الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلا به، ويصاب في الطريق الذي يقول إنه به يعرف ربه، ويرد عليه فيه إشكال لا ينحل له، مع أنه من أكبر رؤوس طوائف أهل الكلام والفلسفة، بل قد يقال: إنه لم يكن فيهم في وقته مثله.
والمقصود هنا ذكر عبارته في الإشكال الذي أورده وهو قوله: ما المانع من كون الجملة ممكنة الوجود ويكون ترجحها بترجح آحادها، وترجح آحادها كل واحد بالآخر إلى غير نهاية.
الرد على الآمدي
فيقال له: والأمور التي شملها وجوب أو إمكان أو امتناع أو غير ذلك، إن لم يكن هناك إلا مجرد شمول ذلك الوصف لها من غير أمر وجودي زائد على الآحاد، فليس اجتماعها زائداً على أفرادها، وإن كان هناك اجتماع خاص كالتأليف الخاص، فهذا التأليف والاجتماع الخاص زائد على الأفراد، وإذا كان كذلك فليس في مجرد تقدير ممكنات شملها الإمكان ما يقتضى أن يكون اشتراكها في ذلك قدراً زائداً على الآحاد، كما أن العشرة المطلقة ليست قدراً زائداً على آحاد العشرة.
لكن نحن نذكر التقسيمات الممكنة التي تخطر بالبال، ليكون الدليل جامعاً، فنقول: إذا قال القائل في مثل المعلولات الممكنة:
الجملة معلولة بالآحاد.
فيقال له: إما أن لا يكون هنا جملة غيرالآحاد، كما ليس للعشرة جملة غير آحاد العشرة، وإما أن تكون الجملة غير الآحاد، كالشكل المثلث، فإن اجتماع الإضلاع الثلاثة غير وجودها مفترقة، وكالعشرة المصفوفة فإن اصطفافها غير العشرة المطلقة فإن كان الأول فالجملة هي الآحاد المتعاقبة وكلها ممكن فالجملة كلها ممكنة.
وإن كان الثاني فالجملة إما ان يراد بها الهيئة الاجتماعية دون أفرادها، وإما أن يراد بها الأفراد دون الاجتماع، وإما ان يراد بها الأمران، والأول هو الذي أراده بالسؤال.
لكن ذكرنا كل ما يمكن أن يقال فإذا قال: الاجتماع ممكن، وترجحه بالآحاد المتعاقبة.
قيل له: فيكون الاجتماع معلول الآحاد وموجبها ومقتضاها والآحاد ممكنة ومعلول الممكن أولى أن يكون ممكناً، فيكون حينئذ كل من الآحاد ممكناً ونفس الجملة ممكنة، لكن هذا الممكن معلول تلك الممكنات، وقد علم أن الممكن لا يوجد بنفسه، فلا يكون شيء من تلك الآحاد موجوداً بنفسه، ولا الجملة موجودة بنفسها، فلا يكون
في جميع ما ذكر ما يوجد بنفسه، وما لا يوجد بنفسه إذا وجد ن فلا بد له من موجد.
ومما يبين ذلك أن الجملة إذا قيل: هي ممكنة معلولة الآحاد المتعاقبة، كان هاك ممكن زيد على تلك الممكنات، فكان الممكنات التي هي معلولات متعاقبة زيدت معلولا آخر، ومعلوم أنها بزيادة معلول آخر تكون أحوج إلى الواجب منها لو لم تزد ذلك المعلول.
ولو قيل: إنها زيدت علة ممكنة لم يغن عنها شيئاً فكيف إذا زيدت معلولا ممكناً.
ومما يبين هذا أن الجملة قد تكون مقترنة وقد تكون متعاقبة فالمقترنة مثل اجتماع أعضاء الإنسان واجتماع أبعاض الجسم المركب سواء كان لها ترتيب وضعي كالجسم أو لم يكن كاجتماع الملائكة والناس والجن والبهائم وغير ذلك.
وأما المتعاقبة فمثل تعاقب الحوادث كاليوم والأمس، والولد مع الولد ونحو ذلك.
والجملة المقترنة أحق بالاجتماع مما تعاقبت أفرادها، فإن ما
تعاقبت أفراده قد يقال: إنه ليس بموجود، لأن الماضي معدوم والمستقبل معدوم، ولهذا جوز من جوز عدم التناهي في هذا دون ذاك، وفرق بين الماضي والمستقبل لأن الماضي دخل في الوجود بخلاف المستقبل، وفرق قائل ثالث بين ماله اجتماع وترتيب كالجسم، وبين ما فقد أحدهما كالنفوس والحركات.
وإذا كان كذلك فإذا قال اقائل: الجملة ممكنة وهي معلولة الآحاد، فلو كانت الجملة هنا مقترنة مجتمعة في زمان احد، لكان الأمر فيها أظهر من المتعاقبة التي لا اقتران لآحادها، ولا أجتماع لها في زمن واحد، والعل والمعلولات لا تكون إلا مجتمعة، لا تكون متعاقبة.
لكن المقصود أن ما يذكره يشمل القسمين فلو قدر أنها متعاقبة لكان ذلك يشملها.
والآمدي جعل العمدة في نفي تناهي العلل والمعلولات على أنه قال: والأقرب في ذلك أن يقال: لو كانت العلل والمعلولات غير متناهية، وكل واحد منها ممكن على ما وقع به الغرض فهي غما متعاقبة
وإما معاً، فإن قيل بالأول فقد أبطل بثلاثة اوجه ثم زيفها وقال والأقرب في ذلك أن يقال: لو كانت العلل والمعلولات متعاقبة فكل واحد منها حادث لا محالة، وعند ذلك فلا يخلو ما أن يقال بوجود شيء منها في الأزل، أولا وجود لشيء منها في الأزل فإن كان الأول فهو ممتنع، لأن الأزلي لا يكون مسبوقاً بالعدم والحادث مسبوق بالعدم وإن كان الثاني فجملة العلل والمعلولات مسبوقة بالعدم ضرورة أن لا شيء منها في الأزل ويلزم من ذلك أن يكون لها ابتداء ونهاية وماله ابتداء ونهاية فهو متوقف على سبق غيره عليه، وأما أن كانت العلل والمعلولات المفروضة موجودة معاً.
ثم ساق الدليل كما حكيناه عنه، وهذه التقاسيم والتطويل لا يحتاج إليها، وهي باطلة في نفسها ن فزاد في الدليل مايستغنى عنه ويكون توقف الدليل عليه مبطلاً له، إذا لم يبطل إلا بما ذكره.
وهذا كثيراً ما يقع في كلام أهل الكلام المذموم، يطولون في الحدود