الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يقال له: قشحب، والملك الناصر إذ ذاك حديث السن لم يعهد الوقائع، وكان الشيخ العريان في صحبته فنزل، وأخذ قيدا فقيد به فرس الملك الناصر لئيلا يتزحزح عند اللقاء لحداثة سنة، فيكون ذلك سبب هزيمة المسلمين، فثبت الملك الناصر وهزم التتر هزيمة شنعاء قتل منهم فيها كثير وغرق كثير بما أرسل عليهم من المياه، ولم يعد التتر إلى قصد بلاد الاسلام بعدها «25» ، وأخبرني الشيخ محمد العريان المذكور تلميذ هذا الشيخ أنه حضر هذه الوقيعة وهو حديث السن.
ورحلنا من برج بوره ونزلنا على الماء المعروف باب سياه «26» ، ثم رحلنا إلى مدينة قنوج «27» ، وضبط اسمها بكسر القاف وفتح النون وواو ساكن وجيم، مدينة كبيرة حسنة العمارة حصينة رخيصة الأسعار كثيرة السكّر، ومنها يحمل إلى دهلي، وعليها سور عظيم، وقد تقدم ذكرها، وكان بها الشيخ معين الدين الباخرزي أضافنا بها، وأميرها فيروز البدخشاني من ذرية بهرام جور «28» صاحب كسرى، ويسكن بها جماعة من الصلحاء الفضلاء المعروفين بمكارم الأخلاق يعرفون بأولاد شرف جهان، وكان جدهم قاضي القضاة بدولة أباد وهو من المحسنين المتصدقين وانتهت الرئاسة ببلاد الهند إليه.
حكاية قاضي القضاة
يذكر أنه عزل مرة عن القضاء وكان له أعداء فادعى أحدهم عند القاضي الذي ولي بعده، أنّ له عشرة آلاف دينار قبله ولم تكن له بيّنة وكان قصده أن يحلّفه فبعث القاضي عنه، فقال لرسوله: بما ادعى عليّ؟ فقال: بعشرة آلاف دينار، فبعث إلى مجلس القاضي عشرة آلاف، وسلّمت للمدّعي.
وبلغ خبره السلطان علاء الدين وصح عنده بطلان تلك الدعوى، فأعاده إلى القضاء وأعطاه عشرة آلاف.
وأقمنا بهذه المدينة ثلاثا، ووصلنا فيها جواب السلطان في شأني بأنه إن لم يظهر لفلان أثر فيتوجّه وجيه الملك قاضي دولة آباد عوضا منه! ثم رحلنا من هذه المدينة فنزلنا بمنزل هنول، ثم بمنزل وزير بور ثم بمنزل البجالصة «29» ثم وصلنا إلى مدينة موري «30» ، وضبط اسمها بفتح ميم وواو وراء وهي صغيرة ولها أسواق حسنة، ولقيت بها الشيخ الصالح المعمر قطب الدين المسمى بحيدر الفرغاني، وكان بحال مرض فدعا لي وزوّدني رغيف شعير، وأخبرني أن عمره ينيف على مائة وخمسين، وذكر لي أصحابه أنه يصوم الدّهر ويواصل كثيرا ويكثر الاعتكاف، وربما أقام في خلوته أربعين يوما يقتات فيها بأربعين تمرة في كلّ يوم واحدة.
وقد رأيت بدهلي الشيخ المسمى برجب البرقعي دخل الخلوة بأربعين تمرة فأقام بها أربعين ثم خرج وفضل معه منها ثلاث عشرة تمرة! ثم رحلنا ووصلنا إلى مدينة مره «31»
، وضبط اسمها بفتح الميم وسكون الراء وهاء، وهي مدينة كبيرة أكثر سكانها كفار تحت الذّمة، وهي حصينة وبها القمح الطيب الذي ليس مثله بسواها، ومنها يحمل إلى دهلي، وحبوبه طوال شديدة الصفرة ضخمة، ولم أر قمحا مثله إلا بأرض الصين! وتنسب هذه المدينة إلى المالوة «32» بفتح اللام، وهي قبيلة من قبائل الهنود ضخام الأجسام عظام الخلق حسان الصور، لنسائهم الجمال الفائق، وهن مشهورات بطيب الخلوة ووفور الحظ من اللّذة، وكذلك نساء المرهتة «33» ونساء جزيرة ذيبة المهل «34» !