الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
موضع فسيح، عندها عين ماء تنسب اليه، ملأى بالحوت ولا يصطاده أحد، وبالقرب منها حوضان منحوتان في الحجارة عن جنبتي الطريق، وبمغارة الخضر يترك الزوار ما عندهم ويصعدون منها ميلين إلى أعلى الجبل حيث القدم.
ذكر القدم
وأثر القدم الكريمة قدم أبينا أدم صلى الله عليه وسلم في صخرة سوداء مرتفعة بموضع فسيح وقد غاصت القدم الكريمة في الصخرة حتى عاد موضعها منخفضا، وطولها أحد عشر شبرا، وأتى إليها أهل الصين قديما فقطعوا من الصخرة موضع الإبهام وما يليه «264» وجعلوه في كنيسة بمدينة الزيتون يقصدونها من أقصى البلاد.
وفي الصخرة حيث القدم، تسع حفر منحوتة يجعل الزوار من الكفار فيها الذهب واليواقيت والجواهر، فترى الفقراء إذا وصلوا مغارة الخضر يتسابقون منها لأخذ ما بالحفر! ولم نجد بها إلا يسير حجيرات وذهب أعطيناها الدليل.
والعادة أن يقيم الزوار بمغارة الخضر ثلاثة أيام ياتون فيها إلى القدم غدوة وعشيا، وكذلك فعلنا.
ولما تمت الايام الثلاثة عدنا على طريق ماما، فنزلنا بمغارة شيم، وهو شيت بن أدم عليهما السلام، ثم إلى خور السمك، ثم إلى قرية كرملة، بضم لكاف وسكون الراء وضم الميم، ثم إلى قرية جبركاوان، بفتح الجيم والباء الموحدة وسكون الراء وفتح الكاف والواو وآخره نون ثم إلى قرية دل دينوه، بدالين مهملين مكسورين بينهما لام مسكن وياء مد ونون مفتوح وواو مفتوح وتاء تأنيث، ثم إلى قرية أت قلنجة «265» ، بهمزة مفتوحة وتاء مثناة مسكنة وقاف ولام مفتوحين ونون مسكن وجيم مفتوح، وهنالك يشتي الشيخ أبو عبد الله بن خفيف.
المكان المقصود من سائر الديّانات
وكل هذه القرى والمنازل هي بالجبل وعند أصل الجبل في هذا الطريق درخت روان، ودرخت هي بفتح الدال المهمل والراء وسكون الخاء المعجم وتاء معلوة، وروان بفتح الراء والواو وألف ونون، وهي شجرة عادية لا يسقط لها ورق، ولم أر من رأى ورقها، ويعرفونها أيضا بالماشية «266» لان الناظر اليها من أعلى الجبل يراها بعيدة منه قريبة من أسفل الجبل، والناظر اليها من أسفل الجبل يراها بعكس ذلك! ورأيت هنالك جملة من الجوكيين ملازمين أسفل الجبل ينتظرون سقوط ورقها وهي بحيث لا يمكن التوصل اليها البتّة ولهم أكاذيب في شأنها من جملتها أن من أكل من أوراقها عاد له الشباب إن كان شيخا وذلك باطل! وتحت هذا الجبل الخور العظيم الذي يخرج منه الياقوت، وماؤه في رأى العين شديد الزرقة.
ورحلنا من هنالك يومين إلى مدينة دينور، وضبط اسمها بدال مهمل مكسور وياء مد ونون وواو مفتوحين وراء، مدينة عظيمة على البحر يسكنها التجار «267» ، وبها الصنم المعروف بدينور في كنيسة عظيمة فيها نحو الآلف من البراهمة والجوكية ونحو خمسمائة من النساء بنات الهنود، ويغنين كلّ ليلة عند الصنم ويرقصن، والمدينة ومجابيها وقف على الصنم وكل من بالكنيسة، ومن يرد عليها، ياكلون من ذلك، والصنم من ذهب على قدر الأدمي، وفي موضع العينين منه ياقوتتان عظيمتان أخبرت أنهما تضيئان بالليل كالقنديلين.
ثم رحلنا إلى مدينة قالي «268» ، بالقاف وكسر اللام، وهي صغيرة على ستة فراسخ من دينور، وبها رجل من المسلمين يعرف بالناخودة ابراهيم أضافنا بموضع، ورحلنا إلى مدينة كلنبو «269» وضبط اسمها بفتح الكاف واللام وسكون النون وضم الباء الموحدة وواو، وهي من أحسن بلاد سرنديب واكبرها، وبها يسكن الوزير حاكم البحر جالستي «270» ومعه نحو خمسمائة من الحبشة.
ثم رحلنا فوصلنا بعد ثلاثة أيام إلى بطالة، وقد تقدم ذكرها، ودخلنا إلى سلطانها الذي تقدم ذكره، ووجدت الناخودة ابراهيم في انتظاري، فسافرنا بقصد بلاد المعبر، وقويت الريح وكاد الماء يدخل في المراكب ولم يكن لنا رايس عارف.
ثم وصلنا إلى حجارة كاد المركب ينكسر فيها، ثم دخلنا بحرا قصيرا فتجلّس المركب، ورأينا الموت عيانا، ورمى الناس بما معهم وتوادعوا وقطّعنا صاري المركب فرمينا به وصنع البحرية معدية من الخشب، وكان بيننا وبين البر فرسخان، فأردت أن أنزل في المعدية، وكان لي جاريتان وصاحبان من أصحابي فقالا: أتنزل وتتركنا؟ فآثرتهما على نفسي وقلت: انزلا انتما والجارية التي أحبها، فقالت الجارية: إني أحسن السباحة، فأتعلق بحبل من حبال المعدية وأعوم معهم، فنزل رفيقاي وأحدهما محمد بن فرحان التوزري، والآخر رجل مصري، والجارية معهم والأخرى تسبح، وربط البحرية في المعدية حبالا وسبحوا بها، وجعلت معهم ما عزّ علي من المتاع والجواهر والعنبر، فوصلوا إلى البر سالمين لأن الريح كانت تساعدهم.
وأقمت بالمركب ونزل صاحبه إلى البر على الدّفة وشرع البحرية في عمل أربع من المعادي فجاء الليل قبل تمامها ودخل معنا الماء فصعدت إلى المؤخر وأقمت به حتى الصباح، وحينئذ جاء إلينا نفر من الكفار في قارب لهم، ونزلنا معهم إلى ساحل ببلاد المعبر، فأعلمناهم أنّا من أصحاب سلطانهم وهم تحت ذمته، فكتبوا اليه بذلك، وهو على مسيرة يومين في الغزو، وكتبت أنا إليه أعلمه بما اتفق علي، وأدخلنا أولئك الكفار إلى غيضة فأتونا بفاكهة تشبه البطيخ يثمرها شجر المقل «271» ، وفي داخلها شبه قطن فيه عسيلة يستخرجونها ويصنعون منها حلواء يسمونها التّل «272» وهي تشبه السكر وأتوا بسمك طيب.
وأقمنا ثلاثة أيام ثم وصل من جهة السلطان أمير يعرف بقمر الدين معه جماعة فرسان ورجال وجاءوا بالدولة وبعشرة أفراس فركبت وركب أصحابي وصاحب المركب وإحدى الجاريتين، وحملت الأخرى في الدولة، ووصلنا إلى حصن هركاتو «273» ، وضبط اسمه بفتح الهاء وسكون الراء وفتح الكاف وألف وتاء معلوة مضمومة وواو.