الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الوجه الثاني
أن يحل ما ذكره من المعارضة، وهي قوله: وهذا لأن الشيء جاز أن يكون علة للمجموع من حيث هو علة للمجموع من حيث هو مجموع، ولا يكون علة لكل واحد من أجزائه، فغن الواجب لذاته علة لمجموع الموجودات، وليس علة لكل واحد من أجزائه، لاستحالة كونه علة لنفسه.
قلنا: لا نسلم أن الواجب لذاته علة لمجموع الموجودات، وإنما هو علة لبعض الموجودات وهي الممكنات، وأما الموجود الواجب بنفسه فلا علة له وهو من الموجودات، وإذا كانت الموجودات، وإذا كانت الموجودات منقسمة إلى واجب وممكن، والواجب علة للمكن، لم يكن الواجب علة لمجموع الموجودات، بل علة لبعضها، وبعضها لا علة له.
فإن قيل: إنما قلنا الواجب للمجموع من حيث هو مجموع لا لكل واحد، فهو علة للهيئة الاجتماعية.
قيل: أولا: لا نسلم أن المجموع له وجود يزيد على الآحاد ويقال: ثانياً إذا قدر أن المجموع الذي هو الهيئة الاجتماعية أمر مغاير للأفراد فالواحد من تلك الأفراد إذا كان علة للهيئة الاجتماعية فالعلة مغايرة للمعلول، ليست العلة بعض المعلول.
وهذا بين إذا تصوره المتصور معلوم بالبديهة.
ولكن لفظ المجموع فيه إجمال قد يعنى به الأفراد المجتمعة، وقد يعنى به اجتماعها، وقد يعنى به الأمران ومعلوم انه يمتنع أن يكون بعض الأفراد المجتمعة علة لكل من الأفراد المجتمعة وهذا هو المطلوب.
وأما الاجتماع إذا قدر انه مغاير للأفراد فالواحد منها يكون علة لذلك الاجتماع المغاير لذلك المفرد وغيره، وإن أريد الأفراد والاجتماع كان الاجتماع جزءاً من أجزاء المجموع، فيكون الواحد من ذلك المجموع علة لسائر الأجزاء، وهذا ممكن فالواجب سبحانه وتعالى هو المبدع لسائر الموجودات، ومبدع للاجتماع الحاصل منها ومنه إذا قدر ذلك الاجتماع مغايراً للأفراد لكن ذلك الاجتماع هو من جملة سائر الموجودات.
فإذا قيل: إنه مبدع لسائر الموجودات، دخل في ذلك كل ما سواه من الموجودات أعيانها وأعراضها، ودخل في ذلك الاجتماع الحاصل منه ومنها، وهو الهيئة الاجتماعية، إذا قدر أنها موجودة، فإن ذلك الاجتماع أمر مغاير للواجب بنفسه، فهو داخل في سائر الموجودات سواه، فهو من جملة مصنوعاته.
ومما يوضح ذلك أن الاجتماع إذا قدر أمراً مغايراً للأفراد: أمراً يحدث بحدوث ما يحدث من الممكنات فكلما حدث ممكن كان له مع سائر الممكنات اجتماع وذلك الاجتماع حادث بحدوثه، فإذا قدر أن ما سوى الله حادث، فاجتماع وجود الحوادث مع وجود الله وهو أيضاً حادث وهو كمعية المخلوقات مع خالقها، وهذه المعية ونحوها هو مما يجوز حدوثه باتفاق العقلاء، بل هو متفقون على جواز حدوث النسب