الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ ابْن قُتَيْبَة فِي طَبَقَات الشُّعَرَاء وَهُوَ جاهلي إسلامي مُتَقَدم الْإِسْلَام إِلَّا أَنه لم يشْهد مَعَ رَسُول الله
مشهدا لِأَنَّهُ كَانَ يرْمى بالجبن لعِلَّة أَصَابَته وَكَانَت لَهُ نَاصِيَة يسدلها بَين عَيْنَيْهِ وَكَانَ يضْرب بِلِسَانِهِ روثه أَنفه من طوله وَيَقُول وَالله لَو وَضعته على شعر لحلقه أَو على صَخْر لفلقة وعاش فِي الْجَاهِلِيَّة سِتِّينَ سنة وَفِي الْإِسْلَام سِتِّينَ سنة فَهُوَ من المخضرمين وَمَات فِي زمن مُعَاوِيَة وكف بَصَره فِي آخر عمْرَة وَأنْشد بعده وَهُوَ
الشَّاهِد الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ
(الطَّوِيل)
(فَتى فَارسي فِي سَرَاوِيل رامح)
وصدره
(أَتَى دونهَا ذب الرياد كَأَنَّهُ)
على أَن سَرَاوِيل غير منصرف عِنْد الْأَكْثَرين كَمَا هُنَا وَهَذَا الْبَيْت من قصيدة لتميم بن أبي بن مقبل يصف الثور الوحشي وَضمير دونهَا لأنثاه وَدون بِمَعْنى قُدَّام وروى يمشي بهَا ذب الرياد وروى أَيْضا
يرود بهَا والذب بِفَتْح الذَّال الْمُعْجَمَة وَتَشْديد الْمُوَحدَة قَالَ فِي الصِّحَاح هُوَ الثور الوحشي وَيُقَال لَهُ ذب الرياد لِأَنَّهُ يرود أَي يذهب وَيَجِيء وَلَا يثبت فِي مَوضِع قَالَ النَّابِغَة الذبياني يصف نَاقَته (الْبَسِيط)
(كَأَنَّمَا الرحل مِنْهَا فَوق ذِي جدد
…
ذب الرياد إِلَى الأشباح نظار)
وَزَاد فِي الْعباب فَقَالَ وَرجل ذب الرياد إِذا كَانَ زوارا للنِّسَاء قَالَ عبد من عبيد بجيله (الْبَسِيط)
(قد كنت فتاح أَبْوَاب مغلقة
…
ذب الرياد إِذا مَا خولس النّظر)
وَقَالَ القالي فِي أَمَالِيهِ يُقَال فلَان ذب إِذا كَانَ لَا يسْتَقرّ فِي مَوضِع وَمِنْه قيل للثور الوحشي ذب الرياد وَأنْشد بَيت الشَّاهِد وَقد خَالف أَبُو هِلَال العسكري فِي ديوَان الْمعَانِي فَزعم أَن ذب الرياد اسْم للوعل وَنسب الْبَيْت إِلَى الرَّاعِي فَقَالَ وَقد أحسن الرَّاعِي فِي وصف الوعل ثمَّ قَالَ وذب الرياد علم على الوعل وَالصَّوَاب مَا قدمْنَاهُ فيهمَا شبه الشَّاعِر مَا على قَوَائِم الثور الوحشي من الشّعْر بالسراويل وَهُوَ من لِبَاس الْفرس وَلِهَذَا شبهه بفتى فَارسي وَشبه قرنه بِالرُّمْحِ وَلِهَذَا قَالَ رامح أَي ذُو رمح فَقَوله فَتى خبر كَأَن وفارسي صفة فَتى وَفِي سَرَاوِيل حَال من ضمير فَارسي إِذْ هُوَ بِمَعْنى مَنْسُوب إِلَى الْفرس أَو صفة لفارسي ورامح صفة ثَانِيَة لفتى والسراويل يذكر وَيُؤَنث كَمَا فِي الْعباب وجر بالفتحة لِأَنَّهُ غير منصرف قَالَ الشَّارِح الْمُحَقق وَاخْتلف فِي تَعْلِيله فَعِنْدَ س وَتَبعهُ أَبُو عَليّ أَنه اسْم أعجمي مُفْرد أعرب كَمَا أعرب الْآجر وَلكنه أشبه من كَلَامهم مَا لَا ينْصَرف قطعا نَحْو قناديل فَحمل على مَا شابهه فَمنع الصّرْف
أَقُول الَّذِي رَأَيْته فِي تذكره أبي على مُخَالفَة س فَإِنَّهُ بعد أَن نقل كَلَام س قَالَ سَرَاوِيل وَإِن كَانَ وَاحِدًا فَهُوَ على مِثَال الْجمع الَّذِي لَا يكون وَاحِد على مِثَاله فَأَنت مَا لم تسم بِهِ فَهُوَ منصرف كآجر الَّذِي لَيْسَ
فِي الْوَاحِد وَلَا غَيره على مِثَاله فَإِذا سميت بِهِ صَار مثل شراحبل ا. هـ.
وَكَأن أَبَا عَليّ فهم من قَول س أَنه أعجمي كَمَا أعرب الْآجر أَنه يُرِيد يصرف كَمَا يصرف الْآجر وَلَيْسَ كَذَلِك بل مُرَاده أَنه مُعرب لَا مَبْنِيّ كَمَا أَن الْآجر مُعرب بِدَلِيل قَول س بعده إِلَّا أَن سَرَاوِيل أشبه من كَلَامهم مَا لَا ينْصَرف فِي نكرَة وَلَا معرفَة وأَبُو هِلَال العسكري هُوَ الْحسن بن عبد الله بن سهل بن سعيد بن يحيى ابْن مهْرَان اللّغَوِيّ العسكري وَكَانَ تلميذ أبي أَحْمد الْحسن بن عبد الله العسكري وَافق اسْمه اسْم شَيْخه وَاسم أَبِيه اسْم أَبِيه وَهُوَ عسكري أَيْضا فَرُبمَا اشْتبهَ ذكره بِذكرِهِ إِذا قيل الْحسن بن عبد الله العسكري وَقد ترجمنا أَبَا أَحْمد العسكري فِي الشَّاهِد الثَّامِن وَالْعِشْرين قَالَ أَبُو طَاهِر السلَفِي سَأَلت الرئيس أَبَا المظفر الأبيوردي بهمذان عَنهُ فَأثْنى عَلَيْهِ وَوَصفه بِالْعلمِ والعفة مَعًا قَالَ كَانَ يبزز احْتِرَازًا من الطمع والدناءة والتبذل وَكَانَ الْغَالِب عَلَيْهِ الْأَدَب وَالشعر وَله كتاب فِي اللُّغَة سَمَّاهُ التَّلْخِيص وَهُوَ كتاب مُفِيد وَكتاب صناعتي النّظم والنثر وَهُوَ أَيْضا كتاب مُفِيد جدا قَالَ ياقوت فِي مُعْجم الأدباء وَذكر غَيره أَن أَبَا هِلَال كَانَ ابْن أُخْت أبي أَحْمد وَله من الْكتب بعد مَا ذكره السلَفِي كتاب جمهرة الْأَمْثَال كتاب مَعَاني الْأَدَب كتاب أَعْلَام الْمعَانِي فِي مَعَاني الشّعْر كتاب شرح الحماسة كتاب الْأَوَائِل كتاب الْفرق بَين الْمعَانِي كتاب نَوَادِر
الْوَاحِد وَالْجمع كتاب من احتكم من الْخُلَفَاء إِلَى الْقُضَاة كتاب التَّبْصِرَة وَهُوَ كتاب مُفِيد كتاب الدِّرْهَم وَالدِّينَار كتاب الْعُمْدَة كتاب فضل الْغنى
على الْعسر كتاب مَا تلحن فِيهِ الْخَاصَّة كتاب المحاسن فِي تَفْسِير الْقُرْآن خمس مجلدات وَكتاب ديوَان شعره قَالَ ياقوت وَأما وَفَاته فَلم يبلغنِي فِيهَا شَيْء غير أَنِّي وجدت فِي آخر كتاب الْأَوَائِل من تصنيفه وفرغنا من إملاء هَذَا الْكتاب يَوْم الْأَرْبَعَاء لعشر خلت من شعْبَان سنة خمس وَتِسْعين وثلاثمائة هَذَا مَا ذكره ياقوت وَله عِنْدِي كتاب الفروق فِي اللُّغَة وَكتاب ديوَان الْمعَانِي وهما دالان على غزارة علمه وَمن شعره (الطَّوِيل)
(إِذا كَانَ مَالِي مَال من يلقط الْعَجم
…
وحالي فِيكُم حَال من حاك أَو حجم)
(فَأَيْنَ انتفاعي بالاصالة والحجا
…
وَمَا ربحت كفي على الْعلم وَالْحكم)
(وَمن ذَا الَّذِي فِي النَّاس يبصر حالتي
…
وَلَا يلعن القرطاس والحبر والقلم)
وَله أَيْضا (الطَّوِيل)
(جلوسي فِي سوق أبيع وأشتري
…
دَلِيل على أَن الْأَنَام قرود)
(وَلَا خير فِي قوم يذل كرامهم
…
ويعظم فيهم نذلهم ويسود)
(ويهجوهم عني رثاثة كسوتي
…
هجاء قبيحا مَا عَلَيْهِ مزِيد)
وَأما تَمِيم صَاحب الشَّاهِد فَهُوَ ابْن أبي بن مقبل وَأبي بِالتَّصْغِيرِ وَتَشْديد الْيَاء ابْن عَوْف بن حنيف بن قُتَيْبَة بن العجلان بن كَعْب بن ربيعَة بن عَامر بن صعصعة شَاعِر مخضرم أدْرك الْجَاهِلِيَّة وَالْإِسْلَام وَكَانَ يبكي أهل الْجَاهِلِيَّة وَبلغ مائَة وَعشْرين سنة وَكَانَ يهاجي النَّجَاشِيّ الشَّاعِر
فهجاه النَّجَاشِيّ فاستعدى عَلَيْهِ عمر رضي الله عنه فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ هجاني فَقَالَ عمر يَا نجاشي مَا قلت قَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ قلت مَا لَا أرى فِيهِ عَلَيْهِ بَأْسا وأنشده (الطَّوِيل)
(إِذا الله جازى أهل لؤم بذلة
…
فجازى بني العجلان رَهْط ابْن مقبل)
فَقَالَ عمر إِن كَانَ مَظْلُوما اسْتُجِيبَ لَهُ وَإِن لم يكن مَظْلُوما لم يستجب لَهُ. قَالُوا وَقد قَالَ أَيْضا (الطَّوِيل)
(قبيلته لَا يغدرون بِذِمَّة
…
وَلَا يظْلمُونَ النَّاس حَبَّة خَرْدَل)
فَقَالَ عمر لَيْت آل الْخطاب كَذَلِك قَالُوا فَإِنَّهُ قَالَ
(وَلَا يردون المَاء إِلَّا عَشِيَّة
…
إِذا صدر الوراد عَن كل منهل)
فَقَالَ عمر ذَلِك أقل للزحام قَالُوا فَإِنَّهُ قَالَ
(تعاف الْكلاب الضاريات لحومهم
…
وتأكل من كَعْب بن عَوْف ونهشل)
فَقَالَ عمر يَكْفِي ضيَاعًا من تَأْكُل الْكلاب لَحْمه قَالُوا فَإِنَّهُ قَالَ
(وَمَا سمي العجلان إِلَّا لقَولهم
…
خُذ الْقَعْب وأحلب أَيهَا العَبْد واعجل)