الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من البيضان، فقال لي: أتعرف ما قالوه؟ فقلت: لا أعرف. فقال: إن الفقيه أخبر أن الجراد وقع ببلادهم، فخرج أحد صلحائهم إلى موضع الجراد فهاله أمرها، فقال: هذا جراد كثير، فأجابته جرادة منها، وقالت: إن البلاد التي يكثر فيها الظلم يبعثنا الله لفساد زرعها!! فصدقه القاضي والسلطان، وقال عند ذلك للأمراء: إني برىء من الظلم، ومن ظلم منكم عاقبته، ومن علم بظالم ولم يعلمني به فذنوب ذلك الظالم في عنقه، والله حسيبه وسائله. ولما قال هذا الكلام وضع الفرارية عمائمهم عن رؤوسهم وتبرّءوا من الظلم
حكاية [عن عدل السلطان]
وحضرت الجمعة يوما فقام أحد التجار من طلبة مسوفة ويسمى بأبي حفص فقال:
يا أهل المسجد، أشهدكم أن منسى سليمان في دعوتي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم! فلما قال ذلك خرج إليه جماعة رجال من مقصورة السلطان، فقالوا له: من ظلمك؟ من أخذ لك شيئا؟ فقال: منشاجو إيوالّاتن «88» ! يعني مشرفها، أخذ مني ما قيمته ستمائة مثقال، وأراد أن يعطيني في مقابلته مائة مثقال خاصة، فبعث السلطان عنه للحين فحضر بعد أيام وصرفهما للقاضي فثبت للتاجر حقه فأخذه وبعد ذلك عزل المشرف عن عمله.
حكاية [زوجة السلطان وبنات عمه]
واتّفق في أيام إقامتي بمالي أن السلطان غضب على زوجته الكبرى بنت عمه المدعوة بقاسا، ومعنى قاسا عندهم الملكة، وهي شريكته في الملك على عادة السودان، ويذكر اسمها مع اسمه على المنبر «89» وسجنها عند بعض الفرارية وولى مكانها زوجته الأخرى بنجو، ولم تكن من بنات الملوك، فأكثر الناس الكلام في ذلك وأنكروا فعله، ودخل بنات عمه على بنجو يهنئنها بالمملكة، فجعلن الرّماد على أذرعهن ولم يترّبن رؤوسهن! ثم إن السلطان سرح ثقافها فدخل عليها بنات عمه يهنئنها بالسراح، وترّبن على العادة، فشكت بنجو إلى السلطان بذلك فغضب على بنات عمه فخفن منه واستجرن بالجامع فعفا عنهن واستدعاهن! وعادتهن إذا دخلن على السلطان أن يتجردن عن ثيابهن ويدخلن عرايا ففعلن ذلك! ورضي عنهن، وصرن ياتين باب السلطان غدوا وعشيا مدة سبعة أيام، كذلك يفعل كلّ من عفا عنه السلطان.
وصارت قاسا تركب كلّ يوم في جواريها وعبيدها وعلى رؤوسهم التّراب، وتقف عند المشور متنقبة لا يرى وجهها. وأكثر الامراء الكلام في شأنها فجمعهم السلطان في المشور وقال لهم دوغا على لسانه: إنكم قد اكثرتم الكلام في امر قاسا وإنها أذنبت ذنبا كبيرا ثم أوتى بجارية من جواريها مقيّدة مغلولة، فقيل لها: تكلمي بما عندك فأخبرت أن قاسا بعثتها إلى جاطا ابن عم السلطان الهارب عنه إلى كنبرني «90» ، واستدعته ليخلع السلطان عن ملكه!! وقالت له: أنا وجميع العساكر طوع أمرك، فلما سمع الامراء ذلك قالوا: إن هذا ذنب كبير وهي تستحق القتل عليه، فخافت قاسا من ذلك واستجارت بدار الخطيب، وعادتهم أن يستجيروا هنالك بالمسجد وان لم يتمكن فبدار الخطيب.
وكان السودان يكرهون منسى سليمان لبخله وكان قبله منسى مغا، وقبل مغا، منسى موسى «91» ، وكان كريما فاضلا يحب البيضان، ويحسن اليهم وهو الذي أعطى لأبي إسحاق الساحلي في يوم واحد أربعة آلاف مثقال «92» ، وأخبرني بعض الثقات أنه أعطى لمدرك بن فقّوص ثلاثة آلاف مثقال في يوم واحد، وكان جده سارق جاطة «93» أسلم على يدي جد مدرك هذا.