الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكان سبب خروجي أن الملك ملّ كان مسجونا في جب يجاورني فمرض وأكلت الفيران أصابعه وعينيه فمات فبلغ ذلك السلطان، فقال: أخرجوا خطّابا لئلا يتفق له مثل ذلك، وإلى هذه القلعة لجأ ناصر الدين بن الملك ملّ المذكور والقاضي جلال حين هزمهما السلطان «56» .
وأهل بلاد دولة أبادهم قبيل المرهتة الذين خص الله نساءهم بالحسن وخصوصا في الأنوف والحواجب، ولهن من طيب الخلوة والمعرفة بحركات الجماع ما ليس لغيرهن «57» ، وكفار هذه المدينة أصحاب تجارات وأكثر تجاراتهم في الجوهر، وأموالهم طائلة، وهم يسمون الساهة «58» ، واحدهم ساه بإهمال السين وهم مثل الأكارم بديار مصر «59» .
وبدولة أباد العنب والرمان ويثمران مرتين في السنة، وهي من أعظم البلاد مجبى وأكبرها خراجا لكثرة عمارتها واتساع عمالتها.
وأخبرت أن بعض الهنود التزم مغارمها وعمالتها جميعا، وهي كما ذكرناه، مسيرة ثلاثة أشهر بسبعة عشر كرورا، والكرور مائة لكّ، واللّك مائة ألف دينار ولكنه لم يف بذلك فبقى عليه بقية وأخذ ماله وسلخ جلده.
ذكر سوق المغنين
وبمدينة دولةأباد سوق للمغنّين والمغنيات تسمى طرب أباد، من أجمل الأسواق وأكبرها، فيه الدكاكين الكثيرة، كلّ دكان له باب يفضي إلى دار صاحبه، وللدار باب سوى ذلك! والحانوت مزين بالفرش، وفي وسطه شكل مهد كبير تجلس فيه المغنية أو ترقد، وهي متزيّنة بأنواع الحلي وجواريها يحركن مهدها.
وفي وسط السوق قبّة عظيمة مفروشة مزخرفة يجلس فيها أمير المطربين بعد صلاة العصر من يوم كلّ خمسين، وبين يديه خدامه ومماليكه وتأتي المغنيات طائفة بعد أخرى فيغنين
الطرب والغناء- عن فن التصوير عند العرب- وزارة الاعلام- بغداد 1973
بين يديه ويرقصن إلى وقت المغرب ثم ينصرف وفي تلك السوق المساجد للصلاة، ويصلي الئمة فيها التّراويح في شهر رمضان، وكان بعض سلاطين الكفار بالهند إذا مر بهذه السوق ينزل بقبتها، ويغني المغنيات بين يديه، وقد فعل ذلك بعض سلاطين المسلمين أيضا.
ثم سافرنا إلى مدينة نذربار «60» ، وضبط اسمها بنون وبذال معجم مفتوحين وراء مسكن وباء موحدة مفتوحة وألف وراء، مدينة صغيرة يسكنها المرهتة وهم أهل الاتقان في الصنائع والأطباء والمنجمون، وشرفاء المرهتة هم البراهمة وهم الكتريون «61» أيضا، وأكلهم الأرز والخضر ودهن السمسم، ولا يرون بتعذيب الحيوان ولا ذبحه ويغتسلون للأكل كغسل الجنابة، ولا ينكحون في أقاربهم إلا فيمن كان بينهم وبينه سبعة أجداد، ولا يشربون الخمر وهي عندهم أعظم المعايب وكذلك هي ببلاد الهند عند المسلمين، ومن شربها من مسلم جلد ثمانين جلدة، وسجن في مطمورة ثلاثة أشهر لا تفتح عليه إلا حين طعامه، ثم سافرنا من هذه المدينة إلى مدينة صاغر، وضبط اسمها بفتح الصاد المهمل وفتح الغين المعجم وآخره راء، وهي مدينة كبيرة على نهر كبير يسمى أيضا صاغر «62» كإسمها، وعليه النواعير، والبساتين فيها العنبا والموز وقصب السّكّر، وأهل هذه المدينة أهل صلاح ودين وأمانة، وأحوالهم كلها مرضية ولهم بساتين فيها الزوايا للوارد والصادر، وكل من يبني زاوية يحبس البستان عليها ويجعل النظر فيه لأولاده، فإن انقرضوا عاد النظر للقضاة.
والعمارة بها كثيرة والناس يقصدونها للتبرك بأهلها ولكونها محررة من المغارم والوظائف. ثم سافرنا من صاغر المذكورة إلى مدينة كنباية «63» ، وضبط اسمها بكسر الكاف وسكون النون وفتح الباء الموحدة وألف وياء آخر الحروف مفتوحة، وهي على خور من البحر وهو شبه الوادي تدخله المراكب، وبه المد والجزر وعاينت المراكب به مرساة في الوحل حين الجزر فإذا كان المد عامت في الماء.