الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الضمان
مشتق من الضمن فذمة الضامن في ذمة المضمون عنه وقال القاضي من التضمن. وقال الموفق من الضم. وشرعًا التزام ما وجب على غيره مع بقائه. وما قد يجب كثمن مبيع وقرض.
ويصح بلفظ ضمين وكفيل وحميل وزعيم. وتحملت دينك وضمنته ونحو ذلك. قال الشيخ وتلميذه وغيرهما قياس المذهب أنه يصح الضمان بكل لفظ فهم منه الضمان عرفًا. لأن الشارع لم يحد ذلك بحد فيرجع فيه إلى العرف. وهو جائز بالكتاب والسنة والإجماع في الجملة. ولا يصح إلا من جائز التصرف. ولا يصح ضمان مسلم جزية على ذمي لفوات الصغار.
(قال تعالى: {وَلِمَن جَاء بِهِ}) أي صواع الملك ({حِمْلُ بَعِيرٍ}) من الطعام. وسيأتي في الجعالة إن شاء الله تعالى {وَأَنَاْ بِهِ زَعِيم} أي ضامن حمل الطعام لمن جاء بالصواع. فدلت الآية على صحة ضمان المجهول إذا آل إلى العلم. وكذا ما يؤول إلى الوجوب. لأن حمل البعير غير معلوم. فضمان المعلوم أولى.
وقال ابن القيم يصح ضمان ما لا يجب. كقوله ما أعطيته فلانًا فهو عليَّ عند الأكثرين. كما دل عليه القرآن. وذكر الآية. قال والمصلحة تقتضي ذلك. بل قد تدعو إليه الحاجة والضرورة اهـ.
ولأنه التزام حق في الذمة من غير معاوضة فصح في المجهول. ويصح ضمان السوق. وهو أن يضمن ما يلزم التاجر من دين وما يقبضه من عين مضمونة. كما قاله الشيخ وغيره. وقال يصح ضمان حارس ونحوه وتجار حرب بما يذهب من البلد أو البحر. وغايته ضمان مجهول وما لم يجب. وهو جائز عند أكثر أهل العلم اهـ. ولا تعتبر معرفة الضامن للمضمون عنه ولا له. بل إنما يعتبر رضا الضامن.
(وعن أبي أمامة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال الزعيم) أي الضمين (غارم) أي ملزم نفسه ما ضمنه فالغرم أداء شيء يلزمه. رواه أبو داود وغيره و (حسنه الترمذي) فدل على لزوم غرم ما ضمنه. وقيل له مطالبة من شاء منهما. قال ابن القيم وهو قول الجمهور. والقول الثاني: إن الضمان استيثاق بمنزلة الرهن فلا يطالبه إلا إذا تعذرت مطالبة المضمون عنه لأن الضامن فرع ولا يصار إليه إلا عند التعذر. ولم يوضع لتعدد الحق. وإنما وضع ليحفظ صاحب الحق حقه من الهلاك. ويرجع إليه عند تعذر الاستيفاء. ولم ينصب الضامن نفسه لأن يطالبه المضمون له مع وجود الأصيل ويسرته. والتمكن من مطالبته. والناس يستقبحون هذا. ويعدون فاعله متعديًا. ولا يعذرونه بالمطالبة إلا إذا تعذر عليه مطالبة الأصيل. وهذا أمر مستقر في فطر الناس ومعاملاتهم. وهذا القول في القوة كما ترى اهـ. ومتى برئت ذمة المضمون عنه برئت ذمة الضامن لا عكسه.
(وعن سلمة بن الأكوع) رضي الله عنه (قال أُتي بجنازة) قال الحافظ لم أقف على اسم صاحب هذه الجنازة (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هل عليه دين؟) وذلك قبل الفتح (قالوا: ثلاثة دنانير) يعني ولم يترك وفاء (فقال صلوا على صاحبكم) وفي حديث أبي هريرة "فإن حدث أنه ترك لدينه وفاء صلى، وإلا قال: صلوا على صاحبكم"(فقال أبو قتادة هي عليَّ) أي الثلاثة الدنانير (فصلى عليه) رسول الله صلى الله عليه وسلم (رواه البخاري) ولأحمد وأبي داود وغيرهما من حديث جابر: قلنا ديناران فانصرف فتحملهما أبو قتادة. فقال "وجب حق الغريم وبرئ الميت منهما" قال "نعم" فصلى عليه.
وللحاكم جعل إذا لقي أبا قتادة يقول "ما صنعت الديناران" حتى كان آخر ذلك أن قال قضيتها يا رسول الله.
قال "الآن بردت جلدته" وللدارقطني من حديث علي كان إذا أُتي بجنازة لم يسأل عن شيء من عمل الرجل. ويسأل عن دينه. وللبيهقي وأنا لهما ضامن. فدل الحديث وما في معناه على صحة الضمان عن الميت وأنه لا رجوع له في مال الميت وهو مذهب الجمهور. وصحة تحمل الواجب عمن وجب عليه وعلى فضله. وللبيهقي "ما من مسلم فك رهان أخيه إلا فك الله رهانه يوم القيامة".
ودل على شدة أمر الدين فإنه صلى الله عليه وسلم ترك الصلاة عليه. وتقدم أنها شفاعة للميت. وشفاعته صلى الله عليه وسلم مقبولة. والدين لا