الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صلى الله عليه وسلم «77» ، ثم ركب في مركب إلى سفاقس، ثم توجهت في البحر الى بليانة، «78» ومنها سرت في البر مع العرب، فوصلت بعد مشقّات إلى مدينة تونس والعرب محاصرون لها.
ذكر سلطانها
وكانت تونس في إيالة مولانا أمير المسلمين وناصر الدين، المجاهد في سبيل رب العالمين، علم الأعلام وأوحد الملوك الكرام، أسد الآساد، وجواد الأجواد القانت الأواب، الخاشع العادل أبي الحسن «79» بن مولانا أمير المسلمين المجاهد في سبيل رب العالمين ناصر دين الاسلام الذي سارت الأمثال بجوده، وشاع في الأقطار أثر كرمه وفضله، ذي المناقب والمفاخر والفضائل والمآثر الملك العادل الفاضل ابي سعيد بن مولانا أمير المسلمين وناصر الدين، المجاهد في سبيل رب العالمين، علم الأعلام وأوحد الملوك الكرام، أسد الآساد، وجواد القانت الأواب، الخاشع العادل أبي الحسن بن مولانا أمير المسلمين المجاهد في سبيل رب العالمين ناصر دين الاسلام الذي سارت الأمثال بجوده، وشاع في الأقطار أثر كرمه وفضله، ذي المناقب والمفاخر والفضائل والمآثر الملك العادل الفاضل أبي سعيد بن مولانا أمير المسلمين وناصر الدين المجاهد في سبيل رب العالمين قاهر الكفار ومبيدها ومبدي آثار الجهاد ومعيدها ناصر الايمان الشديد السطوة في ذات الرحمن العابد الزاهد الراكع الساجد الخاشع أبي يوسف بن عبد الحق رضي الله عنهم أجمعين وابقى الملك في عقبهم إلى يوم الدين.
ولما وصلت تونس قصدت الحاج أبا الحسن الناميسى «80» لما بيني وبينه من مواتّ القرابة والبلدية، فأنزلني بداره وتوجه معي إلى المشور فدخلت المشور الكريم وقبّلت يد مولانا أبي الحسن رضي الله عنه، وأمرني بالقعود فقعدت، وسألني عن الحجاز الشريف وسلطان مصر فأجبته وسألني عن ابن تيفراجين «81» فأخبرته بما فعلت المغاربة معه، وإرادتهم قتله بالاسكندرية وما لقى من إذايتهم انتصارا منهم مولانا أبي الحسن رضي الله عنه.
وكان في مجلسه من الفقهاء الإمام أبو عبد الله السّطي «82» ، والامام ابو عبد الله محمد ابن الصبّاغ «83» ومن أهل تونس قاضيها أبو علي عمر بن عبد الرفيع «84» وأبو عبد
عملة السلطان أبي الحسن المريني الذي كان يقيم آنذاك في تونس
الله بن هارون «85» ، وانصرفت عن المجلس الكريم، فلما كان بعد العصر استدعاني مولانا أبو الحسن وهو ببرج يشرف على موضع القتال ومعه الشيوخ الجلة أبو عمر عثمان بن عبد الواحد التّنالفتي «86» وأبو حسون زيان بن امديون العلوي «87» ، وأبو زكرياء يحيى بن سليمان العسكري «88» والحاج أبو الحسن الناميسي، فسألني عن ملك الهند؟ فأجبته عما سأل، ولم أزل اتردد إلى مجلسه الكريم أيام إقامتي بتونس وكانت ستة وثلاثين يوما.
ولقيت بتونس إذا ذاك الشيخ الامام خاتمة العلماء أبا عبد الله الآبلي «89» وكان في فراش المرض وباحثني عن كثير من أمور رحلتي.
ثم سافرت من تونس في البحر مع القطلانيين فوصلنا إلى جزيرة سردانية «90» من جزائر الروم، ولها مرسى عجيب، عليه خشب كبار دائرة به، وله مدخل كأنه باب لا يفتح إلا بإذن منهم وفيها حصون دخلنا أحدها وبه أسواق كثيرة، ونذرت لله تعالى إن خلّصنا الله منها صوم شهرين متتابعين لأننا تعرفنا أنّ أهلها عازمون على إتباعنا اذا خرجنا عنها ليأسرونا «91» ! ثمّ خرجنا عنها، بعد عشر إلى مدينة تنس «92» ، ثم إلى مازونة «93» ، ثم إلى «94» مستغانم، ثم إلى تلمسان فقصدت العباد «95» وزرت الشيخ أبا مدين رضي الله عنه ونفع «96» به، ثم خرجت عنها على طريق ندرومة «97» ، وسلكت طريق أخندقان «98» وبت بزاوية الشيخ إبراهيم.
صور من مدينة كالياري- سردينية
ثم سافرنا منها فبينما نحن بقرب أزغنغان «99» خرج علينا خمسون راجلا وفارسان، وكان معي الحاج بن قريعات الطنجي وأخوه محمد المستشهد بعد ذلك في البحر «100» ، فعزمنا على قتالهم ورفعنا علما ثمّ سالمونا وسالمناهم، والحمد لله.
ووصلت إلى مدينة تازى «101» وبها تعرفت خبر موت والدتي بالوباء رحمها الله تعالى.
ثم سافرت عن تازى فوصلت يوم الجمعة في أواخر شهر شعبان المكرم من عام خمسين وسبعمائة إلى حضرة فاس فمثلت بين يدي مولانا الاعظم الامام الاكرم أمير المومنين المتوكل على رب العالمين أبي عنان «102» وصل الله علوّه وكبت عدوه، فأنستني هيبته هيبة سلطان العراق، وحسنه حسن ملك الهند، وحسن اخلاقه حسن خلق ملك اليمن، وشجاعته شجاعة ملك التّرك، وحلمه حلم ملك الروم، وديانته ديانة ملك تركستان، وعلمه علم ملك الجاوة.
وكان بين يديه وزيره الفاضل ذو المكارم الشهيرة والمآثر أبو زيان ابن ودرار «103» ، فسألني عن الديار المصرية، إذ كان قد وصل اليها، فأجبته عما سأل، وغمرني من إحسان مولانا أيده الله تعالى ما أعجزني شكره، والله وليّ مكافأته.
أنا الثريا التي تازا بيّ افتخرت
…
على البلاد فما مثلى الزمان يرا
في عام أربعة تسعون تتبعها
…
من بعد ستّ من المئين قد سطرا
اسألوا التّاريخ عن أيامها
…
كم عظيم شاد من بنياتها
وغدا يرجو رضاها راكعا
…
يرتجي الحكمة من أعلامها!
من شعر د. التازي في جامعة القرويين بمناسبة عيدها المائة بعد الألف
وألقيت عصى التّسيار ببلاده الشريفة بعد أن تحققت بفضل الإنصاف أنها أحسن البلدان لان الفواكه بها متيسرة والمياه والاقوات غير متعذّرة، وقل إقليم يجمع ذلك كله، ولقد أحسن من قال:
الغرب أحسن أرض
…
ولي دليل عليه
البدر يرقب منه
…
والشمس تسعى إليه!
ودراهم الغرب صغيرة، وفوائدها كثيرة، وإذا تأملت أسعاره مع أسعار ديار مصر والشام ظهر لك الحقّ في ذلك، ولاح فضل بلاد المغرب، فأقول: إن لحوم الاغنام بديار مصر تباع بحساب ثمان عشرة أوقية بدرهم «104» نقرة، والدرهم النقرة ستة دراهم من دراهم المغرب، وبالمغرب يباع اللّحم إذا غلا سعره ثمان عشرة أوقية بدرهمين، وهما ثلث النقرة، وأما السّمن فلا يوجد بمصر في أكثر الأوقات والذي يستعمله أهل مصر من أنواع الإدام لا يلتفت إليه بالمغرب «105» ، ولأن أكثر ذلك العدس والحمص يطبخونه في قدور راسيات، ويجعلون عليه السّيرج والبسلّا «106» ، وهو صنف من الجلبان يطبخونه ويجعلون عليه الزيت، والقرع يطبخونه ويخلطونه باللبن، والبقلة الحمقاء يطبخونها كذلك، وأعين أغصان اللوز يطبخونها ويجعلون عليها اللّبن، والقلقاس «107» يطبخونه، وهذا كله متيسّر بالمغرب لكن أغنى الله عنه بكثرة اللحم والسمن والزبد والعسل وسوى ذلك، وأما الخضر فهي أقلّ الأشياء ببلاد مصر، وأما الفواكه فأكثرها مجلوبة من الشام، وأما العنب فإذا كان رخيصا بيع عندهم بثلاثة أرطال من أرطالهم بدرهم نقرة، ورطلهم اثنتا عشر أوقية.
وأما بلاد الشام فالفواكه بها كثيرة إلا أنها ببلاد المغرب أرخص منها ثمنا فإن العنب يباع بها بحساب رطل من أرطالهم بدرهم نقرة ورطلهم ثلاثة أرطال مغربية، وإذا رخص ثمنه بيع بحساب رطلين بدرهم نقرة، والإجاص يباع بحساب عشر أواقي بدرهم نقرة، وأما الرمان والسفرجل فتباع الحبة منه بثمانية فلوس وهي درهم من دراهم المغرب وأما الخضر فيباع بالدرهم النقرة منها أقل مما يباع في بلادنا بالدرهم الصغير، وأما اللحم فيباع فيها