الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِيَمِينِهِ فِي الْأُولَى، وَلَا مَعْنَى لِهَذَا الِاخْتِلَافِ فِي الثَّانِيَةِ أَوْ وَالْعَيْنُ تَالِفَةٌ فِي الْأُولَى فَهُوَ مُقِرٌّ بِالْقِيمَةِ لِمُنْكِرِهَا (فَإِنْ تَلِفَتْ) الْعَيْنُ قَبْلَ رَدِّهَا (فِي الثَّانِيَةِ) بِغَيْرِ الِاسْتِعْمَالِ وَإِنْ لَمْ تَمْضِ مُدَّةٌ لَهَا أُجْرَةٌ (أُخِذَ) مِنْهُ (قِيمَةٌ وَقْتَ تَلِفَ بِلَا يَمِينٍ) ؛ لِأَنَّهُ مُقِرٌّ لَهُ بِهَا؛ إذْ الْمُعَارُ يُضْمَنُ بِقِيمَتِهِ وَقْتَ تَلَفِهِ وَالْمَغْصُوبُ، بِأَقْصَى قِيمَتِهِ مِنْ وَقْتِ غَصْبِهِ إلَى وَقْتِ تَلَفِهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ (فَإِنْ كَانَتْ) قِيمَتُهُ وَقْتَ تَلَفِهِ (دُونَ أَقْصَى قِيمَةٍ حَلَفَ) وُجُوبًا (لِلزَّائِدِ) أَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ؛ لِأَنَّ غَرِيمَهُ يُنْكِرُهُ وَيَحْلِفُ لِلْأُجْرَةِ مُطْلَقًا إنْ مَضَتْ مُدَّةٌ لَهَا أُجْرَةٌ.
(كِتَابُ الْغَصْبِ)
الْأَصْلُ فِي تَحْرِيمِهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ آيَاتٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [النساء: 29] أَيْ لَا يَأْكُلْ بَعْضُكُمْ مَالَ بَعْضٍ بِالْبَاطِلِ وَأَخْبَارٌ كَخَبَرِ «إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (هُوَ) لُغَةً: أَخْذُ الشَّيْءِ ظُلْمًا وَقِيلَ أَخْذُهُ ظُلْمًا جِهَارًا وَشَرْعًا: (اسْتِيلَاءٌ عَلَى حَقِّ غَيْرٍ)
ــ
[حاشية البجيرمي]
صَاحِبُهَا وَلَا يَلْزَمُ مَنْ بِيَدِهِ الْعَيْنُ أَخْذُهَا بِالْأُجْرَةِ بِمُقْتَضَى دَعْوَى صَاحِبِهَا.
(قَوْلُهُ: بِيَمِينِهِ) أَيْ: لِاحْتِمَالِ أَنْ يَنْكُلَ فَيَحْلِفُ مُدَّعِي الْإِجَارَةِ فَتَثْبُتُ. اهـ. س ل أَيْ: لِأَنَّهَا عَقْدٌ لَازِمٌ. (قَوْلُهُ: أَوْ وَالْعَيْنُ تَالِفَةٌ فِي الْأُولَى) أَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَدَاخِلَةٌ فِي الْمَتْنِ الْآتِي أَيْ: وَالتَّلَفُ بِغَيْرِ الِاسْتِعْمَالِ الْمَأْذُونِ فِيهِ كَمَا قَيَّدَ بِهِ فِيمَا مَرَّ فَكَانَ الْمُنَاسِبُ ذِكْرَهُ هُنَا أَيْضًا. (قَوْلُهُ: فَهُوَ مُقِرٌّ بِالْقِيمَةِ لِمُنْكِرِهَا) أَيْ: فَتَبْقَى فِي يَدِهِ إلَى أَنْ يَعْتَرِفَ الْمَالِكُ بِهَا فَيَدْفَعَهَا إلَيْهِ بَعْدَ إقْرَارِهِ لَهُ بِهَا قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ أَقَرَّ شَخْصٌ بِشَيْءٍ لِآخَرَ فَأَنْكَرَهُ اط ف. (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَلِفَتْ فِي الثَّانِيَةِ إلَخْ) قَدْ عَرَفْت أَنَّ فِي هَذَا صُورَتَيْنِ أَيْ: سَوَاءٌ مَضَتْ مُدَّةٌ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ أَوْ لَا، ذَكَرَ الشَّارِحُ مَفْهُومَهُمَا سَابِقًا بِقَوْلِهِ: فَإِنْ تَلِفَتْ الْعَيْنُ فِي الْأُولَى إلَخْ وَبِقَوْلِهِ: أَوْ وَالْعَيْنُ تَالِفَةٌ إلَخْ فَهُوَ مُقَابِلٌ لِقَوْلِ الشَّارِحِ: فَإِنْ تَلِفَتْ الْعَيْنُ فِي الْأُولَى فِيمَا إذَا مَضَتْ مُدَّةٌ لَهَا أُجْرَةٌ وَمُقَابِلٌ لِقَوْلِهِ: أَيْضًا أَوْ وَالْعَيْنُ تَالِفَةٌ فِي الْأُولَى فِيمَا إذَا لَمْ تَمْضِ مُدَّةٌ لَهَا أُجْرَةٌ، فَأَشَارَ الشَّارِحُ بِذِكْرِ مَا سَبَقَ إلَى قَوْلِهِ: فَإِنْ تَلِفَتْ إلَخْ مُقَابِلٌ لِمَحْذُوفٍ (قَوْلُهُ: إذْ الْمُعَارُ يُضْمَنُ بِقِيمَتِهِ) أَيْ: وَلَوْ مِثْلِيًّا عَلَى الرَّاجِحِ خِلَافًا لِمَا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ وَكَذَا الْمُسْتَامُ يُضْمَنُ بِقِيمَتِهِ وَقْتَ تَلَفِهِ وَلَوْ مِثْلِيًّا عَلَى الرَّاجِحِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُتْلَفَاتِ أَقْسَامٌ ثَلَاثَةٌ: مَا يُضْمَنُ بِالْمِثْلِ مُطْلَقًا وَهُوَ الْقَرْضُ أَوْ الْقِيمَةُ مُطْلَقًا وَهُوَ مَا ذُكِرَ أَوْ الْمِثْلُ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا وَأَقْصَى الْقِيَمِ إنْ كَانَ مُتَقَوِّمًا وَهُوَ الْمَغْصُوبُ وَالْمَقْبُوضُ بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: حَلَفَ لِلزَّائِدِ) أَيْ: يَحْلِفُ يَمِينًا تَجْمَعُ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا كَمَا سَبَقَ لِأَجْلِ إثْبَاتِ الزَّائِدِ فَيَقُولُ فِي حَلِفِهِ: وَاَللَّهِ مَا أَعَرْتُكَ بَلْ آجَرْتُكَ، وَأَمَّا أَصْلُ الْأُجْرَةِ فَقَدْ اتَّفَقَا عَلَيْهَا فِي ضِمْنِ الْقِيمَةِ الَّتِي أَقَرَّ بِهَا مُدَّعِي الْإِعَارَةِ فَلَا يَحْلِفُ لَهَا. (قَوْلُهُ: وَيَحْلِفُ لِلْأُجْرَةِ مُطْلَقًا) أَيْ: سَوَاءٌ كَانَتْ زَائِدَةً عَلَى الْقِيمَةِ أَوْ لَا، وَأَمَّا تَفْسِيرُهُ بِبَقَاءِ الْعَيْنِ أَوْ تَلَفِهَا فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ الْعَيْنَ تَلِفَتْ وَيَصِحُّ تَفْسِيرُهُ أَيْضًا بِمَا إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ وَقْتَ التَّلَفِ هِيَ أَقْصَى الْقِيَمِ أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ فَيَكُونُ الْإِطْلَاقُ فِي مُقَابَلَةِ قَوْلِهِ: فَإِنْ كَانَتْ دُونَ أَقْصَى قِيمَةٍ إلَخْ
[كِتَابُ الْغَصْبِ]
أَيْ حَقِيقَتُهُ وَحُكْمُهُ مِنْ وُجُوبِ رَدِّهِ إنْ بَقِيَ وَبَدَلِهِ إنْ تَلِفَ وَذَكَرَهُ عَقِبَ الْعَارِيَّةِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّلَفِ، وَالْإِتْلَافِ، وَالضَّمَانِ. وَهُوَ كَبِيرَةٌ قِيلَ إنْ بَلَغَ نِصَابًا أَيْ رُبُعَ دِينَارٍ وَقِيلَ وَلَوْ حَبَّةً وَهُوَ مَعَ الِاسْتِحْلَالِ مِمَّنْ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ كُفْرٌ وَمَعَ عَدَمِ ذَلِكَ فِسْقٌ كَمَا فِي ح ل وَمَحَلُّهُ فِي غَصْبِ الْمَالِ أَمَّا غَصْبُ غَيْرِهِ كَالْكَلْبِ فَإِنَّهُ صَغِيرَةٌ شَوْبَرِيٌّ
وَعِبَارَةُ م ر وَهُوَ كَبِيرَةٌ قَالَ نَقْلًا عَنْ الْهَرَوِيِّ: إنْ بَلَغَ نِصَابًا لَكِنْ نَقَلَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ غَصْبَ الْحَبَّةِ وَسَرِقَتَهَا كَبِيرَةٌ وَتَوَقَّفَ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ اهـ. قَالَ: ع ش قَوْلُهُ: وَهُوَ كَبِيرَةٌ إطْلَاقُهُ شَامِلٌ لِلْمَالِ وَإِنْ قَلَّ وَلِلِاخْتِصَاصَاتِ وَمَا لَوْ أَقَامَ إنْسَانٌ مِنْ نَحْوِ مَسْجِدٍ أَوْ سُوقٍ فَيَكُونُ كَبِيرَةً وَهُوَ ظَاهِرٌ بَلْ هُوَ أَوْلَى مِنْ غَصْبِ نَحْوِ حَبَّةِ الْبُرِّ؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ بِهِ أَكْثَرُ، وَالْإِيذَاءُ الْحَاصِلُ بِذَلِكَ أَشَدُّ (قَوْلُهُ: الْأَصْلُ فِي تَحْرِيمِهِ) كَأَنَّهُ قَالَ: وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ حَرَامٌ، وَالْأَصْلُ فِي تَحْرِيمِهِ. إلَخْ. قَوْلُهُ:{لا تَأْكُلُوا} [آل عمران: 130] إلَخْ أَيْ لَا تَأْخُذُوا فَأَطْلَقَ الْخَاصَّ وَهُوَ الْأَكْلُ وَأَرَادَ الْعَامَّ وَهُوَ الْأَخْذُ لِيَشْمَلَ غَيْرَ الْمَأْكُولِ، وَالْآيَةُ شَامِلَةٌ لِلسَّرِقَةِ وَغَيْرِهَا فَفِيهَا الْمُدَّعَى وَزِيَادَةٌ (قَوْلُهُ: إنَّ دِمَاءَكُمْ) أَيْ دِمَاءَ بَعْضِكُمْ. إلَخْ أَوْ حَرَامٌ عَلَى غَيْرِكُمْ وَتَرَكَ الشَّارِحُ ذَلِكَ اكْتِفَاءً بِمَا قَبْلَهُ ع ش وَقَدْ يُقَالُ دَمُ الشَّخْصِ حَرَامٌ عَلَيْهِ أَيْضًا فَلَا حَاجَةَ لِتَقْدِيرِ مُضَافٍ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ وَهُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ إنَّ سَفْكَ دِمَائِكُمْ. . . إلَخْ (قَوْلُهُ: وَأَمْوَالَكُمْ) التَّعْبِيرُ بِالْأَمْوَالِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَإِلَّا فَمِثْلُهَا الِاخْتِصَاصَاتُ ع ش (قَوْلُهُ: وَقِيلَ أَخْذُهُ ظُلْمًا) أَشَارَ بِهِ إلَى الْقَوْلَيْنِ فِي تَعْرِيفِهِ لُغَةً فَقَوْلُهُ ظُلْمًا مُدْخِلٌ لِلسَّرِقَةِ جِهَارًا مُخْرِجٌ لَهَا ع ش اط ف (قَوْلُهُ: ظُلْمًا) ثُمَّ إنْ كَانَ مِنْ حِرْزِ مِثْلِهِ خُفْيَةً سُمِّيَ سَرِقَةً أَوْ مُكَابَرَةً فِي صَحْرَاءَ سُمِّيَ مُحَارَبَةً أَوْ مُجَاهَرَةً وَاعْتَمَدَ الْهَرَبَ سُمِّيَ اخْتِلَاسًا فَإِنْ جَحَدَ مَا اُؤْتُمِنَ عَلَيْهِ سُمِّيَ خِيَانَةً بِرْمَاوِيٌّ
(قَوْلُهُ: وَشَرْعًا اسْتِيلَاءٌ. . . إلَخْ) الْمُرَادُ بِالِاسْتِيلَاءِ مَا يَشْمَلُ مَنْعَ
وَلَوْ مَنْفَعَةً كَإِقَامَةِ مَنْ قَعَدَ بِمَسْجِدٍ أَوْ سُوقٍ أَوْ غَيْرِ مَالٍ كَكَلْبٍ نَافِعٍ وَزِبْلٍ (بِلَا حَقٍّ) كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ بَدَلَ قَوْلِهِ كَالرَّافِعِيِّ عُدْوَانًا فَدَخَلَ فِيهِ مَا لَوْ أَخَذَ مَالَ غَيْرِهِ يَظُنُّهُ مَالَهُ فَإِنَّهُ غَصْبٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ إثْمٌ وَقَوْلُ الرَّافِعِيِّ: إنَّ الثَّابِتَ فِي هَذِهِ حُكْمُ الْغَصْبِ لَا حَقِيقَتُهُ مَمْنُوعٌ وَهُوَ نَاظِرٌ إلَى أَنَّ الْغَصْبَ يَقْتَضِي الْإِثْمَ مُطْلَقًا وَلَيْسَ مُرَادًا وَإِنْ كَانَ غَالِبًا، وَالْغَصْبُ (كَرُكُوبِهِ دَابَّةَ غَيْرِهِ وَجُلُوسِهِ عَلَى فِرَاشِهِ)
ــ
[حاشية البجيرمي]
الْغَيْرِ مِنْ حَقِّهِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَوْلِ عَلَيْهِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ قَرِيبًا كَإِقَامَةِ مَنْ قَعَدَ بِمَسْجِدِ شَيْخِنَا فَهُوَ اسْتِيلَاءٌ حُكْمًا وَمَدَارُهُ عَلَى الْعُرْفِ كَمَا يَظْهَرُ بِالْأَمْثِلَةِ الْآتِيَةِ فَلَيْسَ مِنْهُ مَنْعُ الْمَالِكِ مِنْ سَقْيِ زَرْعِهِ أَوْ مَاشِيَتِهِ حَتَّى تَلِفَ فَلَا ضَمَانَ لِانْتِفَاءِ الِاسْتِيلَاءِ سَوَاءٌ قَصَدَ مَنْعَهُ عَنْهُ أَمْ لَا عَلَى الْأَصَحِّ وَفَارَقَ هَذَا مَا لَوْ ذَبَحَ شَاةً فَهَلَكَ وَلَدُهَا مِنْ أَنَّهُ يَضْمَنُهُ بِأَنَّهُ ثَمَّ أَتْلَفَ غِذَاءَ الْوَلَدِ الْمُعَيَّنِ لَهُ بِإِتْلَافِ أُمِّهِ بِخِلَافِهِ هُنَا م ر وَقَوْلُهُ فَلَيْسَ مِنْهُ مَنْعُ الْمَالِكِ أَيْ أَوْ غَيْرِهِ مَنْعًا خَاصًّا كَمَنْعِ الْمَالِكِ وَأَتْبَاعِهِ مَثَلًا. أَمَّا الْمَنْعُ الْعَامُّ كَأَنْ مَنَعَ جَمِيعَ النَّاسِ مِنْ سَقْيِهِ فَيَضْمَنُ بِذَلِكَ اهـ. ع ش عَلَى م ر قَالَ شَيْخُنَا: وَهَذَا الْمَعْنَى الشَّرْعِيُّ أَعَمُّ مِنْ كُلٍّ مِنْ اللُّغَوِيَّيْنِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الِاسْتِيلَاءَ أَعَمُّ مِنْ الْأَخْذِ لِشُمُولِهِ الْمَنَافِعَ وَلِأَنَّ قَوْلَهُ بِلَا حَقٍّ أَعَمُّ مِنْ ظُلْمًا لِأَنَّهُ يَشْمَلُ مَا إذَا أَخَذَ مَالِ غَيْرِهِ يَظُنُّهُ مَالَهُ فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ جِهَتَيْنِ وَهَذَا عَلَى غَيْرِ الْغَالِبِ مِنْ قَاعِدَةِ أَنَّ الْمَعْنَى الشَّرْعِيَّ أَخَصُّ وَأَوْرَدَ عَلَى التَّعْرِيفِ أَنَّهُ شَامِلٌ لِلسَّرِقَةِ. وَأَجَابَ م ر بِأَنَّ الِاسْتِيلَاءَ يُشْعِرُ بِالْقَهْرِ فَهُوَ فِي قُوَّةِ جِهَارًا (قَوْلُهُ: مَنْ قَعَدَ بِمَسْجِدٍ. . . إلَخْ) وَإِنْ لَمْ يَسْتَوْلِ عَلَى مَحَلِّهِ شَيْخُنَا
(قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرَ مَالٍ) وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَغْصُوبَ إمَّا أَنْ يَكُونَ مَالًا أَوْ غَيْرَ مَالٍ وَكُلٌّ مِنْهُمَا إمَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِ إثْمٌ أَوْ لَا وَكُلٌّ مِنْهُمَا إمَّا أَنْ يَجِبَ رَدُّهُ أَمْ لَا فَتَحْصُلُ مِنْ ذَلِكَ ثَمَانِ صُوَرٍ أَرْبَعَةٌ فِي الْمَالِ وَأَرْبَعَةٌ فِي الِاخْتِصَاصِ كَمَا ذَكَرَهُ الْبِرْمَاوِيُّ وَعِبَارَةُ م ر وَقَدْ أَفَادَ الْوَالِدُ رحمه الله أَنَّ الَّذِي يَتَحَصَّلُ مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ فِي تَعْرِيفِ الْغَصْبِ أَنَّهُ حَقِيقَةً وَإِثْمًا وَضَمَانًا الِاسْتِيلَاءُ عَلَى حَقِّ الْغَيْرِ عُدْوَانًا وَضَمَانًا الِاسْتِيلَاءُ عَلَى مَالِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَإِثْمًا الِاسْتِيلَاءُ عَلَى حَقِّ الْغَيْرِ عُدْوَانًا وَكَانَ يَنْبَغِي لَهُ التَّعْبِيرُ بِالْمُتَمَوَّلِ بَدَلَ الْمَالِ لِيَخْرُجَ نَحْوُ حَبَّةِ بُرٍّ فَإِنَّهُ مَالٌ وَلَا ضَمَانَ فِيهِ (قَوْلُهُ: كَكَلْبٍ نَافِعٍ) خَرَجَ بِهِ الْعَقُورُ كَالْفَوَاسِقِ الْخَمْسِ فَلَا يَدُلُّنَا عَلَيْهَا وَلَا يَجِبُ رَدُّهَا وَمِثْلُ الْعَقُورِ مَا لَا نَفْعَ فِيهِ وَلَا ضَرَرَ وَهُوَ ظَاهِرٌ لَكِنْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا مَرَّ فِي الْإِقْرَارِ مَا لَوْ قَالَ: لَهُ عِنْدِي شَيْءٌ مِنْ قَبُولِ تَفْسِيرِهِ بِنَجَسٍ لَا يُقْتَنَى فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ فِي ثُبُوتِ الْيَدِ عَلَيْهِ وَأَنَّهُ يُسَوِّغُ لَهُ الْمُطَالَبَةَ بِهِ ع ش (قَوْلُهُ: بِلَا حَقٍّ) خَرَجَ بِهِ الْعَارِيَّةُ، وَالسَّوْمُ وَنَحْوُهُمَا بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: فَدَخَلَ فِيهِ. . . إلَخْ) قَضِيَّةُ هَذَا أَنَّ الْمَقْبُوضَ بِشِرَاءٍ فَاسِدٍ وَنَحْوِهِ يَدْخُلُ فِي تَعْرِيفِ الْغَصْبِ وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ ذَلِكَ بِغَيْرِ حَقٍّ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ بِخِلَافِ الْعَارِيَّةِ، وَالْمُسْتَامِ، وَالْأَمَانَاتِ إذَا خَانَ فِيهَا تُضْمَنُ ضَمَانَ الْمَغْصُوبِ سم
(قَوْلُهُ: حُكْمُ الْغَصْبِ) وَهُوَ وُجُوبُ الرَّدِّ عِنْدَ الْبَقَاءِ، وَالضَّمَانُ بِالْبَدَلِ عِنْدَ التَّلَفِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمَتْنِ بِقَوْلِهِ وَعَلَى الْغَاصِبِ رَدُّ. . . إلَخْ وَقَوْلُهُ لَا حَقِيقَتُهُ وَهِيَ الِاسْتِيلَاءُ عَلَى حَقِّ الْغَيْرِ عُدْوَانًا وَقَوْلُهُ وَهُوَ نَاظِرٌ. . . إلَخْ كَالْعِلَّةِ لِقَوْلِهِ مَمْنُوعٌ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ فِي كُلِّ صُورَةٍ وَقَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ أَيْ اقْتِضَاؤُهَا الْإِثْمَ (قَوْلُهُ: كَرُكُوبِهِ دَابَّةَ غَيْرِهِ) أَيْ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَإِنْ كَانَ مَالِكُهَا حَاضِرًا وَسَيَّرَهَا وَلَوْ نَقَلَ الدَّابَّةَ وَمَالِكُهَا رَاكِبٌ عَلَيْهَا بِأَنْ أَخَذَ بِرَأْسِهَا مَعَ ذَلِكَ فَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَكُونَ غَاصِبًا لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ مُسْتَوْلِيًا عَلَيْهَا مَعَ اسْتِقْلَالِ مَالِكِهَا بِالرُّكُوبِ بِدَلِيلِ أَنَّهُمَا لَوْ تَنَازَعَاهَا أَوْ أَتْلَفَتْ شَيْئًا حُكِمَ بِهَا لِلرَّاكِبِ وَاخْتَصَّ بِهِ الضَّمَانُ انْتَهَى سم وَيُصَرِّحُ بِعَدَمِ الضَّمَانِ مَا ذَكَرَهُ م ر فِي بَابِ الْعَارِيَّةِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ سَخَّرَ رَجُلًا وَدَابَّتَهُ فَتَلِفَتْ الدَّابَّةُ فِي يَدِ صَاحِبِهَا لَمْ يَضْمَنْهَا الْمُسَخِّرُ لِأَنَّهَا فِي يَدِ صَاحِبِهَا اهـ. ع ش وَفِي ق ل فَخَرَجَ بِرُكُوبِ الدَّابَّةِ سَوْقُهَا فَلَيْسَ غَصْبًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَالِكُهَا مَعَهَا وَلَوْ رَكِبَ مَعَ مَالِكِهَا فَهُوَ غَاصِبٌ لِصَفِّهَا كَمَا يَأْتِي فِي الدَّارِ
(قَوْلُهُ: وَجُلُوسِهِ) خَرَجَ بِالْجُلُوسِ ضَمُّهُ إلَى بَعْضِهِ بِغَيْرِ حَمْلٍ فَلَيْسَ غَصْبًا أَيْضًا وَبِالدَّابَّةِ، وَالْفِرَاشِ غَيْرُهُمَا مِنْ الْمَنْقُولَاتِ فَلَا بُدَّ فِي غَصْبِهِمَا مِنْ الِاسْتِيلَاءِ بِالنَّقْلِ فَلَوْ اسْتَخْدَمَ عَبْدَ غَيْرِهِ وَلَوْ بِبَعْثِهِ فِي حَاجَتِهِ لَمْ يَضْمَنْهُ وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا م ر أَنَّهُ يَضْمَنُهُ إذَا بَعَثَهُ لِأَنَّهُ كَالِاسْتِيلَاءِ وَلَمْ يُوَافِقْهُ شَيْخُنَا عَلَيْهِ إلَّا إنْ كَانَ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ لِأَنَّهُ عَارِيَّةٌ اهـ. ق ل (قَوْلُهُ: وَجُلُوسِهِ عَلَى فِرَاشِهِ) وَلَمْ تَدُلَّ قَرِينَةُ الْحَالِ عَلَى إبَاحَةِ الْجُلُوسِ عَلَيْهِ مُطْلَقًا أَوْ لِنَاسٍ مَخْصُوصِينَ مِنْهُمْ هَذَا الْجَالِسُ كَمَا فِي ح ل كَفَرْشِ مَصَاطِبِ الْبَزَّازِينَ لِمُرِيدِ الشِّرَاءِ مِنْهُمْ وَمِثْلُ الْجُلُوسِ مَا لَوْ تَحَامَلَ بِرِجْلِهِ أَيْ اعْتَمَدَ عَلَيْهَا وَإِنْ تَحَامَلَ مَعَهَا عَلَى الرِّجْلِ الْأُخْرَى
وَإِنْ لَمْ يَنْقُلْهُمَا وَلَمْ يَقْصِدْ اسْتِيلَاءً (وَإِزْعَاجِهِ) لَهُ (عَنْ دَارِهِ) بِأَنْ أَخْرَجَهُ مِنْهَا وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْهَا أَوْ لَمْ يَقْصِدْ الِاسْتِيلَاءَ (وَدُخُولِهِ لَهَا) وَلَيْسَ الْمَالِكُ فِيهَا (بِقَصْدِ اسْتِيلَاءٍ) عَلَيْهَا وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا (فَإِنْ كَانَ الْمَالِكُ فِيهَا وَلَمْ يُزْعِجْهُ فَغَاصِبٌ لِنِصْفِهَا) لِاسْتِيلَائِهِ مَعَ الْمَالِكِ عَلَيْهَا، هَذَا (إنْ عُدَّ مُسْتَوْلِيًا) عَلَى مَالِكِهَا فَإِنْ لَمْ يُعَدَّ مُسْتَوْلِيًا عَلَيْهِ لِضَعْفِهِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
الْخَارِجَةِ عَنْ الْفِرَاشِ وَمِنْهُ مَا يَقَعُ كَثِيرًا مِنْ الْمَشْيِ عَلَى مَا يُفْرَشُ فِي صَحْنِ الْجَامِعِ الْأَزْهَرِ مِنْ الْفَرَاوِيِّ، وَالثِّيَابِ وَنَحْوِهِمَا وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ الضَّمَانِ مَا لَمْ تَعُمَّ الْفَرَاوِيّ وَنَحْوُهَا الْمَسْجِدَ بِأَنْ كَانَ صَغِيرًا أَوْ كَثُرَتْ وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ وَلَا حُرْمَةَ لِتَعَدِّي الْوَاضِعَ بِذَلِكَ كَمَا قَالَهُ م ر وع ش وَلَوْ جَلَسَ عَلَيْهِ ثُمَّ انْتَقَلَ عَنْهُ ثُمَّ جَلَسَ عَلَيْهِ آخَرُ فَكُلٌّ مِنْهُمَا غَاصِبٌ وَلَا يَزُولُ الْغَصْبُ عَنْ الْأَوَّلِ بِانْتِقَالِهِ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْغَاصِبَ إنَّمَا يَبْرَأُ بِالرَّدِّ لِلْمَالِكِ أَوْ لِمَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ فَلَوْ تَلِفَ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إنْ تَلِفَ فِي يَدِ الثَّانِي فَقَرَارُ الضَّمَانِ عَلَيْهِ أَوْ بَعْدَ انْتِقَالِهِ أَيْضًا عَنْهُ فَعَلَى كُلٍّ الْقَرَارُ لَكِنْ هَلْ لِلْكُلِّ أَوْ لِلنِّصْفِ فِيهِ نَظَرٌ وَيَظْهَرُ الْأَوَّلُ سم عَلَى حَجّ
قَالَ ع ش عَلَى م ر: وَمَعْنَى كَوْنِ الضَّمَانِ عَلَى كُلٍّ أَنَّ كُلًّا لَوْ غَرِمَ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْآخَرِ لَا أَنَّ الْمَالِكَ يُغَرِّمُ كُلًّا الْقِيمَةَ وَانْظُرْ لَوْ كَانَ الْفِرَاشُ كَبِيرًا هَلْ يَضْمَنُ جَمِيعَهُ أَوْ قَدْرَ مَا اسْتَوْلَى عَلَيْهِ وَلَوْ تَعَدَّدَ الْغَاصِبُ عَلَى فِرَاشٍ كَبِيرٍ فَهَلْ يَضْمَنُ كُلٌّ مِنْهُمْ الْجَمِيعَ أَوْ قَدْرَ مَا عُدَّ مُسْتَوْلِيًا عَلَيْهِ فَقَطْ؟ الَّذِي يَظْهَرُ الثَّانِي فِيهِمَا بِرْمَاوِيٌّ.
وَالْجُلُوسُ عَلَى فِرَاشِ الْغَيْرِ مِنْ الْكَبَائِرِ لِأَنَّهُ أَشَدُّ إيذَاءً مِنْ الْحَبَّةِ كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَنْقُلْهُمَا) قَالَ م ر فِي شَرْحِهِ وَأَفْهَمَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ اعْتِبَارَ النَّقْلِ فِي كُلِّ مَنْقُولٍ سِوَى الْأَمْرَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَمَحَلُّهُ فِي مَنْقُولٍ لَيْسَ فِي يَدِهِ فَإِنْ كَانَ بِيَدِهِ كَوَدِيعَةٍ أَوْ غَيْرِهَا فَنَفْسُ إنْكَارِهِ غَصْبٌ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى نَقْلٍ كَمَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ وَأَفْهَمَ اشْتِرَاطُ النَّقْلِ أَنَّهُ لَوْ أَخَذَ بِيَدِ قِنٍّ وَلَمْ يُسَيِّرْهُ لَمْ يَضْمَنْهُ اهـ. قَالَ ع ش عَلَيْهِ وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ لَوْ أَخَذَ بِزِمَامِ دَابَّةٍ أَوْ بِرَأْسِهَا وَلَمْ يُسَيِّرْهَا لَمْ يَكُنْ غَاصِبًا لَهَا انْتَهَى (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَقْصِدْ اسْتِيلَاءً) قَالَ شَيْخُنَا م ر: كُلُّ مَا يَحْصُلُ بِهِ الْقَبْضُ فِي الْمَبِيعِ غَصْبٌ سَوَاءٌ حَصَلَ مَعَهُ قَصْدُ اسْتِيلَاءٍ أَوْ لَا إلَّا فِي نَحْوِ جَحْدِ وَدِيعَةٍ انْتَهَى ق ل وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ وَنَقْلُ الْمَنْقُولِ كَالْبَيْعِ وَقَضِيَّتُهَا أَنَّ مُجَرَّدَ رَفْعِ الْمَنْقُولِ الثَّقِيلِ وَإِنْ وَضَعَهُ مَكَانَهُ لَا يَكُونُ غَصْبًا بِخِلَافِ الْخَفِيفِ الَّذِي يُتَنَاوَلُ بِالْيَدِ وَقَضِيَّتُهُ أَيْضًا أَنَّ النَّقْلَ إلَى مَوْضِعٍ يَخْتَصُّ بِهِ الْمَالِكُ لَا يَكُونُ غَصْبًا لَكِنْ مَرَّ فِي بَابِ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ أَنَّ عَدَمَ صِحَّةِ الْقَبْضِ بِذَلِكَ إنَّمَا هُوَ فِي عَدَمِ جَوَازِ التَّصَرُّفِ لَا فِي عَدَمِ الضَّمَانِ وَقِيَاسُهُ هُنَا أَنْ يَكُونَ ضَامِنًا فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ بِحُصُولِ الِاسْتِيلَاءِ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: بِأَنْ أَخْرَجَهُ مِنْهَا) أَيْ أَوْ مَنَعَهُ مِنْ دُخُولِهَا وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ هُوَ وَقَوْلُهُ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ الِاسْتِيلَاءَ أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعُدْ مُسْتَوْلِيًا عَلَيْهَا فَيَنْبَغِي ذِكْرُ هَذِهِ الْغَايَةِ أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْهَا) فَالْمُرَادُ بِالْإِزْعَاجِ الْإِخْرَاجُ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَلَيْسَ الْمَالِكُ) أَيْ وَلَا مَنْ يَخْلُفُهُ مِنْ أَهْلِهِ كَزَوْجَةٍ أَوْ أَوْلَادٍ أَوْ خَدَمٍ أَوْ مُسْتَعِيرٍ أَوْ مُسْتَأْجِرٍ م ر وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ وَلَيْسَ الْمَالِكُ فِيهَا إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمَتْنِ فَإِنْ كَانَ الْمَالِكُ فِيهَا مُقَابِلٌ لِهَذَا الْمُقَدَّرِ (قَوْلُهُ: بِقَصْدِ اسْتِيلَاءٍ عَلَيْهَا) فَإِنْ مَنَعَهُ مِنْ نَقْلِ مَا فِيهَا فَغَاصِبٌ لَهُ أَيْضًا وَإِلَّا فَلَا مَا لَمْ يَنْقُلْهُ. لَا يَقْبَلُ كَيْفَ يَتَحَقَّقُ الْغَصْبُ فِي الْمَنْقُولِ مِنْ غَيْرِ نَقْلٍ وَقَدْ اعْتَبَرَ فِي غَصْبِهِ ذَلِكَ. لِأَنَّا نَقُولُ مَحَلُّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ التَّابِعِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ هَذِهِ طَرِيقَةٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَصِيرُ غَاصِبًا لِمَا فِيهَا مُطْلَقًا حَيْثُ عُدَّ غَاصِبًا لَهَا شَوْبَرِيٌّ.
وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ مَنَعَهُ مِنْ نَقْلِهِ أَمْ لَا وَهُوَ مَا صَرَّحَ بِهِ م ر قَالَ: وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمَنْقُولَ لَا يَتَوَقَّفُ غَصْبُهُ عَلَى نَقْلِهِ إذَا كَانَ تَابِعًا وَهَذَا أَعْنِي قَوْلَهُ بِقَصْدِ اسْتِيلَاءِ قَيْدٍ فِي هَذِهِ وَاَلَّتِي بَعْدَهَا فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَكَذَا لَوْ دَخَلَهَا إلَخْ رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ الْمَالِكُ فِيهَا اُشْتُرِطَ قَصْدُ الِاسْتِيلَاءِ فَقَطْ وَإِنْ كَانَ فِيهَا اُشْتُرِطَ هَذَا وَأَنْ يُعَدَّ مُسْتَوْلِيًا شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ) أَيْ الدَّاخِلُ ضَعِيفًا وَقَوِيَ الْمَالِكُ حَتَّى لَوْ انْهَدَمَتْ حِينَئِذٍ ضَمِنَهَا وَقُوَّةُ الْمَالِكِ إنَّمَا هِيَ بِاعْتِبَارِ سُهُولَةِ النَّزْعِ مِنْهُ حَالًا فَلَا يَمْنَعُ الضَّعْفُ اسْتِيلَاءَهُ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ الْمَالِكُ فِيهَا) أَيْ وَاحِدًا فَإِنْ تَعَدَّدَ كَانَ الْغَاصِبُ كَأَحَدِهِمْ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُزْعِجْهُ) مُحْتَرَزُ مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَإِزْعَاجُهُ عَنْ دَارِهِ وَلِذَا لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ الشَّارِحُ.
(قَوْلُهُ: فَغَاصِبٌ لِنِصْفِهَا) وَلَا فَرْقَ فِي الْغَاصِبِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مَعَهُ أَهْلٌ أَوْ لَا وَكَذَا يُقَالُ فِي الْمَالِكِ وَلَا بَيْنَ كَوْنِ أَهْلِ الْغَاصِبِ مُسَاوِينَ لِأَهْلِ الْمَالِكِ أَمْ لَا حَتَّى لَوْ دَخَلَ الْغَاصِبُ وَمَعَهُ عَشْرَةٌ مِنْ أَهْلِهِ، وَالْمَالِكُ بِمُفْرَدِهِ فِي الدَّارِ ضَامِنًا لِلنِّصْفِ شَرْحُ م ر وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
وَلَوْ تَعَدَّدَ الْمَالِكُ أَوْ الْغَاصِبُ فَالْغَصْبُ
فَلَا يَكُونُ غَاصِبًا لِشَيْءٍ مِنْهَا وَكَذَا لَوْ دَخَلَهَا لَا بِقَصْدِ اسْتِيلَاءٍ كَأَنْ دَخَلَهَا لِيَنْظُرَ هَلْ تَصْلُحُ لَهُ أَوْ لِيَتَّخِذَ مِثْلَهَا (وَلَوْ مَنَعَ الْمَالِكَ بَيْتًا مِنْهَا) دُونَ بَاقِيهَا (فَغَاصِبٌ لَهُ فَقَطْ) أَيْ دُونَ بَاقِيهَا لِقَصْرِهِ الِاسْتِيلَاءَ عَلَيْهِ.
(وَعَلَى الْغَاصِبِ رَدٌّ) لِلْمَغْصُوبِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَمَوَّلًا سَوَاءً أَكَانَ مَالًا كَحَبَّةِ بُرٍّ أَمْ لَا كَكَلْبٍ نَافِعٍ وَزِبْلٍ وَخَمْرٍ مُحْتَرَمَةٍ لِخَبَرِ «عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ» (وَضَمَانُ مُتَمَوِّلٍ تَلِفَ) بِآفَةٍ أَوْ إتْلَافٍ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُتَمَوِّلِ كَحَبَّةِ بُرٍّ وَكَلْبٍ وَزِبْلٍ فَلَا ضَمَانَ فِيهِ وَكَذَا لَوْ كَانَ التَّالِفُ غَيْرَ مُحْتَرَمٍ كَمُرْتَدٍّ وَصَائِلٍ أَوْ الْغَاصِبُ غَيْرَ أَهْلٍ لِلضَّمَانِ كَحَرْبِيٍّ، وَالتَّقْيِيدُ بِالْمُتَمَوِّلِ هُنَا
وَفِيمَا يَأْتِي مِنْ زِيَادَتِي. وَاسْتَطْرَدُوا هُنَا مَسَائِلَ يَقَعُ
ــ
[حاشية البجيرمي]
بِعَدَدِ الرُّءُوسِ وَلَا نَظَرَ لِأَهْلِ وَعَشِيرَةِ أَحَدِهِمَا مَعَهُ (قَوْلُهُ: فَلَا يَكُونُ غَاصِبًا لِشَيْءٍ مِنْهَا) وَلَوْ ضَعُفَ الْمَالِكُ بِحَيْثُ لَا يُعَدُّ مُسْتَوْلِيًا مَعَ قُوَّةِ الدَّاخِلِ كَانَ الدَّاخِلُ غَاصِبًا لِجَمِيعِهَا إذَا قَصَدَ الِاسْتِيلَاءَ عَلَيْهَا كَذَا قِيلَ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْمَالِكَ وَلَوْ ضَعُفَ يَدُهُ قَوِيَّةٌ لِاسْتِنَادِهَا لِلْمِلْكِ ح ل وز ي (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ دَخَلَهَا لَا بِقَيْدِ اسْتِيلَاءٍ) لَكِنْ يَلْزَمُهُ أُجْرَةُ مُدَّةِ إقَامَتِهِ فِيهَا (قَوْلُهُ: أَوْ لِيَتَّخِذَ مِثْلَهَا) أَوْ دَخَلَ لَا بِقَصْدِ شَيْءٍ وَأَمَّا الْمَنْقُولُ إذَا أَخَذَهُ مِنْ يَدِ مَالِكِهِ لِيَنْظُرَ إلَيْهِ أَوْ لِيَتَّخِذَ مِثْلَهُ فَقِيلَ يَضْمَنُهُ؛ لِأَنَّ يَدَهُ عَلَيْهِ حِسِّيَّةٌ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى قَصْدِ اسْتِيلَاءٍ بِخِلَافِ الْعَقَارِ أَيْ فَإِنَّ الْيَدَ عَلَيْهِ حُكْمِيَّةٌ وَجَزَمَ م ر بِالضَّمَانِ ح ل وز ي
(قَوْلُهُ: وَعَلَى الْغَاصِبِ) أَيْ الْأَهْلِ لِلضَّمَانِ وَقَوْلُهُ وَضَمَانُ مُتَمَوَّلٍ أَيْ مُحْتَرَمًا أَخْذًا مِنْ كَلَامِهِ بَعْدُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ قُصُورٌ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ هَذَا الْقَيْدَ مُعْتَبَرٌ فِي الضَّمَانِ دُونَ الرَّدِّ مَعَ أَنَّهُ مُعْتَبَرٌ فِيهِمَا فَالْحَرْبِيُّ لَيْسَ عَلَيْهِ رَدٌّ وَلَا ضَمَانٌ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: رَدٌّ لِلْمَغْصُوبِ) أَيْ فَوْرًا عِنْدَ التَّمَكُّنِ وَإِنْ عَظُمَتْ الْمُؤْنَةُ فِي رَدِّهِ وَلَهُ اسْتِئْجَارُ الْمَالِكِ فِي رَدِّهِ كَمَا فِي ح ل وَالتَّعْبِيرُ بِالرَّدِّ ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا كَانَ الْغَصْبُ بِطَرِيقِ الْأَخْذِ وَغَيْرُ ظَاهِرٍ فِيمَا إذَا كَانَ بِطَرِيقِ الِاسْتِيلَاءِ فَقَطْ كَإِقَامَةِ مَنْ قَعَدَ بِمَسْجِدٍ وَيُمْكِنُ أَنْ يُرَادَ بِالرَّدِّ تَرْكُ الِاسْتِيلَاءِ وَلَوْ غَصَبَ حَيَوَانًا فَتَبِعَهُ وَلَدُهُ الَّذِي مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَتْبَعَهُ أَوْ هَادِيَ الْغَنَمِ فَتَبِعَهُ الْغَنَمُ لَمْ يَضْمَنْ التَّابِعَ فِي الْأَصَحِّ لِانْتِفَاءِ اسْتِيلَائِهِ عَلَيْهِ وَكَذَا لَوْ غَصَبَ أُمَّ النَّحْلِ فَتَبِعَهَا النَّحْلُ لَا يَضْمَنُهُ إلَّا إنْ اسْتَوْلَى عَلَيْهِ خِلَافًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ.
وَلَوْ أَوْقَدَ نَارًا فِي مِلْكِهِ فَطَارَتْ شَرَارَةٌ إلَى مِلْكِ غَيْرِهِ وَأَحْرَقَتْ شَيْئًا فَإِنْ كَانَتْ بِحَسَبِ الْعَادَةِ فَلَا ضَمَانَ وَإِنْ كَانَتْ خِلَافَ ذَلِكَ ضَمِنَ مَا أَتْلَفَتْهُ م ر وَبِرْمَاوِيٌّ (فَرْعٌ) لَوْ دَخَلَ عَلَى حَدَّادٍ يَطْرُقُ الْحَدِيدَ فَطَارَتْ شَرَارَةٌ أَحْرَقَتْ ثَوْبَهُ لَمْ يَضْمَنْهُ الْحَدَّادُ وَإِنْ دَخَلَ بِإِذْنِهِ. أَقُولُ وَكَذَا لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لَوْ طَارَتْ شَرَارَةٌ مِنْ الدُّكَّانِ وَأَحْرَقَتْ شَيْئًا حَيْثُ أَوْقَدَ الْكُوَرَ عَلَى الْعَادَةِ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ جَلَسَ بِالشَّارِعِ نَفْسِهِ أَوْ أَوْقَدَ لَا عَلَى الْعَادَةِ وَتَوَلَّدَ مِنْهُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ؛ لِأَنَّ الِارْتِفَاقَ بِالشَّارِعِ مَشْرُوطٌ بِسَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ انْتَهَى ع ش عَلَى م ر وَلَوْ غَصَبَ مِنْ مُودَعٍ وَمُسْتَأْجِرٍ وَمُرْتَهَنٍ ثُمَّ رَدَّ إلَيْهِمْ بَرِئَ وَفِي الرَّدِّ إلَى الْمُسْتَعِيرِ إذَا أَخَذَ مِنْهُ الْمُعَارَ وَجْهَانِ أَرْجَحُهُمَا أَنَّهُ يَبْرَأُ بِالرَّدِّ إلَيْهِ وَلَوْ انْتَزَعَ مِنْ الْعَبْدِ الْبَالِغِ ثِيَابًا مَلْبُوسَةً وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنْ الْآلَاتِ الْمَدْفُوعَةِ إلَيْهِ بَرِئَ بِالرَّدِّ إلَى الْعَبْدِ اهـ. ز ي (قَوْلُهُ: كَكَلْبٍ نَافِعٍ) خَرَجَ بِهِ غَيْرُهُ وَفِيهِ تَفْصِيلٌ وَهُوَ أَنَّهُ إنْ كَانَ عَقُورًا لَا يَجِبُ رَدُّهُ وَإِلَّا وَجَبَ وَقِيلَ مِثْلُ الْعَقُورِ مَا لَا نَفْعَ فِيهِ وَلَا ضَرَرَ ع ش.
(قَوْلُهُ: وَخَمْرٍ مُحْتَرَمَةٍ) بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُحْتَرَمَةِ، وَالْخِنْزِيرِ مَا لَمْ يَكُنْ مِنْ ذِمِّيٍّ يُقَرُّ عَلَيْهِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ الْآتِي ح ل (قَوْلُهُ: وَضَمَانُ مُتَمَوَّلٍ) بِفَتْحِ الْوَاوِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْمِصْبَاحِ وَقَوْلُهُ تَلِفَ أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ التَّلَفُ مُسْتَنِدًا لِفِعْلِ الْمَالِكِ فَفِي ع ش عَلَى م ر فَرْعٌ فِي فَتَاوَى السُّيُوطِيّ مَا نَصُّهُ: مَسْأَلَةٌ سَيِّدٌ قَطَعَ يَدَ عَبْدِهِ ثُمَّ غَصَبَهُ غَاصِبٌ فَمَاتَ بِالسِّرَايَةِ عِنْدَهُ فَمَاذَا يَلْزَمُ الْغَاصِبَ؟ . الْجَوَابُ مُقْتَضَى الْقَوَاعِدِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ هَلَاكَهُ مُسْتَنِدٌ لِسَبَبٍ مُتَقَدِّمٍ عَلَى الْغَصْبِ سم عَلَى حَجّ أَيْ وَمَا لَمْ يَكُنْ التَّلَفُ بِفِعْلِ الْمَالِكِ كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِ الْمَتْنِ فَلَوْ قَدَّمَهُ لِمَالِكِهِ فَأَكَلَهُ بَرِئَ وَفِي قَوْلِ الشَّارِحِ هُنَاكَ وَلَوْ كَانَ الْمَغْصُوبُ رَقِيقًا. . . إلَخْ (قَوْلُهُ: فَلَا ضَمَانَ) حَتَّى لَوْ كَانَ صَاحِبُ الْيَدِ قَدْ تَكَلَّفَ عَلَى نَقْلِ الْجُلُودِ، وَالسِّرْجِينِ أَمْوَالًا كَثِيرَةً لَا يُؤَاخَذُ الْغَاصِبُ بِهَا بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ كَمُرْتَدٍّ) أَيْ وَزَانٍ مُحْصَنٍ وَقَاطِعِ طَرِيقٍ وَتَارِكِ صَلَاةٍ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَصَائِلٍ) وَصُورَةُ ذَلِكَ كَمَا صَوَّرَهُ سم أَنْ يَغْصِبَهُ حَالَ صِيَالِهِ، وَالْحَالُ أَنَّ الْغَصْبَ مِنْ ضَرُورَةِ الدَّفْعِ وَيَتْلَفُ حَالَ صِيَالِهِ وَإِلَّا فَهُوَ مُشْكِلٌ فِي التَّصْوِيرِ لِأَنَّهُ إذَا غَصَبَ وَصَالَ عَلَى سَيِّدِهِ وَتَلِفَ ضَمِنَهُ الْغَاصِبُ فَإِذَا صَالَ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ كَانَ مِنْ بَابِ أَوْلَى فِي الضَّمَانِ وَكَذَا يُقَالُ فِي الْمُرْتَدِّ بِأَنْ يَغْصِبَهُ فِي حَالَ الرِّدَّةِ وَيَمُوتَ فِيهَا وَإِلَّا فَعُرُوضُ الرِّدَّةِ لَا يَقْطَعُ حُكْمَ الْغَصْبِ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ كَحَرْبِيٍّ) لَعَلَّ الْكَافَ اسْتِقْصَائِيَّةٌ
(قَوْلُهُ: وَفِيمَا يَأْتِي) وَهُوَ الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ كَمَا لَوْ أَتْلَفَهُ بِيَدِ مَالِكِهِ (قَوْلُهُ وَاسْتَطْرَدُوا هُنَا. . . إلَخْ) الِاسْتِطْرَادُ ذِكْرُ الشَّيْءِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ مَعَ
فِيهَا الضَّمَانُ بِلَا غَصْبٍ بِمُبَاشَرَةٍ أَوْ سَبَبٍ فَتَبِعْتُهُمْ كَالْأَصْلِ بِقَوْلِي (كَمَا لَوْ أَتْلَفَهُ) أَيْ أَتْلَفَ شَخْصٌ مُتَمَوَّلًا (بِيَدِ مَالِكِهِ أَوْ فَتَحَ زِقًّا مَطْرُوحًا) عَلَى أَرْضٍ (فَخَرَجَ مَا فِيهِ بِالْفَتْحِ) وَتَلِفَ (أَوْ مَنْصُوبًا فَسَقَطَ بِهِ وَخَرَجَ مَا فِيهِ) بِذَلِكَ وَتَلِفَ (أَوْ) فَتَحَ (بَابًا عَنْ غَيْرِ مُمَيِّزٍ كَطَيْرٍ) وَعَبْدٍ مَجْنُونٍ وَهَذَا أَعَمُّ وَأَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ فَتَحَ قَفَصًا عَلَى طَائِرٍ إلَى آخِرِهِ (فَذَهَبَ حَالًا) وَإِنْ لَمْ يُهَيِّجْهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ؛ لِأَنَّ الْإِتْلَافَ بِفِعْلِهِ وَخُرُوجُ ذَلِكَ الْمُؤَدِّي إلَى ضَيَاعِهِ نَاشِئٌ عَنْ فِعْلِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ الْمُتْلَفُ غَيْرَ مُتَمَوَّلٍ سَوَاءٌ أَكَانَ مَالًا كَحَبَّةِ بُرٍّ أَمْ لَا كَكَلْبٍ وَزِبْلٍ وَمِثْلُهُ غَيْرُ الْمُحْتَرَمِ وَمَا لَوْ كَانَ الْفَاعِلُ غَيْرَ أَهْلٍ لِلضَّمَانِ نَظِيرُ مَا مَرَّ وَبِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ مَا فِي الزِّقِّ الْمَطْرُوحِ أَوْ الْمَنْصُوبِ جَامِدًا وَخَرَجَ بِتَقْرِيبِ نَارٍ إلَيْهِ فَالضَّمَانُ عَلَى الْمُقَرِّبِ وَبِخِلَافِ مَا لَوْ سَقَطَ الزِّقُّ بِعُرُوضِ رِيحٍ أَوْ نَحْوِهِ فَخَرَجَ مَا فِيهِ وَفُرِّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا لَوْ طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ فَأَذَابَتْهُ وَخَرَجَ حَيْثُ يَضْمَنُهُ الْفَاتِحُ بِأَنَّ طُلُوعَ الشَّمْسِ مُحَقَّقٌ فَقَدْ يَقْصِدْهُ الْفَاتِحِ وَلَا كَذَلِكَ الرِّيحُ وَبِخِلَافِ مَا لَوْ مَكَثَ غَيْرُ الْمُمَيِّزِ ثُمَّ ذَهَبَ
ــ
[حاشية البجيرمي]
غَيْرِهِ لِمُنَاسَبَةٍ بَيْنَهُمَا فَمَحَلُّهَا فِي الْجِنَايَاتِ وَمُنَاسَبَتُهَا لِلْغَصْبِ مِنْ حَيْثُ الضَّمَانُ اهـ. ق ل (قَوْلُهُ: بِمُبَاشَرَةٍ) وَهِيَ مَا تُحَصِّلُ الْهَلَاكَ كَالْقَتْلِ؟ أَوْ بِسَبَبٍ وَهُوَ مَا يُحَصِّلُ مَا يَحْصُلُ بِهِ كَالْإِكْرَاهِ وَفَتْحِ الْبَابِ مِنْ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ. فَإِنْ قُلْت بَقِيَ عَلَيْهِ أَنْ يَذْكُرَ الشَّرْطَ وَهُوَ مَا لَا يُحَصِّلُهُمَا لَكِنْ يَحْصُلُ بِهِ الْهَلَاكُ كَحَفْرِ الْبِئْرِ عُدْوَانًا قُلْت أَرَادَ بِالسَّبَبِ مَا يَشْمَلُ الشَّرْطَ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِمْ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ أَيْ أَتْلَفَ شَخْصٌ) أَيْ أَهْلٌ لِلضَّمَانِ وَقَوْلُهُ مُتَمَوَّلًا أَيْ مُحْتَرَمًا فَهَذَانِ الْقَيْدَانِ مُقَدَّرَانِ هُنَا أَيْضًا فَالضَّمِيرُ الْمُسْتَتِرُ عَائِدٌ عَلَى الشَّخْصِ بِقَيْدِهِ الْمُقَدَّرِ فِيمَا سَبَقَ فَالِاحْتِرَازُ عَنْ الْحَرْبِيِّ وَعَنْ غَيْرِ الْمُحْتَرَمِ مُسْتَفَادٌ مِنْ الْمَتْنِ وَإِنْ كَانَ قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ غَيْرُ الْمُحْتَرَمِ. . . إلَخْ يُوهِمُ أَنَّ هَذَا زَائِدٌ عَلَى الْمَتْنِ اهـ.
(قَوْلُهُ: زِقًّا) بِكَسْرِ الزَّاي وَهُوَ السِّقَاءُ اهـ. م ر (قَوْلُهُ فَسَقَطَ بِهِ) أَيْ بِالْفَتْحِ أَيْ بِأَنْ حَرَّكَ الْوِكَاءَ وَجَذَبَهُ حَتَّى أَفْضَى لِلسُّقُوطِ وَلَوْ بِحَضْرَةِ مَالِكِهِ وَتَمَكُّنِهِ مِنْ تَدَارُكِهِ كَمَا لَوْ رَآهُ يَقْتُلُ قِنَّهُ فَلَمْ يَمْنَعْهُ ح ل (قَوْلُهُ: أَوْ فَتَحَ بَابًا عَنْ غَيْرِ مُمَيِّزٍ) وَلَوْ بِحَضْرَةِ مَالِكِهِ وَقُدْرَتِهِ عَلَى دَفْعِهِ وَمِثْلُهُ حَلُّ رِبَاطِ الْبَهِيمَةِ وَلَا يَضْمَنُ مَا أَتْلَفَتْهُ م ر وَدَعْوَى أَنَّ السَّبَبَ يَسْقُطُ حُكْمُهُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى مَنْعِهِ بِخِلَافِ الْمُبَاشَرَةِ مَمْنُوعَةٌ كَمَا قَالَهُ م ر فِي شَرْحِهِ قَالَ ق ل: وَهَلْ الضَّمَانُ هُنَا بِقِيمَةِ وَقْتِ السَّبَبِ كَالْفَتْحِ أَوْ بِوَقْتِ التَّلَفِ أَوْ تَحَقُّقِ الْفِعْلِ أَوْ أَقْصَى الْقِيَمِ؟ يَظْهَرُ الْأَخِيرُ وَهُوَ أَقْصَى الْقِيَمِ إلَّا لِمَا تَلِفَ فِي يَدِ مَالِكِهِ فَبِوَقْتِ تَلَفِهِ فَرَاجِعْهُ اهـ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا أَعَمُّ) وَجْهُ الْأَعَمِّيَّةِ ظَاهِرٌ بِبَيَانِهِ وَأَمَّا وَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ فَمِنْ جِهَةِ تَعْبِيرِ الْأَصْلِ بِطَائِرٍ إذْ هُوَ يُوهِمُ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُهُ إلَّا إنْ فَتَحَ وَهُوَ طَائِرٌ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مُسْتَقِرًّا وَطَارَ عِنْدَ الْفَتْحِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَيُجَابُ عَنْ الْأَصْلِ بِأَنَّ طَائِرًا مُفْرَدُ طَيْرٍ لَا اسْمُ فَاعِلٍ فَلَا أَوْلَوِيَّةَ س ل وَقَدْ قَالَ جُمْهُورُ اللُّغَوِيِّينَ: إنَّ الطَّائِرَ مُفْرَدٌ، وَالطَّيْرُ جَمْعُهُ كَرَكْبٍ وَرَاكِبٍ فَانْدَفَعَ قَوْلُ مَنْ قَالَ: إنَّ الْأَوْلَى طَيْرٌ لَا طَائِرٌ لِأَنَّهُ فِي الْقَفَصِ لَا يَطِيرُ انْتَهَى لَكِنَّ الشَّارِحَ لَمْ يَنْظُرْ لِذَلِكَ فَادَّعَى الْأَوْلَوِيَّةَ اط ف قَالَ الْعَلَّامَةُ ز ي وَيَضْمَنُ لِفَتْحِ كُلِّ مَا يَعْقُبُهُ مِمَّا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ وَثَبَتَ هِرَّةٌ حَالَ الْفَتْحِ وَدَخَلَتْ وَقَتَلَتْ الطَّائِرَ أَوْ اضْطَرَبَ الْقَفَصُ حَالَ الْخُرُوجِ وَسَقَطَ فَانْكَسَرَ أَوْ كَسَرَ الطَّائِرُ حَالَ خُرُوجِهِ قَارُورَةً لَكِنْ قَيَّدَ الْأَذْرَعِيُّ مَسْأَلَةَ الْهِرَّةِ بِمَا إذَا كَانَتْ حَاضِرَةً وَعَلِمَ بِهَا الْفَاتِحُ وَإِلَّا فَهِيَ كَعُرُوضِ الرِّيحِ بَعْدَ فَتْحِ الزِّقِّ وَهُوَ مُتَّجَهٌ
(قَوْلُهُ: فَذَهَبَ حَالًا) أَوْ كَانَ آخِرَ الْقَفَصِ فَمَشَى عَقِبَ الْفَتْحِ قَلِيلًا حَتَّى طَارَ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي قَالَ أَوْ كَانَ الْقَفَصُ مَفْتُوحًا فَمَشَى إنْسَانٌ عَلَى بَابِهِ فَفَزِعَ الطَّائِرُ وَخَرَجَ وَلَوْ اخْتَلَفَ الْمَالِكُ، وَالْفَاتِحُ بِأَنَّهُ خَرَجَ عَقِبَ الْفَتْحِ أَوْ تَرَاخَى عَنْهُ فَيَنْبَغِي تَصْدِيقُ الْفَاتِحِ إذْ الْأَصْلُ عَدَمُ الضَّمَانِ م ر (قَوْلُهُ حَالًا) قَدْ يُقَالُ لَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ حَالًا لِأَنَّهُ يُغْنِي عَنْهُ الْفَاءُ الدَّالَّةُ عَلَى التَّعْقِيبِ لَكِنَّهُ تَصْرِيحٌ بِمَا عَلِمَ وَلَا مَحْذُورَ فِيهِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ) أَيْ بِأَقْصَى الْقِيَمِ مِنْ وَقْتِ الطَّيَرَانِ إلَى التَّلَفِ ع ش وَتَقَدَّمَ عَنْ ق ل (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْإِتْلَافَ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ كَمَا لَوْ أَتْلَفَهُ وَقَوْلُهُ وَخُرُوجُ. . . إلَخْ عِلَّةٌ لِمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَخُرُوجُ ذَلِكَ) أَيْ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ وَقَوْلُهُ الْمُؤَدِّي صِفَةٌ لِخُرُوجِ (قَوْلُهُ: غَيْرَ مُتَمَوَّلٍ) هَذِهِ خَرَجَتْ بِالْهَاءِ الرَّاجِعَةِ لِلْمُتَمَوَّلِ فِي قَوْلِهِ أَتْلَفَهُ (قَوْلُهُ: مَا فِي الزِّقِّ الْمَطْرُوحِ. . . إلَخْ) هَذَا خَرَجَ بِقَوْلِهِ فَخَرَجَ مَا فِيهِ بِالْفَتْحِ (قَوْلُهُ وَبِخِلَافِ مَا لَوْ سَقَطَ الزِّقُّ. . . إلَخْ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ فَسَقَطَ بِهِ أَيْ بِالْفَتْحِ وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِسَبَبِ السُّقُوطِ فَفِي الشَّامِلِ، وَالْبَحْرِ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ بِسَبَبٍ عَارِضٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ حَلَّ رِبَاطَ السَّفِينَةِ فَغَرِقَتْ وَلَمْ يَعْلَمْ سَبَبَ غَرَقِهَا فَإِنَّهُ يَضْمَنُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ مَعْدِنُ غَرَقِ السَّفِينَةِ بِرْمَاوِيٌّ وز ي وح ل (قَوْلُهُ: بِعُرُوضِ رِيحٍ) بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَتْ الرِّيحُ حَالَ الْفَتْحِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ ز ي (قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوِهِ) كَزَلْزَلَةٍ وَوُقُوعِ طَائِرٍ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: مَا لَوْ طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ) مِثْلُ طُلُوعِهَا فِعْلُ غَيْرِ الْعَاقِلِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: بِأَنَّ طُلُوعَ الشَّمْسِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي بِلَادٍ بَارِدَةٍ أَوْ كَانَ هُنَاكَ غَيْمٌ يَمْنَعُ طُلُوعَهَا لَا ضَمَانَ ع ش
فَلَا يَضْمَنُهُ الْفَاتِحُ؛ لِأَنَّ ضَيَاعَهُ لَمْ يَنْشَأْ عَنْ فِعْلِهِ؛ لِأَنَّ ذَهَابَهُ بَعْدَ مُكْثِهِ يُشْعِرُ بِاخْتِيَارِهِ.
(وَضَمِنَ آخِذُ مَغْصُوبٍ) مِنْ الْغَاصِبِ وَإِنْ جَهِلَ الْغَصْبَ وَكَانَتْ يَدُهُ أَمِينَةً تَبَعًا لِأَصْلِهِ، وَالْجَهْلُ وَإِنْ أَسْقَطَ الْإِثْمَ لَا يُسْقِطُ الضَّمَانَ نَعَمْ لَا ضَمَانَ عَلَى الْحَاكِمِ وَنَائِبِهِ إذَا أَخَذَهُ لِمَصْلَحَةٍ وَلَا عَلَى مَنْ انْتَزَعَهُ لِيَرُدَّهُ عَلَى مَالِكِهِ إنْ كَانَ الْغَاصِبُ حَرْبِيًّا أَوْ عَبْدًا لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَلَا عَلَى مَنْ تَزَوَّجَ الْمَغْصُوبَةَ مِنْ الْغَاصِبِ جَاهِلًا بِالْحَالِ (وَالْقَرَارُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى آخِذِهِ (إنْ تَلِفَ عِنْدَهُ) كَغَاصِبٍ مِنْ غَاصِبٍ فَيُطَالَبُ بِكُلِّ مَا يُطَالَبُ بِهِ الْأَوَّلُ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْأَوَّلِ إنْ غَرِمَ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ الْأَوَّلُ إنْ غَرِمَ إلَّا إذَا كَانَتْ الْقِيمَةُ فِي يَدِ الْأَوَّلِ أَكْثَرَ فَيُطَالَبُ بِالزَّائِدِ الْأَوَّلُ فَقَطْ (إلَّا إنْ جَهِلَ) الْحَالَ (وَيَدُهُ) فِي أَصْلِهَا (أَمِينَةٌ بِلَا اتِّهَابٍ كَوَدِيعَةٍ) وَقِرَاضٍ (فَعَكْسُهُ) أَيْ فَالْقَرَارُ عَلَى الْغَاصِبِ لَا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ يَدَهُ نَائِبَةٌ عَنْ يَدِ الْغَاصِبِ فَإِنْ غَرِمَ الْغَاصِبُ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ وَإِنْ غَرِمَ هُوَ رَجَعَ عَلَى الْغَاصِبِ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ صَالَ الْمَغْصُوبُ عَلَى شَخْصٍ فَأَتْلَفَهُ وَخَرَجَ بِزِيَادَتِي بِلَا اتِّهَابٍ الْمُتَّهِبُ
ــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ: وَإِنْ جَهِلَ الْغَصْبَ وَكَانَتْ يَدُهُ أَمِينَةً) أَيْ وَسَوَاءٌ تَلِفَ عِنْدَهُ أَمْ عِنْدَ الْغَاصِبِ فَكَانَ عَلَيْهِ التَّعْمِيمُ بِهَذَا أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالضَّمَانِ الْمُطَالَبَةُ وَكُلُّ مَنْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ يُطَالَبُ بِهِ وَإِنْ تَلِفَ عِنْدَ غَيْرِهِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ لِمَصْلَحَةٍ) كَرَدِّهِ عَلَى مَالِكِهِ الْغَائِبِ مَثَلًا.
(قَوْلُهُ: إنْ كَانَ الْغَاصِبُ حَرْبِيًّا أَوْ عَبْدًا. . . إلَخْ) أَيْ لَا غَيْرَهُمَا وَإِنْ كَانَ مُعَرَّضًا لِلضَّيَاعِ خِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ فِيمَا إذَا كَانَ مُعَرَّضًا لِلضَّيَاعِ كَمَا فِي س ل أَيْ فَإِنَّ الْآخِذَ مِنْ غَيْرِهِمَا يَضْمَنُ كَمَا فِي شَرْحِ م ر قَالَ ع ش عَلَيْهِ قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ مَعْرُوضًا لِلتَّلَفِ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ وَجَدَ مَتَاعًا مَعَ سَارِقٍ أَوْ مُنْتَهِبٍ وَعَلِمَ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَأْخُذْهُ مِنْهُ ضَاعَ عَلَى صَاحِبِهِ لِعَدَمِ مَعْرِفَتِهِ لِلْآخِذِ فَأَخَذَهُ مِنْهُ لِيَرُدَّهُ عَلَى صَاحِبِهِ وَلَوْ بِصُورَةِ شِرَاءٍ أَنَّهُ يَضْمَنُهُ حَتَّى لَوْ تَلِفَ فِي يَدِهِ بِلَا تَقْصِيرٍ غَرِمَ بَدَلَهُ لِصَاحِبِهِ وَلَا رُجُوعَ لَهُ بِمَا غَرِمَهُ فِي اسْتِخْلَاصِهِ عَلَى مَالِكِهِ لِعَدَمِ إذْنِهِ لَهُ فِي ذَلِكَ وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ حَيْثُ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ عَدَمُ مَعْرِفَةِ مَالِكِهِ لَوْ بَقِيَ بِيَدِ السَّارِقِ فَإِنَّ مَا ذَكَرَ طَرِيقٌ لِحِفْظِ مَالِ الْمَالِكِ وَهُوَ لَا يَرْضَى بِضَيَاعِهِ انْتَهَى بِحُرُوفِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا عَلَى مَنْ تَزَوَّجَ الْمَغْصُوبَةَ. . . إلَخْ) ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَةَ مِنْ حَيْثُ هِيَ زَوْجَةٌ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ يَدِ الزَّوْجِ وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً، وَالْكَلَامُ حَيْثُ تَلِفَتْ بِغَيْرِ وِلَادَةٍ وَإِلَّا فَيَضْمَنُهَا كَمَا لَوْ أَوْلَدَ أَمَةَ غَيْرِهِ بِشُبْهَةٍ وَمَاتَتْ بِالْوِلَادَةِ حَيْثُ يَضْمَنُهَا ح ل وسم وَلَعَلَّ صُورَةَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَكُونَ مَالِكُهَا وَكَّلَهُ فِي تَزْوِيجِهَا فَغَصَبَهَا ثُمَّ زَوَّجَهَا فَيُقَالُ إنَّ الزَّوْجَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ آخِذٌ لِلْمَغْصُوبِ مِنْ الْغَاصِبِ وَمَعَ ذَلِكَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَالْقَرَارُ عَلَيْهِ) أَيْ إنْ كَانَ أَهْلًا لِلضَّمَانِ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: كَغَاصِبٍ مِنْ غَاصِبٍ) اُنْظُرْ هَذَا التَّنْظِيرَ فَإِنَّهُ دَاخِلٌ فِي الْمَتْنِ حَيْثُ قَالَ الشَّارِحُ بَعْدَهُ: وَإِنْ جَهِلَ الْغَصْبَ أَيْ سَوَاءٌ عَلِمَهُ أَوْ جَهِلَهُ تَأَمَّلْ وَقَوْلُهُ فَيُطَالَبُ. . . إلَخْ تَفْرِيعٌ عَلَى الْمَسْأَلَتَيْنِ أَيْ عَلَى قَوْلِهِ وَضَمِنَ آخِذُ مَغْصُوبٍ وَقَوْلُهُ وَالْقَرَارُ عَلَيْهِ فَفَرَّعَ عَلَى الْأَوَّلِ قَوْلَهُ فَيُطَالَبُ بِكُلِّ مَا يُطَالَبُ بِهِ الْأَوَّلُ وَعَلَى الثَّانِي قَوْلُهُ: وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْأَوَّلِ إنْ غَرِمَ. . . إلَخْ (قَوْلُهُ: وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ الْأَوَّلُ) لِأَنَّهُ كَالضَّامِنِ وَمِنْ ثَمَّ يَبْرَأُ بِإِبْرَاءِ الْمَالِكِ لِلثَّانِي مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ ح ل
(قَوْلُهُ: إلَّا إذَا كَانَتْ الْقِيمَةُ) مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ بِكُلِّ مَا يُطَالَبُ بِهِ الْأَوَّلُ كَمَا فِي شَرْحِ م ر وَمِنْ قَوْلِهِ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ الْأَوَّلُ إنْ غَرِمَ فَكَانَ عَلَى الشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ فَيُطَالَبُ بِالزَّائِدِ الْأَوَّلُ فَقَطْ وَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الثَّانِي (قَوْلُهُ: فَيُطَالَبُ بِالزَّائِدِ الْأَوَّلُ فَقَطْ) وَأَمَّا قِيمَةُ يَوْمِ التَّلَفِ فَيُطَالَبُ بِهَا كُلٌّ مِنْهُمَا، وَالْقَرَارُ عَلَى الْآخِذِ ع ش (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ جَهِلَ الْحَالَ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الْعِلْمِ بِأَنْ قَالَ الْغَاصِبُ قَدْ قُلْت لَك إنَّهُ مَغْصُوبٌ فَأَنْكَرَ صُدِّقَ الْغَاصِبُ أَوْ قَالَ: عَلِمْت الْغَصْبَ مِنْ غَيْرِي صُدِّقَ الْآخِذُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَالْوَجْهُ تَصْدِيقُ الْآخِذِ مُطْلَقًا بِرْمَاوِيٌّ وز ي (قَوْلُهُ: وَيَدُهُ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ يَدَهُ فِي أَصْلِهَا أَمِينَةٌ وَخَرَجَ الْمُرْتَهِنُ؛ لِأَنَّ يَدَهُ وَإِنْ كَانَتْ أَمِينَةً لَكِنَّهَا لَيْسَتْ مُتَأَصِّلَةً فِي الْأَمَانَةِ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَهَا التَّوَثُّقُ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا أَيْ فَإِذَا كَانَ الْآخِذُ مِنْ الْغَاصِبِ مُرْتَهِنًا أَيْ أَخَذَهُ عَلَى وَجْهِ الرَّهْنِ وَتَلِفَ عِنْدَهُ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ بَدَلَهُ وَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْغَاصِبِ وَإِنْ كَانَتْ يَدُهُ أَمِينَةً لِأَنَّهَا غَيْرُ مُتَأَصِّلَةٍ فِي الْأَمَانَةِ وَقِيلَ مَعْنَى قَوْلِهِ فِي أَصْلِهَا أَيْ فِي غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ الَّتِي كَانَ الْأَخْذُ فِيهَا مِنْ الْغَاصِبِ أَمِينًا إذْ هُوَ فِي الْوَاقِعِ غَيْرُ أَمِينٍ (قَوْلُهُ: أَيْ فَالْقَرَارُ عَلَى الْغَاصِبِ) أَيْ مَا لَمْ يُقَصِّرْ الْآخِذُ مِنْهُ فِي إتْلَافِهِ وَإِلَّا كَانَ كَإِتْلَافِهِ فَالْقَرَارُ عَلَيْهِ ح ل (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ) أَيْ فِي كَوْنِ الْقَرَارِ عَلَى الْغَاصِبِ لَا الْمَصُولِ عَلَيْهِ لَكِنَّ قَضِيَّتَهُ أَنَّ الْمَصُولَ عَلَيْهِ يُطَالَبُ حِينَئِذٍ وَلَيْسَ مُرَادًا فَفِي عِبَارَةِ الشَّارِحِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ فَلْيُتَأَمَّلْ شَوْبَرِيٌّ.
وَلَعَلَّ وَجْهَ النَّظَرِ أَنَّ الْمَصُولَ عَلَيْهِ مَعْذُورٌ فِي الدَّفْعِ لِكَوْنِهِ مَأْمُورًا بِالدَّفْعِ عَنْ نَفْسِهِ كَاتِبُهُ اط ف وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ: عَلَى الشَّخْصِ وَلَوْ الْمَالِكَ وَمُقْتَضَى التَّشْبِيهِ أَنَّهُ عَلَيْهِ يَكُونُ طَرِيقًا فِي الضَّمَانِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَعِبَارَةُ ع ش قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ أَيْ فِي عَدَمِ ضَمَانِ الْمَصُولِ عَلَيْهِ اهـ. وَالضَّمِيرُ لِآخِذِ الْمَغْصُوبِ الْجَاهِلِ الَّذِي يَدُهُ أَمِينَةٌ بِتَقْدِيرِ مُضَافٍ أَيْ مِثْلُ حُكْمِهِ وَهُوَ عَدَمُ اسْتِقْرَارِ الضَّمَانِ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ هَذَا لَا يُطَالَبُ (قَوْلُهُ: فَأَتْلَفَهُ) أَيْ أَتْلَفَ الْمَصُولَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: الْمُتَّهَبِ) مُقْتَضَاهُ