الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَفِي الخصائص وَفِي الْمُبْهِج يسري بدل يثني وَزَاد فِي الْمُحْتَسب فَقَالَ هَكَذَا روى أَبُو عَليّ يسري من سريت وَرَوَاهُ ابْن الْأَعرَابِي يشري بالشين مُعْجمَة اي يعلق ويحرك الْهوى بَصرِي وَمَا أحسن هَذِه الرِّوَايَة وأظرفها انْتهى أما الأول فَهُوَ مضارع سريت الثَّوْب عني سريا لُغَة فِي سروته عني سروا بِمَعْنى أَلقيته وَأما الثَّانِي فَهُوَ مضارع أشريته متعدي شري الْبَرْق شرى من بَاب فَرح إِذا كثر لمعانه وشري زِمَام النَّاقة إِذا كثر اضطرابه وشرى الرجل واستشرى إِذا لج فِي الْأَمر وَقَوله (أدنو فأنظور) روى ابْن جني مَوْضِعه أثني فأنظور أَي أثني عنقِي فَأنْظر نحوهم من ثناه بِمَعْنى لواه قَالَ أَبُو عَليّ وَتَبعهُ ابْن جني لَو سميت
رجلا بأنظر لمنعته الصّرْف للتعريف وَوزن الْفِعْل وَلَو سميته بأنظور من قَول الشَّاعِر أدنو فأنظور لصرفته لزوَال لفظ الْفِعْل وَإِن كُنَّا نعلم أَن الْوَاو إِنَّمَا تولدت من إشباع ضمة الظَّاء وَأَن المُرَاد عِنْد الْجَمِيع أنظر
وَأنْشد بعده وَهُوَ
الشَّاهِد الثَّانِي عشر
(الْكَامِل)
(ينباع من ذفرى غضوب جسرة)
تَمَامه
(زيافة مثل الفنيق المكدم)
على أَن الْألف تولدت من إشباع الفتحة وَالْأَصْل يَنْبع كَذَا قَالَ جمَاعَة وَقَالَ أبن الْأَعرَابِي ينباع ينفعل من بَاعَ يبوع إِذا مر مرا لينًا فِيهِ تلو وَأنكر أَن يكون الأَصْل فِيهِ يَنْبع وَقَالَ يَنْبع يخرج كَمَا يَنْبع المَاء من الأَرْض وَلم يرد هَذَا إِنَّمَا أَرَادَ السيلان وتلويه على رقبَتهَا وَفِي الْعباب
وانباع الْعرق سَالَ وَأنْشد هَذَا الْبَيْت وَقَالَ ويروى يَنْبع وَقيل يَنْبع فتولدت الْألف من إشباع الفتحة ويروى ينهم أَي يذوب يُقَال همه الْمَرَض إِذا أذابه وَأَنَّهُمْ الشَّحْم وَالْبرد ذابا وإنكار ابْن الْأَعرَابِي رِوَايَة يَنْبع مَرْدُود بِرِوَايَة الثِّقَات وَقَوله لَيْسَ المُرَاد يَنْبع إِلَخ مَرْدُود أَيْضا فَإِن الذفري هُوَ الْموضع الَّذِي يعرق من الْإِبِل خلف الْأذن وفاعل ينباع ضمير عَائِد على الرب أَو الكحيل فِي الْبَيْت السَّابِق وَجُمْلَة ينباع خبر كَأَن وَهُوَ (الْكَامِل)
(وَكَأن رَبًّا أَو كحيلا معقدا
…
حش الْوقُود بِهِ جَوَانِب قمقم)
الرب بِضَم الْمُهْملَة مَعْرُوف وَهُوَ شَبيه الدبس والكحيل بِضَم الْكَاف وَفتح الْحَاء الْمُهْملَة القطران شبه عرق النَّاقة بهما وَقَالَ الْخَطِيب التبريزي وَقيل الكحيل هناء تهنأ بِهِ الْإِبِل من الجرب شَبيه بالنفط يُقَال لَهُ الخضخاض وَقَالَ أَبُو جَعْفَر النَّحْوِيّ هُوَ رَدِيء القطران يضْرب إِلَى الْحمرَة ثمَّ يسود إِذا عقد
وَفِي الْعباب الكحيل مصغر الَّذِي يطلي بِهِ الْإِبِل للجرب وَهُوَ النفط قَالَه الْأَصْمَعِي قَالَ والقطران إِنَّمَا يطلى بِهِ للدبر والقراد وَشبه ذَلِك وانشد هَذَا الْبَيْت ومعقد اسْم مفعول من أعقد وَهُوَ الَّذِي أوقد تَحْتَهُ النَّار حَتَّى انْعَقَد وَغلظ قَالَ فِي الصِّحَاح وَعقد الرب وَغَيره اي غلظ فَهُوَ عقيد أعقدته تعقيدا قَالَ الْكسَائي يُقَال للقطران والرب وَنَحْوه أعقدته حَتَّى تعقد وَهُوَ وصف الثَّانِي لَا الأول فَإِن الرب يكون معقدا وَحش بِالْحَاء الْمُهْملَة يُقَال حششت النَّار إِذا أوقدتها والوقود بِفَتْح الْوَاو الْحَطب والوقود بِالضَّمِّ الْمصدر وَهُوَ فَاعل حش وجوانب مَفْعُوله وَيجوز أَن يكون حش بِمَعْنى احتش أَي اتقد كَمَا يُقَال هَذَا لَا يخلطه شَيْء بِمَعْنى لَا يخْتَلط بِهِ فَيكون جَوَانِب مَنْصُوبًا على الظّرْف كَذَا فِي شرح أبي جَعْفَر النَّحْوِيّ والقمقم كهدهد الجرة
وآنية مَعْرُوفَة قَالَ القَاضِي أَبُو الْحُسَيْن الزوزني فِي شَرحه شبه الْعرق السَّائِل من رَأسهَا وعنقها بِرَبّ أَو قطران جعل فِي قمقم أوقدت عَلَيْهِ النَّار فَهُوَ يترشح بِهِ عِنْد الغليان وعرق الْإِبِل شبهه بهما وَشبه رَأسهَا بالقمقم فِي الصلابة وَتَقْدِير الْبَيْت وَكَأن رَبًّا أَو كحيلا حش الْوقُود بإغلائه فِي جَوَانِب قمقم عرقها الَّذِي ينرشح مِنْهَا ا. هـ.
والذفرى بِكَسْر الذَّال الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْفَاء من الْقَفَا الْموضع الَّذِي يعرق من الْإِبِل خلف الْأذن يُقَال هَذِه ذفرى أسيلة لَا تنون لِأَن ألفها للتأنيث وَبَعْضهمْ ينون وَيجْعَل ألفها للإلحاق وَهِي ماخوذة من ذفر الْعرق لِأَنَّهَا أول مَا يعرق من الْإِبِل الذفريان وَأول مَا يَبْدُو فِيهِ السّمن لِسَانه وكرشه وَآخر مَا يبْقى فِيهِ السّمن عينه وسلاماه وَعِظَام أخفافه والغضوب بالغين وَالضَّاد المعجمتين قَالُوا هِيَ النَّاقة
العبوس وَالْمرَاد النَّاقة الصعبة الشَّدِيدَة المراس قَالَ الْخَطِيب فِي شَرحه تبعا لأبي جَعْفَر الغضوب والغضبى وَاحِد وغضوب للتكثير كَمَا يُقَال ظلوم وغشوم وروى شَارِح شَوَاهِد التفسيرين من ذفرى أسيل قَالَ والأسيل من كل شَيْء المسترسل الطَّوِيل السهل وَهَذِه الرِّوَايَة غير صَحِيحَة لِأَنَّهُ إِن كَانَ بِإِضَافَة ذفرى إِلَيْهِ فَكَانَ يجب ان يَقُول أسيلة لِأَن كَلَامه فِي النَّاقة بِدَلِيل مَا بعده وَإِن كَانَ الأسيل وَصفا للذفرى وَإِن صَحَّ بِتَقْدِير ألفها للإلحاق لَكِن تبقى الذفرى غير مُقَيّدَة والجسرة بِفَتْح الْجِيم وَسُكُون السِّين الْمُهْملَة قَالَ فِي الصِّحَاح الجسر الْعَظِيم من الْإِبِل وَالْأُنْثَى جسرة وَفِي الشُّرُوح الجسرة الْمَاضِيَة فِي سَيرهَا وَمِنْه جسر فلَان على كَذَا وَقيل هِيَ الضخمية
القوية وروى بدله حرَّة وَالْحر الْجيد الأَصْل والخالص من كل شَيْء والزيافة بِفَتْح الزَّاي الْمُعْجَمَة وَتَشْديد الْمُثَنَّاة التَّحْتِيَّة وَالْفَاء مُبَالغَة زائف وَهُوَ من زاف يزيف زيفا وزيفانا إِذا تبختر فِي مشيته كَذَا فِي الْعباب وَقَالَ الْخَطِيب هِيَ المسرعة والفنيق بِفَتْح الْفَاء وَكسر النُّون الْفَحْل المكدم الَّذِي لَا يُؤْذِي وَلَا يركب لكرامته على أَهله والمكدم بِضَم الْمِيم وَسُكُون الْكَاف اسْم مفعول قِيَاسه أَن يكون من أكدمه لكِنهمْ لم ينقولا إِلَّا كدمه ثلاثيا من الْبَاب الأول وَالثَّانِي قَالُوا الكدم العض بِأَدْنَى الْفَم كَمَا يكدم الْحمار والمكدم بِالتَّشْدِيدِ المعضض وروى مَوْضِعه المقرم على وَزنه وَهُوَ الْبَعِير الَّذِي لَا يحمل عَلَيْهِ وَلَا يذلل وَإِنَّمَا هُوَ للفحلى بِكَسْر الْفَاء وَسُكُون الْحَاء الْمُهْملَة قَالَ الزوزني يَقُول يَنْبع هَذَا الْعرق من خلف أذن نَاقَة غضوب مؤثقة الْخلق شَدِيدَة التَّبَخْتُر فِي سَيرهَا مثل فَحل من الْإِبِل قد كدمته الفحول شبهها بالفحل فِي تبخترها ووثاقة خلقهَا وضخمها وَهَذَانِ البيتان من معلقَة عنترة وَهِي من أَجود شعره وَكَانَت الْعَرَب تسميها المذهبة بِصِيغَة اسْم الْمَفْعُول من الإذهاب أَو التذهيب وهما بِمَعْنى التمويه والتطلية بِالذَّهَب
وَمعنى الْمُعَلقَة أَن الْعَرَب كَانَت فِي الْجَاهِلِيَّة يَقُول الرجل مِنْهُم الشّعْر
فِي أقْصَى الأَرْض فَلَا يعبأ بِهِ وَلَا ينشده أحد حَتَّى يأتى مَكَّة فِي موسم الْحَج فيعرضه على أندية قُرَيْش فَإِن استحسنوه رُوِيَ وَكَانَ فخرا لقائله وعلق على ركن من أَرْكَان الْكَعْبَة حَتَّى ينظر إِلَيْهِ وَإِن لم يستحسنوه طرح وَلم يعبأ بِهِ وَأول من علق شعره فِي الْكَعْبَة أمرؤ الْقَيْس وَبعده علقت الشُّعَرَاء وَعدد من علق شعره سَبْعَة ثانيهم طرفَة بن العَبْد ثالثهم زُهَيْر بن أبي سلمى رابعهم لبيد بن ربيعَة خامسهم عنترة سادسهم الْحَارِث بن حلزة سابعهم عَمْرو بن كُلْثُوم التغلبي هَذَا هُوَ الْمَشْهُور وَفِي الْعُمْدَة لِابْنِ رَشِيق وَقَالَ مُحَمَّد بن أبي الْخطاب فِي كِتَابه الموسوم بجمهرة أشعار الْعَرَب إِن أَبَا عُبَيْدَة قَالَ أَصْحَاب السَّبع الَّتِي تسمى السموط امْرُؤ الْقَيْس وَزُهَيْر والنابغة والأعشى ولبيد وَعَمْرو وطرفه قَالَ وَقَالَ الْمفضل من زعم أَن فِي السَّبع الَّتِي تسمى السموط لأحد غير هَؤُلَاءِ فقد أبطل فاسقطا من أَصْحَاب المعلقات عنترة والْحَارث بن حلزة وأثبتا الْأَعْشَى والنابغة وَكَانَت المعلقات تسمى المذهبات وَذَلِكَ أَنَّهَا اختيرت من سَائِر الشّعْر فَكتبت فِي الْقبَاطِي بِمَاء الذَّهَب وعلقت على الْكَعْبَة فَلذَلِك يُقَال مذهبَة فلَان إِذا كَانَت أَجود شعره ذكر ذَلِك غير وَاحِد من الْعلمَاء وَقيل بل كَانَ الْملك إِذا استجيدت قصيدة يَقُول عَلقُوا لنا هَذِه لتَكون
فِي خزانته وَنَذْكُر إِن شَاءَ الله خبر كل وَاحِد من أَصْحَاب القصائد وأنسابهم وَالسَّبَب الَّذِي دعاهم إِلَى قَول تِلْكَ القصائد عِنْدَمَا يَأْتِي شعر كل مِنْهُم وَقد طرح عبد الْملك بن مَرْوَان شعر أَرْبَعَة مِنْهُم وَأثبت مكانهم أَرْبَعَة وَرُوِيَ أَن بعض أُمَرَاء بني أُميَّة أَمر من أخْتَار لَهُ سَبْعَة أشعار فسماها المعلقات
وَالسَّبَب الَّذِي حمل عنترة على نظم هَذِه القصيدة أَنه كَانَ لَا يَقُول من الشّعْر إِلَّا الْبَيْتَيْنِ وَالثَّلَاثَة حَتَّى سابه رجل من قومه فعابه بسواده وَسَوَاد أمه وَأَنه لَا يَقُول الشّعْر فَأَجَابَهُ عنترة أبلغ جَوَاب نَقله ابْن قُتَيْبَة فِي طَبَقَات الشُّعَرَاء وَقَالَ أما الشّعْر فستعلم فَقَالَ هَذِه القصيدة ويستحسن مِنْهَا قَوْله فِي وصف روضه (الْكَامِل)
(وخلا الذُّبَاب بهَا فَلَيْسَ ببارح
…
غردا كَفعل الشَّارِب المترنم)
(هزجا يحك ذراعه بذراعه
…
فعل المكب على الزِّنَاد الأجذم)
البراح الزَّوَال والغرد وصف من غرد من بَاب فَرح إِذا تغنى يَقُول خلا الذُّبَاب بِهَذِهِ الرَّوْضَة فَلَا زَالَ يرجع صَوته بِالْغنَاءِ كشارب الْخمر والهزج تراكب الصَّوْت وَمعنى يحك ذراعه بذراعه يمر إِحْدَاهمَا على الْأُخْرَى والأجذم بالمعجمتين صفة المكب وَهُوَ الْمَقْطُوع الْيَد شبه الذُّبَاب إِذا سنّ إِحْدَى ذِرَاعَيْهِ بِالْأُخْرَى بأجذم يقْدَح نَارا بذراعيه وَهَذَا من عَجِيب التَّشْبِيه يُقَال إِنَّه لم يقل أحد فِي مَعْنَاهُ مثله وَقد عده
أَرْبَاب الْأَدَب من التشبيهات العقم وَهِي الَّتِي لم يسْبق إِلَيْهَا وَلَا يقدر أحد عَلَيْهَا مُشْتَقّ من الرّيح الْعَقِيم وَهِي الَّتِي لَا تلقح شَجَرَة وَلَا تنْتج ثَمَرَة وَقد شبه بَعضهم من يفرك يَدَيْهِ ندامة بِفعل الذُّبَاب وزاده اللَّطْم فَقَالَ (الْكَامِل)
(فعل الأديب إِذا خلا بهمومه
…
فعل الذُّبَاب يرن عِنْد فَرَاغه)
(فتراه يفرك راحتيه ندامة
…
مِنْهُ ويتبعها بلطم دماغه)
\ وعنترة هُوَ عنترة الْعَبْسِي بن شَدَّاد بن عَمْرو بن قراد قَالَ الْكَلْبِيّ شَدَّاد جده غلب على اسْم أَبِيه وَإِنَّمَا هُوَ عنترة بن عَمْرو بن شَدَّاد وَقَالَ غَيره شَدَّاد
عَمه تكفله بعد موت أَبِيه فنسب إِلَيْهِ وَيُقَال إِن أَبَاهُ ادَّعَاهُ بعد الْكبر وَذَلِكَ أَنه كَانَ لأمة سَوْدَاء يُقَال لَهَا زبيبة وَكَانَت الْعَرَب فِي الْجَاهِلِيَّة إِذا كَانَ لأَحَدهم ولد من أمة استعبده وَكَانَ لعنترة إخْوَة من أمه عبيد وَكَانَ سَبَب ادِّعَاء أبي عنترة إِيَّاه أَن بعض أَحيَاء الْعَرَب أَغَارُوا على قوم من بني عبس فَأَصَابُوا مِنْهُم فَتَبِعهُمْ العبسيون فلحقوهم فقاتلوهم وَفِيهِمْ عنترة فَقَالَ لَهُ أَبوهُ كرّ يَا عنترة فَقَالَ العَبْد لَا يحسن الْكر إِنَّمَا يحسن الحلاب والصر قَالَ كرّ وانت حر فَقَاتلهُمْ واستنقذ مَا فِي أَيدي الْقَوْم من الْغَنِيمَة فَادَّعَاهُ أَبوهُ بعد ذَلِك وَهُوَ أحد أغربة الْعَرَب وهم ثَلَاثَة وَالثَّانِي خفاف كغراب وَاسم أمه ندبة كتمرة وَالثَّالِث السليك بِالتَّصْغِيرِ وأسم أمه السلكة بِضَم فَفتح وَأُمَّهَات الثَّلَاثَة سود وَكَانَ عنترة أَشْجَع أهل زَمَانه وأجودهم بِمَا ملكت يَده وَكَانَ شهد حَرْب داحس والغبراء وحمدت مشاهده فِيهَا وَقتل فِيهَا ضمضما المري