الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(الْأَمر الثَّالِث يتَعَلَّق بترجمة الشَّارِح الْمُحَقق والحبر المدقق رحمه الله وَتجَاوز عَنهُ)
وَلم أطلع على تَرْجَمَة لَهُ وافية بالمراد وَقد رَأَيْت فِي آخر نُسْخَة قديمَة من هَذَا الشَّرْح مَا نَصه هُوَ الْمولى الإِمَام الْعَالم الْعَلامَة ملك الْعلمَاء صدر الْفُضَلَاء مفتي الطوائف الْفَقِيه الْمُعظم نجم الْملَّة وَالدّين مُحَمَّد بن الْحسن الأستراباذي وَقد أمْلى هَذَا الشَّرْح بالحضرة الشَّرِيفَة الغروية فِي ربيع الآخر من سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة هَذَا صُورَة مَا رَأَيْته وَهَذَا التَّارِيخ غير مُوَافق لما أرخه هُوَ فِي آخر شَرحه قبل أَحْكَام هَاء السكت قَالَ فِيهِ هَذَا آخر شرح الْمُقدمَة وَالْحَمْد لله على إنعامه
وإفضاله بِتَوْفِيق إكماله وصلواته على مُحَمَّد وكرام آله وَقد تمّ تَمَامه وَختم اختتامه فِي الحضرة المقدسة الغروية على مشرفها أفضل تَحِيَّة رب الْعِزَّة وَسَلَامه فِي شَوَّال سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة وَقد أوردهُ الْجلَال السُّيُوطِيّ فِي مُعْجم النَّحْوِيين وَلم يعرف اسْمه قَالَ الرضي الإِمَام الْمَشْهُور صَاحب شرح الكافية لِابْنِ الْحَاجِب الَّذِي لم يؤلف عَلَيْهَا بل وَلَا فِي غَالب كتب النَّحْو مثله جمعا وتحقيقا وَحسن تَعْلِيل وَقد أكب النَّاس عَلَيْهِ وتداولوه وَاعْتَمدهُ شُيُوخ الْعَصْر فَمن قبلهم فِي مصنفاتهم ودروسهم وَله فِيهِ أبحاث واختيارات جمة ومذاهب ينْفَرد بهَا ولقبه نجم الْأَئِمَّة وَلم أَقف على اسْمه وَلَا على شَيْء من تَرْجَمته إِلَّا أَنه فرغ من تأليفه هَذَا الشَّرْح سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة وَأَخْبرنِي صاحبنا شمس الدَّين بن عوم
بِمَكَّة أَن وَفَاته سنة أَربع وَثَمَانِينَ أَو سِتّ وسِتمِائَة الشَّك مني وَله شرح على الشافية هَذَا مَا ذكره السُّيُوطِيّ والتاريخان غير موافقين لما ذَكرْنَاهُ وَقد ذكر البقاعي فِي مناسبات الْقُرْآن تَارِيخ هَذَا الشَّرْح كَمَا نقلنا قَالَ هُوَ مُحَمَّد بن الْحسن الأستراباذي الْعَلامَة نجم الدَّين وتمم شرح الكافية فِي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة وَلم ينْقل الشَّرْح من الْعَجم إِلَى الديار المصرية إِلَّا بعد أبي حَيَّان وَابْن هِشَام ا. هـ.
وعَلى هَذَا لَا يُمكن أَن يكون تَارِيخ وَفَاته مَا ذكره السُّيُوطِيّ فَإِنَّهُ عَاشَ مُدَّة يحرر شَرحه وَلِهَذَا تخْتَلف نسخه اخْتِلَافا كثيرا كَمَا نَقله السَّيِّد الْجِرْجَانِيّ فِي إِجَازَته الآتيه وَشَرحه للشافية مُتَأَخّر عَن شَرحه للكافية فَلَا يَصح ذَلِك التَّارِيخ وعصره قريب من عصر ابْن الْحَاجِب فَإِن وَفَاة ابْن الْحَاجِب كَانَت فِي سنة سِتّ وَأَرْبَعين وسِتمِائَة وَقد رَأَيْت أَن أكتب هُنَا صُورَة إجَازَة الشريف الْجِرْجَانِيّ لمن قَرَأَ عَلَيْهِ هَذَا الشَّرْح فَإِنَّهُ بَالغ فِي تقريظه وأطرى ومدح الشَّارِح بِمَا هُوَ اللَّائِق والأحرى وَهِي هَذِه أَحْمَده على جزيل نواله وأصلي على نبيه مُحَمَّد وَصَحبه وَآله وَبعد فَإِن صناعَة الْإِعْرَاب لَا يخفي شَأْنهَا فِي رَفعه مَكَانهَا تجْرِي من عُلُوم الْأَدَب مجْرى الأساس وتتنزل مِنْهَا منزلَة الْبُرْهَان من الْقيَاس وَبهَا يتم ارتشاف الضَّرْب من تراكيب كَلَام الْعَرَب بل هِيَ مرقاة مَنْصُوبَة إِلَى علم الْبَيَان المطلع على نكت نظم
الْقُرْآن وَإِن شرح الكافية للْعَالم الْكَامِل نجم الْأَئِمَّة وفاضل الْأمة مُحَمَّد بن الْحسن الرضي الأستراباذي تغمده الله بغفرانه وَأَسْكَنَهُ بحبوحة جنانه كتاب جليل الْخطر مَحْمُود الْأَثر يحتوى من أصُول هَذَا الْفَنّ
على أمهاتها وَمن فروعه على نكاتها قد جمع بَين الدَّلَائِل والمباني وتقريرها وَبَين تَكْثِير الْمسَائِل والمعاني وتحريرها وَبَالغ فِي توضيح المناسبات وتوجيه المباحثات حَتَّى فاق ببيانه على أقرانه وَجَاء كِتَابه هَذَا كعقد نظم فِي جَوَاهِر الحكم بزواهر الْكَلم لَكِن وَقع فِيهِ تغييرات وَشَيْء كثير من المحور والإنبات وَبدل بذلك صور نُسْخَة تبديلا بِحَيْثُ لَا نجد إِلَى سيرتها سَبِيلا وَإِنِّي مَعَ مَا منيت بِهِ من الأشغال واختلال الْحَال وانتكاس سوق الْفضل والكمال وانقراض عصر الرِّجَال الَّذين كَانُوا محط الرّحال ومنبع الأفضال ومعدن الإقبال وَمجمع الآمال وتلاطم أمواج الوسواس من غَلَبَة أَفْوَاج الشَّوْكَة وَظُهُور الْفساد فِي الْبر وَالْبَحْر بِمَا كسبت أَيدي النَّاس قد بذلت وسعي فِي تَصْحِيحه بِقدر مَا وَفِي بِهِ حسي مَعَ تِلْكَ الْعَوَائِق ووسعه مقدرتي مَعَ مَوَانِع الْعَوَائِق فتصحح إِلَّا مَا ندر أَو طَغى بِهِ الْقَلَم أَو زاغ الْبَصَر وَقد قَرَأَهُ على من أَوله إِلَى آخِره الْمولى الإِمَام والفاضل الْهمام زبدة أقرانه فِي زَمَانه وأسوة الأفاضل فِي أَوَانه مُحَمَّد حاجي ابْن الشَّيْخ المرحوم السعيد عمر بن مُحَمَّد زيدت فضائله كَمَا طابت شمائله قِرَاءَة بحث وإتقان وكشف وإيقان وَقد نقر فِيهَا عَن معضلاته وكشف عَن وُجُوه مخدراته هَذَا وَقد أجزته أَن يرويهِ عني مَعَ سَائِر مَا سَمعه عَليّ من الْأَحَادِيث وفنون الْأَدَب والأصولين راجيا مِنْهُ أَن لَا ينساني فِي خلواته وَفِي دعواته عقيب صلواته لَعَلَّ الله يجمعنا فِي جناته ويتغمدنا بمرضاته إِنَّه على مَا يَشَاء قدير وبالإجابة جدير وحسبنا الله وَنعم الْوَكِيل نعم الْمولى وَنعم النصير كتبه الْفَقِير الحقير الْجَانِي عَليّ بن مُحَمَّد الْحُسَيْنِي الْجِرْجَانِيّ وَذَلِكَ بمحروسة سَمَرْقَنْد سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانمِائَة
وَهَذَا آخر الْإِجَازَة وَقد حَان أَن نشرع فِيمَا انتوينا ونتوجه إِلَى مَا انتحينا راجين من الله إخلاص الْعَمَل والعصمة عَن الزيغ والخطل وَمن هُنَا نقُول وعَلى الله الْقبُول أنْشد فِي
خَواص الأسم (الطَّوِيل)
(يَقُول الخنى وَأبْغض الْعَجم ناطقا
…
إِلَى رَبنَا صَوت الْحمار اليجدع)
أوردهُ الشَّارِح وَابْن هِشَام فِي مُغنِي اللبيب على أَن أل فِي اليجدع اسْم مَوْصُول دخل على صَرِيح الْفِعْل لمشابهته لاسم الْمَفْعُول وَهُوَ مَعَ ذَلِك شَاذ قَبِيح لَا يَجِيء إِلَى فِي ضَرُورَة وَقَالَ الْأَخْفَش أَرَادَ الَّذِي يجدع كَمَا تَقول هُوَ ال يَضْرِبك تُرِيدُ الَّذِي يَضْرِبك وَقَالَ ابْن السراج فِي كتاب الْأُصُول لما احْتَاجَ إِلَى رفع القافية قلب الِاسْم فعلا وَهُوَ من أقبح ضرورات الشّعْر قيل لَا ضَرُورَة فِيهِ فَإِنَّهُ يُمكن أَن يَقُول يجدع بِدُونِ أل لِاسْتِقَامَةِ الْوَزْن وَأَن يَقُول المتقصع أَقُول هَذَا مبْنى على أَن معنى الضَّرُورَة عِنْد هَذَا الْقَائِل مَا لَيْسَ للشاعر عَنهُ مندوحة وَهُوَ فَاسد كَمَا يَأْتِي بَيَانه وَالصَّحِيح تَفْسِيرهَا بِمَا وَقع فِي الشّعْر دون النثر سَوَاء كَانَ عَنهُ مندوحة أَو لَا قَالَ شَارِح شَوَاهِد الألفية ذَاك مُسلم فِي يجدع دون المتقصع فَإِنَّهُ يلْزمه الإقواء وَهُوَ عيب أَقُول لَا يلْزمه الإقواء فَإِن اليربوع مَرْفُوع والمتقصع وَصفه كَمَا يَأْتِي بَيَانه وَقيل أل فِيهِ زَائِدَة وَالْجُمْلَة صفة الْحمار أَو حَال مِنْهُ لِأَن أل فِي الْحمار جنسية وَهَذَا لَا يتمشى فِي أخواته
وَقَول الشَّارِح الْمُحَقق لمشابهته لاسم الْمَفْعُول يُرِيد أَنَّهَا إِذا دخلت على مضارع مبْنى للْمَفْعُول إِنَّمَا تدخل عَلَيْهِ لمشابهته لاسم الْمَفْعُول نَحْو اليجدع واليتقصع وَقَول الفرزدق (الْبَسِيط)
(مَا أَنْت بالحكم الترضى حكومته
…
وَلَا الْأَصِيل وَلَا ذِي الراي والجدل)
وَإِذا دخلت على مضارع مَبْنِيّ للْفَاعِل إِنَّمَا تدخل عَلَيْهِ لمشابهته لاسم الْفَاعِل كَقَوْلِه (الطَّوِيل)
(وَلَيْسَ اليرى للخل مثل الَّذِي يرى
…
لَهُ الْخلّ أَهلا أَن يعد خَلِيلًا)
وَقَوله (الْبَسِيط)
(مَا كاليروح وَيَغْدُو لاهيا فَرحا
…
مشمر يستديم الحزم ذُو رشد)
وَقَوله (السَّرِيع)
(لَا تبعثن الْحَرْب إِنِّي لَك الينذر
…
من نيرانها فَاتق)
وَقَوله (الطَّوِيل)
(فذو المَال يُؤْتِي مَاله دون عرضه
…
لما نابه والطارق اليتعمل)
وَقَوله (الطَّوِيل)
(أحين اصطباني أَن سكت وإنني
…
لفي شغل عَن دخلي اليتتبع)
وَقَول أبي عَليّ الْفَارِسِي فِي الْمسَائِل العسكرية إِن دُخُول أل على الْفِعْل الْمُضَارع لم يُوجد إِلَّا فِي اليجدع واليتقصع وأظن حرفا أَو حرفين آخَرين لَيْسَ كَذَلِك كَمَا ذكرنَا وَسكت عَن دُخُولهَا على الظّرْف نَحْو (الرجز)
(من لَا يزَال شاكرا على المعه
…
فَهُوَ حر بعيشة ذَات سعه)
وَقَوله (الطَّوِيل)
(وغيرني مَا غال قيسا ومالكا
…
وعمرا وحجرا بالمشقر ألمعا)
يُرِيد اللَّذين مَعًا وَقَالَ الْكسَائي أَرَادَ مَعًا وأل زَائِدَة وَعَن دُخُولهَا على الْجُمْلَة الأسمية نَحْو (الوافر)
(بل الْقَوْم الرَّسُول الله فيهم
…
هم أهل الْحُكُومَة من قصي)
لِأَنَّهُ لَا يرد النَّقْض بهَا وَإِن كَانَت مَوْصُولَة أُسَمِّيهِ شَاذَّة كشذوذها مَعَ الْفِعْل وَالْكل خَاص بالشعر قَالَ الشاطبي فِي شرح ألفية ابْن مَالك وَأما آل فمختصه بالأسماء على جَمِيع وجوهها من كَونهَا لتعريف الْعَهْد أَو الْجِنْس أَو زَائِدَة أَو مَوْصُولَة أَو غير ذَلِك من أقسامها وَأعلم أَن صَرِيح مَذْهَب الشَّارِح الْمُحَقق فِي الضَّرُورَة هُوَ الْمَذْهَب الثَّانِي وَهُوَ مَا وَقع فِي الشّعْر وَهُوَ مَذْهَب الْجُمْهُور وَذهب ابْن مَالك إِلَى أَنَّهَا مَا لَيْسَ للشاعر عَنهُ مندوحة فوصل أل بالمضارع وَغَيره عِنْده جَائِز اخْتِيَارا لكنه قَلِيل وَقد صرح بِهِ فِي شرح التسهيل فَقَالَ وَعِنْدِي أَن مثل هَذَا غير مَخْصُوص بِالضَّرُورَةِ لِإِمْكَان أَن يَقُول الشَّاعِر صَوت الْحمار يجدع وَمَا من يرى للخل والمتقصع وَإِذا لم يَفْعَلُوا ذَلِك مَعَ الِاسْتِطَاعَة فَفِي ذَلِك إِشْعَار بِالِاخْتِيَارِ وَعدم الِاضْطِرَار وَمَا ذهب إِلَيْهِ بَاطِل من وُجُوه أَحدهَا إِجْمَاع النُّحَاة على عدم اعْتِبَار هَذَا المنزع وعَلى إهماله فِي النّظر القياسي جملَة وَلَو كَانَ مُعْتَبرا لنبهوا عَلَيْهِ الثَّانِي أَن الضَّرُورَة عِنْد النُّحَاة لَيْسَ مَعْنَاهَا أَنه لَا يُمكن فِي الْموضع غير مَا ذكر إِذْ مَا من ضَرُورَة إِلَّا وَيُمكن أَن يعوض من لَفظهَا غَيره وَلَا يُنكر هَذَا إِلَّا جَاحد لضَرُورَة الْعقل هَذِه الرَّاء فِي كَلَام الْعَرَب من الشياع فِي الِاسْتِعْمَال بمَكَان لَا يجهل وَلَا تكَاد تنطق بجملتين تعريان عَنْهَا وَقد هجرها وَاصل بن عَطاء لمَكَان لثغته فِيهَا حَتَّى كَانَ
يناظر الْخُصُوم ويخطب على الْمِنْبَر فَلَا يسمع فِي نطقه رَاء فَكَانَ إِحْدَى الْأَعَاجِيب حَتَّى صَار مثلا وَلَا مرية فِي أَن اجْتِنَاب الضَّرُورَة الشعرية أسهل من هَذَا بِكَثِير وَإِذا وصل الْأَمر إِلَى هَذَا الْحَد أدّى أَن لَا ضَرُورَة فِي شعر عَرَبِيّ وَذَلِكَ خلاف الْإِجْمَاع وَإِنَّمَا معنى الضَّرُورَة أَن الشَّاعِر قد لَا يخْطر بِبَالِهِ إِلَّا لَفظه مَا تضمنته ضَرُورَة النُّطْق بِهِ فِي ذَلِك الْموضع إِلَى زِيَادَة أَو نقص أَو غير ذَلِك بِحَيْثُ قد ينتبه غَيره إِلَى أَن يحتال فِي شَيْء يزِيل تِلْكَ الضَّرُورَة الثَّالِث أَنه قد يكون للمعنى عبارتان أَو أَكثر وَاحِدَة يلْزم فِيهَا ضَرُورَة إِلَّا أَنَّهَا مُطَابقَة لمقْتَضى الْحَال وَلَا شكّ أَنهم فِي هَذِه الْحَال يرجعُونَ إِلَى الضَّرُورَة لِأَن اعتناءهم بالمعاني أَشد من اعتنائهم بالألفاظ وَإِذا ظهر لنا فِي مَوضِع أَن مَا لَا ضَرُورَة
فِيهِ يصلح هُنَالك فَمن أَيْن يعلم أَنه مُطَابق لمقْتَضى الْحَال الرَّابِع أَن الْعَرَب قد تأبى الْكَلَام القياسي لعَارض زحاف فتستطيب المزاحف دون غَيره أَو بِالْعَكْسِ فتركب الضَّرُورَة لذَلِك وَقد بسط الرَّد عَلَيْهِ الشاطبي فِي شرح الألفية وَهَذَا أنموذج مِنْهُ ثمَّ قَالَ وَقد بيّنت هَذِه الْمَسْأَلَة بِمَا هُوَ أوسع من هَذَا فِي بَاب الضرائر من أصُول الْعَرَبيَّة وَهَذَا الْبَيْت ثَانِي أَبْيَات سَبْعَة أوردهَا أَبُو زيد فِي نوادره لذِي الْخرق الطهوي وَهِي
(الطَّوِيل)
(أَتَانِي كَلَام الثَّعْلَبِيّ ابْن ديسق
…
فَفِي أَي هَذَا ويله يتترع)
(يَقُول الخنى وَأبْغض الْعَجم ناطقا
…
إِلَى رَبنَا صَوت الْحمار اليجدع)
(فَهَلا تمناها إِذْ الْحَرْب لاقح
…
وَذُو النبوان قَبره يتصدع)
(يأتك حَيا دارم وهما مَعًا
…
ويأتك ألف من طهية أَقرع)
…
(فيستخرج اليربوع من نافقائه
…
وَمن جُحْره بالشيحة اليتقصع)
(وَنحن أَخذنَا الْفَارِس الْخَيْر مِنْكُم
…
فظل وأعييا ذُو الفقار يكرع)
(وَنحن أَخذنَا قد علمْتُم أسيركم
…
يسارا فنحدي من يسَار وننقع)
قَوْله أَتَانِي كَلَام الثَّعْلَبِيّ هُوَ بِفَتْح الْمُثَلَّثَة وَسُكُون الْعين الْمُهْملَة كَمَا فِي نَوَادِر أبي زيد فِي نُسْخَة قديمَة صَحِيحَة نِسْبَة إِلَى ثَعْلَبَة بن يَرْبُوع أبي قَبيلَة لَا بمثناة فوقية فغين مُعْجمَة نِسْبَة إِلَى تغلب بن وَائِل أبي قَبيلَة كَمَا ضَبطه بَعضهم فَإِن ابْن ديسق هُوَ أَبُو مذعور طَارق بن ديسق بن عَوْف بن عَاصِم بن عبيد بن ثَعْلَبَة ابْن يَرْبُوع كَذَا سرد نسبه الْأسود أَبُو مُحَمَّد الْأَعرَابِي الغندجاني فِي شَرحه نَوَادِر ابْن الْأَعرَابِي وَأورد لَهُ شعرًا جيدا وديسق علم مَنْقُول قَالَ الصَّاغَانِي فِي الْعباب قَالَ اللَّيْث الديسق خوان من فضَّة وَالطَّرِيق الْمُسْتَعْمل والحوض
الملآن وَالشَّيْخ والنور وكل حلي من فضَّة بَيْضَاء صَافِيَة ووعاء من أوعيتهم مَأْخُوذ من الدسق بِفتْحَتَيْنِ وَهُوَ امتلاء الْحَوْض يُقَال مَلَأت الْحَوْض حَتَّى دسق أَي ساح مَاؤُهُ وَقيل هُوَ بَيَاض الْحَوْض وبريقة وَقَوله يتترع التترع بفتحتي التَّاء الْمُثَنَّاة فَوق وَالرَّاء فِي الْعباب ترع الرجل كفرح إِذا اقتحم الْأُمُور مرحا ونشاطا وَقيل ترع سارع إِلَى الشَّرّ وَالْغَضَب وتترع إِلَيْهِ بِالشَّرِّ أَي تسرع وَكَأَنَّهُ توعده بِالْقَتْلِ والسبي والنهب وَمَا أشبه ذَلِك يَقُول إِلَى أَي هَذِه الْأُمُور يسابق بشره وبلائه وَقَوله يَقُول الخنى الْبَيْت قَالَ الْجَوْهَرِي وَتَبعهُ الصَّاغَانِي هَذَا من أَبْيَات الْكتاب وَهَذَا لَا اصل لَهُ وَقد تصفحت شَوَاهِد سِيبَوَيْهٍ
فِي عدَّة نسخ وَلم أَجِدهُ فِيهَا قَالَ الصَّاغَانِي لم أجد هَذَا الْبَيْت فِي شعر ذِي الْخرق وَقد قَرَأت شعره فِي أشعار بني طهية وسَاق لَهُ أبياتا سَبْعَة لم يكن هَذَا الْبَيْت فِيهَا وَذكر لَهُ بَيْتا بدل مَا قبل الْبَيْت الْأَخير وَهُوَ (الطَّوِيل)
(وَنحن حبسنا الدهم وسط بُيُوتكُمْ
…
فَلم تقربوها والرماح تزعزع)
والخنى بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة وَالنُّون الْفُحْش من الْكَلَام وألفه منقلبة عَن يَاء وَلِهَذَا كتبت بِالْيَاءِ يُقَال كَلَام خن وَكلمَة خنية وَقد خني عَلَيْهِ بِالْكَسْرِ وأخنى عَلَيْهِ فِي منْطقَة إِذا أفحش وَهُوَ مَنْصُوب بالْقَوْل لتَضَمّنه معنى الْجُمْلَة كقلت قصيدة فَلَا حَاجَة لتأويل يَقُول بيفوه وَيتَكَلَّم وَجُمْلَة يَقُول الخنى تَفْسِير لقَوْله أَتَانِي كَلَام الثَّعْلَبِيّ وَأبْغض اسْم تَفْضِيل على غير قِيَاس لِأَنَّهُ بِمَعْنى اسْم الْمَفْعُول من أبغضته إبغاضا فَهُوَ مبغض أَي مقته وكرهته وَلِأَنَّهُ من غير الثلاثي أَو هُوَ من بغض الشَّيْء بِالضَّمِّ بغاضة بِمَعْنى صَار بغيضا فَلَا شذوذ قَالَ السخاوي فِي شرح الْمفصل قَالُوا هُوَ أبْغض لي من زيد وأمقت لي مِنْهُ أَي يبغضني أَكثر مِمَّا يبغضني زيد وَقَالُوا إِنَّه مَرْدُود إِلَى بغض ومقت يُقَال بغض بغاضة إِذا صَار بغيضا قَالَ ابْن بري إِنَّمَا جعل شاذا لِأَنَّهُ جعل من أبْغض والتعجب لَا يكون من أفعل إِلَّا بأشد وَلَيْسَ كَمَا ظن الْجَوْهَرِي بل هُوَ من بغض فلَان إِلَيّ وَحكى اللغويون والنحويون مَا أبغضني لَهُ إِذا كنت أَنْت الْمُبْغض لَهُ وَمَا أبغضني إِلَيْهِ إِذا كَانَ هُوَ الْمُبْغض لَك انْتهى وَإِلَى فِي التَّفْضِيل غير مَا ذكر فِي التَّعَجُّب فَإِن إِلَى هُنَا بِمَعْنى عِنْد ومجرورها فَاعل معنى والعجم جمع أعجم وعجماء
وَهُوَ الْحَيَوَان الَّذِي لَا ينْطق والأعجم أَيْضا الْإِنْسَان الَّذِي فِي لِسَانه عجمة وَإِن كَانَ بدويا لشُبْهَة
بِالْحَيَوَانِ وناطقا فَاعل من النُّطْق قَالَ الرَّاغِب النُّطْق فِي التعارف الْأَصْوَات الْمُقطعَة الَّتِي يظهرها اللِّسَان وَتَعيهَا الآذان وَلَا يُقَال للحيوانات نَاطِق إِلَّا مُقَيّدا أَو على طَرِيق التَّشْبِيه كَقَوْل الشَّاعِر (الطَّوِيل)
(عجبت لَهَا أَنى يكون غنَاؤُهَا
…
فصيحا وَلم تفغر بمنطقها فَمَا)
انْتهى وَهُوَ هُنَا مجَاز عَن الصَّوْت من إِطْلَاق الْخَاص وَإِرَادَة الْعَام وَهُوَ مَنْصُوب على التَّمْيِيز للنسبة وَأَصله وَأبْغض نطق الْعَجم أَي تصويتها فَلَمَّا حذف صَارَت نِسْبَة البغض إِلَى الْعَجم مُبْهمَة ففسرت بالتمييز ولابد من هَذَا الْمَحْذُوف ليَصِح الْإِخْبَار أَرَادَ الشَّاعِر تَشْبِيه صَوته إِذْ يَقُول الخنى فِي بشاعته بِصَوْت الْحمار إِذْ تقطع أذنَاهُ وَصَوت الْحمار شنيع فِي غير تِلْكَ الْحَال فَمَا الظَّن بِهِ فِيهَا وَزعم جمَاعَة أَن ناطقا حَال ثمَّ اخْتلفُوا فَقَالَ بَعضهم هُوَ حَال من الْعَجم وَيرد عَلَيْهِ أَنه مفرج وَصَاحب الْحَال جمع وَمن صَححهُ بإنابة الْمُفْرد مناب الْجمع أَو أَن ناطقا بِمَعْنى ذَات نطق فقد تكلّف وَقَالَ بَعضهم هُوَ حَال من أبْغض وَيرد عَلَيْهِ أَن الْأَصَح أَن الْمُبْتَدَأ لَا يتَقَيَّد بِالْحَال وَجوز هَذَا الْقَائِل أَن يكون حَالا من ضمير يَقُول مَعَ أعترافه بِأَنَّهُ يلْزم الْفَصْل بَين الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر بالأجنبي وَذهب بَعضهم إِلَى أَنه حَال من ضمير أبْغض وَهَذَا سَهْو إِذْ لَيْسَ فِيهِ ضمير وَلَو كَانَ خَبرا لتحمله وَقَوله إِلَى رَبنَا مُتَعَلق بأبغض وروى ابْن جني فِي سر الصِّنَاعَة إِلَى ربه فَالضَّمِير يرجع إِلَى ابْن ديسق وَقَوله اليجدع قَالَ الصَّاغَانِي الجدع بِالدَّال الْمُهْملَة قطع الْأنف وَقطع الْأذن وَقطع الْيَد وَقطع الشّفة وجدعته أَي سجنته وحبسته ثمَّ قَالَ وحمار مجدع مَقْطُوع الْأُذُنَيْنِ وَأنْشد هَذَا الْبَيْت عَن نَوَادِر أبي زيد وَزعم شَارِح
مُغنِي اللبيب وَهُوَ الْحق أَنه من جدعت الْحمار سجنته قَالَ لِأَن الْحمار إِذا حبس كثر تصويته وَإِذا جعل من الجدع الَّذِي هُوَ قطع الْأذن لم يظْهر لَهُ معنى قَالَ السُّيُوطِيّ وَلَيْسَ كَمَا قَالَ لِأَن صَوت الْحمار حَالَة تقطيع أُذُنه أَكثر وأقبح وَكَأَنَّهُ ظن أَن المُرَاد صَوته بعد التجديع وَلَيْسَ كَذَلِك بل المُرَاد وَقت التجديع هَذَا كَلَامه وَفِيه
نظر فَإِنَّهُ قيل لَا يصوت عِنْد قطع أُذُنه أصلا وَقيل إِن الْحمار إِذا كَانَ مَقْطُوع الْأذن يكون صَوته أرفع وَإِنَّمَا كَانَ صَوت الْحمار مستكرها لِأَن أَوله زفير وَآخره شهيق وَهَذِه الْحَالة تنفر مِنْهَا الطباع وَقد ورد تَمْثِيل الصَّوْت الْمُرْتَفع بِصَوْت الْحمار فِي الْقُرْآن قَالَ تَعَالَى فِي وَصِيَّة لُقْمَان لِابْنِهِ واغضض من صَوْتك إِن أنكر الْأَصْوَات لصوت الْحمير أَي أوحش الْأَصْوَات وأقبحها قَالَ القَاضِي وَفِي تَمْثِيل الصَّوْت الْمُرْتَفع بِهِ ثمَّ إِخْرَاجه مخرج الِاسْتِعَارَة مُبَالغَة شَدِيدَة وَقَالَ معِين الدَّين الصفوي شبه الرافعين صوتهم بالحمير من غير أَدَاة التَّشْبِيه مُبَالغَة فِي التنفير وَلما كَانَ صَوته لَا يكَاد يخْتَلف وأصوات سَائِر الْحَيَوَانَات مُخْتَلفَة جدا أفرد وجمعت وَالْحمير بِمَنْزِلَة أَسمَاء الْأَجْنَاس على الْأَصَح وَالظَّاهِر أَن أنكر الْأَصْوَات إِلَخ كَلَام لُقْمَان وَقيل هَذَا من كَلَام الله انْتهى وَهَذَا القَوْل الْأَخير يُنَاسِبه قَول الشَّاعِر إِلَى رَبنَا فَإِن إِلَى بِمَعْنى عِنْد وَقَالَ النَّسَفِيّ وَلَو كَانَ فِي ارْتِفَاع الصَّوْت فَضِيلَة لم يستشنع صَوت الْحمار الَّذِي هُوَ أرفع الْأَصْوَات وَقَوله فَهَلا تمناها الضَّمِير رَاجع إِلَى مَعْهُود فِي الذِّهْن أَي فَهَلا تمنى الْحَرْب حِين كَانَت حُبْلَى بمنايا الرِّجَال
ومقارعة الْأَبْطَال ولاقح من لقحت النَّاقة لقحا من بَاب تَعب فَهِيَ لاقح مُطَاوع ألقح الْفَحْل النَّاقة إلقاحا أحبلها كَذَا فِي الْمِصْبَاح وَقَوله وَذُو النبوان فِي شرح نَوَادِر أبي زيد وَذُو النبوان لم يعرفهُ أَبُو زيد والنبوان بِفَتْح النُّون وَالْبَاء الْمُوَحدَة اسْم مَاء بِنَجْد لبني أَسد وَقيل لبني السَّيِّد من ضبة كَذَا فِي مُعْجم الْبلدَانِ لياقوت الْحَمَوِيّ وَيُقَال لَهُ نبوان أَيْضا بِلَا
لَام قَالَ أَبُو صَخْر الْهُذلِيّ (الْكَامِل)
(وَلها بِذِي نبوان منزله
…
قفر سوى الْأَرْوَاح والرهم)
أَي لَهَا بأراضي نبوان منزلَة وَالْمرَاد ب ذِي النبوان هُنَا رجل وَهُوَ إِمَّا صَاحب هَذَا المَاء أَو لِأَنَّهُ دفن فِي ارضها والتصدع التشقق يُقَال صدعته صدعا من بَاب نفع شققته وصدعت الْقَوْم صدعا فتصدعوا فرقتهم فَتَفَرَّقُوا وَالْمرَاد بِهِ هُنَا الْحفر والنبش أَي هلا تمنيت الْحَرْب إِذْ قتلنَا مِنْكُم ذَا النبوان فحفرت لَهُ قبرا وواريته فِيهِ وَأَنت شَدِيد الْحزن عَلَيْهِ وَلم تقدر على الْأَخْذ بثأره وَقَوله يأتك حَيا دارم فِيهِ الْتِفَات من الْغَيْبَة إِلَى الْخطاب جزم يَأْتِ فِي جَوَاب شَرط مُقَدّر أَي إِن تمنيت حربنا يأتك الْحَيَّانِ من دارم دَفعه ودارم أَبُو قبيلتين من تَمِيم وطهية حَيّ من تَمِيم سموا باسم أمّهم وَهِي طهية بنت عبد شمس ابْن سعد بن زيد مَنَاة بن تَمِيم وَهِي أم أبي سود وعَوْف بن مَالك بن حَنْظَلَة وَالنِّسْبَة إِلَيْهَا طهوي بِسُكُون الْهَاء وَبَعْضهمْ يفتحها على الْقيَاس وأقرع بِالْقَافِ تَامّ يُقَال ألف أَقرع وَدِرْهَم أَقرع وَمِائَة قرعاء وَقَوله فيستخرج اليربوع ألخ الْفَاء للسَّبَبِيَّة ويستخرج مَنْصُوب بِأَن مضمرة وجوبا وَهُوَ مَبْنِيّ للْمَفْعُول وَيجوز بِالْبِنَاءِ
للْفَاعِل نِسْبَة إِلَى الْألف واليربوع دويبة تحفر الأَرْض وَالْيَاء زَائِدَة لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي كَلَام الْعَرَب فعلول سوى صعفوق على مَا فِيهِ وَله جحران أَحدهمَا القاصعاء وَهُوَ الَّذِي يدْخل فِيهِ وَأما قَول الفرزدق يهجو جَرِيرًا (الْكَامِل)
(وَإِذا أخذت بقاصعائك لم تَجِد
…
أحدا يعينك غير من يتقصع)
فَمَعْنَاه إِنَّمَا أَنْت فِي ضعفك إِذا قصدت لَك كاولاد اليرابيع لَا يعينك إِلَّا ضَعِيف مثلك وَالْآخر النافقاء وَهُوَ الْجُحر الَّذِي يَكْتُمهُ وَيظْهر غَيره وَهُوَ مَوضِع يرققه فَإِذا أُتِي من قبل القاصعاء ضرب النافقاء بِرَأْسِهِ فانتفق أَي خرج وجمعهما قواصع ونوافق ونافق اليربوع أَخذ فِي نافقائه وَمِنْه الْمُنَافِق شبه باليربوع
لِأَنَّهُ يخرج من الْإِيمَان من غير الْوَجْه الَّذِي دخل فِيهِ وَقيل لِأَنَّهُ يستر كفره فَشبه بِالَّذِي يدْخل النفق وَهُوَ السرب يسْتَتر فِيهِ والجحر يكون للضب واليربوع والحية وَالْجمع جحرة كعنبة وانجحر الضَّب على انفعل أَوَى إِلَى جحرة وَقَوله بالشيحة رُوَاة أَبُو عمر الزَّاهِد وَغَيره تبعا لِابْنِ الْأَعرَابِي ذِي الشيحة وَقَالَ لكل يَرْبُوع شيحة عِنْد جحرة ورد الْأسود أَبُو مُحَمَّد الْأَعرَابِي الغندجاني على ابْن الْأَعرَابِي وَقَالَ مَا أَكثر مَا يصحف فِي أَبْيَات الْمُتَقَدِّمين وَذَلِكَ أَنه توهم أَن ذَا الشيحة مَوضِع ينْبت الشيح وَإِنَّمَا الصَّحِيح وَمن جحرة بالشيخه بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة وَقَالَ هِيَ رَملَة بَيْضَاء فِي بِلَاد بني أَسد وحَنْظَلَة وَكَذَا رَوَاهُ الْجرْمِي أَيْضا والشين فِي الرِّوَايَتَيْنِ مَكْسُورَة وَقَوله اليتقصع رَوَاهُ أَبُو مُحَمَّد الْخَوَارِزْمِيّ عَن الرياشي بِالْبِنَاءِ للْمَفْعُول يُقَال تَقْصَعُ اليربوع دخل فِي قاصعائه فَتكون صفة
للجحر وصلته محذوفة أَي من جحرة الَّذِي يتقصع فِيهِ كَمَا قدره ابْن جني فِي سر الصِّنَاعَة وَرُوِيَ بِالْبِنَاءِ للْفَاعِل فَيكون صفة اليربوع وَلَا حذف وَرَوَاهُ أَبُو زيد المتقصع بِصِيغَة اسْم الْمَفْعُول وَقَالَ والمتقصع متفعل من القاصعاء فَيكون صفة اليربوع أَيْضا لَكِن فِيهِ حذف الصِّلَة قَالَ أَبُو الْحسن الْأَخْفَش فِي شرح نَوَادِر أبي زيد رَوَاهُ لنا أَبُو الْعَبَّاس ثَعْلَب اليتقصع واليجدع قَالَ هَكَذَا رَوَاهُ أَبُو زيد قَالَ وَالرِّوَايَة الجيدة عِنْده المتقصع والمجدع وَقَالَ لَا يجوز إِدْخَال أل على الْأَفْعَال فَإِن أُرِيد بهَا الَّذِي كَانَ افسد فِي الْعَرَبيَّة وَكَانَ لَا يلْتَفت إِلَى شَيْء من هَذِه الرِّوَايَات الَّتِي تشذ عَن الْإِجْمَاع والمقاييس وَمعنى الْبَيْت إِنَّكُم إِن حاربتمونا جئناكم بِجَيْش لهام يحيطون بكم فيوسعونكم قتلا وأسرا وَلَا نجاه لكم وَلَو احتلتم بِكُل حِيلَة كاليربوع الَّذِي يَجْعَل النافقاء حِيلَة لخلاصة من الحارش فَإِذا كثر عَلَيْهِ الحارش أخذُوا عَلَيْهِ من نافقائه وقاصعائه فَلَا يبْقى لَهُ مهرب الْبَتَّةَ وروى بعض شرَّاح الشواهد هَذَا الْبَيْت بعد الْبَيْتَيْنِ الْأَوَّلين وَلم يزدْ على الثَّلَاثَة وَظن أَن قَوْله يسْتَخْرج اليربوع بِالْبِنَاءِ للمعلوم مَعْطُوف على قَوْله يَقُول الخنى فَقَالَ ووصفة أخيرا بالخديعة وَالْمَكْر ثمَّ أَخذ الشَّاعِر فِي الْفَخر عَلَيْهِ بِمَا فعل قومه فيهم من الْقَتْل والأسر فِي الحروب
السَّابِقَة فَقَالَ وَنحن أَخذنَا ألخ الْخَيْر هُنَا إِمَّا أفعل تَفْضِيل أَي أفضلكم وَإِمَّا مخفف خير بِالتَّشْدِيدِ أَي الْجيد الْفَاضِل ومنكم على التَّقْدِيرَيْنِ مُتَعَلق بأخذنا وَقَوله فظل أَي اسْتمرّ فِي أسرنا وَقَوله وأعيا ذُو الفقار هُوَ بِفَتْح الْفَاء قَالَ الصَّاغَانِي هُوَ معشر بن عَمْرو الْهَمدَانِي وَهُوَ فَاعل أعيا من أعيا فِي مَشْيه أَي كل بِمَعْنى لم يقدر على شَيْء وَجُمْلَة يكرع بِالْبِنَاءِ للْمَفْعُول حَال من الْفَاعِل وَمَعْنَاهُ تقطع أكارعه جمع كرَاع بِالضَّمِّ