الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نَوْبَتَهَا لِعَائِشَةَ» كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ فَلَا يُوَالِي الْمُنْفَصِلَتَيْنِ لِئَلَّا يَتَأَخَّرَ حَقُّ الَّتِي بَيْنَهُمَا؛ وَلِأَنَّ الْوَاهِبَةَ قَدْ تَرْجِعُ بَيْنَ اللَّيْلَتَيْنِ وَالْوَلَاءُ يُفَوِّتُ حَقَّ الرُّجُوعِ عَلَيْهَا لَكِنْ قَيَّدَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَخْذًا مِنْ التَّعْلِيلِ بِمَا إذَا تَأَخَّرَتْ لَيْلَةُ الْوَاهِبَةِ فَإِنْ تَقَدَّمَتْ وَأَرَادَ تَأْخِيرَهَا جَازَ قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ: وَكَذَا لَوْ تَأَخَّرَتْ فَأَخَّرَ لَيْلَةَ الْمَوْهُوبَةِ إلَيْهَا بِرِضَاهَا تَمَسُّكًا بِهَذَا التَّعْلِيلِ وَهَذِهِ الْهِبَةُ لَيْسَتْ عَلَى قَوَاعِدِ الْهِبَاتِ وَلِهَذَا لَا يُشْتَرَطُ رِضَا الْمَوْهُوبِ لَهَا بَلْ يَكْفِي رِضَا الزَّوْجِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَاهِبَةِ (أَوْ) وَهَبَتْهُ (لَهُنَّ أَوْ أَسْقَطَتْهُ) وَالثَّانِي مِنْ زِيَادَتِي (سَوَّى) بَيْنَ الْبَاقِيَاتِ فِيهِ وَلَا يُخَصِّصُ بِهِ بَعْضَهُنَّ فَتُجْعَلُ الْوَاهِبَةُ كَالْمَعْدُومَةِ (أَوْ) وَهَبَتْهُ (لَهُ فَلَهُ تَخْصِيصٌ) لِوَاحِدَةٍ بِنَوْبَةِ الْوَاهِبَةِ وَلَا يَجُوزُ لِلْوَاهِبَةِ أَنْ تَأْخُذَ بِحَقِّهَا عِوَضًا فَإِنْ أَخَذَتْهُ لَزِمَهَا رَدُّهُ وَاسْتَحَقَّتْ الْقَضَاءَ وَلِلْوَاهِبَةِ الرُّجُوعُ مَتَى شَاءَتْ وَمَا فَاتَ قَبْلَ عِلْمِ الزَّوْجِ بِهِ لَا يُقْضَى.
(فَصْلٌ)
فِي حُكْمِ الشِّقَاقِ بِالتَّعَدِّي بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ
وَهُوَ إمَّا مِنْ أَحَدِهِمَا أَوْ مِنْهُمَا فَلَوْ (ظَهَرَتْ أَمَارَةُ نُشُوزِهَا) قَوْلًا كَأَنْ تُجِيبَهُ بِكَلَامٍ خَشِنٍ بَعْدَ أَنْ كَانَ بِلِينٍ أَوْ فِعْلًا كَأَنْ يَجِدَ مِنْهَا إعْرَاضًا وَعُبُوسًا بَعْدَ لُطْفٍ وَطَلَاقَةِ وَجْهٍ (وَعَظَ) هَا
ــ
[حاشية البجيرمي]
وَهَبْتُ حَقِّي لِعَائِشَةَ» كَمَا فِي الْبُخَارِيِّ (قَوْلُهُ: لِعَائِشَةَ) وَلَمْ يَتَزَوَّجْ بِكْرًا إلَّا هِيَ
(قَوْلُهُ: لِئَلَّا يَتَأَخَّرَ. . . إلَخْ) صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ زَوْجٌ تَحْتَهُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ عَائِشَةُ وَلَهَا لَيْلَةُ الْجُمُعَةِ وَزَيْنَبُ وَلَهَا لَيْلَةُ السَّبْتِ وَخَدِيجَةُ وَلَهَا لَيْلَةُ الْأَحَدِ وَفَاطِمَةُ وَلَهَا لَيْلَةُ الِاثْنَيْنِ فَوَهَبَتْ فَاطِمَةُ لَيْلَتَهَا لِعَائِشَةَ فَلَا يَبِيتُ عِنْدَ عَائِشَةَ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ وَلَيْلَةَ السَّبْتِ وَيُؤَخِّرُ زَيْنَبَ إلَى لَيْلَةِ الْأَحَدِ وَخَدِيجَةَ إلَى لَيْلَةِ الِاثْنَيْنِ لِمَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مِنْ تَأْخِيرِ حَقِّ زَيْنَبَ وَخَدِيجَةَ وَمِنْ تَضْيِيعِ حَقِّ الرُّجُوعِ عَلَى فَاطِمَةَ؛ لِأَنَّهَا بَعْدَ لَيْلَةِ السَّبْتِ لَا يُمْكِنُهَا الرُّجُوعُ بِخِلَافِ مَا لَوْ بَاتَ لَيْلَةَ الْوَاهِبَةِ فِي وَقْتِهَا فَيُمْكِنُهَا الرُّجُوعُ لَيْلَةَ السَّبْتِ وَلَيْلَةَ الْأَحَدِ لِأَنَّ لَيْلَتَهَا حِينَئِذٍ لَمْ تُسْتَوْفَ (قَوْلُهُ: يَفُوتُ حَقُّ الرُّجُوعِ) ؛ لِأَنَّ لَهَا الرُّجُوعَ مَتَى شَاءَتْ كَمَا سَيَأْتِي؛ لِأَنَّ الْمُسْتَقْبَلَ هِبَةٌ لَمْ تُقْبَضْ وَإِذَا رَجَعَتْ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ عِنْدَ الْمَوْهُوبِ لَهَا حَالًا وَلَوْ لَيْلًا حَيْثُ أَمْكَنَ ح ل (قَوْلُهُ: قَيَّدَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ) أَيْ قَيَّدَ عَدَمَ جَوَازِ الْوَلَاءِ (قَوْلُهُ: أَخْذًا مِنْ التَّعْلِيلِ) أَيْ جِنْسِهِ فَيَشْمَلُ التَّعْلِيلَ الْأَوَّلَ وَالثَّانِيَ كَمَا فِي ع ش (قَوْلُهُ: الْمَوْهُوبَةِ) أَيْ الْمَوْهُوبِ لَهَا فَلَمَّا حَذَفَ الْجَارَّ انْفَصَلَ الضَّمِيرُ وَاسْتَتَرَ فِي الْمَوْهُوبَةِ وَقَوْلُهُ إلَيْهَا أَيْ إلَى لَيْلَةِ الْوَاهِبَةِ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِأَخَّرَ (قَوْلُهُ وَهَذِهِ الْهِبَةُ لَيْسَتْ. . . إلَخْ) إذْ لَيْسَ لَنَا هِبَةٌ يُقْبَلُ فِيهَا غَيْرُ الْمَوْهُوبِ لَهُ مَعَ تَأَهُّلِهِ لِلْقَبُولِ إلَّا هَذِهِ شَرْحُ م ر وَلِأَنَّ الْقَابِلَ هُوَ الزَّوْجُ وَالْمُرَادُ بِقَبُولِهِ عَدَمُ رَدِّهِ
(قَوْلُهُ: أَوْ وَهَبَتْهُ لَهُنَّ) وَبَقِيَ مِنْ أَحْوَالِ الْمَسْأَلَةِ مَا لَوْ وَهَبَتْ نَوْبَتَهَا لَهُ وَلَهُنَّ فَيَنْبَغِي التَّوْزِيعُ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ وَيَكُونُ هُوَ كَوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ كَمَا لَوْ وَهَبَ شَخْصٌ عَيْنًا لِجَمَاعَةٍ وَالتَّقْدِيمُ بِالْقُرْعَةِ زي وح ل وس ل فَلَوْ كُنَّ أَرْبَعًا كَانَ لَهُ الرُّبُعُ فَإِذَا جَاءَتْ لَيْلَةُ الْوَاهِبَةِ كَانَ لَهُ أَنْ يَبِيتَ عِنْدَ كُلِّ وَاحِدَةٍ رُبُعَهَا بِالْقُرْعَةِ فَإِذَا بَقِيَ رُبُعُهُ كَانَ لَهُ أَنْ يَخُصَّ بِهِ مَنْ شَاءَ مِنْهُنَّ وَإِنْ صَبَرَ حَتَّى كَمُلَتْ لَهُ لَيْلَةٌ كَانَ لَهُ أَنْ يَخُصَّ بِتِلْكَ اللَّيْلَةِ مَنْ شَاءَ مِنْهُنَّ ح ل وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ أَنَّهَا تُوَزَّعُ عَلَيْهِنَّ بِحَسَبِ اللَّيَالِيِ لَا بِحَسَبِ الْأَجْزَاءِ فَيَخُصُّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْ لَيَالِيِ الْوَاهِبَةِ لَيْلَةً بِالْقُرْعَةِ فِي الدَّوْرِ الْأَوَّلِ وَيَخُصُّ بِلَيْلَتِهِ مَنْ شَاءَ مِنْهُنَّ، وَرَدَّ الْقَوْلَ بِالتَّوْزِيعِ بِحَسَبِ الْأَجْزَاءِ، نَعَمْ يَظْهَرُ فِيمَا إذَا وَهَبَتْ لَيْلَةً وَاحِدَةً فَقَطْ لَهُنَّ وَلِلزَّوْجِ (قَوْلُهُ: بِحَقِّهَا) أَيْ بَدَلِ حَقِّهَا ع ش (قَوْلُهُ: لَزِمَهَا رَدُّهُ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَيْنًا وَلَا مَنْفَعَةً حَتَّى يُقَابَلَ بِمَالٍ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَاسْتَحَقَّتْ الْقَضَاءَ) ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تُسْقِطْهُ مَجَّانًا م ر وَإِنْ عَلِمَتْ بِالْفَسَادِ ح ل (قَوْلُهُ وَلِلْوَاهِبَةِ الرُّجُوعُ) وَلَوْ فِي أَثْنَاءِ اللَّيْلِ وَحِينَئِذٍ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَخْرُجَ فَوْرًا مِنْ عِنْدَ الْمَوْهُوبِ لَهَا فِي أَثْنَاءِ اللَّيْلِ إنْ أَمِنَ فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ قَضَى مِنْ حِينِ الرُّجُوعِ ح ل (قَوْلُهُ: قَبْلَ عِلْمِ الزَّوْجِ) بِخِلَافِ مَا فَاتَ بَعْدَ عِلْمِهِ وَكَذَا بَعْدَ عِلْمِ الضَّرَّةِ الْمُسْتَوْفِيَةِ دُونَ الزَّوْجِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ وَارْتَضَاهُ م ر سم (قَوْلُهُ: لَا يَقْضِي) بِخِلَافِ مَا لَوْ أَبَاحَ مَالِكٌ بُسْتَانٍ ثَمَرَهُ لِإِنْسَانِ ثُمَّ رَجَعَ عَنْ الْإِبَاحَةِ وَلَمْ يَعْلَمْ الْمُبَاحُ لَهُ بِالرُّجُوعِ فَإِنَّ مَا تَلِفَ قَبْلَ الْعِلْمِ بِالرُّجُوعِ عَلَيْهِ ضَمَانُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ؛ لِأَنَّ ضَمَانَ الْغَرَامَاتِ لَا فَرْقَ فِيهَا بَيْنَ الْعِلْمِ وَالْجَهْلِ زي.
[فَصْلٌ فِي حُكْمِ الشِّقَاقِ بِالتَّعَدِّي بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ]
(فَصْلٌ: فِي حُكْمِ الشِّقَاقِ)
فِي الْمُخْتَارِ الشِّقَاقُ الْخِلَافُ وَالْعَدَاوَةُ اهـ. وَقَوْلُهُ بِالتَّعَدِّي مُتَعَلِّقٌ بِالشِّقَاقِ أَيْ بِسَبَبِهِ وَكَذَا بَيْنَ (قَوْلُهُ بَعْدَ أَنْ كَانَ بِلِينٍ) قَيْدٌ مُعْتَبَرٌ فَلَوْ كَانَ ذَلِكَ عَادَتَهَا مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ لَمْ يَكُنْ نُشُوزًا وَكَذَا قَوْلُهُ: بَعْدَ لُطْفٍ. . . إلَخْ شَيْخُنَا وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ خَرَجَ بِالْبَعْدِيَّةِ مَنْ هِيَ دَائِمًا كَذَلِكَ فَلَيْسَ نُشُوزًا إلَّا إنْ زَادَ وَقَوْلُهُ إعْرَاضًا وَعُبُوسًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا عَنْ كَرَاهَةٍ وَبِذَلِكَ فَارَقَ السَّبَّ وَالشَّتْمَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لِسُوءِ الْخُلُقِ لَكِنْ لَهُ تَأْدِيبُهَا عَلَيْهِ وَلَوْ بِلَا حَاكِمٍ (فَائِدَةٌ)
حُكِيَ أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إلَى عُمَرَ يَشْكُو إلَيْهِ خُلُقَ زَوْجَتِهِ فَوَقَفَ بِبَابِهِ يَنْتَظِرُهُ فَسَمِعَ امْرَأَتَهُ تَسْتَطِيلُ عَلَيْهِ بِلِسَانِهَا وَهُوَ سَاكِتٌ لَا يَرُدُّ عَلَيْهَا فَانْصَرَفَ الرَّجُلُ قَائِلًا إذَا كَانَ هَذَا حَالَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَكَيْفَ حَالِي فَخَرَجَ عُمَرُ فَرَآهُ مُوَلِّيًا فَنَادَاهُ مَا حَاجَتُك يَا أَخِي فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَشْكُو إلَيْك خُلُقَ زَوْجَتِي وَاسْتِطَالَتَهَا عَلَيَّ فَسَمِعْتُ زَوْجَتَكَ كَذَلِكَ فَرَجَعْت وَقُلْت إذَا كَانَ هَذَا حَالَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ مَعَ زَوْجَتِهِ فَكَيْفَ حَالِي فَقَالَ لَهُ عُمَرُ إنَّمَا تَحَمَّلْتُهَا
بِلَا هَجْرٍ وَضَرْبٍ فَلَعَلَّهَا تُبْدِي عُذْرًا أَوْ تَتُوبُ عَمَّا وَقَعَ مِنْهَا بِغَيْرِ عُذْرٍ وَالْوَعْظُ كَأَنْ يَقُولَ لَهَا: اتَّقِ اللَّهَ فِي الْحَقِّ الْوَاجِبِ لِي عَلَيْك وَاحْذَرِي الْعُقُوبَةَ وَيُبَيِّنَ لَهَا أَنَّ النُّشُوزَ يُسْقِطُ النَّفَقَةَ وَالْقَسْمَ (أَوْ عَلِمَ) نُشُوزَهَا (وَعَظَ) هَا (وَهَجَرَ) هَا (فِي مَضْجَعٍ وَضَرَبَ) هَا وَإِنْ لَمْ يَتَكَرَّرْ النُّشُوزُ (إنْ أَفَادَ) الضَّرْبُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ} [النساء: 34]، وَالْخَوْفُ فِيهِ بِمَعْنَى الْعِلْمِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا} [البقرة: 182] وَتَقْيِيدُ الضَّرْبِ بِالْإِفَادَةِ مِنْ زِيَادَتِي فَلَا يَضْرِبُ إذَا لَمْ يُفِدْ كَمَا لَا يَضْرِبُ ضَرْبًا مُبَرِّحًا وَلَا وَجْهًا وَمَهَالِكَ وَمَعَ ذَلِكَ فَالْأَوْلَى الْعَفْوُ وَخَرَجَ بِالْمَضْجَعِ الْهَجْرُ فِي الْكَلَامِ فَلَا يَجُوزُ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَيَجُوزُ فِيهَا لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثٍ» لَكِنَّ هَذَا كَمَا قَالَ جَمْعٌ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا قَصَدَ بِهَجْرِهَا رَدَّهَا لِحَظِّ نَفْسِهِ فَإِنْ قَصَدَ بِهِ رَدَّهَا عَنْ الْمَعْصِيَةِ وَإِصْلَاحَ دِينِهَا فَلَا تَحْرِيمَ وَلَعَلَّ هَذَا مُرَادُهُمْ إذْ النُّشُوزُ حِينَئِذٍ عُذْرٌ شَرْعِيٌّ وَالْهَجْرُ فِي الْكَلَامِ لَهُ جَائِزٌ مُطْلَقًا وَمِنْهُ «هَجْرُهُ صلى الله عليه وسلم كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ وَصَاحِبَيْهِ وَنَهْيُهُ الصَّحَابَةَ عَنْ كَلَامِهِمْ» ، وَلَوْ ضَرَبَهَا وَادَّعَى أَنَّهُ بِسَبَبِ نُشُوزِهَا وَادَّعَتْ عَدَمَهُ فَفِيهِ احْتِمَالَانِ فِي الْمَطْلَبِ قَالَ وَاَلَّذِي يَقْوَى فِي ظَنِّي أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ جَعَلَهُ وَلِيًّا فِي ذَلِكَ.
(فَلَوْ مَنَعَهَا حَقَّهَا كَقَسْمٍ) وَنَفَقَةٍ (أَلْزَمهُ قَاضٍ وَفَاءَهُ) كَسَائِرِ الْمُمْتَنِعِينَ مِنْ أَدَاءِ الْحُقُوقِ (أَوْ آذَاهَا) بِشَتْمٍ أَوْ نَحْوِهِ (بِلَا سَبَبٍ نَهَاهُ) عَنْ ذَلِكَ وَإِنَّمَا لَمْ يُعَزِّرْهُ؛ لِأَنَّ إسَاءَةَ الْخُلُقِ تَكْثُرُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ وَالتَّعْزِيرُ عَلَيْهَا يُورِثُ وَحْشَةً بَيْنَهُمَا فَيَقْتَصِرُ أَوَّلًا عَلَى النَّهْيِ لَعَلَّ الْحَالَ يَلْتَئِمُ
ــ
[حاشية البجيرمي]
لِحُقُوقٍ لَهَا عَلَيَّ إنَّهَا طَبَّاخَةٌ لِطَعَامِي خَبَّازَةٌ لِخُبْزِي غَسَّالَةٌ لِثِيَابِي رَضَّاعَةٌ لِوَلَدِي وَلَيْسَ ذَلِكَ بِوَاجِبٍ عَلَيْهَا وَيَسْكُنُ قَلْبِي بِهَا عَنْ الْحَرَامِ فَأَنَا أَتَحَمَّلُهَا لِذَلِكَ فَقَالَ الرَّجُلُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَكَذَلِكَ زَوْجَتِي قَالَ فَتَحَمَّلْهَا يَا أَخِي فَإِنَّمَا هِيَ مُدَّةٌ يَسِيرَةٌ عَبْدُ الْبَرِّ (قَوْلُهُ: بِلَا هَجْرٍ) الْمُرَادُ نَفْيُ هَجْرٍ يُفَوِّتُ حَقَّهَا مِنْ نَحْوِ قَسْمٍ لِحُرْمَتِهِ حِينَئِذٍ بِخِلَافِ هَجْرِهَا فِي الْمَضْجَعِ فَلَا يَحْرُمُ؛ لِأَنَّهُ حَقُّهُ شَرْحُ م ر بِأَنْ يَنَامَ فِي مَحَلِّهَا بَعِيدًا عَنْ فِرَاشِهَا
(قَوْلُهُ: كَأَنْ يَقُولَ لَهَا) وَيَنْبَغِي أَنْ يَذْكُرَ لَهَا مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ «إذَا بَاتَتْ الْمَرْأَةُ هَاجِرَةً فِرَاشَ زَوْجِهَا لَعَنَتْهَا الْمَلَائِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ» أَيْ سَبَّتْهَا حَتَّى تَرْجِعَ إلَى طَاعَتِهِ (قَوْلُهُ: فِي الْحَقِّ الْوَاجِبِ لِي عَلَيْك) وَالْحَقُّ الْوَاجِبُ لِلزَّوْجِ عَلَى الزَّوْجَةِ أَرْبَعَةٌ طَاعَتُهُ وَمُعَاشَرَتُهُ بِالْمَعْرُوفِ وَتَسْلِيمُ نَفْسِهَا إلَيْهِ وَمُلَازَمَةُ الْمَسْكَنِ وَالْحَقُّ الْوَاجِبُ عَلَى الزَّوْجِ لِلزَّوْجَةِ أَرْبَعَةٌ أَيْضًا مُعَاشَرَتُهَا بِالْمَعْرُوفِ وَمُؤْنَتُهَا وَالْمَهْرُ وَالْقَسْمُ اهـ. ب ر (قَوْلُهُ: وَعَظَهَا) أَيْ نَدْبًا ح ل (قَوْلُهُ: فِي مَضْجَعٍ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَيَجُوزُ كَسْرُهَا أَيْ الْوَطْءِ أَوْ الْفِرَاشِ م ر يُقَالُ ضَجَعَ الرَّجُلُ: وَضَعَ جَنْبَهُ عَلَى الْأَرْضِ وَبَابُهُ خَضَعَ اهـ. مُخْتَارٌ وَقَوْلُ م ر أَيْ الْوَطْءِ أَوْ الْفِرَاشِ أَيْ وَإِنْ أَدَّى إلَى تَفْوِيتِ حَقِّهَا مِنْ ذَلِكَ الْقَسْمِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ أَنَّ النُّشُوزَ يُسْقِطُ حَقَّهَا مِنْ ذَلِكَ وَبِهَذَا فَارَقَ مَا مَرَّ فِي الْمَرْتَبَةِ الْأُولَى اهـ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَضَرَبَهَا) أَيْ بِنَحْوِ يَدِهِ لَا بِسَوْطٍ وَعَصًا وَلَا يَبْلُغُ ضَرْبُ الْحُرَّةِ أَرْبَعِينَ وَغَيْرِهَا عِشْرِينَ اهـ. ح ل لَكِنْ فِي شَرْحِ م ر أَنَّهُ يَضْرِبُ بِنَحْوِ الْعَصَا وَالسَّوْطِ وَلَيْسَ لَنَا مَوْضِعٌ يَضْرِبُ فِيهِ الْمُسْتَحِقُّ مَنْ مَنَعَهُ حَقَّهُ إلَّا هَذَا وَالْعَبْدُ شَوْبَرِيٌّ أَيْ إذَا امْتَنَعَ مِنْ أَدَاءِ حَقِّ سَيِّدِهِ قَالَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا ز ي كحج وَالْخَطِيبُ أَنَّهُ لَا يَنْتَقِلُ لِلْمَرْتَبَةِ الثَّانِيَةِ إلَّا إذَا لَمْ تُفِدْ الْأُولَى اهـ. فَكَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ التَّعْبِيرَ بِالْفَاءِ بِأَنْ يَقُولَ فَهَجَرَهَا فَضَرَبَهَا لَكِنَّهُ عَبَّرَ بِالْوَاوِ اقْتِدَاءً بِالْآيَةِ الْكَرِيمَةِ. وَأُجِيبَ عَنْ الْآيَةِ بِأَنَّ الْوَاوَ فِيهَا بِمَعْنَى أَوْ الَّتِي لِلتَّنْوِيعِ
(قَوْلُهُ: إنْ أَفَادَ) أَيْ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ يُفِيدُ شَرْحُ م ر. قَوْلُهُ {جَنَفًا} [البقرة: 182] أَيْ مَيْلًا عَنْ الْحَقِّ خَطَأً وَقَوْلُهُ {أَوْ إِثْمًا} [البقرة: 182] بِأَنْ تَعَمَّدَ ذَلِكَ بِالزِّيَادَةِ عَلَى الثُّلُثِ أَوْ تَخْصِيصِ غَنِيٍّ مَثَلًا اهـ. جَلَالَيْنِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَضْرِبُ إذَا لَمْ يُفِدْ) أَيْ يَحْرُمُ؛ لِأَنَّهُ عُقُوبَةٌ بِلَا فَائِدَةٍ ح ل (قَوْلُهُ: مُبَرِّحًا) وَهُوَ مَا يَعْظُمُ أَلَمُهُ عُرْفًا ح ل وَقَوْلُهُ وَمَعَ ذَلِكَ أَيْ مَعَ جَوَازِ الضَّرْبِ إنْ أَفَادَ فَالْأَوْلَى الْعَفْوُ بِخِلَافِ وَلِيِّ الصَّبِيِّ فَالْأَوْلَى لَهُ عَدَمُ الْعَفْوِ؛ لِأَنَّ ضَرْبَهُ لِلْأَدَبِ مَصْلَحَةٌ لَهُ وَضَرْبُ الزَّوْجِ زَوْجَتُهُ مَصْلَحَةٌ لِنَفْسِهِ شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: فَوْقَ ثَلَاثٍ) مَحَلُّهُ فِي غَيْرِ الْأَبَوَيْنِ وَالْأَنْبِيَاءِ أَمَّا هَؤُلَاءِ فَلَا يَجُوزُ هَجْرُهُمْ طَرْفَةَ عَيْنٍ لِفَضْلِهِمْ عَلَى غَيْرِهِمْ كَمَا لَا يَخْفَى شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: لِحَظِّ نَفْسِهِ) أَوْ لِلْأَمْرَيْنِ مَعًا ح ل وم ر (قَوْلُهُ: وَإِصْلَاحَ دِينِهَا) أَيْ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَلَعَلَّ هَذَا) أَيْ التَّفْصِيلَ مُرَادُهُمْ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ وَصَاحِبَيْهِ) وَهُمَا مُرَارَةُ بْنُ الرَّبِيعِ وَهِلَالُ بْنُ أُمَيَّةَ اهـ. زي وَهْم الثَّلَاثَةُ الَّذِينَ تَخَلَّفُوا عَنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ الْمَذْكُورُونَ فِي قَوْله تَعَالَى {وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ} [التوبة: 118] الْآيَةَ وَأَوَائِلُ أَسْمَائِهِمْ جُمِعَتْ فِي لَفْظِ مَكَّةَ وَأَوَاخِرُ أَسْمَاءِ آبَائِهِمْ جُمِعَتْ فِي لَفْظِ عَكَّةَ شَوْبَرِيٌّ وَمُرَارَةُ بِضَمِّ الْمِيمِ بِرْمَاوِيٌّ
(قَوْلُهُ: أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ:) فَقَوْلُهُ مَقْبُولٌ فِي نُشُوزِهَا بِيَمِينِهِ بِالنِّسْبَةِ لِجَوَازِ الضَّرْبِ لَا لِسُقُوطِ النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ قَالَ حَجّ وَمَحَلُّهُ فِيمَا لَمْ تُعْلَمْ جَرَاءَتُهُ وَاشْتِهَارُهُ وَإِلَّا لَمْ يُصَدَّقْ ح ل
(قَوْلُهُ أَلْزَمَهُ قَاضٍ) أَيْ إنْ كَانَ أَهْلًا فَإِنْ لَمْ يَتَأَهَّلْ لِكَوْنِهِ مَحْجُورًا عَلَيْهِ أَلْزَمَ وَلِيَّهُ بِذَلِكَ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: أَوْ آذَاهَا بِلَا سَبَبٍ) وَلَوْ كَانَ لَا يَتَعَدَّى عَلَيْهَا وَإِنَّمَا يَكْرَهُ صُحْبَتُهَا لِمَرَضٍ أَوْ كِبَرٍ أَوْ نَحْوِهِ وَيُعْرِضُ عَنْهَا