الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الكبار ومعه الفقهاء والكتاب فمن لحقته مظلمة استغاث بهم، والرابعة: ديوان البريد يجلس فيها أمير الإخباريين، والباب السادس من أبواب القصر يجلس عليه الجندارية وأميرهم الأعظم، والباب السابع يجلس عليه الفتيان، ولهم ثلاث سقائف: إحداها سقيفة الحبشان منهم، والثانية سقيفة الهنود والثالثة سقيفة الصّينيين، ولكل طائفة منهم أمير من الصينيين «91» .
ذكر خروج القان لقتال ابن عمه وقتله
ولما وصلنا حضرة خان بالق وجدنا القان غائبا عنها إذ ذاك وخرج للقاء ابن عمه فيروز «92» القائم عليه بناحية قراقرم وبش بالغ من بلاد الخطا «93» وبينها وبين الحضرة مسيرة ثلاثة أشهر عامرة.
وأخبرني صدر الجهان برهان الدين الصاغرجي أن القان لما جمع الجيوش وحشد الحشود، اجتمع عليه من الفرسان مائة فوج، كل فوج منها عشرة آلاف فارس، وأميرهم يسمى أمير طومان «94» وكان خواصّ السلطان وأهل دخلته خمسين ألفا زائدا إلى ذلك، وكانت الرّجالة خمسمائة الف، ولما خرج خالف عليه أكثر الأمراء واتفقوا على خلعه لأنه كان قد غيّر أحكام اليساق «95» ، وهي الأحكام التي وضعها تنكيز خان جدّهم الذي خرب بلاد الإسلام، فمضوا إلى ابن عمه القائم، وكتبوا إلى القان أن يخلع نفسه وتكون مدينة الخنسا إقطاعا له فأبى ذلك وقاتلهم فانهزم وقتل «96» .
وبعد أيام من وصولنا إلى حضرته ورد الخبر بذلك، فزيّنت المدينة وضربت الطبول والابواق والأنفار وأستعمل اللعب والطرب مدة شهر ثم جيىء بالقان المقتول وبنحو مائة من
المقتولين بني عمه وأقاربه وخواصه فحفر للقان ناووس «97» عظيم، وهو بيت تحت الأرض، وفرش بأحسن الفرش، وجعل فيه القان بسلاحه وجعل معه ما كان في داره من أواني الذهب، والفضة وجعل معه أربع من الجواري، وستة من خواص المماليك، ومعهم أواني شراب، وبنى باب البيت وجعل فوقه التّراب حتى صار كالتّل العظيم، ثم جاءوا بأربعة أفراس فأجاروها عند قبره حتى وقفت ونصبوا خشبا على القبر وعلقوها عليه بعد أن دخّلوا في دبر كلّ فرس خشبة حتى خرجت من فمه، وجعل أقارب القان المذكورين في نواويس ومعهم سلاحهم وأواني دورهم وصلّبوا على قبور كبارهم، وكانوا عشرة، ثلاثة من الخيل على كل قبر، وعلى قبور الباقين فرسا «98» فرسا.
وكان هذا اليوم يوما مشهودا لم يتخلف عنه أحد من الرّجال ولا النساء المسلمين والكفار، وقد لبسوا أجمعين ثياب العزاء وهي الطيالسة البيض للكفار والثياب البيض للمسلمين، وأقام خواتين القان وخواصه في الأخبية على قبره أربعين يوما، وبعضهم يزيد على ذلك إلى سنة، وصنعت هنالك سوق يباع فيها ما يحتاجون اليه من طعام وسواه.
وهذه الأفعال لا أذكر أمة تفعلها سواهم في هذا العصر فأما الكفار من الهنود وأهل الصين فيحرقون موتاهم، وسواهم من الأمم يدفنون الميت ولا يجعلون معه احدا، لكن أخبرني الثقات ببلاد السودان أن الكفار منهم اذا مات ملكهم صنعوا له ناووسا، وأدخلوا معه بعض خواصه وخدامه وثلاثين من أبناء كبارهم وبناتهم بعد أن يكسروا أيديهم وأرجلهم ويجعلون معهم أواني الشراب.
وأخبرني بعض كبار مسوّفة ممن يسكن بلاد كوبر مع «99» مع السودان واختصه سلطانهم، انه كان له ولد، فلما مات سلطانهم أرادوا أن يدخلوا ولده مع من أدخلوه من أولادهم قال: فقلت لهم كيف تفعلون ذلك وليس على دينكم ولا من ولدكم وفديته منه بمال عريض! ولما قتل القان كما ذكرناه واستولى ابن عمه فيروز على الملك اختار أن تكون حضرته مدينة قراقرم، وضبطها بفتح القاف الأولى والراء وضم الثانية وضم الراء الثانية،
صورة لطير خيالي يحمل الإنسان!