المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ وهو الشاهد الأربعون - خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب للبغدادي - جـ ١

[عبد القادر البغدادي]

فهرس الكتاب

- ‌ مُقَدّمَة تشْتَمل على أُمُور ثَلَاثَة

- ‌(الْأَمر الأول)(فِي الْكَلَام الَّذِي يَصح الاستشهاد بِهِ فِي اللُّغَة والنحو وَالصرْف)

- ‌(الْأَمر الثَّانِي ضروب وأجناس)

- ‌(الْأَمر الثَّالِث يتَعَلَّق بترجمة الشَّارِح الْمُحَقق والحبر المدقق رحمه الله وَتجَاوز عَنهُ)

- ‌(تَتِمَّة)

- ‌(تَتِمَّة)

- ‌ الشَّاهِد الثَّالِث

- ‌(أَقسَام التَّنْوِين)

- ‌ الشَّاهِد الرَّابِع

- ‌ الشَّاهِد الْخَامِس

- ‌(تَتِمَّة)

- ‌ الشَّاهِد السَّادِس

- ‌(المعرب والمبني)

- ‌ الشَّاهِد الثَّامِن

- ‌ الشَّاهِد التَّاسِع

- ‌ الشَّاهِد الْعَاشِر

- ‌ الشَّاهِد الْحَادِي عشر

- ‌ الشَّاهِد الثَّانِي عشر

- ‌ الشَّاهِد الثَّالِث عشر

- ‌ الشَّاهِد الرَّابِع عشر

- ‌ الشَّاهِد الْخَامِس عشر

- ‌ الشَّاهِد السَّادِس عشر

- ‌ الشَّاهِد السَّابِع عشر

- ‌ الشَّاهِد الثَّامِن عشر

- ‌ الشَّاهِد الْعشْرُونَ

- ‌ الشَّاهِد الْحَادِي وَالْعشْرُونَ

- ‌ الشَّاهِد الثَّانِي وَالْعشْرُونَ

- ‌ الشَّاهِد الثَّالِث وَالْعشْرُونَ

- ‌ وَهُوَ الشَّاهِد الرَّابِع وَالْعشْرُونَ

- ‌ وَهُوَ الشَّاهِد الْخَامِس وَالْعشْرُونَ

- ‌ وَهُوَ الشَّاهِد السَّادِس وَالْعشْرُونَ

- ‌ وَهُوَ الشَّاهِد السَّابِع وَالْعشْرُونَ

- ‌ وَهُوَ الشَّاهِد الثَّامِن وَالْعشْرُونَ

- ‌ وَهُوَ الشَّاهِد التَّاسِع وَالْعشْرُونَ

- ‌ وَهُوَ الشَّاهِد الثَّلَاثُونَ

- ‌ وَهُوَ الشَّاهِد الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ

- ‌ الشَّاهِد الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ

- ‌ وَهُوَ الشَّاهِد الثَّالِث وَالثَّلَاثُونَ

- ‌ وَهُوَ الشَّاهِد الرَّابِع وَالثَّلَاثُونَ

- ‌ وَهُوَ الشَّاهِد الْخَامِس وَالثَّلَاثُونَ

- ‌(تَتِمَّة)

- ‌ وَهُوَ الشَّاهِد السَّادِس وَالثَّلَاثُونَ

- ‌(تَتِمَّة)

- ‌ وَهُوَ الشَّاهِد السَّابِع وَالثَّلَاثُونَ

- ‌ وَهُوَ الشَّاهِد الثَّامِن وَالثَّلَاثُونَ

- ‌(تَتِمَّة)

- ‌ وَهُوَ الشَّاهِد التَّاسِع وَالثَّلَاثُونَ

- ‌(تَتِمَّة)

- ‌ وَهُوَ الشَّاهِد الْأَرْبَعُونَ

- ‌ وَهُوَ الشَّاهِد الْحَادِي وَالْأَرْبَعُونَ

- ‌ وَهُوَ الشَّاهِد الثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ

- ‌(تَتِمَّة)

- ‌ وَهُوَ الشَّاهِد الثَّالِث وَالْأَرْبَعُونَ

- ‌(تَتِمَّة)

- ‌(بَاب التَّنَازُع)

- ‌(تتمه)

- ‌(أَمرتك الْخَيْر)

- ‌(الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر)

- ‌(تَتِمَّة)

- ‌(تَتِمَّة)

- ‌(اسْم مَا وَلَا المشبهين بليس)

الفصل: ‌ وهو الشاهد الأربعون

لَا جملَة إِلَخ أَقُول لَا مَانع من اسْتِعْمَاله مُفردا وَجُمْلَة بِاعْتِبَار نَقله مَعَ الضَّمِير وبدونه كَمَا اسْتعْمل يزِيد بِالْوَجْهَيْنِ مَعَ الاعتبارين فِي قَوْله

(ليبك يزِيد ضارع لخصومة)

فَإِنَّهُم قَالُوا رُوِيَ ليبك بِالْبِنَاءِ للْفَاعِل وَيزِيد مَفْعُوله وَهُوَ مَنْصُوب بالفتحة وضارع فَاعله وَرُوِيَ بِالْبِنَاءِ للْمَفْعُول وَيزِيد نَائِب فَاعل وَأي فرق بَينهمَا تَأمل

(تَتِمَّة)

هَذَا الْبَيْت فِي غَالب كتب النَّحْو وَلم أظفر بقائله وَلم يعزه أحد لقائله غير الْعَيْنِيّ فَإِنَّهُ قَالَ هُوَ لرؤبة بن العجاج وَقد تصفحت ديوانه فَلم أَجِدهُ فِيهِ وَالله أعلم

أنْشد فِيهِ‌

‌ وَهُوَ الشَّاهِد الْأَرْبَعُونَ

(الطَّوِيل)

(جزى ربه عني عدي بن حَاتِم

جَزَاء الْكلاب العاويات وَقد فعل)

على أَن الْأَخْفَش وَابْن جني قد أجازا اتِّصَال ضمير الْمَفْعُول بِهِ بالفاعل مَعَ تقدم الْفَاعِل لشدَّة اقْتِضَاء الْفِعْل للْمَفْعُول بِهِ كاقتضائه للْفَاعِل أَقُول وَمِمَّنْ ذهب مَذْهَبهمَا أَبُو عبد الله الطوَال من الْكُوفِيّين وَابْن مَالك فِي التسهيل وَشَرحه وَأطَال فِي الرَّد عَلَيْهِ الشاطبي فِي شرح الألفية وَنصر الإِمَام عبد القاهر الْجِرْجَانِيّ مَذْهَب الْأَخْفَش فِي الْمسَائِل المشكلة

ص: 277

قَالَ الفناري فِي حَاشِيَة المطول وَذهب بَعضهم إِلَى عدم إخلال الْإِضْمَار قبل الذّكر بالفصاحة مُسْتَندا بِأَن عبد القاهر قدوة فِي فن البلاغة وَهُوَ الْمرجع فِيهَا وَكَلَامه حجَّة مُطلقًا وَقد بَين ابْن جني مذهبَة فِي الخصائص فَقَالَ وَأَجْمعُوا على أَن لَيْسَ بجائز ضرب غُلَامه زيدا لتقدم الْمُضمر على مظهره لفظا وَمعنى وَقَالُوا فِي قَول النَّابِغَة

(جزى ربه عني عدي بن حَاتِم)

إِن الْهَاء عَائِدَة على عدي خلافًا على الْجَمَاعَة فَإِن قيل الْفَاعِل رتبته التَّقَدُّم وَالْمَفْعُول رتبته التَّأَخُّر فقد وَقع كل مِنْهُمَا الْموقع الَّذِي هُوَ أولى بِهِ فَلَيْسَ لَك أَن تعتقد فِي الْفَاعِل إِذا وَقع مُؤَخرا أَن مَوْضِعه التَّقْدِيم فَإِذا وَقع مقدما فقد أَخذ

مأخذه وَإِذا كَانَ كَذَلِك فقد وَقع الْمُضمر قبل مظهره لفظا وَمعنى وَهَذَا مَا لَا يجوزه الْقيَاس قيل الْأَمر وَإِن كَانَ ظَاهِرَة مَا تَقوله فَإِن هُنَا طَرِيقا آخر يسوغك غَيره وَذَلِكَ أَن الْمَفْعُول قد شاع وَأطْرد كَثْرَة تقدمه على الْفَاعِل حَتَّى دَعَا ذَاك أَبَا عَليّ إِلَى أَن قَالَ إِن تَقْدِيم الْمَفْعُول على الْفَاعِل فسم قَائِم بِرَأْسِهِ كَمَا أَن تَقْدِيم الْفَاعِل قسم أَيْضا قَائِم بِرَأْسِهِ وَإِن كَانَ تَقْدِيم الْفَاعِل أَكثر وَقد جَاءَ بِهِ الِاسْتِعْمَال مجيئا وَاسِعًا فَلَمَّا كثر وشاع تَقْدِيم الْمَفْعُول صَار كَأَن الْموضع لَهُ حَتَّى إِنَّه إِذا أخر فموضعه التَّقْدِيم فعلى ذَلِك كَأَنَّهُ قَالَ جزى عدي بن حَاتِم ربه ثمَّ قدم الْفَاعِل على أَنه قد قدره مقدما عَلَيْهِ مَفْعُوله فَجَاز لذَلِك وَلَا تستنكر هَذَا الَّذِي صورته لَك فَإِنَّهُ مِمَّا تقبله هَذِه اللُّغَة أَلا ترى أَن سيبوية أجَاز فِي جر الْوَجْه من قَوْلك هَذَا الْحسن الْوَجْه أَن يكون من موضِعين أَحدهمَا بِإِضَافَة الْحسن إِلَيْهِ وَالْآخر

ص: 278

تشبيهه لَهُ بالضارب الرجل مَعَ أَنا نعلم أَن الْجَرّ فِي الرجل إِنَّمَا جَاءَهُ من تشبيههم إِيَّاه بالْحسنِ الْوَجْه لَكِن لما أطْرد الْجَرّ فِي الضَّارِب الرجل صَار كَأَنَّهُ أصل فِي بَابه حَتَّى دَعَا ذَاك سِيبَوَيْهٍ إِلَى أَن عَاد فَشبه الْحسن الْوَجْه بِهِ وَهَذَا يدلك على تمكن الْفُرُوع عِنْدهم حَتَّى أَن الْأُصُول الَّتِي أَعْطَتْ فروعها حكما قد حارت فاستعارت من فروعها ذَلِك الحكم فَكَذَلِك تصيير تَقْدِيم الْمَفْعُول لما اسْتمرّ وَكثر كَأَنَّهُ هُوَ الأَصْل وَتَأْخِير الْفَاعِل كَأَنَّهُ أَيْضا هُوَ الأَصْل ويؤكد أَن الْهَاء فِي ربه لعدي بن حَاتِم من جِهَة الْمَعْنى عَادَة الْعَرَب فِي الدُّعَاء لَا تكَاد تَقول جزى رب زيد عمرا وَإِنَّمَا يُقَال جَزَاك رَبك خيرا أَو شرا وَذَلِكَ أوفق لِأَنَّهُ إِذا كَانَ مجازيه ربه كَانَ أقدر على جَزَائِهِ وإيلامه وَلذَلِك جرى الْعرف بذلك فاعرفه انْتهى وَمُلَخَّص كَلَامه أَن الْمَفْعُول فِي هَذِه الصُّورَة مُتَقَدم فِي الرُّتْبَة لَكِن تَأَخّر لضَرُورَة الشّعْر فَالضَّمِير الْمُتَّصِل بالفاعل عَائِد على مُتَقَدم حكما وَهَذَا غير قَول الشَّارِح الْمُحَقق لشدَّة اقْتِضَاء الْفِعْل للْمَفْعُول بِهِ على أَن حفيد السعد قَالَ فِي حَاشِيَة المطول فِيهِ أَن ذَلِك لَا يدْفع الْإِضْمَار

قبل الذّكر نعم لَو كَانَ اقْتِضَاء الْمَفْعُول أَشد تمّ الْكَلَام انْتهى وَتبع التَّفْتَازَانِيّ فِي المطول الشَّارِح فِيمَا ذَكرْنَاهُ وَأورد بَيت الشَّاهِد وَقَوله

(لما عصى أَصْحَابه مصعبا

أدّى إِلَيْهِ الْكَيْل صَاعا بِصَاع)

ثمَّ قَالَ ورد بِأَن الضَّمِير للمصدر الْمَدْلُول عَلَيْهِ بِالْفِعْلِ أَي رب الْجَزَاء وَأَصْحَاب الْعِصْيَان كَقَوْلِه تَعَالَى {اعدلوا هُوَ أقرب للتقوى} أَي الْعدْل وَأما قَوْله

ص: 279

(الْبَسِيط)

(جزى بنوه أَبَا الغيلان عَن كبر

وَحسن فعل كَمَا يجزى سنمار)

وَقَوله (الطَّوِيل)

(أَلا لَيْت شعري] هَل يَلُومن قومه

زهيرا على مَا جر من كل جَانب)

فشاذ لَا يُقَاس عَلَيْهِ انْتهى قَالَ الفناري وَيُمكن أَن يُقَال الضَّمِير فِي ربه رَاجع إِلَى الْمُتَكَلّم على طَريقَة الِالْتِفَات عِنْد السكاكي على قَول امْرِئ الْقَيْس

(تطاول ليلك بالإثمد)

انْتهى وَلَا يخفي بُطْلَانه لسماجته فَإِن الِالْتِفَات إِنَّمَا وَقع من الْمُتَكَلّم إِلَى خطاب النَّفس لَا إِلَى الْغَيْبَة فَتَأمل وَالْجَزَاء الْمُكَافَأَة وَعَن هُنَا للبدل كَقَوْلِه تَعَالَى {وَاتَّقوا يَوْمًا لَا تجزي نفس عَن نفس شَيْئا} وَقَوله جَزَاء الْكلاب مصدر تشبيهي أَي

جَزَاء كجزاء الْكلاب العاويات وَهُوَ الضَّرْب والإهانة قيل هَذَا لَيْسَ بِشَيْء وَإِنَّمَا المُرَاد الْكلاب الَّتِي تتداعى للسفاد يُقَال عاوت الكلبة الْكلاب فَهِيَ مُعَاوِيَة أَي دعتهم للسفاد وَلَا يكَاد يسْتَعْمل العواء للكلاب إِلَّا عِنْد السفاد والمستعمل فِي غير ذَلِك النباح وَإِنَّمَا العواء للسباع وَقيل أَنه يَعْنِي بالعاويات المسعورة وَمن شَأْنهَا إِذا أُرِيد برؤها أَن يُؤْخَذ سفود فَيدْخل فِي أدبارها والسعر بضمه وبضمتين والسعار بِضَم أَوله الْجُنُون والسعر ككتف الْمَجْنُون وَرُوِيَ الْكلاب العاديات جمع العادي من الْعَدو دَعَا عَلَيْهِ بِأحد هَذِه الْمعَانِي ثمَّ حققها عَلَيْهِ فَقَالَ وَقد فعل أَي اسْتَجَابَ الله مَا دَعَوْت عَلَيْهِ وحققه وَمثله للمتنبي (الطَّوِيل)

(وَهَذَا دُعَاء لَو سكت كفيته

لِأَنِّي سَأَلت الله فِيك وَقد فعل)

ص: 280

وَجُمْلَة وَقد فعل حَال من ربه وَهَذَا الْبَيْت لأبي الْأسود الديلِي يهجو بِهِ عدي بن حَاتِم الطَّائِي وَزعم ابْن جني وَغَيره أَنه للنابغة الذبياني وَهُوَ وَإِن عاصر عديا لَكِن الَّذِي رُوِيَ لَهُ إِنَّمَا هُوَ (الطَّوِيل)

(جزى الله عبسا عبس آل بغيض

جَزَاء الْكلاب العاويات وَقد فعل)

وَلَيْسَ فِيهِ مَا نَحن فِيهِ وَسَيَأْتِي الْكَلَام عَلَيْهِ وَقَالَ الْعَيْنِيّ قيل إِن قَائِله لم يعلم حَتَّى قَالَ ابْن كيسَان أَحْسبهُ مولدا مصنوعا قَالَ وَالضَّمِير لغير عدي فَكَأَنَّهُ وصف رجلا أحسن إِلَيْهِ ثمَّ قَالَ جزاه ربه خيرا وجزى عني عدي بن حَاتِم شرا فَحِينَئِذٍ لَا شذوذ فِي الْبَيْت وَلَا يخفى ركاكته أما أَبُو الْأسود الديلِي فاسمه ظَالِم بن عَمْرو بن سُفْيَان بن جندل بن يعمر ابْن حليس بن نفاثة بن عدي بن الديل بن بكر بن عبد مَنَاة بن كنَانَة بن خُزَيْمَة بن مدركه بن الياس بن مُضر بن نزار وهم إخْوَة قُرَيْش لِأَن قُريْشًا تخْتَلف فِي الْموضع الَّذِي أفترقت فِيهِ مَعَ بني أَبِيهَا والنسابون يَقُولُونَ إِن من لم يلده فهر بن مَالك بن النَّضر فَلَيْسَ قرشيا

وَهُوَ وَاضع علم النَّحْو بتعليم عَليّ رضي الله عنه وَكَانَ من وُجُوه شيعته وَاسْتَعْملهُ على الْبَصْرَة بعد ابْن عَبَّاس وَقبل هَذَا كَانَ اسْتَعْملهُ عمر بن الْخطاب وَعُثْمَان بن عَفَّان رضي الله عنهما وَتُوفِّي فِيمَا ذكره الْمَدَائِنِي فِي الطَّاعُون الجارف فِي سنة تسع وَسِتِّينَ وَله خمس وَثَمَانُونَ سنة وَقيل مَاتَ قبل ذَلِك قَالَ الجاحظ أَبُو الْأسود الديلِي مَعْدُود فِي طَبَقَات من النَّاس وَهُوَ

ص: 281

فِيهَا كلهَا مقدم ومأثور عَنهُ الْفضل فِي جَمِيعهَا كَانَ معدودا فِي التَّابِعين وَالْفُقَهَاء والمحدثين وَالشعرَاء والأشراف والفرسان والأمراء والدهاة والنحويين والحاضرين الْجَواب والشيعة والبخلاء والصلع الْأَشْرَاف والبخلاء الْأَشْرَاف وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة معمر بن الْمثنى كَانَ أَبُو الْأسود كَاتبا لِابْنِ عَبَّاس على الْبَصْرَة وَهُوَ الَّذِي يَقُول (الْكَامِل)

(وَإِذا طلبت من الْخَلَائق حَاجَة

فَادع الْإِلَه وَأحسن الأعمالا)

(فليعطينك مَا أَرَادَ بقدرة

وَهُوَ اللَّطِيف إِذا أَرَادَ فعالا)

(إِن الْعباد وشأنهم وأمورهم

بيد الْإِلَه يقلب الأحوالا)

(فدع الْعباد وَلَا تكن بطلابهم

لهجا تضعضع للعباد سؤالا)

وَفِي الأغاني بِسَنَدِهِ إِلَى ابْن عَيَّاش قَالَ خطب أَبُو الْأسود امْرَأَة من عبد الْقَيْس يُقَال لَهَا أَسمَاء بنت زِيَاد فَأسر أمرهَا إِلَى صديق لَهُ من الأزد يُقَال لَهُ الْهَيْثَم بن زِيَاد فَحدث بِهِ ابْن عَم لَهُ كَانَ يخطبها وَكَانَ لَهَا مَال عِنْد أَهلهَا فَمشى ابْن عَمها الْخَاطِب لَهَا إِلَى أَهلهَا الَّذين مَالهَا فِي أَيْديهم فَأخْبرهُم خبر أبي الْأسود وسألهم أَن يمنعوها من نِكَاحه وَمن مَالهَا الَّذِي فِي أَيْديهم فَفَعَلُوا ذَلِك وضاروها حَتَّى تزوجت ابْن عَمها فَقَالَ أَبُو الْأسود فِي ذَلِك (الطَّوِيل)

(لعمري لقد أفشيت يَوْمًا فخانني

إِلَى بعض من لم يخْش سرا ممنعا)

(فمزقه مزق الْعَمى وَهُوَ غافل

ونادى بِمَا أخفيت مِنْهُ فأسمعا)

(فَقلت وَلم أفحش لعا لَك عاثرا

وَقد يعثر السَّاعِي إِذا كَانَ مسرعا)

(وَلست بجازيك الْمَلَامَة إِنَّنِي

أرى الْعَفو أدنى للرشاد وأوسعا)

ص: 282

(وَلَكِن تعلم أَنه عهد بَيْننَا فبن غير مَذْمُوم وَلَكِن مودعا)

(حَدِيث أضعناه كِلَانَا فَلَنْ أرى

وَأَنت نجيا آخر الدَّهْر أجمعا)

(وَكنت إِذا ضيعت سرك لم تَجِد

سواك لَهُ إِلَّا أشت وأضيعا)

وَقَالَ فِيهِ أَيْضا (الطَّوِيل)

(أمنت امْرأ فِي السِّرّ لم يَك حازما

وَلكنه فِي النصح غير مريب)

(أذاع بِهِ فِي النَّاس حَتَّى كَأَنَّهُ

بعلياء نَار أوقدت بثقوب)

(وَكنت مَتى لم ترع سرك تَنْتَشِر

قوارعه من مخطىء ومصيب)

(فَمَا كل ذِي لب بمؤتيك نصحه

وَمَا كل مؤت نصحه بلبيب وَلَكِن إِذا مَا استجمعا عِنْد وَاحِد فَحق لَهُ من طَاعَة بِنَصِيب)

وَفِي الأغاني أَيْضا بِسَنَدِهِ عَن عوَانَة قَالَ كَانَ أَبُو الْأسود يجلس إِلَى فنَاء امْرَأَة بِالْبَصْرَةِ فيتحدث إِلَيْهَا وَكَانَت بَرزَة جميلَة فَقَالَت لَهُ يَا أَبَا الْأسود هَل لَك أَن أتزوجك فَإِنِّي صناع الْكَفّ حَسَنَة التَّدْبِير قانعة بالميسور قَالَ نعم فَجمعت أَهلهَا وتزوجته فَوجدَ عِنْدهَا خلاف مَا قدره وأسرعت فِي مَاله ومدت يَدهَا إِلَى خيانته وأفشت سره فغدا على من كَانَ حضر تَزْوِيجه إِيَّاهَا فَسَأَلَهُمْ أَن يجتمعوا عِنْده فَفَعَلُوا فَقَالَ لَهُم (المتقارب)

(أريت امْرأ كنت لم أبله

فَقَالَ اتَّخَذَنِي صديقا خَلِيلًا)

(فخاللته ثمَّ أكرمته

فَلم أستفد من لَدنه فتيلا)

(وألفيته حِين جربته

كذوب الحَدِيث سروقا بَخِيلًا)

ص: 283

(فَذَكرته ثمَّ عاتبته

عتابا رَفِيقًا وقولا جميلا)

(فَأَلْفَيْته غير مستعتب

وَلَا ذَاكر الله إِلَّا قَلِيلا)

(أَلَسْت حَقِيقا بتوديعه

وإتباع ذَلِك صرما طَويلا)

فَقَالُوا لَهُ بلَى وَالله يَا أَبَا الْأسود فَقَالَ تِلْكَ صاحبتكم وَقد طَلقتهَا لكم وَأَنا أحب أَن أستر مَا أنكرته من أمرهَا فَانْصَرَفت مَعَهم وَفِيه أَيْضا بِسَنَدِهِ إِلَى ابْن عَيَّاش قَالَ كَانَ الْمُنْذر بن الْجَارُود الْعَبْدي صديقا لأبي الْأسود يُعجبهُ مُجَالَسَته وَحَدِيثه وَكَانَ كل مِنْهُمَا يغشى صَاحبه وَكَانَت لأبي الْأسود مقطعَة من برود يكثر لبسهَا فَقَالَ لَهُ الْمُنْذر لقد أدمنت لبس هَذِه الْمُقطعَة فَقَالَ أَبُو الْأسود رب مملول يُسْتَطَاع فِرَاقه فَعلم الْمُنْذر أَنه قد احْتَاجَ إِلَى كسْوَة فأهدى لَهُ ثيابًا فَقَالَ أَبُو الْأسود يمدحه (الطَّوِيل)

(كساك وَلم تستكسه فحمدته

أَخ لَك يعطيك الجزيل وياصر)

(وَإِن أَحَق النَّاس إِن كنت حامدا

بحَمْدك من أَعْطَاك وَالْعرض وافر)

وروى الحريري فِي درة الغواص عَن عبيد الله بن عبد الله بن طَاهِر قَالَ

اجْتمع عندنَا أَبُو نصر أَحْمد بن حَاتِم وَابْن الْأَعرَابِي فتجاريا الحَدِيث إِلَى أَن حكى أَبُو نصر أَن أَبَا الْأسود دخل على عبيد الله بن زِيَاد وَعَلِيهِ ثِيَاب

ص: 284

رثَّة فَكَسَاهُ ثيابًا جددا من غير أَن عرض لَهُ بسؤال فَخرج وَهُوَ يَقُول وَأنْشد الْبَيْتَيْنِ ثمَّ قَالَ وَأنْشد أَبُو نصر وياصر يُرِيد بِهِ ويعطف فَقَالَ لَهُ ابْن الْأَعرَابِي بل هُوَ وناصر بالنُّون فَقَالَ لَهُ أَبُو نصر دعنى يَا هَذَا وياصري وَعَلَيْك بناصرك \ وَفِي الأغاني أَيْضا بِسَنَدِهِ إِلَى أبي عُبَيْدَة قَالَ كَانَ أَبُو حَرْب بن أبي الْأسود قد لزم منزل أَبِيه بِالْبَصْرَةِ وَلَا ينتجع أَرضًا وَلَا يطْلب الرزق فِي تِجَارَة وَلَا غَيرهَا فَعَاتَبَهُ أَبوهُ على ذَلِك فَقَالَ أَبُو حَرْب إِن كَانَ لي رزق فسيأتيني فَقَالَ لَهُ أَبوهُ (الوافر)

(وَمَا طلب الْمَعيشَة بالتمني

وَلَكِن ألق دلوك فِي الدلاء)

(تَجِيء بملئها يَوْمًا وَيَوْما

تَجِيء بحمأة وَقَلِيل مَاء)

وَفِيه أَيْضا بِسَنَدِهِ إِلَى عبد الْملك بن عُمَيْر قَالَ كَانَ ابْن عَبَّاس رضي الله عنه يكرم أَبَا الْأسود لما كَانَ عَاملا بِالْبَصْرَةِ لعَلي رضي الله عنه وَيَقْضِي حوائجة فَلَمَّا ولي ابْن عَامر جفاه وأبعده وَمنعه حَوَائِجه لما كَانَ يُعلمهُ من هَوَاهُ فِي عَليّ رضي الله عنه فَقَالَ فِيهِ أَبُو الْأسود (الطَّوِيل)

(ذكرت ابْن عَبَّاس بِبَاب ابْن عَامر

وَمَا مر من عيشي ذكرت وَمَا فضل)

(أميرن كَانَا صَاحِبي كِلَاهُمَا

فكلا جزاه الله عني بِمَا فعل)

(فَإِن كَانَ شرا كَانَ شرا جَزَاؤُهُ

وَإِن كَانَ خيرا كَانَ خيرا إِذا عدل)

وَفِيه أَيْضا بِسَنَدِهِ إِلَى الْعُتْبِي قَالَ كَانَ لأبي الْأسود جَار فِي ظهر دَاره لَهُ بَاب إِلَى قَبيلَة أُخْرَى وَكَانَ بَين دَاره وَدَار أبي الْأسود بَاب مَفْتُوح يخرج

ص: 285

مِنْهُ كل وَاحِد إِلَى قَبيلَة صَاحبه إِذا أرادها وَكَانَ الرجل ابْن عَم أبي الْأسود دنيا وَكَانَ شرسا سيء الْخلق فَأَرَادَ سد ذَلِك الْبَاب فَقَالَ لَهُ قومه لَا تفعل فتضر بِأبي الْأسود وَهُوَ شيخ وَلَيْسَ عَلَيْك فِي هَذَا الْبَاب ضَرَر وَلَا مُؤنَة فَأبى إِلَّا سَده ثمَّ نَدم على ذَلِك لِأَنَّهُ أضرّ بِهِ فَكَانَ إِذا أَرَادَ سلوك الطَّرِيق الَّتِي يسلكها مِنْهُ بعد عَلَيْهِ فعزم على فَتحه وَبلغ ذَلِك أَبَا الْأسود فَمَنعه مِنْهُ وَقَالَ فِيهِ (الوافر)

(بليت بِصَاحِب إِن أدن شبْرًا

يزدني فِي مباعدة ذِرَاعا)

(وَإِن أمدد لَهُ فِي الْوَصْل ذرعي

يزدني فَوق قيس الذرع بارعا)

(أَبَت نَفسِي لَهُ إِلَّا اتبَاعا

وتأبى نَفسه إِلَّا امتناعا)

(كِلَانَا جَاهد أدنو وينأى

فَذَلِك مَا اسْتَطَعْت وَمَا استطاعا)

وَقَالَ فِيهِ أَيْضا (مجزوء الْكَامِل)

(أعصيت أَمر ذَوي النهى

وأطعت أَمر ذَوي الجهاله)

(أَخْطَأت حِين صرمتني

والمرء يعجز لَا محاله)

(وَالْعَبْد يقرع بالعصا

وَالْحر تكفيه المقاله)

وَقد أطلتا فِي إِيرَاد شعره لَكنا أطبنا فَإِن حِكْمَة شِفَاء الصُّدُور ودرر قلائد النحور وَأما عدي بن حَاتِم فنسبته عدي بن حَاتِم الطَّائِي بن عبد الله بن سعد ابْن حشرج بن امْرِئ الْقَيْس بن عدي بن أخزم بن أبي أخزم واسْمه هزومة بن ربيعَة ابْن جَرْوَل بن ثعل بن عَمْرو بن الْغَوْث بن طَيئ بن أدد

ص: 286

بن زيد بن كهلان إِلَّا أَنهم يَخْتَلِفُونَ فِي بعض الْأَسْمَاء إِلَى طَيء وكنية عدي أَبُو طريف قَالَ أَبُو حَاتِم السجسْتانِي

فِي كتاب المعمرين عَاشَ عدي مائَة وَثَمَانِينَ سنة ا. هـ.

قدم على النَّبِي

فِي شعْبَان من سنة سبع وَقَالَ الْوَاقِدِيّ من سنة عشر وَخَبره فِي قدومه خبر عَجِيب وَحَدِيث صَحِيح ثمَّ قدم على أبي بكر رضي الله عنه بصدقات قومه فِي حِين الرِّدَّة وَمنع قومه وَطَائِفَة مَعَهم من الرِّدَّة بِثُبُوتِهِ على الْإِسْلَام وَحسن رَأْيه وَكَانَ سريا شريفا فِي قومه خَطِيبًا حَاضر الْجَواب فَاضلا كَرِيمًا رُوِيَ عَنهُ أَنه قَالَ مَا دخل وَقت صَلَاة قطّ إِلَّا وَأَنا أشتاق إِلَيْهَا وَرُوِيَ عَنهُ أَنه قَالَ مَا دخلت على النَّبِي

قطّ إِلَّا وسع لي أَو تحرّك وَدخلت عَلَيْهِ يَوْمًا فِي بَيته وَقد امْتَلَأَ من أَصْحَابه فَوسعَ لي حَتَّى جَلَست إِلَى جنبه وَفِي حَدِيث الشّعبِيّ أَن عدي بن حَاتِم قَالَ لعمر بن الْخطاب رضي الله عنه إِذْ قدم عَلَيْهِ مَا أَظُنك تعرفنِي فَقَالَ وَكَيف لَا أعرفك وَأول صَدَقَة بيضت وَجه رَسُول الله

صَدَقَة طَيئ أعرفك آمَنت إِذْ كفرُوا وَأَقْبَلت إِذْ أدبروا ووفيت إِذْ غدروا ثمَّ نزل عدي الْكُوفَة وسكنها وَشهد مَعَ عَليّ رضي الله عنه الْجمل وفقئت عينه يَوْمئِذٍ ثمَّ شهد مَعَ عَليّ رضي الله عنه صفّين والنهروان وَمَات بِالْكُوفَةِ وَهُوَ ابْن مائَة وَعشْرين فِي سنة سبع وَسِتِّينَ كَذَا فِي الِاسْتِيعَاب لِابْنِ عبد الْبر وَأما شعر النَّابِغَة الذبياني فَهُوَ (الطَّوِيل)

(جزى الله عبسا عبس آل بغيض

جَزَاء الْكلاب العاويات وَقد فعل)

ص: 287

(بِمَا انتهكوا من رب عدنان جهرة

وعَوْف يُنَاجِيهِمْ وذلكم جلل)

(فاصبحتم وَالله يفعل ذاكم

يعزكم مولى مواليكم شكل)

وروى

(يبوك النِّسَاء المرضعات بَنو شكل)

(إِذا شَاءَ مِنْهُم نَاشِئ دربخت لَهُ

لَطِيفَة طي الكشح رابية الكفل)

قَالَ الْمفضل بن سَلمَة فِي الفاخر روى هَذَا الشّعْر للنابغة الذبياني وَقيل إِنَّه لعبد الله بن همارق بِضَم الْهَاء وَآخره قَاف وَهُوَ أحد بني عبد الله بن غطفان

وَلَيْسَ فِي هَذَا الشّعْر شَاهد لما نَحن فِيهِ وَالسَّبَب فِيهِ أَن بني عبس لحقت ببني ضبة بعد يَوْم الفروق ثمَّ وَقع بَينهمَا دم ففارقتهم عبس فمرت تُرِيدُ الشَّام وَبلغ بني عَامر ارتفاعهم فخافوا انقطاعهم من قيس بن زُهَيْر رَئِيس بني عبس فَخرجت وُفُود بني عَامر إِلَيْهِم فدعتهم إِلَى أَن يرجِعوا ويحالفوهم فَقَالَ قيس بن زُهَيْر حالفوا قوما فِي صيابة بني عَامر لَيْسَ لَهُم عدد فيبغوا عَلَيْكُم بعددهم وَإِن احتجتم أَن يقومُوا بنصرتكم قَامَت بَنو عَامر فَحَالَفُوا مُعَاوِيَة بن شكل بن كَعْب بن عَامر بن صعصعة فَمَكَثُوا فيهم إِلَى أَن قَالَ الشَّاعِر هَذِه الأبيات يعير بني عبس فَلَمَّا بلغت قيسا قَالَ مَاله قَاتله الله أفسد علينا حلفنا فَخَرجُوا عَنْهُم ويبوك مضارع باك الْمَرْأَة بِمَعْنى جَامعهَا بِالْبَاء الْمُوَحدَة وَآخره كَاف ودربخت بِالدَّال وَالرَّاء الْمُهْمَلَتَيْنِ وبالباء الْمُوَحدَة وَالْخَاء الْمُعْجَمَة يُقَال دربخت الْحَمَامَة لذكرها طاوعته للسفاد والصيابة بِضَم الصَّاد الْمُهْملَة وَتَشْديد الْمُثَنَّاة التَّحْتِيَّة الْخَالِص والصميم وَالْأَصْل وَالْخيَار من كل شَيْء وَالسَّيِّد وصيابة الْقَوْم لبابهم

ص: 288