المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الفاعل استغنى بصفاته عن الفاعل وتسمية أهل المنطق لبعضها ذاتياً - درء تعارض العقل والنقل - جـ ٣

[ابن تيمية]

فهرس الكتاب

- ‌حدوث العالم والأجسام

- ‌معارضة الأرموي

- ‌تعليق ابن تيمية

- ‌البرهان الثالث للرازي

- ‌معارضة الأرموي له

- ‌تعليق ابن تيمية

- ‌البرهان الرابع

- ‌تعليق ابن تيمية

- ‌البرهان الخامس

- ‌معارضة الأرموي

- ‌تعليق ابن تيمية

- ‌طريقة الآمدي في الاستدلال على حدوث العالم

- ‌مسلك الآمدي على إثبات حدوث الأجسام

- ‌تعليق ابن تيمية

- ‌إيراد أحد المتكلمين الدليل على وجه آخر

- ‌حول إبطال القول بعدم النهاية

- ‌تعليق ابن تيمية

- ‌الثاني

- ‌تعليق ابن تيمية

- ‌الثالث

- ‌تعليق ابن تيمية

- ‌الرابع

- ‌تعليق ابن تيمية

- ‌كلام آخر للآمدي

- ‌تعليق ابن تيمية

- ‌قول آخر عن الآمدي

- ‌تعليق ابن تيمية

- ‌تعليق ابن تيمية

- ‌الأقوال في مقارنة المعلول لعلته الثانية

- ‌إثبات الرازي للصانع

- ‌تعليق ابن تيمية

- ‌الثاني

- ‌تعليق ابن تيمية

- ‌الثالث

- ‌تعليق ابن تيمية

- ‌الرابع

- ‌تعليق ابن تيمية

- ‌الخامس

- ‌تعليق ابن تيمية

- ‌بسم الله الرحمن الرحيم: فصل

- ‌كلام الآمدي في الأبكار في أثبات واجب الوجود

- ‌تعليق ابن تيمية

- ‌إبطال التسلسل

- ‌الوجه الثاني

- ‌الوجه الثالث

- ‌الوجه الرابع

- ‌فصل

- ‌كلام الرازي في إثبات وجود الله

- ‌تعليق ابن تيمية

- ‌كلام الجويني في الإرشاد

- ‌كلام أبي القاسم الأنصاري

- ‌تعليق ابن تيمية

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌كلام الشهر ستأتي في نهاية الإقدام

- ‌تعليق ابن تيمية

- ‌موافقة الرازي لابن سينا وإنكار ابن رشد على ابن سينا

- ‌وجماع ذلك أن الدور نوعان، والتسلسل نوعان

- ‌سؤال للآمدي وأجوبة عنه

- ‌الثاني

- ‌الثالث

- ‌الرابع

- ‌الخامس

- ‌فصل

- ‌موقف الرازي من طريقة ابن سينا

- ‌كلام ابن سينا في إثبات وجود الله تعالى

- ‌تعليق على كلام ابن سينا

- ‌كلام الآمدي في دقائق الحقائق

- ‌تعليق ابن تيمية على كلام الآمدي

- ‌المجموع مغاير لكل واحد من الآحاد

- ‌كلام ابن سينا

- ‌كلام السهروردي

- ‌الرد على ذلك من وجوه

- ‌الرد على ذلك من وجوه

- ‌الوجه الثالث

- ‌كلام الآمدي في خطبة أبكار الأفكار

- ‌الرد على الآمدي

- ‌وجوه الرد على الآمدي

- ‌الثاني

- ‌الثالث

- ‌الرباع

- ‌الخامس

- ‌فصل: اعتراض الأبهري على حجة قطع التسلسل في العلل

- ‌الرد على الأبهري من وجوه

- ‌الوجه الثالث

- ‌الوجه الرابع

- ‌الوجه الخامس

- ‌اعتراض الأبهري فاسد من وجوه

- ‌الوجه الثاني

- ‌الوجه الثالث

- ‌الوجه الرابع

- ‌الوجه الخامس

- ‌الوجه السادس

- ‌يمكن إيراد الجواب على وجوه

- ‌الوجه الثاني

- ‌الوجه الثالث

- ‌الرد على باقي الاعتراض

- ‌الوجه الأول

- ‌الوجه الثاني

- ‌الوجه الثالث

- ‌فصل غلط المبتدعة في الله سبحانه على طرفي نقيض

- ‌الوجه الثالث

- ‌الوجه الرابع

- ‌الدليل الثالث على إبطال التسلسل

- ‌اعتراض الأبهري عليه

- ‌الجواب عن هذا الاعتراض من وجوه

- ‌الوجه الأول

- ‌الوجه الثاني

- ‌الوجه الثالث

- ‌الوجه الرابع

- ‌جهل المبتدعته وحيرتهم

- ‌الطرق المختلفة لإثبات الخالق تعالى

- ‌الطريقة الصحيحة الموافقة للفطرة في إثبات وجود الله تعالى

- ‌طريقة ابن سينا وأتباعه في إثبات وجود الله تعالى

- ‌بطلان قول الفلاسفة حول كمال النفس

- ‌بطلان هذا القول من وجوه والرد عليهم في ذلك

- ‌الوجه الثاني

- ‌الوجه الثالث

- ‌تقرير الآمدي لطريقة المتأخرين في إثبات واجب الوجود

- ‌تعليق ابن تيمية

- ‌فصل

- ‌الرد على قولهم

- ‌الوجه الثاني

- ‌الطريقة النبوية إيمانية وبرهانية

- ‌بيان ذلك من وجوه: الوجه الأول

- ‌الوجه الثاني

- ‌الوجه الثالث

- ‌فصل

- ‌كلام لابن تيمية في مبحث التصورات

- ‌حقيقة الحدود

- ‌فصل طرق معرفة الله كثيرة ومتنوعة

- ‌ طريقة ابن سينا

- ‌عودة إلى كلام ابن سينا

- ‌التعليق على كلام ابن سينا

- ‌الاعتراض على ما سبق من وجوه

- ‌الوجه الأول

- ‌الوجه الثاني

- ‌الوجه الثالث

- ‌الوجه الرابع

- ‌الوجه الخامس

- ‌الوجه السادس

- ‌الوجه السابع

- ‌الوجه الثامن

- ‌الوجه التاسع

- ‌الوجه العاشر

- ‌الوجه الحادي عشر

- ‌فصل تقرير الآمدي للمسلك الثاني

- ‌تعليق ابن تيمية على كلام الآمدي

- ‌شبهة للملاحدة

- ‌الجواب عنها من وجوه

- ‌والثاني

- ‌الثالث

- ‌الرابع

- ‌الخامس

- ‌كلام الشهر ستاني في نهاية الإقدام

- ‌تعليق ابن تيمية على كلام الشهرستاني

- ‌الوجه الأول

- ‌الوجه الثاني

- ‌الوجه الثالث

- ‌كلام الغزالي في تهافت الفلاسفة

- ‌تعليق ابن تيمية

- ‌الوجه الثاني

- ‌كلام الغزالي في مسألة صفات الله

- ‌تعليق ابن رشد على الغزالي

- ‌كلام آخر للغزالي في مسألة التركيب

- ‌تعليق ابن رشد على كلام الغزالي

- ‌تعليق ابن تيمية على كلام الغزالي وابن رشد

- ‌تعليق ابن تيمية

- ‌كلام لابن رشد باطل من وجوه

- ‌الوجه الثاني

- ‌الوجه الثالث

- ‌الوجه الرابع

- ‌الوجه الخامس

- ‌كلام ابن تومرت

- ‌ما ورد في كتاب الدليل والعلم

- ‌تعليق ابن تيمية

- ‌كلام الآمدي في تقرير هذا المسلك

- ‌ذكر الآمدي في حدوث الأجسام سبعة مسالك وزيف ستة منها

- ‌المسلك السابع الذي اعتمده

- ‌تعليق ابن تيمية

الفصل: الفاعل استغنى بصفاته عن الفاعل وتسمية أهل المنطق لبعضها ذاتياً

الفاعل استغنى بصفاته عن الفاعل وتسمية أهل المنطق لبعضها ذاتياً ولبعضها عرضياً لا يمنع اشتراكها في هذا الحكم.

وقول القائل لو قدر صفة زائدة على الثمان لكان صفة كمال أو نقص إنما يفيده نفي ما زاد على الثمان وهذا لا يضر المعارض بل يقوي معارضته فإن تخصيص الصفات بإثبات ثمان دون ما زاد ونقص تخصيص بقدر وعدد فغن كان كل مختص يفتقر إلى مخصص مباين للموصوف فالسؤال قائم فإن قال القائل هذه الصفات على هذا الوجه من لوازم الذات لا تفتقر إلى موجب غير الذات قيل له: فهكذا مورد النزاع وبطل ما ذكرته من أن اختصاص كل موصوف بصفات ومقدار يفتقر إلى مخصص منفصل عنه.

‌الوجه الثاني

أن ما ذكره من الكلام في أخص وصف هو أيضاً لازم لهم، كما أن ما ذكره في الصفات هو أيضاً لازم لهم، فإن هذا معارضة باختصاص الحقيقة في نفسها وذلك معارضة باختصاصها ببعض الصفات دون بعض وبعدد من الصفات دون ما زاد.

وسواء قيل بإثبات أخص وصف أو لم يقل فإنه لا بد من ذات متميزة بنفسها عما سواها.

‌الوجه الثالث

أن يقال: أهل الإثبات للصفات لهم فيما زاد على الثمانية ثلاثة أقوال معروفة: أحدها: إثبات صفات أخرى كالرضى والغضب والوجه واليدين والاستواء، وهذا قول ابن كلاب والحارث

ص: 380

المحاسبي وأبي العباس القلانسي والأشعري وقدماء أصحابه كأبي عبد الله بن مجاهد وأبي الحسن بن مهدي الطبري والقاضي أبي بكر بن الطيب وأمثالهم ن وهو قول أبي بكر بن فورك وقد حكي إجماع أصحابه على إثبات الصفات الخبرية كالوجه واليد وهو قول أبي القاسم القشيري وأبي بكر البيهقي، كما هو قول القاضي أبي يعلى وابن عقيل والشريف أبي علي وابن الزغوني وأبي الحسن التميمي وأهل بيته كابنه أبي الفضل ورزق الله وغيرهم، كما هو قول سائر المنتسبين إلى أهل السشنة والحديث وليس للأشعري نفسه فيإثبات صفة الوجه واليد والاستواء وتأويل نصوصها قولان، بل لم يختلف قوله أنه يثبتها ولا يقف فيها، بل يبطل تأويلات من ينفيها ولكن أبو المعالي وأتباعه ينفونها، ثم لهم في التأويل والتفويض قولان فأول قولي أبي المعالي التأويل كما ذكره في الإرشاد وآخرهما التفويض كما ذكره في الرسالة النظامية وذكر إجماع السلف على المنع من التأويل وأنه محرم.

ص: 381

وأما أبو الحسن وقدماء أصحابه فهم من المثبتين لها.

وقد عد القاضي أبو بكر في التمهيد والإبانة له الصفات القديمة خمس عشرة صفة ويسمون هذه الصفات الزائدة على الثمانية الصفات الخبرية وكذلك غيرهم من أهل العلم والسنة مثل محمد بن جرير الطبري وأمثاله وهو قول أهل السنة والحديث من السلف وأتباعهم وهو قول الكرامية والسالمية وغيرهم.

وهذا القول هو القول المعروف عند متكلمة الصفاتية لم يكن يظهر بينهم غيره حتى جاء من وافق المعتزلة على نفيها، وفارق طريقة هؤلاء وأصل هؤلاء أنهم يثبتون الصفات السمع والعقل بخلاف من اقتصر على الثمانية فإنه لم يثبت صفة إلا بالعقل.

وقد أثبت طائفة منهم بعضها بالعقل كما أثبت أبو أسحق الإسفراييني صفة اليد بالعقل وكما يثبت كثير من المحققبن صفة الحب والبغض والرضى والغضب بالعقل.

ص: 382

القول الثاني: قول من ينفي هذه الصفات كما ذكره الشهرستاني وغيره، وهو أضعف الأقوال، فإن عندته أنه لو كان لله صفة غير لوجب أن ينصب عليها دليلاً نعلمه ولم ينصب فلا صفة له وكلتا المقدمتين باطلة فإن دعوى المدعي أنه لا بد أن ينصب الله تعالى على كل صفة من صفاته دليلاً باطل، ودعواه أنه لم ينصب دليلاً إلا نعلمه هو أيضاً باطل كما قد بسط الكلام على هذا في غير هذا الموضع فإن هذه القاعدة إنما هي معدة لجمل المقاصد.

والثالث قول الوافقة الذين يجوزون إثبات صفات زائدة لكن يقولون لم يقم عندنا دليل على نفي ذلك ولا إثباته وهذه طريقة محققي من لم يثبت الصفات الخبرية وهذا أختيار الرازي والأمدي وغيرهما.

وأئمة أهل السنة والحديث من اصحاب الأئمة الأربعة وغيرهم يثبتون الصفات الخبرية لكن منهم من يقول لا نثبت إلا ما في القرآن والسنة المتواترة وما لم يقم دليل قاطع على إثباته نفيناه كما يقوله ابن عقيل وغيره أحياناً ومنهم من يقول بل نثبتها بأخبار الآحاد المتلقاة بالقبول ومنهم من يقول نثبتها بالأخبار الصحيحة مطلقاً ومنهم من يقول يعطى كل دليل حقه فما كان قاطعاً في الإثبات قطعنا بموجبه وما كان راجحاً لا قاطعاً قلنا بموجبه فلا

ص: 383

نقطع في النفي والإثبات إلا بدليل يوجب القطع وإذا قام دليل يرجح لأحد الجانبين بينا رجحان أحد الجانبين وهذا أصح الطرق.

وكثير من الناس قد يظن صحة أحاديث فإما أن يتأولها أو يقول هي مثل غيرها من الأخبار وتكون باطلة عند أئمة الحديث.

ومن الأخبار ما يكون ظاهرة يبين المراد به لا يحتاج إلى دليل يصرفه عن ظاهرة ولكن يظن قوم أنه مما يفتقر إلى تأويل كقوله الحجر السود يمين الله في الأرض فمن صافحه وقبله فكأنما صافح الله وقبل يمينه.

فهذا الخبر لو صح عن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن ظاهرة ان الحجر صفة لله بل صريح في أنه ليس صفة لله لقوله يمين الله في الأرض فقيده في الأرض ولقوله فمن صافحه فكأنما صافح الله والمشبه ليس هو المشبه به وإذا كان صريحاً في أنه ليس صفة لله لم يحتج إلى تأويل يخالف ظاهرة ونظائر هذا كثيرة مما يكون في الاية

ص: 384

والحديث ما يبين أنه لم يرد به المعنى الباطل فلا يحتاج نفي ذلك إلى دليل منفصل ولا تأويل يخرج اللفظ عن موجبه ومقتضاه.

وإذا كان كذلك فالمعارضة بالصفات ثابتة على كل قول من الأقوال الثلاثة إذ لا بد فيها من اختصاص فإن كان كل مختص يفتقر إلى مخصص مباين لزم افتقار صفات الله تعالى إلى مباين له.

ثم رأيت أبا الحسن الآمدي قد ذكر هذا الدليل الذي ذكره الشهرستاني وبين ضعفه في كتابه المسمى بغاية المرام في علم الكلام فقال في مسألة نفي العلو وتوابع ذلك وقد سلك بعض الأصحاب في الرد على هؤلاء طريقاً شاملاً فقال لو كان الباري مقدراً بقدر متصوراً بصورة متناهياً بحد ونهاية مختصاً بجهة متغيراً بصفة حادثة في ذاته لكان محدثاً إذ العقل الصريح يقضي بأن المقادير في تجويز العقل متساوية فما من مقدار وشكل يقدر في العقل إلا ويجوز أن يكون مخصوصاً بغيره فاختصاصه بما اختص به من مقدار أو شكل أو غيره يستدعي مخصصا ولو استدعى مخصصاً لكان الباري محدثاً.

قال الآمدي لكن هذا المسلك مما لا يقوى وذلك

ص: 385

انه سلم ما يفرض من المقادير والجهات وغيرها ممكنة في أنفسها وأن ما وقع منها لا بد له من مخصص لكن إنما يلزم أن يكون الباري حادثاً ان لو كان المخصص خارجاً عن ذاته ونفسه.

ولعل صاحب هذا القول لا يقول به، وعند ذلك فلا يلزم أن يكون الباري تعالى حادثاً ولا محوجا إلى غيره أصلاً فإن قيل: إن ما اقتضاه بذاته ليس هو أولى من غيره لتساوي الجميع بالنسبة إليه في جهة الاقتضاء فهو نحو الخلاف ولعل الخصم قد لا يسلم تساوي النسبة في جهة الاقتضاء إلا ان يقدر أنه لا اختلاف بين هذه الممكنات ولا محالة أن بيان ذلك متعذر جداً كيف وأنه يحتمل أن ينتهج الخصم في تخصيص هذه الصفات الثابتة للذات منهج أهل الحق في تخصيص سائر الممكنات وبه درء الإلزام.

ثم استدل على هذه المسألة بما هو أضعف من هذا وهو أن البناء على ذلك مستلزم لكونه جوهراً والجواهر متماثلة وقد عرف ما في هذين الأصلين من المنازعات اللفظية والمعنوية في غير هذا الموضع

ص: 386

والآمدي نفسه قد بين بطلان قول من جعل الجواهر متماثلة.

ومما ينبغي أن يعرف في مثل هذه المسائل المنازعات اللفظية فإن القائل إذا قال التخصيص يفتقر إلى مخصص والتقدير إلى مقدر كان بمنزلة من يقول: التحريك يفتقر إلى محرك وأمثال ذلك وهذا لا ريب فيه فإن التخصيص مصدر خصص يخصص تخصيصاً وكذلك التقدير والتكلم ونحو ذلك ومصدر الفعل المتعدي لا بد له من فاعل يتعدى فعله فإذا قدر مصدر متعد بلا فاعل يتعدي فعله كان متناقضاً بخلاف ما إذاقيل: الاختصاص يفتقر إلى مخصص والمقدار إلى مقدر ونحو ذلك فإن هذا ليس في الكلام ما يدل عليه لأن المذكور إما مصدر فعل لازم كالاختصاص ونحوه، أو اسم ليس بمصدر كالمقدار وكل من هذين ليس في الكلام ما يوجب افتقاره إلى فاعل يتعداه فعله.

فإذا قيل الموصوف الذي له صفة وقدر قد اختص بصفة وقدر فلا بد له من مخصص لم يكن في هذا الكلام ما يدل على افتقاره إلى مخصص مباين له يخصصه بذلك بخلاف ما إذا قيل إذا خص بصفة أو قدر فلا بد له من مخصص فإن هذا كلام صحيح.

والناطقون من أهل النظر وغيرهم إذا قصدوا المعاني فقد لا يراعون مثل هذا، بل يطلقون اسم المفعول على ما لم يعلم أن له فاعلاً فيقول أحدهم هذا مخصوص بهذه الصفة والقدر والمخصوص لا بد له من مخصص فإذا أخذ المخصوص على أنه اسم مفعول فمعلوم أنه

ص: 387

لا بد له من فاعل يتعدى فعله وإذا أخذ على أن المقصود اختصاصه بذلك الوصف مان هذا مما يفتقر إلى دليل وهذا مثل الموجود فإنه لا يقصد به أن غيره أوجده بل يقصد به المحقق الذي هو بحيث يوجد، فكثير من الأفعال التي بنيت للمعفول واسم المفعول التابع لها قد كثر ف يالاستعمال حتى بقي لا يقصد به قصد فعل حادث له فاعل أصلاً بل يقصد إثبات ذلك الوصف من حيث الجملة.

وكثير من ألفاظ النظار من هذا الباب كلفظ الموجود والمخصوص والمؤلف والمركب والمحقق فإذا قالوا: إن الرب تعالى المخصوص بخصائص لا يشركه فيها غيره أو هو موجود، لم يريدوا أن أحداً غيره خصه بتلك الخصائص ولا أن غيره جعله موجوداً.

وبسبب ذلك تجد جماعات غلطوا في هذا الموضع في مثل هذه المسألة إذا قيل الباري تعالى مخصوص بكذا وكذا او مختص بكذا وكذا قالوا فالمخصوص لا بد له ممن خصه بذلك والمخصص لا بد له من مخصص خصصه بذلك.

والناس قد يبحثون عن اختصاص الشيء بأمور قبل بحثهم هل هي من نفسه او من غيره ويعلمون ويقولون إنه مخصوص بذلك وقد خص بهذا واختص به ونحو ذلك.

ص: 388

ونظير ذلك ما ذكره أبو حامد في تهافت الفلاسفة لما رد عليهم مذهبهم ف ينفي الصفات وبين أنه لا دليل هم على نفيها وتكلم في ذلك بكلام حسن بين فيه ما احتجوابه من الألفاظ المجملة المبهمة كلفظ التركيب فإنهم جعلوا إثبات الصفات تركيباً وقالوا متى أثبتنا معنى يزيد على مطلق الوجود كان تركيباً وادخلوا في مسمى التركيب خمسة أنواع.

أحدها: أنه ليس له حقيقة إلا الوجود المطلق لئلا يكون مركباً من وجود وماهية.

والثاني: ليس له صفة لئلا يكون مركباً من ذات وصفات.

والثالث: ليس له وصف مختص ومشترك لئلا يكون مركباً مما به الاشتراك وما به الامتياز لتركب النوع من الجنس والفصل أو من الخاصة والعرض العام.

الرابع: أنه ليس فوق العالم لئلا يكون مركباً من الجواهر المفردة وكذلك لا يكون مركباً من المادة والصورة فلا يكون مركباً تركيباً حسياً كتركيب الجسم من الجواهر المنفردة ولا عقلياً كتركبه من المادة والصورة.

وهذان نوعان بهما يصير خمسة وهذه الطريقة هي طريقة

ص: 389