الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ أَبُو حَاتِم السجسْتانِي فِي كتاب المعمرين عَاشَ النمر بن تولب مِائَتي سنة وخرف وَأُلْقِي على لِسَانه انحروا للضيف أعْطوا السَّائِل اصبحوا الرَّاكِب أَي اسقوه الصبوح قَالَ ابْن قُتَيْبَة فِي تَرْجَمته من كتاب الشُّعَرَاء وَألقى بعض البطالين على لِسَانه نيكوا الرَّاكِب فَكَانَ يَقُولهَا وَمن شعره (الْكَامِل)
(لَا تغضبن على امْرِئ فِي مَاله
…
وعَلى كرائم صلب مَالك فاغضب)
(وَإِذا تصبك خصَاصَة فارج الْغنى
…
وَإِلَى الَّذِي يُعْطي الرغائب فارغب)
(بَاب التَّنَازُع)
أنْشد فِيهِ وَهُوَ الشَّاهِد السَّابِع وَالْأَرْبَعُونَ (السَّرِيع)
(فَكنت كالساعي إِلَى مثعب
…
موائلا من سبل الراعد)
على أَن الْكسَائي وَقع فِي أشنع مِمَّا فر مِنْهُ من حذف الْفَاعِل مضمرا لِئَلَّا يلْزم الْإِضْمَار قبل الذّكر فِي نَحْو ضرباني وَضربت الزيدين مَعَ أَن الْإِضْمَار قبل الذّكر قد ورد وَحذف الْفَاعِل فِي غير الْمسَائِل المحصورة لم يرد والساعي من سعى الرجل فِي مَشْيه وسعى إِلَى الصَّلَاة ذهب إِلَيْهَا على أَي وَجه كَانَ وأصل السَّعْي التَّصَرُّف فِي كل عمل وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {وَأَن لَيْسَ للْإنْسَان إِلَّا مَا سعى} والمثعب بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الْمُثَلَّثَة وَفتح الْعين الْمُهْملَة قَالَ فِي الصِّحَاح هُوَ وَاحِد مثاعب الْحِيَاض وانثعب المَاء جرى فِي المثعب وثعبت المَاء فِي الْحَوْض بِالتَّخْفِيفِ فجرته والثعب
بِالتَّحْرِيكِ مسيل المَاء فِي الْوَادي والموائل اسْم فَاعل من واءل مِنْهُ على وزن فَاعل أَي طلب النجَاة وهرب والموثل الملجأ وَقد وأل يئل وَألا ووؤلا على فعول أَي لَجأ والسبل بِالسِّين الْمُهْملَة وَالْبَاء الْمُوَحدَة المفتوحتين هُوَ الْمَطَر والراعد سَحَاب ذُو رعد وَيُقَال رعدَتْ السَّمَاء رعدا من بَاب قتل ورعودا لَاحَ مِنْهَا الرَّعْد كَذَا فِي الْمِصْبَاح يَقُول أَنا فِي التجائي إِلَيْهِ كالهارب من السَّحَاب ملتجئا إِلَى الْمِيزَاب وَمثله قَول الشَّاعِر (الْبَسِيط)
(المستجير بِعَمْرو عِنْد كربته
…
كالمستجير من الرمضاء بالنَّار)
وَالْبَيْت لسَعِيد بن حسان وَقَبله
(فَرَرْت من معن وإفلاسه
…
إِلَى اليزيدي أبي وَاقد)
ومعن هُوَ معن بن زَائِدَة الْأَمِير الْجواد الْمَضْرُوب مثلا فِي الْجُود وَالْكَرم وَإِنَّمَا قَالَ وإفلاسه لِأَن الإفلاس لَازم للكرام فِي أَكثر الْأَيَّام واليزيدي هُوَ أحد أَوْلَاد يزِيد بن عبد الْملك وَقد أورد الْعُتْبِي هذَيْن الْبَيْتَيْنِ فِي تَارِيخ يَمِين الدولة مَحْمُود بن سبكتكين تمثيلا ونسبهما إِلَى سعيد بن حسان ونقلتهما مِنْهُ لِأَنِّي لم أرهما إِلَّا فِيهِ ونقلت شرح بَيته الأول من شرح التَّارِيخ الْمَذْكُور لأبي عبد الله مَحْمُود بن عمر النَّيْسَابُورِي الشهير بالنجاتي
وَأنْشد بعده وَهُوَ الشَّاهِد الثَّامِن وَالْأَرْبَعُونَ (الْخَفِيف)
(لَا تخلنا على غراتك إِنَّا
…
طالما قد وشى بِنَا الْأَعْدَاء)
على أَن بَعضهم جوز فِي السعَة حذف أحد مفعولي بَاب علمت للقرينة مستدلا بِهَذَا الْبَيْت أَي لَا تخلنا أذلاء الأولى هالكين أَو جازعين والقرينة الْبَيْت الَّذِي بعده وَهُوَ
(فبقينا على الشناءة تنمينا
…
جدود وَعزة قعساء)
أَي فبقينا على بغض الْأَعْدَاء لنا وَلم يضرنا بغضهم والشناءة بِالْفَتْح
وَالْمدّ البغض وتنمينا ترفعنا يُقَال نماه كَذَا أَي رَفعه والقعساء الثَّابِتَة والجدود جمع جد بِالْفَتْح وَهُوَ الْحَظ وَالْبخْت وخال يخال بِمَعْنى ظن وَحسب وعَلى بِمَعْنى مَعَ والغراة بِالْفَتْح وَالْقصر اسْم بِمَعْنى الإغراء وَيُقَال أغريته بِهِ إغراء فأغري بِهِ بِالْبِنَاءِ للْمَفْعُول وَقد روى على غرائك أَيْضا بِالْمدِّ وَهُوَ مُضَاف لفَاعِله وَالْمَفْعُول مَحْذُوف أَي الْملك وَقَالَ أَبُو زيد فِي نوادره يُقَال أغريت فلَانا بِصَاحِبِهِ إغراء وآسدت بَينهمَا إيسادا إِذا حملت كل وَاحِد مِنْهُمَا على صَاحبه حَتَّى غري بِهِ أَي لزق بِهِ غرى شَدِيدا مَقْصُور وغريت أَنا بفلان فَأَنا أغرى بِهِ غرى إِذا أولعت بِهِ من غير تحميل وَأنْشد هَذَا الْبَيْت وَإِنَّا بِالْكَسْرِ لِأَنَّهُ اسْتِئْنَاف بياني وطالما أَي كثيرا مَا وَهُوَ فعل مكفوف عَن الْفَاعِل لاتصاله بِمَا الكافة وروى أَيْضا قبل مَا قد وشى بِضَم اللَّام أَي قبلك وَمَا زَائِدَة ووشى بِهِ عِنْد السُّلْطَان وشيا سعى بِهِ وَقبل هَذَا الْبَيْت
…
(أَيهَا النَّاطِق المرقش عَنَّا
…
عِنْد عَمْرو وَهل لذاك بَقَاء)
والمرقش المزين أَرَادَ الَّذِي يزين القَوْل بِالْبَاطِلِ يَقُول يَا أَيهَا النَّاطِق عِنْد الْملك الَّذِي يبلغهُ عَنَّا مَا يرِيبهُ فِي محبتنا إِيَّاه ودخولنا تَحت طَاعَته هَل لهَذَا التَّبْلِيغ بَقَاء وَهُوَ اسْتِفْهَام إنكاري لِأَن الْملك يبْحَث عَنهُ فَيعلم ذَلِك من الأكاذيب وعَمْرو هُوَ عَمْرو هُوَ عَمْرو بن الْمُنْذر الْأَكْبَر بن مَاء السَّمَاء وَيُقَال لَهُ أَيْضا عَمْرو بن هِنْد ويلقب بالمحرق لِأَنَّهُ حرق بني تَمِيم فِي النَّار وَقيل بل حرق نخل الْيَمَامَة وَهُوَ من مُلُوك الْحيرَة وَهَذِه الأبيات من الْمُعَلقَة الْمَشْهُورَة لِابْنِ حلزة وَهُوَ الْحَارِث بن حلزة من بني يشْكر بن بكر بن وَائِل وَهُوَ بِكَسْر الْحَاء الْمُهْملَة وَكسر اللَّام الْمُشَدّدَة وَهُوَ فِي
اللُّغَة كَمَا قَالَ الصَّاغَانِي اسْم دويبة وَاسم البومة وَالذكر بِدُونِ هَاء وَيُقَال امْرَأَة حلزة للقصيرة والبخيلة والحلز السيء الْخلق انْتهى وَقَالَ قطرب حُكيَ لنا أَن الحلزة ضرب من النَّبَات وَلم نسْمع فِيهِ غير ذَلِك قَالَ أَبُو عُبَيْدَة أَجود الشُّعَرَاء قصيدة وَاحِدَة جَيِّدَة طَوِيلَة ثَلَاثَة نفر عَمْرو بن كُلْثُوم والْحَارث بن حلزة وطرفة بن العَبْد وَزعم الْأَصْمَعِي أَن الْحَارِث قَالَ قصيدته هَذِه وَهُوَ ابْن مائَة وَخمْس وَثَلَاثِينَ سنة وَكَانَ من حَدِيثه أَن عَمْرو بن هِنْد لما ملك الْحيرَة وَكَانَ جبارا جمع بكرا وتغلب فَأصْلح بَينهم وَأخذ من الْحَيَّيْنِ رهنا من كل حَيّ مائَة غُلَام ليكف بَعضهم عَن بعض وَكَانَ أُولَئِكَ الرَّهْن يَسِيرُونَ ويغزون مَعَ الْملك فَأَصَابَتْهُمْ سموم فِي بعض مَسِيرهمْ فَهَلَك عَامَّة التغلبيين وَسلم البكريون فَقَالَت تغلب لبكر بن وَائِل أعطونا ديات أَبْنَائِنَا فَإِن ذَلِك لَازم لكم فَأَبت بكر فاجتمعت
تغلب إِلَى عَمْرو بن كُلْثُوم فَقَالَ عَمْرو بن كُلْثُوم لتغلب بِمن ترَوْنَ بكرا تعصب أمرهَا الْيَوْم قَالُوا بِمن عَسى إِلَّا بِرَجُل من بني ثَعْلَبَة قَالَ عَمْرو أرى الْأَمر وَالله سينجلي عَن أَحْمَر أصلع أَصمّ من بني يشْكر فَجَاءَت بكر بالنعمان بن هرم أحد بني ثَعْلَبَة بن غنم بن يشْكر وَجَاءَت تغلب بِعَمْرو بن كُلْثُوم فَلَمَّا اجْتَمعُوا عِنْد الْملك قَالَ عَمْرو بن كُلْثُوم للنعمان بن هرم يَا أَصمّ جَاءَت بك أَوْلَاد ثَعْلَبَة تناضل عَنْهُم وَقد يفخرون عَلَيْك فَقَالَ النُّعْمَان وعَلى من أظلت السَّمَاء يفخرون قَالَ عَمْرو بن كُلْثُوم وَالله إِنِّي لَو لطمتك لطمة مَا أخذُوا بهَا قَالَ وَالله أَن لَو فعلت مَا أفلت بهَا قيس أير أَبِيك فَغَضب عَمْرو بن هِنْد وَكَانَ يُؤثر بني تغلب على بكر وَجرى بَينهمَا كَلَام فَغَضب عَمْرو بن هِنْد غَضبا شَدِيدا حَتَّى هم بالنعمان فَقَامَ الْحَارِث بن حلزة وارتجل هَذِه القصيدة وتوكأ على قوسه فزعموا أَنه انتظم بهَا كَفه وَهُوَ لَا يشْعر من الْغَضَب وَقَالَ ابْن السَّيِّد فِي شرح أدب الْكَاتِب كَانَ مُتكئا على عنزة فارتزت فِي جسده وَهُوَ لَا يشْعر والعنزة بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَالنُّون رمح صَغِير فِيهِ
زج أَي حَدِيدَة وَكَانَ عَمْرو بن هِنْد شريرا لَا ينظر إِلَى أحد بِهِ سوء وَكَانَ ابْن حلزة إِنَّمَا ينشده من وَرَاء حجاب لبرص كَانَ بِهِ فَلَمَّا أنْشدهُ هَذِه القصيدة أدناه حَتَّى جلس إِلَيْهِ وَقَالَ ابْن قُتَيْبَة فِي كتاب الشُّعَرَاء وَكَانَ ينشده من وَرَاء سَبْعَة ستور فَأمر بِرَفْع الستور عَنهُ اسْتِحْسَانًا لَهَا
وَأنْشد بعده وَهُوَ الشَّاهِد التَّاسِع وَالْأَرْبَعُونَ وَهُوَ من شَوَاهِد سِيبَوَيْهٍ (الطَّوِيل)
(وَلَو أَن مَا أسعى لأدنى معيشة
…
كفاني وَلم أطلب قَلِيل من المَال)
(ولكنما أسعى لمجد مؤثل
…
وَقد يدْرك الْمجد الموثل أمثالي)
على أَنه لَيْسَ من التَّنَازُع وَقد بَينه الشَّارِح الْمُحَقق وَأَصله من إِيضَاح ابْن الْحَاجِب وَقد تكلم عَلَيْهِ ابْن هِشَام أَيْضا فِي مغنى اللبيب فِي لَو وَفِي الْأَشْيَاء الَّتِي تحْتَاج إِلَى رابط من الْبَاب الرَّابِع بتحقيق لَا مزِيد عَلَيْهِ
بقى أَن ابْن خلف نقل فِي شرح أَبْيَات الْكتاب عَن أبي عبد الله الْحسن بن مُوسَى الدينَوَرِي أَنه قَالَ وَالَّذِي يقوى فِي نَفسِي وَمَا سبقني إِلَيْهِ أحد أَن قَوْله وَلم أطلب مَعْنَاهُ وَلم أسع وَهُوَ غير مُتَعَدٍّ فَلذَلِك لم يحفل بِهِ وَلَا أعمل الأول وَلَا أَدْرِي كَيفَ خَفِي على الأفاضل من أَصْحَابنَا ذَلِك حَتَّى جعلُوا الْبَيْت شَاهدا لجَوَاز إِعْمَال الأول انْتهى وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْء فَإِن الطّلب مَعْنَاهُ الفحص عَن وجود الشَّيْء عينا كَانَ ذَلِك الشَّيْء أَو معنى وَالسَّعْي السّير السَّرِيع دون الْعَدو وَيسْتَعْمل للْجدّ فِي الْأَمر وَهَذَا غير معنى الطّلب وَقد يكون لَازِما لَهُ واستعماله فِي اللَّازِم لَا قرينَة لَهُ مَعَ أَن الأول مُتَعَدٍّ وَالثَّانِي لَازم وَلم أطلب مُسْند إِلَى ضمير الْمُتَكَلّم فَكيف يرفع وَمَا فِي أَن مَا مَصْدَرِيَّة لَا مَوْصُولَة لاحتياجها إِلَى الْعَائِد الْمُقدر أَي أسعى لَهُ
قَالَ ابْن خلف الْمجد الشّرف وَأَصله الْكَثْرَة فَكَأَن مَعْنَاهُ كَثْرَة الْأَفْعَال الجميلة الَّتِي توجب لصَاحِبهَا الشّرف وَهُوَ الِارْتفَاع انْتهى وَمثله فِي عُمْدَة الْحفاظ قَالَ وأصل الْمجد من مجدت الْإِبِل حصلت فِي مرعى كثير وَاسع وَقد أمجدها الرَّاعِي جعلهَا فِي ذَلِك وَتقول الْعَرَب فِي كل شجر نَار واستمجد المرخ والعفار ويروى بِصِيغَة الْمَاضِي والمرخ فَاعله بِمَعْنى استكثر النَّار وَفِي الْقَامُوس الْمجد نيل الشّرف وَالْكَرم أَو لَا يكون إِلَّا بِالْآبَاءِ وكرم الْآبَاء خَاصَّة والموثل قَالَ ابْن الْأَنْبَارِي فِي شرح المفضليات هُوَ الْمَجْمُوع وَمِنْه قَول امْرِئ الْقَيْس وَقَالَ ابْن السّكيت الموثل المستمر الْمُثبت يُقَال قد تأثل فلَان بِأَرْض كَذَا وَكَذَا أَي ثَبت فِيهَا وَقَالَ قَالَ أَبُو عُبَيْدَة يُقَال مجد موثل قديم لَهُ أصل والتأثل اتِّخَاذ أصل مَال والأثلة بِسُكُون الْمُثَلَّثَة الأَصْل قَالَ الْأَعْشَى
(أَلَسْت منتهيا عَن نحت أأثلتنا)
وَهَذَا البيتان من قصيدة لامرىء الْقَيْس مطْلعهَا
(أَلا عَم صباحا أَيهَا الطلل الْبَالِي)
وَقد شرحنا فِي الشَّاهِد الثَّالِث من أَولهَا إِلَى قَوْله
(نظرت إِلَيْهَا والنجوم كَأَنَّهَا
…
مصابيح رُهْبَان تشب لقفال)
عشْرين بَيْتا وَقد أَخذ هذَيْن الْبَيْتَيْنِ وَبسط مَعْنَاهُمَا خفاف بن غضين البرجمي كَمَا رَأَيْته فِي مُخْتَار أشعار الْقَبَائِل لأبي تَمام وَفِي المؤتلف والمختلف للآمدي
(الطَّوِيل)
(وَلَو أَن مَا أسعى لنَفْسي وَحدهَا
…
لزاد يسير أَو ثِيَاب على جلدي)
(لأَنْت على نَفسِي وَبلغ حَاجَتي
…
من المَال مَال دون بعض الَّذِي عِنْدِي)
(ولكنما أسعى لمجد مؤثل
…
وَكَانَ أبي نَالَ المكارم عَن جدي)
وخفاف بِضَم الْخَاء الْمُعْجَمَة وَتَخْفِيف الْفَاء الأولى وغضين بِضَم الْغَيْن وَفتح الضَّاد المعجمتين وَأَنت بِضَم الْهمزَة فَهِيَ مَاض من الأون وَهُوَ الدعة والرفق وَالْمَشْي الهين وَبعد هذَيْن الْبَيْتَيْنِ وَهُوَ آخر القصيدة
(وَمَا الْمَرْء مَا دَامَت حشاشة نَفسه
…
بمدرك أَطْرَاف الخطوب وَلَا آلي)
أَي وَلَا بمقصر من أَلا يألو بِمَعْنى قصر وقبلهما بيتان وحكايتهما بَين سيف الدولة والمتنبي مَشْهُورَة وهما
(كَأَنِّي لم اركب جوادا للذة
…
وَلم أتبطن كاعبا ذَات خلجال)
(وَلم أسبأ الزق الروي وَلم أقل
…
لخيلي كري كرة بعد إجفال)
أخذهما عبد يَغُوث الجاهلي وأودعهما فِي قصيدة قَالَهَا بعد أَن أسر فِي يَوْم الْكلاب الثَّانِي وَلم يرد عَلَيْهِ مَا ورد على امْرِئ الْقَيْس وهما
(كَأَنِّي لم أركب جوادا وَلم أقل
…
لخيلي كري نَفسِي عَن رجاليا)
(وَلم اسبأ الزق الروي وَلم أقل
…
لأيسار صدق عظموا ضوء ناريا)
والأيسار جمع يَاسر وَهُوَ الجازر وَالَّذِي يَلِي قسْمَة جزور الميسر وَنسب امْرِئ الْقَيْس على مَا فِي المؤتلف والمختلف امْرُؤ الْقَيْس
بن حجر بن الْحَارِث بن عَمْرو بن حجر آكل المرار بن عَمْرو بن مُعَاوِيَة بن ثَوْر بن مرتع ابْن مُعَاوِيَة بن ثَوْر الْأَكْبَر وَهُوَ كِنْدَة بن عفير بن عدي بن الْحَارِث بن مرّة ابْن أدد الشَّاعِر الْمُقدم وَنسبه لِابْنِ الْأَنْبَارِي فِي شرح المعلقات امْرُؤ الْقَيْس بن حجر بن الْحَارِث ابْن عَمْرو بن حجر بن عَمْرو بن مُعَاوِيَة بن الْحَارِث بن مُعَاوِيَة بن كِنْدَة بن ثَوْر بن مرتع بن عفير بن الْحَارِث بن مرّة بن عدي بن أدد بن عَمْرو بن هميسع بن عريب بن عَمْرو بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان بن عَابِر بن شالخ ابْن أرفخشد بن سَام بن نوح عليه السلام ومرتع بِسُكُون الرَّاء وَكسر التَّاء ذكره ابْن مَاكُولَا وَابْن الْكَلْبِيّ وَقَالَ سمي بذلك لِأَنَّهُ كَانَ يُقَال لَهُ أرتعنا فَيَقُول أرتعتكم أَرض كَذَا وَالتَّشْدِيد ذكره أَيْضا لُغَة انْتهى وَقَالَ الصَّاغَانِي فِي التكملة إِن مرتعا اسْمه عَمْرو وَذكر بَقِيَّة نسبه وَهُوَ أدد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان
قَالَ ابْن خلف ويكنى امْرُؤ الْقَيْس أَبَا زيد وَأَبا وهب وَأَبا الْحَارِث وَذكر بعض اللغويين أَن اسْمه حندج وامرؤ الْقَيْس لقب لَهُ لقب بِهِ لجماله وَذَلِكَ أَن النَّاس قيسوا إِلَيْهِ فِي زَمَانه فَكَانَ أفضلهم والحندج بِضَم الْحَاء الْمُهْملَة وَالدَّال وَسُكُون النُّون وَآخره جِيم وَهُوَ فِي اللُّغَة الرملة الطّيبَة
وَقيل كثيب من الرمل أَصْغَر من النقا وَيُقَال لامرئ الْقَيْس ذُو القروح أَيْضا لقَوْله (الطَّوِيل)
(وبدلت قرحا داميا بعد صِحَة)
وَيُقَال لَهُ الْملك الضليل وَحجر فِي الْمَوْضِعَيْنِ بِضَم الْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون الْجِيم والمرار بِضَم الْمِيم وَتَخْفِيف الراءين الْمُهْمَلَتَيْنِ شجر من أفضل العشب وأضخمة إِذا أَكلته الْإِبِل قلصت مشافرها فبدت أسنانها وَلذَلِك قيل لجد امْرِئ الْقَيْس آكل المرار لكشر كَانَ بِهِ وَهَذِه أَحْوَاله على وَجه الْإِجْمَال قَالَ ابْن قُتَيْبَة فِي تَرْجَمته وَلما ملك حجر على بني أَسد كَانَ يَأْخُذ مِنْهُم شَيْئا مَعْلُوما فامتنعوا مِنْهُ فَسَار إِلَيْهِم فَأخذ سراوتهم فَقَتلهُمْ بِالْعِصِيِّ فسموا عبيد الْعَصَا وَأسر مِنْهُم طَائِفَة فيهم عبيد بن الأبرص فَقَامَ بَين يَدي الْملك وأنشده أبياتا يرققه بهَا مِنْهَا (مجزوء الْكَامِل)
(أَنْت المليك عَلَيْهِم
…
وهم العبيد إِلَى القيامه)
فَرَحِمهمْ الْملك وَعَفا عَنْهُم وردهم إِلَى بِلَادهمْ حَتَّى إِذا كَانُوا على مسيرَة يَوْم من تهَامَة تكهن كاهنهم عَوْف بن ربيعَة الْأَسدي فَقَالَ يَا عبَادي قَالُوا لبيْك رَبنَا فسجع لَهُم على قتل حجر وحرضهم عَلَيْهِ فركبت بَنو أَسد كل صَعب
وَذَلُول فَمَا أشرق لَهُم الضُّحَى حَتَّى انْتَهوا إِلَى حجر فوجدوه نَائِما فذبحوه وشدوا على هجائنه فاستاقوها وَكَانَ امْرُؤ الْقَيْس طرده أَبوهُ لما صنع فِي الشّعْر بفاطمة مَا صنع وَكَانَ لَهَا عَاشِقًا فطلبها زَمَانا فَلم يصل إِلَيْهَا وَكَانَ يطْلب مِنْهَا موعدا حَتَّى كَانَ مِنْهَا يَوْم الغدير بدارة جلجل مَا كَانَ فَقَالَ
(قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل)
فَلَمَّا بلغ ذَلِك حجرا دَعَا مولى لَهُ يُقَال لَهُ ربيعَة فَقَالَ لَهُ اقْتُل امْرأ الْقَيْس وائتني بِعَيْنيهِ فذبح جؤذرا فَأَتَاهُ بِعَيْنيهِ فندم حجر على ذَلِك فَقَالَ أَبيت اللَّعْن إِنِّي لم أَقتلهُ قَالَ فائتني بِهِ فَانْطَلق فَإِذا هُوَ قد قَالَ شعرًا فِي رَأس جبل وَهُوَ قَوْله (الطَّوِيل)
(فَلَا تسلميني يَا ربيع لهَذِهِ
…
وَكنت أَرَانِي قبلهَا بك واثقا)
فَرده إِلَى أَبِيه فَنَهَاهُ عَن قَول الشّعْر ثمَّ إِنَّه قَالَ (الطَّوِيل)
(إِلَّا عَم صباحا أَيهَا الطلل الْبَالِي)
فَبلغ ذَلِك أَبَاهُ فطرده كَذَا قَالَ ابْن قُتَيْبَة وَفِيه أَن امْرأ الْقَيْس قَالَ هَذِه القصيدة فِي طَرِيق الشَّام عِنْد مسيره إِلَى قَيْصر بعد قتل أَبِيه وَلَعَلَّه شعر آخر ثمَّ قَالَ ابْن قُتَيْبَة فَبَلغهُ مقتل أَبِيه وَهُوَ بدمون فَقَالَ (الرجز)
(تطاول اللَّيْل علينا دمون
…
دمون إِنَّا معشر يمانون)
(وإننا لأهلنا محبون)
ثمَّ قَالَ ضيعني صَغِيرا وحملني دَمه كَبِيرا لَا صحو الْيَوْم وَلَا سكر غَدا الْيَوْم خمر وَغدا أَمر ثمَّ آلى لَا يَأْكُل لَحْمًا وَلَا يشرب خمرًا حَتَّى يثأر بِأَبِيهِ فَلَمَّا كَانَ اللَّيْل لَاحَ لَهُ برق فَقَالَ (المتقارب)
(أرقت لبرق بلَيْل أهل
…
يضيء سناه بِأَعْلَى جبل)
(بقتل بني أَسد رَبهم
…
أَلا كل شَيْء سواهُ جلل)
ثمَّ استجاش بكر بن وأئل فَسَار إِلَيْهِم وَقد لجئوا إِلَى كنَانَة فأوقع بهم ونجت بَنو كَاهِل من بني أَسد فَقَالَ (الرجز)
(يَا لهف نَفسِي إِذْ خطئن كاهلا
…
القاتلين الْملك الحاحلا)
(تالله لَا يذهب شَيْخي بَاطِلا)
وَقد ذكر امْرُؤ الْقَيْس فِي شعره أَنه ظفر بهم فيأبى عَلَيْهِ ذَلِك الشُّعَرَاء قَالَ عبيد (مجزوء الْكَامِل)
(يَا ذَا المخوفنا بقتل أَبِيه إذلالا وحينا)
(أزعمت أَنَّك قد قتلت سراتنا كذبا ومينا)
وَلم يزل يسير فِي الْعَرَب يطْلب النَّصْر حَتَّى خرج إِلَى قَيْصر يستمده وَنظرت إِلَيْهِ ابْنه قَيْصر فعشقته فَكَانَ يَأْتِيهَا وتأتيه وفطن الطماح بن قيس الْأَسدي لَهما وَكَانَ حجر قتل أَبَاهُ فوشى بِهِ إِلَى الْملك فَخرج امْرُؤ الْقَيْس متسرعا
فَبعث قَيْصر فِي طلبه رَسُولا فأدركه دون أنقرة بِيَوْم وَمَعَهُ حلَّة مَسْمُومَة فلبسها فِي يَوْم صَائِف فَتَنَاثَرَ لَحْمه وتفطر جسده وَمَات هُنَاكَ وَكَانَ يحملهُ جَابر بن حني التغلبي فَذَلِك قَوْله (الطَّوِيل)
(فإمَّا تريني فِي رحالة جَابر
…
على حرج كالقر تخفق أكفاني)
(فيا رب مكروب كررت وَرَاءه
…
وعان فَككت الغل مِنْهُ فقداني)
(إِذا الْمَرْء لم يخزن عَلَيْهِ لِسَانه
…
فَلَيْسَ على شَيْء سواهُ بخزان)
وَقَالَ حِين حَضرته الْوَفَاة (منهوك الْكَامِل)
(وطعنة مسحنفره
…
وجفنه مثعنجره)
(تبقى غَدا بأنقره)
قَالَ ابْن الْكَلْبِيّ هَذَا آخر شَيْء تكلم بِهِ ثمَّ مَاتَ وَجَابِر بن حني بِضَم الْمُهْملَة وَفتح النُّون وَالْيَاء الْمُشَدّدَة والرحالة بِالْكَسْرِ قيل السرج وَقيل السرج من جُلُود لَا خشب فِيهِ يتَّخذ للركض الشَّديد والحرج الضّيق والقر بِفَتْح الْقَاف مركب للرِّجَال كالهودج والمسحنفر الْوَاسِع والمثعنجر السَّائِل المنسكب ثمَّ قَالَ ابْن قُتَيْبَة قَالَ أَبُو عبد الله الجُمَحِي كَانَ امْرُؤ الْقَيْس مِمَّن يتعهر فِي شعره وَذَلِكَ قَوْله (الطَّوِيل)
(فمثلك حُبْلَى قد طرقت ومرضع)
وَقَالَ (الطَّوِيل)
(سموت إِلَيْهَا بعد مَا نَام أَهلهَا)
وَقد سبق امْرُؤ الْقَيْس الْعَرَب إِلَى أَشْيَاء ابتدعها واستحسنها الْعَرَب واتبعته فِيهَا الشُّعَرَاء من استيقاف صَحبه والتبكاء فِي الديار ودقة التَّشْبِيه وَقرب المأخذ ويستجاد من تشبيهه قَوْله
(الطَّوِيل)
(كَأَن عُيُون الْوَحْش حول خبائنا
…
وأرحلنا الْجزع الَّذِي لم يثقب)
وَمِمَّا عيب عَلَيْهِ قَوْله (الطَّوِيل)
(إِذا مَا الثريا فِي السَّمَاء تعرضت
…
تعرض أثْنَاء الوشاح الْمفصل) قَالُوا الثريا لَا تعرض لَهَا وَإِنَّمَا أرَاهُ أَرَادَ الجوزاء فَذكر الثريا