الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلْيَاس بِالْيَاءِ وَفِيه الْعدَد وَكَانَ النَّاس متلافا وَكَانَ إِذا نفذ مَا عِنْده أَتَى أَخَاهُ إلْيَاس فيناصفه مَاله أَحْيَانًا ويواسيه أَحْيَانًا فَلَمَّا طَال ذَلِك عَلَيْهِ وَأَتَاهُ كَمَا كَانَ يَأْتِيهِ قَالَ لَهُ إلْيَاس غلبت عَلَيْك الْعيلَة فَأَنت عيلان فَسُمي لذَلِك عيلان وَجَهل النَّاس وَمن قَالَ قيس ابْن عيلان فَإِن عيلان كَانَ عبدا لمضر حضن ابْنه النَّاس فغلب على نِسْبَة ا. هـ.
وَمثله فِي الْأَنْسَاب للكلبي قَالَ كَانَ عيلان عبدا لمضر فحضن ابْنه النَّاس وَأنْشد بعده وَهُوَ
الشَّاهِد السَّادِس عشر
وَهُوَ من شَوَاهِد س (الوافر)
(فَلَا أَعنِي بذلك أسفليكم
…
وَلَكِنِّي أُرِيد بِهِ الذوينا)
على أَن الذوين دَاخل فِي حد الْجمع الْمَذْكُور على أَي وَجه كَانَ لِأَن واحده ذُو وأنشده أَيْضا فِي آخر بَاب الْإِضَافَة على أَن قطع ذُو وَإِدْخَال اللَّام عَلَيْهِ شَاذ وَذَلِكَ لإجرائه مجْرى صَاحب وأنشده أَيْضا فِي بَاب الْجمع الْمُذكر السَّالِم على أَنه لَو اعْتبر اللَّام أَي لَام الْفِعْل لقَالَ الذوين كالأعلين فَإِن ذُو مَفْتُوح الْعين عِنْد س قَالَ أَبُو عَليّ الْفَارِسِي فِي الْإِيضَاح الشعري كسر الْعين من الذوين
وَكَانَ حَقّهَا أَن تفتح لِأَن ذوين جمع ذوى وَقد ثَبت ب ذواتا أفنان أَن الْعين مَفْتُوحَة ا. هـ.
قَالَ فِي الصِّحَاح وَلَو سميت رجلا ذُو لَقلت هَذَا ذوى قد أقبل فَترد
مَا ذهب مِنْهُ لِأَنَّهُ لَا يكون اسْم على حرفين أَحدهمَا حرف لين لِأَن التَّنْوِين يذهبه فَيبقى على حرف وَاحِد وأنشده س أَيْضا فِي بَاب تَغْيِير الْأَسْمَاء المبهمة إِذا صَارَت أعلاما خَاصَّة فَإِنَّهُ جمع ذُو جمعا سالما وأفرده من الْإِضَافَة وَأدْخل عَلَيْهِ اللَّام وَجعله أسما على حياله قَالَ فِي الصِّحَاح وَلَو جمعت ذُو مَال لَقلت هَؤُلَاءِ ذوون لِأَن الْإِضَافَة قد زَالَت وَأنْشد بَيت الْكُمَيْت وَقَالَ أَرَادَ أذواء الْيمن وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو الْبَقَاء فِي شرح الْإِيضَاح النَّحْوِيّ للفارسي إِنَّمَا جَازَ هَذَا لِأَنَّهُ أَرَادَ مُلُوك الْيمن فقد أخرجه إِلَى بَاب الْمُفْرد وَلذَلِك قَالُوا الأذواء فِي هَؤُلَاءِ لَكِن قَالَ أَبُو بكر الزبيدِيّ فِي كتاب لحن الْعَامَّة لَا يجوز أَن تدخل اللَّام على ذُو وَلَا على ذَات فِي حَال إِفْرَاد وَلَا تَثْنِيَة وَلَا جمع وَلَا تُضَاف إِلَى الْمُضْمرَات وَإِنَّمَا تقع مُضَافَة إِلَى الظَّاهِر وَقد غلط فِي ذَلِك اهل الْكَلَام وَأكْثر النَّحْوِيين من الشُّعَرَاء وَالْكتاب وَالْفُقَهَاء فَأَما قَوْلهم فِي ذِي رعين وَذي أصبح وَذي كلاع الأذواء وَقَوله
…
(وَلَكِنِّي أُرِيد بِهِ الذوينا)
فَلَيْسَ من كَلَامهم الْمَعْرُوف أَلا ترى أَنَّك لَا تَقول هَؤُلَاءِ أذواء الدَّار وَلَا مَرَرْت بأذواء المَال وَإِنَّمَا أحدث ذَلِك بعض أهل النّظر كَأَنَّهُ ذهب إِلَى جمعه على الأَصْل لِأَن أصل ذُو ذوى فَجَمعه على أذواء مثل قفا وأقفاء وَكَذَلِكَ الذوون كَأَنَّهُ جمعه مُفردا وَأخرجه مخرج الأذواء فِي الِانْفِرَاد وَذَلِكَ غير مقول لِأَن ذُو لَا تكون إِلَّا مُضَافَة وكما لَا يجوز أَن تَقول هَذَا الذو والذوان فتفرد فَكَذَلِك لَا تَقول الأذواء وَلَا الذوون لِأَن ذُو لَا تكون إِلَّا مُضَافَة وَكَذَلِكَ جمعهَا ا. هـ.
وَالصَّحِيح عِنْد س وَمن تبعه جَوَاز جمع ذُو فِي نَحْو ذِي رعين مِمَّا هُوَ جُزْء علم على الأذواء والذوين كَمَا فِي شعر الْكُمَيْت وَهُوَ عَرَبِيّ فصيح وَمُرَاد الزبيدِيّ
بتغليط من ذكر أَنهم يَقُولُونَ الذَّات وذاته فَيدْخلُونَ اللَّام عَلَيْهِ ويضيفونه إِلَى الضَّمِير وَهُوَ مؤنث ذُو وَهَذَا جَائِز أَيْضا وَإِن توقف فِيهِ أَكثر النَّاس فَإِن الذَّات قد أجري مجْرى الْأَسْمَاء الجامدة فَإِن المُرَاد بِهِ حَقِيقَة الشَّيْء وَنَفسه من غير مُلَاحظَة مَوْصُوف يجْرِي عَلَيْهِ قَالَ الزَّرْكَشِيّ فِي تَذكرته سُئِلَ الزَّمَخْشَرِيّ عَن إِطْلَاق الذَّات على الله عز وجل فَأجَاب بِأَنَّهَا تَأْنِيث ذُو بِمَعْنى صَاحب وَهِي مَوْضُوعَة ليوصف بهَا مَا تلبس بِمَا يلْزمهَا الْإِضَافَة إِلَيْهِ من الْأَجْنَاس فِي نَحْو قَوْلهم رجل ذُو مَال وَامْرَأَة ذَات جمال ثمَّ قطعت عَن مقتضاها وأجريت مجْرى الْأَسْمَاء الجوامد فَلَا تلْزم الْإِضَافَة وَلَا الإجراء على مَوْصُوف وعني بهَا نفس الْبَارِي وَحَقِيقَته وَأَصلهَا فِي التَّقْدِير نفس ذَات علم وَغَيره من الصِّفَات ثمَّ اسْتغنى بِالصّفةِ عَن الْمَوْصُوف وَمثله كثير وَحذف الْمُضَاف إِلَيْهِ لإِرَادَة التَّعْمِيم كَمَا تحذف المفاعيل فَإِن قلت كَيفَ جَازَ إِطْلَاقه على الله مَعَ مَا فِيهِ من التَّأْنِيث
وهم يمْنَعُونَ إِطْلَاق الْعَلامَة عَلَيْهِ مَعَ أَن تاءه للْمُبَالَغَة لما فِيهِ من الْإِيهَام قلت سَاغَ من حَيْثُ سَاغَ النَّفس والحقيقة وَوَجهه أَن امْتنَاع عَلامَة لِأَنَّهُ صفة حذي بهَا حَذْو الْفِعْل فِي التفصلة بَين الْمُذكر والمؤنث بِخِلَاف الْأَسْمَاء الَّتِي لَا تجْرِي على مجْرى الْأَفْعَال فِي الْفرق فَلَمَّا انسلكت الذَّات فِي مَسْلَك الْأَسْمَاء جرت مجْرى النَّفس والحقيقة فَإِن صَحَّ مَا حُكيَ عَن الْعَرَب من قَوْلهم جعل الله مَا بَيْننَا فِي ذَاته وَعَلِيهِ بنى حبيب قَوْله (الطَّوِيل)
(وَيضْرب فِي ذَات الْإِلَه فيوجع)
فالكلمة إِذن عَرَبِيَّة وعَلى ذَلِك اسْتِعْمَال الْمُتَكَلِّمين ا. هـ.
وَأعلم أَن استشهادهم بِشعر حبيب وَبِمَا وَقع فِي الحَدِيث من قَوْله ثَلَاث كذبات فِي ذَات الله لتصحيح هَذِه اللفظه فِيهِ أَن بعض الْمُحَقِّقين قَالَ لَيْسَ مَعْنَاهُ مَا ذَكرُوهُ وَإِنَّمَا معنى ذَات فِيهِ أُمُور تستند إِلَى الله مِمَّا أَرَادَهُ وأوجبه على عبَادَة من طَاعَته وعبادته وَالْإِيمَان بِهِ وَنَحْو ذَلِك وَهُوَ الْمُتَبَادر مِنْهُ بشهاده السِّيَاق والتأمل الصَّادِق وَهَذَا الْبَيْت من قصيدة الْكُمَيْت بن زيد هجا بهَا أهل الْيمن تعصبا لمضر وَسَيَأْتِي فِي الشَّاهِد الرَّابِع وَالْعِشْرين سَبَب عصبيته لمضر ونظمه لهَذِهِ القصيدة يَقُول لَا أعنى بهجوي إيَّاكُمْ أراذلكم وَإِنَّمَا أعنى عليتكم وملوككم وروى
(الوافر)
(لم أقصد بذلك أسفليكم
…
وَلَكِنِّي عنيت بِهِ الذوينا)
يُقَال عنيته عنيا من بَاب رمى قصدته فمفعوله أسفليكم وَهُوَ جمع مُذَكّر سَالم واعتنيت بأَمْري اهتممت واحتفلت وعنيت بِهِ أَعنِي من بَاب رمى أَيْضا عناية كَذَلِك وَأما الْمَبْنِيّ لمفعول نَحْو عنيت بِأَمْر فلَان عناية وعنيا فَهُوَ بِمَعْنى شغلت بِهِ ولتعن بحاجتي أَي لتكن حَاجَتي شاغلة لسرك وَرُبمَا قيل عنيت بأَمْره بِالْبِنَاءِ للْفَاعِل كَذَا فِي الْمِصْبَاح والأسفلون جمع أَسْفَل وَهُوَ خلاف الْأَعْلَى يُقَال سفل سفولا من بَاب قعد وسفل من بَاب قرب لُغَة صَار أَسْفَل من غَيره وسفل فِي خلقه وَعَمله سفلا من بَاب قتل وسفالا وَالِاسْم السّفل بِالضَّمِّ وَمِنْه قيل للأراذل سفلَة بِفَتْح السِّين وَكسر الْفَاء وَيجوز التَّخْفِيف بِنَقْل الكسرة إِلَى مَا قبلهَا وَأَرَادَ بالذوين الأذواء وهم مُلُوك الْيمن المسمون بِذِي يزن وَذي جدن وَذي نواس وهم التبابعة وَقَالَ ابْن الشجري فِي أمالية وأذواء الْيمن مِنْهُم مُلُوك وَمِنْهُم أقيال والقيل دون الْملك ثمَّ سرد من سمي بِذِي كَذَا من مُلُوك الْيمن وَبَالغ فِي جمعهَا وَشَرحهَا
فَمن أرادها فَلْينْظر ثمَّة وَمن يُقَال لَهُ الْكُمَيْت من الشُّعَرَاء كَمَا فِي المؤتلف والمختلف للآمدي ثَلَاثَة من بني أَسد بن خُزَيْمَة أَوَّلهمْ الْكُمَيْت الْأَكْبَر بن ثَعْلَبَة بن نَوْفَل بن نَضْلَة بن الأشتر بن جحوان بِتَقْدِيم الْمُعْجَمَة ابْن فقعس وَالثَّانِي الْكُمَيْت بن مَعْرُوف بن الْكُمَيْت الْأَكْبَر
وَالثَّالِث هُوَ صَاحب الشَّاهِد وَهُوَ الْكُمَيْت بن زيد بن الْأَخْنَس بن مجَالد بن ربيعَة بن قيس بن الْحَارِث بن عَامر بن دويبة بن عَمْرو بن مَالك بن سعد بن ثَعْلَبَة ابْن دودان بن أَسد وَهُوَ كُوفِي شَاعِر مقدم عَالم بلغات الْعَرَب خَبِير بأيامها وَمن شعراء مُضر وألسنتها المتعصبين على القحطانية المقارعين الْعَالمين بالمثالب يُقَال مَا جمع أحد من علم الْعَرَب ومناقبها وَمَعْرِفَة أنسابها مَا جمع الْكُمَيْت فَم صحّح الْكُمَيْت نسبه صَحَّ وَمن طعن فِيهِ وَهن وَسُئِلَ معَاذ الهراء عَن أشعر النَّاس فَقَالَ من الجاهليين امْرُؤ الْقَيْس وَزُهَيْر وَعبيد ابْن الأبرص وَمن الإسلاميين الفرزدق وَجَرِير والأخطل فَقيل لَهُ يَا أَبَا مُحَمَّد مَا رَأَيْنَاك ذكرت الْكُمَيْت قَالَ ذَاك أشعر الْأَوَّلين والآخرين وَقَالَ أَبُو عِكْرِمَة الضَّبِّيّ لَوْلَا شعر الْكُمَيْت لم يكن للغة ترجمان وَلَا للْبَيَان لِسَان يُقَال إِن شعره بلغ أَكثر من خَمْسَة آلَاف بَيت وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة لَو لم يكن لبني أَسد منقبة غير الْكُمَيْت لكفاهم حببهم إِلَى النَّاس وَأبقى لَهُم ذكرا وَقَالَ بَعضهم فِي الْكُمَيْت خِصَال لم تكن فِي شَاعِر كَانَ خطيب بني أَسد
وفقيه الشِّيعَة وحافظ الْقُرْآن وَكَانَ ثَبت الْجنان وَكَانَ كَاتبا حسن الْخط وَكَانَ نسابة وَكَانَ جدليا وَهُوَ أول من نَاظر فِي التَّشَيُّع مجاهرا بذلك وَله فِي أهل الْبَيْت القصائد الْمَشْهُورَة وَهِي أَجود شعره وَكَانَ فِي صغره ذكيا لوذعيا يُقَال إِنَّه وقف وَهُوَ صبي على الفرزدق
وَهُوَ ينشد فأعجبه سَمَاعه فَلَمَّا فرغ قَالَ يَا غُلَام كَيفَ ترى مَا تسمع قَالَ حسن يَا عَم قَالَ أَيَسُرُّك أَنِّي أَبوك قَالَ أما أبي فَلَا أبغي بِهِ بَدَلا وَلَكِن يسرني أَنَّك أُمِّي فحصر الفرزدق وَقَالَ مَا مر بِنَا مثلهَا وَحكى صاعد مولى الْكُمَيْت قَالَ دخلت مَعَ الْكُمَيْت على عَليّ بن الْحُسَيْن رضي الله عنه فَقَالَ إِنِّي قد مدحتك بِمَا أَرْجُو أَن يكون لي وَسِيلَة عِنْد رَسُول الله
ثمَّ أنْشدهُ قصيدته الَّتِي أَولهَا (الْخَفِيف)
(من لقلب متيم مستهام
…
غير مَا صبوة وَلَا أَحْلَام)
فَلَمَّا أَتَى على آخرهَا قَالَ لَهُ ثوابك نعجز عَنهُ وَلَكِن مَا عجزنا عَنهُ فَإِن الله لَا يعجز عَن مكافأتك اللَّهُمَّ أَغفر للكميت اللَّهُمَّ أَغفر للكميت ثمَّ قسط لَهُ على نَفسه وعَلى أَهله أَرْبَعمِائَة ألف دِرْهَم وَقَالَ لَهُ خُذ يَا أَبَا المستهل فَقَالَ لَهُ لَو وصلتني بدانق لَكَانَ شرفا لي وَلَكِن إِن أَحْبَبْت أَن تحسن إِلَيّ فادفع إِلَيّ بعض ثِيَابك الَّتِي تلِي جسدك أتبرك بهَا فَقَامَ فَنزع ثِيَابه وَدفعهَا إِلَيْهِ كلهَا ثمَّ قَالَ اللَّهُمَّ إِن الْكُمَيْت جاد فِي آل رَسُولك وذرية نبيك بِنَفسِهِ حِين ضن النَّاس وَأظْهر مَا كتمه غَيره من الْحق فأحيه سعيدا وَأمته شَهِيدا وأره الْجَزَاء عَاجلا وأجزل لَهُ جزيل المثوبة آجلا فَإنَّا قد عجزنا عَن مكافاته قَالَ الْكُمَيْت مَا زلت أعرف بركَة دُعَائِهِ وَحدث مُحَمَّد بن سهل قَالَ دخلت مَعَ الْكُمَيْت على جَعْفَر الصَّادِق فِي أَيَّام التَّشْرِيق فَقَالَ جعلت فداءك أَلا أنْشدك قَالَ إِنَّهَا أَيَّام عِظَام قَالَ إِنَّهَا
فِيكُم قَالَ هَات فأنشده قصيدته الَّتِي أَولهَا (الطَّوِيل)
(أَلا هَل عَم فِي رَأْيه متأمل
…
وَهل مُدبر بعد الْإِسَاءَة مقبل)
…
(وَهل أمة مستيقظون لدينهم
…
فَيكْشف عَنهُ النعسة المتزمل)
(فقد طَال هَذَا النّوم واستخرج الْكرَى
…
مساويهم لَو أَن ذَا الْميل يعدل)
(وعطلت الْأَحْكَام حَتَّى كأننا
…
على مِلَّة غير الَّتِي نتنحل)
(كَلَام النَّبِيين الهداة كلامنا
…
وأفعال أهل الْجَاهِلِيَّة نَفْعل)
(رَضِينَا بدنيا لَا نُرِيد فراقها
…
على أننا فِيهَا نموت ونقتل)
(وَنحن بهَا مستمسكون كَأَنَّهَا
…
لنا جنَّة مِمَّا نَخَاف وَمَعْقِل)
فَكثر الْبكاء وَارْتَفَعت الْأَصْوَات فَلَمَّا مر على قَوْله فِي الْحُسَيْن رضي الله عنه
(كَأَن حُسَيْنًا والبهاليل حوله
…
لأسيافهم مَا يختلي المتبقل)
(وَغَابَ نَبِي الله عَنْهُم وفقده
…
على النَّاس رزء مَا هُنَاكَ مجلل)
(فَلم أر مخذولا أجل مُصِيبَة
…
وَأوجب مِنْهُ نصْرَة حِين يخذل)
فَرفع جَعْفَر الصَّادِق رضي الله عنه يَدَيْهِ وَقَالَ اللَّهُمَّ اغْفِر للكميت مَا قدم وَمَا آخر وَمَا أسر وَمَا أعلن وأعطه حَتَّى يرضى ثمَّ أعطَاهُ ألف دِينَار وكسوه فَقَالَ لَهُ الْكُمَيْت وَالله مَا أحببتكم للدنيا وَلَو أردتها لأتيت من هِيَ فِي يَدَيْهِ ولكنني أحببتكم للآخرة فَأَما الثِّيَاب الَّتِي أَصَابَت أجسادكم فَإِنِّي أقبلها لبركتها وَأما المَال فَلَا أقبله وَكَانَت ولادَة الْكُمَيْت سنة سِتِّينَ وَهِي أَيَّام مقتل الْحُسَيْن رضي الله عنه وَكَانَت وَفَاته سنة سِتّ وَعشْرين وَمِائَة فِي خلَافَة مَرْوَان بن مُحَمَّد
وَكَانَ السَّبَب فِي مَوته أَنه مدح يُوسُف بن عمر بعد عزل خَالِد الْقَسرِي