الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فيضاران في الوصية فتجب لهما النار" حسنه الترمذي. وفيه وعيد شديد وزجر وتهديد في الحيف في الوصية. كما أن له الأجر الجزيل في العدل فيها. وتقدم أن الضرار فيها يوجب بطلانها.
ويؤيد هذا الحديث ما رواه ابن عباس "إن الضرار في الوصية من الكبائر" وتقدم قوله (غير مضار) وذكر تعالى بعد التبديل في الوصية أن (من خاف من موص جنفاً أو إثماً) بأن زاد وارثاً ولو ببيع شيء محاباة ونحو ذلك إما مخطئًا غير عامد بطبعه وقوة شفقته من غير تبصر. أو متعمدًا آثم في ذلك. (فأصلح بينهم) أي الوصي أو غيره فيصلح القضية ويعدل في الوصية على الوجه الشرعي. ويعدل عن الذي أوصى به الميت إلى ما هو أقرب الأشياء إليه وأشبه الأمور به جمعاً بين مقصود الموصي والطريق الشرعي (فلا إثم عليه) وليس من التبديل في شيء.
فصل في الموصى له وإليه
والموصى به والوصية بالأنصباء والأجزاء. وما يتعلق بذلك. وأركان الوصية أربعة موص وصيغة والثالث موصى له والرابع موصى إليه.
{قال تعالى: إِلَاّ أَن تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُم مَّعْرُوفًا} ذكرها تعالى بعد قوله {وَأُوْلُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ} أي بالتوارث لما نسخ بالحلف
والهجرة. أي إلا أن تواصوا لمن تولونه بما تحبون من ثلث أموالكم. وتقدم قوله (إن ترك خيراً الوصية للوالدين والأقربين) ويأتي الأمر به. فتصح لمن يصح تملكه من مسلم وكافر معين كالهبة. وهو مذهب مالك وأحمد وأكثر أصحاب الشافعي. وقال محمد بن الحنفية في الآية هو وصية المسلم لليهودي أو النصراني. وعمر كسا خاله حلة وهو بمكة مشرك. وأسماء وصلت أمها وهي راغبة عن الإسلام. وصحح الحارثي أنه إذا لم يتصف بالقتال أو المظاهرة وإلا فلا. والمراد المعين فلا تصح لكافر غير معين كاليهود والنصارى والمجوس. أو فقرائهم كالوقف عليهم. وتصح الوصية لمكاتبه ومدبره وأم ولده. ولعبده بمشاع كثلثه. وبعتق منه بقدره. ولعبد غيره فهو من كسبه. لعموم هذه الآية وغيرها.
{وقال: فَمَن بَدَّلَهُ} أي بدل الوصية وحرفها فغير حكمها وزاد فيها أو نقص. وأعظم من ذلك لو كتمها من الأوصياء أو الأولياء أو الشهود {بَعْدَمَا سَمِعَهُ} أي من بعد ما سمع قول الموصي {فَإِنَّمَا إِثْمُهُ} أي إثم التبديل والتغيير {عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ} والميت بريء منه. وقد وقع أجره على الله. وتعلق الإثم بالذين بدلوا ذلك {إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ} لما أوصى به الموصي قد اطلع عليه {عَلِيم} بذلك وبما بدله الموصى إليهم أو غيرهم. حتى قال بعض أهل العلم الأولى ترك الدخول في الوصايا لما فيه من الخطر. وخصوصاً في هذه الأزمنة.
لكن قال الحارثي وغيره الوصية إما واجبة أو مستحبة وأولوية ترك الدخول يؤدي إلى تعطيلها فالدخول قد يتعين فيما هو معرض للضياع. ولما فيه من درء المفسدة وجلب المصلحة. فيجوز أو يستحب الدخول لمن قوي عليه ووثق من نفسه. وقال بعضهم قربة مندوبة. وكما أن التغيير والتبديل مذموم. فحفظ مال المسلم مندوب وهو فعل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(وأمر النبي صلى الله عليه وسلم عمر وأبا طلحة) رضي الله عنهما (وغيرهما) من الصحابة (أن يجعلوا وصاياهم في القربى) كقربى عمر وغيره (وللفقراء) وتقدم تعريفهم (وغير ذلك) كسبيل الله وابن السبيل وغير ذلك من أبواب البر. مما هو مشهور مستفيض بين المسلمين. جار عليه عملهم قرناً بعد قرن وجيلاً بعد جيل. فعمر رضي الله عنه جعلها في الفقراء وفي القربى والرقاب والضيف وابن السبيل. بعد أن أمره النبي صلى الله عليه وسلم بذلك. ومن الرواه من رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم. وأبو طلحة قال له النبي صلى الله عليه وسلم " اجعلها في قرابتك" كما تقدم. فجعلها في حسَّان وأبي وغيرهما.
ولو أوصى لزيد والفقراء والمساكين فله التسع. ولو أوصى بثلثه للمساكين وله أقارب محاويج غير وارثين لم يوص لهم فهم أحق به. وفي أعمال بر وذريته ضعفاء جاز لمتوليها أن يدفع لهم ما يستغنون به. وإذا كانت غير حجة الإسلام صرفت عليهم.
وكذا الأضحية لأن الصدقة عليهم أفضل إذا احتاجوا ولابد من تنفيذ الوصية ابتداء ثم النظر للمتولي عليها. كما أفتى به الشيخ عبد الرحمن بن حسن. وتصح الوصية لحمل تحقق وجوده قبل الوصية. ويقبل عنه وليه بعد موت الموصي. لا لما تحمل به هذه المرأة ما لم يتحقق وجوده قبل الوصية.
ولا تصح لملك أو بهيمة أو ميت. وإن أوصى لحي وميت فللحي نصف الوصية. وكذا لو مات أحدهما أو رد الوصية لعدم الأهلية. وإن أوصى من لا حج عليه أن يحج عنه بألف مثلاً صرف من ثلثه مؤونة حجة بعد أخرى حتى ينفد وإن قال. بألف دفع لمن يحج به واحدة. وقال الشيخ لو وصى أن يحج عنه زيد تطوعاً بألف فيتوجه إذا أبى المعين حج عنه غيره. وقال ومن أوصى بإخراج حجة فولاية الدفع والتعيين للوصي الخاص إجماعاً. وإنما للولي العام الاعتراض عليه لعدم أهليته أو فعله محرماً.
(وأوصى عمر) رضي الله عنه (بثمغ) أرض بخيبر وللبخاري كان أرضاً تقدم خبرها في الوقف.
(وأوصى أبو طلحة) رضي الله عنه (ببيرحاء) بئر وبستان شمالي سور المدينة من جهة الشرق مربعة الطي يستقى الماء منها بالدلاء وقال صلى الله عليه وسلم مال رابح وتصح بالمجهول كعبد وشاة عند جمهور العلماء وتقدم نحوه وبما يعجز عن تسلمه كآبق وطير
في هواء. وبالمعدوم كما يحمل حيوانه وشجرته. وبما فيه نفع مباح ككلب حرث وماشية وزيت متنجس ونحو ذلك. وإن أوصى بثلث ماله فاستحدث مالاً دخل في الوصية. وإن تلف الموصى به بطلت وإن تلف المال غيره فهو للموصى له إن خرج من ثلث المال الحاصل للورثة. والاعتبار حالة الموت.
(وأوصت أم الشريد) ابن سويد الثقفي رضي الله عنهما (أن يعتق عنها رقبة مؤمنة) فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال عندي جارية سوداء فقال "ائت بها" فدعا بها فجاءت فقال لها "من ربك" قالت الله قال "من أنا" قالت أنت رسول الله قال "اعتقها فإنها مؤمنة" رواه أحمد وأبو داود والنسائي فدل الحديث على صحة الوصية بعتق الرقبة المؤمنة وفضلها ودل على جواز النيابة في العتق بالوصية. واكتفى بمعرفة الله ورسوله في كون تلك الأمة مؤمنة. وقد ثبت نحو ذلك في غير ما حديث.
(وعن عمرو) ابن شعيب عن أبيه عن جده (أن العاص) ابن وائل بن هشام القرشي السهمي (أوصى أن يعتق عنه مائة رقبة) وكان عتق الرقاب معهوداً في الجاهلية (فأعتق) ابنه
(هشام خمسين رقبة) تنفيذاً لوصية أبيه العاص ابن وائل
(وأراد ابنه عمرو) رضي الله عنه تنفيذ وصية أبيه كما فعل أخوه هشام (أن يعتق عنه الخمسين) الرقبة (الباقية) عليه
فجاء عمرو إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إن أبي أوصى
أن يعتق عنه مائة رقبة وإن هشاماً أعتق عنه خمسين رقبة. وبقيت خمسون أفأعتق عنه؟.
(فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو كان) يعني العاص بن وائل (مسلماً فأعتقتم عنه أو تصدقتم أو حججتم عنه) وتقدم حكم النيابة في الحج (نفعه ذلك) فدل على صحة الوصية بالعتق. وفضل الوصية ونفعها لو كان مسلماً (رواه أبو داود) وقد صحح له بهذا الإسناد الترمذي وغيره فدل الحديث على صحة الوصية وصحة وصية الكافر بالمباح فالمندوب أولى ودل على أن الكافر إذا أوصى بقربة من القرب لم ينفعه ذلك لأن الكفر مانع لحبوط العمل بالكفر قال تعالى {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ} فأثبت لهم عملاً وقال {فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُورًا َ} وقال {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُم} .
فلا ينفع الكافر ما عمله ولا ما أوصى بفعله. ولا ما فعله له قرابته المسلمون من أي قربة من القرب كالصدقة والحج والعتق وغير ذلك. ولا يلزم تنفيذ وصيته. وأما صحتها فتصح وصية الذمي عند جمهور أهل العلم أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وغيرهم. ولم يتعرض في هذا الخبر لعدم صحتها. وإنما ذكر عدم القبول. فتصح بالمباح إذ لا مانع. فلا تصح وصية مسلم ولا كافر لكنيسة وبيت نار وبيعة وصومعة. ولا أي مكان من أماكن الكفر أو عمارتها أو سدنتها. ولا لشيء من الإنفاق عليها لأنه معصية. ولا لكتب التوراة والإنجيل وبدع ونحوها.
(وروي عن ابن مسعود) رضي الله عنه من طريق محمد العزرمي (أن رجلاً أوصى) يعني في زمن النبي صلى الله عليه وسلم (لرجل بسهم) أي من ماله (فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم السدس) ومحمد العزرمي تكلم فيه أهل العلم. لكن هو قول علي وابن مسعود. وقال الموفق وغيره لا نعلم عن غيرهما خلافهما. وقال إياس بن معاوية السهم في كلام العرب السدس. وهو مذهب أحمد وغيره.
وإن صح الحديث المذكور. أو صح أن السهم في لسان العرب السدس فكما لو وصى له بسدس من ماله. والإ فقال الموفق وغيره الذي يقتضيه القياس أنه كما لو وصى له بجزء من ماله على ما اختاره الشافعي وغيره أن الورثة يعطونه ما شاءوا.
وإن أوصى بشيء أو جزء أو حظ أعطاه الوارث ما شاء قولاً واحداً. لأن القصد بالوصية بره. وإنما وكل قدر الموصى به وتعيينه إلى الورثة. لأنه لا حد له في لغة ولا في شرع. فكان على إطلاقه. وإن كان له ثلاث أولاد مثلاً فأوصى لشخص بمثل نصيب أحدهم. فقال الجمهور: أبو حنيفة والشافعي وأحمد وغيرهم له الربع. وإن أوصى بمثل نصيب أحد ورثته ولم يعين كان له مثل ما لأقلهم نصيباً.
(وقال سعد بن أبي وقاص) رضي الله عنه (أوصى أخي) عتبة بن أبي وقاص (أن أنظر ابن أمة زمعة) فأقبضه له
يعني أنه ابن له من أمة زمعة والحديث رواه البخاري عن عائشة رضي الله عنها أن عبد بن زمعة وسعد بن أبي وقاص اختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في ابن أمة زمعة. فقال سعد يا رسول الله أوصاني أخي إذا قدمت أن أنظر ابن أمة زمعة فأقبضه فإنه ابني. وقال ابن زمعة أخي وابن أمة أبي ولد على فراش أبي. فرأى النبي صلى الله عليه وسلم شبهاً بينا بعتبة. فقال "هو لك يا عبد بن زمعة. الولد للفراش. واحتجبي منه يا سودة" وسيأتي إن شاء الله. ووجه الاستدلال به هنا جواز الإيصاء بالنيابة في دعوى النسب. والمحاكمة في ذلك. فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينكر على سعد دعواه بوصاية أخيه في ذلك. بل أقرها وحكم بينهما.
(وأوصى أبو عبيدة) ابن الجراح الفهري أمين هذه الأمة وأحد العشرة رضي الله عنهم واسمه عامر بن عبد الله بن الجراح أوصى (إلى عمر) رضي الله عنه وأوصى عمر إلى ابنه عبد الله وأوصى عبد الله إلى ابنه جابر رضي الله عنهما في قضاء دينه وغيره (و) أوصى (إلى الزبير) ابن العوام جماعة من الصحابة رضي الله عنهم بسهم (عثمان بن عفان) رضي الله عنه كما رواه البيهقي وأوصى الزبير إلى ابنه عبد الله في قضاء دينه وغيره (وغيره) أي وأوصى إلى الزبير غير عثمان منهم ابن مسعود وعبد الرحمن بن عوف والمقداد ومطيع واشتهر فكان كالإجماع.
حتى قال عمر لو تركت تركة أو عهدت عهداً إلى أحد لعهدت إلى الزبير إنه ركن من أركان الدين وقال الوزير اتفقوا
على أن الوصية إلى العدل جائزة. وأن الوصية إلى الكافر لا تصح. وتصح وصية الكافر إلى المسلم إن لم تكن تركته نحو خمر. وتصح الوصية إلى عاجز. ويضم إليه أمين. وتصح إلى زيد وبعده إلى عمر. لقوله صلى الله عليه وسلم "أميركم زيد فإن قتل فجعفر" وإلى صبي إذا بلغ كغائب إذا حضر. وتقدم أنه لا بأس بالدخول في الوصية لمن قوي عليها ووثق من نفسه. وأن الدخول فيها للقوي قربة.
وإذا أوصى إلى رجلين وأطلق لم يجيز لأحدهما التصرف دون الآخر. وهو مذهب الجمهور. مالك والشافعي وأحمد. وليس له أن يوصي إلا أن يجعل إليه. وله أن يوكل فيما لا يباشره مثله أو يعجز عنه كالوكالة. وهو مذهب مالك وأبي حنيفة وأحمد. وإذا أوصى إلى زيد وبعده إلى عمرو ولم يعزل زيداً اشتراكا وإن جعل الحل واحد التصرف صح وإن مات أو غاب جعل الحاكم مكانه أميناً.
ولا تصح التوصية إلا في تصرف معلوم يملكه الموصي كقضاء دينه وتفرقة وصيته والنظر لصغاره ونحو ذلك فلا تصح بالنظر على بالغ رشيد من أولاده من ورثته ولا بالنظر على أولادهما الأصاغر. ويصح قبول الوصية في حياة الموصي وبعد موته. وله عزل وصيه متى شاء كالوكالة. وقال بعضهم ليس للوصي عزل نفسه إن لم يجد حاكماً. لأنه تضييع للأمانة. وإبطال لحق المسلم. وكذا إن تعذر تنفيذ حاكم للموصى به.
أو غلب على الظن إسناده إلى من ليس بأهل.
(وعن سعد) رضي الله عنه ابن الأطول بن عبد الله بن خالد (الجهني) من جهينة القبيلة المشهورة (أن أخاه) يسار بن الأطول (ترك دراهم وعيالاً) وعليه دين قال فأردت أن أنفق الدراهم على عياله (فقال صلى الله عليه وسلم إنه محتبس بدينه) فاقض عنه (فقال يا رسول الله قد أديت عنه) فيه استقلال الوصي في قضاء ديون الميت لإقرار النبي صلى الله عليه وسلم ذلك. وحكى إجماعاً لنيابته عنه. ثم قال (إلا دينارين ادعتهما امرأة ولا بينة) أي وليس لها بينة
(قال فاعطها فإنها محقة رواه أحمد) وابن ماجه وغيرهما.
وفيه دليل على تقديم إخراج الدين على ما يحتاج إليه من نفقة أولاد الميت ونحوها. ولا خلاف في ذلك. وتقدم أن الدين يقدم على الوصية. وقال بعض أهل العلم لا يدفع إلا إذا ثبت ببينة. وقال الشيخ من ادعى ديناً على ميت وهو ممن يعامل الناس نظر الوصي إلى ما يدل على صدقه ودفع إليه. وإلا فتحريم الإعطاء حتى يثبت عند القاضي خلاف السنة والإجماع. وكذلك ينبغي أن يكون حكم ناظر الوقف ووالي بيت
المال. وكل وال على حق غيره إذا تبين له صدق الطالب
دفع إليه. وذلك واجب عليه إن أمن التبعية. وإن خاف التبعية فلا اهـ.
وإن ظهر دين يستغرق التركة بعد تفرقة الوصي لم يضمن
لرب الدين شيئاً. لأنه معذور بعدم علمه بالدين. وإن أمكن الرجوع فعل. ووفى الدين. وإن قال الموصي ضع ثلثي حيث شئت. أو تصدق به على من شئت ونحو ذلك. فقال الجمهور لا يحل للوصي أخذه. وقال أصحاب الرأي وغيرهم له أخذه لنفسه وولده. وقال الموفق يحتمل أن يجوز ذلك عندنا أيضاً. لأن لفظ الموصي يحتمله. ويحتمل أن ينظر إلى قرائن الأحوال. فإن دلت على أنه أراد أخذه منه مثل أن يكون من جملة المستحقين أو عادته الأخذ من مثله فله الأخذ منه.
وقال الحارثي المذهب جواز الدفع إلى الولد والوالد ونحوهم. واختاره المجد وغيره. فإن عبارته تستعمل في الرضا بصرف الوصي إلى ما يختاره كيف كان. لا إلى ورثة الموصي. وإن قال اصنع في مالي ما شئت أو هو بحكمك افعل فيه ما شئت ونحو ذلك من ألفاظ الإباحة لا الأمر فقال الشيخ له أن يخرج ثلثه. وله أن لا يخرجه. فلا يكون الإخراج واجباً ولا محرماً. بل هو موقوف على اختيار الوصي. وقال له صرف الوصية فيما هو أصلح من الجهة التي عينها الموصي اهـ. والمال الموصى به في يد الموصى إليه أمانة يجب عليه حفظه حيث تحفظ الأمانات. وإن أودعه لخائن مع إمكانه أن لا يفعل فهو مفرط.