الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحجج، مع أن تضعيفها مما سبق هؤلاء إليه كثير من النظار.
ومن تكلم من النظار ينظر ما تكلم به من قبله، فإما أن يكون أخذه عنه، أو تشابهت قلوبهم.
وبكل حال فهما - مع الرازي ونحوه - من أفضل بني جنسهم من المتأخرين، فاتفاقهما دليل على قوة هذه المعارضات، لا سيما إذا كان الناظر فيها ممن له بصيرة من نفسه يعرف بها الحق من الباطل في ذلك، بل يكون تعظيمه لهذه البراهين لأن كثيراً من المتكلمين من هؤلاء وغيرهم اعتمد عليها في حدوث الأجسام، فإذا رأى هؤلاء وغيرهم من النظار قدح فيها وبين فسادها علم أن نفس النظار مختلفون في هذه المسالك، وأن هؤلاء الذين يحتجون بها هم بعينهم يقدحون فيها، وعلى القدح فيها استقر أمرهم، وكذلك غيرهم قدح فيها، كأبي حامد الغزالي وغيره.
وليس هذا موضع استقصاء ذكر من قدح في ذلك.
وإنما المقصود القدح في هذه المسالك التي يسمونها براهين عقلية ويعارض بها نصوص الكتاب والسنة وإجماع السلف.
ثم إن نفس حذاقهم قدحوا فيها.
مسلك الآمدي على إثبات حدوث الأجسام
فأما المسلك الأول الذي ذكره الرازي فقال الآمدي: (المسلك السادس لبعض المتأخرين من أصحابنا في الدلالة على إثبات حدوث الأجسام، وهو أنه لو كانت الأجسام أزلية، لكانت في الأزل: إما أن
تكون متحركة أو ساكنة) وساق المسلك إلى آخره.
ثم قال: (وفيه وفي تقريره نظر، وذلك أن القائل يقول: إما أن تكون الحركة عبارة عن الحصول في الحيز بعد الحصول في حيز آخر، والسكون عبارة عن الحصول في الحيز بعد أن كان في ذلك الحيز، أو لا تكون كذلك.
فإن كان الأول فقد بطل الحصر بالجسم في أول زمان حدوثه فإنه ليس متحركاً لعدم حصوله في الحيز بعد أن كان في حيز آخر وليس ساكناً لعدم حصوله في الحيز بعد أن كان فيه، وإن كان الثاني فقد بطل ما ذكره في تقرير كون السكون أمراً وجودياً، ولا محيص عنه.
فإن قيل: الكلام إنما هو في الجسم في الزمن الثاني، والجسم في الزمن الثاني ليس يخلو عن الحركة والسكون بالتقسير المذكور، فهو ظاهر الإحالة، فإنه إذا كان الكلام في الجسم إنما هو في الزمن
الثاني من وجود الجسم، فالزمن الثاني ليس هو حالة الأزلية، وعند ذلك لا يلزم أن يكون الجسم أزلاً لا يخلو عن الحركة والسكون) .
قال: (وإن سلمنا الحصر فلم قلتم بامتناع كون الحركة أزلية؟ وما ذكروه من الوجه الأول في الدلالة فإنما يلزم أن لو قيل بأن الحركة الواحدة بالشخص أزلية، وليس كذلك، بل المعنى يكون الحركة أزلية أن أعداد أشخاصها المتعاقبة لا أول لها، وعند ذلك فلا منافاة بين كون كل واحدة من آحاد الحركات المشخصة حادثة ومسبوقة بالغير، وبين كون جملة آحادها أزلية بمعنى أنها متعاقبة إلى غير النهاية) .
قال: (وما ذكروه في الوجه الثاني باطل أيضاً، فإن كل واحدة من الحركات الدورية وإن كانت مسبوقة بعدم لا بداية له، فمعنى اجتماع الأعدام السابقة على كل واحدة من الحركات في الأزل: أنه لا أول لتلك الأعدام ولا بداية، ومع ذلك فالعدم السابق على كل