الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
معه فاحضر لذلك ويحضر الفقيه علي والفقيه اسماعيل فتوضع أربع كراسي صغار على الأرض فيقعد على أحدها ويقعد كل واحد منا على كرسي.
ذكر ترتيب طعامه
وترتيبه أن يوتي بمائدة نحاس يسمونها خونجة «89» ويجعل عليها طبق نحاس يسمونه الطّالم، بفتح الطاء المهمل وفتح اللام، وتاتي جارية حسنة ملتحفة بثوب حرير فتقدّم قدور الطعام بين يديه، ومعها مغرفة نحاس كبيرة فتغرف بها من الأرز مغرفة واحدة وتجعلها في الطّالم وتصب فوقها السمن، وتجعل مع ذلك عناقيد الفلفل المملوح والزّنجبيل الأخضر والليمون المملوح والعنبا، فيأكل الانسان لقمة ويتبعها بشيء من تلك الموالح، فإذا تمت الغرفة التي جعلتها في الطالم غرفت غرفة أخرى من الأرز وأفرغت دجاجة مطبوخة في سكرجة فيوكل بها الأرز أيضا فإذا تمت المغرفة الثانية غرفت وأفرغت لونا آخر من الدجاج توكل به، فإذا تمت ألوان الدجاج أتوا بألوان من السّمك فيأكلون بها الأرز أيضا، فإذا فرغت ألوان السمك أتوا بالخضر مطبوخة بالسمن والألبان فيأكلون بها الأرز، فإذا فرغ ذلك كلّه أتوا بالكوشان وهو اللبن الرائب وبه يختمون إطعامهم فإذا وضع علم أنه لم يبق شيء يوكل بعده، ثم يشربون على ذلك الماء السخن لأن الماء البارد يضرّ بهم في فصل نزول المطر.
ولقد أقمت عند هذا السلطان في كرة أخرى أحد عشر شهرا لم آكل خبزا، إنما طعامهم الأرز وبقيت أيضا بجزائر المهل وسيلان وبلاد المعبر والمليبار «90» ثلاث سنين لا آكل فيها إلا الأرز حتى كنت لا استسغيه إلا بالماء.
ولباس هذا السلطان ملاحف الحرير والكتان الرقاق يشدّ في وسطه فوطة، ويلتحف ملحفتين إحداهما فوق الأخرى ويعقد شعره ويلف عليه عمامة صغيرة، وإذا ركب لبس قباد والتحف بملحفتين فوقه، وتضرب بين يديه طبول وأبواق يحملها الرجال.
وكانت إقامتنا عنده في هذه المرة ثلاثة أيام وزوّدنا وسافرنا عنه، وبعد ثلاثة أيام وصلنا إلى بلاد المليبار بضم الميم وفتح اللام وسكون الياء آخر الحروف وفتح الباء الموحدة
وألف وراء، وهي بلاد الفلفل، وطولها مسيرة شهرين على ساحل البحر من سندابور إلى كولم، والطريق في جميعها بين ظلال الأشجار، وفي كل نصف ميل بيت من الخشب فيه دكاكين يقعد عليها كلّ وارد وصادر، من مسلم أو كافر وعند كل بيت منها بئر يشرب منها، ورجل كافر موكل بها، فمن كان كافرا يسقاه في الأواني ومن كان مسلما يسقاه في يديه ولا يزال يصب له حتى يشير له أو يكف، وعادة الكفار ببلاد المليبار أن لا يدخل المسلم دورهم ولا يطعم في آنيتهم، فإن طعم فيها كسّروها أو أعطوها للمسلمين، وإذا دخل المسلم موضعا منها لا يكون فيه دار للمسلمين، طبخوا له الطعام وصبّوه له على أوراق الموز وصبّوا عليه الإدام، وما فضل عنه يأكله الكلاب والطير.
وفي جميع المنازل بهذا الطريق ديار المسلمين ينزل عندهم المسلمون فيبيعون منهم جميع ما يحتاجون إليه، ويطبخون لهم الطعام، ولولاهم لما سافر فيه مسلم، وهذا الطريق الذي ذكرنا أنّه مسيرة شهرين ليس فيه موضع شبر فما فوق دون عمارة، وكلّ إنسان له بستانه على حدة وداره في وسطه وعلى الجميع حائط خشب، والطريق يمر في البساتين فإذا انتهى إلى حائط بستان كان هناك درج خشب يصعد عليها ودرج آخر ينزل عليها ودرج آخر ينزل عليها إلى البستان الآخر، هكذا مسيرة الشهرين! ولا يسافر أحد في تلك البلاد بدابّة ولا تكون الخيل إلا عند السلطان، وأكثر ركوب أهلها في دولة على رقاب العبيد أو المستأجرين، ومن لم يركب في دولة مشى على قدميه كائنا من كان، ومن كان له رحل أو متاع من تجارة وسواها اكترى رجالا يحملونه على ظهورهم فترى هنالك التاجر ومعه المائة فما دونها أو فوقها يحملون أمتعتهم، وبيد كلّ واحد منهم عود غليظ له زجّ حديد، وفي أعلاه مخطاف حديد، فإذا أعيا ولم يجد دكّانة يستريح عليها ركز عوده بالأرض وعلّق حمله منه، فإذا استراح أخذ حمله من غير معين ومضى به.
ولم أر طريقا آمن من هذا الطريق، وهم يقتلون السارق على الجوزة الواحدة، فإذا سقط شيء من الثمار لم يلتقطه أحد حتى ياخذه صاحبه! وأخبرت أن بعض الهنود مرّوا على الطريق فالتقط أحدهم جوزة، وبلغ خبره إلى الحاكم فأمر بعود فركز في الأرض وبري طرفه الأعلى وأدخل في لوح خشب حتى برز منه، ومدّ الرجل على اللوح وركز في العود وهو على بطنه حتى خرج من ظهره وترك عبرة للناظرين! ومن هذه العيدان على هذه الصورة بتلك الطرق كثير ليراها الناس فيتعظوا، ولقد كنا نلقى الكفار بالليل في هذه الطريق فإذا رأونا تنحوا عن الطريق حتى نجوز، والمسلمون أعزّ الناس بها غير أنهم كما ذكرناه لا يؤاكلونهم ولا يدخلونهم دورهم.
كيف يحمل الناس على الدّولة