الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَنَفَقَةِ يَوْمِهِ تَحْصِينًا لِدِينِهِ، سَوَاءٌ أَكَانَ مُشْتَغِلًا بِالْعِبَادَةِ أَمْ لَا (وَإِلَّا) بِأَنْ فَقَدَ أُهْبَتَهُ (فَتَرْكُهُ أَوْلَى وَكَسَرَ) إرْشَادًا (تَوَقَانَهُ بِصَوْمٍ) لِخَبَرِ «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ» أَيْ: قَاطِعٌ لِتَوَقَانِهِ، وَالْبَاءَةُ بِالْمَدِّ مُؤَنُ النِّكَاحِ، فَإِنْ لَمْ يَنْكَسِرْ بِالصَّوْمِ لَا يَكْسِرُهُ بِالْكَافُورِ وَنَحْوِهِ، بَلْ يَتَزَوَّجُ. (وَكُرِهَ) النِّكَاحُ (لِغَيْرِهِ) أَيْ: غَيْرِ التَّائِقِ لَهُ لِعِلَّةٍ، أَوْ غَيْرِهَا (إنْ فَقَدَهَا) أَيْ: أُهْبَتَهُ (أَوْ) وَجَدَهَا وَ (كَانَ بِهِ عِلَّةٌ كَهَرَمٍ) وَتَعْنِينٍ؛ لِانْتِفَاءِ حَاجَتِهِ إلَيْهِ، مَعَ الْتِزَامِ فَاقِدِ الْأُهْبَةِ مَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَخَطَرِ الْقِيَامِ بِوَاجِبِهِ فِيمَنْ عَدَاهُ (وَإِلَّا) بِأَنْ وَجَدَهَا وَلَا عِلَّةَ بِهِ (فَتَخَلٍّ لِعِبَادَةٍ أَفْضَلُ) مِنْ النِّكَاحِ إنْ كَانَ مُتَعَبِّدًا اهْتِمَامًا بِهَا (فَإِنْ لَمْ يَتَعَبَّدْ فَالنِّكَاحُ أَفْضَلُ) مِنْ تَرْكِهِ لِئَلَّا تُفْضِيَ بِهِ الْبَطَالَةُ إلَى الْفَوَاحِشِ. وَتَعْبِيرِي بِالتَّخَلِّي لِلْعِبَادَةِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْعِبَادَةِ؛ لِأَنَّهَا عِبَارَةُ الْجُمْهُورِ؛ وَلِأَنَّهَا الَّتِي تَصْلُحُ لِلْخِلَافِيَّةِ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْحَنَفِيَّةِ؛ إذْ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْعِبَادَةَ أَفْضَلُ مِنْ النِّكَاحِ قَطْعًا
(فَرْعٌ) نَصَّ فِي الْأُمِّ وَغَيْرِهَا عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ التَّائِقَةَ يُسَنُّ لَهَا النِّكَاحُ وَفِي مَعْنَاهَا الْمُحْتَاجَةُ إلَى النَّفَقَةِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
عَلَيْهِ وَإِنَّمَا يَقْدِرُ عَلَى الْقَبُولِ وَلَا يَجِبُ النِّكَاحُ إلَّا إذَا طَلَّقَ مَظْلُومَتَهُ فِي الْقَسْمِ لِيُوَفِّيَهَا مِنْ نَوْبَةِ الْمَظْلُومِ لَهَا. (قَوْلُهُ وَنَفَقَةِ يَوْمِهِ) أَيْ: مَعَ لَيْلَتِهِ. (قَوْلُهُ: وَكَسَرَ إرْشَادًا) وَيُثَابُ عَلَيْهِ حَيْثُ قَصَدَ بِذَلِكَ الْعِفَّةَ. وَظَاهِرُ كَلَامِ حَجّ أَنَّهُ يُثَابُ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ الْعِفَّةَ؛ لِأَنَّهُ يَرْجِعُ إلَيْهَا حَرِّرْ اهـ. ح ل وَفِي شَرْحِ م ر فِي بَابِ الْمِيَاهِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَيُكْرَهُ الْمُشَمَّسُ مَا نَصُّهُ قَالَ السُّبْكِيُّ، وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ فَاعِلَ الْإِرْشَادِ إنْ فَعَلَهُ لِمُجَرَّدِ غَرَضِهِ لَا يُثَابُ وَلِمُجَرَّدِ الِامْتِثَالِ يُثَابُ وَلَهُمَا يُثَابُ ثَوَابًا أَنْقَصَ مِنْ ثَوَابِ مَنْ قَصَدَ مَحْضَ الِامْتِثَالِ اهـ. بِحُرُوفِهِ. (قَوْلُهُ: يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ) خَصَّهُمْ بِالذِّكْرِ؛ لِأَنَّهُمْ مَحَلُّ تَوَقَانِهِ غَالِبًا وَإِلَّا فَغَيْرُهُمْ مِثْلُهُمْ اهـ. ع ش وَهَذَا النِّدَاءُ لَا يَشْمَلُ الْإِنَاثَ تَغْلِيبًا؛ لِأَنَّ الصَّوْمَ لَا يَكْسِرُ تَوَقَانَ الْمَرْأَةِ ح ل وَالْمَعْشَرُ الطَّائِفَةُ الَّذِينَ يَشْمَلُهُمْ وَصْفٌ وَاحِدٌ فَالشَّبَابُ مَعْشَرٌ، وَالشُّيُوخُ مَعْشَرٌ، وَالشَّبَابُ جَمْعُ شَابٍّ وَهُوَ مَنْ بَلَغَ وَلَمْ يُجَاوِزْ ثَلَاثِينَ سَنَةً اهـ. شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ فَلْيَتَزَوَّجْ) الْأَمْرُ لِلنَّدْبِ. (قَوْلُهُ: فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ) هَذَا إغْرَاءُ الْغَائِبِ وَقَوْلُ النُّحَاةِ فِيهِ مَعْرُوفٌ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَيْسَ إغْرَاءَ الْغَائِبِ؛ لِأَنَّ الْهَاءَ فِي عَلَيْهِ لِمَنْ خَصَّهُ مِنْ الْحَاضِرِينَ بِعَدَمِ الِاسْتِطَاعَةِ لِتَعَذُّرِ خِطَابِهِ بِكَافِ الْخِطَابِ شَوْبَرِيٌّ.
وَالْبَاءُ زَائِدَةٌ، وَالصَّوْمُ مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ وَعَلَيْهِ خَبَرٌ مُقَدَّمٌ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ اسْمُ فِعْلٍ ضُمِّنَ مَعْنَى لِيَتَمَسَّكْ فَعَدَّاهُ بِالْبَاءِ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ) أَيْ: الصَّوْمَ لَهُ أَيْ: لِمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ عَلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ لِتَوَقَانِهِ فَيَكُونُ لَهُ مُتَعَلِّقًا بِوِجَاءٍ (قَوْلُهُ: أَيْ: قَاطِعٌ) وَكَوْنُ الصَّوْمِ يُثِيرُ الْحَرَارَةَ وَالشَّهْوَةَ إنَّمَا هُوَ فِي ابْتِدَائِهِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: لَا يَكْسِرُهُ بِالْكَافُورِ) أَيْ: يَحْرُمُ ذَلِكَ إنْ قَطَعَ الشَّهْوَةَ بِالْكُلِّيَّةِ وَيُكْرَهُ إنْ أَضْعَفَهَا ح ل. (قَوْلُهُ: بَلْ يَتَزَوَّجُ) وَيُكَلَّفُ اقْتِرَاضَ الْمَهْرِ إنْ لَمْ تَرْضَ بِذِمَّتِهِ ع ش. (قَوْلُهُ لِعِلَّةٍ، أَوْ غَيْرِهَا) بِأَنْ كَانَ لَا يَشْتَهِيهِ خِلْقَةً ح ل. (قَوْلُهُ وَتَعْنِينٍ) أَيْ: دَائِمٍ بِخِلَافِ مَنْ يُعَنُّ وَقْتًا دُونَ وَقْتٍ ح ل. (قَوْلُهُ: وَخَطَرِ الْقِيَامِ) أَيْ: الْخَوْفِ مِنْ عَدَمِ الْقِيَامِ بِوَاجِبِهِ وَهُوَ الْوَطْءُ وَفِيهِ أَنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ لَا يَأْتِي إلَّا عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِ الْوَطْءِ فِي الْعُمْرِ مَرَّةً، وَالرَّاجِحُ عَدَمُ وُجُوبِهِ فَلَا يَحْسُنُ التَّعْلِيلُ بِذَلِكَ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ بِوَاجِبِ النِّكَاحِ الْوَطْءُ قَوْلُ شَيْخِنَا كَحَجِّ لِعَدَمِ حَاجَتِهِ مَعَ عَدَمِ تَحْصِينِ الْمَرْأَةِ الْمُؤَدِّي غَالِبًا لِفَسَادِهَا اهـ.؛ لِأَنَّ التَّحْصِينَ بِالْوَطْءِ فَالْأَوْلَى أَنْ يُرَادَ بِوَاجِبِهِ نَحْوُ النَّفَقَةِ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا مَنَعَهَا ذَلِكَ وَلَمْ تَسْمَحْ بِهِ نَفْسُهُ لِعَدَمِ انْتِفَاعِهِ بِهَا هَذَا غَايَةُ مَا يُقَالُ اهـ. ح ل. (قَوْلُهُ: بِأَنْ وَجَدَهَا) أَيْ: غَيْرُ التَّائِقِ. (قَوْلُهُ: فَتَخَلٍّ لِعِبَادَةٍ) وَفِي مَعْنَاهُ الِاشْتِغَالُ بِالْعِلْمِ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: إنْ كَانَ مُتَعَبِّدًا) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمَتْنِ فَإِنْ لَمْ يَتَعَبَّدْ مُقَابِلٌ لِمَحْذُوفٍ وَهُوَ مَا قَدَّرَهُ الشَّارِحُ. (قَوْلُهُ: أَفْضَلُ مِنْ تَرْكِهِ) أَفْعَلُ التَّفْضِيلِ لَيْسَ عَلَى بَابِهِ فَإِنَّ التَّرْكَ لَا فَضْلَ فِيهِ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ الْبَطَالَةُ) قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ الْأَفْصَحُ فَتْحُ الْبَاءِ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: إلَى الْفَوَاحِشِ) أَيْ: الزِّنَا؛ لِأَنَّ غَيْرَ التَّائِقِ لَا لِعِلَّةِ رُبَّمَا حَصَلَ لَهُ التَّوَقَانُ بَعْدَ ذَلِكَ بِالتَّفَكُّرِ بِخِلَافِ غَيْرِ التَّائِقِ لِعِلَّةٍ لَا يَحْصُلُ لَهُ ذَلِكَ؛ إذْ لَوْ أُرِيدَ بِالْفَوَاحِشِ مَا شَمِلَ مُقَدِّمَاتِ الْوَطْءِ لَمْ يَحْسُنْ التَّقْيِيدُ بِقَوْلِهِ: وَلَا عِلَّةَ بِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا مُتَأَتٍّ مِمَّنْ بِهِ عِلَّةٌ تَأَمَّلْ ح ل. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا) أَيْ: التَّخَلِّي وَأُنِّثَ مُرَاعَاةٌ لِلْخَبَرِ. (قَوْلُهُ: لِلْخِلَافِيَّةِ) أَيْ: الَّذِينَ يَتَعَرَّضُونَ لِلْخِلَافِ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْحَنَفِيَّةِ؛ لِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ وَالْحَالَةُ هَذِهِ: إنَّ النِّكَاحَ أَفْضَلُ مِنْ التَّخَلِّي لِلْعِبَادَةِ شَيْخُنَا. وَقَوْلُهُ: إذْ مِنْ الْمَعْلُومِ عِلَّةٌ لِمَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ لَا تَصْلُحُ لِلْخِلَافِيَّةِ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْحَنَفِيَّةِ؛ إذْ إلَخْ وَفِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّ النِّكَاحَ لَيْسَ عِبَادَةً وَهُوَ كَذَلِكَ بِاعْتِبَارِ وَضْعِهِ وَمِنْ ثَمَّ لَا يَصِحُّ نَذْرُهُ، وَلَوْ مِمَّنْ يُسَنُّ لَهُ، لِأَنَّ الْأَصْلَ فِيهِ الْإِبَاحَةُ خِلَافًا لحج حَيْثُ قَالَ بِصِحَّةِ نَذْرِهِ وَأَنَّ صِحَّةَ نَذْرِهِ مِنْ الْكَافِرِ لَا تُنَافِي كَوْنَهُ عِبَادَةً كَالْوَقْفِ لِعَدَمِ تَوَقُّفِهِ عَلَى النِّيَّةِ. وَفِي فَتَاوَى النَّوَوِيِّ إنْ قَصَدَ بِهِ طَاعَةً مِنْ وَلَدٍ صَالِحٍ، أَوْ إعْفَافٍ فَهُوَ مِنْ عَمَلِ الْآخِرَةِ وَيُثَابُ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَمُبَاحٌ اهـ. ح ل وَم ر
[فَرْعٌ الْمَرْأَةَ التَّائِقَةَ يُسَنُّ لَهَا النِّكَاحُ]
. (قَوْلُهُ: يُسَنُّ لَهَا النِّكَاحُ) أَيْ: طَلَبُهُ مِنْ وَلِيِّهَا أَيْ: إنْ عَلِمَتْ قُدْرَتَهَا عَلَى الْقِيَامِ بِوَاجِبِ
وَالْخَائِفَةِ مِنْ اقْتِحَامِ الْفَجَرَةِ وَيُوَافِقُهُ مَا فِي التَّنْبِيهِ مِنْ أَنَّ مَنْ جَازَ لَهَا النِّكَاحُ إنْ كَانَتْ مُحْتَاجَةً إلَيْهِ اُسْتُحِبَّ لَهَا النِّكَاحُ وَإِلَّا كُرِهَ فَمَا قِيلَ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهَا ذَلِكَ مُطْلَقًا مَرْدُودٌ
. (وَسُنَّ بِكْرٌ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ جَابِرٍ «هَلَّا بِكْرًا تُلَاعِبُهَا وَتُلَاعِبُك» (إلَّا لِعُذْرٍ) مِنْ زِيَادَتِي كَضَعْفِ آلَتِهِ عَنْ الِافْتِضَاضِ، أَوْ احْتِيَاجِهِ لِمَنْ يَقُومُ عَلَى عِيَالِهِ وَمِنْهُ مَا اتَّفَقَ لِجَابِرٍ فَإِنَّهُ لَمَّا قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَا تَقَدَّمَ اعْتَذَرَ لَهُ فَقَالَ «إنَّ أَبِي قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ وَتَرَكَ تِسْعَ بَنَاتٍ فَكَرِهْتُ أَنْ أَجْمَعَ إلَيْهِنَّ جَارِيَةً خَرْقَاءَ مِثْلَهُنَّ وَلَكِنْ امْرَأَةً تَمْشُطُهُنَّ وَتَقُومُ عَلَيْهِنَّ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: أَصَبْت» (دَيِّنَةٌ) لَا فَاسِقَةٌ (جَمِيلَةٌ وَلُودٌ) مِنْ زِيَادَتِي وَذَلِكَ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا، وَلِجَمَالِهَا، وَلِحَسَبِهَا، وَلِدِينِهَا فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاك» أَيْ: افْتَقَرَتَا إنْ لَمْ تَفْعَلْ وَخَبَرِ «تَزَوَّجُوا الْوَلُودَ الْوَدُودَ فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمْ الْأُمَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ. وَيُعْرَفُ كَوْنُ الْبِكْرِ وَلُودًا بِأَقَارِبِهَا (نَسِيبَةٌ) أَيْ: طَيِّبَةُ الْأَصْلِ لِخَبَرِ «تَخَيَّرُوا لِنُطَفِكُمْ» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، بَلْ تُكْرَهُ بِنْتُ الزِّنَا وَبِنْتُ الْفَاسِقِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيُشْبِهُ أَنْ يَلْحَقَ بِهِمَا اللَّقِيطَةُ، وَمَنْ لَا يُعْرَفُ لَهَا أَبٌ (غَيْرُ ذَاتَ قَرَابَةٍ قَرِيبَةٍ) بِأَنْ تَكُونَ أَجْنَبِيَّةً، أَوْ ذَاتَ قَرَابَةِ بَعِيدَةٍ لِضِعْفِ الشَّهْوَةِ فِي الْقَرِيبَةِ؛ فَيَجِيءُ الْوَلَدُ نَحِيفًا، وَالْبَعِيدَةُ أَوْلَى مِنْ الْأَجْنَبِيَّةِ، لَكِنْ ذَكَرَ صَاحِبُ الْبَحْرِ، وَالْبَيَانِ أَنَّ الشَّافِعِيَّ نَصَّ عَلَى أَنَّهُ يُسَنُّ لَهُ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ مِنْ عَشِيرَتِهِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ حِينَئِذٍ عَلَى الْوَلَدِ الْحُمْقُ فَلْيُحْمَلْ نَصُّهُ عَلَى عَشِيرَتِهِ الْأَدْنَيْنَ
ــ
[حاشية البجيرمي]
حَقِّ الزَّوْجِ ح ل وَقَدْ وَرَدَ «لَوْلَا أَنَّ اللَّهَ أَرْخَى عَلَيْهِنَّ الْحَيَاءَ لَبَرَكْنَ تَحْتَ الرِّجَالِ فِي الْأَسْوَاقِ» شَيْخُنَا عَزِيزِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَالْخَائِفَةُ مِنْ اقْتِحَامِ الْفَجَرَةِ) أَيْ: الْفُجُورِ بِهَا فَإِنْ عَلِمَتْ أَنَّهُمْ لَا يَنْدَفِعُونَ عَنْهَا إلَّا بِذَلِكَ وَجَبَ كَمَا فِي ح ل
. (قَوْلُهُ: وَسُنَّ بِكْرٌ) أَيْ: نِكَاحُ بِكْرٍ ع ش وَفِي مَعْنَاهَا مَنْ زَالَتْ بَكَارَتُهَا بِنَحْوِ حَيْضٍ وَفِي مَعْنَى الثَّيِّبِ مَنْ لَمْ تَزُلْ بَكَارَتُهَا مَعَ وُجُودِ دُخُولِ الزَّوْجِ بِهَا كَالْغَوْرَاءِ. وَيُسَنُّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَتَزَوَّجَ بِكْرًا إلَّا لِعُذْرٍ جَمِيلًا وَلُودًا إلَى آخِرِ الصِّفَاتِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي الْمَرْأَةِ وَيُسَنُّ لَهُ أَنْ لَا يُزَوِّجَ بِنْتَه إلَّا مِنْ بِكْرٍ ح ل. (قَوْلُهُ: هَلَّا بِكْرًا) هِيَ أَدَاةُ تَنْدِيمٍ إنْ دَخَلَتْ عَلَى فِعْلٍ مَاضٍ وَأَدَاةُ تَحْضِيضٍ إنْ دَخَلَتْ عَلَى مُسْتَقْبَلٍ وَبِكْرًا مَعْمُولٌ لِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ هَلَّا تَزَوَّجْت بِكْرًا اهـ. شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: خَرْقَاءَ) هِيَ بِالْمَدِّ أَيْ: لَا تُحْسِنُ صَنْعَةً شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَلَكِنْ امْرَأَةً) أَيْ: وَلَكِنْ أَحْبَبْت أَنْ أَجْمَعَ إلَيْهِنَّ امْرَأَةً إلَخْ وَقَوْلُهُ: تَمْشُطُهُنَّ بِضَمِّ الشِّينِ وَكَسْرِهَا ب ر. (قَوْلُهُ: دَيِّنَةٌ) بِحَيْثُ تُوجَدُ فِيهَا صِفَةُ الْعَدَالَةِ م ر. (قَوْلُهُ جَمِيلَةٌ) أَيْ: بِاعْتِبَارِ طَبْعِهِ وَتُكْرَهُ بَارِعَةُ الْجَمَالِ. اهـ. ح ل؛ لِأَنَّهَا إمَّا تَزْهُو أَيْ: تَتَكَبَّرُ بِجَمَالِهَا، أَوْ تَمْتَدُّ الْأَعْيَنُ إلَيْهَا ز ي وَمِنْ ثَمَّ قَالَ أَحْمَدُ مَا سَلِمَتْ ذَاتُ جَمَالٍ قَطُّ شَرْحُ م ر أَيْ: مِنْ فِتْنَةٍ، أَوْ تَقَوُّلٍ عَلَيْهَا بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ وَلُودٌ) قَالَ الْقَمُولِيُّ فَمَتَى وَجَدَ بِكْرًا غَيْرَ وَلُودٍ وَثَيِّبًا وَلُودًا فَالْبِكْرُ أَوْلَى شَوْبَرِيٌّ. .
قَوْلُهُ: «تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ» أَيْ: الدَّاعِي لِنِكَاحِهَا أَحَدُ أُمُورِ أَرْبَعَةٍ فَهُوَ بَيَانٌ لِمَا يَرْغَبُ فِيهِ النَّاسُ وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ قَالَ النَّوَوِيُّ الصَّحِيحُ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَخْبَرَ بِمَا يَفْعَلُهُ النَّاسُ فِي الْعَادَةِ فَإِنَّهُمْ يَقْصِدُونَ هَذِهِ الْخِصَالَ الْأَرْبَعَ، وَأَفْخَرُهَا عِنْدَهُمْ ذَاتُ الدِّينِ فَاظْفَرْ أَنْتَ أَيُّهَا الْمُسْتَرْشِدُ بِذَاتِ الدِّينِ لَا أَنَّهُ أَمَرَ بِذَلِكَ اهـ. أَيْ: لِأَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْ زَوَاجِ الْمَرْأَةِ لِمَالِهَا وَإِنْ أَمَرَ بِزَوَاجِهَا لِدِينِهَا وَجَمَالِهَا وَحَسَبِهَا فَمَقْصُودُهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْحَدِيثِ دَفْعُ مَا يُتَوَهَّمُ مِنْ أَنَّهُ يُطْلَبُ نِكَاحُ الْمَرْأَةِ لِمَالِهَا وَإِنْ كَانَ بَاقِيًا عَلَى ظَاهِرِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلثَّلَاثَةِ الْأُخَرِ فَإِنَّهُ يُطْلَبُ نِكَاحُ الْمَرْأَةِ لِوَاحِدٍ مِنْهَا. (قَوْلُهُ: وَلِحَسَبِهَا) وَهُوَ مَا يَعُدُّهُ الْإِنْسَانُ مِنْ مَفَاخِرِ آبَائِهِ وَقِيلَ: التَّخَلُّقُ بِالْأَخْلَاقِ الْعَظِيمَةِ وَمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ شَوْبَرِيٌّ.
وَنَقَلَ ضَبْطَهُ بِالنُّونِ حَرِّرْ. ح ل. لَكِنْ يُغْنِي عَنْهُ الْجَمَالُ. (قَوْلُهُ: فَاظْفَرْ) جَوَابُ شَرْطٍ مَحْذُوفٌ أَيْ: إذَا تَحَقَّقْت أَمْرَهَا وَفَضْلِيَّتَهَا فَاظْفَرْ بِهَا تُرْشَدْ فَإِنَّك تَكْسِبُ مَنَافِعَ الدَّارَيْنِ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: تَرِبَتْ يَدَاك) مَعْنَاهُ فِي الْأَصْلِ الْتَصَقَتَا بِالتُّرَابِ وَمِنْ لَازِمِهِ الْفَقْرُ فَفَسَّرَهُ هُنَا بِاللَّازِمِ شَيْخُنَا، وَالْقَصْدُ مِنْهُ اللَّوْمُ لَا الدُّعَاءُ الْحَقِيقِيُّ ع ش. (قَوْلُهُ: أَيْ: طَيِّبَةَ الْأَصْلِ) كَأَنْ تَكُونَ مَنْسُوبَةً لِلشُّرَفَاءِ وَالْعُلَمَاءِ وَالصُّلَحَاءِ وَقَدْ وَرَدَ «إيَّاكُمْ وَخَضْرَاءَ الدِّمَنِ الْمَرْأَةُ الْحَسْنَاءُ فِي الْمَنْبِتِ السُّوءِ» شَبَّهَ الْمَرْأَةَ الَّتِي أَصْلُهَا رَدِيءٌ بِالْقِطْعَةِ الزَّرْعِ الْمُرْتَفِعَةِ عَلَى غَيْرِهَا الَّتِي مَنْبِتُهَا مَوْضِعُ رَوْثِ الْبَهَائِمِ. اهـ. شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: بَلْ تُكْرَهُ بِنْتُ الزِّنَا) إضْرَابٌ إبْطَالِيٌّ لِمَا يَقْتَضِيهِ مَا قَبْلَهُ مِنْ خِلَافِ الْأَوْلَى اهـ. شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَبِنْتُ الْفَاسِقِ) ؛ لِأَنَّهُ يُعَيَّرُ بِهَا لِدَنَاءَةِ أَصْلِهَا وَرُبَّمَا اكْتَسَبَتْ مِنْ طِبَاعِ أَبِيهَا ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: غَيْرُ ذَاتِ قَرَابَةٍ قَرِيبَةٍ) وَهِيَ الَّتِي تَكُونُ فِي أَوَّلِ دَرَجَاتِ الْخُؤُولَةِ وَالْعُمُومَةِ كَبِنْتِ الْخَالِ وَالْخَالَةِ وَبِنْتِ الْعَمِّ وَالْعَمَّةِ فَلَا يَرِدُ تَزَوُّجُ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى وَجْهَهُ بِفَاطِمَةَ؛ لِأَنَّهَا بِنْتُ ابْنِ عَمٍّ فَهِيَ بَعِيدَةٌ، وَنِكَاحُهَا أَوْلَى مِنْ الْأَجْنَبِيَّةِ لِانْتِفَاءِ ذَلِكَ الْمَعْنَى مَعَ حُنُوِّ الرَّحِمِ، وَتَزَوُّجُهُ صلى الله عليه وسلم بِزَيْنَبِ بِنْتِ جَحْشٍ مَعَ كَوْنِهَا بِنْتَ عَمَّتِهِ لِمَصْلَحَةٍ هِيَ حِلُّ نِكَاحِ زَوْجَةِ الْمُتَبَنَّى وَهُوَ زَيْدٌ، وَتَزْوِيجُهُ زَيْنَبَ بِنْتَهُ أَبَا الْعَاصِ مَعَ أَنَّهَا بِنْتُ خَالَتِهِ أَيْ: أَبِي الْعَاصِ بِتَقْدِيرِ وُقُوعِهِ بَعْدَ النُّبُوَّةِ وَاقِعَةَ حَالٍ فِعْلِيَّةً، فَاحْتِمَالُ كَوْنِهِ لِمَصْلَحَةٍ يُسْقِطُهَا اهـ. شَرْحُ م ر قَالَ شَيْخُنَا، وَلَوْ تَعَارَضَتْ تِلْكَ الصِّفَاتُ فَالْأَوْجَهُ تَقْدِيمُ ذَاتِ الدِّينِ مُطْلَقًا، ثُمَّ الْعَقْلِ وَحُسْنِ
(وَ) سُنَّ (نَظَرُ كُلٍّ) مِنْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ (لِلْآخَرِ بَعْدَ قَصْدِهِ نِكَاحَهُ قَبْلَ خِطْبَةٍ غَيْرَ عَوْرَةٍ) فِي الصَّلَاةِ، وَإِنْ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِيهِ، أَوْ خِيفَ مِنْهُ الْفِتْنَةُ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ فَيَنْظُرُ الرَّجُلُ مِنْ الْحُرَّةِ الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ وَمِمَّنْ بِهَا رِقٌّ مَا عَدَا مَا بَيْنَ سُرَّةٍ وَرُكْبَةٍ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْأَمَةِ وَقَالَ: إنَّهُ مَفْهُومُ كَلَامِهِمْ، وَهُمَا يَنْظُرَانِهِ مِنْهُ فَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ الْأَصْلِ كَغَيْرِهِ بِالْوَجْهِ، وَالْكَفَّيْنِ، وَاحْتُجَّ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لِلْمُغِيرَةِ وَقَدْ خَطَبَ امْرَأَةً:«اُنْظُرْ إلَيْهَا فَإِنَّهُ أَحْرَى أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا» أَيْ: أَنْ تَدُومَ بَيْنَكُمَا الْمَوَدَّةُ، وَالْأُلْفَةُ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَقِيسَ بِمَا فِيهِ عَكْسُهُ.
وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ ذَلِكَ بَعْدَ الْقَصْدِ؛ لِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ قَبْلَهُ وَمُرَادُهُ بِخَطَبَ فِي الْخَبَرِ عَزَمَ عَلَى خِطْبَتِهَا لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ «إذَا أُلْقِيَ فِي قَلْبِ امْرِئٍ خِطْبَةُ امْرَأَةٍ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَنْظُرَ إلَيْهَا» وَأَمَّا اعْتِبَارُهُ قَبْلَ الْخِطْبَةِ؛ فَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ بَعْدَهَا لَرُبَّمَا أَعْرَضَ عَنْ مَنْظُورِهِ فَيُؤْذِيهِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُشْتَرَطْ الْإِذْنُ فِي النَّظَرِ اكْتِفَاءً بِإِذْنِ الشَّارِعِ؛ وَلِئَلَّا يَتَزَيَّنَ الْمَنْظُورُ إلَيْهِ فَيَفُوتَ غَرَضُ النَّاظِرِ، فَإِنْ قُلْت: لِمَ فَرَّقْتُمْ بَيْنَ الْحُرَّةِ، وَالْأَمَةِ هُنَا مَعَ التَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا فِي نَظَرِ الْفَحْلِ لِلْأَجْنَبِيَّةِ عَلَى قَوْلِ النَّوَوِيِّ قُلْت لِأَنَّ النَّظَرَ هُنَا مَأْمُورٌ بِهِ وَإِنْ خِيفَتْ الْفِتْنَةُ فَأُنِيطَ بِغَيْرِ الْعَوْرَةِ وَهُنَاكَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ لِخَوْفِ الْفِتْنَةِ فَتَعَدَّى مَنْعُهُ إلَى مَا يُخَافُ مِنْهُ الْفِتْنَةُ
ــ
[حاشية البجيرمي]
الْخُلُقِ، ثُمَّ النَّسَبِ، ثُمَّ الْبَكَارَةِ، ثُمَّ الْوِلَادَةِ، ثُمَّ الْجَمَالِ، ثُمَّ مَا الْمَصْلَحَةُ فِيهِ أَظْهَرُ بِحَسَبِ اجْتِهَادِهِ وَهَذَا أَوْلَى مِنْ تَقْدِيمِ حَجّ الْوِلَادَةَ عَلَى النَّسَبِ وَالْبَكَارَةِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ. وَقَوْلُهُ: الْأَدْنَيْنِ أَصْلُهُ الْأَدْنَوَيْنِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الدُّنُوِّ فَتَحَرَّكَتْ الْوَاوُ وَانْفَتَحَ مَا قَبْلَهَا قُلِبَتْ أَلِفًا، ثُمَّ حُذِفَتْ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ:
وَاحْذِفْ مِنْ الْمَقْصُورِ فِي جَمْعٍ عَلَى
…
حَدِّ الْمُثَنَّى مَا بِهِ تَكَمَّلَا
(قَوْلُهُ: وَسُنَّ نَظَرُ كُلٍّ) إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ الْإِجَابَةُ وَخَرَجَ بِهِ اللَّمْسُ فَيَحْرُمُ ح ل وَخَرَجَ بِالْآخَرِ نَحْوُ وَلَدِهَا الْأَمْرَدِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ نَظَرُهُ وَإِنْ بَلَغَهُ اسْتِوَاؤُهُمَا فِي الْحُسْنِ خِلَافًا لِمَنْ وَهَمَ فِيهِ حَجّ ع ش عَلَى م ر وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر فِي مَبْحَثِ نَظَرِ الْأَمْرَدِ: وَشَرْطُ الْحُرْمَةِ أَنْ لَا تَدْعُو إلَى نَظَرِهِ حَاجَةٌ فَإِنْ دَعَتْ كَمَا لَوْ كَانَ لِلْمَخْطُوبَةِ نَحْوُ وَلَدٍ أَمْرَدَ وَتَعَذَّرَ عَلَيْهِ رُؤْيَتُهَا وَسَمَاعُ وَصْفِهَا جَازَ لَهُ نَظَرُهُ إنْ بَلَغَهُ اسْتِوَاؤُهُمَا فِي الْحُسْنِ وَإِلَّا فَلَا كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ عِنْدَ انْتِفَاءِ الشَّهْوَةِ وَعَدَمِ خَوْفِ الْفِتْنَةِ اهـ. وَيَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ نَظَرُ نَحْوِ أُخْتِهَا لَكِنْ إنْ كَانَتْ مُتَزَوِّجَةً فَيَنْبَغِي امْتِنَاعُ نَظَرِهَا بِغَيْرِ رِضَا زَوْجِهَا، أَوْ ظَنِّ رِضَاهُ وَكَذَا رِضَاهَا إنْ كَانَتْ عَزَبًا؛ لِأَنَّ مَصْلَحَتَهَا وَمَصْلَحَةَ زَوْجِهَا مُقَدَّمَةٌ عَلَى مَصْلَحَةِ الْخَاطِبِ سم عَلَى حَجّ قَالَ ع ش وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ ذَلِكَ بِأَمْنِ الْفِتْنَةِ وَعَدَمِ الشَّهْوَةِ.
(قَوْلُهُ: بَعْدَ قَصْدِهِ نِكَاحَهَا) وَبَعْدَ الْعِلْمِ بِخُلُوِّهَا مِنْ نِكَاحٍ وَعِدَّةٍ تُحَرِّمُ التَّعْرِيضَ؛ لِأَنَّ النَّظَرَ مَعَ عِلْمِهَا بِهِ كَالتَّعْرِيضِ. (قَوْلُهُ: قَبْلَ خِطْبَةٍ) فَلَا يُسَنُّ بَعْدَهَا عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ لَكِنْ الْأَوْجَهُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا اسْتِحْبَابُهُ وَقَوْلُهُ: فِي الْخَبَرِ وَقَدْ خَطَبَ يَدُلُّ عَلَيْهِ، وَالتَّأْوِيلُ خِلَافُ الظَّاهِرِ نَعَمْ الْأَوْلَى كَوْنُهُ قَبْلَ الْخِطْبَةِ [تَنْبِيهٌ]
، وَلَوْ رَأَى امْرَأَتَيْنِ مَعًا مِمَّنْ يَحْرُمُ جَمْعُهُمَا فِي النِّكَاحِ لِتُعْجِبَهُ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا يَتَزَوَّجُهَا جَازَ وَلَا وَجْهَ لِمَا نُقِلَ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعَصْرِ مِنْ الْحُرْمَةِ وَيُؤَيِّدُ مَا قُلْنَاهُ مَا قَالُوهُ فِيمَا لَوْ خَطَبَ خَمْسًا مَعًا لِيَتَزَوَّجَ أَرْبَعًا مِنْهُنَّ حَيْثُ يَحِلُّ نَظَرُهُ لَهُنَّ وَتَحْرُمُ الْخِطْبَةُ حَتَّى يَخْتَارَ شَيْئًا كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا م ر وَمِنْهُ نَقَلْت شَوْبَرِيٌّ. .
(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ) أَيْ: الْآخَرُ الْمَنْظُورُ. (قَوْلُهُ: أَوْ خِيفَ مِنْهُ الْفِتْنَةُ) وَلَوْ كَانَ بِشَهْوَةٍ م ر. (قَوْلُهُ وَالْكَفَّيْنِ) أَيْ: مِنْ رُءُوسِ الْأَصَابِعِ إلَى الْكُوعِ ظَهْرًا وَبَطْنًا س ل؛ لِأَنَّ الْوَجْهَ يَدُلُّ عَلَى الْجَمَالِ وَالْكَفَّيْنِ عَلَى خِصْبِ الْبَدَنِ فَإِنْ لَمْ تُعْجِبْهُ سَكَتَ وَلَا يَقُولُ: لَا أُرِيدُهَا وَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مَنْعُ خِطْبَتِهَا؛ لِأَنَّ السُّكُوتَ إذَا طَالَ وَأَشْعَرَ بِالْإِعْرَاضِ جَازَتْ كَمَا يَأْتِي. وَضَرَرُ الطُّولِ دُونَ ضَرَرِ لَا أُرِيدُهَا فَاحْتُمِلَ م ر. (قَوْلُهُ: وَهُمَا يَنْظُرَانِهِ مِنْهُ) أَيْ: مَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ م ر اهـ. سم وَقِيلَ: الْحُرَّةُ تَنْظُرُ مِنْهُ مِثْلَ مَا يَنْظُرُ مِنْهَا وَهُوَ الْوَجْهُ وَالْكَفَّانِ كَمَا ذَكَرَهُ ع ش وَهُوَ ضَعِيفٌ. (قَوْلُهُ وَقَدْ خَطَبَ امْرَأَةً) أَيْ: عَزَمَ عَلَى خِطْبَتِهَا كَمَا يَأْتِي وَقَوْلُهُ فَإِنَّهُ أَيْ: النَّظَرَ أَحْرَى أَيْ: أَحَقُّ بِأَنْ يُؤْدَمَ بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ وَبَعْدَ أَوَّلِهِ هَمْزَةٌ فَأَصْلُهُ يَدُومُ قُدِّمَتْ الْوَاوُ عَلَى الدَّالِ وَهُمِزَتْ فَهُوَ مِنْ الدَّوَامِ وَقِيلَ: لَا تَقْدِيمَ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ الْإِدَامِ مَأْخُوذٌ مِنْ إدَامِ الطَّعَامِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَطِيبُ إلَّا بِهِ بِرْمَاوِيٌّ.
أَيْ: وَهُوَ إذَا نَظَرَ إلَيْهَا وَأَعْجَبَتْهُ طَابَ عَيْشُهُ بِهَا وَقَوْلُهُ: وَالْأُلْفَةُ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ أَيْ: الْحُبُّ وَالْأُنْسُ. (قَوْلُهُ: فِي قَلْبِ امْرِئٍ خِطْبَةُ) أَيْ: قَصْدُ خِطْبَةٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ: مَعَ التَّسْوِيَةِ فِي نَظَرِ الْفَحْلِ) حَيْثُ يَحْرُمُ نَظَرُهُ لِشَيْءٍ مِنْ جَسَدِهَا، وَلَوْ وَجْهَهَا وَكَفَّيْهَا وَإِنْ كَانَتْ رَقِيقَةً ح ل وَقَوْلُهُ عَلَى قَوْلِ النَّوَوِيِّ أَيْ: بِخِلَافِهِ عَلَى قَوْلِ الرَّافِعِيِّ فَإِنَّهُ يَقُولُ بِجَوَازِ نَظَرِ الْفَحْلِ لِمَا عَدَا مَا بَيْنَ سُرَّةِ وَرُكْبَةِ الْأَمَةِ إنْ أَمِنَ الْفِتْنَةَ، وَقَالَ أَيْضًا بِجَوَازِ نَظَرِهِ إلَى وَجْهِ الْحُرَّةِ وَكَفَّيْهَا عِنْدَ أَمْنِ الْفِتْنَةِ فَسَوَّى بَيْنَ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ فِي الْمَحَلَّيْنِ وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ الْآتِي، وَلَوْ أَمَةً لِلرَّدِّ عَلَى الرَّافِعِيِّ شَيْخِنَا. وَفِيهِ أَنَّهُ خَالَفَ فِي الْحُرَّةِ أَيْضًا فَكَانَ عَلَيْهِ الرَّدُّ فِيهَا أَيْضًا وَيُمْكِنُ أَنْ
وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَوْرَةً بِدَلِيلِ حُرْمَةِ النَّظَرِ إلَى وَجْهِ الْحُرَّةِ وَيَدَيْهَا عَلَى مَا يَأْتِي (وَلَهُ) أَيْ: لِكُلٍّ مِنْهُمَا (تَكْرِيرُهُ) أَيْ: النَّظَرِ عِنْدَ حَاجَتِهِ إلَيْهِ لِتَتَبَيَّنَ هَيْئَةُ مَنْظُورِهِ؛ فَلَا يَنْدَمُ بَعْدَ نِكَاحِهِ عَلَيْهِ. وَذِكْرُ حُكْمِ نَظَرِهَا إلَيْهِ مِنْ زِيَادَتِي (وَحَرُمَ نَظَرُ نَحْوِ فَحْلٍ كَبِيرٍ) كَمَجْبُوبٍ وَخَصِيٍّ (وَلَوْ مُرَاهِقًا شَيْئًا) وَإِنْ أُبِينَ كَشَعْرٍ (مِنْ) امْرَأَةٍ (كَبِيرَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ، وَلَوْ أَمَةً) وَأَمِنَ الْفِتْنَةَ؛ لِأَنَّ النَّظَرَ مَظِنَّةُ الْفِتْنَةِ وَمُحَرِّكٌ لِلشَّهْوَةِ، فَاللَّائِقُ بِمَحَاسِنِ الشَّرْعِ سَدُّ الْبَابِ، وَالْإِعْرَاضُ عَنْ تَفَاصِيلِ الْأَحْوَالِ كَالْخَلْوَةِ بِهَا.
وَمَعْنَى حُرْمَتِهِ فِي الْمُرَاهِقِ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى وَلِيِّهِ تَمْكِينُهُ مِنْهُ، كَمَا يَحْرُمُ عَلَيْهَا أَنْ تَتَكَشَّفَ لَهُ لِظُهُورِهِ عَلَى الْعَوْرَاتِ بِخِلَافِ طِفْلٍ لَمْ يَظْهَرْ عَلَيْهَا قَالَ تَعَالَى {أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ} [النور: 31] ، وَالْمُرَادُ بِالْكَبِيرَةِ غَيْرُ صَغِيرَةٍ لَا تُشْتَهَى
ــ
[حاشية البجيرمي]
يُقَالُ إنَّمَا تَعَرَّضَ لِلْخِلَافِ فِي الْأَمَةِ دُونَ الْحُرَّةِ لِقُوَّةِ الْخِلَافِ فِي الْأَمَةِ أَكْثَرَ مِنْ الْحُرَّةِ؛ لِأَنَّ مُقَابِلَ الْمُعْتَمَدِ فِي الْأَمَةِ صَحِيحٌ لَا ضَعِيفٌ وَمُقَابِلُ الْمُعْتَمَدِ فِي الْحُرَّةِ ضَعِيفٌ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ الْمِنْهَاجِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَوْرَةً) أَيْ: فِي الصَّلَاةِ. (قَوْلُهُ: بِدَلِيلِ حُرْمَةِ النَّظَرِ إلَخْ) فِيهِ مُصَادَرَةٌ كَمَا لَا يَخْفَى. (قَوْلُهُ: وَلَهُ تَكْرِيرُهُ) وَلَوْ فَوْقَ ثَلَاثِ مَرَّاتٍ وَإِذَا تَعَذَّرَ عَلَيْهِ، أَوْ لَا يُرِيدُهُ بِنَفْسِهِ أَرْسَلَ مَنْ يَحِلُّ لَهُ نَظَرُهَا مِنْ امْرَأَةٍ، أَوْ مَحْرَمٍ ح ل. (قَوْلُهُ: وَحَرُمَ نَظَرُ نَحْوِ فَحْلٍ إلَخْ) وَالْمُرَادُ بِالْفَحْلِ مَنْ بَقِيَتْ آلَتَاهُ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ الْوَطْءِ بِخِلَافِ الْمَجْبُوبِ وَالْخَصِيِّ وَالْعَاجِزِ عَنْ الْوَطْءِ فَلَا يُقَالُ لَهُ فَحْلٌ لَكِنَّهُ مُلْحَقٌ بِهِ ع ن وَذَكَرَ لِلْمَسْأَلَةِ خَمْسَةَ قُيُودٍ: كَوْنُ النَّاظِرِ فَحْلًا، أَوْ نَحْوَهُ، وَكَوْنُهُ كَبِيرًا، وَاخْتِلَافُ الْجِنْسِ، وَكَوْنُ الْمَنْظُورَةِ كَبِيرَةً، وَكَوْنُهَا أَجْنَبِيَّةً. وَذَكَرَ مَفْهُومَ الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ فِيمَا بَعْدُ وَنَظَرُ مَمْسُوحٍ إلَخْ وَتَرَكَ مَفْهُومَ الثَّانِي فَذَكَرَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ بِخِلَافِ طِفْلٍ إلَخْ، وَذَكَرَ مَفْهُومَ الثَّالِثِ بِقَوْلِهِ: وَرَجُلٌ لِرَجُلٍ وَامْرَأَةٌ لِامْرَأَةٍ إلَخْ وَذَكَرَ مَفْهُومَ الرَّابِعِ بِقَوْلِهِ: وَحَلَّ بِلَا شَهْوَةٍ إلَخْ وَذَكَرَ مَفْهُومَ الْخَامِسِ بِقَوْلِهِ: وَمَحْرَمُهُ إلَخْ.
(قَوْلُهُ كَمَجْبُوبٍ) الْكَافُ اسْتِقْصَائِيَّةٌ ح ل وَفِي الشَّوْبَرِيِّ مَا نَصُّهُ قَالَ فِي التَّصْحِيحِ وَفِي الشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ عَنْ الْأَكْثَرِينَ إلْحَاقُ الْمَجْبُوبِ وَالْخَصِيِّ وَالْعِنِّينِ وَالْمُخَنَّثِ وَالْهِمِّ فِي النَّظَرِ بِالْفَحْلِ اهـ. وَعَلَى هَذَا فَالْكَافُ لِلتَّمْثِيلِ. (قَوْلُهُ:، وَلَوْ مُرَاهِقًا) لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ: إنَّهُ مَعَ الْأَجْنَبِيَّةِ كَالْمَحْرَمِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر أَمَّا غَيْرُ الْمُرَاهِقِ فَقَالَ الْإِمَامُ إنْ لَمْ يَبْلُغْ حَدًّا يَحْكِي فِيهِ مَا يَرَاهُ فَكَالْعَدَمِ، أَوْ بَلَغَهُ مِنْ غَيْرِ شَهْوَةٍ فَكَالْمَحْرَمِ، أَوْ بِشَهْوَةٍ فَكَالْبَالِغِ خ ط عَلَى الْمِنْهَاجِ وَشَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: شَيْئًا) أَيْ: لِأَمْثَالِهَا مِنْ نَحْوِ مِرْآةٍ حَجّ وم ر وَعِبَارَةُ م ر خَرَجَ مِثَالُهَا فَلَا يَحْرُمُ نَظَرُهُ فِي نَحْوِ مِرْآةٍ كَمَا أَفْتَى بِهِ جَمْعٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرَهَا وَلَيْسَ الصَّوْتُ مِنْهَا فَلَا يَحْرُمُ سَمَاعُهُ مَا لَمْ يَخَفْ مِنْهُ فِتْنَةً وَكَذَا لَوْ الْتَذَّ بِهِ عَلَى مَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَمِثْلُهَا فِي ذَلِكَ الْأَمْرَدِ اهـ. وَقَالَ ع ش قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ الْتَذَّ بِهِ أَيْ: فَيَجُوزُ؛ لِأَنَّ اللَّذَّةَ لَيْسَتْ بِاخْتِيَارٍ مِنْهُ اهـ. وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ خِلَافُهُ وَعِبَارَتُهُ أَمَّا النَّظَرُ وَالْإِصْغَاءُ لِصَوْتِهَا عِنْدَ خَوْفِ الْفِتْنَةِ أَيْ: الدَّاعِي إلَى جِمَاعٍ، أَوْ خَلْوَةٍ، أَوْ نَحْوِهِمَا فَحَرَامٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَوْرَةً بِالْإِجْمَاعِ، ثُمَّ قَالَ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَيَلْتَحِقُ بِالْإِصْغَاءِ لِصَوْتِهَا عِنْدَ خَوْفِ الْفِتْنَةِ التَّلَذُّذُ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَخَفْهَا اهـ. وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الْعَزِيزِيُّ وَشَيْخُنَا ح ف وَالظَّاهِرُ أَنَّ كَلَامَ ع ش سَهْوٌ مِنْهُ أَنَّهُ فَهِمَ أَنَّ التَّشْبِيهَ فِي كَلَامِ م ر رَاجِعٌ لِلنَّفْيِ مَعَ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِلْمَنْفِيِّ؛ لِأَنَّ الزَّرْكَشِيَّ مُصَرِّحٌ بِالْحُرْمَةِ عِنْدَ التَّلَذُّذِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ سِيَاقِ كَلَامِهِ فَكَيْفَ يَقُولُ ع ش أَيْ: فَيَجُوزُ؟ .
(قَوْلُهُ: وَإِنْ أُبِينَ) وَالْعِبْرَةُ فِي الْمُبَانِ مِنْ الشَّعْرِ وَنَحْوِهِ بِوَقْتِ النَّظَرِ وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ بِوَقْتِ الْإِبَانَةِ وَالِانْفِصَالِ حَرِّرْ اهـ. ح ل فَلَوْ انْفَصَلَ مِنْهَا نَحْوُ شَعْرٍ قَبْلَ نِكَاحِهَا حَلَّ لِزَوْجِهَا نَظَرُهُ عَلَى الْأَوَّلِ اعْتِبَارًا بِوَقْتِ النَّظَرِ؛ لِأَنَّهُ بِتَقْدِيرِ اتِّصَالِهِ كَانَ يَجُوزُ لَهُ النَّظَرُ وَحَرُمَ عَلَى الثَّانِي اعْتِبَارًا بِوَقْتِ الِانْفِصَالِ وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ ع ش اعْتِمَادُ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ مَا نَقَلَ كَلَامَ شَرْحِ الرَّوْضِ قَالَ: وَفِيهِ وَقْفَةٌ وَكَذَا لَوْ انْفَصَلَ حَالَ الزَّوْجِيَّةِ هَلْ يَجُوزُ نَظَرُهُ بَعْدَ الطَّلَاقِ اعْتِبَارًا بِوَقْتِ الِانْفِصَالِ، أَوْ لَا اعْتِبَارًا بِوَقْتِ النَّظَرِ؟ وَلَا يَبْعُدُ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ بِوَقْتِ النَّظَرِ وَيَجِبُ مُوَارَاةُ ذَلِكَ الشَّعْرِ وَنَحْوِهِ كَمَا يَجِبُ مُوَارَاةُ شَعْرِ عَانَةِ الرَّجُلِ اهـ. ح ل. وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا عَلِمَ النَّاظِرُ أَنَّ الْمُبَانَ مِنْ امْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ فَإِنْ جَهِلَ جَازَ وَجْهًا وَاحِدًا؛ إذْ الْأَصْلُ عَدَمُ التَّحْرِيمِ ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي الدَّمِ اهـ. سم. (قَوْلُهُ مِنْ امْرَأَةٍ) وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ نَحْوَ الرِّيقِ وَالدَّمِ لَا يَحْرُمُ نَظَرُهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَظِنَّةً لِلْفِتْنَةِ بِرُؤْيَتِهِ عِنْدَ أَحَدٍ اهـ. إمْدَادٌ اهـ. شَوْبَرِيٌّ. .
(قَوْلُهُ:، وَلَوْ أَمَةً) لِلرَّدِّ كَمَا تَقَدَّمَ وَخَرَجَتْ الْمُبَعَّضَةُ فَإِنَّهَا كَالْحُرَّةِ قَطْعًا شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ وَأَمِنَ فِتْنَةً) بِحَسَبِ مَا يَظْهَرُ لَهُ مِنْ حَالِ نَفْسِهِ وَإِلَّا فَأَمْنُ الْفِتْنَةِ حَقِيقَةً لَا يَكُونُ إلَّا مِنْ الْمَعْصُومِ ح ل. (قَوْلُهُ وَالْإِعْرَاضُ إلَخْ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ. (قَوْلُهُ: لِظُهُورِهِ عَلَى الْعَوْرَاتِ) أَيْ:؛ لِأَنَّهُ يَحْكِيهَا. (قَوْلُهُ: لَمْ يَظْهَرْ عَلَيْهَا) أَيْ: كَظُهُورِ الْمُمَيِّزِ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ إنْ كَانَ يَحْكِيهَا عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ كَانَ كَالْمُحَرَّمِ وَإِلَّا فَكَالْعَدَمِ ح ل وَالْمُرَادُ بِظُهُورِهِ عَلَيْهَا قُدْرَتُهُ عَلَى حِكَايَتِهَا كَمَا
(وَلَهُ بِلَا شَهْوَةٍ)، وَلَوْ مُكَاتَبًا عَلَى النَّصِّ (نَظَرُ سَيِّدَتِهِ وَهُمَا عَفِيفَانِ وَمَحْرَمِهِ خَلَا مَا بَيْنَ سُرَّةٍ وَرُكْبَةٍ) قَالَ تَعَالَى {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ} [النور: 31] الْآيَةَ، وَالزِّينَةُ مُفَسَّرَةٌ بِمَا عَدَا ذَلِكَ (كَعَكْسِهِ) أَيْ: مَا ذُكِرَ فِي هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا فَيَحْرُمُ عَلَى الْمَرْأَةِ الْكَبِيرَةِ، وَلَوْ مُرَاهِقَةً نَظَرُ شَيْءٍ مِنْ نَحْوِ فَحْلٍ أَجْنَبِيٍّ كَبِيرٍ، وَلَوْ عَبْدًا قَالَ تَعَالَى {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ} [النور: 31] ، وَلَهَا بِلَا شَهْوَةٍ أَنْ تَنْظُرَ مِنْ عَبْدِهَا وَهُمَا عَفِيفَانِ وَمِنْ مَحْرَمِهَا خَلَا مَا بَيْنَ سُرَّةٍ وَرُكْبَةٍ؛ لِمَا عُرِفَ. وَقَوْلِي: نَحْوِ وَبِلَا شَهْوَةٍ مَعَ التَّقْيِيدِ بِالْعِفَّةِ وَذِكْرُ حُكْمِ نَظَرِ سَيِّدَةِ الْعَبْدِ لَهُ مِنْ زِيَادَتِي. وَمَا ذَكَرْته مِنْ تَحْرِيمِ نَظَرِ الْفَحْلِ إلَى وَجْهِ الْمَرْأَةِ وَكَفَّيْهَا وَعَكْسُهُ عِنْدَ أَمْنِ الْفِتْنَةِ هُوَ مَا صَحَّحَهُ الْأَصْلُ وَاَلَّذِي فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَنْ أَكْثَرَ الْأَصْحَابِ حِلُّهُ.
(وَحَلَّ بِلَا شَهْوَةٍ نَظَرٌ لِصَغِيرَةٍ) لَا تُشْتَهَى (خَلَا فَرْجٍ) ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ فِي مَظِنَّةِ شَهْوَةٍ، أَمَّا الْفَرْجُ فَيَحْرُمُ نَظَرُهُ، وَقَطَعَ الْقَاضِي بِحِلِّهِ عَمَلًا بِالْعُرْفِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ اسْتَثْنَى ابْنُ الْقَطَّانِ الْأُمَّ زَمَنَ الرَّضَاعِ وَالتَّرْبِيَةِ لِلضَّرُورَةِ. أَمَّا فَرْجُ الصَّغِيرِ فَيَحِلُّ النَّظَرُ إلَيْهِ مَا لَمْ يُمَيِّزْ، كَمَا صَحَّحَهُ الْمُتَوَلِّي وَجَزَمَ بِهِ غَيْرُهُ وَنَقَلَهُ السُّبْكِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ (وَنَظَرُ مَمْسُوحٍ) وَهُوَ ذَاهِبُ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَيَيْنِ بِحَيْثُ لَمْ يَبْقَ لَهُ شَهْوَةٌ (لِأَجْنَبِيَّةٍ وَعَكْسُهُ) أَيْ: وَنَظَرُ أَجْنَبِيَّةٍ لِمَمْسُوحٍ (وَ) نَظَرُ (رَجُلٍ لِرَجُلٍ وَ) نَظَرُ (امْرَأَةٍ لِامْرَأَةٍ كَنَظَرٍ لِمَحْرَمٍ) فَيَحِلُّ بِلَا شَهْوَةٍ مَا عَدَا مَا بَيْنَ سُرَّةٍ وَرُكْبَةٍ؛ لِمَا عُرِفَ
. (وَحَرُمَ نَظَرُ كَافِرَةٍ لِمُسْلِمَةٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَوْ نِسَائِهِنَّ} [النور: 31] . وَالْكَافِرَةُ لَيْسَتْ مِنْ نِسَاءِ الْمُؤْمِنَاتِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: وَلَهُ) أَيْ: الْعَبْدِ غَيْرِ الْمُشْتَرَكِ وَالْمُبَعَّضِ مُطْلَقًا وَلَا نَظَرَ لِلْمُهَايَأَةِ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: بِلَا شَهْوَةٍ) وَلَا خَوْفِ فِتْنَةٍ، وَلَوْ كَانَ كَافِرًا وَهِيَ مُسْلِمَةٌ؛ لِأَنَّ الْكَافِرَ يَتَّصِفُ بِالْعَدَالَةِ بَلْ يَكُونُ ثِقَةً ح ل أَمَّا النَّظَرُ بِشَهْوَةٍ فَحَرَامٌ قَطْعًا لِكُلِّ مَنْظُورٍ إلَيْهِ مِنْ مَحْرَمٍ وَغَيْرِهِ غَيْرِ زَوْجَتِهِ وَأَمَتِهِ شَرْحُ م ر قَالَ ع ش عُمُومُهُ يَشْمَلُ الْجَمَادَاتِ فَيَحْرُمُ النَّظَرُ إلَيْهَا بِشَهْوَةٍ. (قَوْلُهُ:، وَلَوْ مُكَاتَبًا) كِتَابَةً صَحِيحَةً وَالْمُعْتَمَدُ عِنْدَ شَيْخِنَا كَحَجِّ أَنَّ الْمُكَاتَبَ مَعَ سَيِّدَتِهِ كَالْأَجْنَبِيِّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ وَفَاءٌ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَتْ الْكِتَابَةُ فَاسِدَةً بِخِلَافِ مُكَاتِبَتِهِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ نَظَرَ الرَّجُلِ إلَى أَمَتِهِ أَقْوَى مِنْ نَظَرِ الْمَرْأَةِ إلَى عَبْدِهَا؛ لِأَنَّ مَنْظُورَهُ أَكْثَرُ اهـ. ح ل. (قَوْلُهُ: نَظَرُ سَيِّدَتِهِ) مِثْلُ النَّظَرِ الْخَلْوَةُ فِي السَّفَرِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَهُمَا عَفِيفَانِ) أَيْ: عَنْ الزِّنَا لَكِنْ اعْتَمَدَ شَيْخُنَا كَحَجِّ أَنَّهُ لَا تَتَقَيَّدُ الْعِفَّةُ بِالزِّنَا بَلْ عَنْ مِثْلِ الْغِيبَةِ فَالْمُرَادُ بِالْعِفَّةِ الْعَدَالَةُ ح ل. (قَوْلُهُ: خَلَا مَا بَيْنَ سُرَّةٍ وَرُكْبَةٍ) أَمَّا السُّرَّةُ وَالرُّكْبَةُ فَلَا يَحْرُمَانِ عِنْدَ شَيْخِنَا وَفِي كَلَامِ حَجّ مَا يُفِيدُ حُرْمَةَ نَظَرِهِمَا ح ل. (قَوْلُهُ: نَظَرُ شَيْءٍ مِنْ نَحْوِ فَحْلٍ) وَإِنْ أُبِينَ مِنْ شَعْرٍ، أَوْ ظُفْرٍ مِنْ يَدٍ، أَوْ رِجْلٍ فَإِذَا عَلِمَ الْفَحْلُ أَنَّ هَذِهِ الْمَرْأَةَ تَنْظُرُ إلَيْهِ حَرُمَ عَلَيْهِ تَمْكِينُهَا مِنْ ذَلِكَ فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَحْجُبَ مَا تَنْظُرُ إلَيْهِ عَنْهَا ح ل. (قَوْلُهُ: لِمَا عُرِفَ) أَيْ: مِنْ الْآيَةِ بِطَرِيقِ الْقِيَاسِ وَهِيَ قَوْله تَعَالَى {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ} [النور: 31] إلَخْ فَإِنَّهَا دَلَّتْ بِطَرِيقِ الْقِيَاسِ الْأَوْلَى؛ لِأَنَّهُ إذَا جَازَ لَهُ أَنْ يَنْظُرَ إلَيْهَا مَعَ كَوْنِهَا مَحَلًّا لِلشَّهْوَةِ فَيَجُوزُ لَهَا أَنْ تَنْظُرَ إلَيْهِ أَيْ: إلَى مَا ذُكِرَ مِنْ عَبْدِهَا وَمَحَارِمِهَا بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَقِيلَ: الْقِيَاسُ الْأَوْلَى فِي نَظَرِهَا لِعَبْدِهَا وَالْمُسَاوِي فِي نَظَرِهَا لِمَحْرَمِهَا عَلَى أَنَّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُبْدِيَ زِينَتَهَا لِمَمْلُوكِهَا وَمَحْرَمِهَا فِي قَوْله تَعَالَى {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ} [النور: 31] وَقَوْلُهُ: {أَوْ آبَائِهِنَّ} [النور: 31] أَيْ: فَيَحِلُّ لَهُمْ أَنْ يَنْظُرُوا إلَيْهَا، وَيُقَاسُ عَلَيْهِ أَنَّ لَهَا أَنْ تَنْظُرَ إلَيْهِمْ مَا عَدَا الْعَوْرَةَ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: هُوَ مَا صَحَّحَهُ الْأَصْلُ) مُعْتَمَدٌ وَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا ضَعِيفٌ. (قَوْلُهُ: لَا تُشْتَهَى) أَيْ: عِنْدَ أَهْلِ الطِّبَاعِ السَّلِيمَةِ فَإِنْ لَمْ تُشْتَهَ لَهُمْ لِتَشَوُّهٍ بِهَا قُدِّرَ فِيمَا يَظْهَرُ زَوَالُ تَشَوُّهِهَا فَإِنْ كَانَتْ مُشْتَهَاةً لَهُمْ حِينَئِذٍ حَرُمَ نَظَرُهَا وَإِلَّا فَلَا، وَفَارَقَتْ الْعَجُوزَ بِسَبْقِ اشْتِهَائِهَا، وَلَوْ تَقْدِيرًا فَاسْتُصْحِبَ وَلَا كَذَلِكَ الصَّغِيرَةُ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: فِي مَظِنَّةِ شَهْوَةٍ) أَيْ: فِي زَمَنِ مَظِنَّةٍ، أَوْ إنَّ فِي زَائِدَةٌ. (قَوْلُهُ: أَمَّا الْفَرْجُ) أَيْ: الْقُبُلُ، أَوْ الدُّبُرُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ الْقُبُلُ بِالنَّاقِضِ بَلْ حَتَّى مَا يَنْبُتُ عَلَيْهِ الشَّعْرُ غَالِبًا ح ل. (قَوْلُهُ: وَاسْتَثْنَى ابْنُ الْقَطَّانِ الْأُمَّ) أَيْ: وَنَحْوَهَا. كَمُرْضِعٍ لَهَا، أَوْ مُرَبٍّ لَهَا كَمَا بَحَثَهُ شَيْخُنَا كَحَجِّ فِي الْأُولَى وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِثْلَهَا فِي الثَّانِيَةِ ح ل. (قَوْلُهُ لِلضَّرُورَةِ) أَيْ: فَيَجُوزُ لَهَا نَظَرُهُ وَيَنْبَغِي إنْ مَسَّهُ لِلْحَاجَةِ كَغَسْلِهِ وَمَسْحِهِ كَذَلِكَ ح ل.
(قَوْلُهُ أَمَّا فَرْجُ صَغِيرٍ فَيَحِلُّ النَّظَرُ إلَيْهِ) أَيْ:؛ لِأَنَّهُ لَا يُسْتَقْبَحُ اسْتِقْبَاحَ فَرْجِ الصَّغِيرَةِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ فَرْجَ الصَّغِيرِ كَفَرْجِ الصَّغِيرَةِ فِي حُرْمَةِ النَّظَرِ إلَيْهِ لِغَيْرِ الْمُرْضِعَةِ وَنَحْوِهَا ح ل. (قَوْلُهُ: وَنَظَرُ مَمْسُوحٍ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ كَنَظَرِ الْمَحْرَمِ. (قَوْلُهُ: لِأَجْنَبِيَّةٍ وَعَكْسُهُ) بِشَرْطِ عَدَالَتِهِمَا وَشُرِطَ أَنْ لَا يَبْقَى فِيهِ مَيْلٌ لِلنِّسَاءِ أَصْلًا وَشُرِطَ إسْلَامُهُ فِيمَا لَوْ كَانَتْ مُسْلِمَةً م ر. (قَوْلُهُ: لِمَا عُرِفَ) أَيْ: مِنْ الْآيَةِ السَّابِقَةِ فِي قَوْله تَعَالَى {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ} [النور: 31] حَيْثُ فُسِّرَتْ فِيهَا الزِّينَةُ بِمَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ فَالْمَرْأَةُ مَعَ الْمَرْأَةِ عُرِفَ مِنْ مَنْطُوقِ الْآيَةِ فِي قَوْلِهِ: {أَوْ نِسَائِهِنَّ} [النور: 31] . وَالرَّجُلُ مَعَ الرَّجُلِ عُرِفَ مِنْ مَفْهُومِ الْآيَةِ؛ لِأَنَّهَا فِيمَا إذَا اخْتَلَفَ الْجِنْسُ ح ل تَأَمَّلْ. وَحُكْمُ الْمَمْسُوحِ ثَبَتَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الإِرْبَةِ} [النور: 31] أَيْ: الْحَاجَةِ إلَى النِّسَاءِ وَهْم الشُّيُوخُ الْأَهْمَامُ وَالْمَمْسُوحُونَ كَمَا فِي الْبَيْضَاوِيِّ. وَجَوَازُ نَظَرِ الشُّيُوخِ لِلْأَجْنَبِيَّةِ لَيْسَ مَذْهَبَنَا
(قَوْلُهُ وَحَرُمَ نَظَرُ كَافِرَةٍ) وَإِذَا كَانَ حَرَامًا عَلَى الْكَافِرَةِ حَرُمَ عَلَى الْمُسْلِمَةِ تَمْكِينُهَا مِنْهُ؛ لِأَنَّهَا تُعِينُهَا عَلَى مُحَرَّمٍ
؛ وَلِأَنَّهَا رُبَّمَا تَحْكِيهَا لِلْكَافِرِ فَلَا تَدْخُلُ الْحَمَّامَ مَعَهَا. نَعَمْ يَجُوزُ أَنْ تَرَى مِنْهَا مَا يَبْدُو عِنْدَ الْمِهْنَةِ عَلَى الْأَشْبَهِ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا، لَكِنَّ الْأَوْجَهَ مَا صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ أَنَّهَا مَعَهَا كَالْأَجْنَبِيِّ، كَمَا أَوْضَحْتُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. وَتَعْبِيرِي بِكَافِرَةٍ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِذِمِّيَّةٍ وَهَذَا كُلُّهُ فِي كَافِرَةٍ غَيْرِ مَمْلُوكَةٍ لِلْمُسْلِمَةِ وَلَا مَحْرَمٍ لَهَا، أَمَّا هُمَا فَيَجُوزُ لَهُمَا النَّظَرُ إلَيْهَا، كَمَا عُلِمَ مِنْ عُمُومِ مَا مَرَّ، وَأَمَّا نَظَرُ الْمُسْلِمَةِ لِلْكَافِرَةِ فَمُقْتَضَى كَلَامِهِمْ جَوَازُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَفِيهِ تَوَقُّفٌ
[دَرْسٌ](وَ) حَرُمَ (نَظَرُ أَمْرَدَ جَمِيلٍ) وَلَا مَحْرَمِيَّةَ وَلَا مِلْكَ، وَلَوْ بِلَا شَهْوَةٍ (أَوْ) غَيْرِ جَمِيلٍ (بِشَهْوَةٍ) بِأَنْ يَنْظُرَ إلَيْهِ فَيَلْتَذَّ بِهِ، وَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَوْلَى مِمَّا عَبَّرَ بِهِ (لَا نَظَرٌ لِحَاجَةٍ كَمُعَامَلَةٍ) بِبَيْعٍ، أَوْ غَيْرِهِ (وَشَهَادَةٍ) تَحَمُّلًا أَوْ أَدَاءً (وَتَعْلِيمٍ) ؛ لِمَا يَجِبُ، أَوْ يُسَنُّ فَيَنْظُرُ فِي الْمُعَامَلَةِ إلَى الْوَجْهِ فَقَطْ وَفِي الشَّهَادَةِ إلَى مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ وَجْهٍ وَغَيْرِهِ وَفِي إرَادَةِ شِرَاءِ رَقِيقٍ مَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ، كَمَا مَرَّ فِي مَحَلِّهِ.
هَذَا كُلُّهُ إنْ لَمْ يَخَفْ فِتْنَةً وَإِلَّا، فَإِنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ ذَلِكَ لَمْ يَنْظُرْ وَإِلَّا نَظَرَ وَضَبَطَ نَفْسَهُ، وَالْخَلْوَةُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ كَالنَّظَرِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
فَيَلْزَمُهَا الِاحْتِجَابُ عَنْهَا مِنْ شَرْحِ م ر. (قَوْلُهُ: نَعَمْ يَجُوزُ لَهَا إلَخْ) مُعْتَمَدٌ وَالْمِهْنَةُ بِتَثْلِيثِ الْمِيمِ الْخِدْمَةُ وَمَا يَبْدُو عِنْدَهَا هُوَ الرَّأْسُ، وَالْعُنُقُ، وَالْيَدَانِ إلَى الْعَضُدَيْنِ، وَالرِّجْلَانِ إلَى الرُّكْبَتَيْنِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر. (قَوْلُهُ: مِنْ عُمُومِ مَا مَرَّ) وَهُوَ قَوْلُهُ: وَنَظَرُ امْرَأَةٍ لِامْرَأَةٍ. (قَوْلُهُ: جَوَازُهُ) مُعْتَمَدٌ. (قَوْلُهُ وَفِيهِ تَوَقُّفٌ) ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ نِسَائِهِمْ ح ل
. (قَوْلُهُ: وَحَرُمَ نَظَرُ أَمْرَدَ) أَيْ: لِجَمِيعِ بَدَنِهِ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَمْرَدَ مِثْلِهِ حَجّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ شَعْرَ الْأَمْرَدِ كَبَاقِي بَدَنِهِ فَيَحْرُمُ النَّظَرُ إلَى شَعْرِهِ الْمُنْفَصِلِ كَالْمُتَّصِلِ سم ع ش عَلَى م ر وَالْأَمْرَدُ مَنْ لَمْ تَنْبُتْ لِحْيَتُهُ وَلَمْ يَصِلْ إلَى أَوَانِ إنْبَاتِهَا غَالِبًا أَيْ: وَكَانَ بِحَيْثُ لَوْ كَانَتْ صَغِيرَةً اُشْتُهِيَتْ. وَقَوْلُهُ: جَمِيلٌ أَيْ: بِحَسَبِ طَبْعِ النَّاظِرِ ح ل وَقَالَ م ر نَقْلًا عَنْ وَالِدِهِ عِنْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ جَمِيلَةٌ. الْجَمِيلِ ذُو الْوَصْفِ الْمُسْتَحْسَنِ عُرْفًا عِنْدَ ذَوِي الطِّبَاعِ السَّلِيمَةِ. (قَوْلُهُ: وَلَا مَحْرَمِيَّةَ) ، وَلَوْ بِرَضَاعٍ، أَوْ مُصَاهَرَةٍ ح ل وَقَوْلُهُ وَلَا مِلْكَ أَيْ: مَعَ الْعِفَّةِ عَنْ كُلِّ مُفَسِّقٍ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا كَمَا هُوَ قِيَاسُ الْمَرْأَةِ مَعَ مَمْلُوكِهَا ح ل وَهَذَانِ الْقَيْدَانِ بِالنَّظَرِ لِلْغَايَةِ فَقَطْ أَعْنِي، وَلَوْ بِلَا شَهْوَةٍ عَلَى كَلَامِ الشَّارِحِ وَإِلَّا فَالنَّظَرُ بِشَهْوَةٍ يَحْرُمُ لِلْجَمَادَاتِ فَضْلًا عَنْ الْمَمْلُوكِ وَالْمَحْرَمِ إلَّا لِزَوْجَتِهِ وَأَمَتِهِ كَمَا قَالَهُ ع ش. (قَوْلُهُ:، وَلَوْ بِلَا شَهْوَةٍ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ إلَّا بِشَهْوَةٍ، أَوْ خَوْفِ فِتْنَةٍ ح ل وَخَرَجَ الْمَسُّ فَيَحْرُمُ وَإِنْ حَلَّ النَّظَرُ؛ لِأَنَّهُ أَفْحَشُ وَغَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرَ جَمِيلٍ بِشَهْوَةٍ) قَالَ م ر عِنْدَ قَوْلِ الْأَصْلِ بِشَهْوَةٍ وَكَذَا كُلُّ مَنْظُورٍ إلَيْهِ، وَفَائِدَةُ ذِكْرِهَا فِي الْأَمْرَدِ تَمْيِيزُ طَرِيقَةِ الرَّافِعِيِّ، وَضَبَطَ فِي الْإِحْيَاءِ الشَّهْوَةَ بِأَنْ يَتَأَثَّرَ بِجَمَالِ صُورَتِهِ بِحَيْثُ يُدْرِكُ مِنْ نَفْسِهِ فَرْقًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُلْتَحِي اهـ. وَهُوَ يَرْجِعُ لِقَوْلِ الشَّارِحِ بِأَنْ يَنْظُرَ إلَيْهِ فَيَلْتَذَّ وَلَيْسَ الْمَعْنَى أَنَّهُ بِمُجَرَّدِ الْفَرْقِ يَحْرُمُ النَّظَرُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُوجَدُ فِي الْهَرِمِ الَّذِي لَا لِحْيَةَ لَهُ فَيَقْتَضِي أَنَّهُ بِمُجَرَّدِ نَظَرِهِ يَحْرُمُ وَلَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ، بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَعْرِفُ الْفَرْقَ مَعَ تَأَثُّرِ ذِهْنِهِ وَقَلْبِهِ بِجَمَالِ صُورَتِهِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ م ر شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: لَا نَظَرٌ لِحَاجَةٍ) أَيْ: لَا نَظَرٌ لِامْرَأَةٍ وَأَمْرَدَ لَا لِلْأَمْرَدِ خَاصَّةً ح ل فَهُوَ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَحَرُمَ نَظَرُ أَمْرَدَ وَلِقَوْلِهِ وَحَرُمَ نَظَرُ نَحْوِ فَحْلٍ إلَخْ، وَخَرَجَ بِالنَّظَرِ الْمَسُّ فَيَحْرُمُ م ر. (قَوْلُهُ وَتَعْلِيمٌ) أَيْ: لِأَمْرَدَ مُطْلَقًا وَلِأَجْنَبِيَّةٍ فُقِدَ فِيهَا الْجِنْسُ وَالْمَحْرَمُ الصَّالِحُ وَلَمْ يُمْكِنْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ وَلَا خَلْوَةٍ مُحَرَّمَةٍ وَفِي كَلَامِ حَجّ وَظَاهِرٌ أَنَّهَا أَيْ: هَذِهِ الشُّرُوطُ لَا تُعْتَبَرُ إلَّا فِي الْمَرْأَةِ كَمَا عَلَيْهِ الْإِجْمَاعُ الْفِعْلِيُّ ح ل وَيَتَّجِهُ اشْتِرَاطُ الْعَدَالَةِ فِي الْأَمْرَدِ وَالْمَرْأَةِ وَمُعَلِّمِهِمَا كَالْمَمْلُوكِ بَلْ أَوْلَى شَرْحُ م ر فَشُرُوطُ جَوَازِ النَّظَرِ لِلْمَرْأَةِ خَمْسَةٌ. (قَوْلُهُ: أَوْ يُسَنُّ) مُعْتَمَدٌ. (قَوْلُهُ: وَفِي الشَّهَادَةِ) أَيْ: تَحَمُّلًا وَأَدَاءً قَالَ حَجّ كَشَيْخِنَا وَإِنْ تَيَسَّرَ وُجُودُ نِسَاءٍ، أَوْ مَحَارِمَ يَشْهَدُونَ عَلَى الْأَوْجَهِ؛ لِأَنَّهُمْ تَوَسَّعُوا هُنَا بِخِلَافِ التَّعْلِيمِ، وَلَوْ عَرَفَهَا الشَّاهِدُ مِنْ النِّقَابِ حَرُمَ الْكَشْفُ ح ل. (قَوْلُهُ: مِنْ وَجْهٍ وَغَيْرِهِ) كَالْفَرْجِ لِلشَّهَادَةِ بِزِنًا، أَوْ وِلَادَةٍ، أَوْ عَبَالَةٍ، أَوْ الْتِحَامِ إفْضَاءٍ وَالثَّدْيِ لِإِرْضَاعٍ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُجَاوِزَ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ مَا حَلَّ لِضَرُورَةٍ يُقَدَّرُ بِقَدْرِهَا وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: لَوْ عَرَفَهَا الشَّاهِدُ بِنَظْرَةٍ لَمْ تَجُزْ ثَانِيَةٌ، أَوْ بِرُؤْيَةِ بَعْضِ وَجْهِهَا لَمْ يَجُزْ لَهُ رُؤْيَةُ كُلِّهِ اهـ. ع ن وَيُكَرِّرُ النَّظَرَ إنْ احْتَاجَ إلَيْهِ ح ل. (قَوْلُهُ وَفِي إرَادَةِ شِرَاءِ رَقِيقٍ) قِيلَ: هَذِهِ زَائِدَةٌ عَلَى الْمَتْنِ وَقَدْ يُقَالُ: هِيَ مِنْ أَفْرَادِ الْحَاجَةِ. (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَخَفْ فِتْنَةً) الْفِتْنَةُ أَخَصُّ مِنْ الشَّهْوَةِ؛ لِأَنَّهَا الْخَوْفُ مِنْ مُحَرَّمٍ كَتَقْبِيلٍ وَمُعَانَقَةٍ وَالشَّهْوَةُ أَعَمُّ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا نَظَرَ وَضَبَطَ نَفْسَهُ) قَالَ السُّبْكِيُّ وَمَعَ ذَلِكَ يَأْثَمُ بِالشَّهْوَةِ وَإِنْ أُثِيبَ عَلَى التَّحَمُّلِ؛ لِأَنَّهُ فِعْلٌ ذُو وَجْهَيْنِ، لَكِنْ خَالَفَهُ غَيْرُهُ فَبَحَثَ الْحِلَّ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ الشَّهْوَةَ أَمْرٌ طَبِيعِيٌّ لَا يَنْفَكُّ عَنْ النَّظَرِ فَلَا يُكَلَّفُ الشَّاهِدُ بِإِزَالَتِهَا وَلَا يُؤَاخَذُ بِهَا وَالْأَوْجَهُ حَمْلُ الْأَوَّلِ عَلَى مَا هُوَ بِاخْتِيَارِهِ وَالثَّانِي عَلَى خِلَافِهِ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ وَالْخَلْوَةُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ) أَيْ: فِيمَا قَبْلَ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ عِنْدِ قَوْلِهِ: وَحَرُمَ نَظَرُ نَحْوِ فَحْلٍ كَبِيرٍ إلَخْ أَيْ: مَتَى حَرُمَ النَّظَرُ حَرُمَتْ الْخَلْوَةُ، وَمَتَى جَازَ جَازَتْ، وَأَمَّا الِاسْتِثْنَاءُ وَهُوَ قَوْلُهُ: لَا نَظَرٌ إلَخْ فَلَا يَرْجِعُ إلَيْهِ؛ إذْ لَا تَجُوزُ الْخَلْوَةُ إلَّا فِي تَعْلِيمِ الْأَمْرَدِ لَا الْمَرْأَةِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ: كَالنَّظَرِ أَيْ: الْأَصْلِيِّ بِخِلَافِ الْعَارِضِ لِنَحْوِ تَعْلِيمٍ وَشَهَادَةٍ فَيَحِلُّ النَّظَرُ وَتُحْرَمُ الْخَلْوَةُ
(وَحَيْثُ) أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ: وَمَتَى (حَرُمَ نَظَرٌ حَرُمَ مَسٌّ) ؛ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ مِنْهُ فِي اللَّذَّةِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ مَسَّ فَأَنْزَلَ بَطَلَ صَوْمُهُ، وَلَوْ نَظَرَ فَأَنْزَلَ لَمْ يَبْطُلْ صَوْمُهُ فَيَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ دَلْكُ فَخِذِ رَجُلٍ بِلَا حَائِلٍ، وَقَدْ يَحْرُمُ الْمَسُّ دُونَ النَّظَرِ كَغَمْزِ الرَّجُلِ سَاقَ مَحْرَمِهِ، أَوْ رِجْلِهَا وَعَكْسُهُ بِلَا حَاجَةٍ فَيَحْرُمُ مَعَ جَوَازِ النَّظَرِ إلَى ذَلِكَ. (وَيُبَاحَانِ لِعِلَاجٍ كَفَصْدٍ وَحَجْمٍ بِشَرْطِهِ) وَهُوَ اتِّحَادُ الْجِنْسِ، أَوْ فَقْدُهُ مَعَ حُضُورِ نَحْوِ مَحْرَمٍ وَفَقْدُ مُسْلِمٍ فِي حَقِّ مُسْلِمٍ وَالْمُعَالِجُ كَافِرٌ فَلَا تُعَالِجُ امْرَأَةٌ رَجُلًا مَعَ وُجُودِ رَجُلٍ يُعَالِجُ، وَلَا عَكْسُهُ وَلَا رَجُلٌ امْرَأَةً وَلَا عَكْسُهُ عِنْدَ الْفَقْدِ إلَّا بِحَضْرَةِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
شَيْخُنَا فَكَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمَهُ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ تَأَمَّلْ. وَضَابِطُ الْخَلْوَةِ اجْتِمَاعٌ لَا تُؤْمَنُ مَعَهُ الرِّيبَةُ عَادَةً بِخِلَافِ مَا لَوْ قُطِعَ بِانْتِفَائِهَا عَادَةً فَلَا يُعَدُّ خَلْوَةً ع ش عَلَى م ر مِنْ كِتَابِ الْعِدَدْ. (قَوْلُهُ: وَحَيْثُ حَرُمَ نَظَرٌ حَرُمَ مَسٌّ) قَالَ م ر فَيَحْرُمُ مَسُّ الْأَمْرَدِ كَمَا يَحْرُمُ نَظَرُهُ وَدَلْكُ الرَّجُلِ فَخِذَ الرَّجُلِ مِنْ غَيْرِ حَائِلٍ وَيَجُوزُ بِهِ إنْ لَمْ تُخَفْ فِتْنَةٌ وَلَمْ تَكُنْ شَهْوَةٌ، وَقَدْ يَحْرُمُ النَّظَرُ دُونَ الْمَسِّ كَأَنْ أَمْكَنَ الطَّبِيبُ مَعْرِفَةُ الْعِلَّةِ بِالْمَسِّ فَقَطْ، وَكَعُضْوِ أَجْنَبِيَّةٍ مُبَانٍ فَيَحْرُمُ نَظَرُهُ فَقَطْ عَلَى مَا ذَكَرَهُ فِي الْخَادِمِ، وَالْأَصَحُّ حُرْمَةُ مَسِّهِ أَيْضًا وَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّهُ حَيْثُ حَلَّ النَّظَرُ حَلَّ الْمَسُّ أَغْلَبِيٌّ أَيْضًا؛ فَلَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ مَسُّ وَجْهِ أَجْنَبِيَّةٍ وَإِنْ حَلَّ نَظَرُهُ لِنَحْوِ خِطْبَةٍ، أَوْ شَهَادَةٍ، أَوْ لِتَعْلِيمٍ، وَلَا لِسَيِّدَةٍ مَسُّ شَيْءٍ مِنْ بَدَنِ عَبْدِهَا وَعَكْسُهُ وَإِنْ حَلَّ النَّظَرُ وَكَذَا مَمْسُوحٌ كَمَا مَرَّ.
(قَوْلُهُ: أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ: وَمَتَى) وَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ أَنَّ حَيْثُ لِلْمَكَانِ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا أَيْ: إنَّ كُلَّ جُزْءٍ حَرُمَ نَظَرُهُ حَرُمَ مَسُّهُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ كُلَّ وَقْتٍ حَرُمَ فِيهِ النَّظَرُ حَرُمَ فِيهِ الْمَسُّ ع ش وَرُدَّ بِمَنْعِ عَدَمِ إرَادَتِهِ بَلْ قَدْ يَكُونُ مُرَادًا؛ إذْ الْأَجْنَبِيَّةُ يَحْرُمُ مَسُّهَا وَيَحِلُّ بَعْدَ نِكَاحِهَا وَيَحْرُمُ بَعْدَ طَلَاقِهَا وَقَبْلَ نَحْوِ زَمَنِ مُعَامَلَةٍ يَحْرُمُ وَمَعَهُ يَحِلُّ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ حَرُمَ مَسٌّ) أَيْ: بِلَا حَائِلٍ وَكَذَا مَعَهُ إنْ خَافَ فِتْنَةً حَجّ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَبْلَغُ) عِلَّةٌ لِتَرَتُّبِ حُرْمَةِ الْمَسِّ عَلَى حُرْمَةِ النَّظَرِ، أَوْ لِمُقَدَّرٍ أَيْ: حَرُمَ مَسٌّ بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّهُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ يَحْرُمُ الْمَسُّ) هَذَا وَارِدٌ عَلَى الْمَفْهُومِ وَسَكَتَ عَمَّا يَرِدُ عَلَى الْمَنْطُوقِ وَهُوَ أَنَّهُ قَدْ يَحْرُمُ النَّظَرُ دُونَ الْمَسِّ فَمِنْ ذَلِكَ إذَا أَمْكَنَ الطَّبِيبُ مَعْرِفَةُ الْعِلَّةِ بِالْمَسِّ فَقَطْ جَازَ الْمَسُّ دُونَ النَّظَرِ ح ل. (قَوْلُهُ كَغَمْزِ الرَّجُلِ) الْغَمْزُ الْمَسُّ بِمُبَالَغَةٍ وَالْمُرَادُ هُنَا أَعَمُّ وَعِبَارَةُ م ر وَقَدْ يَحْرُمُ مَسُّ مَا حَلَّ نَظَرُهُ مِنْ الْمَحْرَمِ كَبَطْنِهَا وَرِجْلِهَا وَتَقْبِيلِهَا بِلَا حَائِلٍ لِغَيْرِ حَاجَةٍ وَلَا شَفَقَةٍ بَلْ وَكَيَدِهَا عَلَى مُقْتَضَى عِبَارَةِ الرَّوْضَةِ لَكِنْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: إنَّهُ خِلَافُ إجْمَاعِ الْأَمَةِ وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ يَحِلُّ مَسُّ رَأْسِ الْمَحْرَمِ وَغَيْرِهِ مِمَّا لَيْسَ بِعَوْرَةٍ بِحَائِلٍ وَبِدُونِهِ إجْمَاعًا أَيْ: حَيْثُ لَا شَهْوَةَ وَلَا خَوْفَ فِتْنَةٍ بِوَجْهٍ سَوَاءٌ لِحَاجَةٍ أَمْ شَفَقَةً وَمُقْتَضَى ذَلِكَ عَدَمُ جَوَازِهِ عِنْدَ عَدَمِ الْقَصْدِ أَيْ: قَصْدِ الْحَاجَةِ وَالشَّفَقَةِ مَعَ انْتِفَائِهِمَا وَيُحْتَمَلُ جَوَازُهُ حِينَئِذٍ اهـ. وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا م ر أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ، وَلَوْ بِلَا حَاجَةٍ وَلَا شَفَقَةٍ إلَّا مَعَ شَهْوَةٍ، أَوْ خَوْفِ فِتْنَةٍ وَعِبَارَةُ ع ن وس ل قَوْلُهُ وَقَدْ يَحْرُمُ الْمَسُّ إلَخْ كَذَا فِي خ ط وَغَيْرِهِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ لِلنَّوَوِيِّ مِنْ الْإِجْمَاعِ عَلَى جَوَازِ مَسِّ الْمَحَارِمِ، وَجُمِعَ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى مَسٍّ بِشَهْوَةٍ وَالثَّانِي عَلَى مَسٍّ لِحَاجَةٍ أَوْ شَفَقَةٍ وَهُوَ جَمْعٌ حَسَنٌ؛ وَمِنْ ثَمَّ قَيَّدَ بَعْضُهُمْ حُرْمَةَ الْمَسِّ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ بِمَا إذَا كَانَ بِشَهْوَةٍ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ يَصِيرُ كَالنَّظَرِ فَلَا مَعْنَى لِلِاسْتِثْنَاءِ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: فَيَحْرُمُ) هَذَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ: وَقَدْ يَحْرُمُ الْمَسُّ إلَّا أَنَّهُ أَتَى بِهِ تَوْطِئَةً لِمَا بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ وَيُبَاحَانِ) أَيْ: النَّظَرُ وَالْمَسُّ وَيُعْتَبَرُ فِي الْوَجْهِ وَالْكَفِّ أَدْنَى حَاجَةٍ وَفِيمَا عَدَاهُمَا مُبِيحُ تَيَمُّمٍ إلَّا الْفَرْجَ وَقُرْبَهُ فَيُعْتَبَرُ زِيَادَةً عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ اشْتِدَادُ الضَّرُورَةِ حَتَّى لَا يُعَدُّ الْكَشْفُ لِذَلِكَ هَتْكًا لِلْمُرُوءَةِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَهُوَ اتِّحَادُ الْجِنْسِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ ذَكَرَ شَرْطَيْنِ أَوَّلُهُمَا مُرَدَّدٌ بَيْنَ أَمْرَيْنِ هُمَا اتِّحَادُ الْجِنْسِ، أَوْ فَقْدُهُ وَالثَّانِي قَوْلُهُ: وَفَقْدُ مُسْلِمٍ وَفَرَّعَ ثَلَاثَةَ تَفَارِيعَ عَلَيْهِمَا: الْأَوَّلُ عَلَى اتِّحَادِ الْجِنْسِ، وَالثَّانِي عَلَى قَوْلِهِ: أَوْ فَقْدُهُ إلَخْ وَالثَّالِثُ عَلَى قَوْلِهِ: أَوْ فَقْدُ مُسْلِمٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ: أَوْ فَقْدُهُ مَعَ حُضُورِ نَحْوِ مَحْرَمٍ) وَاللَّائِقُ بِالتَّرْتِيبِ أَنْ يُقَالَ: إنْ كَانَتْ الْعِلَّةُ فِي الْوَجْهِ سُومِحَ بِذَلِكَ كَمَا فِي الْمُعَامَلَةِ، وَإِنْ كَانَتْ فِي غَيْرِهِ فَإِنْ كَانَتْ امْرَأَةً فَيُعْتَبَرُ وُجُودُ امْرَأَةٍ مُسْلِمَةٍ فَإِنْ تَعَذَّرَتْ فَصَبِيٌّ مُسْلِمٌ غَيْرُ مُرَاهِقٍ فَإِنْ تَعَذَّرَ فَمُرَاهِقٌ فَإِنْ تَعَذَّرَ فَصَبِيٌّ غَيْرُ مُرَاهِقٍ كَافِرٌ، فَإِنْ تَعَذَّرَ فَمُرَاهِقٌ كَافِرٌ، فَإِنْ تَعَذَّرَ فَمَحْرَمُهَا الْكَافِرُ، فَإِنْ تَعَذَّرَ فَامْرَأَةٌ كَافِرَةٌ، فَإِنْ تَعَذَّرَ فَأَجْنَبِيٌّ مُسْلِمٌ، فَإِنْ تَعَذَّرَ فَأَجْنَبِيٌّ كَافِرٌ شَوْبَرِيٌّ.
وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَدَّمَ فِي الْعِلَاجِ الْمَمْسُوحُ عَلَى الْمُرَاهِقِ وَالْمَحْرَمُ الْمُسْلِمُ عَلَى الْمَحْرَمِ الْكَافِرِ خِلَافًا لِمَا يُفْهَمُ