مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا فَسَلَّمَهُ أَحَدُهُمَا لَمْ يَبْرَأْ الْآخَرُ، وَإِنْ قَالَ: سَلَّمْتُهُ عَنْ صَاحِبِي انْتَهَى وَتَقَدَّمَ إيضَاحُ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: كَمَا يَبْرَأُ الضَّامِنُ) فَلَوْ امْتَنَعَ مِنْ تَسَلُّمِهِ حِينَئِذٍ رُفِعَ الْأَمْرُ إلَى الْحَاكِمِ فَإِنْ تَعَذَّرَ أَشْهَدَ أَنَّهُ سَلَّمَ نَفْسَهُ عَنْ كَفَالَةِ فُلَانٍ ح ل.
(قَوْلُهُ: مُجَرَّدُ حُضُورِهِ) أَيْ: مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقُولَ مَا تَقَدَّمَ ح ل.
(قَوْلُهُ: وَالتَّقْيِيدُ فِي هَذِهِ بِعَدَمِ الْحَائِلِ مِنْ زِيَادَتِي) أَيْ: بِاعْتِبَارِ دُخُولِهِ تَحْتَ كَافِ التَّشْبِيهِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِنْ زِيَادَتِهِ صَرِيحًا. (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ بِإِذْنِهِ) أَيْ: الْكَفِيلِ اط ف. (قَوْلُهُ: أَوْ قَبِلَهُ الدَّائِنُ) أَيْ: مَنْ لَهُ الْحَقُّ لِيَشْمَلَ مُسْتَحِقَّ الْقَوَدِ مَثَلًا. (قَوْلُهُ: فَإِنْ غَابَ لَزِمَهُ إحْضَارُهُ إنْ أَمْكَنَ) وَمَا يَغْرَمُهُ الْكَفِيلُ مِنْ مُؤْنَةِ السَّفَرِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فِي مَالِ نَفْسِهِ، وَأَمَّا مَا يَحْتَاجُهُ الْمَكْفُولُ مِنْ مُؤْنَةِ السَّفَرِ، فَهُوَ فِي مَالِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَذِنَ فِي الْكَفَالَةِ قَدْ الْتَزَمَ الْحُضُورَ مَعَ الْكَفِيلِ وَمِنْ لَازِمِ الْحُضُورِ صَرْفُ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ اهـ مِنْ شَرْحِ م ر وَعِ ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: وَأَمِنَ الطَّرِيقَ) أَوْ كَانَ بَحْرًا غَلَبَتْ فِيهِ السَّلَامَةُ ح ل.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ ذَلِكَ إلَخْ) وَلَا يُكَلَّفُ السَّفَرَ إلَى النَّاحِيَةِ الَّتِي عُلِمَ ذَهَابُهُ إلَيْهَا وَجُهِلَ خُصُوصُ الْقَرْيَةِ الَّتِي هُوَ بِهَا لِيَبْحَثَ عَنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي هُوَ بِهِ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: لَمْ يَلْزَمْهُ إحْضَارُهُ) وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ: إنَّهُ لَا يَعْلَمْ مَكَانَهُ لَا فِي خَوْفِ الطَّرِيقِ وَلَا فِي الْحَائِلِ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ حَجّ س ل.
(قَوْلُهُ: وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ السَّفَرُ طَوِيلًا) أَيْ: مَسَافَةَ قَصْرٍ فَأَكْثَرَ أُمْهِلَ مُدَّةَ إقَامَةِ الْمُسَافِرِ لِلِاسْتِرَاحَةِ وَالتَّجْهِيزِ وَيُمْهَلُ لِانْتِظَارِ رُفْقَةٍ يَأْمَنُ بِهِمْ وَعِنْدَ الْمَطَرِ الشَّدِيدِ وَالْوَحَلِ الشَّدِيدِ الَّذِي لَا يَسْلُكُ مَعَهُ عَادَةً فَلَا يُحْبَسُ مَعَ هَذِهِ الْأَعْذَارِ اهـ شَرْحُ م ر وح ل
. (قَوْلُهُ: إحْضَارُ الْمَكْفُولِ) هَلَّا قَالَ: إحْضَارُهُ وَمَا حِكْمَةُ الْإِظْهَارِ، وَكَذَا قَوْلُهُ: الْآتِي ثُمَّ حَضَرَ الْمَكْفُولُ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: أَوْ يُوَفِّي الدَّيْنَ) أَيْ: مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ لِأَنَّهُ لَا يُطَالَبُ بِهِ. (قَوْلُهُ: فَالْمُتَّجَهُ أَنَّ لَهُ الِاسْتِرْدَادَ) أَيْ: مِنْ الْمَكْفُولِ لَهُ أَيْ: إنْ كَانَ بَاقِيًا أَوْ بَدَلَهُ إنْ كَانَ تَالِفًا خِلَافًا لِلْغَزِّيِّ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُتَبَرِّعٍ بِالْأَدَاءِ وَإِنَّمَا غُرْمُهُ لِلْفُرْقَةِ وَيُتَّجَهُ كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ رحمه الله أَنْ يَلْحَقَ بِقُدُومِهِ تَعَذُّرُ حُضُورِهِ بِمَوْتٍ أَوْ جَهْلٍ بِمَوْضِعِهِ أَوْ نَحْوِهِ حَتَّى يَرْجِعَ بِهِ اهـ شَرْحُ م ر وَكَتَبَ عَلَيْهِ ع ش قَوْلُهُ: وَيَتَّجِهُ إلَخْ، وَلَوْ تَعَذَّرَ رُجُوعُهُ عَلَى الْمُؤَدَّى إلَيْهِ فَهَلْ يَرْجِعُ عَلَى الْمَكْفُولِ؛ لِأَنَّ أَدَاءَهُ عَنْهُ يُشْبِهُ الْقَرْضَ الضِّمْنِيَّ أَوْ لَا؟ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُرَاعِ فِي الْأَدَاءِ جِهَةَ الْمَكْفُولِ، بَلْ مَصْلَحَةَ نَفْسِهِ بِتَخْلِيصِهِ لَهَا مِنْ الْحَبْسِ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ وَالثَّانِي أَقْرَبُ حَجّ وز ي وَنُقِلَ عَنْ وَالِد م ر وَاعْتَمَدَ م ر الْأَوَّلَ سم
وَقَوْلُهُ: غُرْمُهُ لِلْفُرْقَةِ أَيْ: الْحَيْلُولَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ وَزَادَ حَجّ بَعْدَ قَوْلِهِ لِلْفُرْقَةِ أَيْ: وَالْكَلَامُ حَيْثُ لَمْ يَنْوِ الْوَفَاءَ عَنْهُ، وَإِلَّا لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ لِتَبَرُّعِهِ بِأَدَاءِ دَيْنِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ ع ش.
(قَوْلُهُ: بِمَوْتٍ أَوْ غَيْرِهِ) كَأَنْ هَرَبَ وَلَمْ يَدْرِ مَحَلَّهُ حَجّ أَوْ إقَامَتَهُ عِنْدَ مَنْ يَمْنَعُهُ أَوْ بِمُضِيِّ مُدَّةٍ يُحْكَمُ فِيهَا بِمَوْتِهِ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْهُ)، بَلْ الْتَزَمَ النَّفْسَ وَقَدْ فَاتَتْهُ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَهَذَا أَعَمُّ وَأَوْلَى) وَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ أَنَّ عِبَارَتَهُ تُوهِمُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُدْفَنْ يُطَالَبُ بِالْمَالِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَوَجْهُ الْعُمُومِ شُمُولُ عِبَارَتِهِ لِلْهَرَبِ وَنَحْوِهِ بِخِلَافِ عِبَارَةِ أَصْلِهِ. اهـ. ع ش لَكِنْ يُنَافِي هَذَا عِبَارَةُ م ر وَعِبَارَتُهُ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ الدَّفْنَ؛ لِأَنَّهُ قَبْلَهُ قَدْ يُطَالَبُ بِإِحْضَارِهِ لِلْإِشْهَادِ عَلَى صُورَتِهِ كَمَا مَرَّ اهـ بِحُرُوفِهِ فَعَلَيْهِ لَا يَظْهَرُ وَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ، وَفِيهِ أَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ لَا يُطَالَبُ الْكَفِيلُ بِالْمَالِ، وَهَذَا شَامِلٌ لِمَا قَبْلَ الدَّفْنِ، وَأَمَّا مُطَالَبَتُهُ لِلْإِحْضَارِ لِيَشْهَدَ عَلَى صُورَتِهِ فَشَيْءٌ آخَرُ فَتَأَمَّلْ. (وَقَوْلُهُ: وَلَوْ شَرَطَ أَنَّهُ يُغَرِّمُهُ) صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ أَنْ يَقُولَ كَفَلْتُ بَدَنَهُ بِشَرْطِ الْغُرْمِ أَوْ عَلَى أَنِّي أَغْرَمُ أَوْ نَحْوَهُ فَلَوْ قَالَ كَفَلْتُ بَدَنَهُ فَإِنْ مَاتَ فَعَلَيَّ الْمَالُ صَحَّتْ الْكَفَالَةُ وَبَطَلَ الْتِزَامُ الْمَالِ لِأَنَّهُ وَعْدٌ فَيَلْغُو فَإِنْ
خِلَافُ مُقْتَضَاهَا
(وَ) شَرْطٌ (فِي الصِّيغَةِ) لِلضَّمَانِ وَالْكَفَالَةِ (لَفْظٌ) صَرِيحٌ أَوْ كِنَايَةٌ (يُشْعِرُ بِالْتِزَامٍ) ؛ لِأَنَّ الرِّضَا لَا يُعْرَفُ إلَّا بِهِ وَفِي مَعْنَاهُ الْكِتَابَةُ مَعَ نِيَّةٍ وَإِشَارَةِ أَخْرَسَ مُفْهِمَةٍ (كَضَمِنْتُ دَيْنَكَ عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى فُلَانٍ (أَوْ تَحَمَّلْتُهُ أَوْ تَقَلَّدْتُهُ ` أَوْ تَكَلَّفْتُ بِبَدَنِهِ أَوْ أَنَا بِالْمَالِ) الْمَعْهُودِ (أَوْ بِإِحْضَارِ الشَّخْصِ) الْمَعْهُودِ (ضَامِنٌ أَوْ كَفِيلٌ) أَوْ زَعِيمٌ وَكُلُّهَا صَرَائِحُ بِخِلَافِ دَيْنُ فُلَانٍ إلَيَّ وَنَحْوِهِ أَمَّا مَا لَا يُشْعِرُ بِالْتِزَامٍ نَحْوُ أُؤَدِّي الْمَالَ أَوْ أُحْضِرُ الشَّخْصَ وَخَلَا عَنْ قَرِينَةٍ فَلَيْسَ بِضَمَانٍ
ــ
[حاشية البجيرمي]
قَالَ: أَرَدْتُ بِهِ الشَّرْطِيَّةَ بَطَلَتْ إنْ وَافَقَهُ الْمَكْفُولُ لَهُ، وَإِلَّا لَمْ تَبْطُلْ تَقْدِيمًا لِمُدَّعِي الصِّحَّةِ وَفَارَقَ بُطْلَانَهَا هُنَا بِالشَّرْطِ عَدَمُ بُطْلَانِ الْقَرْضِ بِشَرْطِ رَدِّ مُكَسَّرٍ عَنْ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُ هُنَاكَ وَصْفٌ تَابِعٌ فَقَصَرَ الْإِلْغَاءَ عَلَيْهِ بِخِلَافِهِ هُنَا فَتَأَمَّلْ وَأَيْضًا الْكَفَالَةُ كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ: ضَعِيفَةٌ مِنْ حَيْثُ الْقِيَاسُ؛ لِأَنَّهَا الْتِزَامُ أَبْدَانِ الْأَحْرَارِ فَتَأَثَّرَتْ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ كَمَا ذَكَرَهُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ، وَلَوْ قَالَ: كَفَلْتُ لَكَ نَفْسَهُ عَلَى أَنَّهُ إنْ مَاتَ فَأَنَا ضَامِنُهُ بَطَلَتْ الْكَفَالَةُ وَالضَّمَانُ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ يُنَافِيهَا أَيْضًا كَمَا فِي شَرْحِ م ر وَلَوْ قَالَ كَفَلْتُ بَدَنَهُ وَضَمِنْتُ مَا عَلَيْهِ فَهِيَ كَفَالَةٌ وَضَمَانٌ صَحِيحَانِ. اهـ. ح ف.
(قَوْلُهُ: مُقْتَضَاهَا) ، وَهُوَ عَدَمُ الْغُرْمِ
. (قَوْلُهُ: لِلضَّمَانِ وَالْكَفَالَةِ) عَطْفُ الْكَفَالَةِ عَلَى الضَّمَانِ يُوهِمُ أَنَّهَا قَسِيمٌ لِلضَّمَانِ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا قَدَّمَهُ أَوَّلَ الْبَابِ مِنْ أَنَّهَا قِسْمٌ مِنْهُ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ جَرَى هُنَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْكَفَالَةَ قَسِيمُهُ أَوْ أَنَّهُ مِنْ عَطْفِ الْأَخَصِّ عَلَى الْأَعَمِّ وَنُكْتَتُهُ الِاهْتِمَامُ بِهَا لِضَعْفِهَا بِجَرَيَانِ الْخِلَافِ فِيهَا وَأَصْلُهُ قَوْلُ إمَامِنَا الشَّافِعِيِّ رضي الله عنه إنَّهَا ضَعِيفَةٌ أَيْ: مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ لِأَنَّ الْحُرَّ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ ع ش.
(قَوْلُهُ: وَفِي مَعْنَاهُ الْكِتَابَةُ) أَيْ: سَوَاءٌ صَدَرَتْ مِنْ نَاطِقٍ أَوْ أَخْرَسَ وَسَوَاءٌ كَانَ لِلْأَخْرَسِ إشَارَةٌ مُفْهِمَةٌ أَوْ لَا فَهِيَ أَيْ: الْكِتَابَةُ كِنَايَةٌ مُطْلَقًا، وَإِنْ انْضَمَّ إلَيْهَا قَرَائِنُ. اهـ. ع ش عَلَى م ر. فَإِنْ قُلْتَ: لِمَ ذَكَرَ الْكِتَابَةَ وَالْإِشَارَةَ فِي الضَّمَانِ دُونَ غَيْرِهِ وَأَحَالَ حُكْمَهُمَا فِي غَيْرِهِ عَلَيْهِ؟ . قُلْتُ: فَعَلَ ذَلِكَ تَبَعًا لِلْأَصْحَابِ حَيْثُ ذَكَرُوا ذَلِكَ فِي الضَّمَانِ دُونَ غَيْرِهِ قَالَهُ بَعْضُهُمْ. (قَوْلُهُ: وَإِشَارَةِ أَخْرَسَ مُفْهِمَةٍ) ، وَهِيَ صَرِيحَةٌ إنْ فَهِمَهَا كُلُّ أَحَدٍ فَإِنْ اخْتَصَّ بِفَهْمِهَا الْفَطِنُ فَكِنَايَةٌ، وَإِلَّا فَلَغْوٌ ق ل.
(قَوْلُهُ: كَضَمِنْتُ دَيْنَكَ عَلَيْهِ) هُوَ ظَاهِرٌ إنْ اتَّحَدَ الدَّيْنُ وَتَوَافَقَا عَلَيْهِ فَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنُ قَرْضٍ وَثَمَنُ مَبِيعٍ وَطَالَبَهُ رَبُّ الدَّيْنِ فَقَالَ الْكَفِيلُ: ضَمِنْتُ دَيْنَكَ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: بَعْدَ ذَلِكَ ضَمِنْتُ شَيْئًا خَاصًّا كَدَيْنِ الْقَرْضِ مَثَلًا فَهَلْ يُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ، وَيَنْبَغِي تَصْدِيقُ الْكَفِيلِ إنْ دَلَّتْ عَلَيْهِ قَرِينَةٌ كَمَا لَوْ طَالَبَ بِدَيْنِ الْقَرْضِ فَقَالَ ذَلِكَ فَلَوْ لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى ذَلِكَ كَانَ ضَامِنًا لِجَمِيعِ الدُّيُونِ الَّتِي عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ مُفْرَدٌ مُضَافٌ إلَى مَعْرِفَةٍ فَيَعُمُّ ع ش اط ف
وَقَوْلُهُ: عَلَيْهِ أَيْ: الْكَائِنِ عَلَيْهِ، فَهُوَ صِفَةٌ لِدَيْنٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ تَقَلَّدْتُهُ) أَوْ الْتَزَمْتُهُ قَالَ شَيْخُنَا: وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِصَرَاحَةِ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ ذِكْرُ الْمَالِ فَنَحْوُ ضَمِنْتُ فُلَانًا مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الْمَالِ كِنَايَةٌ فِيمَا يَظْهَرُ ح ل فَإِنْ نَوَى بِهِ ضَمَانَ الْمَالِ وَعَرَفَ قَدْرَهُ صَحَّ، وَإِلَّا فَلَا وَقَالَ عَمِيرَةُ مَا حَاصِلُهُ إنَّهُ إنْ لَمْ يُرِدْ ضَمَانَ الْمَالِ حُمِلَ عَلَى كَفَالَةِ الْبَدَنِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهَا مَعْرِفَةُ قَدْرِ الْمَالِ انْتَهَى، وَقَدْ يُحْمَلُ كَلَامُ الشَّارِحِ عَلَى أَنَّهُ إذَا لَمْ يَنْوِ بِمَا ذَكَرَهُ الْتِزَامًا كَانَ لَغْوًا، وَإِنْ نَوَى الْتِزَامَ الْمَالِ أَوْ الْبَدَنِ عَمِلَ بِمَا نَوَاهُ، وَإِنْ نَوَى بِهِ الِالْتِزَامَ لَا بِقَيْدِ الْمَالِ وَلَا الْبَدَنِ حُمِلَ عَلَى الْبَدَنِ اهـ، وَلَوْ قَالَ كَفَلْتُك: إنْ شِئْتَ فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى مَشِيئَةٍ بِخِلَافِ بِعْتُكَ إنْ شِئْتَ فَإِنَّهُ يَصِحُّ الْبَيْعُ لِأَنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى مَشِيئَةٍ، فَهُوَ تَصْرِيحٌ بِمُقْتَضَاهُ فَلَوْ قَدَّمَ قَوْلَهُ إنْ شِئْتَ عَلَيْهِمَا لَمْ يَصِحَّا.
(قَوْلُهُ: أَوْ أَنَا بِالْمَالِ) الْبَاءُ فِيهِ زَائِدَةٌ لِتَزْيِينِ اللَّفْظِ؛ لِأَنَّ الْمَالَ مَفْعُولٌ مُقَدَّمٌ لِضَامِنٍ. (قَوْلُهُ: الْمَعْهُودِ) لَيْسَ مِنْ لَفْظِ الضَّامِنِ، بَلْ مُرَادُهُ الْإِشَارَةُ إلَى أَنَّ اللَّامَ عَهْدِيَّةٌ لِمَا يَصِحُّ ضَمَانُهُ وَكَفَالَتُهُ لَا مُطْلَقُ الْمَالِ أَوْ الشَّخْصِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ الْمَالُ الَّذِي عَلَى فُلَانٍ أَوْ الشَّخْصِ الَّذِي هُوَ فُلَانٌ بِدَلِيلِ أَنَّهَا كُلُّهَا صَرَائِحُ كَمَا يَأْتِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ،.
وَعِبَارَةُ حَجّ مَعَ الْمَتْنِ أَوْ أَنَا بِالْمَالِ الَّذِي عَلَى زَيْدٍ مَثَلًا أَوْ بِإِحْضَارِ الشَّخْصِ الَّذِي هُوَ فُلَانٌ، وَإِنَّمَا قَيَّدْتُ الْمَالَ وَالشَّخْصَ بِمَا ذَكَرْتُهُ لِمَا هُوَ وَاضِحٌ أَنَّهُ لَا يَكْفِي ذِكْرُ مَا فِي الْمَتْنِ وَحْدَهُ فَإِنْ قُلْتَ: يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا قَالَ ذَلِكَ بَعْدَ ذِكْرِهِمَا وَتَكُونُ أَلْ لِلْعَهْدِ الذِّكْرِيِّ، بَلْ، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ لَهُمَا ذِكْرًا حُمِلَا لَهُمَا عَلَى الْعَهْدِ الذِّهْنِيِّ قُلْتُ: لَا يَصِحُّ هَذَا الْحَمْلُ، وَإِنْ أَوْهَمَهُ قَوْلُ الشَّارِحِ الْمَعْهُودِ، بَلْ الَّذِي يُتَّجَهُ أَنَّهُ فِيهِمَا كِنَايَةٌ لِمَا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِلْقَرِينَةِ فِي الصَّرَاحَةِ اهـ بِحُرُوفِهِ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ دَيْنِ فُلَانٍ إلَيَّ وَنَحْوُهُ)
بَلْ وَعْدٌ
(وَلَا يَصِحَّانِ) أَيْ: الضَّمَانُ وَالْكَفَالَةُ (بِشَرْطِ بَرَاءَةِ أَصِيلٍ) لِمُخَالَفَتِهِ مُقْتَضَاهُمَا وَالتَّصْرِيحُ بِالثَّانِيَةِ مِنْ زِيَادَتِي (وَلَا بِتَعْلِيقٍ) نَحْوُ إذَا جَاءَ الْغَدُ فَقَدْ ضَمِنْتُ مَا عَلَى فُلَانٍ أَوْ كَفَلْتُ بَدَنَهُ (وَ) لَا (تَوْقِيتٍ) نَحْوُ أَنَا ضَامِنٌ مَا عَلَى فُلَانٍ أَوْ كَفِيلٌ بِبَدَنِهِ إلَى شَهْرٍ فَإِذَا مَضَى بَرِئْتُ وَهَذِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلضَّمَانِ مِنْ زِيَادَتِي
(وَلَوْ كَفَلَ) بَدَنَ غَيْرِهِ (وَأَجَّلَ إحْضَارًا) لَهُ (بِ) أَجَلٍ (مَعْلُومٍ صَحَّ) لِلْحَاجَةِ نَحْوُ أَنَا كَفِيلٌ بِفُلَانٍ أُحْضِرُهُ بَعْدَ شَهْرٍ (كَضَمَانِ حَالٍ مُؤَجَّلًا بِهِ) أَيْ بِأَجَلٍ مَعْلُومٍ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَيَثْبُتُ الْأَجَلُ فِي حَقِّ الضَّامِنِ (وَعَكْسُهُ) أَيْ: ضَمَانُ الْمُؤَجَّلِ حَالًا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ تَبَرُّعٌ فَيُحْتَمَلُ فِيهِ اخْتِلَافُ الدَّيْنَيْنِ فِي الصِّفَةِ
لِلْحَاجَةِ
(وَلَا يَلْزَمُ الضَّامِنَ تَعْجِيلٌ) لِلْمَضْمُونِ وَإِنْ الْتَزَمَهُ حَالًا كَمَا لَوْ الْتَزَمَهُ الْأَصِيلُ، وَلَوْ ضَمِنَ الْمُؤَجَّلَ إلَى شَهْرٍ مُؤَجَّلًا إلَى شَهْرَيْنِ فَهُوَ كَضَمَانِ الْحَالِ مُؤَجَّلًا أَوْ عَكْسُهُ فَكَضَمَانِ الْمُؤَجَّلِ حَالًّا
ــ
[حاشية البجيرمي]
كَعِنْدِي أَوْ مَعِي فَهِيَ كِنَايَةٌ لِأَنَّهَا تَحْتَمِلُ الضَّمَانَ وَالْوَكَالَة وَقَوْلُهُ: أَمَّا مَا لَا يُشْعِرُ أَيْ: لَا صَرِيحًا وَلَا كِنَايَةً لِأَنَّهُ جَعَلَ الْمُشْعِرَ شَامِلًا لَهُمَا بِقَوْلِهِ وَخَلَا عَنْ قَرِينَةٍ أَيْ: تَدُلُّ عَلَى الِالْتِزَامِ فَإِنْ وُجِدَتْ قَرِينَةٌ دَالَّةٌ عَلَى الِالْتِزَامِ كَمُخَاصَمَةٍ بَيْنَ الدَّائِنِ وَالْمَدِينِ مِنْ جِهَةِ الدَّيْنِ وَأَرَادَ حَبْسَهُ فَقَالَ الضَّامِنُ: أُؤَدِّي الْمَالَ عَنْهُ فَيَكُونُ كِنَايَةً إنْ نَوَى بِهِ الضَّمَانَ صَحَّ، وَإِلَّا فَلَا فَالْمُرَادُ بِهَا غَيْرُ النِّيَّةِ فَيَكُونُ هَذَا وَنَحْوُهُ عِنْدَ عَدَمِ الْقَرِينَةِ لَا صَرِيحًا وَلَا كِنَايَةً هَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُفْهَمَ كَلَامُهُ، وَأَمَّا حَمْلُ الْقَرِينَةِ فِيهِ عَلَى النِّيَّةِ كَمَا فِي م ر فَلَا يُنَاسِبُ سِيَاقَ كَلَامِهِ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى التَّقْيِيدِ حِينَئِذٍ أَنَّهُ عِنْدَ النِّيَّةِ يَكُونُ كِنَايَةً، وَهُوَ قَدْ جَعَلَهُ خَارِجًا عَنْ الْمُشْعِرِ الشَّامِلِ لِلصَّرِيحِ وَالْكِنَايَةِ فَيَلْزَمُ عَلَيْهِ اسْتِوَاءُ مَا يُشْعِرُ بِالِالْتِزَامِ وَغَيْرِهِ ح ل بِإِيضَاحٍ.
(وَقَوْلُهُ: بَلْ وَعَدَ) أَيْ: مَا لَمْ يُرِدْ بِهِ الِالْتِزَامَ لِأَنَّهُ غَلَّظَ عَلَى نَفْسِهِ سم وَقِ ل
. (قَوْلُهُ: بِشَرْطِ بَرَاءَةِ أَصِيلٍ) هُوَ ظَاهِرٌ فِي الضَّمَانِ وَمَعْنَاهُ فِي الْكَفَالَةِ بِشَرْطِ بَرَاءَةِ الْكَفِيلِ بِأَنْ يَقُولَ: تَكَفَّلْتُ بِإِحْضَارِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ عَلَى أَنَّ مَنْ تَكَفَّلَ بِهِ قَبْلُ بَرِئَ ع ش أَيْ: بِأَنْ كَانَ كَفَلَهُ إنْسَانٌ قَبْلُ وَفِي كَوْنِ هَذَا يُسَمَّى أَصِيلًا نَظَرٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ أَصِيلٌ بِالنِّسْبَةِ لِلثَّانِي فَتَأَمَّلْ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْمُرَادُ بِالْأَصِيلِ فِي الْكَفَالَةِ الْمَكْفُولُ. (قَوْلُهُ: وَالتَّصْرِيحُ بِالثَّانِيَةِ) أَيْ: الْكَفَالَةِ مِنْ زِيَادَتِي؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ فِي الْكَفَالَةِ بِالْأُولَى فَكَأَنَّهَا مَذْكُورَةٌ فِي كَلَامِ الْأَصْلِ وَلَا يَجُوزُ شَرْطُ الْخِيَارِ لِلضَّامِنِ أَوْ الْكَفِيلِ أَوْ أَجْنَبِيٍّ لِمَا فَاتَهُ مَقْصُودُهُمَا مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إلَيْهِ ح ل. (قَوْلُهُ: وَلَا يَتَعَلَّقُ) أَعَادَ الْبَاءَ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّهُ عَطْفٌ عَلَى بَرَاءَةٍ شَوْبَرِيٌّ
وَقَوْلُهُ: أَوْ كَفَلْتُ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَكَسْرِهَا كَمَا مَرَّ م ر. (قَوْلُهُ: فَإِذَا مَضَى) لَا حَاجَةَ لِهَذَا؛ لِأَنَّ الصِّيغَةَ فَاسِدَةٌ بِدُونِهِ. (قَوْلُهُ: وَهَذِهِ) أَيْ: مَسْأَلَةُ تَوْقِيتِ الضَّمَانِ
وَقَوْلُهُ: بِالنِّسْبَةِ إلَخْ هَذِهِ تُعْلَمُ مِنْ عِبَارَةِ الْأَصْلِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى؛ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ وَسِيلَةٌ وَلَمْ تَصِحَّ مُؤَقَّتَةً وَالضَّمَانُ مَقْصِدٌ وَمِنْ الْقَوَاعِدِ يُغْتَفَرُ فِي الْوَسَائِلِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمَقَاصِدِ وَمِنْ ثَمَّ جَزَمَ بِمَنْعِ تَوْقِيتِ الضَّمَانِ وَجَرَى فِي الْكَفَالَةِ خِلَافٌ انْتَهَى شَوْبَرِيٌّ
. (قَوْلُهُ: مُؤَجَّلًا بِهِ) وَيُفَارِقُ مَا لَوْ رَهَنَ بِدِينٍ حَالَ وَشَرَطَ فِي الرَّهْنِ أَجَلًا وَعَكْسُهُ حَيْثُ لَمْ يَصِحَّ مَعَ أَنَّ كُلًّا وَثِيقَةٌ بِأَنَّ الرَّهْنَ عَيْنٌ، وَهِيَ لَا تَقْبَلُ تَأْجِيلًا وَلَا حُلُولًا وَالضَّمَانُ ضَمُّ ذِمَّةٍ إلَى ذِمَّةٍ وَالذِّمَّةُ قَابِلَةٌ لِالْتِزَامِ الْحَالِ مُؤَجَّلًا وَعَكْسُهُ انْتَهَى شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَعَكْسُهُ) أَيْ: وَكَعَكْسِهِ إنْ جُرَّ وَبِنَصْبِهِ عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ إنْ نُصِبَ، وَإِنْ رُفِعَ فَعَلَى أَنَّهُ فَاعِلُ صَحَّ الْمُقَدَّرُ أَيْ صَحَّ عَكْسُهُ أَوْ عَلَى أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ أَيْ: وَعَكْسُهُ كَذَلِكَ شَوْبَرِيٌّ.
وَعِبَارَةُ ع ش الِاخْتِلَافُ ظَاهِرٌ فِيمَا لَوْ ضَمِنَ الْحَالَ مُؤَجَّلًا أَمَّا عَكْسُهُ فَلَا يَظْهَرُ فِيهِ ذَلِكَ لِعَدَمِ لُزُومِ التَّعْجِيلِ لِلضَّامِنِ فَالتَّخَالُفُ بَيْنَهُمَا إنَّمَا هُوَ فِي مُجَرَّدِ التَّسْمِيَةِ. (قَوْلُهُ: فَيُحْتَمَلُ فِيهِ اخْتِلَافُ الدَّيْنَيْنِ) تَسْمِيَتُهُمَا دَيْنَيْنِ بِاعْتِبَارِ مَحَلِّهِمَا، وَإِلَّا، فَهُوَ دَيْنٌ وَاحِدٌ قَالَ السُّبْكِيُّ: اعْلَمْ أَنَّ الدَّيْنَ الَّذِي عَلَى الْأَصِيلِ هُوَ الَّذِي عَلَى الضَّامِنِ كَفَرْضِ الْكِفَايَةِ الْوَاجِبِ عَلَى جَمَاعَةٍ، فَهُوَ وَاحِدٌ بِاعْتِبَارِ ذَاتِهِ وَيَتَعَدَّدُ بِالْإِضَافَةِ إلَى هَذَا وَإِلَى هَذَا فَلِذَا حَلَّ عَلَى هَذَا دُونَ هَذَا وَأَمْكَنَ ثُبُوتُهُ فِي هَذَا مُؤَجَّلًا وَفِي حَقِّ الْآخَرِ حَالًا سم فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ: إنَّ الدَّيْنَ وَاحِدٌ وَلَا دَيْنَانِ
. (قَوْلُهُ: تَعْجِيلٌ لِلْمَضْمُونِ) فَيَلْزَمُ الْأَجَلُ فِي حَقِّهِ وَحَقِّ مُوَرِّثِهِ تَبَعًا وَفَائِدَةُ كَوْنِهِ تَبَعًا أَنَّهُ لَوْ مَاتَ الْأَصِيلُ حَلَّ عَلَى الضَّامِنِ أَيْضًا لِانْتِفَاءِ التَّبَعِيَّةِ، وَهَذَا فَائِدَةُ صِحَّةِ ضَمَانِ الْمُؤَجَّلِ حَالًا، وَأَمَّا إذَا مَاتَ الضَّامِنُ وَحْدَهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَلَا يَحِلُّ عَلَيْهِ كَمَا قَالَهُ م ر لِبَقَاءِ التَّبَعِيَّةِ ع ش وح ل مُلَخَّصًا.
وَعِبَارَةُ ح ل وَإِذَا مَاتَ الْأَصِيلُ حَلَّ عَلَيْهِمَا، وَهَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ كَلَامِهِ الْآتِي. (قَوْلُهُ: فَهُوَ كَضَمَانِ الْحَالِ مُؤَجَّلًا) أَيْ: مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَصِحُّ وَيَثْبُتُ الْأَجَلُ فِي حَقِّ الضَّامِنِ اسْتِقْلَالًا لَكِنْ بَعْدَ مُضِيِّ الْأَجَلِ الْأَقْصَرِ، وَهُوَ الشَّهْرُ فِي هَذَا الْمِثَالِ
وَقَوْلُهُ: أَوْ عَكْسُهُ أَيْ: بِأَنْ ضَمِنَ مُؤَجَّلًا إلَى شَهْرَيْنِ مُؤَجَّلًا إلَى شَهْرٍ وَقَوْلُهُ: فَكَضَمَانِ الْمُؤَجَّلِ حَالًا أَيْ: فِي أَنَّهُ يَصِحُّ وَلَا يَلْزَمُ الضَّامِنَ تَعْجِيلٌ وَلَا يَحِلُّ بِمَوْتِ الْأَصِيلِ فِيمَا لَوْ ضَمِنَ مُؤَجَّلًا لِشَهْرَيْنِ مُؤَجَّلًا
(وَلِمُسْتَحِقٍّ) لِلدَّيْنِ، سَوَاءٌ أَكَانَ هُوَ الْمَضْمُونُ لَهُ أَمْ وَارِثُهُ (مُطَالَبَةُ ضَامِنٍ وَأَصِيلٍ) بِالدَّيْنِ بِأَنْ يُطَالِبَهُمَا جَمِيعًا أَوْ يُطَالِبَ أَيَّهُمَا شَاءَ بِالْجَمِيعِ أَوْ يُطَالِبَ أَحَدَهُمَا بِبَعْضِهِ وَالْآخَرَ بِبَاقِيهِ أَمَّا الضَّامِنُ فَلِخَبَرِ «الزَّعِيمُ غَارِمٌ» وَأَمَّا الْأَصِيلُ، فَلِأَنَّ الدَّيْنَ بَاقٍ عَلَيْهِ
(وَلَوْ بَرِئَ) أَيْ: الْأَصِيلُ مِنْ الدَّيْنِ بِأَدَاءٍ أَوْ إبْرَاءٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ بَرِئَ الْأَصِيلُ (بَرِئَ ضَامِنٌ) مِنْهُ لِسُقُوطِهِ (وَلَا عَكْسُ فِي إبْرَاءٍ) أَيْ لَوْ بَرِئَ الضَّامِنُ بِإِبْرَاءٍ لَمْ يَبْرَأْ الْأَصِيلُ؛ لِأَنَّهُ إسْقَاطٌ لِلْوَثِيقَةِ فَلَا يَسْقُطُ بِهِ الدَّيْنُ كَفَكِّ الرَّهْنِ بِخِلَافِ مَا لَوْ بَرِئَ بِغَيْرِ إبْرَاءٍ كَأَدَاءٍ
(وَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا) وَالدَّيْنُ مُؤَجَّلٌ (حَلَّ عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّ ذِمَّتَهُ خَرِبَتْ دُونَ الْحَيِّ فَلَا يَحِلُّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يَرْتَفِقُ بِالْأَجَلِ فَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ الْأَصِيلَ فَلِلضَّامِنِ أَنْ يُطَالِبَ الْمُسْتَحِقَّ بِأَخْذِ الدَّيْنِ مِنْ تَرِكَتِهِ أَوْ إبْرَائِهِ هُوَ؛ لِأَنَّ التَّرِكَةَ قَدْ تَهْلَكُ فَلَا يَجِدُ مَرْجِعًا إذَا غَرِمَ، وَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ الضَّامِنَ وَأَخَذَ الْمُسْتَحِقُّ الدَّيْنَ مِنْ تَرِكَتِهِ لَمْ يَكُنْ لِوَرَثَتِهِ الرُّجُوعُ عَلَى الْمَضْمُونِ عَنْهُ الْآذَانِ فِي الضَّمَانِ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ
(وَلِضَامِنٍ بِإِذْنٍ مُطَالَبَةُ أَصِيلٍ بِتَخْلِيصِهِ بِأَدَاءٍ إنْ طُولِبَ) كَمَا أَنَّهُ يَغْرَمُهُ إنْ غَرِمَ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُطَالِبْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَوَجَّهْ إلَيْهِ خِطَابٌ وَلَمْ يَغْرَمْ شَيْئًا وَلَا يُحْبَسُ الْأَصِيلُ، وَإِنْ حُبِسَ
ــ
[حاشية البجيرمي]
لِشَهْرٍ إلَّا بَعْدَ مُضِيِّ الْأَقْصَرِ؛ لِأَنَّ الْأَقْصَرَ ثَبَتَ مَقْصُودًا فِي حَقِّ الضَّامِنِ فَلَا يَحِلُّ بِمَوْتِ الْأَصِيلِ ع ش
. (قَوْلُهُ: وَلِمُسْتَحِقٍّ) هُوَ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ الْمُحَرَّرِ بِالْمَضْمُونِ لَهُ لِشُمُولِهِ لِلْوَارِثِ لَكِنَّهُ قَدْ يَدْخُلُ فِيهِ الْمُحْتَالُ مَعَ أَنَّهُ لَا يُطَالِبُ الضَّامِنَ لِأَنَّ ذِمَّتَهُ قَدْ بَرِئَتْ بِالْحَوَالَةِ. اهـ. س ل.
(قَوْلُهُ: مُطَالَبَةُ ضَامِنٍ وَأَصِيلٍ) وَلَا مَحْذُورَ فِي مُطَالَبَتِهِمَا، وَإِنَّمَا الْمَحْذُورُ فِي تَغْرِيمِ كُلٍّ مِنْهُمَا كُلَّ الدَّيْنِ وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ الذِّمَّتَيْنِ إنَّمَا اشْتَغَلَتَا بِدَيْنٍ وَاحِدٍ كَالرَّهْنَيْنِ بِدَيْنٍ وَاحِدٍ، فَهُوَ كَفَرْضِ الْكِفَايَةِ يَتَعَلَّقُ بِالْكُلِّ وَيَسْقُطُ بِالْبَعْضِ فَالتَّعَدُّدُ فِيهِ لَيْسَ فِي ذَاتِهِ، بَلْ بِحَسَبِ ذَاتَيْهِمَا وَمِنْ ثَمَّ حَلَّ عَلَى أَحَدِهِمَا فَقَطْ وَتَأَجَّلَ فِي حَقِّ الْآخَرِ شَرْحُ م ر، وَلَوْ ضَمَّنَ الضَّامِنُ آخَرَ وَالْآخَرُ آخَرَ وَهَكَذَا طَالَبَ الْمُسْتَحِقُّ الْجَمِيعَ، وَلَوْ أَفْلَسَ كُلٌّ مِنْهُمَا فَقَالَ: الضَّامِنُ لِلْحَاكِمِ بِعْ أَوَّلًا مَالِ الْمَضْمُونِ عَنْهُ وَقَالَ الْمَضْمُونُ لَهُ أُرِيدُ بَيْعَ مَالِ أَيِّهِمَا شِئْتَ قَالَ الشَّافِعِيُّ: إنْ كَانَ الضَّمَانُ بِالْإِذْنِ أُجِيبَ الضَّامِنُ، وَإِلَّا فَالْمَضْمُونُ لَهُ، وَلَوْ كَانَ بِهِ رَهْنٌ وَضَامِنٌ خُيِّرَ بَيْنَ بَيْعِ الرَّهْنِ وَمُطَالَبَةِ الضَّامِنِ س ل قَالَ ح ل وَكَذَا يُطَالِبُ سَيِّدُ الضَّامِنِ إذَا كَانَ عَبْدًا بِإِذْنِهِ لِيُؤَدِّيَ مِمَّا فِي يَدِ الْعَبْدِ كَمَا تَقَدَّمَ أَيْ: وَإِنْ كَانَ بِهِ رَهْنٌ وَافٍ وَلَهُ حَبْسُهُمَا أَوْ حَبْسُ أَحَدِهِمَا كَمَا فِي بَسْطِ الْأَنْوَارِ.
(قَوْلُهُ: بِالدَّيْنِ) أَيْ: بِجَمِيعِهِ أَوْ بِبَعْضِهِ نَعَمْ إنْ قَالَا ضِمْنًا مَالَكَ عَلَى زَيْدٍ فَكُلٌّ ضَامِنٌ لِلنِّصْفِ فَقَطْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلَا يَتَعَدَّدُ وَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ: لَا يُطَالَبُ الضَّامِنُ إلَّا إذَا عَجَزَ الْأَصِيلُ وَلَوْ طَالَبَ الْمُسْتَحِقُّ الضَّامِنَ فَقَالَ لَهُ: اذْهَبْ لِلْأَصِيلِ فَطَالِبْهُ فَقَالَ: لَا حَقَّ لِي عِنْدَهُ فَإِنْ جَهِلَ إسْقَاطَ حَقِّهِ بِذَلِكَ وَخَفِيَ عَلَيْهِ وَلَمْ يُرِدْ الْإِقْرَارَ فَحَقُّهُ بَاقٍ، وَإِلَّا سَقَطَ وَلَا مُطَالَبَةَ لَهُ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمَا ق ل وح ف
. (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ) كَاعْتِيَاضٍ أَوْ حَوَالَةٍ ح ل. (قَوْلُهُ: وَلَا عَكْسَ فِي إبْرَاءٍ) تَعْلِيلُهُ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ إسْقَاطٌ لِلْوَثِيقَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ إبْرَاؤُهُ مِنْ الضَّمَانِ أَمَّا إذَا أَبْرَأَهُ مِنْ الدَّيْنِ فَفِي شَرْحِ م ر أَنَّهُ يَبْرَأُ الْأَصِيلُ أَيْضًا إنْ قَصَدَ إسْقَاطَهُ عَنْهُ، وَإِلَّا فَلَا وَفِي كَلَامِ شَيْخِنَا شَمَلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ أَبْرَأَ الضَّامِنَ مِنْ الدَّيْنِ فَلَا يَبْرَأُ الْأَصِيلُ إلَّا إنْ قَصَدَ إسْقَاطَهُ عَنْ الْمَضْمُونِ ح ل.
(قَوْلُهُ: كَفَّكِ الرَّهْنِ) أَيْ: لَوْ أَسْقَطَ الْمُرْتَهِنُ حَقَّهُ مِنْهُ ح ل
. (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا وَالدَّيْنُ مُؤَجَّلٌ) أَيْ: مَا لَمْ يَضْمَنْ الْمُؤَجَّلَ حَالًا أَوْ يَضْمَنُ الْمُؤَجَّلَ إلَى شَهْرَيْنِ مُؤَجَّلًا إلَى شَهْرٍ، وَإِلَّا فَيَحِلُّ عَلَيْهِمَا بِمَوْتِ الْأَصِيلِ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ إنَّمَا ثَبَتَ فِي حَقِّ الضَّامِنِ تَبَعًا لِلْأَصِيلِ، وَقَدْ زَالَتْ التَّبَعِيَّةُ بِمَوْتِهِ فَرَجَعَ الضَّامِنُ إلَى أَصْلِ الْتِزَامِهِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر وَكَلَامُ ح ل هُنَا غَيْرُ ظَاهِرٍ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّنَافِي تَأَمَّلْ وَلَا يَحِلُّ الْمُؤَجَّلُ إلَى شَهْرَيْنِ إلَّا بَعْدَ مُضِيِّ الشَّهْرِ الَّذِي الْتَزَمَهُ كَمَا قَالَهُ س ل.
(قَوْلُهُ: خَرِبَتْ) عِبَارَةُ الْمُخْتَارِ خَرِبَ الْمَوْضِعُ بِالْكَسْرِ خَرَابًا، فَهُوَ خَرِبٌ وَدَارٌ خَرِبَةٌ ع ش.
(قَوْلُهُ: فَلِلضَّامِنِ أَنْ يُطَالِبَ) أَيْ: إنْ ضَمِنَ بِالْإِذْنِ عَلَى الْمُرَجَّحِ فَإِنْ ضَمِنَ بِغَيْرِ إذْنٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ إذْ لَا رُجُوعَ لَهُ حِينَئِذٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ م ر وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الشَّارِحِ فَلَا يَجِدُ مَرْجِعًا إلَخْ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ التَّرِكَةَ إلَخْ) هَذَا يُرْشِدُ إلَى أَنَّ الْكَلَامَ فِي الضَّامِنِ بِالْإِذْنِ وَأَنَّ الضَّامِنَ بِغَيْرِ الْإِذْنِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا رُجُوعَ لَهُ، وَهُوَ قِيَاسُ مَا مَرَّ فِي إفْلَاسِ الْأَصِيلِ، وَلَوْ قِيلَ لَهُ ذَلِكَ فِيهِمَا مُطْلَقًا حَتَّى لَا يَغْرَمَ لَمْ يَبْعُدْ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ بِعَدَمِ الِاسْتِبْدَالِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: قَدْ تَهْلِكُ) بِكَسْرِ اللَّامِ قَالَ تَعَالَى {لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ} [الأنفال: 42]
. (قَوْلُهُ: وَلِضَامِنٍ بِإِذْنٍ إلَخْ) لَعَلَّ الْأَوْلَى تَقْدِيمُهُ عَلَى قَوْلِهِ، وَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا إلَخْ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُطَالِبْ) أَيْ: وَبِخِلَافِ مَا إذَا ضَمِنَ بِغَيْرِ الْإِذْنِ فَلَيْسَ لَهُ مُطَالَبَتُهُ بِأَنَّهُ لَمْ يُسَلِّطْهُ عَلَيْهِ شَرْحُ م ر فَإِنْ دَفَعَ لَهُ الْأَصِيلُ ذَلِكَ حِينَئِذٍ أَيْ: قَبْلَ الْغُرْمِ وَالْمُطَالَبَةِ لَمْ يَمْلِكْهُ وَلَزِمَهُ رَدُّهُ وَضَمَانُهُ إنْ تَلِفَ كَالْمَقْبُوضِ بِشِرَاءٍ فَاسِدٍ فَلَوْ قَالَ لَهُ اقْضِ بِهِ مَا ضَمِنْتَهُ عَنِّي كَانَ وَكِيلًا وَالْمَالُ فِي يَدِهِ أَمَانَةٌ ح ل. (قَوْلُهُ: وَلَا يَحْبِسُ الْأَصِيلَ إلَخْ) أَيْ: وَلَيْسَ لِلضَّامِنِ حَبْسُ الْأَصِيلِ وَلَهُ طَلَبُ حَبْسِهِ مَعَهُ بِأَنْ يَقُولَ لِلْحَاكِمِ: احْبِسْهُ مَعِي، وَإِنْ كَانَ لَا يُجَابُ لَعَلَّهُ يُوَفِّي عِنْدَ سَمَاعِ ذَلِكَ وَكَتَبَ أَيْضًا وَلَهُ مُطَالَبَةُ الْأَصِيلِ وَفَائِدَةُ مُطَالَبَتِهِ حِينَئِذٍ إحْضَارُهُ مَجْلِسَ الْحُكْمِ وَتَفَسُّقُهُ إذَا امْتَنَعَ حَيْثُ كَانَ مُوسِرًا.
وَلَا يُرَسِّمُ عَلَيْهِ (وَ) لَهُ إنْ غَرِمَ مِنْ غَيْرِ سَهْمِ الْغَارِمِينَ (رُجُوعٌ عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى الْأَصِيلِ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ فِي الْأَدَاءِ؛ لِأَنَّهُ أَذِنَ لَهُ فِي سَبَبِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي الْأَدَاءِ دُونَ الضَّمَانِ لَا رُجُوعَ لَهُ لِأَنَّ الْأَدَاءَ سَبَبُهُ الضَّمَانُ وَلَمْ يَأْذَنْ فِيهِ نَعَمْ إنْ أَذِنَ فِي الْأَدَاءِ بِشَرْطِ الرُّجُوعِ رَجَعَ وَلَوْ ادَّعَى عَلَى زَيْدٍ وَغَائِبٍ أَلْفًا وَهُمَا مُتَضَامِنَانِ بِالْإِذْنِ وَأَقَامَ بِذَلِكَ بَيِّنَةً وَأَخَذَ الْأَلْفَ مِنْ زَيْدٍ فَإِنْ لَمْ يُكَذِّبْ الْبَيِّنَةَ رَجَعَ عَلَى الْغَائِبِ بِنِصْفِهَا، وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّهُ مَظْلُومٌ بِزَعْمِهِ فَلَا يَرْجِعُ عَلَى غَيْرِ ظَالِمِهِ وَيَقُومُ مَقَامَ الْإِذْنِ وَالضَّمَانِ أَدَاءُ الْأَبِ وَالْجَدِّ دَيْنَ مَحْجُورِهِمَا بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ كَمَا قَالَهُ الْقَفَّالُ وَغَيْرُهُ
(وَلَوْ صَالَحَ عَنْ الدَّيْنِ) الْمَضْمُونِ (بِمَا دُونَهُ) كَأَنْ صَالَحَ عَنْ مِائَةٍ بِبَعْضِهَا أَوْ بِثُبُوتِ قِيمَتِهِ دُونَهَا (لَمْ يَرْجِعْ إلَّا بِمَا غَرِمَ) ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي بَذَلَهُ نَعَمْ لَوْ ضَمِنَ ذِمِّيٌّ لِذِمِّيٍّ دَيْنًا عَلَى مُسْلِمٍ ثُمَّ تَصَالَحَا عَلَى خَمْرٍ لَمْ يَرْجِعْ، وَإِنْ قُلْنَا بِالْمَرْجُوحِ، وَهُوَ سُقُوطُ الدَّيْنِ لِتَعَلُّقِهَا بِالْمُسْلِمِ وَلَا قِيمَةَ لِلْخَمْرِ عِنْدَهُ وَحَوَالَةُ الضَّامِنِ الْمَضْمُونَ لَهُ كَالْأَدَاءِ فِي ثُبُوتِ الرُّجُوعِ وَعَدَمِهِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَخَرَجَ بِ (صَالَحَ) مَا لَوْ بَاعَهُ الثَّوْبَ بِمِائَةٍ أَوْ بِالْمِائَةِ الْمَضْمُونَةِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِهَا لَا بِقِيمَةِ الثَّوْبِ، وَتَعْبِيرِي بِمَا دُونَهُ أَعَمُّ مِمَّا عَبَّرَ بِهِ
(وَمَنْ أَدَّى دَيْنَ غَيْرِهِ بِإِذْنٍ
ــ
[حاشية البجيرمي]
كَمَا قِيلَ بِذَلِكَ فِي مُطَالَبَةِ الْفَرْعِ لِأَصْلِهِ بِدَيْنِهِ ح ل.
(قَوْلُهُ: وَلَا يُرَسِّمُ) بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَتَشْدِيدِ السِّينِ الْمَكْسُورَةِ أَيْ: لَا يُلَازِمُهُ ح ف.
(قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ سَهْمِ الْغَارِمِينَ) بِخِلَافِ مَا إذَا غَرِمَ مِنْهُ بِأَنْ يَكُونَ الضَّامِنُ وَالْأَصِيلُ مُعْسِرَيْنِ شَوْبَرِيٌّ أَوْ أَعْسَرَ وَحْدَهُ وَضَمِنَ بِلَا إذْنٍ. (قَوْلُهُ: رُجُوعٌ عَلَيْهِ) وَحَيْثُ ثَبَتَ الرُّجُوعُ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْقَرْضِ حَتَّى يَرُدَّ فِي الْمُتَقَوِّمِ مِثْلَهُ صُورَةً كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ: شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ فِي الْأَدَاءِ) أَيْ: وَلَمْ يَنْهَهُ عَنْهُ فَإِنْ نَهَاهُ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ الضَّمَانِ فَلَا يُؤَثِّرُ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ أَوْ قَبْلَهُ فَإِنْ انْفَصَلَ عَنْ الْإِذْنِ فِي الضَّمَانِ بِأَنْ كَانَ بَيْنَ الْإِذْنِ وَالضَّمَانِ، فَهُوَ رُجُوعٌ عَنْهُ وَلَا بِأَنْ قَارَنَ النَّهْيُ الْإِذْنَ فِي الضَّمَانِ فَإِنَّهُ يُفْسِدُ الْإِذْنَ فِي الضَّمَانِ فَإِذَا ضَمِنَ كَانَ ضَمَانًا مِنْ غَيْرِ إذْنٍ فَلَا يَرْجِعُ س ل بِزِيَادَةٍ وَمِثْلُهُ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: دُونَ الضَّمَانِ) وَبِالْأَوْلَى مَا إذَا لَمْ يَأْذَنْ فِيهِمَا. فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ ضَمِنَ بِالْإِذْنِ رَجَعَ مُطْلَقًا، وَإِنْ ضَمِنَ بِغَيْرِ إذْنٍ لَمْ يَرْجِعْ مُطْلَقًا أَيْ: سَوَاءٌ أَدَّى بِالْإِذْنِ أَوْ لَا. (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ أَذِنَ لَهُ فِي الْأَدَاءِ) أَيْ: وَهُوَ ضَامِنٌ بِغَيْرِ إذْنٍ
وَقَوْلُهُ: رَجَعَ أَيْ: إنْ أَدَّى عَنْ الْآذِنِ، وَإِلَّا بِأَنْ أَدَّى عَنْ جِهَةِ الضَّمَانِ بِغَيْرِ إذْنٍ فَلَا يَرْجِعُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ صُورَةُ الْإِطْلَاقِ كَصُورَةِ الْإِذْنِ ح ل. (قَوْلُهُ: وَغَائِبٍ) لَيْسَ قَيْدًا
وَقَوْلُهُ: وَهُمَا مُتَضَامِنَانِ هَلْ الْمَعْنَى وَالْحَالُ أَنَّهُمَا مُتَضَامِنَانِ أَوْ الْمَعْنَى وَادَّعَى أَنَّهُمَا مُتَضَامِنَانِ الظَّاهِرُ الثَّانِي.
وَعِبَارَةُ بَعْضِهِمْ وَهُمَا مُتَضَامِنَانِ بِالْإِذْنِ أَيْ: كُلٌّ مِنْهُمَا ضَامِنٌ الْآخَرَ بِخَمْسِمِائَةٍ فَيَكُونُ كُلٌّ مِنْهُمَا مُطَالَبًا بِالْأَلْفِ أَصَالَةً فِي النِّصْفِ وَضَمَانًا فِي النِّصْفِ لَكِنَّ قَوْلَهُ مُتَضَامِنَانِ لَيْسَ بِقَيْدٍ، بَلْ مِثْلُهُ مَا لَوْ كَانَ زَيْدٌ عَلَيْهِ خَمْسُمِائَةٍ وَضَامِنٌ لِلْغَائِبِ بِخَمْسِمِائَةٍ فَمَدَارُ التَّصْوِيرِ عَلَى كَوْنِ الْحَاضِرِ مُطَالَبًا بِالْأَلْفِ أَصَالَةً وَضَمَانًا فَالْمَدَارُ عَلَى ضَمَانِهِ فَقَطْ
وَقَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَكْذِبْ أَيْ: الْحَاضِرُ الَّذِي هُوَ زَيْدٌ
وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا أَيْ: بِأَنْ كَذَّبَ الْبَيِّنَةَ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ ادَّعَى عَلَى الدَّائِنِ أَنَّهُ أَخَذَ خَمْسَمِائَةٍ مِنْ الْغَائِبِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مُعْتَرِفٌ بِأَنَّ أَخْذَهَا مِنْهُ أَيْ: مِنْ زَيْدٍ ظُلْمٌ.
(قَوْلُهُ: بِنِصْفِهَا) أَيْ: الْأَلْفِ وَأُنِّثَ نَظَرًا لِتَأْوِيلِ الْأَلْفِ بِالدَّرَاهِمِ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَرْجِعُ عَلَى غَيْرِ ظَالِمِهِ) يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ دَرَاهِمَ الشَّكِيَّةِ لَا يَرْجِعُ الْمَظْلُومُ بِهَا عَلَى الشَّاكِّي خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ لِأَنَّ الْمُبَاشَرَةَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى السَّبَبِ عِنْدَنَا كَمَا سَيُصَرِّحُ الشَّارِحُ بِذَلِكَ التَّعْلِيلِ فِي بَابِ الْغَصْبِ. (قَوْلُهُ: وَيَقُومُ مَقَامَ الْإِذْنِ إلَخْ) الْأَوْلَى تَقْدِيمُ هَذَا عَلَى قَوْلِهِ وَلَوْ ادَّعَى عَلَى زَيْدٍ وَغَائِبٍ لِتَعَلُّقِهِ بِمَا قَبْلَهُ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: الْأَبِ وَالْجَدِّ) أَيْ: لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَقْدِرُ عَلَى تَمْلِيكِ فَرْعِهِ فَإِذَا أَدَّى بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ فَكَأَنَّهُ أَقْرَضَهُ لَهُ وَأَقْبَضَهُ ثُمَّ أَدَّاهُ عَنْهُ ع ش. (قَوْلُهُ: بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ) أَيْ: وَيُصَدَّقُ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي ذَلِكَ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ لَا تُعْلَمُ إلَّا مِنْهُ ع ش
. (قَوْلُهُ: لَمْ يَرْجِعْ إلَّا بِمَا غَرِمَ) قَضِيَّةُ هَذَا مَعَ قَوْلِ م ر إنَّهُ حَيْثُ ثَبَتَ الرُّجُوعُ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْقَرْضِ حَتَّى يَرُدَّ فِي الْمُتَقَوِّمِ مِثْلَهُ صُورَةً كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي حُسَيْنُ: أَنَّهُ يَرْجِعُ بِمِثْلِ الثَّوْبِ لَا قِيمَتِهَا لَكِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي أَنَّهُ يَرْجِعُ بِهَا لَا بِقِيمَةِ الثَّوْبِ خِلَافُهُ ع ش.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ قُلْنَا بِالْمَرْجُوحِ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّ الصُّلْحَ عَلَى الْخَمْرِ بَاطِلٌ وَالدَّيْنُ بَاقٍ كَمَا قَالَهُ ع ش وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَلَا يَبْرَأُ الْمُسْلِمُ كَمَا لَوْ دَفَعَ الْخَمْرَ بِنَفْسِهِ. (قَوْلُهُ: لِتَعَلُّقِهَا) أَيْ: الْمُصَالَحَةِ ح ل وع ش.
(قَوْلُهُ: وَحَوَالَةُ الضَّامِنِ إلَخْ) ، وَإِنْ أَبْرَأَ رَبُّ الدَّيْنِ الَّذِي هُوَ الْمُحْتَالُ الْمُحَالَ عَلَيْهِ رَجَعَ الضَّامِنُ؛ لِأَنَّهُ غَارِمٌ مَا فَاتَ عَلَيْهِ، وَهُوَ مَا كَانَ فِي ذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ، وَلَوْ أَحَالَ الْمَضْمُونَ لَهُ عَلَى الضَّامِنِ فَأَبْرَأَهُ الْمُحْتَالُ لَمْ يَكُنْ لِلضَّامِنِ الرُّجُوعُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَغْرَمْ شَيْئًا خِلَافًا لِلْجَلَالِ الْبُلْقِينِيِّ ح ل قَالَ سم: وَظَاهِرُ جَعْلِ الْحَوَالَةِ كَالْأَدَاءِ ثُبُوتُ الرُّجُوعِ قَبْلَ دَفْعِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ لِلْمُحْتَالِ وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُهُ بِأَنَّ الْحَوَالَةَ تَقْتَضِي انْتِقَالَ الْحَقِّ وَفَرَاغَ ذِمَّةِ الْمُحِيلِ وَكَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمَ مَسْأَلَةِ الْحَوَالَةِ عَلَى قَوْلِهِ، وَلَوْ صَالَحَ. (قَوْلُهُ: فِي ثُبُوتِ الرُّجُوعِ) إنْ ضَمِنَ بِالْإِذْنِ أَوْ بِلَا إذْنٍ وَأَدَّى بِالْإِذْنِ بِشَرْطِ الرُّجُوعِ، وَإِلَّا فَلَا رُجُوعَ ع ش.
(قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِصَالَحَ) الْمُنَاسِبُ تَقْدِيمُهُ عَلَى مَسْأَلَةِ الْحَوَالَةِ؛ لِأَنَّهُ مَفْهُومُ الْمَتْنِ. (قَوْلُهُ: بِمِائَةٍ) أَيْ: مِنْ جُمْلَةِ الْمَضْمُونِ وَقَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِهَا أَيْ بِالْمِائَةِ لَا بِقِيمَةِ الثَّوْبِ