الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما كون الممكن بنفسه له ذات يعتقب عليها الوجود والعدم، وأنها مع ذلك قد تكون أزلية واجبة بغيرها.
كما يقوله ابن سينا وموافقوه فهذا باطل عند العقلاء قاطبة من الأولين والآخرين حتى عند ابن سينا مع تناقضه.
الاعتراض على ما سبق من وجوه
الوجه الأول
قوله إن قرن باعتبار ذاته شرط صار ممتنعاً أو واجباً وإن لم يقرن بها شرط بقي له من ذاته الأمر الثالث وهو الإمكان يقتضي إثبات ذات لهذا الممكن تكون تارة واجبة وتارة ممتنعة وهذا يقتضي أن الكل ممكن ذاتاً مغايرة لوجوده وأن تلك الذات يمكن اتصافها بالوجود تارة والعدم أخرى، وهذا باطل سواء أريد به قول من يجعل المعدوم شيئاً من المعتزلة ونحوهم، أو قول من يجعل الماهيات النوعية في الخارج مغايرة للوجود في الخارج كما يقوله من يقوله من المتفلسفة والكلام على فساد هذين مبسوط في غير هذا الموضع.
وهو لم يذكر هنا دليلاً على صحة ذلك ومجرد ما ذكره من التقسيم لا يدل على وجود الإقسام الثلاثة في الخارج فيبقى دليله غير مقدر المقدمات.
وهذا مما يسلكه أمثال هؤلاء يذكرون أقساماً مقدرة تقديراً ذهنياً ولا يقيمون الدليل على إمكان كل من الأقسام ولا وجوده وإنما يذكرون مجرد تقدير ذلك، ويبنون على ذلك التقدير بناء من قد أثبته في الخارج، وهو لم يثبتوه في الخارج كما ذكرنا نظائر ذلك في مواضع.
والمقصود هنا أن قول القائل: كل موجود إذا التفت إليه من حيث ذاته من غير التفات إلى غيره فإما واجب وإما ممكن إنما يصح إذا علم أن الموجود في الخارج له ذات يمكن أن لا يلتفت معها إلى غيرها، ليقال إن تلك الذات إما واجبة وإما أن يجب لها الوجود وإما أن لا يجب.
وأما إذا كان لا شيء في الخارج إلا الموجود: إما بنفسه وإما بغيره، فالموجود بغيره إذا التفت إليه من غير التفات إلى غيره فلا ذات له يمكن الالتفات إليها حتى يقال: إنها ممكنة قابلة للوجود والعدم، بل هذا الذي قدر انه موجود بغيره إذا لم يلتفت إلى غيره فلا حقيقة له أصلاً: لا وجود ولا غيره، ولا هناك ما يكون ممكن الوجود أصلاً.
فهذا التفسير لا يصح الاستدلال به إلا بعد إثبات ذات محققة في الخارج، مغايرة لما هو في الخارج من الوجود، ولما لم يثبت هذا القسم كان الاستدلال باطلاً.