الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والإضافات بين الخالق والمخلوق، سواء قيل: إنها وجودية أو عدمية، ولو قدر أن من الممكنات ما هو قديم أزلي، كما يقوله من يقول بقدم شيء من العالم، فاجتماع ذلك الممكن مع ذلك الواجب معلول للواجب، والواجب ليس هو بعض ذلك الاجتماع بل هو بعض الأمور المجتمعة، وبعض الأمور المجتمعة إذا كان علة لسائر الأبعاض كان هذا ممكناً وذلك الاجتماع هو بعض آخر، فالواجب الذي هو بعض الأمور المجتمعة التي منها الاجتماع علة لسائر الأبعاض والاجتماع واحد منها، فليس في ذلك امتناع كون بعض الجملة علة لجميع أبعاض الجملة، وهذا هو المطلوب انتقاؤه، فتبين أن امتناع كون بعض الممكنات، فإن الأول يقتضى كونه علة لنفسه، وكون الممكن المفعول المصنوع مبدع نفسه ويخلقها أظهر امتناعاً من كونه يخلق غيره بعد وجوده.
ولهذا قال تعالى {أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون} الطور 35 فإنه من المعلوم في بدائه الفطر امتناع كونهم حدثوا من غير محدث وامتناع كونهم أحدثوا أنفسهم فعلم أن لهم محدثاً أحدثهم.
الوجه الثالث
لا نسلم أن المجموع المركب من الواجب والممكن يكون الواجب وحجه علة له، بل علته الأجزاء جميعها، وذلك لأن
المجموع متوقف على كل من الأجزاء: الواجب والممكنات، فالمجموع من حيث هو مجموع توقفه على كل جزء كتوقفه على الجزء الآخر، إذ كان لا يوجد إلا بوجود كل من الأجزاء ثم إذا كان بعض الأجزاء علة لبعض، كان المجموع مفتقراً إلى الجزء الواجب، وإلى الجزء المفتقر إلى الجزء الواجب، ولا يلزم من ذلك أن يكون مجرد الواجب مقتضياً للمجموع بلا واسطة، بل لولا الجزء الآخر الممكن لما حصل المجموع ن فتبين أن الواجب لا يكون وحده علة للمجموع من حيث هو مجموع، وإنما يكون علة لسائر الأجزاء، وهو وسائر الأجزاء علة للمجموع.
نعم يلزم أن يكون علة بنفسه للممكنات، وهو بتوسط الممكنات أو مع الممكنات علة للمجموع من حيث هو مجموع، ومثل هذا منتف في الأجزاء الممكنة فإنه لا يمكن أن يكون للمجموع لا بنفسه ولا بتوسط غيره.
أما الأول فلأن الجزء الواجب إذا لم يكن وحده علة للمجموع، فالجزء الممكن أولى، ولأن المجموع متوقف على جميع الأجزاء فلا يستقل به واحد منها.
وأما الثاني فلأن الممكن لا يكون علة لنفسه ولا لما قبله من العلل، ولأن المجموع متوقف على جميع الأجزاء بالضرورة، فإن المعلول لا يكون علة علته وإذا امتنع كونه علة لنفسه ولسائر الأجزاء المتقدمة