المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وَهُوَ كَمَا قَالَ ابْن فَارس من الْإِنْسَان مَا دون الرّكْبَة - خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب للبغدادي - جـ ١

[عبد القادر البغدادي]

فهرس الكتاب

- ‌ مُقَدّمَة تشْتَمل على أُمُور ثَلَاثَة

- ‌(الْأَمر الأول)(فِي الْكَلَام الَّذِي يَصح الاستشهاد بِهِ فِي اللُّغَة والنحو وَالصرْف)

- ‌(الْأَمر الثَّانِي ضروب وأجناس)

- ‌(الْأَمر الثَّالِث يتَعَلَّق بترجمة الشَّارِح الْمُحَقق والحبر المدقق رحمه الله وَتجَاوز عَنهُ)

- ‌(تَتِمَّة)

- ‌(تَتِمَّة)

- ‌ الشَّاهِد الثَّالِث

- ‌(أَقسَام التَّنْوِين)

- ‌ الشَّاهِد الرَّابِع

- ‌ الشَّاهِد الْخَامِس

- ‌(تَتِمَّة)

- ‌ الشَّاهِد السَّادِس

- ‌(المعرب والمبني)

- ‌ الشَّاهِد الثَّامِن

- ‌ الشَّاهِد التَّاسِع

- ‌ الشَّاهِد الْعَاشِر

- ‌ الشَّاهِد الْحَادِي عشر

- ‌ الشَّاهِد الثَّانِي عشر

- ‌ الشَّاهِد الثَّالِث عشر

- ‌ الشَّاهِد الرَّابِع عشر

- ‌ الشَّاهِد الْخَامِس عشر

- ‌ الشَّاهِد السَّادِس عشر

- ‌ الشَّاهِد السَّابِع عشر

- ‌ الشَّاهِد الثَّامِن عشر

- ‌ الشَّاهِد الْعشْرُونَ

- ‌ الشَّاهِد الْحَادِي وَالْعشْرُونَ

- ‌ الشَّاهِد الثَّانِي وَالْعشْرُونَ

- ‌ الشَّاهِد الثَّالِث وَالْعشْرُونَ

- ‌ وَهُوَ الشَّاهِد الرَّابِع وَالْعشْرُونَ

- ‌ وَهُوَ الشَّاهِد الْخَامِس وَالْعشْرُونَ

- ‌ وَهُوَ الشَّاهِد السَّادِس وَالْعشْرُونَ

- ‌ وَهُوَ الشَّاهِد السَّابِع وَالْعشْرُونَ

- ‌ وَهُوَ الشَّاهِد الثَّامِن وَالْعشْرُونَ

- ‌ وَهُوَ الشَّاهِد التَّاسِع وَالْعشْرُونَ

- ‌ وَهُوَ الشَّاهِد الثَّلَاثُونَ

- ‌ وَهُوَ الشَّاهِد الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ

- ‌ الشَّاهِد الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ

- ‌ وَهُوَ الشَّاهِد الثَّالِث وَالثَّلَاثُونَ

- ‌ وَهُوَ الشَّاهِد الرَّابِع وَالثَّلَاثُونَ

- ‌ وَهُوَ الشَّاهِد الْخَامِس وَالثَّلَاثُونَ

- ‌(تَتِمَّة)

- ‌ وَهُوَ الشَّاهِد السَّادِس وَالثَّلَاثُونَ

- ‌(تَتِمَّة)

- ‌ وَهُوَ الشَّاهِد السَّابِع وَالثَّلَاثُونَ

- ‌ وَهُوَ الشَّاهِد الثَّامِن وَالثَّلَاثُونَ

- ‌(تَتِمَّة)

- ‌ وَهُوَ الشَّاهِد التَّاسِع وَالثَّلَاثُونَ

- ‌(تَتِمَّة)

- ‌ وَهُوَ الشَّاهِد الْأَرْبَعُونَ

- ‌ وَهُوَ الشَّاهِد الْحَادِي وَالْأَرْبَعُونَ

- ‌ وَهُوَ الشَّاهِد الثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ

- ‌(تَتِمَّة)

- ‌ وَهُوَ الشَّاهِد الثَّالِث وَالْأَرْبَعُونَ

- ‌(تَتِمَّة)

- ‌(بَاب التَّنَازُع)

- ‌(تتمه)

- ‌(أَمرتك الْخَيْر)

- ‌(الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر)

- ‌(تَتِمَّة)

- ‌(تَتِمَّة)

- ‌(اسْم مَا وَلَا المشبهين بليس)

الفصل: وَهُوَ كَمَا قَالَ ابْن فَارس من الْإِنْسَان مَا دون الرّكْبَة

وَهُوَ كَمَا قَالَ ابْن فَارس من الْإِنْسَان مَا دون الرّكْبَة وَمن الدَّوَابّ مَا دون الكعب وروى الصَّاغَانِي وأضحى ذُو الفقار يكرع فجملة يكرع إِمَّا خبر أضحى أَو حَال أَيْضا إِن كَانَت تَامَّة وَقَوله وَنحن أَخذنَا قد علمْتُم الخ يَقُول نَحن قد فككنا يسارا الَّذِي أسرتموه من أسركم بِأَمْوَالِنَا فَنحْن نعطي ونضيف من ثروة وَأَنْتُم صعاليك لَا تقدرون على شَيْء من ذَلِك ويسار الأول اسْم رجل وَالثَّانِي بِمَعْنى الْغنى والثروة ونحذي بِضَم النُّون وَسُكُون الْمُهْملَة والذال الْمُعْجَمَة بِمَعْنى نعطي من الإحذاء وَهُوَ الْإِعْطَاء وننقع بالنُّون وَالْقَاف يُقَال نقع الْجَزُور ينقع بِفتْحَتَيْنِ نقوعا إِذا نحرها للضيافة قَالَ الصَّاغَانِي وَفِي كَلَام الْعَرَب إِذا لقى الرجل مِنْهُم قوما يَقُول ميلوا ينقع لكم أَي يجزر لكم كَأَنَّهُ يَدعُوهُم إِلَى دَعوته والنقيعة الْجَزُور الَّتِي تجزر للضيافة وَفسّر بعض من كتب على نَوَادِر أبي زيد ننقع بقوله نروى وَهَذَا غير مُنَاسِب وَقَالَ الرياشي حفظي ونمنع ومصدره الْمَنْع إِمَّا مُقَابل الْإِعْطَاء وَإِمَّا بِمَعْنى الحياطة والنصرة يُقَال فلَان فِي عز ومنعة بِالتَّحْرِيكِ وَقد تسكن النُّون وَكِلَاهُمَا مُنَاسِب لنحذي قَالَ الصَّاغَانِي وَالْمَانِع من صِفَات الله تَعَالَى لَهُ مَعْنيانِ أَحدهمَا مُقَابل الْإِعْطَاء وَالثَّانِي أَنه يمْنَع أهل دينه أَي يحوطهم وَيَنْصُرهُمْ

(تَتِمَّة)

نسب أَبُو زيد فِي نوادره هَذَا الشّعْر لذِي الْخرق الطهوي قَالَ وَهُوَ جاهلي وَمن لقب من الشُّعَرَاء من بني طهية ذَا الْخرق ثَلَاثَة أحدهم خَليفَة

ابْن حمل بن عَامر بن حميري بن وقدان بن سبيع بن عَوْف بن مَالك بن حَنْظَلَة بن طهية ولقب ذَا الْخرق بقوله

ص: 42

(الْبَسِيط)

(مَا بَال أم حُبَيْش لَا تكلمنا

لما افتقرنا وَقد نثري فننتففق)

(تقطع الطررف دوني وَهِي عابسة

كَمَا تشاوس فِيك الثائر الحنق)

(لما رَأَتْ إبلي جَاءَت حمولتها

غرثى عِجَافًا عَلَيْهَا الريش والخرق)

(قَالَت إِلَّا تبتغي مَالا تعيش بِهِ

عَمَّا تلاقي وَشر العيشة الرمق)

(فيئي إِلَيْك فَإنَّا معشر صَبر

فِي الجدب لَا خفَّة فِينَا وَلَا ملق)

(إِنَّا إِذا حطمة حتت لنا وَرقا

نمارس الْعَيْش حَتَّى ينْبت الْوَرق)

الثَّانِي قرط وَيُقَال لَهُ ذُو الْخرق بن قرط أَخُو بني سعيدة بن عَوْف ابْن مَالك بن حَنْظَلَة بن طهية وَهُوَ فَارس أَيْضا الثَّالِث شمير بن عبد الله بن هِلَال بن قرط بن سعيدة كَذَا فِي المؤتلف والمختلف للآمدي وَلم يذكر هَذَا صَاحب الْعباب وَلم أر من قيد أحد هَذِه الثَّلَاثَة بِكَوْنِهِ جاهليا فَلَا يظْهر أَن هَذَا الشّعْر لمن هُوَ من هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَة وَقَالَ الْعَيْنِيّ إِن ذَا الْخرق الطهوي صَاحب الشّعْر اسْمه دِينَار بن هِلَال وَلَا أَدْرِي من أَيْن نَقله وَقَالَ شَارِح شَوَاهِد الْمُغنِي وَفِي المؤتلف والمختلف للآمدي أَن اسْمه قرط شَاعِر جاهلي سمي بذلك لقَوْله

(جَاءَت عِجَافًا عَلَيْهَا الريش والخرق)

وَفِيه ثَلَاثَة أُمُور الأول أَن الْآمِدِيّ لم يذكر هَذَا الشّعْر فَكيف ينْسبهُ إِلَى قرط الثَّانِي أَنه لم يُقيد قرطا بِكَوْنِهِ جاهليا الثَّالِث أَن هَذَا الشّعْر

ص: 43

لَيْسَ لقرط وَإِنَّمَا هُوَ لخليفة بن حمل كَمَا تقدم آنِفا وَفِيه أَيْضا أَن الرِّوَايَة غرثى عِجَافًا لَا جَاءَت عِجَافًا بَقِي من يلقب بِذِي الْخرق من الشُّعَرَاء من غير طهيه وهم اثْنَان أَحدهمَا ذُو الْخرق الْيَرْبُوعي أحد بني صبير بن يَرْبُوع بن حَنْظَلَة بن مَالك بن زيد مَنَاة بن تَمِيم وَالثَّانِي ذُو الْخرق بن شُرَيْح بن سيف بن أبان بن دارم وَهَذَا وَالَّذِي قبله من شعراء الْجَاهِلِيَّة وَمن غير الشُّعَرَاء ذُو الْخرق النُّعْمَان بن رَاشد بن مُعَاوِيَة بن عَمْرو بن وهب ابْن مرّة كَانَ يعلم نَفسه فِي الْحَرْب بخرق حمر وصفر وَذُو الْخرق أَيْضا فرس عباد بن الْحَارِث بن عدي بن الْأسود كَانَ يُقَاتل عَلَيْهِ يَوْم الْيَمَامَة والخرق جمع خرقَة وَهِي الْقطعَة من الثَّوْب وَالْأسود الغندجاني تَرْجمهُ ياقوت الْحَمَوِيّ فِي مُعْجم الأدباء الْمُسَمّى إرشاد الأريب إِلَى معرفَة الأديب قَالَ هُوَ الْحسن بن أَحْمد أَبُو مُحَمَّد الْأَعرَابِي الْمَعْرُوف بالأسود الغندجاني اللّغَوِيّ النسابة وغندجان بلد قَلِيل المَاء لَا يخرج مِنْهُ إِلَّا أديب أَو حَامِل سلَاح فِي الْقَامُوس غندجان بِالْفَتْح بلد بِفَارِس بمفازة معطشة وَكَانَ الْأسود صَاحب دنيا وثروة وَكَانَ عَارِفًا بأيام الْعَرَب وَأَشْعَارهَا قيمًا بِمَعْرِِفَة أحوالها وَكَانَ مُسْتَنده فِيمَا يرويهِ عَن مُحَمَّد بن أَحْمد أبي الندى وَكَانَ قد رزق فِي

أَيَّامه سَعَادَة وَذَاكَ أَنه كَانَ فِي كنف الْوَزير الْعَادِل أبي مَنْصُور بهْرَام بن مافنه وَزِير الْملك أبي كالنجار ابْن بهاء الدولة

ص: 44

ابْن بويه صَاحب شيراز وَقد خطب لَهُ بِبَغْدَاد بالسلطنة وَكَانَ الْأسود إِذا صنف لَهُ كتابا جعله باسمه وَكَانَ يفضل عَلَيْهِ إفضالا جما فأثرى من جِهَته وَمَات أَبُو مَنْصُور الْوَزير فِي سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَأَرْبَعمِائَة قَالَ ياقوت وقرأت فِي بعض تصانيفه أَنه صنفه فِي شهور سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَأَرْبَعمِائَة وَقُرِئَ عَلَيْهِ فِي سنة ثَمَان وَعشْرين وَأَرْبَعمِائَة وَله من التصانيف فرحة الأديب فِي الرَّد على يُوسُف بن أبي سعيد السيرافي فِي شرح أَبْيَات سِيبَوَيْهٍ وَكتاب قيد الأوابد فِي الرَّد على ابْن السيرافي أَيْضا فِي شرح أَبْيَات إصْلَاح الْمنطق وَكتاب ضَالَّة الأديب فِي الرَّد على ابْن الْأَعرَابِي فِي النَّوَادِر الَّتِي رَوَاهَا ثَعْلَب عَنهُ وَكتاب الرَّد على أبي عَليّ النمري فِي شرح مُشكل أَبْيَات الحماسة وَكتاب نزهة الأديب فِي الرَّد على أبي عَليّ فِي التَّذْكِرَة وَكتاب السل وَالسَّرِقَة وَكتاب الْخَيل مُرَتّب على حُرُوف المعجم وَكتاب فِي أَسمَاء الْأَمَاكِن وأكثرها عِنْدِي وَللَّه الْحَمد والْمنَّة وَأنْشد بعده وَهُوَ الشَّاهِد الثَّانِي من شَوَاهِد سِيبَوَيْهٍ (المتقارب)

(وَلَا أَرض أبقل إبقالها)

أَوله

(فَلَا مزنة ودقت ودقها)

أوردهُ نظيرا لعرفات فِي كَونهَا مُؤَنّثَة لَا يجوز فِيهَا التَّذْكِير إِلَّا بِتَأْوِيل بعيد وَهُوَ أَن يُرَاد بهما الْمَكَان وَأوردهُ أَيْضا فِي بَاب الْمُذكر والمؤنث

ص: 45

على أَنه لَا يحذف عَلامَة التَّأْنِيث من الْمسند إِلَى ضمير الْمُؤَنَّث الْمجَازِي إِلَّا لضَرُورَة الشّعْر وَهُوَ من شَوَاهِد الْكتاب وَمُغْنِي اللبيب قَالَ ابْن خلف الشَّاهِد فِيهِ أَنه ذكر أبقل وَهُوَ صفة للْأَرْض ضَرُورَة حملا على معنى الْمَكَان فَأَعَادَ الضَّمِير على الْمَعْنى وَهُوَ قَبِيح وَالصَّحِيح أَنه ترك فِيهِ عَلامَة التَّأْنِيث للضَّرُورَة وَاسْتغْنى عَنهُ مِمَّا علم من تَأْنِيث الأَرْض وَإِلَى هَذَا الْوَجْه أَشَارَ أَبُو عَليّ وَقَالَ غَيره وَإِنَّمَا قبح ذَلِك لاتصال الْفَاعِل الْمُضمر بِفِعْلِهِ فَكَأَنَّهُ كالجزء مِنْهُ حَتَّى لَا يُمكن الْفَصْل بَينهمَا بِمَا يسد مسد عَلامَة التَّأْنِيث وَلَا يخفي مَا فِيهِ وَعند ابْن كيسَان والجوهري أَن الْفِعْل إِذا كَانَ مُسْندًا لضمير الْمُؤَنَّث الْمجَازِي لَا يجب إِلْحَاق عَلامَة التَّأْنِيث وَقَول بَعضهم وَهَذَا لَيْسَ بضرورة لِأَنَّهُ كَانَ يُمكنهُ أَن يَقُول وَلَا أَرض أبقلت إبقالها بِنَقْل حَرَكَة الْهمزَة إِلَى مَا قبلهَا وإسقاطها لَيْسَ بجيد لِأَن الصَّحِيح أَن الضَّرُورَة مَا وَقع فِي الشّعْر سَوَاء كَانَ للشاعر عَنهُ فسحة أم لَا وَأجَاب السيرافي بِأَنَّهُ يجوز أَن يكون هَذَا الشَّاعِر لَيْسَ من لغته تَخْفيف الْهمزَة وَحِينَئِذٍ لَا يُمكنهُ مَا ذكره وَذكر ابْن يسعون أَن بَعضهم رَوَاهُ بِالتَّاءِ بِالنَّقْلِ الْمَذْكُور وَقَالَ ابْن هِشَام فَإِن صحت الرِّوَايَة وَصَحَّ أَن الْقَائِل ذَلِك هُوَ الَّذِي قَالَ وَلَا أَرض أبقل بالتذكير صَحَّ لِابْنِ كيسَان مدعاه وَإِلَّا فقد كَانَت الْعَرَب ينشد بَعضهم بَعْضًا وكل يتَكَلَّم على مُقْتَضى لغته الَّتِي فطر عَلَيْهَا وَمن هُنَا كثرت الرِّوَايَات فِي بعض الأبيات وَزعم جمَاعَة أَنه لَا شَاهد فِيهِ فَقَالَ ابْن القواس فِي شرح ألفية ابْن معطي أَنه روى إبقالها بِالرَّفْع مُسْندًا إِلَى الْمصدر وَيَردهُ أَن إبقالها مَنْصُوب على الْمصدر التشبيهي أَي وَلَا أَرض أبقلت كإبقال هَذِه الأَرْض وَلَو كَانَ كَمَا زعم كَانَ مَعْنَاهُ نفي الإبقال وَهُوَ نقيض مُرَاد الشَّاعِر وَزعم بَعضهم أَن ضمير

ص: 46

أبقل عَائِد على مُذَكّر مَحْذُوف أَي وَلَا مَكَان أَرض فَقَالَ أبقل بِاعْتِبَار الْمَحْذُوف وَقَالَ إبقالها بِاعْتِبَار الْمَذْكُور وَهَذَا فَاسد أَيْضا لِأَن ضمير إبقالها لَيْسَ عَائِدًا على الأَرْض الْمَذْكُورَة هُنَا فتذكير أبقل بِاعْتِبَار الْمَحْذُوف لَا دَلِيل عَلَيْهِ وَلَو قَالَ إِن الأَرْض مِمَّا يذكر وَيُؤَنث كَمَا قَالَ أَبُو حنيفَة الدينَوَرِي فِي كتاب النَّبَات عِنْدَمَا أنْشد هَذَا الْبَيْت إِن الأَرْض تذكر وتؤنث وَكَذَلِكَ السَّمَاء وَلِهَذَا قَالَ أبقل إبقالها

لَكَانَ وَجها قَالَ ابْن الْحَاجِب فِي أَمَالِيهِ الضَّمِير فِي ودقها وإبقالها رَاجع إِلَى غير المزنة وَالْأَرْض المذكورتين وَلَا يَسْتَقِيم أَن يعود إِلَيْهِمَا لِئَلَّا يصير مخبرا أَنه لَيْسَ مزنة تدق مثل ودق نَفسهَا وَهُوَ فَاسد وَإِن لم تقدر محذوفا كَانَ أفسد إِذْ يصير الْمَعْنى أَنه لَيْسَ مزنة تدق ودق نَفسهَا وَالْأَمر على خِلَافه إِذْ لَا تدق مزنة إِلَّا ودق نَفسهَا فَوَجَبَ أَن يكون التَّقْدِير فَلَا مزنة ودقت ودقا مثل هَذِه المزنة المحذوفة وَزعم الصَّاغَانِي فِي الْعباب أَن الرِّوَايَة وَلَا روض أبقل إباقلها وَهَذَا لَا يصادم نقل سِيبَوَيْهٍ لِأَنَّهُ ثِقَة والاعتماد عَلَيْهِ أَكثر فَقَوله فَلَا مزنة الخ لَا الأولى نَافِيَة للْجِنْس على سَبِيل الظُّهُور عاملة عمل لَيْسَ أَو ملغاة وَالثَّانيَِة نَافِيَة للْجِنْس على سَبِيل التَّنْصِيص ومزنة اسْم لَا إِن كَانَت عاملة عمل لَيْسَ أَو مُبْتَدأ إِن كَانَت غير عاملة وَصَحَّ الِابْتِدَاء بالنكرة إِمَّا للْعُمُوم وَإِمَّا للوصف وَجُمْلَة ودقت محلهَا نصب خبر لَا أَو رفع خبر الْمُبْتَدَأ أَو نعت ل مزنة وَالْخَبَر مَحْذُوف أَي مَوْجُودَة أَو معهودة وَجُمْلَة أبقل خبر لَا فَقَط وَلَا يجوز كَونهَا صفة لاسم لَا كَمَا جوزه شرَّاح الشواهد لِأَنَّهُ يجب حِينَئِذٍ تَنْوِين اسْم لَا لكَونه مضارعا للمضاف والمزنة وَاحِدَة المزن السحابة الْبَيْضَاء وَيُقَال المطرة وَالْمعْنَى

ص: 47

هُنَا على الأول انْتهى وَكِلَاهُمَا غير صَحِيح أما الأول فَلِأَن السحابة الْبَيْضَاء لَا ودق لَهَا وَأما الثَّانِي فَيردهُ قَوْله تَعَالَى {أأنتم أنزلتموه من المزن} والودق الْمَطَر قَالَ الْمبرد فِي الْكَامِل يُقَال ودقت السَّمَاء يَا فَتى تدق ودقا قَالَ تَعَالَى {فترى الودق يخرج من خلاله} وَأنْشد هَذَا الْبَيْت وأبقل قَالَ الدينَوَرِي فِي كتاب النَّبَات يُقَال بقل الْمَكَان يبقل بقولا إِذا نبت بقله وأبقل يبقل إبقالا وَهَذَا أَكثر اللغتين وأعرفهما وَأكْثر الْعلمَاء يرد بقل الْمَكَان وَقَالَ بعض الروَاة أبقلت الأَرْض وأبقلها الله وبقل وَجه الْغُلَام إِذا خرج وَجهه وَقَالَ بعض عُلَمَاء الْعَرَبيَّة أبقل الْمَكَان ثمَّ يَقُولُونَ مَكَان بَاقِل

قَالَ وَلَا نعلمهُمْ يَقُولُونَ بقل الْمَكَان وَمثله قَوْلهم أدرست الأَرْض وَنبت دارس وَلَا يَقُولُونَ غَيرهَا وَقَالَ أَيْضا أعشب الْبَلَد ثمَّ قَالَ بلد عاشب وَكَذَا قَالَ ابو عُبَيْدَة والأصمعي وتبعهما ابْن السّكيت وَغَيره قَالُوا يُقَال بلد عاشب وَلَا يُقَال إِلَّا أعشب وباقل الرمث وَهُوَ نبت وَقد أبقل ودارس الرمث وَقد أدرس فَيَقُولُونَ فِي النَّعْت على فَاعل وَفِي الْفِعْل على أفعل كَذَا تَكَلَّمت بِهِ الْعَرَب قَالَ الدينَوَرِي وَتَبعهُ عَليّ بن حَمْزَة الْبَصْرِيّ فِي كتاب التَّنْبِيهَات على أغلاط الروَاة وَقد جَاءَ عَن الْعَرَب مَا يرد عَلَيْهِم قَالَ رؤبة (الرجز)

(يملحن من كل غميس مبقل)

وَقَالَ ابْن هرمة

ص: 48

(الطَّوِيل)

(لرعت بصفراء السحالة حرَّة

لَهَا مرتع بَين النبيطين مبقل)

وَقَالَ آخر

(وَلَا أَرض أبقل إبقالها)

فجَاء بِهِ على أبقل يبقل فَهُوَ مبقل وَقَالَ النَّابِغَة الْجَعْدِي (المتقارب)

(على جَانِبي حائر مفرط

ببرث تبوأنه معشب)

وَقَالَ الدينَوَرِي فِي مَوضِع آخر النَّبَات كُله ثَلَاثَة أَصْنَاف شَيْء بَاقٍ على الشتَاء أَصله وفرعه وَشَيْء آخر يبيد الشتَاء فَرعه وَيبقى أَصله فَيكون نَبَاته فِي أرومته الْبَاقِيَة وَشَيْء ثَالِث يبيد الشتَاء أَصله وفرعه فَيكون نَبَاته من بزره وكل

ذَلِك يتفرق ثَلَاثَة أَصْنَاف آخر فصنف يسمو صعدا على سَاقه مستغنيا بِنَفسِهِ عَن غَيره وصنف يسمو أَيْضا صعدا لَا يَسْتَغْنِي بِنَفسِهِ وَيحْتَاج إِلَى مَا يتَعَلَّق بِهِ ويرتقي فِيهِ وصنف ثَالِث لَا يسمو وَلَكِن يتسطح على الأَرْض فينبت مفترشا فَيُقَال لكل مَا سما بِنَفسِهِ شجر دق أَو جلّ قاوم أَو عجز عَنهُ وَقيل لَهُ شجر لِأَنَّهُ شجر فسما فَكل مَا سمكته ورفعته فقد شجرته وَمَا كَانَ مِنْهُ ينْبت فِي بزره وَلَا ينْبت فِي أرومته فاسمه البقل وكل نابته بقلة فِي أول مَا تنْبت وَلذَلِك قيل لوجه الْغُلَام أول مَا يخرج بقل. وَمَا نبت فِي أرومة وَكَانَ مِمَّا يهْلك فَرعه فاسمه الجنبة لِأَنَّهُ فَارق الَّذِي يبْقى فَرعه وَأَصله وَفَارق البقل الَّذِي يبيد أَصله وفرعه فَكَانَ جنبة بَينهمَا وَمَا تعلق بِالشَّجَرِ فرقى فِيهِ وَعصب بِهِ فَهُوَ فِي طَريقَة الْعصبَة وَمَا افترش وَلم يسم فَهُوَ فِي طَريقَة السطاح وَقد زعم أَبُو عُبَيْدَة أَنه النَّجْم على ان كل مَا طلع من الأَرْض فقد نجم فَهُوَ نجم إِلَى أَن تتبين وجوهه

ص: 49