الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إذْ لَوْ أَقَرَّ حَائِزٌ بِأَخٍ وَرِثَ وَشَارَكَهُ ظَاهِرًا (فَإِنْ مَاتَ الْآخَرُ) الَّذِي لَمْ يُقِرَّ (وَلَمْ يَرِثْهُ إلَّا الْمُقِرُّ ثَبَتَ النَّسَبُ) ؛ لِأَنَّ جَمِيعَ الْمِيرَاثِ صَارَ لَهُ (أَوْ) أَقَرَّ (ابْنٌ حَائِزٍ بِأَخٍ) مَجْهُولٍ (فَأَنْكَرَ الْأَخُ) الْمَجْهُولُ (نَسَبَهُ) أَيْ الْمُقِرِّ (لَمْ يُؤَثِّرْ) فِيهِ إنْكَارُهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَثَّرَ فِيهِ لَبَطَلَ نَسَبُ الْمَجْهُولِ الثَّابِتُ بِقَوْلِ الْمُقِرِّ فَإِنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ بِقَوْلِ الْمُقِرِّ إلَّا لِكَوْنِهِ حَائِزًا وَلَوْ بَطَلَ نَسَبُ الْمَجْهُولِ لَثَبَتَ نَسَبُ الْمُقِرِّ، وَذَلِكَ دَوْرٌ حُكْمِيٌّ (وَلَوْ أَقَرَّ بِمَنْ يَحْجُبُهُ كَأَخٍ أَقَرَّ بِابْنٍ) لِلْمَيِّتِ (ثَبَتَ النَّسَبُ) لِلِابْنِ؛ لِأَنَّ الْوَارِثَ الْحَائِزَ فِي الظَّاهِرِ قَدْ اسْتَلْحَقَهُ (لَا الْإِرْثَ) لَهُ لِلدَّوْرِ الْحُكْمِيِّ وَهُوَ أَنْ يَلْزَمَ مِنْ إثْبَاتِ الشَّيْءِ نَفْيُهُ وَهُنَا يَلْزَمُ مِنْ إرْثِ الِابْنِ عَدَمُ إرْثِهِ فَإِنَّهُ لَوْ وَرِثَ لَحَجَبَ الْأَخَ، فَيَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ وَارِثًا، فَلَمْ يَصِحَّ إقْرَارُهُ.
[دَرْس]
(كِتَابُ الْعَارِيَّةُ)
بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَقَدْ تُخَفَّفُ، وَهِيَ اسْمٌ لِمَا يُعَارُ وَلِعَقْدِهَا مِنْ " عَارَ " إذَا ذَهَبَ وَجَاءَ بِسُرْعَةٍ وَقِيلَ: مِنْ التَّعَاوُرِ وَهُوَ التَّنَاوُبُ وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} [الماعون: 7] فَسَّرَهُ جُمْهُورُ الْمُفَسِّرِينَ بِمَا يَسْتَعِيرُهُ الْجِيرَانُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ
ــ
[حاشية البجيرمي]
النَّسَبِ بِالْقَرَابَةِ ثُبُوتُ الْإِرْثِ كَمَا يَأْتِي وَنَظِيرُهُ إقْرَارُهُ بِالْخُلْعِ فَإِنَّهُ يُثْبِتُ الْبَيْنُونَةَ وَلَا مَالَ؛ لِوُجُودِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَعِنْدَ اسْتِيفَاءِ الْعَدَدِ مِنْ غَيْرِ مَالٍ بِخِلَافِ وُجُوبه بِالطَّلَاقِ فَإِنَّهُ يَسْتَلْزِمُهَا ابْنُ حَجَرٍ اط ف.
(قَوْلُهُ: إذْ لَوْ أَقَرَّ) عِلَّةٌ لِلْحَمْلِ أَيْ: الْحُكْمِ فِي الثُّبُوتِ فِي الظَّاهِر فَلْيَكُنْ الْحُكْمُ فِي النَّفْيِ مِثْلَهُ أَيْ: قَاصِرًا عَلَى الظَّاهِرِ، وَالْبَاطِنُ قَدْ يُخَالِفُ الظَّاهِرَ فِي الصُّورَتَيْنِ أَيْ: عِنْدَ الْكَذِبِ، تَأَمَّلْ. وَقَوْلُهُ أَيْضًا: إذْ لَوْ أَقَرَّ إلَخْ فَإِذَا كَانَ شَارَكَهُ ظَاهِرًا مَعَ كَوْنِهِ حَائِزًا فَيَلْزَمُهُ أَنْ لَا يُشَارِكَهُ ظَاهِرًا إذَا كَانَ غَيْرَ حَائِزٍ.
(قَوْلُهُ: ثَبَتَ النَّسَبُ) أَيْ نَسَبُ الثَّالِثِ وَيَرِثُ هُوَ وَالْمُقِرُّ مِنْ الْأَخِ الْمَيِّتِ؛ لِأَنَّ الْمُقِرَّ حَائِزٌ لِلْمَالِ لَوْلَا الْمُقَرُّ بِهِ الَّذِي هُوَ الثَّالِثُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: بِأَخٍ) لِلِابْنِ وَقَوْلُهُ: فَأَنْكَرَ بِأَنْ قَالَ: أَنَا ابْنُ الْمَيِّتِ وَأَنْتَ لَسْتَ ابْنَهُ، كَمَا فِي شَرْحِ م ر وَلَوْ ادَّعَى الْمَجْهُولُ عَلَى الْأَخِ فَنَكَلَ وَحَلَفَ الْمَجْهُولُ ثَبَتَ نَسَبُهُ، وَلَا إرْثَ إنْ قُلْنَا: الْيَمِينُ الْمَرْدُودَةُ كَالْإِقْرَارِ وَهُوَ الْأَصَحُّ بِخِلَافِ مَا لَوْ جَعَلْنَاهَا كَالْبَيِّنَةِ م ر. (قَوْلُهُ: لَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ إنْكَارُهُ) وَيَرِثُ مَعَهُ فِي هَذِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْجُبْهُ حِرْمَانًا، كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَفِيهِ نَظَرٌ بِمَا مَرَّ لِخُرُوجِهِ عَنْ الْحِيَازَةِ وَعَلَى ثُبُوتِ نَسَبِ الثَّانِي لَوْ أَقَرَّا مَعًا بِثَالِثٍ فَأَنْكَرَ هَذَا الثَّالِثُ نَسَبَ الثَّانِي بَطَلَ نَسَبُ الثَّانِي، وَهَذِهِ مَسْأَلَةُ قَوْلِهِمْ: أَدْخِلْنِي أُخْرِجْكَ ق ل وَعِبَارَةُ م ر وَلَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ إنْكَارُهُ أَيْ: لِثُبُوتِهِ وَاشْتِهَارِهِ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ أَثَّرَ إلَخْ. اهـ. فَيَرِثَانِ التَّرِكَةَ بِالْمُنَاصَفَةِ بَيْنَهُمَا شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَوْ أَثَّرَ إلَخْ) أَيْ: بِأَنْ أَبْطَلَ نَسَبِ الْمُقِرِّ وَجَوَابُ " لَوْ " مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ: لَبَطَلَ إقْرَارُهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: وَلَوْ بَطَلَ إقْرَارُهُ لَبَطَلَ نَسَبُ الْمَجْهُولِ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: لَثَبَتَ نَسَبُ الْمُقِرِّ) أَيْ: فَأَدَّى عَدَمُ ثُبُوتِ نَسَبِ الْمُقِرِّ إلَى ثُبُوتِ نَسَبِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَطَلَ إلَخْ) هَذِهِ الْمُلَازَمَةُ غَيْرُ ظَاهِرَةٍ؛ لِأَنَّ نَسَبَ الْمُقِرِّ ثَابِتٌ مَشْهُورٌ قَبْلَ ثُبُوتِ نَسَبِ الْمَجْهُولِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ التَّقْدِيرَ: وَلَوْ بَطَلَ نَسَبُ الْمَجْهُولِ لَمْ يُؤَثِّرْ إنْكَارُهُ وَإِذَا لَمْ يُؤَثِّرْ إنْكَارُهُ ثَبَتَ نَسَبُ الْمُقِرِّ (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ دَوْرٌ حُكْمِيٌّ) أَيْ: وَهُوَ بَاطِلٌ فَمَا أَدَّى إلَيْهِ مِنْ تَأْثِيرِ إنْكَارِ الْمَجْهُولِ فِي نَسَبِ الْمُقِرِّ بَاطِلٌ أَيْضًا فَثَبَتَ قَوْلُ الْمَتْنِ: لَمْ يُؤَثِّرْ.
(قَوْلُهُ: بِمَنْ يَحْجُبُهُ) أَيْ: حَجْبَ حِرْمَانٍ فَيَخْرُجُ بِهِ مَا لَوْ أَقَرَّتْ بِنْتٌ مُعْتَقَةٌ لِلْأَبِ بِأَخٍ لَهَا فَيَثْبُتُ نَسَبُهُ؛ لِكَوْنِهَا حَائِزَةً وَيَرِثَانِهِ أَثْلَاثًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْجُبُهَا حِرْمَانًا وَإِنَّمَا يَمْنَعُهَا عُصُوبَةٌ الْوَلَاءِ وَهَذَا أَحَدُ وَجْهَيْنِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا بِلَا تَرْجِيحٍ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ بِرْمَاوِيٌّ وَاعْتَمَدَهُ م ر.
(قَوْلُهُ: فِي الظَّاهِرِ) أَيْ: وَفِي الْبَاطِنِ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ وَارِثٍ لِكَوْنِ الْأَخِ صَادِقًا فِي إقْرَارِهِ. (قَوْلُهُ: لَا الْإِرْثِ) أَيْ: ظَاهِرًا وَأَمَّا بَاطِنًا فَإِنْ كَانَ صَادِقًا وَجَبَ عَلَيْهِ دَفْعُ الْمَالِ كُلِّهِ لَهُ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: لِلدَّوْرِ الْحُكْمِيِّ) بِأَنْ يُوجِبَ شَيْءٌ حُكْمَيْنِ شَرْعِيَّيْنِ مُتَنَافِيَيْنِ فَيَثْبُتَ الدَّوْرُ مِنْهُمَا وَبِهَذَا يَظْهَرُ وَجْهُ التَّسْمِيَةِ لَهُ بِمَا ذَكَرَهُ وَالدَّوْرُ اللَّفْظِيُّ أَنْ يَنْشَأَ الدَّوْرُ مِنْ لَفْظِ اللَّافِظِ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الطَّلَاقِ السُّرَيْجِيَّةِ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَلَمْ يَصِحَّ إقْرَارُهُ) وَإِذَا لَمْ يَصِحَّ إقْرَارُهُ فَلَمْ يَرِثْ الِابْنُ لِعَدَمِ ثُبُوتِ نَسَبِهِ فَأَدَّى إرْثُهُ إلَى عَدَمِ إرْثِهِ م ر.
[كِتَابُ الْعَارِيَّةُ]
. (دَرْسٌ)(كِتَابُ الْعَارِيَّةُ)
ذَكَرَهَا عَقِبَ الْإِقْرَارِ؛ لِأَنَّهَا تُشْبِهُهُ مِنْ حَيْثُ إنَّ فِي كُلٍّ إزَالَةَ مَا هُوَ تَحْتَ يَدِهِ لِغَيْرِهِ.
(قَوْلُهُ: بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ) وَالْجَمْعُ الْعَوَارِيُّ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَتَخْفِيفِهَا شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَهِيَ اسْمٌ إلَخْ) أَيْ: لُغَةً وَشَرْعًا أَوْ لُغَةً فَقَطْ أَوْ لُغَةً لِمَا يُعَارُ، وَشَرْعًا لِلْعَقْدِ لَكِنْ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ مَا يُفِيدُ أَنَّ إطْلَاقَهَا عَلَى كُلٍّ مِنْ الْعَقْدِ وَمَا يُعَارُ لُغَوِيٌّ بِدَلِيلِ أَنَّهُ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: وَحَقِيقَتُهَا الشَّرْعِيَّةُ إبَاحَةُ مَنْفَعَةِ مَا يَحِلُّ الِانْتِفَاعُ بِهِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ فَرَاجِعْ عِبَارَتَهُ. وَيُقَالُ: فِيهَا عَارَةٌ كَنَاقَةٍ. انْتَهَى. ح ل وَكَانَتْ وَاجِبَةً فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ لِلتَّوَعُّدِ عَلَيْهَا فِي الْآيَةِ، ثُمَّ نُسِخَ وُجُوبُهَا إلَى النَّدْبِ فَهُوَ الْأَصْلُ فِيهَا بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَجَاءَ بِسُرْعَةٍ) لِسُرْعَةِ عَوْدِهَا إلَى مَالِكِهَا غَالِبًا وَقَوْلُهُ: وَهُوَ التَّنَاوُبُ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَعِيرَ يَنُوبُ عَنْ الْمَالِكِ فِي الِانْتِفَاعِ بِهَا.
(قَوْلُهُ: جُمْهُورُ الْمُفَسِّرِينَ) وَغَيْرُ الْجُمْهُورِ فَسَّرَهُ بِالزَّكَاةِ قَالَ شَيْخُنَا الْعَزِيزِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْوَعِيدَ فِي الْآيَةِ عَلَى مَجْمُوعِ مَا فِيهَا أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ يَمْنَعُ الْمَاعُونَ
وَخَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم اسْتَعَارَ فَرَسًا مِنْ أَبِي طَلْحَةَ فَرَكِبَهُ» وَالْحَاجَةُ دَاعِيَةٌ إلَيْهَا وَهِيَ مُسْتَحَبَّةٌ، وَقَدْ تَجِبُ كَإِعَارَةِ الثَّوْبِ لِدَفْعِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ، وَقَدْ تَحْرُمُ كَإِعَارَةِ الْأَمَةِ مِنْ أَجْنَبِيٍّ، وَقَدْ تُكْرَهُ كَإِعَارَةِ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ مِنْ كَافِرٍ كَمَا سَيَأْتِيَانِ (أَرْكَانُهَا) أَرْبَعَةٌ (مُسْتَعِيرٌ وَمُعَارٌ وَصِيغَةٌ وَمُعِيرٌ وَشَرْطٌ فِيهِ مَا مَرَّ فِي مُقْرِضٍ) مِنْ اخْتِيَارٍ وَهُوَ مِنْ زِيَادَتِي وَصِحَّةُ تَبَرُّعٍ؛ لِأَنَّ الْإِعَارَةَ تَبَرُّعٌ بِإِبَاحَةِ الْمَنْفَعَةِ، فَلَا تَصِحُّ مِنْ مُكْرَهٍ وَصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَمُكَاتَبٍ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ وَمَحْجُورِ سَفَهٍ وَفَلَسٍ (وَمِلْكُهُ الْمَنْفَعَةَ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَالِكًا لِلْعَيْنِ؛ لِأَنَّ الْإِعَارَةَ إنَّمَا تُرَدُّ عَلَى الْمَنْفَعَةِ دُونَ الْعَيْنِ (كَمُكْتِرٍ لَا مُسْتَعِيرٍ) ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَالِكٍ لِلْمَنْفَعَةِ وَإِنَّمَا أُبِيحَ لَهُ الِانْتِفَاعُ، فَلَا يَمْلِكُ نَقْلَ الْإِبَاحَةِ، كَمَا أَنَّ الضَّيْفَ لَا يُبِيحُ لِغَيْرِهِ مَا قُدِّمَ لَهُ فَإِنْ أَعَارَ بِإِذْنِ الْمَالِكِ صَحَّ وَهُوَ بَاقٍ عَلَى إعَارَتِهِ، إنْ لَمْ يُسَمِّ الثَّانِيَ.
(وَ) شُرِطَ (فِي الْمُسْتَعِيرِ تَعْيِينٌ وَإِطْلَاقُ تَصَرُّفٍ) وَهُمَا مِنْ زِيَادَتِي فَلَا تَصِحُّ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ، كَأَنْ قَالَ: أَعَرْتُ أَحَدَكُمَا
ــ
[حاشية البجيرمي]
إذَا تَعَيَّنَ عَلَيْهِ إعَارَتُهُ أَوْ نَظَرًا لِصَدْرِ الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ وَاجِبَةً حِينَئِذٍ وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: الْمَاعُونُ كُلُّ مَعْرُوفٍ. اهـ. سم.
(قَوْلُهُ: وَقَدْ تَجِبُ كَإِعَارَةِ ثَوْبٍ) أَيْ: مَعَ وُجُوبِ الْأُجْرَةِ ز ي وَقَوْلُهُ: لِدَفْعِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَيْ: مُبِيحٍ لِلتَّيَمُّمِ وَكَنَحْوِ سِكِّينٍ لِذَبْحِ شَاةٍ وَمَعَ الْوُجُوبِ لَا يَلْزَمُ الْمَالِكَ الْبَذْلُ مَجَّانًا بَلْ لَهُ طَلَبُ الْأُجْرَةِ، ثُمَّ إنْ عَقَدَ بِالْإِجَارَةِ وَوُجِدَتْ شُرُوطُهَا فَهِيَ إجَارَةٌ صَحِيحَةٌ وَإِلَّا فَهِيَ إعَارَةٌ لَفْظًا إجَارَةٌ مَعْنًى، وَلَا يُنَافِي وُجُوبُ الْإِعَارَةِ أَنَّ الْمَالِكَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ ذَبْحُهَا وَإِنْ كَانَ فِيهِ إضَاعَةُ مَالٍ؛ لِأَنَّهَا بِالتَّرْكِ هُنَا وَهُوَ غَيْرُ مُمْتَنِعٍ؛ لِأَنَّ عَدَمَ الْوُجُوبِ عَلَيْهِ لَا يُنَافِي إسْعَافَهُ إذَا أَرَادَ حِفْظَ مَالِهِ ع ش عَلَى م ر وَق ل وَسم عَلَى حَجّ وَلَا يَضْمَنُ الْعَيْنَ حِينَئِذٍ تَغْلِيبًا لِلْإِجَارَةِ وَلَمْ يَذْكُرُوا أَنَّهَا قَدْ تُبَاحُ وَقَدْ تُصَوَّرُ الْإِبَاحَةُ كَإِعَارَةِ مَنْ لَا حَاجَةَ لَهُ بِالْمُعَارِ بِوَجْهٍ اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ: وَقَدْ تَحْرُمُ) وَلَا تَصِحُّ وَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ وَجَبَتْ عَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ سم.
(قَوْلُهُ: مِنْ أَجْنَبِيٍّ) أَيْ: لَهُ إعَارَةُ الصَّيْدِ لِلْمُحْرِمِ، وَالْخَيْلِ وَالسِّلَاحِ لِلْحَرْبِيِّ وَقَاطَعَ الطَّرِيقِ وَالْبَاغِي إذَا غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ عِصْيَانُهُمْ بِذَلِكَ. اهـ. ز ي. (قَوْلُهُ: مِنْ كَافِرٍ) أَيْ: لِكَافِرٍ لَكِنْ لَا يُمْكِنُ مِنْ اسْتِخْدَامِهِ وَقَدْ يُقَالُ: إذَا كَانَ كَذَلِكَ فَمَا فَائِدَةُ صِحَّةِ إعَارَتِهِ لَهُ؟ وَقَدْ يُقَالُ: فَائِدَتُهَا جَوَازُ أَنْ يُعِيرَهُ لِمُسْلِمٍ بِإِذْنِ الْمَالِكِ أَوْ يَسْتَنِيبَ مُسْلِمًا فِي اسْتِخْدَامِهِ فِيمَا تَعُودُ مَنْفَعَتُهُ إلَيْهِ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: وَصِحَّةُ تَبَرُّعٍ) أَيْ نَاجِزٍ لِيَخْرُجَ السَّفِيهُ فَإِنَّهُ يَصِحُّ تَبَرُّعُهُ بِالْوَصِيَّةِ وَعَبَّرَ فِي الْقَرْضِ بِأَهْلِيَّةِ التَّبَرُّعِ فَقَوْلُهُ هُنَا: صِحَّةُ تَبَرُّعٍ حِكَايَةً لِكَلَامِهِ بِالْمَعْنَى وَقَوْلُهُ: وَمَحْجُورِ سَفَهٍ نَعَمْ لَوْ أَعَارَ مَحْجُورُ السَّفَهِ نَفْسَهُ فَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: يَجُوزُ إذَا كَانَ عَمَلُهُ لَيْسَ مَقْصُودًا فِي كَسْبِهِ كَأَنْ لَا يَحْتَاجَ إلَى الْكَسْبِ لِمُؤْنَةٍ لِاسْتِغْنَائِهِ عَنْهُ بِمَالِهِ وَإِنْ كَانَ عَمَلُهُ يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ وَقَوْلُهُ: وَفَلَسٍ، نَعَمْ لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي إعَارَةِ الْمُفْلِسِ الْعَيْنَ تَعْطِيلٌ لِلنِّدَاءِ عَلَيْهَا كَإِعَارَةِ الدَّارِ يَوْمًا فَالْمُتَّجِهُ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ الْجَوَازُ أَيْ: إذَا لَمْ تَكُنْ الْمَنْفَعَةُ تُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ وَإِلَّا فَيَمْتَنِعُ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ بِرْمَاوِيٌّ وَقَوْلُهُ أَيْضًا: وَمَحْجُورِ فَلَسٍ مَحَلُّهُ إذَا أَعَارَ شَيْئًا مِنْ أَعْيَانِ مَالِهِ، وَأَمَّا إعَارَةُ نَفْسِهِ مُدَّةً لَا تَشْغَلُهُ عَنْ الْكَسْبِ فَتَصِحُّ، وَكَذَا يَصِحُّ أَنْ يُعِيرَ شَيْئًا مِنْ غَيْرِ مَنْقُولٍ لَا يُقَابَلُ بِمَالٍ. (قَوْلُهُ: مِنْ مُكْرَهٍ) أَيْ: بِغَيْرِ حَقٍّ، أَمَّا بِهِ، كَمَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى إعَارَةٍ وَاجِبَةٍ فَتَصِحُّ ابْنُ حَجَرٍ.
(قَوْلُهُ: وَمِلْكُهُ الْمَنْفَعَةَ) أَيْ بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِلِاخْتِصَاصِ لِيَشْمَلَ إعَارَةَ الْأُضْحِيَّةِ وَالْهَدْيِ مَعَ خُرُوجِهِمَا عَنْ مِلْكِهِ فَيُعِيرُ مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ الْمَوْقُوفَ بِإِذْنِ النَّاظِرِ وَمُوصًى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ وَلَوْ مُدَّةً وَلَا يُعِيرُ مَنْ أُوصِيَ لَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ أَبَدًا أَوْ مُدَّةَ حَيَاتِهِ؛ لِأَنَّهُ إبَاحَةٌ فِيهِمَا وَصَحَّحَ شَيْخُنَا فِي الثَّانِيَةِ صِحَّةَ الْعَارِيَّةُ وَتَصِحُّ إعَارَةُ كَلْبٍ لِصَيْدٍ وَنَحْوِهِ وَإِعَارَةُ أُضْحِيَّةٍ وَهَدْيٍ وَلَوْ مَنْذُورَيْنِ ق ل. (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَعَارَ بِإِذْنِ الْمَالِكِ صَحَّ) وَيَخْرُجُ عَنْ الْعَارِيَّةُ إنْ عَيَّنَ لَهُ الْمُسْتَعِيرُ بِمُجَرَّدِ الْإِذْنِ وَإِلَّا فَبِالْعَقْدِ بِرْمَاوِيٌّ هَذَا غَيْرُ ظَاهِرٍ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ بَاقٍ عَلَى إعَارَتِهِ) أَيْ: الْمُسْتَعِيرِ الْأَوَّلِ، وَقَوْلُهُ: عَلَى إعَارَتِهِ مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ فَلَا يَبْرَأُ الْأَوَّلُ مِنْ الضَّمَانِ وَيَحِلُّ لَهُ الِانْتِفَاعُ مَعَ الثَّانِي، وَقَرَارُ الضَّمَانِ عَلَى الثَّانِي إنْ تَلِفَ عِنْدَهُ وَالضَّمِيرُ فِي " وَهُوَ " رَاجِعٌ لِلْمِلْكِ، كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يُسَمِّ وَقَوْلُهُ: عَلَى إعَارَتِهِ أَيْ: لِلْأَوَّلِ وَقِيلَ: ضَمِيرُ " وَهُوَ " لِلْمُسْتَعِيرِ، وَكَذَا ضَمِيرُ إعَارَتِهِ فَيَكُونُ مُضَافًا لِلْمَفْعُولِ أَيْ: بَاقٍ عَلَى إعَارَةِ الْمَالِكِ إيَّاهُ لَكِنْ يَلْزَمُ عَلَيْهِ تَشْتِيتُ الضَّمَائِرِ؛ لِأَنَّ ضَمِيرَ " يُسَمَّى " لِلْمَالِكِ فَالْأَوَّلُ أَوْلَى قَالَ س ل: وَلَهُ الرُّجُوعُ فِيهَا وَإِنْ رَدَّهَا الثَّانِي عَلَيْهِ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يُسَمِّ) أَيْ: الْمَالِكُ الثَّانِي أَيْ الْمُعَارَ لَهُ ثَانِيًا كَأَنْ قَالَ: أَذِنْت لَك فِي إعَارَتِهِ فَإِنْ سَمَّى الثَّانِي كَأَنْ قَالَ لَهُ: أَذِنْت لَكَ فِي إعَارَتِهِ لِزَيْدٍ مَثَلًا فَإِنَّ إعَارَةَ الْأَوَّلِ تَبْطُلُ أَيْ: مِنْ حِينِ الْإِذْنِ؛ لِأَنَّهُ خَرَجَ بِالْإِذْنِ عَنْ كَوْنِهِ مُسْتَعِيرًا وَصَارَ وَكِيلًا بِرْمَاوِيٌّ وَيَبْرَأُ مِنْ الضَّمَانِ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: تَعْيِينٌ) سَكَتَ عَنْ هَذَا فِي الْمُعِيرِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّعْيِينُ كَالْمُعَارِ فَلَوْ قَالَ: لِاثْنَيْنِ لِيُعِرْنِي أَحَدُكُمَا كَذَا، فَدَفَعَهُ لَهُ مِنْ غَيْرِ لَفْظٍ صَحَّ وَعَلَيْهِ فَيُمْكِنُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُسْتَعِيرِ بِأَنَّ الدَّفْعَ مِنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا رِضًا بِإِتْلَافِ مَنْفَعَةِ مَتَاعِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَالْمُسْتَعِيرِ فَلَا يَصِحُّ. وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ ع ش. (قَوْلُهُ: فَلَا تَصِحُّ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ) فَلَوْ فَرَشَ بِسَاطَهُ لِمَنْ يَجْلِسُ عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ عَارِيَّةً بَلْ مُجَرَّدَ إبَاحَةٍ شَرْحُ م ر
وَلَا لِبَهِيمَةٍ وَلَا لِصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَسَفِيهٍ إلَّا بِعَقْدِ وَلِيِّهِمْ، إذَا لَمْ تَكُنْ الْعَارِيَّةُ مُضَمَّنَةً، كَأَنْ اسْتَعَارَ مِنْ مُسْتَأْجِرٍ (وَلَهُ) أَيْ: لِلْمُسْتَعِيرِ (إنَابَةُ مَنْ يَسْتَوْفِي لَهُ) الْمَنْفَعَةَ؛ لِأَنَّ الِانْتِفَاعَ رَاجِعٌ إلَيْهِ.
(وَ) شُرِطَ (فِي الْمُعَارِ انْتِفَاعٌ) بِهِ بِأَنْ يَسْتَفِيدَ الْمُسْتَعِيرُ مَنْفَعَتَهُ وَهُوَ الْأَكْثَرُ أَوْ عَيْنًا مِنْهُ كَمَا لَوْ اسْتَعَارَ شَاةً مَثَلًا، لِيَأْخُذَ دَرَّهَا وَنَسْلَهَا أَوْ شَجَرَةً لِيَأْخُذَ ثَمَرَهَا فَلَا يُعَارُ مَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ كَحِمَارٍ زَمِنٍ (مُبَاحٍ) فَلَا تَصِحُّ إعَارَةُ مَا يَحْرُمُ الِانْتِفَاعُ بِهِ كَآلَةِ لَهْوٍ وَفَرَسٍ وَسِلَاحٍ لِحَرْبِيٍّ وَكَأَمَةٍ مُشْتَهَاةٍ لِخِدْمَةِ رَجُلٍ غَيْرِ نَحْوِ مَحْرَمٍ لَهَا مِمَّنْ يَحْرُمُ نَظَرُهُ إلَيْهَا؛ لِخَوْفِ الْفِتْنَةِ، أَمَّا غَيْرُ الْمُشْتَهَاةِ لِصِغَرٍ أَوْ قُبْحٍ فَصَحَّحَ فِي الرَّوْضَةِ صِحَّةَ إعَارَتِهَا وَفِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ مَنَعَهَا. وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ: الْمُتَّجَهُ الصِّحَّةُ فِي الصَّغِيرَةِ دُونَ الْقَبِيحَةِ اهـ. وَكَالْقَبِيحَةِ الْكَبِيرَةُ غَيْرُ الْمُشْتَهَاةِ وَالْخُنْثَى يَحْتَاطُ فِيهِ مُعَارًا وَمُسْتَعِيرًا، وَتَعْبِيرِي بِمُبَاحٍ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ: وَتَجُوزُ إعَارَةُ جَارِيَةٍ لِخِدْمَةِ امْرَأَةٍ أَوْ مَحْرَمٍ،
ــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ: وَلَا لِبَهِيمَةٍ) كَأَعِرْ فَرَسِي سَرْجًا وَهَذَا خَرَجَ بِقَوْلِهِ: إطْلَاقُ تَصَرُّفٍ ع ش قَالَ شَيْخُنَا: وَلَمْ يَقَعْ لَهُ إخْرَاجُ الْبَهِيمَةِ بِهَذَا الْقَيْدِ إلَّا هُنَا. (قَوْلُهُ: وَسَفِيهٍ) الرَّاجِحُ صِحَّةُ قَبُولِهَا مِنْ السَّفِيهِ قِيَاسًا عَلَى قَبُولِ الْهِبَةِ ح ل. (قَوْلُهُ: إلَّا بِعَقْدِ وَلِيِّهِمْ) الْحَصْرُ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ صَحِيحٌ وَبِالنِّسْبَةِ لِلسَّفِيهِ، فِيهِ نَظَرٌ لِمَا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَنْ الْإِسْنَوِيِّ مِنْ صِحَّتِهَا مِنْ السَّفِيهِ نَفْسِهِ فَلَا تَتَوَقَّفُ عَلَى قَبُولِ وَلِيِّهِ لَهُ تَأَمَّلْ وَجَرَى عَلَيْهِ الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ تَكُنْ إلَخْ) أَيْ: فَتَصِحُّ إذَا لَمْ تَكُنْ فَهُوَ ظَرْفٌ لِمَحْذُوفٍ يُعْلَمُ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: كَأَنْ اسْتَعَارَ مِنْ مُسْتَأْجِرٍ) رَاجِعٌ لِلنَّفْيِ أَيْ: مِنْ مُسْتَأْجِرٍ إجَارَةً صَحِيحَةً وَالْمُضَمَّنَةُ كَأَنْ اسْتَعَارَ مِنْ مُسْتَأْجِرٍ إجَارَةٍ فَاسِدَةً أَوْ مِنْ الْمَالِكِ تَأَمَّلْ ح ل.
(قَوْلُهُ: مَنْ يَسْتَوْفِي إلَخْ) أَيْ حَيْثُ كَانَ مِثْلَهُ أَوْ دُونَهُ وَلَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى تَخْصِيصِهِ بِذَلِكَ دُونَ غَيْرِهِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لِلضَّمَانِ عَلَيْهِ ح ل وَقَوْلُهُ: عَلَى تَخْصِيصِهِ أَيْ: الْمُسْتَعِيرِ بِذَلِكَ أَيْ: بِأَنْ يَسْتَوْفِيَ الْمَنْفَعَةَ بِنَفْسِهِ.
. (قَوْلُهُ: وَشُرِطَ فِي الْمُعَارِ انْتِفَاعٌ بِهِ) وَلَوْ مَآلًا كَجَحْشٍ صَغِيرٍ إنْ كَانَتْ الْعَارِيَّةُ مُطْلَقَةً أَوْ مُؤَقَّتَةً بِزَمَنٍ يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِ فِيهِ ح ل وَز ي وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ اشْتِرَاطَ النَّفْعِ فِي الْإِجَارَةِ حَالَةَ الْعَقْدِ لِمُقَابِلَتِهَا بِعِوَضٍ بِخِلَافِ مَا هُنَا. انْتَهَى. وَاشْتِرَاطُ ابْنِ حَجَرٍ الِانْتِفَاعَ بِهِ حَالَةَ الْعَقْدِ. وَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ، كَمَا نَقَلَهُ ق ل عَنْ م ر وخ ط.
(قَوْلُهُ: لِيَأْخُذَ دَرَّهَا وَنَسْلَهَا) قَالَ ابْنُ الْمُقْرِي: وَالْحَقُّ أَنَّ الدَّرَّ وَالنَّسْلَ لَيْسَا مُسْتَفَادَيْنِ بِالْعَارِيَّةِ بَلْ بِالْإِبَاحَةِ، وَالْمُسْتَعَارُ هُنَا الشَّاةُ لِمَنْفَعَةٍ وَهِيَ إيصَالُكَ لِمَا أُبِيحَ لَك، كَمَا لَوْ اسْتَعَرْت مَجْرًى فِي أَرْضِ غَيْرِكَ لِتُوَصِّلَ مَاءَكَ إلَى أَرْضِك ز ي. (قَوْلُهُ: فَلَا تَصِحُّ إعَارَةُ مَا يَحْرُمُ الِانْتِفَاعُ بِهِ) هَذَا مُسَلَّمٌ عِنْدَ م ر فِي آلَةِ اللَّهْوِ، وَأَمَّا فِي السِّلَاحِ وَالْفَرَسِ فَجَرَى فِيهِمَا فِي شَرْحِهِ عَلَى صِحَّةِ الْإِعَارَةِ مَعَ الْحُرْمَةِ وَجَمَعَ ع ش عَلَيْهِ بِحَمْلِ كَلَامِهِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ وَلَمْ يَظُنَّ أَنَّ الْحَرْبِيَّ يَسْتَعِينُ بِهِمَا عَلَى قَتْلِنَا وَيُحْمَلُ كَلَامُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ عَلَى مَا إذَا عَلِمَ أَوْ ظَنَّ ذَلِكَ، ثُمَّ نَظَرَ فِي كَلَامِ م ر بَعْدَ حَمْلِهِ عَلَى مَا ذُكِرَ بِأَنَّهُ لَا وَجْهَ لِلْحُرْمَةِ حِينَئِذٍ اهـ وَالْإِطْفِيحِيُّ جَزَمَ بِهِ بِالْحُرْمَةِ حِينَئِذٍ، وَحَمَلَ عَدَمَهَا عَلَى مَا إذَا ظَنَّ عَدَمَ الْمُقَاتَلَةِ بِهِ (قَوْلُهُ: كَآلَةِ لَهْوٍ) قَضِيَّةُ التَّمْثِيلِ بِمَا ذُكِرَ لِلْمُحَرَّمِ أَنَّ مَا يُبَاحُ اسْتِعْمَالُهُ مِنْ الطُّبُولِ وَنَحْوِهَا لَا يُسَمَّى آلَةَ لَهْوٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَعَلَيْهِ فَالشِّطْرَنْجُ تُبَاحُ إعَارَتُهُ أَيْ: إعَارَةُ آلَتِهِ، بَلْ وَإِجَارَتُهُ ع ش. (قَوْلُهُ: وَكَأَمَةٍ مُشْتَهَاةٍ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ إعَادَةِ الْكَافِ؟ وَمِثْلُهَا الْأَمْرَدُ الْجَمِيلُ وَلَوْ لِمَنْ لَمْ يُعْرَفْ بِالْفُجُورِ أَوْ عِنْدَهُ حَلِيلَةٌ فِيهِمَا ح ل وَقَوْلُهُ: وَلَوْ لِمَنْ لَمْ يُعْرَفْ بِالْفُجُورِ ظَاهِرُهُ الْمَنْعُ مُطْلَقًا لَكِنْ قَيَّدَهُ حَجّ بِمَا إذَا كَانَتْ الْإِعَارَةُ لِخِدْمَةٍ تَضَمَّنَتْ خَلْوَةً أَوْ نَظَرًا مُحَرَّمًا. اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: لِخِدْمَةِ رَجُلٍ) بِخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَعَارَهَا الرَّجُلُ الْمَذْكُورُ لِخِدْمَةِ أَوْلَادِهِ الصِّغَارِ مَثَلًا، فَيَجُوزُ وَلَوْ مَرِضَ رَجُلٌ وَاحْتَاجَهَا وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهَا جَازَتْ إعَارَتُهَا لَهُ لِلضَّرُورَةِ. اهـ شَيْخُنَا شَوْبَرِيٌّ وَفِي ع ش عَلَى م ر نَعَمْ لِلْمَرْأَةِ خِدْمَةُ مُنْقَطِعٍ أَيْ: بِأَنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يَخْدُمُهُ فَلَهُ أَنْ يَسْتَعِيرَ لَهُ أَمَةً تَخْدُمُهُ. اهـ. حَجّ وَمِثْلُهُ عَكْسُهُ كَإِعَارَةِ الذَّكَرِ لِخِدْمَةِ امْرَأَةٍ مُنْقَطِعَةٍ، وَيَجُوزُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا النَّظَرُ بِقَدْرِ الضَّرُورَةِ إنْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ أَخْذًا مِمَّا قَالُوهُ فِي نَظَرِ الطَّبِيبِ لِلْمَرْأَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ وَعَكْسِهِ.
(قَوْلُهُ: نَحْوِ مُحْرِمٍ) كَمَمْسُوحٍ وَكَمَالِكِهَا إذَا اسْتَعَارَهَا مِنْ الْمُكْتَرِي أَوْ مِنْ الْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ وَكَالزَّوْجِ إذَا اسْتَعَارَ زَوْجَتَهُ مِنْ سَيِّدِهَا فَهَؤُلَاءِ كُلُّهُمْ دَاخِلُونَ فِي نَحْوِ الْمَحْرَمِ فَيَجُوزُ إعَادَتُهَا لَهُمْ، كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ شَرْحِ م ر (قَوْلُهُ: فَصَحَّحَ فِي الرَّوْضَةِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ م ر وَعِبَارَتُهُ " وَتَجُوزُ إعَارَةُ صَغِيرَةٍ وَقَبِيحَةٍ يُؤْمَنُ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا؛ لِانْتِفَاءِ خَوْفِ الْفِتْنَةِ " كَمَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَهُوَ الْأَصَحُّ خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ فِي الثَّانِيَةِ انْتَهَى بِحُرُوفِهِ وَأَقَرَّهُ ع ش عَلَى الشَّارِحِ وَقَوْلُهُ: وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ إلَخْ. اعْتَمَدَهُ ز ي وَس ل تَبَعًا لِحَجِّ. (قَوْلُهُ: يُحْتَاطُ فِيهِ مُعَارًا) أَيْ: فَلَا يُعَارُ لِرَجُلٍ أَجْنَبِيٍّ وَلَا لِامْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ وَلَا يَسْتَعِير امْرَأَةً أَجْنَبِيَّةً وَلَا رَجُلًا أَجْنَبِيًّا وَلَا أَمْرَدَ، كَمَا فِي ح ل.
(قَوْلُهُ: أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ: وَتَجُوزُ إعَارَةُ جَارِيَةٍ) هِيَ أَوْلَوِيَّةُ عُمُومٍ؛ لِأَنَّ كَلَامَ الْأَصْلِ لَا يَشْمَلُ إعَارَتَهَا لِزَوْجٍ أَوْ مَمْسُوحٍ
وَشُرِطَ فِيهِ أَنْ يَكُونَ الِانْتِفَاعُ بِهِ (مَعَ بَقَائِهِ) فَلَا يُعَارُ الْمَطْعُومُ وَنَحْوُهُ؛ لِأَنَّ الِانْتِفَاعَ بِهِ إنَّمَا هُوَ بِاسْتِهْلَاكِهِ فَانْتَفَى الْمَعْنَى الْمَقْصُودُ مِنْ الْإِعَارَةِ وَبِمَا ذُكِرَ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الْمُعَارِ فَلَوْ قَالَ: أَعِرْنِي دَابَّةً، فَقَالَ: خُذْ مَا شِئْتَ مِنْ دَوَابِّي صَحَّتْ.
(وَتُكْرَهُ) كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ (اسْتِعَارَةٍ وَإِعَارَةٌ فَرْعِ أَصْلِهِ لِخِدْمَةٍ وَ) اسْتِعَارَةٍ وَإِعَارَةُ (كَافِرٍ مُسْلِمًا) صِيَانَةً لَهُمَا عَلَى الْإِذْلَالِ وَالْأَوْلَى مَعَ ذِكْرِ كَرَاهَةِ الِاسْتِعَارَةِ فِي الثَّانِيَةِ مِنْ زِيَادَتِي فَمَنْ قَصَدَ بِاسْتِعَارَةِ أَصْلِهِ لِلْخِدْمَةِ تَرْفِيهَهُ، فَلَا كَرَاهَةَ، بَلْ يُسْتَحَبُّ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَغَيْرُهُ وَكَذَا لَا تُكْرَهُ إعَارَةُ الْأَصْلِ نَفْسَهُ لِفَرْعِهِ وَلَا اسْتِعَارَةُ فَرْعِهِ إيَّاهُ مِنْهُ.
(وَ) شُرِطَ (فِي الصِّيغَةِ لَفْظٌ يُشْعِرُ بِالْإِذْنِ فِي الِانْتِفَاعِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
وَيُوهِمُ أَنَّ إعَارَتَهَا لِلْأَجْنَبِيِّ لَا تَجُوزُ مَعَ الصِّحَّةِ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ: أَعَمُّ وَأَوْلَى تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: مَعَ بَقَائِهِ) وَمِنْهُ إعَارَةُ الْمَاءِ لِلْغُسْلِ وَالْوُضُوءِ؛ لِأَنَّ مَا يَذْهَبُ بِهِ كَالذَّاهِبِ بِانْسِحَاقِ وَانْمِحَاقِ الثَّوْبِ أَوْ لِإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ وَإِنْ لَزِمَ عَلَيْهِ تَنْجِيسُهُ لِإِمْكَانِ طُهْرِهِ بِالْمُكَاثَرَةِ وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ إذَا لَزِمَ تَنْجِيسُهُ يَمْتَنِعُ إعَارَتُهُ ح ل. وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر وَتَجُوزُ إعَارَةُ الْوَرَقِ لِلْكِتَابَةِ وَإِعَارَةُ الْمَاءِ لِلْوُضُوءِ مَثَلًا وَلِغَسْلِ مَتَاعٍ وَنَجَاسَةٍ لَا يَنْجَسُ بِهَا كَأَنْ يَكُونَ وَارِدًا وَالنَّجَاسَةُ حُكْمِيَّةٌ وَمِثْلُ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ إعَارَةُ الدَّوَاةِ لِلْكِتَابَةِ وَالْمُكْحُلَةِ لِلِاكْتِحَالِ مِنْهَا سم عَلَى حَجّ. وَقَوْلُهُ: لِأَنَّ مَا يَذْهَبُ بِهِ كَالذَّاهِبِ بِانْسِحَاقِ وَانْمِحَاقِ الثَّوْبِ إلَخْ لَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنْ التَّأَمُّلِ؛ إذْ الذَّاهِبُ مِنْ الْمَقِيسِ عَيْنٌ وَمِنْ الْمَقِيسِ عَلَيْهِ قُوَّتُهُ وَخُشُونَتُهُ. (قَوْلُهُ: وَنَحْوِهِ) أَيْ: كَالشَّمْعَةِ لِلْوَقُودِ. (قَوْلُهُ: فَانْتَفَى الْمَعْنَى الْمَقْصُودُ مِنْ الْإِعَارَةِ) أَيْ: وَهُوَ الِانْتِفَاعُ بِهَا مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهَا.
(قَوْلُهُ: وَبِمَا ذُكِرَ) أَيْ: مِنْ شُرُوطِ الْمُعَارِ حَيْثُ اقْتَصَرَ عَلَيْهَا وَلَمْ يَذْكُرْ التَّعْيِينَ. (قَوْلُهُ: مِنْ دَوَابِّي) أَيْ: وَإِذَا رَدَّهَا لَيْسَ لَهُ أَخْذُ غَيْرِهَا إلَّا بِإِذْنٍ جَدِيدٍ؛ لِأَنَّ الْأُولَى انْتَهَتْ بِالرَّدِّ ع ش. (قَوْلُهُ: صَحَّتْ) وَفَارَقَتْ الْإِجَارَةَ؛ لِأَنَّهَا مُعَاوَضَةٌ وَالْغَرَرُ لَا يُحْتَمَلُ فِيهَا س ل.
. (قَوْلُهُ: كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ) اُنْظُرْ وَجْهَ التَّقْيِيدِ بِهَا فِي هَذَا الْمَحَلِّ وَمَا قَصْدُهُ شَوْبَرِيٌّ وَقَدْ يُقَالُ أَتَى بِهِ لِلتَّأْكِيدِ (قَوْلُهُ: وَإِعَارَةُ فَرْعِ أَصْلِهِ) أَيْ: بِأَنْ مَلَكَ الْفَرْعُ مَنْفَعَةَ أَصْلِهِ بِنَحْوِ إجَارَةٍ لَهُ فَيُكْرَهُ أَنْ يُعِيرَهُ قَالَ ز ي: وَهَذَا مُصَوَّرٌ بِمَا إذَا كَانَ الْأَصْلُ رَقِيقًا فَيُكْرَهُ لِمَالِكِهِ إعَارَتُهُ لِفَرْعِهِ وَيُكْرَهُ لِفَرْعِهِ اسْتِعَارَتُهُ فَلَا يُنَافِي قَوْلَ الشَّارِحِ بَعْدُ، وَكَذَا لَا تُكْرَهُ إلَخْ؛ لِأَنَّهُ مُصَوَّرٌ فِي الْحُرِّ انْتَهَى وَالرَّاجِحُ أَنَّ الْكَرَاهَةَ هُنَا بِالنِّسْبَةِ لِلْفَرْعِ فَقَطْ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَالْكَرَاهَةُ فِي جَانِبِ الْوَلَدِ لِمَكَانِ الْوِلَادَةِ فَلَمْ تَتَعَدَّ لِغَيْرِهِ. انْتَهَى. وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْأَصْلَ لَوْ أَعَارَ نَفْسَهُ لِفَرْعِهِ لَا كَرَاهَةَ فِيهِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ إعَانَةٌ عَلَى مَكْرُوهٍ وَهِيَ اسْتِعَارَتُهَا إيَّاهَا انْتَهَى ز ي أَيْ: وَكَذَا لَوْ أَعَارَ مَالِكُهُ لِفَرْعِهِ. اهـ. اط ف أَيْ فَيَكُونُ إضَافَةُ الْإِعَارَةِ لِفَرْعٍ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ الْأَوَّلِ وَالْفَاعِلُ مَحْذُوفٌ وَالتَّقْدِيرُ: وَإِعَارَةُ الْمَالِكِ أَيْ: مَالِكِ الْأَصْلِ الْفَرْعَ أَصْلُهُ وَصَوَّرَهُ اج بِأَنْ يَشْتَرِيَ الْمُكَاتَبُ أَصْلَهُ فَإِنَّهُ لَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ لِضَعْفِ مِلْكِهِ، وَتُكْرَهُ إعَارَتُهُ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ كَيْفَ يُتَصَوَّرُ إعَارَةُ الْفَرْعِ أَصْلَهُ مَعَ أَنَّهُ يُعْتَقُ عَلَيْهِ بِالشِّرَاءِ (قَوْلُهُ: لِلْخِدْمَةِ) أَيْ: وَإِنْ لَمْ تُوجَد الْخِدْمَة، كَمَا قَالَهُ ع ش فَاللَّام لِلتَّعْلِيلِ أَيْ: مَتَى كَانَ الْقَصْد بِالِاسْتِعَارَةِ وَالْإِعَارَة الْخِدْمَة كَانَتَا مَكْرُوهَتَيْنِ وَجَدَتْ الْخِدْمَة أَمْ لَا وَأَخَذَ الشَّارِح مُحْتَرِز هَذَا بِقَوْلِهِ فَإِنْ قَصْد بِاسْتِعَارَةِ أَصْله إلَخْ لَكِنْ الْمُحْتَرِز غَيْر وَافٍ بِحُكْمِ الْإِعَارَة وَحُكْمهَا كَحُكْمِ الِاسْتِعَارَة، كَمَا فِي عِبَارَة الْمَحَلِّيّ انْتَهَى وَفِي ق ل وَكَذَا يَكْرَه أَنْ يَسْتَعِير الْوَلَد وَالِده إلَّا لِتَرْفِيهِهِ وَالْإِعَارَة كَالِاسْتِعَارَةِ وَلَوْ مِنْ أَصْله لَهُ نِعْمَ إنَّ خِدْمَة أَصْله بِغَيْرِ طَلَبَهُ لَمْ يَكْرَه وَإِنْ كَانَ فِيهِ إعَانَة عَلَى مَكْرُوه وَهَذِهِ هِيَ الَّتِي فِي حَاشِيَة شَيْخنَا وَيَدُلّ لَهَا قَوْل شَيْخنَا الرَّمْلِيّ إنَّهَا لَيْسَتْ عَارِيَّةً حَقِيقَةً وَعَلَيْهَا يُحْمَلُ مَا فِي الْمَنْهَجِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْله وَاسْتِعَارَةُ وَإِعَارَةُ كَافِرٍ مُسْلِمًا) الظَّاهِر مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَة أَنَّهُمَا مَصْدَرَانِ مُضَافَانِ لِلْفَاعِلِ فَيَقْتَضِي أَنَّ الْكَافِر يَكْرَه لَهُ أَنْ يُعَيِّر الْعَبْد الْمُسْلِم وَلَوْ لِمُسْلِمِ وَهُوَ مَحَلّ نَظَرَ وَأَجَابَ بَعْضهمْ بِأَنَّهُ بِالنِّسْبَةِ لِلِاسْتِعَارَةِ مُضَاف لِلْفَاعِلِ وَبِالنِّسْبَةِ لِلْإِعَارَةِ مُضَاف لِلْمَفْعُولِ وَمُسْلِمًا مَفْعُول ثَانٍ وَعَلَيْهِ فَلَا يَقْتَضِي مَا ذَكَرَ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْله لِلْخِدْمَةِ) الْأُولَى حَذَفَهُ؛ لِأَنَّ هَذَا مَفْهُوم قَوْله سَابِقًا لِخِدْمَةِ (قَوْله فَلَا كَرَاهَة) أَيْ لِلِاسْتِعَارَةِ وَلَا لِلْإِعَارَةِ (قَوْلُهُ وَكَذَا لَا تَكْرَه إعَارَة الْأَصْل) أَيْ: الْحُرّ وَلَا يَكْرَه لِلْفَرْعِ أَنْ يَسْتَعِيرهُ إذَا إعَارَة نَفْسه. (قَوْله وَلَا اسْتِعَارَة فَرَّعَهُ) فِي شَرْح الرَّوْض فِي هَذِهِ الْكَرَاهَة وَالْمُعْتَمَد مَا هُنَا شَوْبَرِيٌّ وم ر مُوَافِق لِلشَّارِحِ
. (قَوْلُهُ: لَفْظٌ يُشْعِرُ إلَخْ) يُسْتَثْنَى مِنْ اشْتِرَاطِ اللَّفْظِ مَا إذَا اشْتَرَى شَيْئًا وَسَلَّمَهُ لَهُ الْبَائِعُ فِي ظَرْفٍ فَالظَّرْفُ مُعَارٌ فِي الْأَصَحِّ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ مَقْبُوضٌ بِالْإِجَارَةِ قِيَاسًا عَلَى ظَرْفِ الْهَدِيَّةِ بِعِوَضٍ فَلَا يُضْمَنُ، كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ آخِرِ عِبَارَةِ م ر وَأَمَّا لَوْ أَكَلَ الْمُهْدَى إلَيْهِ الْهَدِيَّةَ فِي ظَرْفِهَا فَإِنَّهُ يَجُوزُ إنْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِأَكْلِهَا مِنْهُ كَأَكْلِ الطَّعَامِ فِي الْقَصْعَةِ الْمَبْعُوثِ
كَأَعَرْتُكَ أَوْ لِطَلَبِهِ كَأَعِرْنِي مَعَ لَفْظِ الْآخَرِ أَوْ فِعْلِهِ) وَإِنْ تَأَخَّرَ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ كَمَا فِي الْإِبَاحَةِ، وَفِي مَعْنَى اللَّفْظِ مَا مَرَّ فِي الضَّمَانِ (وَ) قَوْلُهُ (أَعَرْتُكَهُ) أَيْ: فَرَسِي مَثَلًا (لِتَعْلِفَهُ) بِعَلَفِكَ (أَوْ لِتُعِيرَنِي فَرَسَكَ إجَارَةٌ) لَا إعَارَةً، نَظَرًا إلَى الْمَعْنَى (فَاسِدَةٌ) ؛ لِجَهَالَةِ الْمُدَّةِ وَالْعِوَضِ، فَتَجِبُ فِيهَا أُجْرَةُ الْمِثْلِ بَعْدَ الْقَبْضِ وَمُضِيِّ زَمَنٍ لِمِثْلِهِ أُجْرَةٌ، وَلَا تُضْمَنُ الْعَيْنُ كَمَا يُعْلَمُ ذَلِكَ مِنْ كِتَابِ الْإِجَارَةِ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: أَعَرْتُكَهُ شَهْرًا مِنْ الْآنِ لِتَعْلِفَهُ كُلَّ يَوْمٍ بِدِرْهَمٍ أَوْ لِتُعِيرَنِي فَرَسَكَ هَذَا شَهْرًا مِنْ الْآنِ كَانَ إجَارَةً صَحِيحَةً.
(وَمُؤْنَةُ رَدِّهِ) أَيْ الْمُعَارِ (عَلَى مُسْتَعِيرٍ) مِنْ مَالِكٍ أَوْ مِنْ نَحْوِ مُكْتِرٍ إنْ رَدَّ عَلَيْهِ، فَإِنْ رَدَّ عَلَى الْمَالِكِ فَالْمُؤْنَةُ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ رَدَّ عَلَيْهِ الْمُكْتَرِي وَخَرَجَ بِمُؤْنَةِ رَدِّهِ مُؤْنَتُهُ فَتَلْزَمُ الْمَالِكَ؛ لِأَنَّهَا مِنْ حُقُوقِ الْمَالِكِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
فِيهَا فَيَضْمَنُهُ بِحُكْمِ الْعَارِيَّةُ إلَّا إنْ كَانَ لِلْهَدِيَّةِ عِوَضٌ وَجَرَتْ الْعَادَةُ بِالْأَكْلِ مِنْهُ فَلَا يَضْمَنُهُ بِحُكْمِ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ فَإِنْ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِذَلِكَ ضَمِنَهُ فِي الصُّورَتَيْنِ بِحُكْمِ الْغَصْبِ انْتَهَى س ل. (قَوْلُهُ: كَأَعَرْتُكَ) أَيْ: هَذَا أَوْ أَعَرْتُكَ مَنْفَعَتَهُ أَوْ خُذْهُ لِتَنْتَفِعَ بِهِ أَوْ أَبَحْتُكَ مَنْفَعَتَهُ وَإِنْ لَمْ يُضِفْهُ لِلْعَيْنِ كَنَظِيرِهِ فِي الْإِجَارَةِ م ر وَكَأَرْكِبْ أَوْ أَرْكِبْنِي وَلَوْ شَاعَ أَعِرْنِي فِي الْفَرْضِ، كَمَا فِي الْحِجَازِ كَانَ صَرِيحًا فِيهِ قَالَهُ فِي الْأَنْوَارِ، وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِمْ فِي الطَّلَاقِ لَا أَثَرَ لِلْإِشَاعَةِ فِي الصَّرَاحَةِ لِمَا أَنَّهُ يُحْتَاطُ لِلْإِبْضَاعِ مَا لَا يُحْتَاطُ لِغَيْرِهَا وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ صَرَاحَةُ جَمِيعِ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ وَأَنَّهُ لَا كِنَايَةَ لِلْعَارِيَّةِ، وَفِيهِ تَوَقُّفٌ ظَاهِرٌ شَرْحُ م ر قَالَ ع ش نَقْلًا عَنْ حَجّ: وَلَوْ قِيلَ: إنَّ نَحْوَ " خُذْهُ وَارْتَفِقْ بِهِ " كِنَايَةٌ لَمْ يَبْعُدْ وَلَا يَضُرُّ صَلَاحِيَّةُ " خُذْهُ " لِلْكِنَايَةِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: مَعَ لَفْظِ الْآخَرِ) رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ قَوْلِهِ كَأَعَرْتُكَ وَأَعِرْنِي، وَلَا يَكْفِي سُكُوتُ أَحَدِهِمَا مِنْ غَيْرِ فِعْلٍ وَلَا الْفِعْلُ مِنْهُمَا إلَّا فِي نَحْوِ ظَرْفٍ مَبِيعٍ أَوْ هَدِيَّةٍ جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ وَلَا يُشْتَرَطُ الْفَوْرُ فِي الْقَبُولِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْعَقْدَ يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ وَكَوْنُ الْعَارِيَّةُ مِنْ الْإِبَاحَةِ مِنْ حَيْثُ جَوَازُ الِانْتِفَاعِ وَلِذَلِكَ صَحَّتْ بِلَفْظِ الْإِبَاحَةِ ق ل. (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَأَخَّرَ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ) أَيْ: وَظَاهِرُهُ وَإِنْ طَالَ الزَّمَنُ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ حَيْثُ حَصَلَتْ الصِّيغَةُ لَا يَضُرُّ التَّأَخُّرُ مَا لَمْ يُوجَدْ مِنْ الْمُعِيرِ مَا يَدُلُّ عَلَى الرُّجُوعِ وَمِنْ الْمُسْتَعِيرِ مَا يَدُلُّ عَلَى الرَّدِّ انْتَهَى اط ف. (قَوْلُهُ: مَا مَرَّ فِي الضَّمَانِ) أَيْ: مِنْ الْإِشَارَةِ وَالْكِتَابَةِ. (قَوْلُهُ: نَظَرًا إلَى الْمَعْنَى) وَهُوَ وُجُودُ الْعِوَضِ م ر.
(قَوْلُهُ: لِجَهَالَةِ الْمُدَّةِ) أَيْ: فِي الصُّورَتَيْنِ وَقَوْلُهُ: وَالْعِوَضُ أَيْ: فِي الْأُولَى فَقَطْ. (قَوْلُهُ: وَلَا تُضْمَنُ الْعَيْنُ) أَيْ: وَأَمَّا الْعَلَفُ فَمَضْمُونٌ عَلَى صَاحِبِ الدَّابَّةِ لِعَدَمِ التَّبَرُّعِ بِهِ انْتَهَى بِرْمَاوِيٌّ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا عَلَفَهَا فِي مُقَابَلَةِ الِانْتِفَاعِ بِهَا. (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ شَرَطَ عَلَيْهِ الْعَلْفَ وَهُوَ فِعْلٌ يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ وَهِيَ مَجْهُولَةٌ وَالْعِوَضُ شَيْئَانِ: مَعْلُومٌ وَهُوَ قِيمَةُ الْعَلَفِ، وَمَجْهُولٌ وَهُوَ أُجْرَةُ فِعْلِهِ وَالْمَجْهُولُ إذَا انْضَمَّ لِمَعْلُومٍ يُصَيِّرُهُ مَجْهُولًا ابْنُ حَجَرٍ ز ي وَجَوَابُهُ أَنَّهُ وَسِيلَةٌ وَيُغْتَفَرُ فِي الْوَسَائِلِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمَقَاصِدِ ق ل وَقَالَ ح ل بَعْدَ نَقْلِهِ هَذِهِ الْعِبَارَةَ: وَرَدَ بِأَنَّ هَذَا يُغْتَفَرُ لِلْحَاجَةِ وَلَا يُحْتَاجُ إلَى التَّصْرِيحِ بِالتَّبَرُّعِ بِهِ انْتَهَى أَيْ: كَمَا اُغْتُفِرَ فِيهِ اتِّحَادُ الْقَابِضِ وَالْمُقْبَضِ لِلْحَاجَةِ. وَأَجَابَ س ل بِأَنَّ الدِّرْهَمَ وَهُوَ الْأُجْرَةُ وَهُوَ مُتَبَرِّعٌ بِالْعَلَفِ.
(قَوْلُهُ: مِنْ الْآنِ) لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ لَوْ أَسْقَطَهُ صَحَّ وَحُمِلَ عَلَى اتِّصَالِ الْمُدَّةِ بِالْعَقْدِ، كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: كَانَ إجَارَةً صَحِيحَةً) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ لَفْظَ الْإِعَارَةِ مَعَ ذِكْرِ الْعِوَضِ يَكُونُ إجَارَةً.
(قَوْلُهُ: وَمُؤْنَةُ رَدِّهِ عَلَى مُسْتَعِيرٍ) وَهُوَ بَاقٍ عَلَى كَوْنِهِ عَارِيَّةً حَتَّى بَعْدَ انْتِهَاءِ الِاسْتِعْمَالِ الْمَأْذُونِ فِيهِ، فَلَوْ اسْتَعَارَ دَابَّةً لِحَمْلِ مَتَاعٍ مُعَيَّنٍ فَوَضَعَهُ عَنْهَا وَرَبَطَهَا فِي الْخَانِ مَثَلًا إلَى أَنْ يَرُدَّهَا إلَى مَالِكِهَا فَمَاتَتْ مَثَلًا ضَمِنَهَا ع ش عَلَى م ر قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَالرَّدُّ الْمُبْرِئُ مِنْ الضَّمَانِ أَنْ يُسَلِّمَ الْعَيْنَ لِلْمَالِكِ أَوْ وَكِيلِهِ فِي ذَلِكَ فَلَوْ رَدَّ الدَّابَّةَ لِلْإِصْطَبْلِ أَوْ الثَّوْبَ وَنَحْوَهُ لِلْبَيْتِ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْهُ لَمْ يَبْرَأْ وَلَوْ لَمْ يَجِدْ الْمُعِيرَ فَسَلَّمَهَا لِزَوْجَتِهِ أَوْ وَلَدِهِ فَأَرْسَلَهَا إلَى الْمَرْعَى فَضَاعَتْ، فَالْمُعِيرُ إنْ شَاءَ غَرَّمَ الْمُسْتَعِيرَ وَالْمُتَسَلِّمَ مِنْهُ وَالْقَرَارُ عَلَيْهِ انْتَهَى ز ي. (قَوْله: إنْ رَدَّ عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى نَحْوِ الْمُكْتَرِي. (قَوْلُهُ: عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى الْمَالِكِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ رَدَّ عَلَيْهِ الْمُكْتَرِي لَزِمَتْ الْمَالِكَ فَكَذَا الْمُسْتَعِيرُ مِنْهُ شَيْخُنَا وَيَجِبُ الرَّدُّ فَوْرًا مَتَى بَطَلَتْ الْعَارِيَّةُ، فَإِنْ أَخَّرَ لَزِمَتْهُ الْأُجْرَةُ مَعَ مُؤْنَةِ الرَّدِّ وَعَلَيْهِ الضَّمَانُ إنْ قَصَّرَ وَلَهُ الرُّكُوبُ فِي الرَّدِّ إنْ لَمْ تَجْرِ بِهِ عَادَةٌ لِلُزُومِهِ لَهُ وَيَبْرَأُ بِهِ إنْ وَصَلَتْ إلَى الْمَالِكِ أَوْ وَكِيلِهِ أَوْ لِمَحَلِّ أَخْذِهَا مِنْهُ إنْ عَلِمَ بِهَا الْمَالِكُ وَلَوْ بِخَبَرِ ثِقَةٍ ق ل بِخِلَافِ الْمُسْتَأْجِرِ لَا يَرْكَبُ فِي الرَّدِّ إلَّا بِإِذْنٍ لِعَدَمِ وُجُوبِ الرَّدِّ عَلَيْهِ م ر. (قَوْلُهُ: فَتَلْزَمُ الْمَالِكَ) فَلَوْ عَلَفهَا الْمُسْتَعِيرُ لَمْ يَرْجِعْ إلَّا إنْ عَلَفَ بِإِذْنِ حَاكِمٍ، أَوْ إشْهَادٍ، وَشَمِلَ ذَلِكَ مَا لَوْ اسْتَعَارَ زَوْجَتَهُ الْأَمَةَ الْمُسَلَّمَةَ لَهُ لَيْلًا وَنَهَارًا مِنْ سَيِّدِهَا، فَمُؤْنَتُهَا عَلَى السَّيِّدِ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ اسْتَحَقَّ مَنْفَعَتَهَا بِالْإِعَارَةِ وَلَوْ اسْتَعَارَ زَوْجَتَهُ الْحُرَّةَ صَحَّ، كَمَا لَوْ أَذِنَ لَهَا فِي إعَارَةِ نَفْسِهَا لِغَيْرِهِ، كَمَا فِي الْإِجَارَةِ فِيهِمَا وَيَتَّجِهُ أَنَّهَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا، كَمَا لَوْ سَافَرَتْ لِغَرَضِهَا وَحْدَهَا قَالَهُ شَيْخُنَا، وَفِيهِ نَظَرٌ لِعَدَمِ خُرُوجِهَا هُنَا ق ل
وَخَالَفَ الْقَاضِي فَقَالَ: إنَّهَا عَلَى الْمُسْتَعِيرِ (فَإِنْ تَلِفَ) الْمُسْتَعَارُ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ عِنْدَ الْمُسْتَعِيرِ (لَا بِاسْتِعْمَالِ مَأْذُونٌ) فِيهِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
(قَوْلُهُ: لَا بِاسْتِعْمَالٍ مَأْذُونٍ فِيهِ) كَأَنْ سَقَطَتْ فِي بِئْرٍ حَالَةَ السَّيْرِ قَالَ الْغَزَالِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُ: وَقِيَاسُهُ أَنَّ عُثُورَهَا حَالَ الِاسْتِعْمَالِ كَذَلِكَ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُعْرَفَ ذَلِكَ مِنْ طَبْعِهَا أَوْ لَا، وَيَظْهَرُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْعُثُورُ مِمَّا أَذِنَ الْمَالِكُ فِي حَمْلِهِ عَلَيْهَا عَلَى أَنَّ جَمْعًا اعْتَرَضُوهُ بِأَنَّ التَّعْثِيرَ يُعْتَادُ كَثِيرًا أَيْ: فَلَا تَقْصِيرَ مِنْهُ وَمَحَلُّهُ إنْ لَمْ يَتَوَلَّدْ مِنْ شِدَّةِ إزْعَاجِهَا وَإِلَّا ضَمِنَ لِتَقْصِيرِهِ شَرْحُ م ر بِالْحَرْفِ. وَقَوْلُهُ: كَأَنْ سَقَطَتْ هُوَ مِثَالٌ لِلتَّلَفِ بِغَيْرِ الِاسْتِعْمَالِ الْمَأْذُونِ فِيهِ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ قَوْلُهُ: بَعْدُ، وَالْأَوْجَهُ تَقْيِيدُ ذَلِكَ إلَخْ وَإِنَّمَا كَانَ هَذَا مِنْ التَّلَفِ بِالْغَيْرِ؛ لِأَنَّهُ تَلِفَ فِي الِاسْتِعْمَالِ الْمَأْذُون فِيهِ لَا بِهِ، وَمِنْهُ مَا لَوْ اسْتَعَارَ ثَوْرًا لِاسْتِعْمَالِهِ فِي سَاقِيَةٍ فَسَقَطَ فِي بِئْرِهَا فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ؛ لِأَنَّهُ تَلِفَ فِي حَالِ الِاسْتِعْمَالِ الْمَأْذُونِ فِيهِ بِغَيْرِهِ لَا بِهِ ع ش عَلَى م ر. (فَرْعٌ)
قَالَ الْمُتَوَلِّي: إذَا قَالَ لِلسَّقَّاءِ: اسْقِنِي، فَنَاوَلَهُ الْكُوزَ فَوَقَعَ مِنْ يَدِهِ فَانْكَسَرَ قَبْلَ أَنْ يَشْرَبَ الْمَاءَ فَإِنْ كَانَ قَدْ طَلَبَ أَنْ يَسْقِيَهُ بِغَيْرِ عِوَضٍ، فَالْمَاءُ غَيْرُ مَضْمُونٍ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ حَصَلَ فِي يَدِهِ بِحُكْمِ الْإِبَاحَةِ وَالْكُوزُ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ عَارِيَّةٌ فِي يَدِهِ وَأَمَّا إذَا شَرَطَ عِوَضًا فَالْمَاءُ مَضْمُونٌ، عَلَيْهِ بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ وَالْكُوزُ غَيْرُ مَضْمُونٍ؛ لِأَنَّهُ مَقْبُوضٌ بِالْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ وَإِنْ أَطْلَقَ فَالْإِطْلَاقُ يَقْتَضِي الْبَدَلَ لِجَرَيَانِ الْعُرْفِ بِهِ فَإِنْ انْكَسَرَ الْكُوزُ بَعْدَ الشُّرْبِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَدْ شَرَطَ الْعِوَضَ فَالْكُوزُ مَضْمُونٌ وَالْمَاءُ غَيْرُ مَضْمُونٍ وَإِنْ كَانَ قَدْ شَرَطَ الْعِوَضَ لَمْ يَضْمَنْ الْكُوزَ لَا بَقِيَّةَ الْمَاءِ الْفَاضِلِ فِي الْكُوزِ؛ لِأَنَّ الْمَأْخُوذَ عَلَى سَبِيلِ الْعِوَضِ الْقَدْرُ الَّذِي يَشْرَبُهُ دُونَ الْبَاقِي فَيَكُونُ الْبَاقِي أَمَانَةً فِي يَدِهِ انْتَهَى. ابْنُ الْعِمَادِ فِي أَحْكَامِ الْأَوَانِي وَالظُّرُوفِ وَمَا فِيهَا مِنْ الْمَظْرُوفِ.
(فَرْعٌ)
لَوْ دَفَعَ قَارُورَةً إلَى مَنْ يَبِيعُهُ زَيْتًا مَثَلًا لِيَصُبَّهُ فَصَبَّهُ فِيهَا وَوَضَعَهَا فِي الْمِيزَانِ لِيَزِنَ، فَانْقَطَعَ الْحَبْلُ وَانْكَسَرَتْ ضَمِنَهَا وَإِنْ تَفَلَّتَ قَبْلَ صَبِّهِ لَمْ يَضْمَنْهَا، عُبَابٌ. شَوْبَرِيٌّ قَالَ م ر فِي شَرْحِهِ: وَلَوْ اسْتَعَارَ دَابَّةً وَمَعَهَا تَبَعٌ أَيْ: وَلَدٌ لَمْ يَضْمَنْهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَخَذَهُ لِعُسْرِ حَبْسِهِ عَنْ أُمِّهِ وَكَذَا لَوْ تَبِعَهَا وَلَدُهَا وَلَمْ يَتَعَرَّضْ مَالِكُهُ لَهُ بِنَفْيٍ وَلَا إثْبَاتٍ فَهُوَ أَمَانَةٌ قَالَهُ الْقَاضِي وَلَا يَضْمَنُ ثِيَابَ الرَّقِيقِ الْمُسْتَعَارِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْهَا لِاسْتِعْمَالِهَا بِخِلَافِ إكَافِ الدَّابَّةِ كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ شَرْحُ م ر. وَقَالَ أَيْضًا: وَلَا يُشْتَرَطُ فِي ضَمَانِ الْمُسْتَعِيرِ كَوْنُ الْعَيْنِ فِي يَدِهِ بَلْ تُضْمَنُ وَلَوْ كَانَتْ بِيَدِ الْمَالِكِ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ أَيْ: كَأَنْ أَرْسَلَ الْمُسْتَعِيرُ مَالِكَهَا مَعَهَا، وَفِي الرَّوْضَةِ لَوْ حَمَلَ مَتَاعَ غَيْرِهِ عَلَى دَابَّتِهِ بِسُؤَالِ الْغَيْرِ، كَانَ مُسْتَعِيرًا لِكُلِّ الدَّابَّةِ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا شَيْءٌ لِغَيْرِ الْمُسْتَعِيرِ وَإِلَّا فَبِقَدْرِ مَتَاعِهِ وَلَا يُعَارِضُ ذَلِكَ قَوْلَهَا نَقْلًا عَنْ أَبِي حَامِدٍ وَغَيْرِهِ، وَلَوْ سَخَّرَ رَجُلًا وَدَابَّتَهُ فَتَلِفَتْ الدَّابَّةُ فِي يَدِ صَاحِبِهَا لَمْ يَضْمَنْهَا الْمُسَخِّرُ؛ لِأَنَّهَا فِي يَدِ صَاحِبِهَا؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ ضَمَانِ الْغَصْبِ وَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الِاسْتِيلَاءِ وَهُوَ مَفْقُودٌ وَكَلَامُنَا هُنَا فِي ضَمَانِ الْعَارِيَّةُ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا ذَلِكَ لِحُصُولِهَا بِدُونِهِ، وَهَذَا أَوْلَى مِمَّا أَشَارَ إلَيْهِ الْقَمُولِيُّ مِنْ ضَعْفِ أَحَدِ الْمَوْضِعَيْنِ انْتَهَى بِحُرُوفِهِ.
وَقَوْلُ م ر فِي أَوَّلِ الْعِبَارَةِ كَأَنْ سَقَطَتْ فِي بِئْرٍ إلَخْ قَالَ ع ش: عَلَيْهِ حَاصِلُهُ أَنْ يُقَالَ: إنْ تَلِفَتْ بِالِاسْتِعْمَالِ الْمَأْذُونِ فِيهِ لَا ضَمَانَ وَلَوْ بِالتَّعَثُّرِ مِنْ ثِقَلِ حِمْلٍ مَأْذُونٍ فِيهِ وَمَوْتٍ بِهِ وَانْمِحَاقِ ثَوْبٍ يَلْبَسُهُ لَا نَوْمِهِ فِيهِ، حَيْثُ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِذَلِكَ بِخِلَافِ تَعَثُّرِهِ بِانْزِعَاجٍ أَوْ عُثُورِهِ فِي وَهْدَةٍ أَوْ رَبْوَةِ أَوْ تَعَثُّرِهِ لَا فِي الِاسْتِعْمَالِ الْمَأْذُونِ فِيهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ وَمِنْ عَدَمِ الضَّمَانِ تَزَايُدُ الْمَرَضُ الْمُتَوَلِّدِ مِنْ الِاسْتِعْمَالِ الْمَأْذُونِ فِيهِ انْتَهَى وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي كَوْنِ التَّلَفِ بِالِاسْتِعْمَالِ الْمَأْذُونِ فِيهِ أَوْ لَا، صُدِّقَ الْمُعِيرُ، كَمَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ، وَالْمُعْتَمَدُ تَصْدِيقُ الْمُسْتَعِيرِ بِيَمِينِهِ لِعُسْرِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ؛ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ، كَمَا قَالَ م ر فِي شَرْحِهِ وَهَذَا بِعَكْسِ مَا لَوْ أَقَامَ بَيِّنَتَيْنِ بِرْمَاوِيٌّ وَفِي م ر أَيْضًا، وَمَوْتُ الدَّابَّةِ كَانْمِحَاقِ الثَّوْبِ وَتَقَرُّحُ ظَهْرِهَا وَعَرَجُهَا بِاسْتِعْمَالٍ مَأْذُونٍ فِيهِ وَكَسْرُ سَيْفٍ أَعَارَهُ لِيُقَاتِلَ بِهِ كَالِانْمِحَاقِ، كَمَا قَالَهُ الصَّيْمَرِيُّ فِي الْأَخِيرَةِ انْتَهَى. قَالَ الرَّشِيدِيُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: وَمَوْتُ الدَّابَّةِ أَيْ: بِالِاسْتِعْمَالِ، كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ سم وَلَعَلَّ صُورَتَهُ أَنَّهُ حَمَّلَهَا حِمْلًا ثَقِيلًا بِالْإِذْنِ فَمَاتَتْ بِسَبَبِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ خَفِيفًا لَا تَمُوتُ مِنْ مِثْلِهِ فِي الْعَادَةِ فَاتَّفَقَ مَوْتُهَا لِمَا صَرَّحُوا بِهِ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ مَا إذَا تَلِفَتْ بِالِاسْتِعْمَالِ أَوْ مَاتَتْ فِي الِاسْتِعْمَالِ انْتَهَى.
وَلَوْ بِلَا تَقْصِيرٍ (ضَمِنَهُ) بَدَلًا أَوْ أَرْشًا لِخَبَرِ «عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ وَيَضْمَنُ التَّالِفَ بِالْقِيمَةِ وَإِنْ كَانَ مِثْلِيًّا كَخَشَبٍ وَحَجَرٍ عَلَى مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ جَمْعٍ وَقَالَ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ: يَضْمَنُ الْمِثْلِيَّ بِالْمِثْلِ وَجَرَى عَلَيْهِ السُّبْكِيُّ وَهُوَ الْأَوْجَهُ، أَمَّا تَلَفُهُ بِالِاسْتِعْمَالِ الْمَأْذُونِ فِيهِ، فَلَا ضَمَانَ لِلْإِذْنِ فِيهِ (لَا مُسْتَعِيرٌ مِنْ نَحْوِ مُكْتِرٍ) كَمُوصَى لَهُ بِمَنْفَعَتِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ نَائِبُهُ وَهُوَ لَا يَضْمَنُ، فَكَذَا هُوَ بِخِلَافِ الْمُسْتَعِيرِ مِنْ مُسْتَأْجِرٍ إجَارَةٍ فَاسِدَةً؛ لِأَنَّ مُعِيرَهُ ضَامِنٌ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْبَغَوِيّ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ فَعَلَ مَا لَيْسَ لَهُ، قَالَ: وَالْقَرَارُ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ وَلَا يُقَالُ: حُكْمُ الْفَاسِدَةِ حُكْمُ الصَّحِيحَةِ فِي كُلِّ مَا تَقْتَضِيهِ، بَلْ فِي سُقُوطِ الضَّمَانِ بِمَا تَنَاوَلَهُ الْإِذْنُ فَقَطْ وَنَحْوُ مِنْ زِيَادَتِي (كَتَالِفٍ فِي شُغْلِ مَالِكٍ) تَحْتَ يَدِ غَيْرِهِ كَأَنْ تَسَلَّمَ مِنْهُ دَابَّتَهُ لِيُرَوِّضَهَا لَهُ أَوْ لِيَقْضِيَ لَهُ عَلَيْهَا حَاجَةً فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ نَائِبُهُ.
(وَلَهُ) أَيْ لِلْمُسْتَعِيرِ (انْتِفَاعٌ مَأْذُونٌ) فِيهِ (وَمِثْلُهُ) وَدُونَهُ الْمَفْهُومُ بِالْأَوْلَى (ضَرَرًا إلَّا إنْ نَهَاهُ) الْمُعِيرُ عَنْ غَيْرِ مَا عَيَّنَهُ فَلَا يَفْعَلُهُ اتِّبَاعًا لِنَهْيِهِ (فَ) الْمُسْتَعِيرُ (لِزِرَاعَةِ بُرٍّ) بِلَا نَهْيٍ (يَزْرَعُهُ وَشَعِيرًا وَفُولًا) لَا نَحْوَ ذُرَةٍ؛ لِأَنَّ ضَرَرَهُمَا فِي الْأَرْضِ دُونَ ضَرَرِ الْبُرِّ، وَضَرَرَ نَحْوِ الذَّرَّةِ فَوْقَهُ (لَا عَكْسُهُ) أَيْ: وَالْمُسْتَعِيرُ لِزِرَاعَةِ شَعِيرٍ أَوْ فُولٍ لَا يَزْرَعُ بُرًّا لِمَا عُلِمَ (وَ) الْمُسْتَعِيرُ (لِبِنَاءٍ أَوْ غَرْسٍ يَزْرَعُ لَا عَكْسُهُ) أَيْ: وَالْمُسْتَعِيرُ لِزِرَاعَةِ لَا يَبْنِي وَلَا يَغْرِسُ لِأَنَّ ضَرَرَهُمَا أَكْثَرُ (وَ) الْمُسْتَعِيرُ (لِبِنَاءٍ لَا يَغْرِسُ وَعَكْسُهُ) أَيْ: وَالْمُسْتَعِيرُ لِغَرْسٍ لَا يَبْنِي لِاخْتِلَافِ جِنْسِ الضَّرَرِ؛ إذْ ضَرَرُ الْبِنَاءِ فِي ظَاهِرِ الْأَرْضِ أَكْثَرُ
ــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ: وَلَوْ بِلَا تَقْصِيرٍ) كَأَنْ تَلِفَ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ فَإِنَّهُ يُضْمَنُ. (قَوْلُهُ: ضَمِنَهُ) فَلَوْ أَعَارَ بِشَرْطِ عَدَمِ الضَّمَانِ فَسَدَتْ، كَمَا اعْتَمَدَهُ م ر وَقِيلَ يَلْغُو الشَّرْطُ فَقَطْ كَمَا قَالَهُ س ل. وَعِبَارَةُ ق ل ضَمِنَهُ وَإِنْ شَرَطَ أَنَّهُ أَمَانَةٌ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ مُفْسِدٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَشَرْطُ رَهْنٍ فِيهَا أَوْ ضَمَانِهِ لَهَا بِقَدْرٍ مُعَيَّنٍ بِذَلِكَ، وَشَرَطَ أَنْ لَا ضَمَانَ فَاسِدٌ لَا مُفْسِدٌ وَلَوْ وَلَدَتْ حَالَ الْعَارِيَّةِ فَالْوَلَدُ أَمَانَةٌ شَرْعِيَّةٌ يَلْزَمُهُ رَدُّهُ إنْ تَمَكَّنَ وَيَضْمَنُ إنْ قَصَّرَ.
(قَوْلُهُ: وَيُضْمَنُ التَّالِفُ بِالْقِيمَةِ) وَإِنْ كَانَ مِثْلِيًّا؛ لِأَنَّا لَوْ أَخَذْنَا مِثْلَهُ حِينَئِذٍ لَزِمَ ضَمَانُ مَا فَاتَ بِالِاسْتِعْمَالِ وَلَعَلَّ كَلَامَ السُّبْكِيّ أَنَّهُ يَضْمَنُهُ بِالْمِثْلِ وَقْتَ التَّلَفِ ح ل.
(قَوْلُهُ: لَا مُسْتَعِيرٌ) مَعْطُوفٌ عَلَى الضَّمِيرِ الْمُسْتَتِرِ فِي ضَمِنَهُ لِوُجُودِ الْفَاصِلِ وَهُوَ الْهَاءُ. (قَوْلُهُ: مِنْ نَحْوِ مُكْتِرٍ) أَيْ: اكْتِرَاءً أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ: بِخِلَافِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: كَمُوصًى لَهُ بِمَنْفَعَتِهِ) أَيْ: وَمَوْقُوفٍ عَلَيْهِ لَمْ يَشْتَرِطْ الْوَاقِفُ اسْتِيفَاءَهُ بِنَفْسِهِ وَأَذِنَ النَّاظِرُ، كَمَا فِي م ر قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَالضَّابِطُ لِذَلِكَ أَنْ تَكُونَ الْمَنْفَعَةُ مُسْتَحَقَّةً لِشَخْصٍ اسْتِحْقَاقًا لَازِمًا وَلَيْسَتْ الرَّقَبَةُ لَهُ فَإِذَا أَعَارَ لَا يَضْمَنُ الْمُسْتَعِيرُ فَدَخَلَ مَا لَوْ أَصْدَقَ زَوْجَتَهُ مَنْفَعَةً أَوْ صَالَحَ عَلَى مَنْفَعَةٍ أَوْ جَعَلَ رَأْسَ الْمَالِ مَنْفَعَةً س ل بِزِيَادَةٍ.
(قَوْلُهُ: فَلَا ضَمَانَ) لِلْإِذْنِ فِيهِ يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ الْهَدْيُ وَالْأُضْحِيَّةُ الْمَنْذُورَانِ فَإِذَا وَقَعَتْ الْإِعَارَةُ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ وَالتَّمَكُّنِ مِنْ الذَّبْحِ فَنُقِضَتْ بِالِاسْتِعْمَالِ الْمَأْذُونِ فِيهِ ضَمِنَ الْمُعِيرُ وَالْمُسْتَعِيرُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَيْسَ لَنَا عَارِيَّةٌ جَائِزَةٌ مَعَ الْعِلْمِ بِالْحَالِ يَضْمَنُ الْمُعِيرُ فِيهَا إلَّا هَذِهِ س ل. وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ م ر. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ مُعِيرَهُ ضَامِنٌ) أَيْ: مِنْ حَيْثُ تَعَدِّيهِ بِالْعَارِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ لَمْ يَتَنَاوَلْهَا فَلَا يَرِدُ أَنَّ الْإِجَارَةَ الْفَاسِدَةَ كَالصَّحِيحَةِ فِي عَدَمِ الضَّمَانِ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ فَعَلَ مَا لَيْسَ لَهُ) فَلِذَلِكَ صَارَ طَرِيقًا فِي الضَّمَانِ ح ل. (قَوْلُهُ: فِي كُلِّ مَا تَقْتَضِيهِ) أَيْ: حَتَّى تَصِحَّ الْإِعَارَةُ ح ل. (قَوْلُهُ: بَلْ فِي سُقُوطِ الضَّمَانِ بِمَا تَنَاوَلَهُ الْإِذْنُ) أَيْ: وَالْإِذْنُ فِي الْفَاسِدَةِ لَمْ يَتَنَاوَلْ الْإِعَارَةَ ح ل؛ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ فِيهَا لَا يَمْلِكُ الْمَنْفَعَةَ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: فِي شَغْلِ مَالِكٍ) فِي الْمِصْبَاحِ شَغَلَهُ الْأَمْرُ شَغْلًا مِنْ بَابِ " نَفَعَ " فَالْأَمْرُ شَاغِلٌ وَالِاسْمُ الشُّغُلُ بِضَمِّ الشِّينِ وَبِضَمِّ الْغَيْنِ، وَتُسَكَّنُ لِلتَّخْفِيفِ انْتَهَى.
(قَوْلُهُ: لِيُرَوِّضَهَا) أَيْ: يُعَلِّمَهَا الْمَشْيَ الَّذِي يَسْتَرِيحُ بِهِ رَاكِبُهَا انْتَهَى شَرْحُ م ر.
. (قَوْلُهُ: وَلَهُ انْتِفَاعٌ مَأْذُونٌ) نَعَمْ لَوْ أَعَارَهُ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا لِمَحَلِّ كَذَا وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلرُّكُوبِ فِي رُجُوعِهِ جَازَ لَهُ الرُّكُوبُ فِيهِ، كَمَا نَقَلَاهُ وَأَقَرَّاهُ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ مِنْ الْإِجَارَةِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا لُزُومُ الرَّدِّ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ فَيَتَنَاوَلُ الْإِذْنُ الرُّكُوبَ فِي عَوْدِهِ عُرْفًا وَلَا كَذَلِكَ الْمُسْتَأْجِرُ فَلَا رَدَّ عَلَيْهِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ الَّذِي لَا يَلْزَمُهُ رَدٌّ كَالْمُسْتَأْجِرِ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ وَلَوْ جَاوَزَ الْمَحَلَّ الْمَشْرُوطَ لَزِمَهُ أُجْرَةٌ لِلذَّهَابِ مِنْهُ وَالْعَوْدُ إلَيْهِ، وَلَهُ الرُّجُوعُ مِنْهُ، كَمَا صَحَّحَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعَارِيَّةُ لَا تَبْطُلُ بِالْمُخَالَفَةِ وَهُوَ مَا صَحَّحَاهُ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ: جَازَ لَهُ الرُّكُوبُ أَيْ: وَجَازَ لَهُ الذَّهَابُ وَالْعَوْدُ فِي أَيِّ طَرِيقٍ أَرَادَ إنْ تَعَدَّدَتْ الطُّرُقُ وَلَوْ اخْتَلَفَتْ؛ لِأَنَّ سُكُوتَ الْمُعِيرِ عَنْ ذَلِكَ رِضًا مِنْهُ بِكُلِّهَا ع ش.
(قَوْلُهُ: وَفُولًا) وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ إذَا اسْتَعَارَ لِشَعِيرٍ لَا يَزْرَعُ فُولًا بِخِلَافِ عَكْسِهِ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: لَا عَكْسِهِ) وَحَيْثُ زَرَعَ مَا لَيْسَ لَهُ زَرْعُهُ فَلِلْمَالِكِ قَلْعُهُ مَجَّانًا، وَإِنْ مَضَتْ مُدَّةٌ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ لَزِمَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ أَيْ: جَمِيعُ أُجْرَةِ الْمِثْلِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ م ر وَقِيلَ: مَا بَيْنَ زِرَاعَةِ الذُّرَةِ مَثَلًا وَزِرَاعَةِ الْبُرِّ وَلَهُ حِينَئِذٍ أَنْ يَزْرَعَ مَا أُذِنَ لَهُ فِيهِ وَلَا يَكُونُ هَذَا رُجُوعًا عَنْ ذَلِكَ مِنْ الْمُعِيرِ وَفِي كَلَامِ شَيْخِنَا، وَالْمُسْتَعِيرُ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا فَهُوَ بِعُدُولِهِ عَنْ الْجِنْسِ كَالرَّادِّ لِمَا أُبِيحَ لَهُ ح ل مَعَ زِيَادَةٍ وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ وَلَا تَبْطُلُ الْعَارِيَّةُ بِالْمُخَالَفَةِ كَمَا رَجَّحَهُ الشَّيْخَانِ (قَوْلُهُ: لِمَا عُلِمَ) أَيْ: لِأَنَّ ضَرَرَهُ فَوْقَ ضَرَرِهِمَا.
(قَوْلُهُ: لَا يَبْنِي وَلَا يَغْرِسُ) مَحَلُّ الْمَنْعِ مِنْ الْغِرَاسِ مَا يُرَادُ لِلدَّوَامِ، أَمَّا مَا يُغْرَسُ لِلنَّقْلِ فِي عَامِهِ وَيُسَمَّى الْفَسِيلَ