الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولا ينتفى كونها ذاتاً إلا بسبب، وهذا يفضي إلى التسلسل، لأن القول فيما يوصف بكونه ذاتاً كالقول فيما يوصف بكونه موجوداً
الوجه التاسع
أنه إذا كانت تلك الحقيقة والذات مفتقرة في كونها حقيقة وذاتاً إلى سبب، فلا سبب إلا واجب الوجود، وواجب الوجود يمتنع ان يجعلها حقيقة مع كونها معدومة، فلا يجعلها ذاتاً وحقيقة إلا مع كونها موجودة 0 وحينئذ فإذا كان وجودها واجباً به فحقيقتها واجبة به، فلا تكون قابلة للعدم، كما أن نفس الوجود لا يكون قابلاً للعدم لما فيه من الجمع بين النقيضين
الوجه العاشر
أنه إذا قدر أن واجب الوجود لم يجعل حقيقتها 0 وهي لا تكون لها حقيقة إلا بسبب، لم يكن هناك حقيقة تقبل الوجود والعدم
الوجه الحادي عشر
قوله كل موجود إذا التفت إليه من حيث ذاته من غير التفات إلى غيره الخ
يقال نحن إذا التفتنا إلى السماء او غيرها من الموجودات من غير التفات إلى غيرها لم نعقل إلا تلك العين الموجودة، فإذا قدرنا انه لا يجب لها الوجود من نفسها لم تكن موجودة إلا بموجد يوجدها، فنحن نعقل ان الشيء إما موجود بنفسه وإما موجود بغيره وإذا قسم الوجود إلى موجود بنفسه وموجود بغيره وسمي هذا ممكناً، كان هذا تقسيماً صحيحاً، وهو كتقسيمه إلى مفعول وغير مفعول، ومخلوق وغير
مخلوق. اما كون هذا الممكن له ذات وليس له من تلك الذات وجود ولا عدم، فهذا غير معقول في شيء من الموجودات، بل المعقول انه ليس في الممكن من نفسه وجود أصلاً ولا تحقق ولا ذات ولا شيء من الأشياء
وإذا قلنا ليس له من ذاته وجود، فليس معناه أنه في الخارج له ذات ليس له منها وجود، بل معناه أنا نتصور ذاتاً في أنفسنا، ونتصور أن تلك الذات لا توجد في الخارج إلا بمبدع يبدعها، فالحقائق المتصورة في الأذهان لا توجد في الأعيان إلا بمبدع يبدعها في الخارج، لا أنه في الخارج لها ذات ثابتة في الخارج تقبل الوجود في الخارج والعدم في الخارج، فإن هذا باطل
وإذا كان كذلك وعلمنا أن كل موجود فإما موجود بنفسه وهو الخالق، أو موجود بغيره وهو المصنوع المفعول، والمصنوع المفعول لا يكون إلا محدثاً مسبوقاً بالعدم، بل الممكن الذي يقبل الوجود والعدم لا يكون إلا محدثاً مسبوقاً بالعدم عند عامة العقلاء، ولو قدر أنا لم نعرف هذا فتسمية ما وجوده بنفسه ووجود غيره منه خالقاً
وتسمية ما أبدعه غيره مخلوقاً، أحسن وأبين من تسمية هذا ممكناً، إذا الممكن لا يوصف به في العادة إلا المعدوم الذي يمكن أن يوجد وأن لا يوجد، وأما وجد فقد خرج عن افمكان إلى الوجوب بالغير فالمعروف في فطر الناس أن ما مضى وجود وعدم لا يسمونه ممكناً، وإنما يسمون بالممكن شيئاً يمكن وجوده في المستقبل وعدمه في المستقبل
ثم إذا عرف أن كل ما سوى الوجود بنفسه فهو مفعول مصنوع له، علم أن المصنوع المفعول لا يكون إلا محدثاً، كما قد بسط في موضعه، وهذه الاعتراضات ليست اعتراضات على إثبات واجب الوجود، فإنه حق، لكن على هذا الطريق الذي سلكه حيث أثبت ذاتاً ممكنة، مع كونها عنده قديمة أزلية، ولا يحتاج إثبات واجب الوجود إلى هذا في هذه الطريق
بل إذا قيل كل موجود فإما موجود بنفسه وإما موجود بغيره، والموجود بغيره لا يوجد إلا بالموجود بنفسه، ثبت وجود الموجود بنفسه، وإذا سمي هذا واجباً وهذا ممكناً، كان ذلك أمراً لفظياً 0 لكن المقصود أنه لا يثبت واجب الوجود بما يدعي أنه ذات تقبل الوجود والعدم، وهؤي مع ذلك قديمة أزلية واجبة، فالواجب لا يقبل العدم بحال، والله أعلم