الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالْخَيْلُ، وَالْبِغَالُ، وَالْحَمِيرُ، وَالْفِيلَةُ كَالنَّعَمِ فِي الْوَسْمِ وَكَالْإِبِلِ، وَالْبَقَرِ فِي مَحَلِّهِ، وَيَبْقَى النَّظَرُ فِي أَيُّهَا أَلْطَفُ وَسْمًا (وَحَرُمَ) الْوَسْمُ (فِي الْوَجْهِ) لِلنَّهْيِ عَنْهُ «؛ وَلِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم مَرَّ عَلَيْهِ حِمَارٌ وَقَدْ وُسِمَ فِي وَجْهِهِ فَقَالَ: لَعَنَ اللَّهُ الَّذِي وَسَمَهُ» رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ، وَالْوَسْمُ فِي نَعَمِ الزَّكَاةِ زَكَاةٌ، أَوْ صَدَقَةٌ، أَوْ طُهْرَةٌ، أَوْ لِلَّهِ وَهُوَ أَبْرَكُ وَأَوْلَى، وَفِي نَعَمِ الْجِزْيَةِ مِنْ الْفَيْءِ جِزْيَةٌ، أَوْ صَغَارٌ وَفِي نَعَمِ بَقِيَّةِ الْفَيْءِ فَيْءٌ
(فَصْلٌ) فِي صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ
وَهِيَ الْمُرَادَةُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ غَالِبًا، كَمَا فِي قَوْلِي (الصَّدَقَةُ سُنَّةٌ) مُؤَكَّدَةٌ؛ لِمَا وَرَدَ فِيهَا مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَقَدْ يَعْرِضُ لَهَا مَا يُحَرِّمُهَا كَأَنْ يُعْلَمَ مِنْ آخِذِهَا أَنَّهُ يَصْرِفُهَا فِي مَعْصِيَةٍ (وَتَحِلُّ لِغَنِيٍّ) بِمَالٍ، أَوْ كَسْبٍ، وَلَوْ لِذِي قُرْبَى لَا لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَفِي الصَّحِيحَيْنِ «تُصُدِّقَ اللَّيْلَةَ عَلَى غَنِيٍّ» وَيُكْرَهُ لَهُ التَّعَرُّضُ لِأَخْذِهَا، وَيُسْتَحَبُّ لَهُ التَّنَزُّهُ عَنْهَا، بَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَخْذُهَا إنْ أَظْهَرَ الْفَاقَةَ، أَوْ سَأَلَ، بَلْ يَحْرُمُ سُؤَالُهُ أَيْضًا
ــ
[حاشية البجيرمي]
بِغَيْرِ الْوَسْمِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر وَقَالَ ع ن قَوْلُهُ: فَوَسْمُهُ مُبَاحٌ أَيْ: إذَا كَانَ لِحَاجَةٍ وَإِلَّا حَرُمَ. (قَوْلُهُ وَالْخَيْلُ إلَخْ) أَيْ: إذَا كَانَتْ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتُ فِي الْفَيْءِ. (قَوْلُهُ كَالنَّعَمِ فِي الْوَسْمِ) أَيْ: فَهُوَ فِيهَا سُنَّةٌ وَقَوْلُهُ فِي مَحَلِّهِ وَهُوَ أَفْخَاذُهَا. (قَوْلُهُ وَيَبْقَى النَّظَرُ إلَخْ) لَمْ يَقُلْ: وَقَدْ بَيَّنْت ذَلِكَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَقَدْ قَالَ فِيهِ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ وَسْمَ الْحَمِيرِ أَلْطَفُ مِنْ وَسْمِ الْخَيْلِ وَوَسْمَ الْخَيْلِ أَلْطَفُ مِنْ وَسْمِ الْبِغَالِ وَوَسْمَ الْبِغَالِ أَلْطَفُ مِنْ وَسْمِ الْفِيلَةِ اهـ. ح ل.
(قَوْلُهُ: فِي أَيُّهَا أَلْطَفُ) أَيْ: فِي جَوَابِ هَذَا الِاسْتِفْهَامِ. (قَوْلُهُ: فَقَالَ لَعَنَ اللَّهُ إلَخْ) وَجَازَ لَعْنُهُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُعَيَّنٍ وَإِنَّمَا يَحْرُمُ لِمُعَيَّنٍ، وَلَوْ غَيْرَ حَيَوَانٍ كَالْجَمَادِ نَعَمْ يَجُوزُ لَعْنُ كَافِرٍ مُعَيَّنٍ بَعْدَ مَوْتِهِ، [فَائِدَتُهُ]
مِنْ خَصَائِصِهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ مَنْ شَتَمَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَوْ لَعَنَهُ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ ذَلِكَ قُرْبَةً مِنْ شَرْحُ م ر مِنْ أَوَّلِ كِتَابِ النِّكَاحِ وَقَوْلُهُ: أَوْ لَعَنَهُ بِأَنْ قَالَ لَعَنَ اللَّهُ فُلَانًا. اهـ. ع ش عَلَى م ر. وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ مَا نَصُّهُ «اللَّهُمَّ إنِّي اتَّخَذْت عِنْدَك عَهْدًا لَنْ تُخْلِفَهُ فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ فَأَيُّمَا مُؤْمِنٍ آذَيْتُهُ، أَوْ شَتَمْتُهُ، أَوْ جَلَدْته، أَوْ لَعَنْته فَاجْعَلْهَا لَهُ صَلَاةً وَزَكَاةً وَقُرْبَةً تُقَدِّسُهُ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. (قَوْلُهُ: زَكَاةً إلَخْ) أَيْ: لَفْظٌ مِنْ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ بِأَنْ يُسَمِّيَهُ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَبْرَكُ) وَلَا نَظَرَ إلَى تَمَعُّكِهَا فِي النَّجَاسَةِ ح ل وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَإِنَّمَا جَازَ مَعَ أَنَّهَا قَدْ تَتَمَرَّغُ عَلَى النَّجَاسَةِ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ التَّمْيِيزُ لَا الذِّكْرُ وَقَدْ مَرَّ أَنَّ قَصْدَ غَيْرِ الدِّرَاسَةِ بِالْقُرْآنِ يُخْرِجُهُ عَنْ حُرْمَتِهِ الْمُقْتَضِيَةِ لِحُرْمَةِ مَسِّهِ بِلَا طُهْرٍ. اهـ. وَفِيهِ أَنَّ كَوْنَ الْغَرَضِ التَّمْيِيزَ لَا يُخْرِجُ لَفْظَ الْجَلَالَةِ عَنْ كَوْنِهِ مُحْتَرَمًا تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: مِنْ الْفَيْءِ) مِنْ تَبْعِيضِيَّةٌ؛ لِأَنَّ الْجِزْيَةَ بَعْضُ الْفَيْءِ.
[فَصْلٌ فِي صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ]
. (فَصْلٌ: فِي صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ) اُسْتُشْكِلَ إضَافَةُ الصَّدَقَةِ لِلتَّطَوُّعِ فِي عِبَارَةِ الْأَصْلِ الْمُرَادِفُ لِلسُّنَّةِ وَالْإِخْبَارُ عَنْهَا بِسُنَّةٍ بِأَنَّهُ يَصِيرُ التَّقْدِيرُ صَدَقَةُ السُّنَّةِ سُنَّةٌ وَلِهَذَا عَدَلَ الْمُصَنِّفُ إلَى قَوْلِهِ: الصَّدَقَةُ سُنَّةٌ، وَأُجِيبَ عَنْ الْإِشْكَالِ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّطَوُّعِ مَعْنَاهُ اللُّغَوِيُّ وَبِالسُّنَّةِ مَعْنَاهَا الشَّرْعِيُّ ز ي وَالْمَعْنَى اللُّغَوِيُّ هُنَا مَا زَادَ عَلَى الْوَاجِبِ فَكَأَنَّهُ قَالَ صَدَقَةُ غَيْرِ الْوَاجِبِ سُنَّةٌ وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ فَيَصِيرُ الْمَعْنَى الْقَدْرُ الزَّائِدُ عَلَى الْوَاجِبِ سُنَّةٌ. (قَوْلُهُ: لِمَا وَرَدَ فِيهَا مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ) وَوَرَدَ «أَنَّ الشَّخْصَ فِي ظِلِّ صَدَقَتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُفْصَلَ بَيْنَ النَّاسِ» اهـ. (قَوْلُهُ وَتَحِلُّ لِغَنِيٍّ بِمَالٍ) أَيْ: يَكْفِيهِ الْعُمْرَ الْغَالِبَ م ر خِلَافًا لِمَنْ قَالَ هُوَ مَنْ مَلَكَ مَا يَفْضُلُ عَنْ كِفَايَةِ يَوْمِهِ وَلَيْلَتِهِ لَهُ وَلِمُمَوَّنِهِ وَهُوَ حَجّ ح ل وَالْمُرَادُ بِحِلِّهَا لَهُ سَنُّهَا، أَوْ الْمُرَادُ يَحِلُّ لَهُ أَخْذُهَا لِخَبَرِ «فِي كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ» اهـ. شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: تُصُدِّقَ اللَّيْلَةَ) وَالْمُتَصَدِّقُ أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - ب ر تَمَامُهُ كَمَا فِي م ر «فَلَعَلَّهُ أَنْ يَعْتَبِرَ فَيُنْفِقَ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ» . (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ لَهُ التَّعَرُّضُ لِأَخْذِهَا) وَإِنْ لَمْ يَكْفِهِ مَالُهُ، أَوْ كَسْبُهُ إلَّا يَوْمًا وَلَيْلَةً وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ الِاعْتِبَارِ بِكَسْبٍ حَرَامٍ، أَوْ غَيْرِ لَائِقٍ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: بَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَخْذُهَا) وَمَعَ حُرْمَةِ الْأَخْذِ حِينَئِذٍ يَمْلِكُ الْمَدْفُوعَ إلَيْهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ م ر سم عَلَى حَجّ وَقَوْلُ سم يَمْلِكُ الْمَدْفُوعَ إلَيْهِ أَيْ: فِيمَا لَوْ سَأَلَ أَمَّا لَوْ أَظْهَرَ الْفَاقَةَ وَظَنَّهُ الدَّافِعُ مُتَّصِفًا بِهَا لَمْ يَمْلِكْ مَا أَخَذَهُ؛ لِأَنَّهُ قَبَضَهُ مِنْ غَيْرِ رِضَا صَاحِبِهِ؛ إذْ لَمْ يَسْمَحْ لَهُ إلَّا عَلَى ظَنِّ الْفَاقَةِ اهـ. ع ش عَلَى م ر وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ وَمَنْ أُعْطِيَ عَلَى ظَنِّ صِفَةٍ وَهُوَ فِي الْبَاطِنِ بِخِلَافِهَا، وَلَوْ عُلِمَ لَمْ يُعْطَ لَا يَمْلِكُ مَا يَأْخُذُهُ وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي سَائِرِ عُقُودِ التَّبَرُّعِ اهـ. وَكَذَا لَوْ أُعْطِيَ حَيَاءً، أَوْ لِخَوْفٍ لَا يَمْلِكُهُ الْآخِذُ وَمِثْلُهُ م ر.
(قَوْلُهُ: إنْ أَظْهَرَ الْفَاقَةَ) كَأَنْ يَقُولَ لَيْسَ عِنْدِي شَيْءٌ أَتَقَوَّتُ بِهِ، أَوْ لَمْ آكُلْ اللَّيْلَةَ شَيْئًا لِعَدَمِ وُجُودِ شَيْءٍ عِنْدِي ح ل وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ إنْ أَظْهَرَ الْفَاقَةَ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ السُّؤَالُ لِمَنْ يَعْرِفُ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: أَوْ سَأَلَ) ، وَلَوْ بِلِسَانِ حَالِهِ ب ر. (قَوْلُهُ بَلْ يَحْرُمُ سُؤَالُهُ) وَاسْتَثْنَى فِي الْإِحْيَاءِ مِنْ تَحْرِيمِ سُؤَالِ الْقَادِرِ عَلَى الْكَسْبِ مَا لَوْ كَانَ
(وَكَافِرٍ) فَفِي الصَّحِيحَيْنِ «فِي كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ» (وَدَفْعُهَا سِرًّا وَفِي رَمَضَانَ وَلِنَحْوِ قَرِيبٍ) كَزَوْجَةٍ وَصَدِيقٍ (فَجَارٍ) أَقْرَبَ فَأَقْرَبَ (أَفْضَلُ) مِنْ دَفْعِهَا جَهْرًا وَفِي غَيْرِ رَمَضَانَ وَلِغَيْرِ نَحْوِ قَرِيبٍ وَغَيْرِ جَارٍ؛ لِمَا وَرَدَ فِي ذَلِكَ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ. وَنَحْوٍ مِنْ زِيَادَتِي وَتَعْبِيرِي فِي الْجَارِ بِالْفَاءِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ فِيهِ بِالْوَاوِ؛ لِيُفِيدَ أَنَّ الصَّدَقَةَ عَلَى نَحْوِ الْقَرِيبِ، وَإِنْ بَعُدَتْ دَارُهُ أَيْ: بُعْدًا لَا يَمْنَعُ نَقْلَ الزَّكَاةِ أَفْضَلُ مِنْ الصَّدَقَةِ عَلَى الْجَارِ الْأَجْنَبِيِّ، وَسَوَاءٌ فِي الْقَرِيبِ أَلَزِمَتْ الدَّافِعَ مُؤْنَتَهُ أَمْ لَا، كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ، أَمَّا الزَّكَاةُ فَإِظْهَارُهَا أَفْضَلُ بِالْإِجْمَاعِ، كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَخَصَّهُ الْمَاوَرْدِيُّ بِالْمَالِ الظَّاهِرِ، أَمَّا الْبَاطِنِ فَإِخْفَاءُ زَكَاتِهِ أَفْضَلُ. وَيُسَنُّ الْإِكْثَارُ مِنْ الصَّدَقَةِ فِي رَمَضَانَ وَأَمَامَ الْحَاجَاتِ، وَعِنْدَ كُسُوفٍ، وَمَرَضٍ، وَسَفَرٍ، وَحَجٍّ، وَجِهَادٍ وَفِي أَزْمِنَةٍ وَأَمْكِنَةٍ فَاضِلَةٍ كَعَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ وَأَيَّامِ الْعِيدِ وَمَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ (وَتَحْرُمُ) الصَّدَقَةُ (بِمَا يَحْتَاجُهُ) مِنْ نَفَقَةٍ وَغَيْرِهَا (لِمُمَوَّنِهِ) مِنْ نَفْسِهِ وَغَيْرِهِ هُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ: لِنَفَقَةِ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ (أَوْ لِدَيْنٍ لَا يَظُنُّ لَهُ وَفَاءً) لَوْ تَصَدَّقَ بِهِ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمَسْنُونِ، فَإِنْ ظَنَّ وَفَاءَهُ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى فَلَا بَأْسَ بِالتَّصَدُّقِ بِهِ.
قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَقَدْ يُسْتَحَبُّ، وَخَرَجَ بِالصَّدَقَةِ الضِّيَافَةُ فَلَا يُشْتَرَطُ فِي جَوَازِهَا كَوْنُهَا فَاضِلَةً عَنْ مُؤْنَةِ مَمُونِهِ، كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ خِلَافًا؛ لِمَا فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ. وَمَا ذَكَرْته مِنْ تَحْرِيمِ الصَّدَقَةِ بِمَا يَحْتَاجُهُ لِنَفْسِهِ وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَنَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ كَثِيرِينَ مَحَلُّهُ فِيمَنْ لَمْ يَصْبِرْ أَخْذًا مِنْ جَوَابِ الْمَجْمُوعِ عَنْ حَدِيثِ الْأَنْصَارِيِّ وَامْرَأَتِهِ اللَّذَيْنِ نَزَلَ فِيهِمَا قَوْله تَعَالَى {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ} [الحشر: 9] الْآيَةَ فَمَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ مِنْ أَنَّهَا لَا تَحْرُمُ مَحَلُّهُ فِيمَنْ صَبَرَ وَعَلَى الْأَوَّلِ يُحْمَلُ مَا فِي التَّيَمُّمِ مِنْ حُرْمَةِ إيثَارِ عَطْشَانٍ عَطْشَانًا آخَرَ بِالْمَاءِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
يَسْتَغْرِقُ الْوَقْتَ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ وَفِيهِ أَيْضًا سُؤَالُ الْغَنِيِّ حَرَامٌ إنْ وَجَدَ مَا يَكْفِيهِ هُوَ وَمُمَوَّنُهُ يَوْمَهُمْ وَلَيْلَتَهُمْ وَسُتْرَتَهُمْ وَآنِيَةً يَحْتَاجُونَ إلَيْهَا. وَالْأَوْجَهُ جَوَازُ سُؤَالِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ بَعْدَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ إنْ كَانَ السُّؤَالُ عِنْدَ نَفَادِ ذَلِكَ غَيْرَ مُتَيَسَّرٍ وَإِلَّا امْتَنَعَ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ وَكَافِرٍ) وَلَوْ حَرْبِيًّا إنْ رُجِيَ إسْلَامُهُ، أَوْ كَانَ فِي أَيْدِينَا، أَوْ قَرِيبًا وَإِلَّا امْتَنَعَ ح ل. (قَوْلُهُ: رَطْبَةٍ) أَيْ: حَيَّةٍ. (قَوْلُهُ: سِرًّا) لَيْسَ الْمُرَادُ بِالسِّرِّ فِيمَا يَظْهَرُ مَا قَابَلَ الْجَهْرَ فَقَطْ بَلْ الْمُرَادُ أَنْ لَا يُعْلِمَ غَيْرَهُ بِأَنَّ هَذَا الْمَدْفُوعَ صَدَقَةٌ، حَتَّى لَوْ دَفَعَ شَخْصٌ دِينَارًا مَثَلًا وَأَفْهَمَ مَنْ حَضَرَهُ أَنَّهُ عَنْ قَرْضٍ عَلَيْهِ، أَوْ عَنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ مَثَلًا كَانَ مِنْ قَبِيلِ دَفْعِ الصَّدَقَةِ سِرًّا لَا يُقَالُ: هَذَا رُبَّمَا امْتَنَعَ لِمَا فِيهِ مِنْ الْكَذِبِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: هَذَا
لِمَصْلَحَةٍ
وَهِيَ الْبُعْدُ عَنْ الرِّيَاءِ، أَوْ نَحْوِهِ وَالْكَذِبُ قَدْ يُطْلَبُ لِحَاجَةٍ، أَوْ مَصْلَحَةٍ بَلْ قَدْ يَجِبُ لِضَرُورَةٍ اقْتَضَتْهُ ز ي وَشَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ وَفِي رَمَضَانَ) وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِذَلِكَ أَنَّ مَنْ أَرَادَ صَدَقَةً يَنْدُبُ لَهُ تَأْخِيرُهَا لِشَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ بَلْ الِاعْتِنَاءُ عِنْدَ وُجُودِ ذَلِكَ بِالْإِكْثَارِ مِنْهَا فِيهِ؛ لِأَنَّهَا أَعْظَمُ أَجْرًا وَأَكْثَرُ فَائِدَةً شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ أَفْضَلُ) إلَّا إنْ كَانَ مِمَّنْ يُقْتَدَى بِهِ وَقَصَدَ ذَلِكَ وَلَمْ يَتَأَذَّ الْآخِذُ بِإِظْهَارِ ذَلِكَ وَإِلَّا حَرُمَ كَمَا يَحْرُمُ الْمَنُّ وَلَا أَجْرَ اهـ. ح ل.
(قَوْلُهُ: أَمَّا الْبَاطِنُ) أَيْ: فِي حَقِّ الْمَالِكِ دُونَ الْإِمَامِ أَمَّا هُوَ فَيُسَنُّ لَهُ إظْهَارُهَا مُطْلَقًا ح ل (قَوْلُهُ: وَتَحْرُمُ الصَّدَقَةُ) وَكَذَا أَخْذُهَا قَالَ م ر وَمَعَ حُرْمَةِ التَّصَدُّقِ يَمْلِكُهُ الْآخِذُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. (قَوْلُهُ بِمَا يَحْتَاجُهُ) يَوْمَهُ وَلَيْلَتَهُ وَفَصْلَ كِسْوَتِهِ وَوَفَاءَ دَيْنِهِ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ الْآتِي اهـ. شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَغَيْرِهِ) وَلَوْ بَهِيمَةً. (قَوْلُهُ: أَوْ لِدَيْنٍ) أَيْ: وَهُوَ مِمَّا يُدَّخَرُ لِلدَّيْنِ عَادَةً دُونَ نَحْوِ كِسْرَةٍ وَحُزْمَةِ بَقْلٍ وَإِلَّا جَازَ وَمِثْلُ ذَلِكَ الْفِلْسُ إذَا كَانَ الدَّيْنُ دِينَارًا مَثَلًا اهـ. ح ل. (قَوْلُهُ: فَلَا يُشْتَرَطُ فِي جَوَازِهَا إلَخْ) ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الضِّيَافَةَ هُنَا كَالصَّدَقَةِ فِي التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: لِمَا فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلُهُ: لِمَا فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ قَالَ فِي الْإِيعَابِ وَهُوَ الَّذِي يَتَّجِهُ تَرْجِيحُهُ وَإِنْ مَشَى جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ عَلَى الْأَوَّلِ، نَعَمْ يَنْبَغِي أَنَّ الْمُمَوَّنَ إنْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ أَخَذَ طَعَامَهُ غَدَاءً، أَوْ عَشَاءً لَا يَحْصُلُ لَهُ مِنْهُ ضَرَرٌ أَلْبَتَّةَ وَكَانَ الضَّيْفُ مُحْتَاجًا فَحِينَئِذٍ يَتَّجِهُ تَرْجِيحُ الْأَوَّلِ وَهُوَ تَقْدِيمُ الضَّيْفِ عَلَى الْمُمَوَّنِ وَبِهَذَا ظَهَرَ لَك أَنَّهُ لَا خِلَافَ بَيْنَ الْمَجْمُوعِ وَشَرْحِ مُسْلِمٍ فَاشْتِرَاطُ الْفَضْلِ فِي تَقْدِيمِ الضَّيْفِ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا كَانُوا يَتَضَرَّرُونَ بِإِيثَارِهِ عَلَيْهِمْ، وَعَدَمُ اشْتِرَاطِهِ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَتَضَرَّرُوا بِتَقْدِيمِهِ عَلَيْهِمْ اهـ. شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: بِمَا يَحْتَاجُهُ لِنَفْسِهِ) الْأَوْلَى لِمُمَوَّنِهِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي الْمَتْنِ وَفِي ح ل قَوْلُهُ لِنَفْسِهِ وَسَكَتَ عَنْ غَيْرِهِ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إذْنِهِ زِيَادَةً عَلَى صَبْرِهِ عَلَى الْإِضَاقَةِ وَفِيهِ أَنَّ أَوْلَادَ الْأَنْصَارِيِّ لَمْ يَأْذَنُوا مَعَ عَدَمِ صَبْرِهِمْ عَلَى الْإِضَاقَةِ اهـ. وَيُجَابُ بِأَنَّهُمْ كَانُوا شَبْعَانِينَ وَأَمَرَ بِتَنْوِيمِهِمْ؛ لِأَنَّ عَادَةَ الصِّبْيَانِ أَنَّهُمْ وَإِنْ كَانُوا شِبَاعَى وَرَأَوْا الْأَكْلَ يَأْكُلُونَ كَمَا فِي الشَّبْرَخِيتِيِّ. (قَوْلُهُ فِيمَنْ لَمْ يَصْبِرْ) أَيْ: عَلَى الْإِضَاقَةِ. (قَوْلُهُ: أَخْذًا مِنْ جَوَابِ الْمَجْمُوعِ عَنْ حَدِيثِ إلَخْ) أَيْ: حَيْثُ تَصَدَّقَ بِمَا يَحْتَاجَانِ لَهُ وَجَوَابُهُ بِأَنَّهُمَا صَابِرَانِ عَلَى الْإِضَاقَةِ اهـ. وَالْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَهُوَ «أَنَّ رَجُلًا نَزَلَ بِهِ ضَيْفٌ وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ إلَّا قُوتُهُ وَقُوتُ صِبْيَانِهِ فَقَالَ لِامْرَأَتِهِ نَوِّمِي الصِّبْيَانَ وَأَطْفِئِي السِّرَاجَ وَقَرِّبِي لِلضَّيْفِ مَا عِنْدَكِ فَنَزَلَتْ الْآيَةُ» اهـ. بِرْمَاوِيٌّ وَحَيْثُ كَانَتْ الْآيَةُ نَازِلَةً فِي شَأْنِ الضَّيْفِ فَلَا يَظْهَرُ هَذَا الْأَخْذُ عَلَى طَرِيقَةِ الشَّارِحِ الْمُجَوِّزِ لِلضِّيَافَةِ بِمَا يَحْتَاجُهُ وَإِنَّمَا يَظْهَرُ عَلَى مَا فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ الْمُسَوِّي بَيْنَ الصَّدَقَةِ وَالضِّيَافَةِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْأَوَّلِ)