الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الوجه السادس
أن يقال: الاعتراض مبناه على أن مجموع الموجودات له علة هو بعضهوهو الواجب فإن لم يكن في المجموع بعض واجب بطل الاعتراض وهذا الاعتراض مذكور على سبيل المعارضة لأنا قد ذكرنا انا نعلم بالضرورة أن مجموع العلل الممكنة إذا كان له علة كان علة لكل منها وأن العلم بذلك ضروري، وبيناه بياناً لا ريب فيه، وإذا تبين أن صحة الاعتراض مستلزمة لثبوت واجب الوجود، كان واجب الوجود ثابتاً على تقدير صحة الاعتراض وعلى تقدير فساده وإذا كان ثابتاً على التقديرين تقدير النفي وتقدير الإثبات، ثبت أنه ثابت فينفس الأمر وهو المطلوب وهذا بين لمن تأمله ولله الحمد.
يمكن إيراد الجواب على وجوه
الوجه الأول: أن يقال: أما أن يقدر ثبوت الواجب في نفسه، وإما أن يقدر انتفاؤه، فغن قدر ثبوته في نفس الأمر حصل المقصود وامتنع أن يكون في نفس الأمر ما ينفي وجوده وإن قدر انتقاؤه لزم بطلان الاعتراض المذكور على دليل ثبوته وإذا بطل الاعتراض كان الدليل المذكور على ثبوتهه سليماً عما يعارضه فيجب ثبوته مدلوله وهو الواجب الوجود فلزم ثبوت وجود سواء قدر المعترض ثبوته أو قدر انتفاءه وما
لزم ثبوته على تقدير ثبوته وتقدير انتفائه كان ثابتاً في نفس الأمر قطعاً وهو المطلوب.
فإن قيل: كيف يمكن تقدير ثبوته مع تقدير انتفائه وفي ذلك جمع بين النقيضين
قيل: نعم هذا لأن تقدير انتفائه لما كان ممتنعاً في نفس الأمر جاز أن يلزمه ما هو ممتنع في نفس الأمر وهذا مما يقرر ثبوته.
وأيضاً فإذا كان تقدير انتفائه يستلزم الجمع بين النقيضين كان تقديراً ممتنعاً في نفس الأمر، ويكون تقدير انتفائه ممتنعاً في نفس الأمر وإذا كان انتفاؤه ممتنعاً كان ثبوته واجباً وهو المطلوب.
فإن قيل: إذا كان انتفاؤه ف ينفس الأمر ممتنعاً قطعاً وكان بطلان الاعرتاض معلقاً بانتفائه لم يلزمه بطلان الاعتراض وإذا صح الاعتراض بطل الدليل المذكور
قلنا تقدير انتفائه هو جزء الدليل على بطلان الاعتراض ليس هو بطلان الاعتراض ومن المعلوم أن انتفاء الدليل لا يوجب انتفاء يدل عليه في نفس الأمر فغن الدليل لا يجب عكسه فلو كان انتفاؤه بس الأمر وحده دليلً على بطلان الاعتراض لم يلزم صحة الاعتراض بتقدير نقيض هذا الدليل فكيف إذا كان جزء دليل.
فإن قيل بطلان جزء الدليل يوجب بطلان الدليل فيبطل ما ذكر من الدليل على فساد الاعتراض.
قيل لفظ جزء الدليل مجمل، فإن أريد بالجزء قسم من القسام المقدرة كان هذا باطلاً فإنه لا يلزم من بطلان قسم في الأقسام المقدرة بطلان الدليل إذا كان غيره من الأقسام صحيحاً وإن أريد بجزء الدليل مقدمة من مدماته فهذا صحيح فإنه إذا بطلت مقدمة الدليل بطل لكن مقدمة الدليل هنا صحيحة فإنها تقسيم دائر بين النفي والإثبات ومن المعلوم أن التقسيم الدائر بين النقيضين يستلزم بطلان أحد القسمين في نفس الأمر ومقدمة الدليل ليست اجتماع النقيضين فإن هذا ممتنع وإنما هي صحة التقسيم إلى النفي والإثبات.
والمقدمة الثانية حصول المطلوب على كل من التقديرين فإذا كان التقسيم دائراً بين النفي والإثبات والمطلوب حاصل على كل منهما ثبت حصوله في نفس الأمر وغن كان احد القسمين منتفياً في نفس الأمر فغن المطلوب حاصل على التقدير الآخر فلا يضر انتفاء هذا التقدير، وإنما ذكرت هذه التقديرات ليتبين أن ما ذكره المعترض لا يقدح في صحة الدليل المذكور على واجب الوجود بل الدليل صحيح على تقدير النقيضين وهذا من أحسن الدورات في النظر والمناظر لإبطال الاعتراضات الفاسدة بمنزلة عدو قدم يريد محاربة