الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(المتقارب)
…
رجوك وَلم يبلغ الْعُمر مِنْك
…
عشرا وَلَا نبت فِيك اتغارا)
(لأدنى خسا أَو زكا من سنيك
…
إِلَى أَربع فبقوك انتظارا)
وَبعده بَيت الشَّاهِد يَقُول تبينوا فِيك السؤدد لسنة أَو سنتَيْن من مولدك فَرجوا أَن تكون سعيدا أَمِيرا مُطَاعًا رفيع الذّكر وَلم تبلغ عشْرين سنة وَقَوله وَلَا نبت فِيك أتغارا أَي أثغرت وَلم تنْبت أسنانك بعد فِي الصِّحَاح وَإِذا سَقَطت رواضع الصَّبِي قيل ثغر فَهُوَ مثغور فَإِذا نَبتَت قيل اتغر وَأَصله اثتغر فقلبت الثَّاء تَاء ثمَّ أدغمت وَإِن شِئْت قلت اثغر يَجْعَل الْحَرْف الأصلى هُوَ الظَّاهِر وَقَوله لأدنى خسا أَو زكا الخسا بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة الْفَرد والزكا
بِفَتْح الزَّاي الْمُعْجَمَة الزَّوْج وخسا وزكا ينون وَلَا ينون وَالْمعْنَى أَنهم رجوك أَن تكون كَذَلِك لأَقل مَا يعبر عَنهُ بخسا وزكا وَهُوَ سنة أَو سنتَانِ إِلَى أَن سَار لَك أَربع سِنِين فَظهر للنَّاس مَا دلهم على مَا رجوه مِنْك وتفرسوك عِنْد كَمَال سنك وَقَوله فبقوك أَي انتظروك يُقَال بقوت الشَّيْء إِذا انتظرته وَمِنْه يُقَال للمؤذنين بقاة لأَنهم ينتظرون أَوْقَات الصَّلَاة وانتظارا مَنْصُوب بقوله بقوك لِأَنَّهُ فِي معنى انتظروك انتظارا وَأنْشد بعده وَهُوَ
الشَّاهِد الثَّالِث وَالْعشْرُونَ
وَهُوَ من أَبْيَات سِيبَوَيْهٍ مجزوء الْكَامِل
(إِلَّا علالة أَو بدا
…
هة سابح نهد الجزاره)
على أَن الْمُضَاف يحذف مَعَ دلَالَة مَا أضيف إِلَيْهِ تَابع ذَلِك الْمُضَاف عَلَيْهِ
ذكر الشَّارِح الْمُحَقق فِي بَاب الْإِضَافَة أَن هَذَا مَذْهَب الْمبرد وأيده بِمَا ذكره هُنَاكَ على مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ وَهُوَ أَن علالة مُضَاف إِلَيْهِ الْمَجْرُور الظَّاهِر وبداهة فِي الأَصْل مُضَاف إِلَى ضميرَة وَالتَّقْدِير إِلَّا علالة سابح أَو بداهته ثمَّ حذف الضَّمِير وَجعل بداهة بَين المتضايقين إِلَى آخر مَا ذكره وَسَيَأْتِي عَلَيْهِ هُنَاكَ إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَهَذَا الْبَيْت من قصيدة للاعشى يُخَاطب هبا شَيبَان بن شهَاب مِنْهَا
(وَهُنَاكَ يكذب ظنكم
…
أَن لَا اجْتِمَاع وَلَا زياره)
(وَلَا بَرَاءَة للبريء
…
وَلَا عَطاء وَلَا خفاره)
(إِلَّا علالة أَو بدا
…
هة سابح نهد الجزارة)
إِلَى أَن قَالَ
(وَلَا نُقَاتِل بِالْعِصِيِّ
…
وَلَا نرامي بالحجاره)
يَقُول إِذا غزوناكم علمْتُم أَن ظنكم بأننا لَا نغزوكم كذب وَهُوَ زعمكم أننا لَا نَجْتَمِع وَلَا نزوركم بِالْخَيْلِ وَالسِّلَاح غازين لكم وَمن كَانَ بَرِيئًا مِنْكُم لم تَنْفَعهُ بَرَاءَته لِأَن الْحَرْب إِذا عظمت لحق شَرها البريء كَمَا يلْحق الْمُسِيء يُرِيد أننا ننال مِنْكُم من الْمُسِيء والبريء بِمَا تَكْرَهُونَ وَلَا نقبل مِنْكُم عَطاء وَلَا نعطيكم خفارة تفتدون بهما منا والخفارة بِالضَّمِّ وَالْكَسْر الذِّمَّة قَالَ فِي الْمِصْبَاح خفر بالعهد من بَاب ضرب وَفِي لُغَة من بَاب قتل إِذا وفى بِهِ وخفرت الرجل حميته وأجرته من طَالبه وَالِاسْم الخفارة بِضَم الْخَاء وَكسرهَا وَقَوله أَلا علالة اسْتثِْنَاء مُنْقَطع من قَوْله لَا اجْتِمَاع أَي لَكِن نزوركم بِالْخَيْلِ والعلالة بِضَم الْعين
الْمُهْملَة بَقِيَّة جري الْفرس وَبَقِيَّة كل شَيْء أَيْضا وَهُوَ من التعلل بِمَعْنى التلهي والبداهة بِضَم الْمُوَحدَة أول جرى الْفرس وأو للإضراب وَوَقع فِي رِوَايَة ابْن جني فِي سر الصِّنَاعَة والخصائص تَقْدِيم بداهة فَهُوَ على هَذَا لأحد الشَّيْئَيْنِ والسابح الْفرس الَّذِي يدحو الأَرْض بيدَيْهِ فِي الْعَدو ويروى بدله القارح وَهُوَ من الْخَيل الَّذِي بلغ أقْصَى أَسْنَانه يُقَال قرح ذُو الْحَافِر يقرح بفتحهما قروحا انْتَهَت أسنانة وَذَلِكَ عِنْد أكمال خمس سِنِين والنهد بِفَتْح النُّون الْمُرْتَفع والجزارة بِضَم الْجِيم الرَّأْس وَالْيَدَانِ وَالرجلَانِ وَهَذَا فِي الأَصْل فِيمَا يذبح وَسميت بذلك لِأَن الجزار يَأْخُذهَا فِي مُقَابلَة ذَبحهَا كَمَا يُقَال أَخذ الْعَامِل عمالته بِالضَّمِّ فَبَقيَ هَذَا الِاسْم عَلَيْهَا يُرِيد أَن فِي عُنُقه وقوائمه طولا وارتفاعا فَإِنَّهُ يسْتَحبّ فِي عنق الْخَيل الطول واللين وَقد فرق سُلَيْمَان بن ربيعَة بَين الْعتاق والهجن بالأعناق فَدَعَا بطست من مَاء فَوضعت بِالْأَرْضِ ثمَّ قدمت الْخَيل إِلَيْهَا وَاحِدًا وَاحِدًا فَمَا ثنى سنبكة وَهُوَ مقدم الْحَافِر ثمَّ شرب هجنة وَمَا شرب وَلم يثن سنبكه جعله عتيقا وَذَلِكَ لِأَن فِي أَعْنَاق الهجن قصرا فَهِيَ لَا تنَال المَاء على تِلْكَ الْحَالة حَتَّى تثنى سنابكها وَيسْتَحب أَيْضا أَن يكون مَا فَوق السَّاقَيْن من الفخذين طَويلا فيوصف حِينَئِذٍ بطول القوائم
قَالَ الشَّاعِر (الْخَفِيف)
(شرحب سلهب كَأَن رماحا
…
حَملته وَفِي السراة دموج)
والشرحب والسلهب كِلَاهُمَا على وزن جَعْفَر بِمَعْنى الطَّوِيل والسراة بِفَتْح الْمُهْملَة أَعلَى الظّهْر والدموج دُخُول بعض الشَّيْء فِي بعضه من شدته واكتنازه وَأما الساقان فَيُسْتَحَب قصرهما وَقَالَ الشَّاعِر (المتقارب)
(لَهُ متن عير وساقا ظليم)
العير الْحمار الوحشي والظليم ذكر النعام كَذَا فِي أدب الْكَاتِب لِابْنِ قُتَيْبَة وَبِه يعلم سُقُوط قَول الشنتمري النهد الغليظ والجزارة الرَّأْس والقوائم وَيسْتَحب غلظهما مَعَ قلَّة لحمهما وأوهى مِنْهُ قَول الْجَوْهَرِي وَتَبعهُ صَاحب الْعباب وَنَقله الْعَيْنِيّ إِذا قَالُوا فرس نهد أَو عبل الجزارة فَإِنَّمَا يُرَاد غلظ الْيَدَيْنِ وَالرّجلَيْنِ وَكَثْرَة عصبهما وَلَا يدْخل الرَّأْس فِي هَذَا لِأَن عظم الرَّأْس هجنة فِي الْخَيل وخبط المطرزي فِي شرح الْمفصل خبط عشواء فَقَالَ يَعْنِي كُنَّا فِي سفر أَو حَرْب انْقَطع فِيهَا جَمِيع الأفراس عَن السّير وَلم يبْق لَهَا جري إِلَّا علالة أَو بداهة فرس سابح هَذَا كَلَامه وَكَأَنَّهُ لم يقف على مَا قبله من الأبيات وَقَوله وَلَا نُقَاتِل بِالْعِصِيِّ إِلَخ يصف قومه بِأَنَّهُم أَصْحَاب حروب يُقَاتلُون على الْخَيل لَا أَصْحَاب أبل يرعونها فَيُقَاتل بَعضهم بَعْضًا بِالْعِصِيِّ وَالْحِجَارَة والأعشى كنيته أَبُو بَصِير واسْمه مَيْمُون بن قيس بن جندل بن شرَاحِيل بن عَوْف بن سعد بن ضبيعة بن قيس بن ثَعْلَبَة بن عكابة بن صَعب بن عَليّ بن بكر بن وَائِل وَكَانَ أَبوهُ قيس يدعى قَتِيل الْجُوع وَذَلِكَ أَنه كَانَ فِي جبل فَدخل غارا فَوَقَعت صَخْرَة من الْجَبَل فَسدتْ فَم الْغَار فَمَاتَ فِيهِ جوعا وَكَانَ الْأَعْشَى من فحول شعراء الْجَاهِلِيَّة وَمِمَّنْ قدم على سَائِرهمْ سلك فِي شعره كل مَسْلَك وَقَالَ فِي أَكثر أعاريض الْعَرَب وَلَيْسَ مِمَّن تقدم من الفحول
أَكثر شعرًا مِنْهُ وَسُئِلَ ابْن أبي حَفْصَة من أشعر الْعَرَب قَالَ شَيخا وَائِل الْأَعْشَى فِي الْجَاهِلِيَّة والأخطل فِي الْإِسْلَام وَسُئِلَ يُونُس النَّحْوِيّ من أشعر النَّاس قَالَ لَا أومئ إِلَى رجل بِعَيْنِه وَلَكِنِّي أَقُول امْرُؤ الْقَيْس إِذا ركب والنابغة إِذا رهب وَزُهَيْر إِذا رغب والأعشى إِذا طرب
وَهُوَ أول من سَأَلَ بِشعرِهِ وَكَانُوا يسمونه صناجة الْعَرَب لجودة شعره وَكَانَ أَبُو عَمْرو بن الْعَلَاء يفخم مِنْهُ ويعظم مَحَله وَيَقُول شَاعِر مجيد كثير الأعاريض والافتنان وَإِذا سُئِلَ عَنهُ وَعَن لبيد قَالَ لبيد رجل صَالح والأعشى رجل شَاعِر وروى الْمفضل بِسَنَدِهِ عَن الشّعبِيّ قَالَ عبد الْملك بن مَرْوَان لمؤدب أَوْلَاده أدبهم بِرِوَايَة شعر الْأَعْشَى فَإِنَّهُ قَاتله الله مَا كَانَ أعذب بحره وأصلب صخره قَالَ الْمفضل من زعم أَن أحدا أشعر من الْأَعْشَى فَلَيْسَ يعرف الشّعْر وَكَانَ الْأَعْشَى يفد على الْمُلُوك لَا سِيمَا مُلُوك فَارس وَلذَلِك كثرت الْأَلْفَاظ الفارسية فِي شعره قَالَ ابْن قُتَيْبَة فِي طَبَقَات الشُّعَرَاء وَكَانَ الْأَعْشَى جاهليا قَدِيما وَأدْركَ الْإِسْلَام فِي آخر عمره ورحل إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ فِي صلح الحديبة فَسَأَلَهُ أَبُو سُفْيَان بن حَرْب عَن وَجهه الَّذِي يُرِيد فَقَالَ أردْت مُحَمَّدًا قَالَ إِنَّه يحرم عَلَيْك الْخمر والزني والقمار قَالَ أما الزِّنَى فقد تركني وَلم أتركه وَأما الْخمر فقد قضيت مِنْهَا وطرأ وَأما الْقمَار فلعلي أُصِيب مِنْهُ عوضا قَالَ فَهَل لَك إِلَى خير من هَذَا قَالَ وَمَا هُوَ قَالَ بَيْننَا وَبَينه هدنة فترجع عامك هَذَا وَتَأْخُذ مائَة نَاقَة حَمْرَاء فَإِن ظفر بعد ذَلِك أَتَيْته وَإِن ظفرنا كنت قد أصبت من رحلتك عوضا فَقَالَ لَا أُبَالِي فَأَخذه أَبُو سُفْيَان إِلَى منزله وَجمع عَلَيْهِ أَصْحَابه وَقَالَ يَا معشر قُرَيْش هَذَا أعشى قيس وَلَئِن وصل إِلَى مُحَمَّد ليضربن عَلَيْكُم الْعَرَب قاطبة فَجمعُوا لَهُ مائَة نَاقَة حَمْرَاء فَانْصَرف فَلَمَّا صَار بِنَاحِيَة الْيَمَامَة أَلْقَاهُ بعيرة فَقتله انْتهى
وَقَالَ شَارِح ديوانه مُحَمَّد بن حبيب وَكَانَ الْأَعْشَى فِيمَا رُوِيَ رَحل عِنْد ظُهُور النَّبِي
حَتَّى أَتَى مَكَّة وَكَانَ قد سمع قِرَاءَة الْكتب فَنزل عِنْد عتبَة بن ربيعَة فَسمع بِهِ أَو جهل فَأَتَاهُ فِي فتية من قُرَيْش وَأهْدى لَهُ هَدِيَّة ثمَّ سَأَلَهُ مَا جَاءَ بك قَالَ جِئْت إِلَى مُحَمَّد إِنِّي كنت سَمِعت مبعثه فِي الْكتب لأنظر مَاذَا يَقُول وماذا يَدْعُو إِلَيْهِ فَقَالَ أَبُو جهل إِنَّه يحرم الزِّنَى فَقَالَ لقد كَبرت وَمَالِي فِي الزِّنَى حَاجَة قَالَ فَإِنَّهُ يحرم عَلَيْك الْخمر قَالَ فَمَا أحل فَجعلُوا يحدثونه بِأَسْوَأ مَا يقدرُونَ عَلَيْهِ فَقَالُوا أنشدنا مَا قلت فِيهِ فَأَنْشد (الطَّوِيل)
(ألم تغتمض عَيْنَاك لَيْلَة أرمدا
…
وعادك مَا عَاد السَّلِيم المسهدا)
وَهِي قصيدة جَيِّدَة عدتهَا أَرْبَعَة وَعِشْرُونَ بَيْتا فَلَمَّا أنشدهم قَالُوا هَذَا رجل لَا يمدح أحد إِلَّا رَفعه وَلَا يهجو أحدا إِلَّا وَضعه فَمن لنا يصرفهُ عَن هَذَا الْوَجْه فَقَالَ أَبُو جهل للأعشى أما أَنْت فَلَو أنشدته هَذِه لم يقبلهَا فَلم يزَالُوا بِهِ لشقاوته حَتَّى صدوه وَخرج من فورته حَتَّى وصل الْيَمَامَة فَمَكثَ بهَا قَلِيلا ثمَّ مَاتَ وروى ابْن دأب وَغَيره أَن الْأَعْشَى خرج يُرِيد النَّبِي
وَقَالَ شعرًا حَتَّى إِذا كَانَ بِبَعْض الطَّرِيق نفرت بِهِ رَاحِلَته فَقتلته فَلَمَّا أنْشد شعره الَّذِي يَقُول فِيهِ (الطَّوِيل)
(وآليت لَا أرثي لَهَا من كلاله
…
وَلَا من حفى حَتَّى تلاقي مُحَمَّدًا)
(مَتى مَا تناخي عِنْد بَاب ابْن هَاشم
…
تراحي وتلقي من فواضلة ندى)