الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثامن عشر الرحلة إلى بلاد السودان
نحو مدينة سجلماسة، وصف المدينة أصحاب التكشيف في مسوّفة وشياطين الصحراء! إلى تغازّى مدينة الملح الوصول إلى ايوالّاتن: أول عمالة السودان الحديث عن مركز المرأة في ايوالّاتن نحو مالّي حضرة بلاد السودان حديثه عن ملك مالي الذي أقام مجلس عزاء للسلطان أبي الحسن
…
حديث ابن بطوطة عن وادي النيجر الذي اعتقد أن له صلة بالنّيل! حديثه عن أكلة لحوم البشر!! حديثه عن حج السلطان منسي موسى
…
وصول البريد لابن بطوطة بالعودة إلى المغرب.
اجتماعه بالسلطان أبي عنان الذي أصدر أمره بانتساخ الرحلة
بلاد السودان
ثم سافرت من مراكش صحبة الرّكاب العليّ: ركاب مولانا أيده الله فوصلنا إلى مدينة سلا، ثم إلى مدينة مكناسة العجيبة الخضرة النّضرة ذات البساتين والجنّات المحيطة بها بحائر الزيتون من جميع نواحيها ثم وصلنا إلى حضرة فاس حرسها الله تعالى، فوادعت بها مولانا أيده الله.
وتوجهت برسم السفر إلى بلاد السودان «1» فوصلت إلى مدينة سجلماسة «2» ، وهي من أحسن المدن وبها التّمر الكثير الطيب، وتشبهها مدينة البصرة في كثرة التمر، لكن تمر سجلماسة أطيب، وصنف إيرار «3» منه لا نظير له في البلاد، ونزلت منها عند الفقيه أبي محمد البشري وهو الذي لقيت أخاه بمدينة قنجنفو من بلاد الصين «4» فيا شدّ ما تباعدا! فأكرمني غاية الاكرام واشتريت بها الجمال وعلّفتها أربعة أشهر.
ثم سافرت في غرة شهر الله المحرم سنة ثلاث وخمسين «5» في رفقة مقدّمها أبو محمد يندكان المسّوفي رحمه الله، وفيها جماعة من تجار سجلماسة وغيرهم، فوصلنا بعد خمسة وعشرين يوما إلى تغازّى «6» وضبط اسمها بفتح التاء المثناة والغين المعجم وألف وزاي مفتوح أيضا، وهي قرية لا خير فيها، ومن عجائبها أن بناء بيوتها ومسجدها من حجارة الملح! وسقفها من جلود الجمال! ولا شجر بها، إنما هي رمل فيه معدن الملح يحفر عليه في الأرض فيوجد منه ألواح ضخام متراكبة كأنها قد نحتت ووضعت تحت الأرض
سوق قريب من موقع سجلماسة القديمة وادي زيز شمال أطلال سجلماسة عن I.B.INBLACK AFRICA
يحمل الجمل منها لوحين «7» ، ولا يسكنها إلّا عبيد مسّوفة «8» الذين يحفرون على الملح، ويتعيّشون بما يجلب اليهم من تمر درعة «9» وسجلماسة، ومن لحوم الجمال، ومن أنلي «10» المجلوب من بلاد السّودان، ويصل السودان من بلادهم فيحملون منها الملح، ويباع الحمل منه بايوالّاتن «11» بعشرة مثاقيل إلى ثمانية «12» ، وبمدينة مالي بثلاثين مثقالا إلى عشرين وربّما انتهى إلى اربعين مثقالا.
وبالملح يتصارف السودان كما يتصارف بالذهب والفضة، يقطعونه قطعا ويتبايعون به. وقرية تغازّى على حقارتها يتعامل فيها بالقناطير المقنطرة من التّبر، وأقمنا بها عشرة أيام في جهد لان ماءها زعاق وهي أكثر المواضع ذبابا، ومنها يرفع الماء لدخول الصحراء التي بعدها «13» وهي مسيرة عشر لا ماء فيها إلّا في النادر، ووجدنا نحن بها ماء كثيرا في غدران أبقاها المطر، ولقد وجدنا في بعض الأيام غديرا بين تلّين من حجارة ماءه عذب فتروّينا منه وغسلنا ثيابنا.
والكمأة بتلك الصّحراء كثيرة، ويكثر القمل بها، حتى يجعل الناس في أعناقهم خيوطا فيها الزئبق فيقتلها «14» ! وكنا في تلك الأيام نتقدم أمام القافلة فإذا وجدنا مكانا، يصلح