الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَخُو بني كنَانَة بن الْقَيْن السَّابِع جرير وَهَذَا مصغر وَهُوَ أَبُو مَالك المدلجي
وَأنْشد بعده وَهُوَ
الشَّاهِد الْخَامِس
وَهُوَ من شَوَاهِد سِيبَوَيْهٍ أنْشدهُ فِي بَاب وُجُوه القوافي وَاسْتشْهدَ بِهِ لما يلْزم من إِثْبَات الْوَاو وَالْيَاء إِذا كَانَتَا قافيتين كَمَا يلْزم إِثْبَات الْقَاف فِي المخترق لِأَنَّهَا حرف الروي (الرجز)
(وقاتم الأعماق خاوي المخترقن)
على أَن تَنْوِين الترنم قد يلْحق الروي الْمُقَيد فَيخْتَص باسم الغالي تبع الشَّارِح الْمُحَقق فِي جعل تَنْوِين الغالي نوعا من تَنْوِين الترنم لِابْنِ جني فَإِنَّهُ قَالَ فِي سر الصِّنَاعَة الرَّابِع من وُجُوه التَّنْوِين وَهُوَ أَن يلْحق أَوَاخِر القوافي معاقبا لما فِيهِ من الغنة لحرف الْمِيم وَهُوَ على ضَرْبَيْنِ أَحدهمَا أَن يلْحق متمما للْبِنَاء وَالْآخر أَن يلْحق زِيَادَة بعد اسْتِيفَاء الْبَيْت جَمِيع أَجْزَائِهِ نيفا من آخِره بِمَنْزِلَة الزِّيَادَة الْمُسَمَّاة خزما فِي أَوله ثمَّ قَالَ وَإِنَّمَا زادوا هَذَا التَّنْوِين فِي هَذَا الْموضع وَنَحْوه بعد تَمام الْوَزْن لِأَن من عَادَتهم أَن يلحقوه فِيمَا يحْتَاج إِلَيْهِ الْوَزْن نَحْو
(قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزلن)
وَقَوله
(الْحَمد لله الوهوب المجزلن)
فَلَمَّا اعتادوه فِيمَا يكمل وَزنه ألحقوه أَيْضا بِمَا هُوَ مُسْتَغْنى عَنهُ وَهَذَا معنى
قَول الشَّارِح وَإِنَّمَا الْحق بالروي الْمُقَيد تَشْبِيها لَهُ بالمطلق وَزعم ابْن يعِيش أَن فَائِدَة هَذَا التَّنْوِين التطريب والتغني وَجعله ضربا من تَنْوِين الترنم وَزعم أَن تَنْوِين الترنم يُرَاد بِهِ ذَلِك وَهُوَ غلط كَمَا بَينه الشَّارِح الْمُحَقق وَقَالَ عبد القاهر فَائِدَته الإيذان بِأَن الْمُتَكَلّم وَاقِف لِأَنَّهُ إِذا أنْشد عجلا والقوافي سَاكِنة صَحِيحَة لم يعلم أَو اصل هُوَ أم وَاقِف وَأنكر هَذَا التَّنْوِين الزّجاج والسيرافي وزعما أَن رؤبة كَانَ يزِيد فِي أَوَاخِر الأبيات إِن فَلَمَّا ضعف صَوته بِالْهَمْزَةِ لسرعة الْإِيرَاد ظن السَّامع أَنه نون وَفِي هَذَا توهيم الروَاة الثِّقَات بِمُجَرَّد الأحتمال وَقَول الشَّارِح فَيفتح مَا قبل النُّون تَشْبِيها لَهَا بالخفيفة أَو يكسر للساكنين كَمَا فِي حِينَئِذٍ قَالَ ابْن هِشَام فِي شرح الشواهد والأخفش يُسَمِّي هَذَا التَّنْوِين غاليا وَالْحَرَكَة الَّتِي قبل التَّنْوِين غلوا وَهِي الكسرة لِأَنَّهَا الأَصْل فِي التقاء الساكنين كَقَوْلِهِم يَوْمئِذٍ ومه وَزعم ابْن الْحَاجِب أَن الأولى أَن تكون الْحَرَكَة قبل فَتْحة كَمَا فِي نَحْو اضربن وَأَن هَذَا أولى من أَن يُقَاس على يَوْمئِذٍ لِأَن ذَاك لَهُ أصل فِي الْمَعْنى وَهُوَ عوض من الْمُضَاف إِلَيْهِ وَلنَا أَن قِيَاس التَّنْوِين على التَّنْوِين أولى
لِاتِّحَاد جنسهما وَلِأَنَّهُمَا يكونَانِ فِي الِاسْم وَالنُّون لَا تكون إِلَّا فِي الْفِعْل ثمَّ إِن فَتحه اضربن للتركيب كَمَا فِي خَمْسَة عشر لَا لالتقاء الساكنين والروي هُوَ الْحَرْف الَّذِي تنْسب إِلَيْهِ القصيدة مَأْخُوذ من الرواء بِالْكَسْرِ وَالْمدّ وَهُوَ الْحَبل والمقيد السَّاكِن الَّذِي لَيْسَ حرف عِلّة وَهَذَا الْبَيْت مطلع قصيدة مرجزة مَشْهُورَة لرؤبة بن العجاج وَقَالَ ابْن قُتَيْبَة فِي أول كتاب الشّعْر وَالشعرَاء حَدثنِي أَبُو حَاتِم عَن الْأَصْمَعِي قَالَ
كَانَ ثَلَاثَة إخْوَة من بني سعد لم يَأْتُوا الْأَمْصَار ذهب رجزهم يُقَال لَهُم نَذِير ومنيذر وَمُنْذِر يُقَال إِن قصيدة رؤبة الَّتِي أَولهَا وقاتم الأعماق لنذير وَهَذِه القصيدة طَوِيلَة لَا فَائِدَة فِي إِيرَاد جَمِيعهَا لَكِن فِيهَا بَيت من شَوَاهِد التَّفْسِير وَمُغْنِي اللبيب لَا يَتَّضِح مَعْنَاهُ إِلَّا بشرح الأبيات الَّتِي قبْلَة فَلهَذَا شرحت فَقَوله وقاتم الْوَاو وَاو رب وَهِي عاطفة لَا جَارة وقاتم مجرور بِرَبّ لَا بِالْوَاو على الصَّحِيح وَقد أنْشد الشَّارِح هَذَا الْبَيْت فِي رب من حُرُوف الْجَرّ أَيْضا على أَن رب محذوفة بعد الْوَاو وَذكر أَنه يجوز حذفهَا فِي الشّعْر بعد الْوَاو وَالْفَاء وبل وَلم أر من قيد حذفهَا فِي الشّعْر وَغَيره وَهَذَا هُوَ مَذْهَب الْبَصرِيين وَزعم الْكُوفِيُّونَ والمبرد أَن الْجَرّ ب الْوَاو لَا ب رب وَاسْتَدَلُّوا فِي افْتِتَاح القصائد بهَا كَهَذا الْبَيْت وَأجِيب بِجَوَاز الْعَطف على كَلَام تقدم ملفوظ بِهِ لم ينْقل أَو مُقَدّر حكم لَهُ منويا فِي النَّفس بِحكم الْمَنْطُوق بِهِ ورد مَذْهَبهم بِوُجُوه أَيْضا أَحدهَا أَنَّهَا مَعَ ذكر رب عاطفة بِاتِّفَاق فَكَذَلِك مَعَ حذفهَا وَلَا تنقل عَن ذَلِك إِلَّا بِدَلِيل وَالْأَصْل عَدمه قَالَ ابْن خالويه الْوَاو إِذا كَانَت فِي أَوَائِل القصائد نَحْو وقاتم الأعماق فَإِنَّهَا تدل على رب فَقَط وَلَا تكون للْعَطْف لِأَنَّهُ لم يتَقَدَّم مَا يعْطف عَلَيْهِ بِالْوَاو قَالَ أَبُو عَليّ الْفَارِسِي فِي نقض الهاذور هَذَا شَيْء لم نعلم أحدا مِمَّن حكينا قَوْله فِي ذَلِك ذهب إِلَيْهِ وَلَا قَالَ بِهِ وَلَيْسَ هَذَا الَّذِي تظناه من الْفَصْل بَين الْأَوَائِل وَغَيرهَا بِشَيْء وَذَلِكَ أَن أَوَائِل القصائد يدْخل عَلَيْهَا
حُرُوف الْعَطف على جِهَة الخزم نَحْو مارووا من قَوْله (الرجز)
(بل مَا هاج أحزانا وشجوا قد شجا)
وَكَأَنَّهُ جعله عطفا على كَلَام قد كَانُوا يَقُولُونَهُ وقصة خَاضُوا فِيهَا فعطف الشّعْر بِحرف الْعَطف على ذَلِك الْكَلَام الَّذِي كَانُوا فِيهِ الثَّانِي لَو كَانَت الْوَاو عوضا من رب لما جَازَ ظُهُورهَا مَعهَا لِأَنَّهُ لَا يجوز أَن يجمع بَين الْعِوَض والمعوض عَنهُ الثَّالِث أَنَّهَا لَو كنت نائبة عَن رب لجامعها وَاو الْعَطف كَمَا تجامعها وَاو الْقسم كَقَوْلِه (الطَّوِيل)
(وَوَاللَّه لَوْلَا تمره مَا حببته)
الرَّابِع أَن رب تضمر بعد الْفَاء وبل وَلم يقل أحد إنَّهُمَا حرفا جر فَكَذَلِك يَنْبَغِي أَن يكون الحكم مَعَ الْوَاو وَقَالَ الشاطبي وَفِي هَذِه الْأَدِلَّة كلهَا نظر وأقربها الرَّابِع إِن ثَبت الِاتِّفَاق من الْفَرِيقَيْنِ على أَن الْفَاء وبل ليستا جارتين عِنْد حذف رب فَإِن الْفرق بَينهمَا وَبَين الْوَاو فِيهِ بعد وَبعد فَهَذِهِ الْمَسْأَلَة لَا ثَمَرَة لَهَا فِي النَّحْو وَإِنَّمَا الْبَحْث فِيهَا مظهر للمرتكب الأولى فِي ضبط القوانين خَاصَّة وَإِذا كَانَ كَذَلِك فَمَا قَالَه أهل الْبَصْرَة لَهُ وَجه صَحِيح وَمَا قَالَه الْآخرُونَ كَذَلِك وَالله أعلم وقاتم قَالَ الْأَصْمَعِي فِي شرح ديوَان رؤبة القتمة الغبرة إِلَى الْحمرَة مصدر الأقتم وَقَالَ ابْن السّكيت فِي كتاب الْقلب والإبدال وَيُقَال أسود قاتم وقاتن بِالْمِيم وَالنُّون وَفعله من بَابي ضرب وَعلم وَهُوَ صفة لموصوف مَحْذُوف أَي رب بلد قاتم والأعماق جمع عمق بِفَتْح الْعين وَضمّهَا
وَهُوَ مَا بعد من أَطْرَاف
المفاوز مستعار من عمق الْبِئْر يُقَال عمقت الْبِئْر عمقا من بَاب قرب وعماقة بِالْفَتْح أَيْضا بعد قعرها وتعديته بِالْهَمْزَةِ والتضعيف والخاوي من خوى الْمنزل إِذا خلا والمخترق بِفَتْح الرَّاء مَكَان الاختراق من الْخرق بِالْفَتْح وَأَصله من خرقت الْقَمِيص من بَاب ضرب إِذا قطعته وَقد اسْتعْمل فِي قطع الْمَفَازَة فَقيل خرقت الأَرْض إِذا جبتها ومخترق الرِّيَاح ممرها
(مشتبه الْأَعْلَام لماع الخفق)
الْأَعْلَام جمع علم وَهِي الْجبَال الَّتِي يَهْتَدِي بهَا يُرِيد أَن أَعْلَام هَذَا الْبَلَد يشبه بَعْضهَا بَعْضًا فتشتبه عَلَيْك الْهِدَايَة والخفق بِفَتْح الْخَاء وَسُكُون الْفَاء مصدر خَفق السراب وخفقت الرَّايَة من بَابي نصر وَضرب خفقا وخفقانا إِذا تحركت واضطربت وتحريك الْفَاء ضَرُورَة يُرِيد أَنه يلمع فِيهِ السراب ومشتبه ولماع صفتان لقاتم
(يكل وَفد الرّيح من حَيْثُ انخرق)
يكل مضارع كل من بَاب ضرب كَلَالَة تَعب وأعيا وَيَتَعَدَّى بِالْألف وَرُوِيَ بِضَم الْيَاء مضارع أكله ف الْوَفْد مَفْعُوله وضميره الْمُسْتَتر رَاجع لقاتم وَالْجُمْلَة على الْوَجْهَيْنِ صفة لقاتم إِلَّا أَن الرابط فِي الْوَجْه الأول مَحْذُوف أَي يكل فِيهِ الْوَفْد جمع وَافد من وَفد على الْقَوْم من بَاب وعد وَفْدًا ووفودا بِمَعْنى قدم ووفد الرّيح أَولهَا وَهَذَا مثل وَقَوله حَيْثُ أنخرق أَي حَيْثُ صَار خرقا والخرق الْوَاسِع يُرِيد أتسع فَإِذا اتَّسع الْموضع فترت الرّيح وَإِذا ضَاقَ اشْتَدَّ مرورها فِيهِ
…
(شأز بِمن عوة جَدب المنطلق)
قَالَ أَبُو زيد شئز مَكَاننَا شأزا غلظ وَاشْتَدَّ وَيُقَال قلق وأشأزه أقلقه وَمثله شأس تَصرفا وَمعنى وَهُوَ هُنَا وصف كصعب بِمَعْنى الغليظ والشديد وعوه بِالْعينِ الْمُهْملَة مصدره التعويه بِمَعْنى التَّعْرِيس وَهُوَ النُّزُول فِي آخر اللَّيْل وكل من احْتبسَ فِي مَكَان فقد عوه والجدب بِالْفَتْح نقيض الخصب وَهُوَ هُنَا وصف كَالْأولِ فَإِنَّهُ يُقَال مَكَان جَدب وَأَرْض جدبة وَيُقَال أَيْضا مَكَان
جديب وَأَرْض جدوب أَي بَين الجدوبة فيهمَا وشأز وجدب وصفان لقاتم والمنطلق بِفَتْح اللَّام مَحل الانطلاق يَعْنِي أَن هَذَا الْبَلَد شَدِيد على من تلبث فِيهِ غير خصيب على الْمَار والسالك
(ناء من التصبيح نأي المغتبق)
يَقُول هُوَ بعيد من أَن يصبحه الرَّاكِب فيصطبح فِيهِ أَو يَأْتِيهِ لَيْلًا فيغتبق وَهُوَ وصف لقاتم أَيْضا
(تبدو لنا أَعْلَامه بعد الْغَرق)
يَعْنِي تظهر جبال بعد أَن تغرق فِي الْآل وَضمير أَعْلَامه لقاتم وَمثله (الطَّوِيل)
(ترى قورها يغرقن فِي الْآل مرّة
…
وآونة يخْرجن من غامر ضحل)
(فِي قطع الْآل وهبوات الدقق)
مُتَعَلق بِالْغَرَقِ قبله قَالَ الْأَصْمَعِي قطع الْآل غُدْرَان من الْآل جمع قِطْعَة والآل قَالَ ابْن قُتَيْبَة فِي أدب الْكَاتِب الْفرق بَين الْآل والسراب أَن الْآل يكون أول النَّهَار وَآخره وَسمي آلا لِأَن الشَّخْص هُوَ الْآل فَلَمَّا رفع الشَّخْص قيل هَذَا آل قد بدا وَتبين أما السراب
فَهُوَ الَّذِي ترَاهُ نصف النَّهَار كَأَنَّهُ مَاء ورد عَلَيْهِ ابْن السَّيِّد فِي شَرحه فَقَالَ إِنْكَار أَن يكون الْآل هُوَ السراب من أعجب شَيْء يسمع بِهِ وَذكر أبياتا تدل على أَن الْآل هُوَ السراب والهبوة الغبرة والدقق بِضَم الدَّال وَفتح الْقَاف الأولى جمع دقة وَهُوَ التُّرَاب الَّذِي كسحته الرّيح من الأَرْض
(خَارِجَة أعناقها من معتنق)
خَارجه حَال سَبَبِيَّة من الْأَعْلَام وأعناقها فَاعل خَارجه وَالضَّمِير للأعلام والمعتنق مخرج أَعْنَاق الْجبَال من السراب
(تنشطته كل مغلاة الوهق)
هَذَا جَوَاب رب وَقد غفل عَنهُ الْعَيْنِيّ مَعَ أَنه شرح القصيدة جَمِيعهَا فَقَالَ وَجَوَاب وقاتم الأعماق مَحْذُوف وَالتَّقْدِير وَرب قاتم الأعماق إِلَخ قد قطعته أَو جبته أَو نَحْو ذَلِك انْتهى وتنشطته تجاوزته بنشاط قَالَ أَبُو حَاتِم هُوَ أَن تمد يَدهَا ثمَّ تسرع ردهَا وَالضَّمِير للقاتم وكل فَاعل والمغلاة من النوق الَّتِي تبعد الخطو وتغلو فِيهِ أَي تفرط والوهق المباراة فِي السّير وَقَالَ اللَّيْث المواهقة الْمُوَاظبَة فِي السّير وَمد الْأَعْنَاق وتواهقت الركاب تسايرت
(مضبورة قرواء هرجاب فنق)
المضبورة الْمَجْمُوعَة الْخلق المكتنزة والقرواء الطَّوِيلَة القرا بِالْفَتْح وَالْقصر وَهُوَ الظّهْر وَفِي الصِّحَاح وناقة قرواء طَوِيلَة السنام وَيُقَال الشَّدِيدَة الظّهْر بَينه القرا والهرجاب بِالْكَسْرِ وَالْجِيم الطَّوِيلَة الضخمة
من النوق والفنق بِضَم الْفَاء وَالنُّون النَّاقة الْفتية النَّاقة الْفتية وَلَا يُقَال لشَيْء من الذُّكُور فنق وَقيل المنعمة فِي عيشها وَقَالَ الْأَصْمَعِي وَهِي الْفتية الضخمة وَهَذِه الْكَلِمَات الْأَرْبَع صِفَات للمغلاة
(مائرة العضدين مصلات الْعُنُق)
مار الشَّيْء يمور مورا تحرّك وَجَاء وَذهب أَي يمور ضبعاها لسعة إبطيها وَلَيْسَت بكنزة فرجعهما سريع والعضدان بِسُكُون الضَّاد مخفف من ضمهَا ويروي الضبعين بِفَتْح الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْمُوَحدَة وَهُوَ كالعضدين وزنا وَمعنى والمصلات بِالْكَسْرِ وَمثله الصلته بِالْفَتْح وَهِي الَّتِي انحسر الشّعْر عَن عُنُقهَا والهجينة تكون شعراء الْعُنُق وَقيل هِيَ الَّتِي تنصلت فِي السّير أَي تتقدم
(مسودة الأعطاف من وسم الْعرق)
مسودة مجرور كالمائرة والمصلات صِفَات للمغلاة يَقُول قد جهدت حَتَّى عرقت وتراكب عَلَيْهَا الْعرق واسود حَتَّى صَار وسما يُقَال وسمه وسما
وسمه إِذا أثر فِيهِ بسمة وكي وروى من وشم بِالْمُعْجَمَةِ يُقَال وشم يَده وشما إِذا غرزها بإبرة ثمَّ ذَر عَلَيْهَا النئور وَهُوَ النّيل وَالِاسْم الوشم أَيْضا
(إِذا الدَّلِيل استاف أَخْلَاق الطّرق)
إِذا هُنَا ظرف وَلَيْسَت شَرْطِيَّة وَالْعَامِل فِيهَا مَا فِي كَأَن من معنى التَّشْبِيه واستاف شم يُقَال ساف يسوف سوفا إِذا شم وَذَلِكَ بِاللَّيْلِ
يشم الدَّلِيل التُّرَاب وأخلاق الطّرق الدارس مِنْهَا الَّتِي قد أخلقت وَاحِدهَا خلق بِفتْحَتَيْنِ شبهها بِالثَّوْبِ الْخلق لِأَن الِاسْتِدْلَال بشم التُّرَاب إِنَّمَا يكون فِي الطّرق الْقَدِيمَة الَّتِي كثر الْمَشْي فِيهَا فيوجد رَائِحَة الأرواث والأبوال
(كَأَنَّهَا حقباء بلقاء الزلق)
ضمير كَأَنَّهَا للناقة المغلاة والحقباء مؤنث الأحقب وَهُوَ حمَار الْوَحْش سمي بذلك لبياض فِي حقْوَيْهِ شبه النَّاقة بالأتان الوحشية وَهِي فِي الجلادة والسرعة مثلهَا والبلقاء مؤنث الأبلق والزلق عجز الدَّابَّة أَي الْمَكَان الَّذِي تزلق الْيَد عَن كفلها أَبيض وأسود
(أَو جادر الليتين مطوي الحنق)
فِي الْعباب وجدر ليته إِذا بَقِي فِيهَا جدر بِالتَّحْرِيكِ أَي أثر الكدم والعض وجادر بِمَعْنى ذُو جدر والليت بِالْكَسْرِ صفحة الْعُنُق وهما ليتان يَقُول عضته الفحول فَصَارَ فِي عنقة أثر ومطوي الحنق قَالَ الْأَصْمَعِي فِي شَرحه يَقُول طوي بالحنق أَي بالضمر يُقَال أحنق إِذا ضمر وإبل محانيق أَي ضوامر وَفِي الصِّحَاح حمَار محنق ضمر من كَثْرَة الضراب شبه النَّاقة الَّتِي سلكت بِهِ هَذَا الْبَلَد الهائل مَمَره فِي الْوَقْت الَّذِي يحار الدَّلِيل فِي الطّرق الْقَدِيمَة الَّتِي لَا علم بهَا وَذَلِكَ آيَة الْهَلَاك بالأتان الوحشية أَو الْحمار الوحشي الموصوفين بِهَذِهِ الْأَوْصَاف وَإِنَّمَا خصهما بالتشبيه لِكَوْنِهِمَا أجلد الوحوش وأسرع وجادر مَعْطُوف على حقباء
(محملح أدرج الطلق)
هَذَا وصف للحمار الوحشي والمحملج اسْم مفعول من حملج الْحَبل فتله فَتلا شَدِيدا وأوله مُهْملَة وَآخره مُعْجمَة وأدرج بِالْبِنَاءِ للْمَفْعُول أَيْضا
بِمَعْنى فتل وطوي وإدراج بِكَسْر الْهمزَة مصدر تشبيهي أَي كإدراج الطلق والطلق بِفتْحَتَيْنِ قيد من جُلُود وصف هَذَا الْحمار بالضمر واكتناز الْخلق وَذَلِكَ أَشد لعَدوه
(لوح مِنْهُ بعد بدن وسنق)
يُقَال لاحه السّفر ولوحه غَيره وأضمره وَضمير مِنْهُ لجادر الليتين وفاعل لوح قَود ثَمَان فِي الْبَيْت الثَّالِث بعد هَذَا وَمن للتَّبْعِيض وبدن بِضَم فَسُكُون وبضمتين السّمن والاكتناز تَقول مِنْهُ بدن الرجل بِالْفَتْح يبدن بدنا بِالضَّمِّ فيهمَا إِذا ضخم وَكَذَلِكَ بدن بدانة فَهُوَ بادن وَامْرَأَة بادن أَيْضا فِي الصِّحَاح والسنق بِفتْحَتَيْنِ البشم يُقَال شرب الفصيل حَتَّى سنق بِالْكَسْرِ يسنق بِالْفَتْح وَهُوَ كالتخمة قَالَ الْأَصْمَعِي والسنق كَرَاهَة الطَّعَام من كثرته على الْإِنْسَان حَتَّى لَا يشتهيه قيل لأعرابية أترين أحدا لَا يَشْتَهِي الخبيص قَالَت وَمن لَا يشتهيه إِلَّا من سنق مِنْهُ
(من طول تعداء الرّبيع فِي الأنق)
هَذَا عِلّة للسنق والأنق بِفتْحَتَيْنِ الْإِعْجَاب بالشَّيْء تَقول أنقت بِهِ من بَاب فَرح فَأَنا بِهِ أنق أَي معجب وَقَالَ الْأَصْمَعِي الأنق المنظر المعجب وَمِنْه أنيق يَعْنِي أَنه سنق من طول مَا عدا فِي الرّبيع فِي مَكَان أنيق
(تلويحك الضامر يطوى للسبق)
تلويحك مصدر تشبيهي مَنْصُوب بلوح الْمَذْكُور قبل وَهُوَ مُضَاف إِلَى الْفَاعِل والضامر مفعول بِهِ يَقُول كَمَا تلوح أَنْت الْفرس الضامر تُرِيدُ أَن تسابق عَلَيْهِ ويطوى يجوع ويضمر بِالْبِنَاءِ للْمَفْعُول والسبق بِفتْحَتَيْنِ والسبقة بِالضَّمِّ مثله الْخطر وَالرَّهْن الَّذِي يوضع بَين أهل السباق وَالْجمع أسباق
…
(قَود ثَمَان مثل أمراس الأبق)
قَود فَاعل لوح الْمُتَقَدّم وَهُوَ جمع قوداء بِمَعْنى الطَّوِيلَة الْعُنُق وَالظّهْر والأمراس جمع مرس وَهُوَ جمع مرسة بِمَعْنى الْحَبل والأبق بِفَتْح الْهمزَة وَالْمُوَحَّدَة القنب وَقيل قشر القنب وَقَالَ الْأَصْمَعِي هُوَ الْكَتَّان يفتل يَقُول هَذِه الأتن كَأَنَّهَا حبال من شدَّة طيها وَهَذِه الْأَوْصَاف مِمَّا تزيد فِي نشاط الْحمار وجريه فَإِذا كَانَت النَّاقة تشبهه فَلَا شَيْء أسْرع مِنْهَا
(فِيهَا خطوط من سَواد وبلق)
(كَأَنَّهُ فِي الْجلد توليع البهق)
البلق بِفتْحَتَيْنِ والبلقة بِالضَّمِّ مثله وَهُوَ سَواد وَبَيَاض والتوليع استطالة البلق قَالَ الْأَصْمَعِي إِذا كَانَ فِي الدَّابَّة ضروب من الألوان من غير بلق فَذَلِك التوليع يُقَال برذون مولع والملمع الَّذِي يكون فِي جسده بقع تخَالف سَائِر لَونه فَإِذا كَانَ فِيهِ استطالة فَهُوَ مولع والبهق كَمَا فِي الْمِصْبَاح بَيَاض مُخَالف للون الْجَسَد وَلَيْسَ ببرص وَقَالَ ابْن فَارس سَواد يعتري الْجلد أَو لون يُخَالف لَونه وَفعله من بَاب تَعب وَهُوَ أبهق وَهِي بهقاء وَجُمْلَة فِيهَا خطوط إِمَّا صفة ثَالِثَة لقود وَإِمَّا حَال مِنْهَا والرابط الضَّمِير وَبِه علم سُقُوط مَا نَقله شَارِح شَوَاهِد التفسيرين خضر الْموصِلِي من أَن الضَّمِير رَاجع إِمَّا إِلَى بقرة يصفها كَمَا فِي بعض الْحَوَاشِي أَو إِلَى أَفْرَاس كَمَا قَالَ جمَاعَة أَو إِلَى أتان كَمَا قَالَه ابْن دُرَيْد مَعَ أَنه لم يتَقَدَّم ذكر شَيْء من بقر وأفراس وَالْعجب مِنْهُ أَنه سطر الأرجوزة برمتها وَلم يتَأَمَّل مرجع الضَّمِير وَقَوله من سَواد وبلق بَيَان لِلْخُطُوطِ يُرِيد أَن بعض الخطوط من سَواد بحت وَبَعضهَا من سَواد يخالطه بَيَاض فالتقابل بَين سوادين وَجُمْلَة كَأَنَّهُ فِي الْجلد إِلَخ صفة لِلْخُطُوطِ
أَو للسواد والبلق والرابط الضَّمِير بتأويله باسم الْإِشَارَة وَاسم الْإِشَارَة مؤول بالمذكور وَنَحْوه وَإِنَّمَا لم يؤول بالمذكور ابْتِدَاء لِأَن التَّأْوِيل قد كثر فِي اسْم الْإِشَارَة كَمَا نقلوا عَن أبي عُبَيْدَة أَنه قَالَ لرؤبة إِن كنت أردْت الخطوط فَقل كَأَنَّهَا وَإِن أردْت السوَاد والبلق فَقل كَأَنَّهُمَا فَقَالَ رؤبة أردْت كَأَن ذَلِك وَيلك وَتَأْويل اسْم الْإِشَارَة بالمذكور إِذا خَالف الْمشَار إِلَيْهِ جعله عُلَمَاء التَّفْسِير والعربية قانونا يرجع إِلَيْهِ عِنْد الِاحْتِيَاج وَخَرجُوا عَلَيْهِ آيَات مِنْهَا قَوْله تَعَالَى {ذَلِك بِمَا عصوا} بإفراد اسْم الْإِشَارَة مَعَ أَن الْمشَار إِلَيْهِ شَيْئَانِ الْكفْر
وَالْقَتْل وَأورد هَذَا الْبَيْت نظيرا لَهُ وَزعم ابْن جني فِي الْمُحْتَسب أَنه لَو قَالَ قَائِل إِن الْهَاء فِي كَأَنَّهُ عَائِدَة على البلق وَحده لَكَانَ مصيبا لِأَن فِي البلق مَا يحْتَاج إِلَيْهِ من تشبيهه بالبهق فَلَا ضَرُورَة إِلَى إِدْخَال السوَاد مَعَه انْتهى وَفِيه أَن الْمُحدث عَنهُ هُوَ الخطوط وَهِي المشبهة بالبهق فإمَّا أَن يرجع الضَّمِير إِلَى الْمُبين الَّذِي هُوَ الْمُحدث عَنهُ أَو إِلَى الْبَيَان بِتَمَامِهِ وَأما إرجاعه إِلَى بعض الْبَيَان فَيلْزم تَشْبِيه بعضه دون بعض وَهَذَا لَيْسَ بمقصود بل المُرَاد تَشْبِيه الخطوط الَّتِي بَعْضهَا من سَواد بحت وَبَعضهَا من سَواد فِيهِ بَيَاض أَيْضا فَتَأمل وروى الْأَصْمَعِي كَأَنَّهَا أَيْضا بضمير الْمُؤَنَّث وَعَلَيْهَا فَلَا إِشْكَال وَفِي هَذِه الأرجوزة بَيت وَهُوَ
(لواحق الأقراب فِيهَا كالمقق)
أوردهُ الشَّارِح فِي حرف الْكَاف من حُرُوف الْجَرّ على أَن الْكَاف فِيهِ زَائِدَة ونشرحه هُنَاكَ إِن شَاءَ الله تَعَالَى ورؤبة هُوَ أَبُو الجحاف بن العجاج عبد الله بن رؤبة بن لبيد بن صَخْر من بني مَالك بن سعد بن زيد مَنَاة بن تَمِيم هُوَ وَأَبوهُ شاعران كل مِنْهُمَا لَهُ
ديوَان رجز وهما مجيدان فِيهِ عارفان باللغة وحشيها وغريبها وَهُوَ أَكثر شعرًا من أَبِيه وأفصح مِنْهُ رُوِيَ أَنه قَالَ لِأَبِيهِ أَنا أشعر مِنْك لِأَنِّي شَاعِر وَابْن شَاعِر وَأَنت شَاعِر فَقَط وَقيل ليونس النَّحْوِيّ من أشعر النَّاس قَالَ العجاج ورؤبة فَقيل لَهُ لم نعن الرجاز قَالَ هما أشعر أهل القصيد وَإِنَّمَا الشّعْر كَلَام فأجوده أشعره قَالَ ابْن عون مَا شبهت لهجة الْحسن الْبَصْرِيّ إِلَّا بلهجة رؤبة
وَحكي عَن يُونُس بن حبيب النَّحْوِيّ أَنه قَالَ كنت عِنْد أبي عَمْرو بن الْعَلَاء فَجَاءَهُ شبيل بن عزْرَة الضبعِي فَقَامَ إِلَيْهِ أَبُو عَمْرو وَألقى إِلَيْهِ لبدة بغلته فَجَلَسَ إِلَيْهَا ثمَّ أقبل عَلَيْهِ يحدثه فَقَالَ شبيل يَا أَبَا عَمْرو سَأَلت رؤبتكم عَن اشتقاق اسْمه فَمَا عرفه قَالَ يُونُس فَلم أملك نَفسِي عِنْد ذكر رؤبة فَقلت لَعَلَّك تظن أَن معد بن عدنان أفْصح مِنْهُ وَمن أَبِيه أفتعرف أَنْت مَا الرؤبة وكررها خمْسا فَلم يحر جَوَابا وَقَامَ مغضبا فَقَالَ لي أَبُو عَمْرو هَذَا رجل شرِيف يزور مَجْلِسنَا وَيَقْضِي حقوقنا وَقد أَسَأْت بِمَا فعلت مِمَّا واجهته بِهِ فَقلت لم أملك نَفسِي عِنْد ذكر رؤبة فَقَالَ أوقد سلكت على تَقْوِيم النَّاس وَحكى الْمَدَائِنِي قَالَ قدم الْبَصْرَة راجز من رجاز الْعَرَب فَجَلَسَ إِلَى حَلقَة فِيهَا الشُّعَرَاء وَجعل يَقُول أَنا أرجز الْعَرَب أَنا الَّذِي أَقُول
(الرجز)
(مَرْوَان يُعْطي وَسَعِيد يمْنَع
…
مَرْوَان نبع وَسَعِيد خروع)
وَالله أَنا أرجز من العجاج فليت الْبَصْرَة جمعت بيني وَبَينه ورؤبة والعجاج حَاضرا الْمجْلس فَقَالَ رؤبة لِأَبِيهِ قد أنصفك الرجل فَقُمْ إِلَيْهِ فَأقبل عَلَيْهِ وَقَالَ هأنا العجاج وزحف إِلَيْهِ قَالَ أَي العجاجين أَنْت قَالَ مَا خلتك تَعْنِي غَيْرِي أَنا عبد الله الطَّوِيل وَكَانَ يعرف بذلك فَقَالَ مَا عنيتك وَمَا قصدتك قَالَ كَيفَ وَقد هَتَفت باسمي وتمنيت أَن تَلقانِي قَالَ أَو مَا فِي الدُّنْيَا عجاج سواك قَالَ فَهَذَا ابْني رؤبة قَالَ اللَّهُمَّ غفرا إِنَّمَا مرادي غيركما فَضَحِك النَّاس وكفا عَنهُ قَالَ ابْن قُتَيْبَة فِي كِتَابه الشّعْر وَالشعرَاء قَالَ أَبُو عُبَيْدَة دخلت على رؤبة وَهُوَ يجيل جرذانا فِي النَّار فَقلت أتأكلها قَالَ نعم إِنَّهَا خير من دجاجكم
الَّتِي تَأْكُل الْعذرَة إِنَّهَا تَأْكُل الْبر وَالتَّمْر وَكَانَ رؤبة مُقيما بِالْبَصْرَةِ وَلحق الدولة العباسية كَبِيرا ومدح الْمَنْصُور وَأَبا مُسلم وَلما ظهر بهَا إِبْرَاهِيم بن الْحسن بن عَليّ رضي الله عنه وَخرج على الْمَنْصُور خَافَ على نَفسه من الْفِتْنَة فَخرج إِلَى الْبَادِيَة فَمَاتَ بهَا فِي سنة خمس وَأَرْبَعين وَمِائَة كَذَا قيل وَهَذَا يُخَالف مَا رُوِيَ عَن يَعْقُوب قَالَ لقِيت الْخَلِيل بن أَحْمد يَوْمًا بِالْبَصْرَةِ فَقَالَ لي يَا أَبَا عبد الله دفنا الشّعْر واللغة والفصاحة الْيَوْم فَقلت لَهُ وَكَيف ذَاك فَقَالَ هَذَا حِين انصرفنا من دفن رؤبة بن العجاج