الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فهذه البراهين وأمثالها كل منها يوجب العلم بوجود الرب سبحانه وتعالى الغني القديم الواجب بنفسه.
طريقة ابن سينا وأتباعه في إثبات وجود الله تعالى
وابن سينا وأتباعه كالرازي والآمدي والسهروردي المقتول وأتباعهم سلكوا في إثبات واجب الوجود طريقة الاستدلال بالوجود وعظموها وظن من ظن منهم انها أشرف الطرق وأنه لا طريق إلا وهو يفتقر إليها حتى ظنوا أن طريقة الحدوث مفتقرة إليها.
وكل ذلك غلط بل هي طريقة توجب إثبات واجب الوجود بلا ريب لو كانوا يفسرون الممكن بالممكن الذي هو ممكن عند العقلاء سلفهم وغير سلفهم وهو الذي يكون موجوداً تارة ومعدوماً أخرى.
فأما إذا فسر الممكن بالممكن الذي ينقسم إلى قديم واجب بغيره وإلى محدث مسبوق بالعدم كما هو قول ابن سينا وأتباعه فلا يصح لهم على هذا الأصل الفاسد لاإثبات واجب بنفسه ولا إثبات ممكن يدل على الواجب بنفسه.
وهذه الطريقة هي في الحقيقة مأخوذة من طريقة الحدوث
وطريقة الحدوث أكمل وأبين فغن الممكن الذي يعلم انه ممن هو ما علم أنه وجد بعد عدمه أو عدم بعد وجوده.
هذا الذي اتفق العقلاء على أنه ممكن، وهو الذي يستحق أن يسمى ممكناً بلا ريب وهذا محدث فإذا كل ممكن محدث.
وأما تقدير ممكن لم يزل واجباً بغيره، فأكثر العقلاء دفعوا ذلك، حتى القائلون بقدم العالم كأرسطو وأتباعه المتقدمين، وحتى هؤلاء الذين قالوا ذلك ابن سينا وأتباعه لا يجعلون هذا من الممكن بل الممكن عندهم ما أمكن وجوده وعدمه فكان موجوداً تارة ومعدوماً أخرى.
وإنما جعل هذا من الممكن ابن سينا وأتباعه مع تناقضه وتصريحه بخلاف ذلك لما سلكوا في إثبات واجب الوجود الاستدلال بالموجود على الواجب فقالوا كل ما سواه يكون ممكناً بنفسه واجباً بغيره، وجعلوا العلم قديماً أزلياً مع كونه ممكناً بنفسه.
وهذا خلاف قول سلفهم، وقول أئمة الطوائف سواهم وخلاف ما صرحوا أيضاً به وهذا مما أنكره ابن رشد وغيره على ابن سينا وبسط الكلام فيه له موضع آخر.