الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الواجب بذاته يراد به الذات الواجبة بفسها، المبدعة لكل ما سواها، وهذا واحد.
ويراد به: الموجود بنفسه الذي لا يقبل العدم.
وعلى هذا: فالذات واجبة، والصفات واجبة، ولا محذور في تعداد الواجب بهذا التفسير، كما لا محذور في تعدد القديم إذا أريد به ما لا أول لوجوده.
وسواء كان ذاتاً أوصفه لذات القديم، بخلاف ما إذا أريد بالقديم الخالقة لكل شيء، فهذا واحد لا إله إلا هو، وقد يراد بالواجب الموجود بنفسه القائم بنفسه، وعلى هذا: فالذات واجبة دون الصفات.
وعلى هذا: فإذا قال القائل: الذات مؤثرة في الصفات، والمؤثر والأثر ذاتان.
قيل له: لفظ التأثير مجمل، أتعني بالتأثير هنا: كونه أبدع الصفات وفعلها، أم تعني به كون ذاته مستلزماً لها؟ فالأول ممنوع في الصفات، والثاني مسلم.
والتأثير في المبدعات هو بالمعنى الأول، لا بالمعنى الثاني.
بل قد بينا في غير هذا الموضع: أنه يمنع أن يكون مع الله شيء من المبدعات قديم بقدمه.
البرهان الخامس
قال الرازي في البرهان الخامس: (لو كان الجسم قديماً لكان قدمه: إما أن يكون عين كونه جسماً، وإما مغايراً لكونه جسماً والقسمان باطلان، فبطل القول بكون الجسم قديماً.
إنما قلنا: إنه لا يجوز أن يكون قدم الجسم عين كونه جسماً، لأنه لو كان كذلك لكان العلم بكونه جسماً علماً بكونه قديماً، فكما أن العلم بكونه جسماً ضروري، لزم أن يكون العلم بكونه قديماً ضرورياً، ولما بطل ذلك فسد هذا القسم.
وإنما قلنا: إنه لا يجوز أن يكون قدم الجسم زائداً على كونه جسماً لأن ذلك الزائد: إن كان قديماً لزم أن يكون قدمه زائداً عليه، ولزم التسلسل.
وإن كان حادثاً فكل حادث فله أول، وكل قديم فلا أول له، فلو كان قدم القديم عبارة عن ذلك الحادث للزم أن يكون ذلك الشيء له أول، وأن لا يكون له أول، وهو محال) .
ثم قال: (فإن عارضوا بكونه حادثاً، قلنا: الحادث عبارة عن مجموع الوجود الحاصل في الحال والعدم السابق.
ولا يبعد حصول العلم بالوجود الحاصل مع الجهل بالعدم السابق، بخلاف القديم، فإنه لا معنى له إلا نفس وجوده، فظهر الفرق) .
ثم قال: وهذا وجه جدلي فيه مباحثات دقيقة) .