الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وسافرنا منها فوصلنا بعد ثلاثة أيام إلى مدينة منجرور «99» ، وضبط اسمها بفتح الميم وسكون النون وفتح الجيم وضم الراء، وواو وراء ثانية، مدينة كبيرة على خور يسمى خور الذّنب، بضم الدال المهمل وسكون النون وباء موحدة، وهو أكبر خور (100) ببلاد المليبار وبهذه المدينة ينزل معظم تجار فارس واليمن، والفلفل والزنجبيل بها كثير جدا.
ذكر سلطانها
وهو من أكبر سلاطين تلك البلاد، واسمه رام دو «101» بفتح الراء والميم والدال المهمل وسكون الواو، وبها نحو اربعة آلاف من المسلمين يسكنون ربضا بناحية المدينة، وبما وقعت الحرب بينهم وبين أهل المدينة فيصلح السلطان بينهم لحاجته إلى التجار، وبها قاض من الفضلاء الكرماء شافعي المذهب يسمى بدر الدين المعبري وهو يقرئ العلم صعد الينا إلى المركب ورغب في النزول إلى بلده، فقلنا حتى يبعث السلطان ولده يقيم بالمركب، فقال: إنما فعل ذلك سلطان فاكنور لانه لا قوة للمسلمين في بلده، وأما نحن فالسلطان يخافنا فأبينا عليه إلا إن بعث السلطان ولده، فبعث ولده كما فعل الآخر، ونزلنا اليهم وأكرمونا إكراما عظيما وأقمنا عندهم ثلاثة أيام.
ثم سافرنا إلى مدينة هيلي «102» ، فوصلنا بعد يومين، وضبط اسمها بهاء مكسورة وياء مد ولام مكسورة، وهي كبيرة حسنة العمارة على خور عظيم تدخله المراكب الكبار، وإلى هذه المدينة تنتهي مراكب الصين ولا تدخل الّا مرساها ومرسى كولم، وقالقوط.
ومدينة هيلي معظمة عند المسلمين والكفّار بسبب مسجدها الجامع، فإنه عظيم البركة مشرق النور «103» ، وركاب البحر ينذرون له النذور الكثيرة، وله خزانة مال عظيمة تحت نظر الخطيب حسين، وحسن الوزان كبير المسلمين وبهذا المسجد جماعة من الطلبة يتعلمون العلم ولهم مرتبات من مال المسجد، وله مطبخة يصنع فيها الطعام للوارد والصادر ولإطعام الفقراء من المسلمين بها.
ولقيت بهذا المسجد فقيها صالحا من أهل مقدشو «104» يسمى سعيدا، حسن اللقاء والخلق يسرد الصوم، وذكر لي أنه جاور بمكة أربع عشرة سنة ومثلها بالمدينة وأدرك الأمير بمكة أبا نمّى «105» ، والامير بالمدينة منصور بن جمّاز وسافر في بلاد الهند والصين.
ثم سافرنا من هلي إلى مدينة جرفتّن «106» ، وضبط اسمها بضم الجيم وسكون الراء وفتح الفاء وفتح التاء المعلوة وتشديدها وآخره نون، وبينها وبين هيلي ثلاثة فراسخ، ولقيت بها فقيها من اهل بغداد كبير القدر يعرف بالصّرصرى «107» نسبة إلى بلدة على مسافة عشرة أميال من بغداد في طريق الكوفة، واسمها كإسم صرصر التي عندنا بالمغرب، وكان له أخ بهذه المدينة كثير المال له أولاد صغار أوصى إليه بهم، وتركته آخذا في حملهم إلى بغداد،