الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الوجه الثاني
الوجه الثاني: أن يقال: قولك: لا نسلم أن كل ممكن فهو محتاج إلى علة خارجة لأن المجموع المركب من الواجب والممكن ممكن وليس محتاجاً إلى علة خارجة غلط.
وذلك أن لفظ الممكن فيه إجمال
قد يراد بالممكن ما ليس بممتنع فيكون الواجب بنفسه ممكناً.
ويراد بالممكن ما ليس بموجود مع إمكان وجوده، فيكون ما وجد ليس بممكن بل واجب بغيره.
ثم ما يقبل الوجود والعدم هو المحدث عند جمهور العقلاء، بل جميعهم، وبعضهم تناقض فجعله يعم المحدث والقديم الذي زعم أنه واجب بغيره.
ويراد بالممكن ما ليس له من نفسه وجود، بل يكون قابلاً للعدم هو وكل جزء من أجزائه.
وأنت قد سميت مجموع الموجود ممكناً ومرادك أن المجموع يقبل العدم ولا يقبله كل جزء من أجزائه.
وهؤلاء الذين قالوا: إن مجموع الممكنات أو مجموع العلل الممكنة ممكن مرادهم أن كل ما كان لا يقبل الوجود بنفسه، بل يكون قابلاً للعدم بنفسه، وكل جزء من أجزائه قابل للعدم، يفتقر
إلى علة خارجة عنه، وهذا هو المفهوم عند إطلاقهم من الممكن بنفسه المفتقر إلى علة خارجة، فإن الممكن بنفسه مالا يوجد بنفسه أي نفسه قابلة للعدم.
وهذا لا يكون عند وجوب بعضها، فإن القابل للعدم حينئذ إنما هو بعض نفسه جملة نفسه، فغلطك أو تغليطك حصل مما في لفظ الممكن بنفسه من الإجمال.
والأدلة العقلية إنما يعترض على معانيها، فإن كنت أوردت هذا سؤالاً لفظياً كان قليل الفائدة، وإن كان سؤالاً معنوياً كان باطلاً في نفسه.
والقوم لما قالوا: الموجود إما أن يكون واجباً بنفسه، وإما أن يكون ممكناً بنفسه.
جعلوا الوجود منحصراً في هذين القسمين، أي جعلوا كل واحد واحد من الموجودات منحصراً في هذين القسمين.
وأما الجملة الجامعة لهذا وهذا، فهي جامعة للقسمين، ومرادهم بالممكن في أحد القسمين: ما يكون كل شيء منه لا يوجد إلا بشيء منفصل عنه ومرادهم بالواجب بنفسه مالا يفتقر إلى مباين له بوجه من الوجوه.
ومن المعلوم أن الأول مفتقر إلى مقتض خارج عنه، وأن مجموع تلك الممكنات ممكن مفتقر إلى ما هو مفتقر إلى مقتض مباين له.
والمفتقر إلى المفتقر المباين له اولى أن يكون مفتقراً إلى البماين، وأما
الثاني فلا يجوز أن يكون مفتقراً إلى مباين له وأما افتقاره إلى نفسه أو جزئه، فهذا لا ينافي كونه غنياً عماً يباينه.
وحينئذ فمجموع الموجودات التي بعضها واجب وبعضها ممكن ليس هو من الممكن بهذا التفسير، بل هو من الواجب لعدم افتقاره إلى مباين له.
وإذا قيل: إن المجموع واجب بنفسه، لكونه واجباً بما هو واجب بنفسه، أو قيل: هو واجب بنفسه، وأريد بذلك أن فيه ما هو واجب بنفسه، وسائره مستغن بذلك الواجب بنفسه، فالمجموع واجب ببعضه، والواجب ببعضه يدخل بهذا الاعتبار في الواجب بنفسه تبين مغلطة المعترض.
وقيل له: قولك: المجموع المركب من الواجب والممكن ممكن.
أتعني به انه مفتقر إلى أمر مباين، أم تعني به أنه مفتقر إلى بعضه.
أما الأول فباطل.
وأما الثاني فحق، ولكن إذا قيل: إن مجموع الممكنات التي كل منها مفتقر إلى مباين للمجموع هو أيضاً ممكن
مفتقر إلى مباين لهذا المجموع، لم يعارض هذا المجموع الموجودات، فإن مجموع الموجودات لا يصح أن يكون ممكناً بمعنى أنه مفتقر إلى مباين له إذ ليس في أجزائه ما هو مفتقر إلى مباين للمجموع، فإذا كان هو متوقفاً على آحاده، وليس في آحاده ما هو متوقف على أمر مباين له، لم يجب أن يكون هو متوقفاً على أمر مباين له
وأيضاً فمن المعلوم بالضرورة أن مجموع الموجودات لا يتوقف على أمر مباين له، إذ المباين لمجموع الموجودات ليس بموجود، ومجموع الموجودات لا يكون معلولا لأمر غير موجود، بخلاف مجموع الممكنات، فإنه يكون معلولاً لأمر غير ممكن، فكيف يقاس أحدهما بالآخر؟ أم كيف يعارض هذا بهذا؟ إذا كان مجموع الموجودات لا يفتقر إلى أمر خارج عنها ليس بموجود، فكذلك يجوز أن يكون مجموع الممكنات لا يفتقر إلى أمر خارج عنها ليس بممكن؟
وهل هذا الإ بمنزلة من قال: إذا كان الموجودات لا تفتقر في وجودها إلى ما ليس بموجود، فمجموع المعدومات لا تفتقر في وجودها إلى ما ليس بمعدوم وهل هذا إلا مجرد مقايسة لفظية مع فرط التباين في المعنى؟
وهل يقول عاقل: إن الموجود الواجب بنفسه والموجود الذي