الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر سبب بعث الهدية للصين وذكر من بعث معي وذكر الهدية
.
وكان ملك الصين قد بعث إلى السلطان مائة مملوك وجارية وخمسمائة ثوب من الكمخا منها مائة من التي تصنع بمدينة الزّيتون، ومائة من التي تصنع بمدينة الخنسا، وخمسة أمنان من المسك، وخمسة أثواب مرصعة بالجوهر، وخمسة من التراكش مزركشة، وخمسة سيوف، وطلب من السلطان أن يأذن له في بناء بيت الأصنام الذي بناحية جبل قراجيل «1» المتقدم ذكره، ويعرف الموضع الذي هو به بسمهل، بفتح السين المهمل وسكون الميم وفتح الهاء، وإليه يحج أهل الصين، وتغلّب عليه جيش الإسلام بالهند فخرّبوه وسلبوه.
فلما «2» وصلت هذه الهدية إلى السلطان كتب إليه بأن هذا المطلب لا يجوز في ملّة الإسلام إسعافه، ولا يباح بناء كنيسة بأرض المسلمين إلّا لمن يعطي الجزية، فإن رضيت بإعطائها أبحنا لك بناءه، والسلام على من اتبع الهدى. وكافأه «3» عن هديته بخير منها، وذلك مائة فرس من الجياد مسرجة ملجمة، ومائة مملوك ومائة جارية، من كفار الهند مغنّيات ورواقص، ومائة ثوب بيرميّة، وهي من القطن ولا نظير لها في الحسن، قيمة الثوب منها مائة دينار «4» ، ومائة شقة من ثياب الحرير المعروفة بالجزّ «5» ، بضم الجيم وزاي، وهي التي يكون حرير إحداها مصبوغا بخمسة ألوان وأربعة، ومائة ثوب من الثياب المعروفة بالصّلاحية، ومائة ثوب
احتفال بأمير مغولي في البلاط- تصوير جداري رسم يمثل الاحتفال بأحد السفراء- تصوير جداري بقاعة الأعمدة الأربعين
من الشّيرين باف «6» ، ومائة ثوب من الشان باف «7» ، وخمسمائة ثوب من المرعز، مائة منها سود، ومائة بيض، ومائة حمر، ومائة خضر، ومائة زرق، ومائة شقّة من الكتان الرّومي، ومائة فضلة من الملف، وسرّاجة «8» وستّ من القباب، وأربع حسك من ذهب، وست حسك من فضة منيّلة، وأربعة طسوت من الذّهب ذات أباريق كمثلها، وستة طسوت من الفضة، وعشر خلع من ثياب السلطان مزركشة، وعشر شواش من لباسه، إحداها مرصعة بالجوهر وعشرة تراكش مزركشة، وأحدها مرصّع بالجوهر، وعشرة من السيوف، أحدها مرصع الغمد بالجوهر، ودشت بان «9» وهو قفّاز مرصع بالجوهر، وخمسة عشر من الفتيان.
وعيّن السلطان للسّفر معي بهذه الهدية الأمير ظهير الدين الزّنجاني «10» ، وهو من فضلاء أهل العلم، والفتى كافور الشّربدار، وإليه سلمت الهدية، وبعث معنا الأمير محمد الهروي «11» في ألف فارس ليوصلنا إلى الموضع الذي نركب منه البحر، وتوجه صحبتنا أرسال ملك الصين، وهم خمسة عشر رجلا يسمى كبيرهم ترسي وخدامهم نحو مائة رجل وانفصلنا في جمع كبير ومحلة عظيمة، وأمر لنا السلطان بالضيافة مدة سفرنا ببلاده.
وكان سفرنا في السابع عشر لشهر صفر سنة ثلاث وأربعين «12» وهو اليوم الذي اختاروه للسفر لأنهم يختارون للسفر من أيام الشهر ثانيه أو سابعه أو الثاني عشر أو السابع عشر أو الثاني والعشرين أو السابع والعشرين! فكان نزولنا في أول مرحلة بمنزل تلبت «13» ، على مسافة فرسخين وثلث من حضرة دهلي، ورحلنا منه إلى منزل أو، ورحلنا منه
إلى منزل هيلو «14» ، ورحلنا منه إلى مدينة بيانة «15» ، وضبط اسمها بفتح الباء الموحدة وفتح الياء آخر الحروف مع تخفيفها وفتح النون، مدينة كبيرة حسنة البناء مليحة الأسواق.
ومسجدها الجامع من أبدع المساجد وحيطانه وسقفه حجارة، والأمير بها مظفر ابن الداية، وأمه هي داية السلطان، وكان بها قبله الملك مجير بن أبي الرجاء أحد كبار الملوك، وقد تقدم ذكره «16» ، وهو ينتسب في قريش وفيه تجبّر، وله ظلم كثير قتل من اهل هذه المدينة جملة، ومثّل بكثير منهم، ولقد رأيت من أهلها رجلا حسن الهيئة قاعدا في أسطوان منزله وهو مقطوع اليدين والرجلين.
وقدم السلطان مرة على هذه المدينة فتشكى الناس من الملك مجير المذكور فأمر السلطان بالقبض عليه وجعلت في عنقه الجامعة، وكان يقعد بالدّيوان بين يدي الوزير، وأهل البلد يكتبون عليه المظالم، فأمره السلطان بإرضائهم فأرضاهم بالأموال ثم قتله بعد ذلك.
ومن كبار أهل هذه المدينة الامام العالم عزّ الدين الزبيري من ذرية الزبير بن العوام رضي الله عنه، أحد كبار الفقهاء الصلحاء، لقيته بكاليور عند الملك عز الدين البنتاني «17» المعروف بأعظم ملك.
ثم رحلنا من بيانة فوصلنا إلى مدينة «18» كول، وضبط اسمها بضم الكاف، مدينة حسنة ذات بساتين وأكثر أشجارها العنبا، ونزلنا بخارجها في بسيط أفيح، ولقينا بها الشيخ الصالح العابد شمس الدين المعروف بابن تاج العارفين، وهو مكفوف البصر معمّر، وبعد ذلك سجنه السلطان ومات في سجنه، وقد ذكرنا حديثه «19» .