الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأربعين «27» ، ولقيت بها بعض المغاربة فعرّفني بكائنة طريف واستيلاء الروم على الخضراء «28» جبر الله صدع الإسلام في ذلك.
ذكر سلطانها [بغداد]
كان سلطان بغداد والعراق في عهد دخولي إليها في التاريخ المذكور الشيخ حسن بن عمّة السلطان أبي سعيد رحمه الله «29» ولما مات أبو سعيد استولى على ملكه بالعراق، وتزوج زوجته دلشاد بنت دمشق خواجة بن الأمير الجوبان حسبما كان فعله السلطان أبو سعيد من تزوج زوجة الشيخ حسن، وكان السلطان حسن غائبا عن بغداد في هذه المدة متوجّها لقتال أتابك أفراسياب صاحب بلاد اللور.
ثم رحلت من بغداد فوصلت إلى مدينة الأنبار، ثم إلى هيت، ثم إلى الحديثة ثم إلى عانة «30» وهذه البلاد من أحسن البلاد وأخصبها، والطريق فيما بينها كثير العمارة كأن الماشي، في سوق من الأسواق وقد ذكرنا أنّا لم نر ما يشبه البلاد التي على نهر الصين إلا هذه البلاد.
ثم «31» وصلت إلى مدينة الرّحبة وهي التي تنسب إلى مالك بن طوق «32» ، ومدينة الرحبة أحسن بلاد العراق وأول بلاد الشام. ثم سافرنا منها إلى السّخنة «33» ، وهي بلدة حسنة أكثر سكانها الكفار من النصارى، وانما سميت السّخنة لحرارة مائها، وفيها بيوت
للرجال وبيوت للنساء يستحمون فيها ويستقون الماء ليلا ويجعلونه في السطوح ليبرد، ثم سافرنا إلى تدمر «34» مدينة نبي الله سليمان عليه السلام التي بنتها له الجن كما قال النّابغة:
يبنون تدمر بالصفّاح والعمد «35» .
ثم سافرنا منها إلى مدينة دمشق الشام وكانت مدة مغيبي عنها عشرين سنة كاملة، وكنت تركت بها زوجة لي حاملا «36» ، وتعرفت وأنا ببلاد الهند أنها ولدت ولدا ذكرا فبعثت حينئذ إلى جده للّام وكان من أهل مكناسة «37» المغرب أربعين دينار ذهبا هنديا، فحين وصولي إلى دمشق في هذه الكرّة لم يكن لي همّ إلا السؤال عن ولدي، فدخلت المسجد فوقف لي نور الدين السخاوي إمام المالكية وكبيرهم «38» ، فسلمت عليه، فلم يعرفني فعرّفته بنفسي، وسألته عن الولد فقال: مات منذ اثنتي عشرة سنة، وأخبرني أن فقيها من أهل طنجة يسكن بالمدرسة الظاهرية «39» ، فسرت إليه لأسأله عن والدي وأهلي فوجدته شيخا كبيرا فسلمت عليه، وانتسبت له، فأخبرني أن والدي توفي مند خمسة عشرة سنة وأن الوالدة بقيد الحياة.
وأقمت بدمشق الشام بقية السنة «40» والغلاء شديد والخبز قد انتهى إلى قيمة سبع أواقي بدرهم نقرة، وأوقيتهم أربع أواقي مغربية، وكان قاضي قضاة المالكية إذا ذاك جمال