‌ ‌جمع التَّكسير (خ 2) * جَرَتْ عادتُهم -س (1) فمَنْ بعده- أن يتكلَّموا - حاشيتان لابن هشام على ألفية ابن مالك - جـ ٢

‌

‌جمع التَّكسير

(خ 2)

* جَرَتْ عادتُهم -س

(1)

فمَنْ بعده- أن يتكلَّموا على المفردات، فيقولون مثلًا:"فَعْل" يُجمع على كذا، و"فَعَل" على كذا، إلى آخرها، وبعضُهم يذكر الجمعَ، ثم يستوفي مثالَه من المفردات.

وقد سَلَك الناظم هذه الطريقةَ في كتبهم

(2)

، وهي عندي أحسن؛ لِطُول تلك؛ لأن بعض الجموع تكون مفرداتُه كثيرةً منتشرةً، كـ:"فِعَال"، و"أَفْعال"، وهم يرتِّبون المفردات على ترتيبها الطبيعي: الثلاثي أوَّلًا، ثم الرباعي، ثم الخماسي، والمذكر ثم المؤنث، والاسم ثم الصفة، فيحتاجون إلى ذكر الجمع مع كل مفردٍ من تلك المفردات المنتشرة، وفي ذلك تطويلٌ وبُعْدٌ عن الضبط، أما إذا عُرف في محلٍّ واحد جميعُ ما يُجمع على "أَفْعال" أو "فِعَال" أو غيرِ ذلك؛ فإنه أَخْصَرُ وأَوْفَرُ للذِّهْن، وأيضًا فسالكُ طريقةِ الناظم متمكِّن [من]

(3)

أوزان القِلَّة قبل الكثرة، كما هو القياس، بخلاف سالكِ الطريقة الأخرى

(4)

.

أَفعِلةٌ أفْعُلُ ثم فِعْلَه

…

ثُمتَ أَفعالٌ مَبَانِي قِلّه

(خ 1)

* قال أبو الفَتْح

(1)

: قرأ طَلْحةُ

(2)

: {فَالصَّوَالِحُ قَوَانِتُ حَوَافِظُ}

(3)

، وهو أَشْبهُ من قراءة التصحيح؛ لأنه ليس المراد من الثلاثة إلى العشرة فقط؛ لأن الألف والتاء للقِلَّة كالألف والنون والياء والنون في التثنية، هذا الأصلُ، غيرَ أنه قد جاء مع الكثرة، نحو:{إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ} الآيةَ

(4)

، والغرضُ الكثرة.

وكان أبو عَلِيٍّ

(5)

يُنكِر الحكايةَ المرويَّةَ

(6)

أن حَسَّانَ عَرَضَ شِعْره على النَّابِغة، فقال له عند قوله:

لَنَا الجَفَنَاتُ الغُرُّ يَلْمَعْنَ بِالضُّحَى

…

وَأَسْيَافُنَا يَقْطُرْنَ مِنْ نَجْدَةٍ دَمَا

(7)

:

قَلَّلتَ جِفَانَك وسيوفَك، ويقول: هذا خبرٌ مجهولٌ، لا أصلَ له؛ لأن الله تعالى يقول:{وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ}

(8)

.

وعِلَّةُ ذلك عندي: أنه كَثُر مجيء المفرد مرادًا به الجمعُ جنسًا، نحو: أَهْلَكَ الناسَ الدينارُ والدرهمُ، و: ذَهَبَ

(9)

الناس بالشاة والبعير، فلما كَثُر ذلك جاؤوا في موضعه بالجمع الذي هو أقربُ الجموع إليه، وهو القليلُ، فلهذا قال: {الْغُرُفَاتِ

(10)

}، و: الجَفَنَات، وجاء في التكثير، فقال: وأسيافُنا، وقال تعالى: {تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ

تَفِيضُ}

(1)

.

ع: فُهِم من هذا الكلام: مناسبةُ جَعْلِهم جمعَ التصحيح للقِلَّة، وهو كونُه مُشْبِهًا للتثنية في سلامة نظم الواحد، وزيادةِ حرفين في آخره، أوَّلُهما حرفُ العلة

(2)

.

* قال أبو

(3)

عبدِالله الرَّازيُّ

(4)

في: {وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ}

(5)

: إنما جُمع "الفؤاد" جمعَ قِلَّةٍ؛ لأنه إنما خُلق للمعارف اليقينيَّة، وأكثرُ الخلق مشغولون بالأفعال البهيميَّة، فكأنَّ فؤادَهم ليس بفؤادٍ.

قال صاحبُ "البَحْر"

(6)

: وهو قولٌ هَذَيانيٌّ، والصوابُ قولُ الزَّمَخْشَريِّ

(7)

: إنه من جموع القِلَّة التي جَرَت مَجرى جموع الكثرة، كما قالوا: شُسُوع في جمع: شَسْع، وذلك يجري هذا المجرى، إلا أن كلام الزَّمَخْشَريِّ منتقضٌ في: شُسُوع؛ لأنهم قالوا: أَشْساع

(8)

.

وبعضُ ذِي بكَثْرة وضعًا يفي

…

كأَرْجُلٍ والعكْسُ جاء كالصُّفِي

(خ 1)

* [«كـ: الصُّفِيّ»]: في "الخَصَائِص"

(9)

: الصُّفِيُّ: جمعُ: صَفًا، جمعِ: صَفَاةٍ، لا جمعُ: صَفَاة؛ لأن "فَعَلة" لا يُكسَّر على "فُعُول"، إنما ذلك شأنُ "فَعْلة"، كـ: بَدْرة

وبُدُور، ومَأْنة ومُؤُون

(1)

، أو "فَعَل"، كـ: أَسَد وأُسُود.

ع: أو "فَعْل"، كـ: فُلُوس، وبُيُوت

(2)

.

(خ 2)

* أشار بقوله: «وَضْعًا» إلى أن مجيئه كذلك يكون بطريق الوضع، فيكون مشتركًا، لا بطريق المجاز، ونصَّ ابنُه

(3)

على جواز استعمال صِيَغِ كلٍّ من النوعين في موضع الأخرى مجازًا.

ويُمثَّل لهذا بقول دُرَيْدِ

(4)

بنِ الصِّمَّة:

تَنَادَوا وَقَالُوا: أَرْدَتِ الخَيْلُ فَارِسًا

…

فَقُلْتُ: أَعَبْدُاللهِ ذَلِكُمُ الرَّدِي؟

كَمِيشُ الإِزَارِ خَارِجٌ نِصْفُ سَاقِهِ

…

بَعِيدٌ مِنَ الآفَاتِ طَلَّاعُ أَنْجُدِ

(5)

ويروى: «صَبُورٌ عَلَى اللَأْوَاءِ»

(6)

بَدَلَ: «بَعِيدٌ مِنَ الآفَاتِ» ، قال أبو الفَتْح

(7)

: وهي

روايتُنا، قال: وهذا تكسيرٌ للقِلَّة

(1)

.

لِفَعْلٍ اسمًا صحَّ عينًا أَفْعُلُ

…

ولِلرُّباعيِّ اسْمًا ايضا يُجعلُ

(خ 1)

* [«لـ"فَعْلٍ" اسمًا صحَّ عينًا»]: سواءٌ صحَّت لامُه، نحو: كَلْب، وعَبْد، أو كانت مُضَعَّفةً، نحو: صَكّ وأَصُكّ، وبَتّ

(2)

وأَبُتّ، وضَبّ وأَضُبّ، أو اعتلَّت بكونها حرفَ علَّةٍ، نحو: ثَدْي وأَثْدٍ، وظَبْي وأَظْبٍ، ودَلْو وأَدْلٍ

(3)

.

* قال أبو البَقَاء

(4)

: لَمَّا كان "فَعْل" أخفَّ الأوزان جُمع على "أَفْعُل"؛ لأنه ثقيل بضمِّ عينِه، وزيادةِ الهمزة؛ ليتعادل المفرد والجمع.

ثم قال: والجيِّدُ: أن الجموع لا يكاد يصحُّ فيها تعليلٌ؛ لأنها من باب الوَضْع الأَوَّل، فكانت أبنيتُها كأبنية الآحاد، وتلك لا تُعلَّلُ

(5)

.

(خ 2)

* [«لـ"فَعْلٍ"»]: وشذَّ ذلك في "فِعْل"، قالوا: ذِئْب وأَذْؤُب، وفي "فِعَل"، قالوا: ضِلَع وأَضْلُع، و"فُعْل"، قال

(6)

:

وَزَحْمُ رُكْنَيْكَ شَدِيدَ الأَرْكُنِ

(7)

وقالوا: قُفْل وأَقْفُل، وفي "فَعُل"، كـ: ضَبُع، و"فَعَلة"، كـ: أَكَمة، و"فِعْلة"، كـ: نِعْمة

(1)

.

* [«صحَّ عينًا»]: ش ع

(2)

: وشذَّ: أَثْوُب، وأَسْيُف

(3)

.

* قولُه: «صحَّ لامًا

(4)

»: اشترط في "المقرَّب"

(5)

أيضًا انتفاءَ التضعيف، فخرج نحو: رَقّ، وفَذّ، وقَدّ

(6)

، وصَكّ، فعلى هذا يكون قولهم: كَفّ وأَكُفّ من الشاذ، وكذا: صَكّ وأَصُكّ.

لكنَّه بعد ذلك قال: إن "فَعْلًا" المضعَّف يُجمع في القِلَّة على "أَفْعُل"، كـ: أَصُكّ، وفي الكثير على "فِعَال" و"فُعُول"، كـ: صِكاك، وصُكُوك، فثبت أن ذلك ليس بشرط

(7)

.

* قولُه: «"أَفْعُل"» : ومن ذلك: أَيْدٍ، وأَظْبٍ؛ لأن "يَدًا" "فَعْل": يَدْيٌ، والمنقوص الذي لم يُكمَّل بالتاء تُرِد

(8)

إليه محذوفه، ثم يُجمع على قياس نظيره، ولأنه إذا أدَّى قياسٌ إلى اسمٍ معربٍ آخرُه واوٌ لازمة مضمومٌ ما قبلَها؛ رُفض ذلك.

وأما إذا كان المنقوص مكمَّلًا بالتاء فبابُه أن يُجمع للقليل بالألف والتاء، وللكثير بالواو والنون، فتقول: سَنَوات، وسِنُون، وتكسيرُه شاذٌّ، والذي سُمع منه: أَمَة وإِماء وإِمْوان وآمٍ، وبُرَة

(9)

، ولُغُة، وبُرًى، ولُغًى، وشَفَة وشِفاه. من "المقرَّب"

(10)

.

ع: ووجهُ كونِ الواو والنون للكثرة أن هذا في الحقيقة تكسيرٌ لا تصحيحٌ، وإِنْ أَشْبَهَ في اللفظ علامةَ التصحيح؛ أَلَا ترى أنه جَبْرٌ لِمَا فات الكلمة من لامها؟

(1)

* اقتصارُه في عَدِّ مفرد "أَفْعُل" على "فَعْل" اسمًا صحيحَ العين، وعلى الرباعيِّ المقيَّدِ ظاهرٌ في أنه لا ينقاس في غيرهما، ولهذا حكموا بأن "أَجْرٍ" من قوله

(2)

:

…

أَجْرٍ وَأَعْرَاسُ

(3)

على خلاف القياس.

فإن قيل: كيف ارتكبوا هذا ونصُّوا عليه مع اعترافهم بأنه سُمع في "جِرْو" الفتحُ، فهلَّا جعلواه

(4)

جمعًا له؛ ليَسْلموا مما ارتكبوه؟

فالجوابُ: أن الذي حَمَلهم على ذلك أن الكسر في "جِرْو" أفصح وأكثر من الفتح، وقد حَكَوا فيه الضمَّ أيضًا

(5)

(6)

.

إِن كان كالعَنَاقِ والذِّراعِ في

…

مَدٍّ وتأنيثٍ وعَدِّ الأحْرُف

(خ 2)

* قولُه: «وتاء

(1)

تأنيث»: وشذَّ في: طِحَال، وعِنَان

(2)

، ومَكَان، وجَنِين

(3)

.

* قولُه: «وعَدِّ الأَحْرُف» : وشذَّ في: أُنْبُوب.

وليس التأنيث مصحِّحًا لاطِّراده في "فَعَل"، كـ: قَدَم، خلافًا ليُونُسَ

(4)

، ولا في "فِعْل"، كـ: قِدْر، و"فِعَل"، كـ: قِتب

(5)

، و"فَعَل"، كـ: قَدَم، و"فُعْل"، كـ: غُول، و"فَعُل"، كـ: عَجُز، و"فُعُل"، كـ: عُنُق، خلافًا للفَرَّاء

(6)

(7)

.

وغيرُ ما أَفْعُل فيه مُطَّرِدْ

…

مِن الثُلاثِي اسما بأَفْعَالٍ يَرِد

(خ 1)

* [«وغيرُ ما "أَفْعُلُ" فيه مطَّرد»]: فأما قولهم: فَرْخ وأَفْراخ، وزَنْد وأَزْناد فإنه جاز؛ لِمُشابهة النون والراء حرفَ العلَّة، وأما: رَأْد

(8)

وأَرْآد فالهمزة أشبهُ بحروف العلَّة؛ لِمَا يقع فيها من التغيير، وقالوا: نار وأَنْوُر، قال عُمَرُ بنُ أبي رَبِيعةَ:

فَلَمَّا فَقَدتُّ الصَّوْتَ مِنْهُمْ وَأُطْفِيَتْ

…

مَصَابِيحُ شُبَّتْ بِالعَشِيِّ وَأَنْوُرُ

(1)

فجمعوا "فَعَلًا" على "أَفْعُل"، ووَجْهُه:

أنهم راعوا لفظة "نار"، وهي الآن ساكنة العين.

والثاني: أنها مؤنث، والمؤنث قد يسكَّن إذا لحقته التاء، كـ: حَلْقة وحَلَق،

…

(2)

لزوم السكون؛ للزوم تأنيثه

(3)

.

* [«بـ"أَفْعالٍ" يَرِد»]: قال

(4)

:

إِنِّي لَأَكْنِي بِأَجْبَالٍ عَنَ اجيبلِها

(5)

…

وَسَيْلِ أَوْدِيَةٍ عَنْ سَيْلِ وَادِيهَا

(6)

(7)

(خ 2)

* قولُه: «وغيرُ ما "أَفْعُلُ"» البيتَ أعمُّ من أن يكون ثبوتُ "أَفْعَال" لِمَا ذَكَر باطِّرادٍ ولزومٍ، أو كثرةٍ أو قِلَّةٍ أو ندورٍ، فالقليلُ في "فَعْل" معتلِّ العين، كـ: حالٍ، ومالٍ، والنادرُ في "فُعَل" كـ: رُطَب، واللازمُ في "فَعِل"، كـ: كَبِد، ونَمِر، والغالبُ في نحو:

مُدْي

(1)

، وظَبْي، ولَبَب

(2)

، وكَبِد، وعَضُد، وعِنَب، وطُنُب

(3)

، [و]

(4)

يحفظ في "فَعْل" صحيحِ العين، كـ: فَرْخ.

ح

(5)

: ثَبَت منه ما لا يُحصى، فلو جُعل قياسًا لكان مذهبًا حسنًا.

ع: فهذان مذهبان

(6)

.

وزعم الفَرَّاءُ

(7)

أنه مقيس فيه إن كانت فاؤه همزةً، كـ: أَنْف، أو واو، كـ: وَهْم.

ويُحفظ "أَفْعال" أيضًا في "فَعِيل" بمعنى "فاعِل"، كـ: شَرِيف، و"فَعَال"، كـ: جَبَان، و"فَعْلة"، كـ: بَيْضة، و"فُعْلة"، كـ: بُرْكة، وهو طائر من طير الماء

(8)

، وفي: شَعَفة

(9)

، وقَصَرة، وهي أصل العُنُق

(10)

، ونَمِرة

(11)

، وجِلْف

(12)

، ونِضْو

(13)

، وحُرّ، وخَلَق، وجُنُب

في لغة مَنْ جمعه، ويَقُظ

(1)

، ونَكِد، وكَؤُود

(2)

، ورقاط

(3)

، وغُثَاء، وخَرِيدة، ومَيْت، ومَيْتة، وجاهِل، ووادٍ، وذِوَطة، لضَرْبٍ من العَنَاكب يَلْسَع

(4)

، وأَغْيَد

(5)

، وقَحْطانيّ وأقاحط

(6)

، ورفيقة

(7)

(8)

.

* قولُه: «بـ"أَفْعالٍ"» : لزومًا أو غلبةً، ومِنْ ثَمَّ صحَّ استثناءُ "فُعَل" في قوله:«وغالبًا أَغْنَاهمُ» البيتَ.

وينبغي أن يقول هنا:

«وبـ"فُعُولٍ": "فَعِلٌ"، نحوُ: كَبِدْ

…

يُخَصُّ غالبًا»؛

…

...

فإنه أيضًا استثناء من القاعدة السابقة.

والحاصلُ أن كلًّا من "فُعَل" و"فَعِل" اسمين يأتي على "أَفْعال" قليلًا، نحو: رُطَب وأَرْطاب، ووَعِل وأَوْعال، وكَبِد وأَكْباد، ويأتي "فُعَل" على "فِعْلان"، كـ: صُرَد وصِرْدان، و"فَعِل" على "فُعُول"، كـ: كَبِد وكُبُود، ونَمِر ونُمُور، ومجيئُهما على غير "أَفْعال" هو الغالب فيهما

(9)

.

* مِنْ مجيء "فِعْل" على "أَفْعال": حِمْل، وعِدْل، وحِبّ.

ابنُ الشَّجَريِّ

(1)

: وليس الأَحْبابُ جمعَ: حَبِيب، كـ: شَرِيف وأَشْراف، ويَتِيم وأَيْتام؛ لأمرين:

أحدهما: أن جمع "فِعْل" على "أَفْعال" أقيسُ من جمع "فَعِيل" عليه، وأكثرُ منه.

الثاني: أنَّ: شَرِيفًا ويَتِيمًا من باب "فَعِيل" بمعنى "فاعِل"، بخلاف: حَبِيب، فإنه "فَعِيل" بمعنى "مَفْعُول"، كـ: قَتِيل، أصلُه: مَقْتُول، فقد افترقا

(2)

.

* ومِنْ

(3)

ثَمَّ خُطِّئ الفَرَّاءُ

(4)

في قوله في: أَخٍ وأَبٍ: إنهما "فَعْل": أَخْوٌ، وأَبْوٌ؛ لأنه قد جاء جمعُهما على: آخَاءٍ، وآبَاءٍ.

ومِنْ ثَمَّ اعتَذَر ابنُ مالِكٍ

(5)

عن: {ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ}

(6)

بأن "أَقْراء" شاذٌّ

(7)

.

* أربعةٌ تُجمع في القِلَّة والكثرة على "أَفْعال": "فَعُل"، كـ: عَضُد وأَعْضاد، وقد يجيء على "فِعَال"، كـ: سِبَاع، و"فِعَل"، كـ: ضِلَع، وشذَّ: أَضْلُع، وضُلُوع، و"فِعِل"، كـ: إِبِل، و"فُعُل"، كـ: عُنُق

(8)

.

* ان

(9)

ما "أَفْعُل" فيه مطرد لا يأتي على "أَفْعال"، فأما قوله تعالى:{قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ}

(10)

، وقولُه سبحانه:{فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا}

(11)

، فالمفرد: نَفَل، وشَرَط،

بفتح العين، لغةٌ في الساكنها

(1)

، قال

(2)

:

إِنَّ تَقْوَى رَبِّنَا خَيْرُ نَفَلْ

(3)

نَعَمْ، شذَّ: رَأْد وأَرْآد، وهو أصل الجنين

(4)

، وزَنْد وأَزْناد، وفَرْخ وأَفْراخ، وأَنْف وآنَاف، وحَمْل وأَحْمال، قال الله سبحانه:{وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ}

(5)

.

وعكسُ هذه: مجيء "فَعَل" على "أَفْعُل"، كـ: زَمَن وأَزْمُن، وجَبَل وأَجْبُل، قال

(6)

:

إِنِّي لَأَكْنِي بِأَجْبَالٍ عَنَ اجيبلِها

(7)

(8)

وغَالِبًا أَغناهُمُ فِعْلانُ

…

في فُعَلٍ كقولِهمْ صِرْدانُ

(خ 1)

* قال

(9)

كَأَنَّ وَحَى الصِّرْدَانِ فِي جَوْن

(1)

ضَالَةٍ

…

تَلَهْجُمُ لَحْيَيْهِ إِذَا مَا تَلَهْجَمَا

(2)

الوَحَى: الصوت

(3)

، والصُّرَد: طائر، والضَّالَة: شجرةٌ

(4)

، والتَّلَهْجُم: الاضطراب

(5)

، شَبَّه رُغَاءَ جملٍ بصوت الصِّرْدان

(6)

.

(خ 2)

* قولُه: «وغالبًا أَغْناهمُ» : ع: كأنَّ سبب ذلك أن "فُعَل" إما مقصور من "فُعَال"، كما سيأتي حكايته فيما بعدُ

(7)

، أو قريبٌ منه، و"فُعَال" يُجمع على "فِعْلان"، كـ: غُلَام وغِلْمان، وغُرَاب وغِرْبان

(8)

.

* قال ابنُه

(9)

: أما "فُعَل" فجاء بعضه على "أَفْعال"، كـ: أَرْطاب، والغالبُ مجيئُه على "فِعْلان"، كـ: صِرْدان

(10)

، ونِغْران

(11)

، وهذا قريبٌ مما قاله أبوه في "شرح الكافِية"

(12)

.

وفي "التَّبْصِرة"

(1)

للصَّيْمَري: "فُعَل" بابُه في القِلَّة والكثرة "فِعْلان"، وأكثر ما يقع في الحيوان، كـ: جُعَل، وجُرَذ، وصُرَد، وشذَّ منه: رُبَع

(2)

، ورُطَب، فجاء على "أَفْعال"، فأما "رُبَع" فجاء ذلك فيه حملًا على: جَمَل وأَجْمال؛ لأنه منه، وأما "رُطَب" فليس من هذا الباب؛ لأنه جمع: رُطَبة، كقولك: ثَمَرة وثَمَر، ولا يلزم جمعُه؛ لأنه اسم جنس.

عبدُ

(3)

اللَطِيفِ الحَرَّانيُّ

(4)

: "فُعَل" في غير الحيوان مقاربٌ له في الحيوان، أو مُسَاوٍ، فقولُ الصَّيْمَري:«أكثر ما يكون في الحيوان» يوهم خلافَ هذا، والأمر على ما قدَّمتُ.

وقال صاحبُ

(5)

"مِيزَان العَرَبية"

(6)

: رُبَّما خصُّوا نوعًا ببناءٍ، فلا يكادون يخرجون عنه، نحو: نُغَر ونِغْران، وصُرَد وصِرْدان، وإنما خصُّوه بهذا البناء؛ لأنهم جعلوه كالمخفَّف من "فُعَال"، نحو: غُرَاب، وعُقَاب.

ابنُ هِشَامٍ

(7)

: كما قالوا في "مِفْعَل": إنه مخفَّف من "مِفْعَال"، و: عَوِرَ: إنه مخفَّف من: اعْوَرَّ.

ومن "فُعَل" و"فِعْلان": خُزَز -لذَكَر الأرانب

(8)

- وخِزَّان

(9)

.

* في "شرح الغاية"

(10)

: ولا يطَّرد جمعُ قِلَّةٍ على "فُعَل"

(11)

.

في اسمٍ مُذَكَّرٍ رُباعِيٍّ بمَدّ

…

ثالثٍ افْعِلَةُ عنهم اطَّرد

(خ 1)

* قولُه: «مُذكَّر» : ومِنْ ثَمَّ استُدل على أنَّ: القَلِيب

(1)

مذكر؛ لقولهم: أَقْلِبة، وعلى

(2)

أن السماء للمطر مذكر؛ لقولهم

(3)

فيها: أَسْمِية، كذا قال بعض الكوفيين

(4)

.

أبو الحَسَن

(5)

: هو مؤنث؛ لقولهم: ما

…

(6)

قياسُه: "أَفْعُل"، كـ: أَعْنُق، وأَعْقُب، قال: وجاء عكسه: طِحَال وأَطْحُل، وجَنِين وأَجْنُن، قال رُؤْبة:

إِذَا رَمَتْ مَجْهُولَهُ بِالأَجْنُنِ

(7)

والقياس: أَجِنَّة. من "التَّكْمِلة"

(8)

(9)

.

* قولُه -رُؤْبةُ-:

…

مَجْهُولَهُ بِالأَجْنُن

فيه شذوذٌ من وجهين: جمع المذكَّر على "أَفْعُل"، وإظهار المِثْلين، كقوله

(10)

:

..................

…

الأَجْلَلِ

(1)

عبدُالقاهِر

(2)

(3)

.

* في "شرح الغاية"

(4)

: أن "فَعُولًا" في المذكر والمؤنث يأتي على "أَفْعِلة"، كـ: أَعْمِدة في المذكر، وأَقْدِمة

(5)

في المؤنث، وأن "فَعُولًا" المعتلَّ اللامِ على "أَفْعال"، كـ: فَلُوّ

(6)

وأَفْلاء، وعَدُوّ وأَعْداء، فهذان إطلاقان في كلام الناظم

(7)

.

(خ 2)

* قولُه: «في اسمٍ» : إلا إن كانت المدة واوًا في صفةِ مذكرٍ

(8)

.

* في "شرح الغاية"

(9)

أن مؤنث "فَعُول" كمذكَّره، فنحو: قَدُوم وأَقْدِمة بمنزلة: عَمُود وأَعْمِدة

(10)

.

* قولُه: «بمَدّ» : قَيَّد في "شرح الغاية"

(11)

الوزنَ بواحدٍ من خمسة: 1: قَذَال

(12)

.

2: حِمَار. 3: رَغِيف. 4: غُرَاب. 5: عَمُود.

ع: ذكر ابنُ جِنِّي

(1)

أن اليَزِيديَّ والكِسَائيَّ اختَلفا في "الشِّرَى"؛ أيمدُّ أم يُقصر؟ فمدَّه اليَزِيديُّ

(2)

، وقَصَره الكِسَائيُّ، وذلك بحَضْرة الرَّشِيد، واحتَكَموا إلى العرب، فمدُّوه، ويدل على المدِّ: أَشْرِية، كـ: سِقَاء وأَسْقِية، وفي الجملة اللغتان صحيحتان

(3)

.

والزَمْهُ في فَعالٍ او فِعَال

…

مُصَاحِبَي تضعِيفٍ او إِعلال

(خ 2)

* كما التَزموا "فِعَالًا" في نحو: طَوِيل وطَوِيلة، و"أَفْعالًا" في "فَعُول" معتلِّ اللامِ، كـ: عَدُوّ، و"أَفْعِلة" فيما ضُعِّف من "فَعَال" و"فِعَال"، نحو: جَنَان وأجننة

(4)

، وكِنَان وأَكِنَّة، قال الله تعالى:{وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ}

(5)

، زَمَخْشَريُّ

(6)

: "أَكِنَّة" جمعُ: كِنَان.

ع: فـ: كِنَان وأَكِنَّة كـ: غِطَاء وأَغْطِية، وزنًا ومعنًى، و"أَفْعِلة" في: كِنَان واجب؛ لتضعيفه، وفي باب: غِطَاء واجب؛ لاعتلاله

(7)

.

فُعْل لنحو أَحْمرٍ وحَمْرا

…

وفِعْلَةٌ جمعًا بِنَقْلٍ يُدْرا

(8)

(خ 1)

* [«"فُعْلٌ" لنحو: أَحْمَرٍ»]: يعني: و"أَفْعَل" في الألوان، فأما قولهم في جمع: أَعْزَل: عُزْل فإنما جاز مع شذوذه أنه على ضدِّه، وهو: رامِح، وإلا فـ"أَفْعَل" لا يجمع

على "فُعْل" في هذا، ونظيرُه: قولُهم: عَدُوَّة

(1)

حملًا على: صَدِيقة

(2)

(3)

.

* قولُه: «"فُعْلٌ" لنحمر

(4)

: أَحْمَرٍ وحَمْرا»: فأما قولُه

(5)

:

وَرِجَالُ مَكَّةَ مُسْنِتُونَ عِجَافُ

(6)

فجَمَعَ "أَفْعَل" على "فِعَال"؛ فشاذٌّ، وإنما قياس ذلك: عُجْف، ولكنَّه حَمَله على ضدِّه، وهو: سَمِين، فقيل: عِجَاف، كـ: سِمَان؛ لأن الأَعْجَف المَهْزُول

(7)

؛ الى

(8)

ترى إلى قوله

(9)

:

…

مِنْهَا سَمِينٌ وَأَعْجَفُ

(10)

قال المازنيُّ

(11)

: وهو شاذٌّ لا يُقاس عليه

(12)

.

* [«و"فِعْلةٌ" جمعًا بنَقْلٍ يُدْرَى»]: وكأنَّ غالبَه في "فُعَال"، كـ: غِلْمة،

…

(13)

/

كـ: غِزْلَة، /

…

(1)

/ كـ: صِبْية،

…

(2)

، و"فَعَل"، كـ: فِتْية

(3)

.

(خ 2)

* [«"فُعْلٌ"»]: تنبيهٌ: ومنه: بِيض، وعِيس

(4)

، وهِيم

(5)

؛ فإنهن "فُعْل"، ولكن قُلبت الضمة كسرةً؛ لتصح الياءُ، كما سيأتي

(6)

شرحه إن شاء الله تعالى في علم التصريف

(7)

.

* قولُه: «لنحو: أَحْمَرٍ وحَمْرا» : قال في "تَسْهِيله"

(8)

: وهو لـ"أَفْعَل" و"فَعْلاء" وصفين متقابلين، أو منفردين لِمانعٍ في الخِلْقة.

ع: نحو: آدَر

(9)

، وأَكْمَر

(10)

، وعَفْلاء

(11)

، ورَتْقاء

(12)

.

ثم قال: فإن كان المانع الاستعمالَ فـ"فُعْل" فيه محفوظ.

ع: نحو: آلَى

(13)

، وعَجْزاء

(14)

، في أشهر الاستعمالين، وقالوا: دِيمة

هَطْلاء

(1)

(2)

.

* ويُحفظ في نحو: سَقْف، ووَرْد، صفةً لفَرَسٍ، وخَوَّار

(3)

، قال

(4)

:

وَمَا انْتَمَيتُ إِلَى خُوْرٍ وَلَا كُشُفٍ

(5)

وخَوَّارة، ونَمُوم

(6)

، وبازِل

(7)

، وعائِذ، وهي الناقة القريبة العهدِ بالنِّتَاج

(8)

، وأسَد، وأَظَلٍّ، وهو باطن القدم

(9)

؛ فإنه "أَفْعَل" اسمًا لا صفةً، وبَدَنة، وناقة، وكَثُر في نحو: دار، وفَارِهٍ

(10)

، ونَدَر في: زَعْبُوب

(11)

، قالوا: زُعْب، وكان قياسه: زَعَابِيب، كـ: عَصَافير، وأن لا تُحذف الباء الثانية؛ لأنها للإلحاق بـ: عُصْفُور، وعلى هذا ينبغي حملُ قوله

(12)

في

باب الإلحاق: إن الملحَق محكوم له بحكم الملحَق به غالبًا، لا ما قال ح

(1)

(2)

.

* من كتاب "الفَسْر"

(3)

: أَغَنّ وغُنّ

(4)

.

* كان اللائقُ تقديمَ عَجُزِ هذا البيتِ على صدره؛ لوجهين

(5)

:

أحدهما: أن يتصل جمله

(6)

القِلَّة -وهو "فِعْلة"- بما قبله من جموع القِلَّة، وحينئذٍ يكمُل الكلام على جموع القِلَّة غيرَ مفصولٍ بينها بأجنبيٍّ، ثم يتكلَّم بعد ذلك على جموع الكثرة.

الثاني: أن القليل سابقٌ الكثيرَ طَبْعًا، فلْيَسْبِقْه وَضْعًا، ولهذه العلة بُدِئ بـ"أَفْعُل" و"أَفْعال" و"أَفْعِلة".

والثالث: أن يتصل "فُعْل" بـ"فُعُل"

(7)

، فإنهما متقاربان ومتآخيان من حيث إن كلًّا منهما يجوز استعمالُ الآخَر فيه، إلا أن استعمال "فُعُل" في "فُعْل" ضرورةٌ، وعكسُه على تفصيلٍ يُذكَر، ومَنْ أجاز في نحو: قُفْل: قُفُل، فينبغي له هنا أن لا يَخُصَّ ذلك بالضرورة

(8)

.

وفُعُلٌ لاسْمٍ رُبَاعِيٍّ بمدّ

…

قدْ زِيدَ قَبلَ لامٍ اعلالًا فَقَدْ

(خ 1)

* [«لاسمٍ رُبَاعيٍّ بمَدّ»]: قَذَال، وكِتَاب، وحِمَار، ورَغِيف، ورَسُول ورُسُل

(1)

.

* [«قبل لامٍ اعلالًا فَقَد»]: قال أبو عَلِيٍّ في "الحُجَّة"

(2)

: رَفَضوا جمعَ نحو: كِسَاء، وغِطَاء على "فُعْل"؛ لأنه في تقدير "فُعُل"، كـ: سَقْف وسُقُف.

ع: يعني: فيؤدِّي ذلك إلى تقدير الاستثقال أو وجودِه، ويلزم حينئذٍ إعلالٌ آخَرُ.

قال: فرَفَضوه، واقتَصَروا على أدنى العدد، كـ: أَغْطِية، وأَكْسِية، وأَخْبِية

(3)

.

ع: واعلمْ أن "فُعُلًا" إنما يجوز في "فَعْل" في جمع غيرِ "أَفْعَل": كَثِيب

(4)

، وكِتَاب، ورَسُول، فأما في "أَفْعَل" فلا، بل تقول: حُمْر، ولا يجوز: حُمُر، كأنهم أرادوا الفرق بين الجمعين.

واستدل أبو عَلِيٍّ

(5)

على أن ما كان على "فُعُل" فإنه يجوز فيه "فُعْل": كُفْء، ويُسْر؛ بأنه لَمَّا كان يحصل بتقدير "فُعُل" الثِّقَلُ رُفِض "فُعْل" في الجمع، كما ذكرناه، وهو بديع

(6)

. /

وقال في موطنٍ آخرَ من "الحُجَّة"

(7)

أيضًا: الدليلُ على أن نحو: رُسُل أصلُ: رُسْل، وأنه خُفِّف: رَفْضُهم هذا الجمعَ فيما كان حرفَ علَّةٍ، نحو: كِسَاء، ورِشَاء

(8)

، ورِدَاء، فلم يجمعوا شيئًا من هذا النوع على "فُعُل"، كما في: قَذَال، وكِتَاب، وحِمَار،

ورَغِيف، ولم يجمعوه أيضًا على التخفيف؛ لأنه إذا خفِّف والأصلُ التثقيلُ كأنَّ الحركة في حكم الثبات؛ ألا ترى أن مَنْ قال: لَقَضْوَ الرجلُ؛ لَمَّا كانت الحركة في حكم الثبات عنده لم يَرُدَّ الواوَ؟ ولَمَّا كان "فُعُل" لا يجوز في جمع "أَفْعَل"، وكان السكون فيه أصلًا لا عارضًا؛ جاز أن يُجمع عليه ما لامُه معتلةٌ، نحو:{وَمَا أَنْتَ بِهَادِي الْعُمْيِ}

(1)

.

ع: هذا معنى كلامِه بزيادةِ إيضاحٍ، وليُقَلْ أوَّلًا في السؤال: لِمَ امتنع "فُعُل" من المعتل اللامِ؟

فإنه يقال: لئلا يلزم الثقلُ.

فيقال: لو كان ذلك مانعًا لامتنع جمعُ: جِرْو على "أفْعُل".

فإن قيل: إنه بعد ذلك أُعِلَّ.

قيل: فكذا هذا. /

فيقال: لهم طريقان: تارةً يجمعوا

(2)

الشيءَ على ما يوجب النقلُ؛ لأنه قياسُ نظائرِه من الصحيح، ثم يخفِّفوه، وتارةً لا يجمعوه على ذلك، فيصير

(3)

نحوا

(4)

من أول الأمر.

فيقال: فهلَّا جمعوه على "فُعْل" بالإسكان؛ إذ كان خفيفًا؟

فيجاب ما ذَكَر أبو عَلِيٍّ.

فيقال: فهلَّا امتنع في نحو: العُمْي؟

فيجاب بالفرق

(5)

.

(خ 2)

* [«بِمَدّ»]: قال ابنُه

(1)

: فإن كانت المدة ألفًا فلا فرقَ بين كونه مذكرًا أو مؤنثًا، نحو: قَذَال، وحِمَار، وأَتَان، وذِرَاع.

ومفهومُ هذا مع عدم ذكرِه مثلَه في مسألتَيْ الواو والياء: أن المذكر والمؤنث يفترقان

(2)

.

* قولُه: «فَقَد إِعْلالًا

(3)

» مخرجٌ لنحو: كِسَاء، ورِدَاء، وصَبِيّ، ونَبِيّ.

فإن قلت: أيجوز في "فُعُل": "فُعْل"؟

قلت: هو في ذلك على ثلاثة أقسام: ما يجوز فيه، وما يجب، وما يمتنع.

فالذي يجوز فيه هو الغالب، نحو: كُتْب، ورُسْل، وسُبْل، فهذه جاز فيها التخفيف، كما جاز في: السُحُْت

(4)

، والعُنُق، بل أَوْلى؛ لأن الجمع أثقل من المفرد.

والذي يجب فيه: ما كانت عينه واوًا، نحو: سِوَار وسُوْر، وسِوَاك وسُوك، [و]

(5)

قولُه

(6)

:

وَفِي الأَكُفِّ اللَامِعَاتِ سُوْرُ

(7)

(8)

وقولُه

(1)

:

…

سوْك

(2)

الإِسْحِلِ

(3)

ضرورتان.

وكذلك عندي ما الإسكانُ فيه مُلبِس، نحو: حِمَار وحُمُر، لا يقال فيه: حُمْر؛ لئلا يلتبس بجمع: أَحْمَر، وحَمْراء.

وعكسُ هذا الفصلِ جوازُ "فُعُل" في "فُعْل"، إلا أن هذا خاص بالشعر، قال

(4)

:

وَمَا انْتَمَيْتُ إِلَى خُوْرٍ وَلَا كُشُفٍ

…

وَلَا لِئَامٍ غَدَاةَ الرَّوْعِ أَوْزَاعِ

(5)

"كُشُف" جمعُ: أَكْشَف، وهو الفارس الذي لا مِجَنَّ له

(6)

، وقولُه

(7)

:

طَوَى الجَدِيدَانِ مَا [قَدْ]

(8)

كُنْتُ أَنْشُرُهُ

…

وَأَنْكَرَتْنِي ذَوَاتُ الأَعْيُنِ النُّجُلِ

(9)

وقولُه

(10)

:

أَيُّهَا الفِتْيَانُ فِي مَجْلِسِنَا

…

جَرِّدُوا مِنْهَا وِراد

(1)

وَشُقُرْ

(2)

فإن اعتلَّت لامُه، نحو: أَعْمى وعُمْي، أو عينُه، كـ: أَبْيَض وبِيض، أو كان مضاعفًا، كـ: أَغَرّ

(3)

، وأجم

(4)

؛ لم يَجُزْ فيه الضمُّ في شعرٍ ولا غيرِه

(5)

.

ما لم يُضَاعَف في الأعمِ ذُو الألف

…

وفُعَلٌ جمعًا لِفُعْلَةٍ عُرِف

(خ 1)

* [«و"فُعَلٌ" جمعًا لـ"فُعْلةٍ"»]: قالوا: مُرَّة ومَرائِر، وحُرَّة وحَرائِر، قال السُّهَيْليُّ

(6)

: ولم يُجمع "فُعْلة" على "فَعائِل" إلا في هذين الحرفين، وإنما القياس:"فُعَل"، كـ: دُرَّة ودُرَر، ولكن الحُرَّة في معنى: الكَرِيمة والعَقِيلة، والمُرَّة في معنى: مَرِيرة؛ لأن ذلك من أفعال الطبائع، فقياسُ فِعْلِه:"فَعُلَ"، ووَصْفِه:"فَعِيل" في المذكر، و"فَعِيلة" في المؤنث

(7)

.

(خ 2)

* [«ما لم يُضَاعَفْ»]: ع: إن كان مستَنَدُ ابنِ مالِكٍ

(8)

في إثبات "عُنُن" ما في كتاب "العَيْن"

(9)

من قوله: عِنَان اللِجَام: معروفٌ، وجمعُه: عُنُن، وأَعِنَّة؛ فالكتابُ غير

موثوقٍ به، وقد ردَّ الزُّبَيْديُّ عليه، فقال: لا يُجمع ما كان من هذا المثال المضاعفِ على "فُعُل"؛ كراهيةَ التضعيف، وكذلك ذكره سِيبَوَيْهِ

(1)

وغيرُه. انتهى كلامه في كتاب "التَّقْرِيظ للخَلِيل"

(2)

، وكأنه لم يثبت عنده "عُنُن" من غير هذا الكتاب، والقياسُ يأباه، فردَّه

(3)

.

* قولُه: «لـ"فُعْلةٍ" جمعًا

(4)

»: زاد في "التَّسْهِيل"

(5)

: ولـ"فُعُلة"، نحو: جُمُعة، وقال: اسمين، فخرج الوصفُ، كـ: حُلْوة، ومزة

(6)

.

وينبغي أن يقال: ولو منقوصًا؛ ليَدخل صريحًا نحوُ: بُرَة

(7)

وبُرًى، وظُبَة

(8)

وظُبًى، وهذا بخلاف "فِعَل"، فلا يكون للناقص.

ولو معتلًا، كـ: مُدْية

(9)

ومُدًى، وديمة

(10)

ودُمًى، وزُبْية

(11)

وزُبًى، ويشاركه في هذا "فِعْلة".

ع: شذَّ "فُعَل" في "فَعْلة"، نحو: قَرْية، ونَوْبة، وفي "فُعْلة" صفةً، نحو: بُهْمة، للشجاع

(12)

، وفي: نُفَساء، حكى ابنُ سِيدَه

(13)

فيه: نُفَس، مخفَّفًا، وممدود

(14)

.

ويُحفظ في: ظُبَة وظُبًى، وعُجَاية

(1)

وعُجًى، وعَدُوّ وعُِدًى، يُكسر أوَّلُه

(2)

ويُضم، ومثلُه في ذلك: جمعُ: لِحْية، وحِيلة، وقُوَّة، وصُورة، وفي "فُعَلة"، كـ: تُخَمة، وليس منه: رُطَبة ورُطَب، وفي "فُعْلى" غيرَ ما ذُكر، نحو: رُؤْيا.

وشذَّت: "فِعَل" في "فَعْلة"، نحو: قَصْعة، وفي "فَعَلة"، كـ: حَاجة وحِوَج، و"فِعْل"، كـ: هِدْم

(3)

، و"فِعْلى"، كـ: ذِكْرى

(4)

.

ونحوِ كبرى ولِفِعْلَةٍ فِعَل

…

وقد يَجيءُ جَمعُه على فُعَل

(خ 1)

* [«ولـ"فِعْلةٍ": "فِعَل"»]: قِدَّة وقِدَد، وفي التنزيل:{قِدَدًا}

(5)

(6)

.

* قولُه: «ولـ"فِعْلةٍ": "فِعَل"» : وجاء "فِعَل" نادرًا لغير ذلك، قال خالِدُ

(7)

بنُ عبدِالعُزَّى:

أَصَحَا أَمْ قَدْ نَهَى ذِكَرَهْ

(8)

وقال

(9)

:

..................

…

مِنْ بَعْضِ مَا يَعْتَرِي قَلْبِي مِنَ الذِّكَرِ

(1)

المستعملُ في هذا في الإفراد إنما هو: ذِكْرى، لا: ذِكْرة، و"فِعَل" إنما هو قياس "فِعْلة"، نحو: فِكْرة وفِكَر، وكأنَّه شَبَّه ألفَ التأنيث بتاء التأنيث؛ لأنهما نظيرتان. من "الرَّوْض الأُنُف"

(2)

، إلا البيتَ الثانيَ؛ فلم يذكرْه

(3)

.

* [«جَمْعُهُ»]: لو قال: جَمْعُهَا؛ كان أحسنَ

(4)

.

(خ 2)

* [«ونحوِ: كُبْرى»]: في "التَّسْهِيل"

(5)

: ولـ"فُعْلى" أنثى "الأَفْعَل".

كـ: الصُّغَر، والكُبَر، ولو كانت مضعَّفةً، كـ: الجُلَّى، تأنيثِ: الأَجَلّ.

ثم قال: ويحفظ في: الرُّؤْيا، ونَوْبة، ولا يقاس عليهما، خلافًا للفَرَّاء

(6)

.

ع: فإنه يقول في: رُجْعى: و

(7)

رُجَع، وفي: جَوْزة: جُوَز. انتهى.

ثم قال: ويحفظ أيضًا في "فُعْلة" وصفًا.

نحو: بُهْمة، وهو الرجل الشجاع

(8)

.

ثم قال: واطَّرد عند بعض تَمِيمٍ وكَلْبٍ

(9)

في المضاعف المجموعِ على "فُعُل".

نحو: جُدَد، وسُرَر، وذُلَل.

والحاصلُ: أنه يطرد في أربعة: "فُعْلة" و"فُعُلة" و"فُعْلى" بشرطهنَّ، وفي المضعَّف عند قومٍ، واختُلف في آخَرَيْن، وهما: نَوْبة، ورُؤْيا

(1)

.

* قولُه: «ولـ"فِعْلةٍ": "فِعَل"» : قال في "التَّسْهِيل"

(2)

: اسمًا تامًّا.

فخرج نحوُ: لِدَة

(3)

، وحِشَة

(4)

، ورِقَة

(5)

.

ويُفهَم من كلامه ثَمَّ شرطان آخران:

أحدهما: أن لا تكون "فِعْلة" واحدةَ "فِعْل".

والثاني: أن لا يكون معوَّضًا من لامه التاءُ.

وذَكَر فيه أن نحو: سِدْر

(6)

، وعِزَة

(7)

وعِزًى، ولِثَة ولِثًى محفوظٌ باتفاقٍ، فعلى هذا لا يقال به في

(8)

ثم قال: ويحفظ في "فِعْلى" اسمًا.

ع: كذِكْرى

(9)

.

ونحوِ: ضَيْعة، ولا يقاس عليهما، خلافًا للفَرَّاء

(10)

(11)

.

* مما شذَّ في "فِعْلة": امرأةٌ ذِرْبة، أي: حَدِيدة اللسان

(1)

، ونساءٌ ذِرَب، فهذا

-وإن كان "فِعْلة"- إلا أنه صفة، وكذلك: رجلٌ صِمَّة، ونساءٌ

(2)

صِمَم، والصِّمَّةُ: الرجل الشجاع

(3)

.

وشذَّ أيضًا مجموعًا على "فِعَل": حِدَأة

(4)

، وعَدُوّ، وصُورة، وهِدْم، وهو الثوب الخَلَق

(5)

، وقامَة، وحاجَة، وقَصْعة، وهَضْبة، وقَشْع

(6)

، ومَعِدة

(7)

.

* ألحق الفَرَّاءُ

(8)

بـ"فُعْلة" و"فِعْلة": "فُعْلًا" و"فِعْلًا" مؤنثين، كـ: جُمْل، وهِنْد

(9)

.

في نحو رامٍ ذُو اطِّرادٍ فُعَلَهْ

…

وشاع نحوُ كاملٍ وكَمَلَه

(خ 1)

* [«في نحو: رامٍ»]: نحو: حُمَاة، وغُزَاة، وسُعَاة

(10)

.

* [«في نحو: رامٍ»]: ع: ولا يكون "فُعَلة" لغيره، ولهذا ردَّ ابنُ الخَشَّاب

(11)

على الحَرِيريِّ في قوله في التاسعة والعشرين

(12)

: «قال: فإن أَفْطَرَ فيه العُرَاة، قال: لا تُنْكِرُ عليهم الوُلَاة» ؛ لأن "العُرَاة" جمعُ: عَارٍ، وليس هو المراد، بل المراد: الذين تأخذهم

العُرَواء -وهي الحُمَّى- برِعْدَةٍ

(1)

، ويقال منه: عُرِي الرجل، فهو مَعْروّ، والجمع: مَعْرُوُّون، لا: عُرَاة

(2)

.

* [«في نحو: رامٍ»]: الزَّمَخْشَريُّ

(3)

: وأما "الرِّعَاءُ" بالكسر فقياسٌ، كـ: صِيَام، وقِيَام. انتهى.

أبو حَيَّانَ

(4)

: ليس بقياسٍ؛ لأنه جمعُ: راعٍ، وقياس "فاعِل" الصفةِ التي للعاقل أن يكسَّر على "فُعَلة"، كـ: قاضٍ وقُضَاة، وما سوى جمعِه هذا فليس بقياس

(5)

.

(خ 2)

* [«في نحو: رامٍ»]: اشترط ابنُه

(6)

: الصفةَ، والوزنَ، والعقلَ، واعتلالَ اللام، وكذا في "التَّسْهِيل"

(7)

، فكان ينبغي أن يمثِّل بـ: قاضٍ ونحوِه مما يختصُّ بالعاقل، فأما: رامٍ فالرَّمْيُ لا يختص بالعاقل، قال الله سبحانه:{تَرْمِي بِشَرَرٍ}

(8)

.

ونَدَر في نحو: عرّى

(9)

، وعُرْيان، وعَدُوّ، وهادِر، وهو الرجل الذي لا يُعتَدُّ به

(10)

، ورَذِيّ، وهو البعير المهزول

(11)

، وباز

(12)

، في "شرح الكافِية"

(13)

: لأنه لا يعقل.

ع: ولأنه ليس صفةً

(1)

.

* أجاز الفارسيُّ في "التَّذْكِرة"

(2)

في: {إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً}

(3)

أن يكون "تُقَاة" حالًا جمعًا لـ: تَقِيّ، كـ: كَمِيّ وكُمَاة، قال: وهذه الحال مثلُها في قوله

(4)

:

كَفَى بِالنَّأْيِ مِنْ أَسْمَاءَ كَافِ

(5)

(6)

* قولُه: «وشَاعَ» بعد قوله في أَخِيه: «ذو اطِّرادٍ» يُؤْذِن بعدم الاطراد، وفي عبارة ابنِه

(7)

أنه مطرد، وهو ظاهرُ قولِه في "التَّسْهِيل"

(8)

: ومنها: "فَعَلة" لـ"فاعِل" وصفًا مذكرًا صحيحَ اللام.

فلْيُنْظَرْ في: ضارِب، وعاقِل، وقاتِل، وقائِم، وذاهِب، وعالِم، ونحوِ ذلك مما لا يطرد، لا نكاد نَجِدُ فيها في الاستعمال "فَعَلة"

(9)

.

* قولُه: «نحو: كامِلٍ وكَمَله» : كان الأصلح أن يمثِّل بنحو: كاذِب، وكاتِب، مما يختص بالعاقل؛ لتُوجَد خصوصيةُ المثال، لولا ما اعترضه من إصلاح القافية.

وفي "التَّسْهِيل"

(10)

: ويقِلُّ فيما لا يعقل.

نحو: ناغِق ونَغَقة، وهي الغِرْبان

(11)

.

ونَدَر في نحو: خَبِيث، وسَيِّد، وبَرّ، وخَيِّر، وأَجْوَق، وهو العظيم الشِّدْق

(1)

(2)

.

* قولُه: «نحو: كامِلٍ وكَمَله» : نحو: {بِأَيْدِي سَفَرَةٍ * كِرَامٍ بَرَرَةٍ}

(3)

، {وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً}

(4)

، وعن أبي حاتمٍ السِّجِسْتانيِّ

(5)

أنه كان يكتب عن الأَصْمَعي كلَّ شيءٍ يلفظ به من فوائد العلم، حتى قال فيه: أنت سنة

(6)

الحَفَظة، تكتب لَفْظَ اللَفَظة، وقال أبو حاتمٍ: وهذا أيضًا مما يُكتَب

(7)

.

* من "الخَصَائِص"

(8)

: قالوا في: حائِك، وخائِن، وبائِع، وسائِل:"فَعَلة" بالفتح، وكذا بابُهنَّ، فلم يلتفتوا لاعتلال العين، بل أجروه مُجرى صحيحِها، كـ: كاتِب، وكافِر، بخلاف معتل اللام، كـ: قاضٍ، وغازٍ؛ لأن العين -لقُوَّتِها بالتقدُّم- الْتَحَقَتْ بالصحيحة

(9)

.

فَعْلَى لوصفٍ كقتيل وزَمِن

…

وهالكٍ وميِّتٌ

(10)

به قمن

(خ 1)

* قال أبو الفَتْح

(11)

في قراءة مَنْ قرأ: {وَتَرَى النَّاسَ سَكْرَى}

(12)

: إنه يحتمل

أمرين:

أحدهما: أنه كسَّر: سَكْران على: سَكْرى؛ إذ كان السُّكْر علَّةً تَلْحَق العقل، فهو كقوله

(1)

:

فَأَمَّا تَمِيمٌ تَمِيمُ بْنُ مُرٍّ

…

فَأَلْفَاهُمُ القَوْمُ رَوْبَى نِيَامَا

(2)

فهذا جمعُ: رائِب، أي: نَوْمى خُثَراء الأنفس

(3)

، فيكون ذلك كقولهم: هالِك وهَلْكى، وصَرِيع وصَرْعى، وجَرْحى.

والآخر: أن يكون صفةً مفردةً مذكَّرُها: سَكْران، كـ: امرأة سَكْرى، ويشهد لهذا: قراءةُ مَنْ قرأ: {سُكْرَى} بالضم

(4)

، فهذا لا يكون إلا وصفًا.

ويشهد للأول: قراءةُ الجماعة

(5)

: {سُكَارَى} .

فإن قلت: كيف جاز إيقاع صفة المفرد على الجمع؟

قلت: كما جاز لِلَبِيدٍ أن يشير إلى الناس بضمير الواحد في قوله:

وَلَقَدْ سَئِمْتُ مِنَ الحَيَاةِ وَطُولِهَا

(6)

…

وَسُؤَالِ هَذَا النَّاسِ: كَيْفَ لَبِيدُ؟

(7)

وكما جاز عكسُه، نحو: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ

(8)

النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا

لَكُمْ}

(1)

، أطلق الجمعَ، والمراد واحد.

ع: ومثلُ: الدَرَجات العليا

(2)

، و:{مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَى}

(3)

، إِنْ جُعِل "الكُبْرى" صفةً للآيات

(4)

.

(خ 2)

* قولُه: «لـ"فعل" اسما

(5)

»: كان يحسُن أن يَذكر إلى جنب "فَعْل": "فِعْل"

(6)

، كما قال في "التَّسْهِيل"

(7)

على عَقِبه: ومنها: "فِعْلى"، كـ: حِجْلى

(8)

، وظِيزى

(9)

، فتَرْكُه له؛ إما لأنه لم يُسمع إلا في هاتين الكلمتين، أو موافقةً لابن السَّرَّاج

(10)

في أنه اسمُ جمعٍ

(11)

.

* قولُه: «زَمِن» : لا يريد به "فَعِل" صفةً كيفما كان؛ لأنه نصَّ

(12)

على ندور:

ذَرِب

(1)

وذَرْبى في قوله

(2)

:

إِنِّي امْرُؤٌ مِنْ عُصْبَةٍ سَعْدِيَّةٍ

…

ذَرْبَى الأَسِنَّةِ كُلَّ يَوْمِ تَلَاقِي

(3)

(4)

* ع: الذي أراه أن قوله: «زَمِن» مبتدأ، وخبرُه قولُه:«قَمِن» ، وما بينهما في نية التأخير محذوفُ الخبر، وهو في الحذف والاعتراضِ وعدمِ صلاحية الخبر للجميع أو لغير الأول كقوله

(5)

:

فَإِنِّي وَقَيَّارٌ بِهَا لَغَرِيبُ

(6)

وفي الدلالة بالمفرد على الجمع كقوله

(7)

:

نَحْنُ بِمَا عند

(8)

وَأَنْتَ بِمَا

…

عِنْدَكَ رَاضٍ

(9)

…

....

ومعنى «قَمِن» هنا ليس أنه أَوْلى به، بل هو راجع إلى حكمك، أي: قَمِنٌ بأن تَحْكُم بأنَّ جمعه على "فَعْلى"، وذلك على وجهين:

أحدهما: أن تريد أنه فيه كثير، فهو قَمِنٌ أي

(10)

يُثْبَت له كذلك، كما أُثْبِت لنحو: [قَتِيل.

الثاني:]

(11)

ثبوت ذلك فيه بالسماع لا بالقياس، والحكمُ الثابت بالسماع أقوى من جهة موافقته لمراد الواضع بالقطع لا بالظن.

وبَقِي عليه: وسَكْران، وأَجْرَب، ومَرِيض، قد ذكر ثلاثةً، وترك ثلاثةً

(1)

.

* إنما قلت هذا؛ لأنه لا جائزٌ أن يعود للجميع؛ لأن "قَمِنًا" -بكسر النون

(2)

- لا يكون إلا للواحد، ومتى أردتَّ به أكثرَ من ذلك ثنَّيت وجمعت، ولو ذهبت تفتح النون

(3)

عِبْتَ النظمَ

(4)

.

ولا يحسُن أن يُجعل للأخير، وخبرُ ما قبلَه محذوفٌ؛ لأنه استدلالٌ بالثاني على الأول.

ولان

(5)

يُجعل قولُه: «و: زَمِن» وما بعده من المعطوفَيْن مخفوظين

(6)

على العطف، وقولُه:«و: مَيِّت» مبتدأً؛ لأن جَعْلَه مسوقا

(7)

مع: «قَتِيل» ، مقطوعًا عن:«مَيِّت» ما يشهد ظاهرًا باختصاصه دون: «مَيِّت» بالقياس؛ لعطفه على المقيس، وقطعِه عن غيره، والواقعُ بخلاف ذلك، فافْهَمْه؛ فإنه موضعٌ حَسَنٌ إن شاء الله تعالى

(8)

.

لِفُعْل اسما صَحّ لاما فِعَلَه

…

والوضعُ في فَعْل وفِعل قَلَّلَهْ

(خ 2)

* في "المقرَّب"

(1)

: "فُعْل" المضعَّف يُجمع في القِلَّة على "أَفْعال"، كـ: أَعْشاش، وفي الكثير على "فِعَال"، كـ: عِشَاش، و"فُعُول"، كـ: عُشُوش، وقد يُجمع على "فِعَلة"، كـ: عِشَشة، و"فُعْلان"، كـ: عُشَّان

(2)

.

* وُجِدَ بخطِّ النَّاظم

(3)

أن "فِعَلة" موقوف على السماع، والشائعُ منه: جمعُ "فُعْل".

ع: فيكون "فِعَلة" في كونه لا يطرد في شيءٍ نظيرَ "فِعْلة"، إلا أن هذا يخالف ذاك بأنه يكثر في شيءٍ بعينه

(4)

.

* قولُه: «"فِعْلة"

(5)

»: تقدَّم الكلام على "فُعَلة"، كـ: قُضَاة، و"فَعَلة"، كـ: سَحَرة، وكَذَبة، وهذا ثالثها:"فِعَلة".

وكان ينبغي ذكرُ هذا البيت قبل البيت الذي قبله، وهو:«"فَعْلى" لوصفٍ» ؛ ليتجاور المتناسبان، كما جاور بين "فُعَل" و"فِعَل"؛ للتناسُب والتآخي

(6)

.

وفُعَّلٌ لِفاعلٍ وفاعِله

…

وَصفَين نحو عَاذِلٍ وعَاذِله

(خ 2)

* قولُه: «وَصْفَيْنِ» : خرج نحو: كاهِل،

…

(7)

، وفاطمة، عَلَمًا.

ومثالُ ذلك: ساجِد وسُجَّد، وراكِع ورُكَّع، قال الله تعالى: {وَالرُّكَّعِ

السُّجُودِ}

(1)

، وقالوا: طابِخ وطُبَّخ، قال

(2)

:

وَاللهِ لَوْلَا أَنْ تجس

(3)

الطُّبَّخُ

بِيَ الجَحِيمَ حِينَ لَا مُسْتَصْرَخُ

(4)

يقال: حَشَشْتُ النارَ، أَحُشُّها، إذا أَذْكَيْتها

(5)

، شبَّه ملائكةَ [النار]

(6)

بالطبَّاخين

(7)

.

ومثلُه الفُعَّال فيما ذُكِّرا

…

وذانِ في المُعَلِّ لامًا ندَرَا

(خ 1)

* [«"الفُعَّال"»]: كـ: قارِئ وقُرَّاء

(8)

.

* [«فيما ذُكِّرا»]: أي: كان مُذَكَّرًا

(9)

.

(خ 2)

* [«"الفُعَّال"»]: قال النَّاظم

(10)

: من الشذوذ في "فُعَّال": حَكَم وحُكَّام، وحَفِيظ وحُفَّاظ، وفي "فُعَّل": أغزا وغُزّاه

(11)

، وخَرِيدة

(12)

وخُرَّد، وجَرَاد سَرُوء، أي:

بَيُوض

(1)

، وجَرَاد سُرَّا

(2)

، ونَدَرا معًا في: سَخْل

(3)

، ونُفَساء.

ع: ولك أن تقول في: حُكَّام، وحُفَّاظ: إنما هما جمعُ: حاكِم، وحافِظ، فلا شذوذَ، ويظهر لي جوابُ ذلك في: حُفَّاظ، وهو أنه إنما يقال لِمَنْ كثُر حفظه، فيناسبُه من المفرد: حَفِيظ، لا: حافِظ، ويكون جمعُ: حافِظ: حَفَظة، كـ: كاتِب وكَتَبة

(4)

.

* قولُه: «فيما ذُكِّر» : أي: من هذين الوزنين، وهو "فاعِل".

وكان أن يقول: ومثلُه: "الفُعَّال" في "فاعِل"؛ أَخْصَرَ، لكن لم يتَّزِنْ له

(5)

.

* قولُه: «وذَانِ» البيتَ: استغناءً في "فاعِل" بـ"فُعَلة"، كـ: قاضٍ، وغازٍ، وفي "فاعِلة" بـ"فَوَاعِل"، كـ: رامِية.

ومثالُ ما ندر من المعتل في "فُعَّل": رَبْعٌ عافٍ، أي: دارِس

(6)

، ورُبُوع عُفَّى، وحكى ابنُ سِيدَه

(7)

: ساقٍ وسقاه

(8)

، وفي "فُعَّال": سارٍ وسُرَّاء، قال

(9)

:

تَقْرِي بُيُوتَهُمُ سُرَّاءُ لَيْلَتِهِمْ

…

وَلَا يَبِيتُونَ دُونَ اللَيْلِ أَضْيَافَا

(10)

وحكى س

(11)

: جانٍ وجُنَّاء، وسُمع في جمع: غازٍ: "الفُعَّل" و"الفُعَّال"

(12)

.

* ومن الجمع: "فُعَال": رُبَّى ورُبَاب، وتَوْأَم وتُؤَام، وظِئَر

(1)

وظُؤَار، وثَنِيّ وثُنَاء، ورَخَل

(2)

ورُخَال، ونُفَسَاء ونُفَاس، والرُّبَّى: الشاة التي تحبس اللبن، وقيل: الحديثة العهدِ بالولادة

(3)

، والتَّوْأَم: الذي يولد مع آخرَ

(4)

، والظِّئْر: الدَّايَة

(5)

، والثَّنِيُّ: ولد الشاة إذا دخل في السنة السادسة

(6)

، والرُخل

(7)

: الأنثى من أولاد الضأن

(8)

، والنُّفَسَاء: المرأة التي وضعت، وقيل في جمعها أيضًا: نِفَاس، بكسر النون، والنِّفَاسُ أيضًا: الكثيرُ وِلَادُها

(9)

(10)

.

فَعْلٌ وفَعْلَةٌ فِعَالٌ لهما

…

وقلّ فيما عَيْنُه اليا مِنْهُما

(خ 1)

* [«"فَعْلٌ"»]: كِلَاب، وكِبَاش، وبِغَال

(11)

.

* [«و"فَعْلةٌ"»]: قال صاحب "البَحْر"

(12)

: جاءت: شَهْوة على: شُهًى، ولم

يذكر النحاة مجيءَ "فَعْلة" المعتلةِ اللامِ على "فُعَل"، قالت امرأةٌ

(1)

من بني نَصْرِ بنِ مُعَاوِيةَ:

فَلَوْلَا الشُّهَى وَاللهِ كُنْتُ جَدِيرَةً

…

بِأَنْ أَتْرُكَ اللَذَّاتِ فِي كُلِّ مَشْهَدِ

(2)

(3)

* قولُه: «وقَلَّ» البيتَ: فكثُر فيما عينه واو؛ للتخفيف، كـ: حِيَاض، وسِيَاط، وثِيَاب

(4)

.

(خ 2)

* "مقرَّب"

(5)

: "فَعْلة" معتلُّ العين يأتي للكثير بغير تاء، كـ: بَيْض، وجَوْز، وقد يجيء على "فِعَال"، كـ: خِيَام، ورِيَاض، وقِيَان

(6)

.

وقد يُجمع عليه "فِعَل"

(7)

، كـ: بِئْر وبِئَار، و"فَعُل"، كـ: سَبُع وسِبَاع

(8)

.

* قولُه: «عَيْنُه» : بَقِيَ عليه: أو فاؤه، نحو: يَعْر

(9)

ويِعَار، ذكره في "التَّسْهِيل"

(10)

(11)

.

* قولُه: «منهما» مخالفٌ لِمَا في "التَّسْهِيل"

(12)

؛ فإنه قال: "فِعَا

(13)

"، وهو

لـ"فَعْل" غيرِ اليائي العين، ولـ"فَعْلة" مطلقًا. انتهى.

يعني: يائيًّا كان، كـ: غَيْضة

(1)

وغِيَاض، وضَيْعة

(2)

وضِيَاع، أو غيرَ يائيِّها، كـ: جَفْنة وجِفَان، وصَعْبة وصِعَاب

(3)

.

وفَعَلٌ أَيضًا لَهُ فِعَالُ

…

ما لم يَكُنْ فِي لامِهِ اعتِلال

(خ 2)

* في "شرح الكافِية"

(4)

: "فِعَال" مقيس في "فَعَل" و"فَعَلة" ما لم يُضاعفا أو تعتلَّ لامُهما، كـ: جَمَل، ورَقَبة، والأكثر في: قَلَم: أَقْلام، وحكى ابنُ سِيدَه

(5)

أنه قد يقال أيضًا: قِلَام

(6)

.

* قولُه: «ما لم يكن في لامه اعتِلالُ» : فإنه يُجمع على "فُعُول"، كـ: عَصًا.

فعلى هذا: دَمٌ ودِمَاء شاذٌّ، ومعتلُّ العين كصحيحها، كـ: دار ودِيَار

(7)

.

أو يَكُ مُضْعَفًا ومثلُ فَعَلِ

…

ذُو التا وفُعْل مَعَ فِعْل

(8)

فاقبَل

(خ 2)

* [«أو يَكُ مُضْعَفًا»]: خرج نحو: طَلَل، فبابُه:"أَفْعال"

(9)

.

* قولُه: «ذو التَّا» : نحو: أَكَمة، وثَمَرة، ورَقَبة، ورَحَبة

(10)

، وذلك في اسم الجنس

قليل، وقالوا: أَضَاة

(1)

وإِضَاء

(2)

.

* قولُه: «ذو التَّا» : أي: من هذا الوزن، وهو الثلاثي المفتوح الأولَيْن، وسواءٌ أكانت اسمًا أو صفةً، كذا مقتضى ما في "التَّسْهِيل"

(3)

، كـ: حَسَنة، ورَقَبة، ورَحَبة

(4)

.

* قولُه: «و"فُعْلٌ" مع "فِعْلٍ"» : شَرَطَ فيهما في "التَّسْهِيل"

(5)

الاسميةَ، وكونَ "فُعْل" غيرَ واوي العين، كـ: حُوت، ولا يائيَّ اللام، كـ: هدى

(6)

(7)

.

* ليُضْبَطْ بتقديم: «فَعِل

(8)

»؛ لأنهم يبدؤون بالأخف ثم بالأثقل.

و"فِعْل": ذِئْب، وقِدْح، وفي "فُعْل"، نحو: دُهْن، ورُمْح.

قال بعضهم: وهو في المضاعف كثير، نحو: قُفّ

(9)

وقِفَاف، وخُفّ وخِفَاف، وعُسّ

(10)

وعِسَاس

(11)

.

وفِي فَعِيلٍ وصفِ فاعلٍ وَرَدْ

…

كذاك في أُنثاهُ أَيضًا اطّرد

(خ 2)

* [«وفي "فَعِيل"»]: ظَرِيف.

فأما مجيئه في جمع: فَصِيل، وأَفِيل

(1)

؛ فشاذٌّ؛ لأنهما اسمان، وأما مجيئه في: صَحِيح، وشَدِيد؛ فقال ح

(2)

: شاذٌّ.

ع: وهو خلافُ إطلاقِ النَّاظم أنَّ ذلك قياسٌ في وصف "فاعِل"، فشَمِلَها؛ إذ لا يُتَخَيَّل لها مانعٌ من الجواز إلا التضعيفَ، ولم يُشرَط انتفاؤه

(3)

.

* قولُه: «كذاك في أُنْثاه» : أراد الحُطَيْئةُ

(4)

سَفَرًا، فقال لزوجته:

عُدِّي السِّنِينَ إِذَا هَمَمْتُ بِرَجْعَةٍ

…

وَدَعِي الشُّهُورَ فَإِنَّهُنَّ قِصَارُ

فقالت:

اُذْكُرْ تَحَنُّنَنَا إِلَيْكَ وَشَوْقَنَا

…

وَاذْكُرْ بَنَاتِكَ إِنَّهُنَّ صِغَارُ

(5)

فقال: لا رَحَلْتُ لسفرٍ أبدًا

(6)

.

وشاعَ في وصفٍ على فَعْلانَا

…

أَو أُنثَيَيه أو على فُعلانا

(خ 1)

* [«وشاع في وصفٍ على "فَعْلانا"»]: ومِنْ ثَمَّ كان الصواب قولَ الفارسيِّ

(7)

: إن "يِقَاظ" جمعُ: يَقْظان، لا قولَ أبي عَمْرٍ

(8)

الشَّيْبانيِّ

(9)

: إنه جمعُ: يَقُظ

(10)

.

(خ 2)

* [«وشاع»]: حُكِي لي عن "نُكَت"

(1)

ابنِ

(2)

عَقِيلٍ أنه بمعنى: اطَّرد، وعن "شرح الكافِية"

(3)

أنه غير مطرد، وهذا هو الحق؛ إذ لا يقال في: سَكْران: سِكَار، ولا في: عُرْيان: عِرَاء.

وفي "شرح العُمْدة"

(4)

، وفي "العُمْدة"

(5)

أيضًا أن "فَعْلان" وأنثيَيْه، و"فُعْلان" وأُنْثاه يقاس فيهنَّ "فعلان"

(6)

(7)

.

ومثله فُعْلَانَةٌ والزَمْهُ فِي

…

نحو طَوِيلٍ وطَوِيْلة تفي

(خ 2)

* [«والْزَمْه»]: عبارةُ ابنِه

(8)

: ولم يُجاوَز "فِعَال" إلى غيره فيما عينُه واوٌ ولامُه صحيحةٌ من "فَعِيل" و"فَعِيلة" وَصْفَيْن، نحو: طِوَال في جمع: طَوِيل، وطَوِيلة.

ويُحفظ "فِعَال" في نحو: قائِم، وراعٍ، وآمّ

(1)

، وقائِمة، وراعِية، وأَعْجَف

(2)

، وجَوَاد، وخَيِّر، وبَطْحاء، وقَلُوص

(3)

(4)

.

* «نحو: طَوِيلٍ وطَوِيلةٍ» : "فَعِيل" و"فَعِيلة" بمعنى "فاعِل" و"فاعِلة" وصفًا صحيحَ اللام.

فإن قيل: فإنك تقول: طَوِيلون، وطَوِيلات.

فإنما كلامُنا في التكسير

(5)

.

وبِفُعول فَعِلٌ نحو كَبِدْ

…

يُخَصُ غالبا كذاك يطّرِد

(خ 2)

* في "المقرَّب"

(6)

: إن كان -يعني: الاسمَ الثلاثيَّ- على "فَعِل" جُمع في القليل والكثير على "أَفْعال"، كـ: أَنْمار، وقد يُجمع في الكثير على "فُعُول"، كـ: نُمُور، وقولُه

(7)

:

فِيهَا عيائل

(8)

أُسُودٌ وَنُمُرْ

(9)

مقصور من: نُمُور؛ للضرورة

(10)

.

* قال ابنُه

(1)

: ولا يكادون يتجاوزون في الكثرة جمعَ "فَعِل" على "فُعُول" إلى جمعه على "فِعَال"، فإن جاء منه شيءٌ عُدَّ نادرًا.

ع: قلت: نحو: نَمِر ونِمَار، سُمع ذلك.

وفي كلام النَّاظم أمران:

أحدهما: أنه ذكر أن "فَعِلًا" يختص بـ"فُعُول" من بين سائر المفردات، وهذا ينافيه قولُه:«كذاك يطَّرد» إلى آخره، وإنما قياسُه: و"فُعُول" من بين سائر الجموع خاصٌّ بـ"فَعِل"، أي: إنه لا يُجمع إلا عليه، أي: في الكثرة، لا بدَّ من ذلك، وإلا فالواقع بخلاف ذلك، وهو حينئذٍ مناقِضٌ لقوله:«وغيرُ ما "أَفْعُلُ"» البيتَ.

والثاني: في الجمع بين الاختصاص والغَلَبة، وهو

(2)

كالمتضادَّين

(3)

.

* [«وبـ"فُعُولٍ": "فَعِل"»]: الذي تعطيه هذه العبارة أن "فُعُولًا" مقصور على "فَعِل"، وليس كذلك؛ لأن "فُعُولًا" يكون جمعًا لـ"فَعْل" و"فِعْل" و"فُعْل" وغيرِ ذلك، بل يطرد فيه، كما تراه من قوله:«كذاك يطَّرد» البيتَ، وإنما "فَعِل" مقصور على "فُعُول" دون غيره من جمع التكسير.

وفي "التَّسْهِيل"

(4)

بعد أن ذكر أن "فَعُولًا

(5)

" يشارك "فِعَالًا" ما نصُّه: وانفرد مقيسًا بنحو: كَبِد، وفي "سَبْك المنظوم"

(6)

بعد أن ذكر مثلَ ذلك: وانفرد "فُعُول" مقيسًا بنحو: نَمِر.

وقولُه: «غالبًا» زائدٌ على ما في "التَّسْهِيل" و"سَبْك المنظوم"، واحتَرَز به عن

نحو: كَتِف وأَكْتاف، ويُستغنى عنه بقوله:«وغيرُ ما "أَفْعُلُ» البيتَ

(1)

.

* وقولُه: «و"فَعِل"

(2)

» أي: اسمًا، واكتفى بتمثيله بـ: كَبِد

(3)

.

* قولُه: «نحو: كَبِد» -وكذا: كَرِش، ووَعِل- إشارةٌ إلى اشتراط الاسمية، فخرج نحو: خَشِن

(4)

.

في فَُِعْلٍ اسمًا مُطْلقَ الفا وفَعَل

…

لَهُ وللفُعال فِعلانُ شَمِل

(خ 1)

* [«في "فَُِعْلٍ" اسمًا»]: بُطُون، وظُهُور، وقُبُور، وفُرُوج

(5)

.

* [«شَمِل»]: خ

(6)

: «حَصَل» .

ينبغي أن يكون الإنشاد: «حَصَل» ؛ لأن «شَمِل» بفتح

(7)

العين؛ فلا يطابق الأولَ كلَّ المطابقة

(8)

.

(خ 2)

* قولُه: «في "فَُِعْلٍ" اسمًا» : مثالُ "فَعْل": فَلْس، وبَيْت، وشَيْخ، وضَيْف، وعَيْن، زاد في "التَّسْهِيل"

(1)

: ليس عينُه واوًا، فخرج نحو: سَوْط، وحَوْض، فنحو: قُوُوس، وفُوُوج غيرُ مطرد.

ومثالُ "فِعْل": حِمْل، وجِسْم، وقال

(2)

:

أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ لُبْسِ الشُّفُوفِ

(3)

جمعُ: شِفّ، الثوب الرقيق

(4)

.

ومثالُ "فُعْل": بُرْد، وبُرْج، وشرط فيه ألا يكون مضاعفًا، فخرج نحو: خُفّ، ولا معتلَّ العين بالواو، فخرج نحو: حُوت، ولا اللامِ بالياء، فخرج نحو: نُؤْي

(5)

، فجمعُ: نُؤْي، وحُصّ

(6)

على: نُؤِي

(7)

، وحُصُوص و

(8)

شاذٌّ، كما شذَّ في نحو: كَهْل، وقبل

(9)

؛ لأنه وصفٌ، وكذا: ضَيْف، وفرح

(10)

(11)

.

* قولُه: «في "فَُِعْلٍ"» : وشذَّ نحو: ساق، وبَدْرة

(12)

، وشُعْبة، وقُنَّة

(13)

، وسَمَاء،

وعَنَاق

(1)

، وطَلَل

(2)

.

* قولُه: «اسمًا» : وشذَّ في: كَهْل، وقبل

(3)

، وضَيْف

(4)

.

* قولُه: «مُطْلَقَ الفا» : أما في "فَعْل" فكـ: فَلْس، وكَعْب، وأما في "فِعْل" فكـ: حِمْل، وضِرْس، وأما في "فُعْل" فكـ: جُنْد، وبُرْد، وشرطُ "فُعْل" أن لا يكون معتلَّ العين أو اللامِ، ولا مضاعفًا، وشذَّ: حُصّ وحُصُوص، ونُؤْي ونُؤُوي، وشذَّ في "فَعَل"، كـ: أَسَد، وشجى

(5)

، ونَدَب

(6)

، وذَكَر، وسَاق، وفي "فاعِل"، كـ: شاهِد، وباكٍ، وصالٍ

(7)

.

* قولُه: «و"فَعَل"» : قال ابنُه

(8)

: يعني: له "فُعُول"، ولم يقيِّده باطرادٍ، فعُلِم أنه محفوظ فيه.

ع: فعلى تقديره: «له» خبرٌ لمبتدأٍ محذوفٍ، والجملةُ خبرُ:«فَعَل» ، وقد يقال: إنه يجوز كون: «فَعَل» مبتدأً، و:«له» متعلِّقٌ بـ: «حَصَل» ، و:«للفُعَال» عطفٌ على: «له» ، واستأنف الخافضَ؛ لكون المتبوع ضميرًا، و:«"فِعْلانُ" حَصَل» جملة اسمية مخبَرٌ بها عن: «فَعَل» ، ويكون مراده: أن "فَعَل" يُجمع على "فِعْلان"، كـ: أَخٍ، وخَرَب

(9)

، وفَتًى

(10)

.

* قولُه: «وللفُعَال» : الحاصلُ: أن "فَعلان

(1)

" جمعٌ لـ"فُعَال"، كـ: غُرَاب، وغُلَام، وشذَّ في "فَعَال"، كـ: غَزَال، و"فِعَال"، كـ: صِوَار

(2)

، وللمقصور منه، وهو "فُعَل"، كـ: صُرَد، ونُغَر، وخُزَز

(3)

، وللمخفَّف من هذا، وهو "فُعْل"، بشرط اعتلال عينه بالواو، كـ: كُوز، وحُوت، ونُون، و"فَعَل" بفتحتين معتلَّ اللام

(4)

بالواو، كـ: نار، وجار، وقاع، وتاج، وخال، فإن كان صحيحَها فشاذٌّ، كـ: خَرَب، وأَخ، وشذَّ أيضًا في "فَعِيل"، كـ: ظَلِيم

(5)

، و"فَعُول"، كـ: خَرُوف، و"فاعِل"، كـ: حائِط، و"فِعْل"، كـ: قِنْو

(6)

(7)

.

وشَاعَ فِي حُوتٍ وقَاعٍ معَ ما

…

ضاهاهُما وقَل في غيرهما

(خ 1)

* [«و: قاعٍ»]: قالوا: قاع وقِيعان، قلبوا الواو ياءً؛ للكسرة قبلَها، و: أَقْوَاع، وقال العَبْديُّ

(8)

: إنه لا يقال، قال أبو البَقَاء

(9)

: وذكره أهلُ اللغة

(10)

، و: قِيعة، كقوله

تعالى: {كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ}

(1)

، فقيل: مفرد، وقيل: جمع.

وقالوا: ساج وسِيجان، ونار ونِيران

(2)

.

* [«وقَلَّ في غيرهما»]: خَرَب وخِرْبان، لذَكَر الحُبَارى

(3)

، وبَرَق

(4)

وبِرْقان، ووَرَل

(5)

ووِرْلان

(6)

.

(خ 2)

* قال ابنُه

(7)

: ويطرد "فِعْلان" في جمع ما عينُه واوٌ من "فُعْل" أو "فَعَل"، كـ: عُود، وكُوز، ونُون، وتاج، وحال

(8)

، وقاع

(9)

.

* [«حُوتٍ»]: يتبادَر إلى الذهن أن مراده "فُعْل" الواويُّ العين، وفي "التَّسْهِيل"

(10)

: أو "فُعْل" مطلقًا، أو "فَعَل" واوي العين، فظاهرُ هذه المقارَنة -بل تنصيصُ قوله:«مطلقًا» - يقضي بأن "فُعْلًا" لا شرطَ له

(11)

.

ثم قال ما معناه: إنه يحفض

(1)

في نحو: خَرَب، وأَخ، والخَرَب: ذَكَر الحُبَارى

(2)

.

وفي "شرح الكافِية"

(3)

قال: في "فَعَل" صحيح العين، وجعل في "شرح العُمْدة"

(4)

نحوَ: أخٍ وإِخْوان مقيسًا.

رَجَعْنا إلى ما في "التَّسْهِيل": وغَزَال، وصِوَار، وهو قطيع بقرِ الوَحْش

(5)

، وخَرُوف، وظَلِيم، وحائِط، وقَضَفَة، وهي الأَكَمة

(6)

، وقِنْو، ونِسْوة، وعَبْد، وضَيْف، وثَوْر، وقَوْز

(7)

(8)

.

* قولُه: «وقَلَّ في غيرهما» صوابُه: في غيرها؛ لأنه ذَكَر ثلاثةَ أشياءَ.

ثم هذا الإطلاق مقيَّد بقوله: «وغالبًا أَغْناهمُ» البيتَ.

ومثالُ ما قلَّ فيه "فِعْلان": أَخ، وفَتًى، وغَزَال، وصِوَار، وظَلِيم، وخَرُوف، وحائِط، وقِنْو

(9)

.

* قال

(10)

:

وَالعِيسُ يَنْهَضْنَ بِكِيرَانِنَا

…

كَأَنَّمَا يَنْهَشُهُنَّ الكَلِيبُ

(1)

الكِيران: جمعُ: كُور، وهو الرَّحْل

(2)

، والكَلِيب: جمعُ: كِلَاب

(3)

(4)

.

وفَعْلًا اسما وفعيلا وفَعَل

…

غيرَ مُعَلِّ العين فُعلان شمل

(خ 2)

* [«و"فَعْلًا"»]: وشذَّ في "فِعْل": ذِئْب وذُؤْبان، كذا قال بعضهم.

وفي "التَّسْهِيل"

(5)

: "فُعْلان" لاسمٍ على "فَعِيل"، أو "فَعَل" صحيح العين، أو "فَعْل"، أو "فِعْل"، ثم قال: ويُحفظ في "فاعِل"، و"أَفْعَلِ فَعْلاءَ"، ونحوِ: حُوَار

(6)

، وزُقَاق، وثَنِيّ، وقَعِيد

(7)

، وجَذَع

(8)

، ورِخِل

(9)

(10)

.

* قولُه: «و"فَعْلًا" اسمًا» : ولم يقيِّد "فَعِيلًا" أو "فَعَلًا" بالاسمية، فأوهم ذلك ظاهرًا أنه شرطٌ فيه دونهما، والواقع بخلاف ذلك، كما لا يُجمع نحو: شَهْم، وضَخْم على "فُعْلان"؛ كذلك لا يُجمع نحو: ظَرِيف، وشَرِيف، ونحوُ: حَسَن، وبَطَل

(11)

.

* [«غيرَ مُعَلِّ العَيْن»]: فخرج نحو: ساق، وقاع، بخلاف: جَذَع، وجَمَل، وحَمَل

(1)

(2)

.

ولكريمٍ وبَخيلٍ فُعَلَا

…

كذا لما ضَاهَاهُما قد جعلا

(خ 1)

* قولُه: «"فُعَلا"» : مرادُه: "فُعَلاء"، فقَصَر ضرورةً.

ومرادُه بـ: «كَرِيم، و: بَخِيل» : "فَعِيل" المذكَّرُ الصحيحُ اللام والعين، فأما قولهم: خَلِيفة وخُلَفاء، قال الله تعالى:{إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ}

(3)

؛ فعنه جوابان:

أحدهما: أن "خَلِيفة" لا يقع إلا على المذكر، فلا لَبْسَ، بخلاف: ظَرِيفة، لو قالوا فيها: ظُرَفاء.

والثاني: أنهم قالوا: خَلِيفة وخِلِّيفى، فيكون جمعًا له.

فأما قوله: {خَلَائِفَ}

(4)

فعلى بابه، على حدِّ

(5)

: عَفِيفة وعَفَائِف، وطَرِيفة وطَرَائِف.

ولم يأتِ "فُعَلاء" في المؤنث الحقيقي إلا في كلمتين، قالوا: سَفِيهة وسُفَهاء وسَفَائِه، وامرأة

(6)

فَقِيرة وفُقَراء، ولم يأتِ "فُعَلاء" في المعتل إلا في: تَقِيّ وتُقَواء

(7)

، عن

الفَرَّاء

(1)

، و: سَرِيّ

(2)

وسُرَواء. ابن بابَشَاذَ

(3)

(4)

.

(خ 2)

* ضابطُ "فُعَلاء": أن يكون مفردُه على "فَعِيل" صفةً لمذكَّر عاقل.

ع: وسواءٌ كان مدحًا أو ذمًّا أو غيرَ ذلك.

غيرَ مضاعَفِ اللام، ولا معتلِّها، كـ: ظَرِيف، وكَرِيم.

فقولُنا: على "فَعِيل" يخرج غيره، وشذَّ في: جَبَان، وخَلِيفة، وسَمْح، ووَدُود، ورَسُول.

وقولُنا: صفةً يخرج نحو: قَضِيب، ونَصِيب.

وقولُنا: غيرَ مضاعَفِ اللامِ خرج نحو: شَدِيد.

وقولُنا: ولا معتلّ خرج نحو: عين

(5)

، ووَلِيّ.

وقولُه: «كذا لِمَا ضَاهَاهُما» : يعني: مما دلَّ على معنًى كالغريزة، وإن لم يكن على وزن "فَعِيل"، وذلك كـ: عاقِل، وصالِح، وشاعِر؛ فإنهنَّ -لكونهنَّ دالَّاتٍ على معنًى كالغريزة، ولكون الغريزة وشِبْهِها حَقُّها ألا تُؤدَّى إلا بـ"فَعِيل"؛ لِمَا ثَبَت من أكثر مجيء الغرائز على "فَعِيل"، وقِلَّةِ مجيئها في غيره- كالنائبات عن "فَعِيل"؛ فلهذا أُجْرِين مُجراه

(6)

.

* قال ابنُه

(7)

: ومن جموع الكثرة: "فُعَلاء"، وهو مقيس في "فَعِيل" صفةً لمذكَّر عاقل بمعنى "فاعِل" غيرَ مضاعَفٍ ولا معتلِّ اللام، وذلك نحو: رجل ظَرِيف، وكَرِيم وكُرَماء.

وكثُر فيما دلَّ على مدح، كـ: عاقِل وعُقَلاء، وصالِح وصُلَحاء، وشاعِر وشُعَراء، وإلى ذا الإشارة بقوله:«لِمَا ضَاهَاهُما» : عاقِلٌ، وشاعِرٌ، وصالِحٌ مساويةٌ لنحو: بَخِيل، وكَرِيم في الدلالة على معنىً هو كالغريزة، فهو كالنائب عن "فَعِيل"؛ فلهذا أُجري مُجراه

(1)

.

* "شرح العُمْدة"

(2)

: "فُعَلاء" مقيس في كل صفةٍ مثلِ: كَرِيم، وبَخِيل في الوزن، وصحةِ اللام، وعدمِ التضعيف، والدلالةِ على فاعليَّةِ مدحٍ أو ذمٍّ، نحو: كَرِيم، وحَكِيم، وبَخِيل، وسَفِيه.

وحُمِل عليه ما وافقه في المعنى من "فاعِل" صحيحِ اللام غيرِ مضعَّف، كـ: عاقِل، وصالِح.

و"أَفْعِلاء" مقيس في كل صفةٍ تُشْبِه: شَدِيدًا، أو: غَنِيًّا في الوزن، والتضعيفِ، أو الاعتلالِ في اللام، مع الدلالة على فاعليَّةِ مدحٍ أو ذمٍّ، كـ: عَزِيز، وخَسِيس، وذَكِيّ، وغَبِيّ

(3)

.

وناب عنه أَفْعِلاء في المعَلْ

…

لامًا ومُضْعَفٍ وغَيرُ ذاك قَلّ

(خ 1)

* [«في المُعَلّ لامًا»]: ع: لو قال: في مُعَلّ لامٍ؛ لكان أحسنَ

(4)

.

* [«في المُعَلّ لامًا ومُضْعَفٍ»]: ع: كان الأحسنُ: في مُعَلّ لامٍ ومُضْعَفٍ

(5)

.

(خ 2)

* قولُه: «وغيرُ ذاك قَلَّ» : أي: ومجيء "أَفْعِلاء" في غير ما ذكرناه قليل، وذلك كـ: نَصِيب وأَنْصِباء، وهَيِّن وأَهْوِناء، وصَدِيق وأَصْدِقاء.

وجوَّز بعضهم في قوله

(1)

:

عَلَى أَطْرِقَا بَالِيَاتُ الخِيَا

…

م

البيتَ

(2)

أن يكون جمعَ: طَرِيق، وقُصِر؛ للضرورة، ويؤيِّده: أنه رُوِي

(3)

: على أَطْرُقا بالياتِ، أي: على

(4)

السَّيْلُ أَطْرُقًا

(5)

.

فواعِلٌ لِفَوعَلٍ وفاعَل

…

وفَاعلاء مع نحو كاهل

(خ 1)

* "فَوَاعِل" له خمسة

(6)

مفردات، أربعة بلا شرطٍ:"فَوْعَل"، و"فاعَل"، و"فاعِلاء"، و"فاعِلة"، و"فَوْعَلة"، وواحدٌ بشرطٍ:"فاعِل"، وشرطُه: الجمود، أو كونُه لمؤنثٍ، أو لِمَا لا يعقل، وشذَّ في الصفة للعاقل المذكر

(7)

.

* [«لـ"فَوْعَلٍ"»]: جَوَاهِر، وكَوَاثِر

(8)

.

* [«و"فاعَلٍ"»]: قَوَالِب، وطَوَابِع

(9)

.

* [«و"فاعِلاء"»]: رَوَاهِط، وقَوَاصِع

(10)

(11)

.

* قولُه: «"فَوَاعِلٌ"» البيتَ: ورُبَّما قالت العامَّة في: طابَق: طَوَابِيق، وهو لحنٌ.

وقد ردَّ ابنُ الخَشَّاب

(1)

على الحَرِيريِّ

(2)

في قوله: «فأَلْفَيتُ بها أبا زَيْدٍ السَّرُوجيَّ، يتقلَّب في قَوَالِيب الانتساب، ويَخْبِط في أساليب الاكتساب» ، فقال:"القَوَالِيب" خطأٌ؛ لأن الواحد: قالِب، أو: قالَب، ذكره ابنُ دُرَيْدٍ

(3)

بالوجهين، لا: قالَاب، ولا: قالُوب، وكلا المثالَيْن من "فاعِل" و"فاعَل" إنما يُكسَّر على "فَوَاعِل" بغير ياءٍ، نحو: تابِل

(4)

، وخاتَم، فأما قولهم: خَوَاتِيم فعلى لغة مَنْ يقول: خاتام، وقد يَمُطُّون الكسرةَ، فتصير ياءً، كـ: الصَّيَارِيف، والدَّرَاهِيم، إلا أنه خاص بضرورة الشعر، وعليه قولُ أبي الطَّيِّب:

أيدي

(5)

ظِبَاءَ تلاةٍ

(6)

مَا عَرَفْنَ بِهَا

…

مَضْغَ الكَلَامِ وَلَا صَبْغَ الحَوَاجِيبِ

(7)

ولا يجوز ذلك في الكلام بالاتفاق، وعكسُه: حذف المدة مما تستحقُّه، كقوله

(8)

:

وَكَحَّلَ العَيْنَيْنِ بِالعَوَاوِرِ

(9)

أراد: العَوَاوِير.

وأجاب ابنُ بَرِّي

(10)

بأن السَّجْع يجوز فيه ما يجوز في الضرورة، قال: أَلَا ترى أنه

قد جاء: {الظُّنُونَا}

(1)

، و:{الرَّسُولَا}

(2)

، و:{السَّبِيلَا}

(3)

، بزيادة الألف في التنزيل، كما تزاد في القوافي، وجاء:{وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ}

(4)

، فحُذفت الياء فيه؛ إِتْباعًا للوَتْر وما قبلَه، وحُذفت الياء من:{رَبِّي أَكْرَمَنِ}

(5)

، كما حُذفت في قول الشاعر

(6)

:

فَهَلْ

(7)

يَمْنَعَنِّي ارْتِيَادِي البِلَا

…

دَ مِنْ حَذَرِ المَوْتِ أَنْ يَأْتِيَنْ؟

(8)

(9)

* قولُه: «"فَوَاعِلٌ" لـ"فَوْعَلٍ"» : إن قلت: قال أبو حاتمٍ

(10)

في:

عَلِيهِ قَضِيمٌ نَمَّقَتْهُ الصَّوَانِعُ

(11)

:

إنه جمعُ: صَنَاع، والمراد: اللاتي يعملن بأيديهن.

قلت: قال ابنُ عُصْفُورٍ في "شرح الأبيات"

(12)

: لعله فسَّره على المعنى، وإنما

القياس أن تكون الواحدة: صانِعة، لا: صَنَاع

(1)

.

* قولُه في الصفحة قبلُ

(2)

: «"فَوَاعِلٌ" لكذا» : أي: خاصٌّ به، ورُبَّما جاء نادرًا في غيره، قالوا في: الجَزَاء -وهو "فَعَال"-: جَوَازي، قال

(3)

:

مَنْ يَفْعَلِ الخَيْرَ لَا يَعْدَمْ جَوَازِيَهُ

…

لَا يَذْهَبُ العُرْفُ بَيْنَ اللهِ وَالنَّاسِ

(4)

وقالوا في: اليُعَار

(5)

: يَوَاعِر، قال

(6)

:

لَهَا بَيْنَ جَرْسِ الرَّاعِيَيْنِ يَوَاعِرُ

(7)

وفي: الدُّخَان: دَوَاخِن.

وأجاز أبو عَلِيٍّ في قوله

(8)

:

إِذَا فُضَّتْ خَوَاتِمُهَا وَفُكَّتْ

…

يُقَالُ لَهَا: دَمُ الوَدَجِ الذَّبِيحِ

(9)

أن يكون جمعَ: خِتَام، وليس المراد بـ"الذَّبِيح" المذبوحَ الذي تفرق

(10)

أَوْداجُه، بل:

المذبوحَ بمعنى: المشقوق، كقوله

(1)

:

نَامَ الخَلِيُّ فَبِتُّ اللَيْلَ مُشْتَجِرًا

…

كَأَنَّ عَيْنَيَّ فِيهَا الصَّابُ مَذْبُوحُ

(2)

وقال آخَرُ

(3)

:

فَأْرَةَ مِسْكٍ ذُبِحَتْ فِي سُكِّ

(4)

وقالوا: أخذه الذُّبَاحُ، وهو -فيما زعموا- تشقُّقٌ في أظفار الأحداث أو أصابعهم

(5)

، فوصف الدم بالذبح، بمعنى أنه مذبوحٌ له، مثل:{بِدَمٍ كَذِبٍ}

(6)

، أي: مكذوب فيه، و: ليلٌ نائمٌ. من "الحُجَّة"

(7)

(8)

.

* ابنُ قُتَيْبةَ

(9)

: النَّيَاطِل: مَكَايِيل الخَمْر

(10)

، واحدُها: ناطل.

قال ابنُ السِّيد

(11)

: هذا قول أبي عَمْرٍو الشَّيْبانيِّ

(12)

، ولا يصح في العربية؛ لأن

"فاعِلًا" إذا كان اسمًا فبابُه أن يُجمع على "فَوَاعِل"، ولهما أن يقولا: إنه من الجموع الخارجة عن القياس، لكنه لا ينبغي؛ فإنه إذا أمكن العدول عن التخريج على الشاذ لا يرتكب، وقد حكى أبو عُبَيْدٍ في "الغَرِيب"

(1)

: ناطِل وناطَل، وحكى ابنُ الأَنْباريِّ

(2)

: نَيْطَل، فعلى هذا جمعُ: ناطِل وناطَل: نَوَاطِل، ونَيْطَل: نيَاطل

(3)

.

* [«نحو: كاهِلِ»]: ضابطُه: "فاعِل" اسمًا، كـ: عَوَاتِق، وكَوَاهِل، وحَوَاتِم، وخَوَاتِم، وقَوَالِب في: قالِب، وطَوَابِع في: طابِع، ولا فرقَ بين العَلَم واسمِ الجنس

(4)

.

(خ 2)

* في "خَصَائِص"

(5)

أبي الفَتْح، في باب "اللفظ يَرِدُ محتمِلًا لأمرين": من ذلك:

مَنْ يَفْعَلِ الخَيْرَ لَا يَعْدَمْ جوايزه

(6)

فظاهرُ هذا أن [يكون]

(7)

جمع: جازٍ، أي: لا يَعْدَم شاكرًا عليه، ويجوز أن يكون جمعًا لـ: جَزَاء، وجُمِعَ: جَزَاء على: جَوَازٍ؛ لمشابهة المصدر اسمَ الفاعل، فكما جُمِع: سَيْل على: سَوَائِل في قوله

(8)

:

..................

…

وَكُنْتَ لَقًى تَجْرِي عَلَيْكَ السَّوَائِلُ

(1)

أي: السُّيُول، فكذلك يجوز أن يكون جمعُ "جَوَازِيَه" جمعَ: جَزَاء.

ومثلُه:

وَتَتْرُكُ أَمْوَالًا عَلَيْهَا الخَوَاتِمُ

(2)

نحو

(3)

أن يكون جمعَ: خاتَم، أي: آثار الخَوَاتِم، أو جمعَ: خَتْم، على ما مضى.

وعلى ذلك قال س

(4)

في: له عليه مائةٌ بِيضًا، و:

لِمَيَّةَ مُوحِشًا طَلَلُ

(5)

:

إن الحال من النكرة، مع أنه لا يخفى على أحدٍ أنه يجوز كونُه حالًا من الضمير في:"له"، و:"لِمَيَّةَ"، وإنما ذَكَر ذلك؛ لأنه في الجملة وجهٌ صحيح

(6)

.

وحائضٍ وصاهلٍ وفاعِله

…

وشذَّ في الفارس مع ما ماثله

(خ 1)

[«و: حائِضٍ»]: حَوَائِض، وطَوَامِث

(1)

(2)

.

* قولُه: «و: صاهِلٍ» : ضابطُه: صفةُ مذكرِ ما لا يعقل، نحو: نجم طالِع ونجوم طَوَالِع، قال

(3)

:

لَنَا قَمَرَاهَا وَالنُّجُومُ الطَّوَالِعُ

(4)

وجبال شَوَامِخ، فهذا مطرد أيضًا، نصَّ عليه س

(5)

، قال المصنِّف في "شرح الكافِية"

(6)

: وغَلِط كثير من المتأخرين، فحَكَم على مثل هذا بالشذوذ، وإنما الشاذ صفةُ العاقل المذكر، كـ: فَوَارِس

(7)

.

* قولُه: «و"فاعل"

(8)

»: نحو: الناصِية والنَّوَاصي، وفاطِمة وفَوَاطِم، وضارِبة وضَوَارِب

(9)

.

* قولُه: «وشذَّ في: الفارِس» : بَقِي عليه: "فَوْعَلة"، كـ: صَوْمَعة وصَوَامِع،

وزَوْبَعة

(1)

وزَوَابِع، وشذَّ: دُخَان ودَوَاخِن، وعُثَان

(2)

وعَوَاثِن، وحاجة وحَوَائِج، وشجن

…

(3)

(4)

.

* في "البُخَاريِّ"

(5)

في تفسير قوله تعالى: {مَعَ الْخَوَالِفِ}

(6)

: فإن كان جمعَ الذكور فإنه لم يوجد على تقدير جمعه إلا حرفان: فارِس وفَوَارِس، وهالِك وهَوَالِك

(7)

.

* قولُه تعالى: {وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ}

(8)

: قال الكَرْخيُّ

(9)

: الكَوَافِر يشمل الرجال والنساء، فقال له الفارِسيُّ: النحويون لا يرون هذا إلا في النساء، جمع: كافِرة، فقال: أليس يقال: فرقة كافِرة، وطائفة كافِرة؟ قال الفارِسيُّ: فَبُهِتُّ، وقلتُ: هذا تأييدٌ. انتهى.

وليس بشيءٍ؛ لأنه لا يقال: كافِرة في وصف الرجال إلا تابعًا لموصوفها، أو يكون محذوفًا، أما بغير ذلك فلا تُجمع "فاعِلة" على "فَوَاعِل" إلا وتكون للمؤنث

(10)

.

(خ 2)

* قولُه: «و"فاعِله"» : نحو: القَوَاعِد في قوله سبحانه: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ

الْقَوَاعِدَ}

(1)

، و"من البيت" حالٌ منها، أو متعلِّق بـ"يرفع" على أنه مفعول به، أي: من أرض البيت، وأما:{وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ}

(2)

فجمعُ: قاعِد

(3)

.

وبِفَعائلَ اجمعن فَُِعاله

…

وشِبْهَه ذا تاء او مُزاله

(خ 2)

* خصَّص ذلك في "شرح الغاية"

(4)

بخمسة أوزان: 1: عِمَامة، ورِسَالة. 2: صَحِيفة. 3: ذُؤَابة. 4: حَلُوبة. 5: سَحَابة

(5)

(6)

.

* في "الكَشَّاف"

(7)

في قوله تعالى: {وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ}

(8)

ما نصُّه: فإن قلت: كيف جمع "اليَتِيم" -وهو "فَعِيل"، كـ: مَرِيض- على: يَتَامى؟

قلت: فيه وجهان:

أحدهما: أن يُجمع على: يَتْمى، كـ: أَسْرى؛ لأن اليُتْم من وادي الآفات والأوجاع، ثم يُجمع "فَعْلى" على "فَعَالَى"، كـ: أَسَارى.

والثاني: أن يُجمع على "فَعَائِل"؛ لجَرْي "اليَتِيم" مَجرى الاسم، نحو: صاحِب،

وفارِس، فيقال: يَتَائِم، ثم: يَتَامى، على القَلْب.

وقال

(1)

في الكلام على قوله تعالى: {وَإِنْ

(2)

خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى}

(3)

: هو جمعُ: يَتِيمة، على القَلْب، كما قيل: أَيَامى

(4)

، والأصلُ: أَيَائِم، ويَتَائِم.

ع: هذا مستقيم، وأما الجواب الثاني من جوابَيْ الأولِ ففاسدٌ؛ لأن "فَعِيلًا" في الأسماء لا يُجمع على "فَعَائِل" إلا إذا كان مؤنثًا، ولذلك نوزع في: دَلِيل ودَلَائِل

(5)

.

وبالفعالَى والفعالِي جمعا

…

صحراءُ والعذراءُ والقيسَ اتبعا

(خ 2)

* الجَوْهَريُّ

(6)

: الصَّحْراءُ: البَرِّيَّة، وهي غير مصروفة، وإن [لم]

(7)

تكن صفةً، وإنما لم تُصْرف؛ للتأنيث، ولزومِ حرف التأنيث له، وكذلك القول في: بُشْرى، والجمعُ: الصَّحَارَى، والصَّحْراوات، وكذلك جمعُ كلِّ "فَعْلاء" إذا لم يكن مؤنثَ "أَفْعَل"، مثل: عَذْراء، ووَرْقاء، اسمِ رجلٍ.

وأصلُ "الصَّحارَى": صَحَارِيُّ، بالتشديد، وقد جاء في الشعر؛ لأنك إذا جمعت: صَحْراء أدخلت بين الحاء والراء ألفًا، وكَسَرت الراءَ، كما تكسر ما بعد ألف الجمع في كل موضع، نحو: مَسَاجِد، وجَعَافِر، فتنقلب الأُولى التي بعد الراء ياءً؛ لكسرة

(8)

التي قبلها، وتنقلب الألف الثانية التي للتأنيث أيضًا، وتدغم، ثم حذفوا الياء الأولى، وأبدلوا الثانية ألفًا؛ لتسلم الألف من الحذف عند التنوين، وإنما فعلوا ذلك؛ ليفرِّقوا بين الياء

المنقلبة من الألف [للتأنيث، وبين الياء المنقلبة من الألف]

(1)

التي ليست للتأنيث، نحو ألفِ: مَرْمى، إذا قالوا: مَرَامي، ومَغَازي، وبعض العرب لا يحذف الياء الأولى، ولكن الثانيةَ، فيقول: الصَّحَارِي، بالكسر، وهذه صَحَارٍ.

وقال

(2)

في "عَذْراء": العَذْراءُ: البِكْر، والجمعُ: العَذَارَى، والعَذَارِي، والعَذْروات

(3)

، كما قلنا في: الصَّحَارَى

(4)

.

* قولُه: «صَحْراء» : يعني: "فَعْلاء" اسمًا

(5)

.

* قولُه: «والعَذْراء» : يعني: "فَعْلاء" وصفًا لا "أَفْعَلَ" لها، وهي عبارة قاصرة؛ فإنه نصَّ في "التَّسْهِيل"

(6)

على أن "فَعَالِي" بكسر اللام يُغني عن "الفَعَالَى" بفتحها جوازًا فيهما

(7)

، وفي "فَعْلاء"

(8)

، و"فِعْلاء"

(9)

، و"فَعْلى" أسماءً، وفي "فُعْلى" لا أُنثى "الأَفْعَل"، وفي نحو: مَهْريّ

(10)

، ولزومٍ في ألفاظٍ ضَبطها هناك.

وفي "شرح الغاية"

(11)

: "فعَالَى" لـ"فَعْلى فَعْلان" وعكسِه، نحو: سَكْرى وسَكْران وسكَارَى، فيستوي فيه المذكر والمؤنث.

وفي "شرح الخُلَاصة"

(1)

لابن الناظم: "الفَعَالِي" لـ"فَعْلاة"، كـ: سَعْلاة

(2)

، ومَوْماة

(3)

، و"فَعْلُوة"، كـ: عَرْقُوة

(4)

، و"فِعْلِية"، كـ: هِبْرِية

(5)

، ولِمَا حُذف أولُ زائدَيْه من نحو: حَبَنْطا

(6)

، ويشتركان

(7)

في جمع "فَعْلاء" اسمًا، كـ: صَحْراء، أو صفةً، كـ: عَذْراء.

ع: ما لم يكن من باب: حَمْراء

(8)

.

ولِمَا فيه ألفُ التأنيث مقصورةً، أو ألفُ الإلحاق مقصورةً، كـ: حُبْلى، وذِفْرى

(9)

(10)

.

واجعل فعالِيَّ لغَيْرِ ذي نَسَبْ

…

جُدِّدَ كالكُرسي تَتْبَعِ العَرَبْ

(خ 2)

* [«"فَعَالِيَّ"»]: وأُضْحِيَّة وأَضَاحِيّ، وبُخْتِيَّة

(11)

وبَخَاتِيّ، وأُوقِيَّة

(12)

وأَوَاقِيّ، وعارِيَّة وعَوَارِيّ

(13)

.

* العبارة الجيِّدةُ: قولُ ابنِه

(1)

: لكلِّ ثلاثيٍّ آخرُه ياءٌ مشددة غيرُ متجدِّدةٍ للنَّسَب، نحو: كُرْسِيّ، وبَرْدِيّ

(2)

.

وكذا: بُخْتِيّ، والفقهاء

(3)

يقولون: منسوبة إلى بُخْتَ نَصَّرَ

(4)

.

وشَرَطَ في "التَّسْهِيل"

(5)

سكونَ العين، فقال: ومنها: "فَعَالِيَّ" لثلاثيٍّ ساكنِ العين زائدًا آخرَه ياءٌ مشدَّدةٌ لا لتجديد نسبٍ، ولنحو: عِلْباء

(6)

، وقُوْباء

(7)

، وحَوْلَايا

(8)

، ويُحفظ في نحو: صَحْراء، وعَذْراء، وإِنْسان، وظَرِبان

(9)

(10)

.

وبِفَعالِلَ وشبهِه انطقا

…

في جمع ما فوق الثلاثة ارتقى

من غير ما مضى ومن خماسي

…

جُرّد الاخِرَ انفِ بالقياس

(خ 1)

* [«من غير ما مضى»]: ع: يُفْهِم كلامُه أن ما مضى لا يُجمع على ذلك، ومما مضى:"أَفْعَل"، ويكسَّر على "أَفَاعِل"، وهي مُشْبِهةٌ لـ"فَعَالِل"، تقول: أَكْبَر وأَكَابِر، قال الله تعالى:{أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا}

(11)

، وقال الشاعر

(12)

:

أَتَانِي وَعِيدُ الحُوصِ مِنْ آلِ جَعْفَرٍ

…

فَيَا

…

(1)

الأَحَاوِصَا

(2)

وفي التنزيل: {إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا}

(3)

، وقالوا: أَفْكَل

(4)

وأَفَاكِل.

ع: وليُنْظَرْ أيضًا في "فَعْلان" و"فُعْلان"

(5)

، نحو: عُثْمان، وسَلْمان؛ فإنها لا تُجمع على "فَعَالِين"، وهو مشبَّهٌ بـ"فَعَالِل".

وقد حكى كـ

(6)

في: شَعْبان: شَعَابِين، قال النَّحَّاسُ

(7)

: وهو خطأٌ عند س

(8)

، لا يجوز عنده في: عُثْمان: عَثَامِين، ولو جاز هذا لجاز في التصغير: عُثَيْمِين، قال: وهذا إنما يكون عندنا في "فِعْلان"، نحو: سِرْحان وسَرَاحِين.

ع: فأما: مُصْران ومَصَارِين فنصَّ سِيبَوَيْهِ

(9)

على أنه لا يُلتفت إليه، يعني: لشذوذه، وقالوا شاذًّا: مَشَابِه في: شَبَه، ومَلَامِح في: لَمْحة

(10)

.

* [«الاخِرَ انْفِ»]: وإنما اختصَّ الحذف بالآخر؛ لأنه الذي يُرْتَدَع عنده، وكلامُ س

(11)

في ذلك معروف، وبهذا استَدْلَلْنا على صحة قول الخَلِيل

(12)

: إن المحذوف من

الهمزتين في نحو: {فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا}

(1)

إذا سهَّلنا: الثانيةُ لا الأُولى؛ لأنها التي ارتَدَعْنا عندها، وأما قول أبي عَمْرٍو

(2)

: إن المحذوف الأولى، فله وُجَيْهٌ، وهو أنها طرف، والأطراف محلُّ التغيير

(3)

.

(خ 2)

* [«من غير ما مضى»]: يستثنى من ذلك: أَجْمَع، وأَكْتَع، وأَبْصَع، وأَبْتَع؛ فإنه كان قياسُه أن يُجمع على مُشْبِه "فَعَالِل"، وهو "أَفَاعِل"، كما جُمِع: أَفْكَل، وأَيْدَع

(4)

، وأَصْبَع، وأَرْمَل، وأَفْضَل

(5)

.

والرابعُ الشبيهُ بالمزِيد قد

…

يُحذفُ دون ما به تَم العَدد

(خ 1)

* قولُه: «الرابع» : ومِنْ ثَمَّ غُلِّط الزَّمَخْشَريُّ

(6)

في قوله في: جَحْمَرِش

(7)

: جَحَارِش

(8)

.

* قولُه: «الشَّبِيه» يشمل ما كان بلفظ الزائد، كـ: خَدَرْنَق

(9)

؛ فإنه مشابهٌ له في اللفظ، لكنه غير زائد، وفَرَزْدَق؛ فإنه يشابهه في المخرج، ويستثنى من الأول: أن يكون

التالي -وهو الخامس- من لفظ حروف الزيادة، فلا يحذف غيرُه، كـ: شَمَرْدَل

(1)

(2)

.

(خ 2)

* في "التَّسْهِيل"

(3)

أن كـ والأَخْفَشَ

(4)

يُعامِلون بهذه المعاملة ما قبل الرابع، ويقوِّيه: ما نقله الزَّمَخْشَريُّ

(5)

أن بعض العرب يقولون في تصغير: جَحْمَرِش: جُحَيْرِش، بحذف الميم.

وفي "المِفْتاح"

(6)

أن: جَحْمَرِشًا يكسَّر على: جَحَارِش؛ لكون الميم من حروف الزيادة

(7)

.

* [«والرابع الشَّبِيه»]: لفظًا، نحو: خَدَرْنَق، أو مخرجًا، نحو: فَرَزْدَق، وشَمَرْدَل، وزعم المبرِّدُ

(8)

أنه لا يُحذف دائمًا إلا الخامسُ، فهذه ثلاثة مذاهبَ، مذهب

(9)

الزَّمَخْشَريِّ

(10)

، وكـ

(11)

(12)

.

* فإن قلت: هل شرطُ ذلك أن لا يكون الأخير من لفظ الزائد؟

قلت: كذا كنتُ أرى

(1)

، ثم رأيت في ش ع

(2)

أنه يقال في: قُذَعْمِل

(3)

: قُذَاعِم، وقُذَاعِل، وفي التصغير: قُذَيْعِم، وقُذَيْعِل

(4)

.

* مسألةٌ: إن كان المجموع أو المصغَّر مجموعَيْن بَقِيا بحالهما، فتقول في: مِقَصّ، ومِدَقّ، ودابَّة: مَقَاصّ، ومَدَاقّ، ودَوَابّ، ومُقَيْصّ، ومُدَيْقّ، ودُوَيْبَّة، وإن كانا مفكوكين؛ فإن كان الفكُّ غيرَ شاذٍّ بَقِي، كـ: قَرْدَد

(5)

، يقال فيه: قَرَادِد، وقُرَيْدِد، وإن كان شاذًّا أُدغم، مثل: مَحْبَب، وأَلَنْدَد

(6)

، فتقول: مَحَابّ، وأَلَادّ، ومُحَيْبّ، وأُلَيْدّ، ويتجدَّد لـ"أَلَنْدَد" في التصغير مع الإدغام: منعُ الصرف

(7)

.

وزائدَ العادِي الرباعيْ احذِفه ما

…

لم يكُ لِينًا إِثْرَهُ الَّلذ خَتَما

(خ 2)

* عبدُاللَطِيف

(8)

: يَرِد على هذا الإطلاق: ميمُ: مِفْتاح، ومِنْدِيل، ومَسْعُود، عَلَمًا، ونحوِهن مما جاوز الأربعة، وفيه زائدان، أحدُهما لينٌ قبل الآخر، وليس مدغمًا فيه إدغامًا أصليًّا، فإنك لا تحذف -مع أنه زائد- فيما جاوز الأربعة، وليست لين

(9)

إِثْرَه الذ

(10)

خَتَم

(1)

.

والسينَ والتا مِن كمستدع أزل

…

إذ ببنا الجمع بقاهما مُخِلّ

(خ 1)

* [«كـ: مُسْتَدْعٍ»]: وكذا: مُسْتَغْفِر، ومُسْتَكْتِب، ومُسْتَخْرِج

(2)

.

(خ 2)

* نهايةُ ما يرتقي إليه بناءُ الجمع: "فَعَالِل" و"فَعَالِيل"، و"فَعَالِل" يأتي في الرباعي، و"فَعَالِيل" يأتي في خماسيٍّ قبل آخره مدَّةٌ، فإذا تجاوزت الكلمة هذين الأمرين -وهما: الأربعة والخمسة المذكورة- وجب أن يحذف منها ما يمنع من تَقَوُّمِ هذين الجمعين المذكورين.

فنحو: مُكْرِم رباعيٌّ، فلا حاجةَ به إلى حذف شيءٍ، فقُلْ: مَكَارِم، ولا تَقُلْ: كيف أقررت الزائدَ، وهو الميم، وحذفت الأصلَ، وهو لامُ "سَفَرْجَل"

(3)

؟ لأنَّا نقول: ذاك الأصلُ يضُرُّ، وهذا الزائدُ لا يضُرُّ، والحذف دائرٌ مع الضرر وعدمه.

ونحو: مِفْتاح لا يحذف منه شيءٌ؛ لأنه خماسيُّ الأحرف، إلا أن رابِعَه مدَّة قبل الآخر، فلا حذفَ.

ونحو: احْرِنْجام سباعيٌّ، فيحذف منه اثنان: الهمزة، والنون، ويبقى الألف، أما إبقاءُ اللام

(4)

؛ فلأنها مدَّة قبل الآخر، وأما حذف الهمزة؛ فلأن صيغة "مَفَاعِل" و"مَفَاعِيل" بتحريك الحرف الثاني، وتحريكُ ما بعد همز الوصل يقتضي إسقاطَها؛ لزوال حكمتها، وأما حذف النون؛ فللإخلال.

ونحو: مُسْتَخْرِج تحذف اثنين ليصير أربعةً، ولا تحذف ثلاثةً

(1)

ليصير خمسةً؛ لأنه ليس قبل آخره مدَّة، وذاك إنما يكون فيما هو كذلك.

وإذا كان بعض الزيادات أفضلَ من بعضٍ حذفت المفضولَ وبقَّيت الفاضلَ، وسببُ الفضل أمور:

أحدها: تصدُّر الزيادة، وتجدُّدها للدلالة على معنًى، كميم: مُسْتَدْعٍ، ومُنْطَلِق، وقولنا:«وتجدُّدها» احترازٌ من السين والتاء؛ فإنهما يدلَّان، لكنهما ليسا متجدِّدين.

الثاني: كونهما في موضعٍ يدلَّان فيه على معنًى، كهمزة: أَلَنْدَد، وياءِ: يَلَنْدَد.

والثالث: كون حذفِها لا يُحْوِج إلى حذفٍ، بخلاف حذف الزيادة الأخرى، كياء: حَيْزَبُون

(2)

، وياءِ: نَيْدَلان

(3)

، تقول: حَزَابِين، ونَدَالِين.

والرابع: مماثلتها لأحد الأصول ولا ميمَ مصدَّرةً، كـ: عَفَنْجَج

(4)

، تقول: عَفَاجِج، لا: عَفَانِج، فأما نحو: مُقْعَنْسِس

(5)

فقال المبرِّد

(6)

: قَعَاسِس، والصواب عند س

(7)

: مَقَاعِس، وهو الحقُّ.

والخامس: عدم إيهامها خلافَ الواقع، فنحو: مَرْمَرِيس

(8)

يقال في جمعه: مَرَارِيس، لا: مَرَامِيس؛ لئلا يوهم أنه "فَعَالِيل"، لا:"فَعَافِيل".

السادس: أن تكون محرَّكةً، ونظيرُها ساكنةً، نحو: حُطَائِط

(9)

، بحذف الألف وبقاءِ

الهمزة؛ لِمَا ذكرنا.

السابع: أن لا يؤدِّيَ إلى بناءٍ لا نظيرَ له، بخلاف الزائد الآخر، وذلك كقولك في: اسْتِخْراج: تَخَارِيج، ولا تَقُلْ فيه: سَخَارِيج؛ لانتفاء "سَفَاعِيل"، وثبوتِ نحو: تَمَاثِيل.

ع: قالوا في: كَوَأْلَل

(1)

: إن الواو واللام متكافئتان؛ لتحرُّكهما، وفي: عَفَنْجَج: إن الجيم أفضل من النون؛ لكونها مماثلةً للأصل، ولك أن تقول: إنما ذلك؛ لتحرُّكها وسكونِ النون، وإلا فقولوا في: كَوَأْلَل: إن اللام أفضل من الواو.

ولك أن تنازع أيضًا في: حُطَائِط، وتقول: لا أسلِّمُ أن المحذوف اللام

(2)

، بل المحذوف الهمزة

(3)

، ثم أُبدلت الألف همزةً؛ لوقوعها ثالثةً بعد ألف "مَفَاعِل"، كما في: رِسَالة ورَسَائِل

(4)

.

* من "خَصَائِص"

(5)

أبي الفَتْح: قد يَغْلِبُ الزائدُ الأصلَ، كقولك: هذا قاضٍ، ومُصْطَفِيٌّ، ويَعِدُ، ويَزِنُ، وهذا أحدُ ما يدلُّ على اعتنائهم بالمعاني، ويدلُّ لأبي الحَسَن

(6)

في قولهم

(7)

: إن المحذوف من: مَبِيع، ومَقُول إنما هو العين؛ من حيث كانت الواو دليلَ اسمِ المفعول.

وقال الشاعر

(8)

:

بَنِي عَقِيلٍ مَاذِهِ الخناقق

(9)

..................

…

المَالُ هَدْيٌ وَالنِّسَاءُ طَالِقُ

(1)

الخَنَافِق: جمعُ: خنفيق

(2)

، النون زائدة، والقاف الأولى عند الخَلِيل

(3)

هي الزائدة، والثانيةُ هي الأصلية، والنونُ والقاف جميعًا لمعنًى، وهو الإلحاق، وإذا كانوا قد حذفوا الأصلَ للزائد، وهما في طبقةٍ واحدةٍ، أعني: في اجتماعهما للإلحاق، فكيف إذا كان الزائد لمعنًى، والأصلُ المحذوفُ لا لمعنى؟ وفي قولهم: خَنَافِق تصحيحٌ لقول س

(4)

في

(5)

: مقعنس

(6)

: مَقَاعِس، ومقعس

(7)

، بل إذا حذفوا الملحقَ للملحقَ، فحَذْفُ الملحق لذي المعنى أقوى، وكأنهم إنما حذفوا الأصلَ للزائد؛ تنويهًا به، وإعلامًا بأنه التحق بأصولهم.

ومن ذلك: قولُهم: قَلْسَيْته، والياء بدل من واو: قَلَنْسُوة

(8)

الزائدةِ، ومَنْ قال: قلنسية

(9)

فقد أثبت النون، وهي أيضًا زائدة، وقالوا: تعَفْرَتَ، إذا خَبُث، فاشتقُّوا من "العِفْرِيت"، والتاءُ زائدة.

ونظيرُ تقويتهم أمرَ الزائد، وحذفِهم الأصلَ له: قولُه

(10)

:

أَمِيلُ مَعَ الذِّمَامِ عَلَى ابْنِ عَمِّي

…

وَأَحْمِلُ لِلصَّدِيقِ مَعَ الشَّفِيق

وَإِنْ كَانَ الفَتَى حُرًّا مُطَاعًا

…

فَإِنَّكَ وَاجِدِي عَبْدَ الصَّدِيقِ

(1)

وهذا كلُّه يُضْعِف قولَ مَنْ حقَّر تحقيرَ الترخيم، ومَنْ كسَّر على حذف الزيادة، إلا أن وجه جوازه قولُه

(2)

:

وَأَنْفُ الفَتَى مِنْ وَجْهِهِ وَهْوَ أجذع

(3)

(4)

وقولُه

(5)

:

كَيْمَا أُعِدَّهُمُ لِأَبْعَدَ مِنْهُمُ

…

وَلَقَدْ يُجَاءُ إِلَى ذَوِي الأَحْقَادِ

(6)

وقولُه

(7)

:

أَخَاكَ أَخَاكَ إِنَّ مَنْ لَا أَخَا لَهُ

…

كَسَاعٍ إِلَى الهَيْجَا بِغَيْرِ سِلَاحِ

(8)

(9)

والميمُ أَولَى من سواهُ بالبقا

…

والهمزُ واليا مثلُه إِن سَبَقا

والياءَ لا الواوَ احذفِ ان جمعتَ ما

…

كَحَيْزَبُونٍ فهو حُكْمٌ حُتما