الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جمعاً بين النقيضين. وتسلسل هذه المعلولات من غير أن تنتهي إلى موجوداً بنفسه أعظم في الامتناع، لكن من توهم أنها موجودات متسلسلة التبس عليه المر، وتقدير كونها موجودات متسلسلة ممتنع في نفسه، بل هو جمع بين النقيضين، لأن التقدير انه ليس فيها ما يوجد بنفسه ولا يوجد إلا بموجد موجود، وإذا لم يكن فيها موجود بنفسه ولا موجد موجود امتنع أن يكون فيها إلا معدوم، فتقدير وجودها جمع بين النقيضين
وبيان ذلك أن كلا منها هو مفتقر إلى موجد يوجده، فلا يوجد بنفسه، وعلته لم توجد بنفسها، فليس فيها موجود بنفسه، وليس هنا علة موجودة بنفسها 0 فإذا قدر في كل منها أنه موجود بغيره، فذلك الغير هو بمنزلته أيضاً لا وجود له من نفسه، فليس هناك موجود يوجدها إلا ما يقدر منها، وكل منها إذا لم يكن له من نفسه وجود فأن لا يكون موجداً لغيره بطريق الأولى والأحرى، فلا له من نفسه وجود ولا إيجاد، وغيره من جنسه ليس له من نفسه وجود ولا إيجاد، فمن أين يكون لشيء منها وجود بلا وجود لنفسه ولا إيجاد؟ إذ الإيجاد فرع الوجود
اعتراض الأبهري فاسد من وجوه
قلت وهذا الاعتراض فاسد جداً وبيان فساده من وجوه:
الوجه الأول: أن يقال: هو اعتراض على قولهم مجموع العلل الممكنة ممكن لافتقار المجموع إلى الآحاد الممكنة ولا يجوز أن يكون المؤثر في المجموع واحداً من العل الممكنة، لن ذلك لا يكون علة لنفسه ولا لما قبله من العلل، فامتنع أن يكون مؤثراً في المجموع، فقال المعترض: إنما يلزم هذا أن لو كان علة المجموع علة لكل واحد من أجزائه فلم قلتم إنه كذلك؟
فيقال له أولاً: نحن لا نعني بالمجموع مجرد الهيئة الاجتماعية، بل نعني به كل واحد من الأفراد والهيئة الاجتماعية، وحينئذ فتكون علة المجموع علة كل واحد من أجزائه، وهذا معلوم بالضرورة، فإن المؤثر إذا كان مؤثراً في مجموع الآحاد مع الهيئة الاجتماعية فقد أثر في كل جزء من أجزائه، فإنه لو لم يؤثر في كل جزء من الجزاء لجاز انتفاء ذلك الجزء، وإذا انتفى المجموع، والتقدير أنه في المجموع بحيث جعل المجموع موجوداً، والمجموع هو الأفراد والهيئة الاجتماعية، فلو قدر انه غير موجود لزم الجمع بين النقيضين، وهو الممتنع وهذا الممتنع لزم من تقدير كونه مؤثراً في المجموع، بحيث جعل المجموع موجوداً مع تقدير عدم بعض أجزاء المجموع، فعلم أنه يستلزم من كونه أثر في المجموع وجود
المجموع، ويلزم من وجود المجموع انه لا ينتفى شيء من أجزائه، فعلم أن ما استلزم ثبوت المجوع استلزم ثبوت كل من أجزائه، وإن لم يكن المستلزم علة فاعلة، فكيف إذا كان المستلزم على فاعلة؟ فتبين أن ثبوت العلة الفاعلة للمجوع يتضمن أن يكون علة لكل من أجزائه، ولو تخيل متخيل أن الواحد من الجملة علة لسائر الأجزاء، والأجزاء علة للمجموع، أو أنه علة للمجموع، والمجموع علة للآحاد، فيكون ذلك الواحد علة العلة.
قلنا هذا لا يضر لأن العلة علة، وكما يمتنع في الواحد أن يكون علة علة نفسه، فيمتنع أن يكون علة نفسه بطريق الأولى، فلو كان بعض الأجزاء علة للمجموع، والمجموع علة لكل من الأجزاء أو بالعكس، لزم أن يكون ذلك الجزء علة علة نفسه، وعلة علل نفسه، وهو ما قبل ذلك الجزء من العلل التي قدر أنه لا نهاية لها وهذا بين لا يتصوره أحد إلا يعلم امتناعه بالبديهة، ومن نازع فيه كان إما لعدم تصوره له، وإما لعنادة وحينئذ فيكفي أن يقال: هذا معلوم بالبديهة، فالشبهة الواردة عليه من جنس شبه السوفسطائية فلا يستحق جواباً.