الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جمعوا ازوادهم فدعا لهم فيها بالبركة. ولهما شواهد تدل على جواز الاشتراك في جميع أنواع المال.
فصل في المضاربة
وهي دفع مال مضاربة لمتجر به ببعض ربحه مأخوذة من الضرب في الأرض وهو السفر. لما كان الربح يحصل في الغالب بالسفر. أو من الضرب في المال. وهو التصرف. والعامل مضارب وتسمى المضاربة قراضًا ومعامَلَة قال ابن القيم: المضارب أمين وأجير ووكيل وشريك. فأمين إذا قبض المال. ووكيل إذا تصرف فيه. وأجير فيما يباشره بنفسه من العمل. وشريك إذا ظهر فيه الربح. وقال ابن حزم كل أبواب الفقه لها أصل من الكتاب والسنة حاشى القراض فما وجد له أصل فيهما ألبتة. ولكن إجماع صحيح مجرد. والذي نقطع به أنه كان في عصره صلى الله عليه وسلم فعلم به وأقره. ولولا ذلك لما جاز، اهـ. بل المضاربة جائزة بالكتاب والسنة والإجماع في الجملة.
(قال تعالى: {وَآخَرُونَ} أي ذو أعذار في ترك قيام الليل {يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ} يسافرون في الأرض {يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ} يطلبون من رزق الله في المكاسب والمتاجر. والمضاربة من الضرب في الأرض للاتجار. فدلت الآية على جواز
المضاربة. واشتهرت في عصر النبوة وبعده. لا ينازع في ذلك منازع. وأجمعوا على أن للعامل أن يشترط على رب المال ثلث الربح أو نصفه. أو ما يجمعان عليه. بعد أن
يكون ذلك معلومًا بجزء من أجزاء. فمن شرط صحتها تقدير نصيب العامل. لأنه يستحقه بالشرط. فلم يقدر إلا به. وإن قال والربح بيننا فنصفان. أو لي أو لك ثلاثة أرباعه أو ثلثه صح. والباقي للآخر. وإن اختلفا لمن الجزء المشروط فللعامل لاستحقاقه له بالعمل. ولا نفقة لعامل إلا بشرط. وقال الشيخ وابن القيم أو عادة.
(وقارض) من القرض في الأرض وهو قطعها بالسير فيها. وهو المضاربة من الضرب في الأرض. فقد قارض (ابن مسعود وغيره) من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم. فروى الشافعي أن ابن مسعود أعطى زيد بن جليدة مالاً مقارضة. يعني مضاربة يتجر فيه ببعض الربح وروى مالك عن العلاء عن أبيه أنه عمل في مال لعثمان على أن الربح بينهما. وروى البيهقي أن عمر أعطى مال يتيم مضاربة. وتقدم خبر ابني عمر وغيره مما يدل على أن المضاربة مما كان الصحابة يتعاملون بها من غير نكير فكان إجماعًا منهم على الجواز. ولابن ماجه من حديث صهيب "ثلاث فيهن البركة" منها المقارضة وهي دفع مال لمتجر به ببعض ربحه.
(وكان حكيم بن حزام) بن خويلد بن أسد بن عبد العزى. قال ولدت قبل الفيل بثلاث عشرة سنة. وقيل في جوف الكعبة. وهو من سادات قريش. وأسلم عام الفتح. وكان من المؤلفة. وأعطي مائة بعير. وفي الصحيح "من دخل
دار حكيم فهو آمن" وعاش مائة وعشرين سنة وكان (يشترط على من أعطاه مالًا مقارضة) أي مضاربة بسهم معلوم للعامل (ألا يجعله في كبد رطبة) أي لا يشتري به الحيوانات لأن ما كان له روح عرضة للهلاك بطرو الموت عليه.
(ولا يحمله في بحر) مخافة الغرق (ولا ينزل به بطن مسيل) فيهجم عليه السيل فيتلفه. وهذه الثلاثة من أخطر ما يكون (فإن فعل ضمن) لتعديه ما شرط عليه. وتفريطه بتعرضه لهلاك المال (رواه الدارقطني) والبيهقي. وقوى الحافظ إسناده فدل على جواز نحو هذه الشروط وعلى هذه المضاربة وفي تجويز المضاربة أيضًا آثار عن جماعة من الصحابة –رضي الله عنهم.
وأما اشتراط النفقة فيها ففي الاختيارات لا نفقة للمضارب إلا بشرط أو عادة. فإن شرطت مطلقًا فله نفقة مثله طعامًا وكسوة. وقد يخرج لنا أن للمضارب في السفر زيادة على نفقة الحضر. كما قلنا في الولي إذا أحج الصبي اهـ. وإن تلف رأس المال أو بعضه بعد التصرف جبر من الربح قبل قسمته أو تنضيضه. وليس للمضارب ربح حتى يستوفي رأس المال.
(وعن ابن مسعود) رضي الله عنه (قال اشتركت)
أي: وقعت شركة بيني (أنا وعمار) بن ياسر، (وسعد)
بن أبي وقاص (فيما نصيب يوم بدر) الوقعة
المشهورة في السنة الثانية من الهجرة (فجاء سعد بأسيرين) وأخفق الآخران. قال ابن مسعود (ولم أجئ أنا وعمار بشيء) وأقرت شركتهم (رواه أبو داود) والنسائي وغيرهما. قال أحمد أشرك بينهم النبي – صلى الله عليه وسلم.
فدل على صحة الشركة في المكاسب. وتسمى شركة الأبدان. وهذا مذهب أبي حنيفة ومالك وأحمد وجمهور أهل العلم. وهي أن يشتركا فيما يكتسبان بأبدانهما. وما تقبله أحدهما من عمل يلزمهما فعله أو يوكل كل منهما صاحبه أن يتقبل أو يعمل عنه في قدر معلوم. ويعينان الصنعة. أو على أجرة وعمل وما يحصل لهما بعد العمل والأجرة مشترك بينهما. وتصح شركة الأبدان في الاحتشاش والاحتطاب وسائر المباحات. قال الشيخ وتصح شركة دلالين وجعلها بمنزلة خياطة الخياط. وتجارة التاجر. وموجب العقد المطلق التساوي في العمل والأجر. ومن عمل أكثر وطلبه فله بقدره. وإن مرض أحدهما فالكسب بينهما وإن طالبه الصحيح أن يقيم غيره مقامه لزمه.
(وله عن رويفع) بن ثابت بن السكن من بني مالك بن النجار الأنصاري رضي الله عنهم توفي ببرقة سنة ست وخمسين (إن كان أحدنا) يعني الأنصاري بالمدينة (ليأخذ نضو أخيه) النضو المهزول من الإبل فيعلفه ويركبه (على أن له النصف مما يغنم) وذلك في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فدل على جواز أخذ الرجل راحلة صاحبه في الجهاد على أن تكون الغنيمة بينهما. وكذا غيره