الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أجرة عمله. وهذا مذهب الجمهور. وبه قال الشيخ وغيره. وعليه أن يتصرف له بالأجرة بلا نزاع. وله أن يدفعه لمن يتجر فيه مضاربة بجزء معلوم من الربح. فعائشة أبضعت مال محمد ابن أبي بكر.
وله البيع نسأ. وله القرض والرهن والإيداع. وشراء العقار وبناؤه لمصلحته. ولا يبيعه إلا لضرورة أو غبطة. أو مصلحة عامة كبناء مسجد. لقصة شراء مسجد المدينة من اليتيمين. وقال الشيخ ليس للناظر وولي اليتيم أن يسلم ما يتصرف فيه إلا بإجارة شرعية. وله شراء أضحية لموسر لأنه يوم سرور وفرح ليحصل بذلك جبر قلبه. وقال يستحب إكرام اليتيم وإدخال السرور عليه. ودفع الإهانة عنه. فجبر قلبه من أعظم مصالحه.
باب الوكالة
هي بفتح الواو وقد تكسر التفويض والحفظ. تقول وكلت فلانًا. إذا استحفظته ووكلت الأمر إليه بالتخفيف إذا فوضته إليه. وهي في الشرع إقامة الشخص غيره مقام نفسه مطلقًا أو مقيدًا. قال الوزير اتفقوا على أن الوكالة من العقود الجائزة في الجملة. وأن كل ما جازت النيابة فيه من الحقوق جازت الوكالة فيه كالبيع والشراء والإجارة وقضاء الديون والخصومة في المطالبة بالحقوق والتزويج والطلاق وغير ذلك. ووكل
عبد الرحمن بن عوف أمية بن خلف. وقال ابن المنذر
توكيل المسلم حربيًا مستأمنًا وتوكيل الحربي المستأمن مسلمًا لا خلاف في جوازه، اهـ.
وتصح بكل قول أو فعل دال على الإذن وتصح مؤقتة ومعلقة بشرط. قال ابن القيم كما صحت به السنة. ويصح القبول على الفور والتراخي بكل قول أو فعل دال عليه. وهي جائزة بالكتاب والسنة والإجماع. ولدعاء الحاجة إليها إذ لا يمكن كل أحد فعل ما يحتاج إليه بنفسه.
(قال تعالى: {فَابْعَثُوا} أي أرسلوا {أَحَدَكُم بِوَرِقِكُمْ} فضتكم {هَذِهِ} فإنه كان معهم دراهم {إِلَى الْمَدِينَةِ} أي مدينتكم التي خرجتم منها والألف واللام للعهد. قيل هي طرسوس {فَلْيَنظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا} أطيب طعامًا {فَلْيَأْتِكُم بِرِزْقٍ مِّنْهُ} أي قوت وطعام تأكلونه. فدلت الآية الكريمة على صحة التوكيل في البيع والشراء. فكذا سائر العقود كالإجارة والقرض والمضاربة والإبراء وما في معنى ذلك.
(وقال: {اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ} أي قال يوسف لعزيز مصر. ولني أمر خزائن أرض مصر. والخزائن جمع خزينة. وأراد خزائن الأموال. والطعام {إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيم} أي حفيظ للخزائن عليم بوجوه مصالحها. ويجوز للرجل مدح نفسه إذا جهل أمره للحاجة. وسؤال العمل إذا علم قدرته عليه. وفيها دليل على أن من له التصرف في شيء فله التوكيل فيه.
وليس للوكيل أن يوكل فيما وكل فيه إذا كان يتولاه مثله. ولم يعجزه إن لم يؤذن له فيه. فإن أذن له جاز بغير خلاف.
(وقال والعاملين عليها) أي الساعين في قبض الزكاة فدلت الآية على جواز الوكالة في قبض الزكاة ولا نزاع في ذلك.
(وكان صلى الله عليه وسلم يبعث عماله في قبض الزكاة) كما هو متواتر من غير وجه وفي الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم بعث عمر على الصدقة. ومعاذًا وغيرهما مما هو معلوم بالضرورة (وتفريقها) أي ويأمر بتفريق الزكاة. وقال "إن الخازن الأمين الذي يعطي ما أمر به كاملًا موفرًا طيبة به نفسه حيث يدفعه إلى الذي أمر له به أحد المتصدقين" وجاء فيه أحاديث شهيرة. بل قال أبو هريرة وكلني النبي صلى الله عليه وسلم في حفظ زكاة رمضان. ووضع يزيد دنانير عند رجل في المسجد يتصدق بها. فدفعها إلى ابنه معن. وقال النبي صلى الله عليه وسلم "لك ما نويت يا يزيد" رواه البخاري.
فتصح الوكالة في كل حق لله تعالى تدخله النيابة من قبض زكاة وتفرقتها. وصدقة ونذر وكفارة ونحو ذلك بلا نزاع. وكحج وعمرة عن الغير كما تقدم. وأما العبادات البدنية
المحضة كالصلاة والصوم والطهارة من الحدث فلا يصح
التوكيل فيها. لأنها تتعلق ببدن من هي عليه (ويأمر بإقامة الحدود) أي وكان صلى الله عليه وسلم يأمر بإقامة الحدود. فقال اغد يا أنيس
إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها" فاعترفت فرجمها. ويأتي.
ووكل عثمان عليًا في إقامة حد الشرب على الوليد. وغير ذلك مما هو معلوم يدل على جواز الوكالة في إقامة الحدود. ولأن الحاجة تدعو إليه. إذ الإمام لا يمكنه تولي ذلك بنفسه.
وحكم القاضي في ذلك حكم الإمام. لأنه قد يؤدي ذلك إلى تعطيل مصالح الناس العامة. فأشبه من وكل فيما لا تمكنه مباشرته عادة لكثرته ويجوز في حضرة الموكل وغيبته. وتصح الوكالة أيضًا في إثبات الحدود ولا تصح في الظهار. لأنه قول منكر ولا اللعان ولا الإيمان. ولا القسامة ولا القسم بين الزوجات. والرضاع والالتقاط والاغتنام والغصب والجنابة ونحو ذلك. لتعلق ذلك بعين الفاعل. ولا تدخلها النيابة.
(وأمر) صلى الله عليه وسلم (عليًا) عام حجة الوداع بعد أن نحر من هديه ثلاثًا وستين (بنحر بقية بدنه) كما تقدم في الهدي وفيه "وأمره بقسم جلودها وجلالها" وأعطى النبي صلى الله عليه وسلم عقبة بن عامر غنمًا أضحية يقسمها بين أصحابه. فدل على صحة التوكيل في نحر الهدي والأضحية وهو إجماع. إذا كان الذابح مسلمًا. وجواز التوكيل في قسم جلودها وجلالها. وقسم الأضاحي. وقال ابن بطال وكالة الشريك جائزة كما تجوز شركة الوكيل لا أعلم فيه خلافًا.
(واستسلف بكرًا كما تقدم) في القرض (وأمر أبا رافع أن
يقضيه من إبل الصدقة) فدل الحديث على جواز التوكيل في قضاء القرض ونحو ذلك.
(ووكله) أي وكل النبي صلى الله عليه وسلم أبا رافع (وعمرو بن أمية) بن خويلد الضمري (في قبول النكاح) وذلك أن أبا رافع تولى قبول نكاح ميمونة بنت الحارث له صلى الله عليه وسلم وهو بالمدينة قبل أن يخرج وعمرًا تولى نكاح أم حبيبة وهي بالحبشة رواه مالك وغيره. وهو دليل على جواز التوكيل في عقد النكاح من الزوج. ولا خلاف في ذلك. وكذا الطلاق كما يأتي. وفيه وما قبله صحة قبول الوكالة على الفور والتراخي. وصحة قبول الوكالة بكل قول أو فعل دال عليه. فإن قبول وكلائه صلى الله عليه وسلم كان بفعلهم. وكان متراخيًا عن توكيله إياهم. ولأنه إذن في التصرف. والإذن قائم ما لم يرجع عنه.
(وقال) يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم (لجابر) بن عبد الله وذلك أنه لما أراد الخروج إلى خيبر أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له (إذا أتيت وكيلي) أي عاملي (بخيبر فخذ منه خمسة عشر وسقًا فإن ابتغى آية) أي علامة (فضع يدك على ترقوته) وهي العظم الذي بين ثغرة النحر والعاتق. لأني قلت له إن العلامة التي بيني وبينك إذا جاءك أحد يطلب منك شيئًا عن لساني أن يضع يده على ترقوتك. فإن فعل ذلك فاعلم أنه يصدق فيما يقول. وقال ابن القيم نزل صلى الله عليه وسلم هذه العلامة منزلة البينة التي تشهد أنه أذن له أن يدفع له ذلك. كما نزل الصفة للقطة منزلة
البينة. بل هذا نفسه بينة. إذ البينة ما بين الحق من قول أو وصف اهـ. ولأن الأمانة طوق في الرقبة (رواه أبو داود) وغيره.
وفيه دليل على صحة الوكالة فيها. وأن للإمام أن يوكل ويقيم عاملًا على الصدقة في قبضها ودفعها إلى مستحقها. وإلى من يرسله إليه بإمارة. وفيه جواز العمل بالإمارة. وقبول قول الرسول إذا عرف المرسل إليه صدقة. وقيل له الامتناع من الدفع إليه حتى يشهد عليه بالقبض. وفيه أيضًا دليل على جواز اتخاذ علامة بين الوكيل وموكله. لا يطلع غيرهما. وفي الاختيارات. والذي يجب أن يقال أن الغريم متى غلب على ظنه أن الموكل لا ينكر وجب عليه التسليم فيما بينه وبين الله تعالى كالذي بعثه النبي صلى الله عليه وسلم إلى وكيله وعلم له علامة. فهل يقول أحد إن ذلك الوكيل لا يجب عليه الدفع؟.
وأما في القضاء فقيل إن كان الموكل عدلًا وجب الدفع. لأن العدل لا يجحد. والظاهر أنه لا يستثنى فإذا دفع من عنده الحق إلى الوكيل ذلك الحق. ولم يصدقه أنه وكيل. وأنكر صاحب الحق الوكالة. رجع عليه اتفاقًا. قال الشيخ ومجرد التسليم ليس تصديقًا.
(وله) أي لأبي داود وغيره (عن يعلى بن أمية) بن أبي عبيدة بن همام بن الحارث التميمي. ويقال ابن منية قتل
يوم صفين مع علي رضي الله عنهما أنه صلى الله عليه وسلم قال له: (إذا أتتك رسلي) وكان عزم أن يرسل إليه في عارية دروع وابل.
قال (فأعطهم ثلاثين درعًا) الدرع قميص من زرد الحديد يلبس وقاية من السلاح (وثلاثين بعيرًا) البعير يقع على الذكر والأنثى من الإبل. وفيه دليل على جواز التوكيل من المستعير لقبض العارية. فشمل ما تقدم جواز التوكيل فيما تدخله النيابة.
وهي عقد جائز من الطرفين. لأنها من جهة الموكل إذن. ومن جهة الوكيل بذل نفع. والوكيل أمين لا يضمن ما تلف بيده بلا تفريط. ويقبل قوله في نفي التفريط والهلاك مع يمينه. ولا يكلف بينة. لأنه مما يتعذر إقامة البينة عليه ولئلا يمتنع الناس من الدخول في الأمانات مع الحاجة إليها. قال الشيخ والوكيل في الضبط والمعرفة مثل من وكل رجلًا فيما له وما عليه كأهل الديوان. فقوله أولى بالقبول من وكيل التصرف. لأنه مؤتمن على نفس الإخبار بما له وما عليه.
ونظيره إقرار كاتب الأمراء وأهل ديوانهم بما عليه من الحقوق. وإقرار كاتب السلطان بما على بيت المال. وسائر أهل الديوان ما على جهاتهم من الحقوق. ومن ناظر الوقف وعامل الصدقة والخراج ونحو ذلك. فإن هؤلاء لا يخرجون عن ولاية أو وكالة اهـ. وإن اختلفا في رد العين أو ثمنها إلى الموكل فالبينة
على المدعي واليمين على من أنكر فهي كلمة جامعة شاملة لا فرق بين متطوع أو بجعل.
(وقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم لما جهز جيش غزو مؤتة في نحو ثلاثة آلاف سنة ثمان من الهجرة إلى البلقاء من الشام (أميركم زيد) بن حارثة بن شراحيل القضاعي مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم (فإن قتل فجعفر) بن أبي طالب بن عبد المطلب. فهو ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم (فإن قتل فـ) عبد الله (بن رواحة) ابن ثعلبة الخزرجي الأنصاري رضي الله عنهم. ولما انتهوا إلى البلقاء لقيهم جموع هرقل في نحو مائتي ألف. وانحاز المسلمون إلى قرية مؤتة. فاقتتلوا. وقتل زيد براية رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أخذها جعفر فقتل. ثم ابن رواحة فقتل.
ثم اصطلح الناس على خالد بن الوليد فدافع القوم. ولما أصبحوا جعل المقدمة مؤخرة. والميمنة ميسرة. فرعب العدو. وفتح على المسلمين فدل الحديث على صحة الوكالة ولو واحدًا بعد واحد معلقة على موت الأول أو مؤقته كفلان شهرًا ثم فلان واتفقوا على أنه إن عزل الوكيل انعزل. ومذهب الشافعي لا ينعزل إلا بعد العلم. وعن أحمد كذلك. واختاره الشيخ. وقال هو الصواب. لأنه قد يتصرف تصرفات فتقع باطلة. وربما باع الجارية فيطؤها المشتري. ويجب ضمانه فيتضرر المشتري والوكيل.
وعليه فمتى تصرف قبل علمه فتصرفاته صحيحة، وهو
قول أبي حنيفة، حتى أنه لا يعزل نفسه إلا بحضرة الموكل، وقال الشيخ: وعلى القول بالعزل فتصرفاته صحيحة أيضًا.
وعند الجمهور لا يبيع لنفسه ولا يشتري من نفسه لئلا تلحقه التهمة. وحيث حصلت التهمة لم يصح. وعن أحمد جوازه إذا زاد على مبلغ ثمنه. وفي الإنصاف احتمال لا يعتبر. لأن دينه وأمانته تحمله على الحق. وربما زاد خيرًا. ومحل الخلاف ما لم يأذن له وإلا جاز. ويتولى طرفي العقد.
(وعن عروة) بن الجعد ويقال ابن أبي الجعد (البارقي) حضر فتوح الشام ونزلها. وسيره عثمان إلى الكوفة. قيل رؤي في داره ستين فرسًا مربوطة (أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه دينارًا ليشتري له به شاة) وفي لفظ أضحية (فاشترى له به شاتين فباع إحداهما بدينار) ضرب معروف من الذهب (وجاءه بدينار وشاة) وروي من حديث حكيم بن حزام نحوه (فدعا له بالبركة) في بيعه (رواه البخاري) وفيه وكان لو اشترى ترابًا لربح فيه ببركة دعائه صلى الله عليه وسلم وفيه وفي غيره مما تقدم وغيره ما ينيف على ثلاثين حديثًا تدل على صحة الوكالة فيما تقدم وغيره وتقدم أنه إجماع.
وفي هذا الحديث دليل على صحة العقد الموقوف. وهو مذهب جماعة من السلف. وأنه يجوز للوكيل إذا قال له الموكل اشتر بهذا الدينار شاة مثلًا ووصفها أن يشتري به شاتين بالصفة المذكورة. لأن مقصود الموكل قد حصل. وزاده الوكيل خيرًا.