المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل في الولي - الإحكام شرح أصول الأحكام لابن قاسم - جـ ٣

[عبد الرحمن بن قاسم]

فهرس الكتاب

- ‌كتابُ الجهَاد

- ‌فصل في وجوب الطاعة

- ‌فصل في الغنيمة

- ‌فصل في الفيء

- ‌باب الأمان

- ‌باب عقد الذمة

- ‌كتابُ البَيع

- ‌فصل فيما نهي عنه

- ‌باب الشروط في البيع

- ‌باب الخيار

- ‌باب الربا

- ‌باب بيع الأصول والثمار

- ‌باب السلم

- ‌باب القرض

- ‌باب الرهن

- ‌باب الضمان

- ‌فصل في الكفالة

- ‌باب الحوالة

- ‌باب الصلح

- ‌فصل في حجر السفه

- ‌باب الوكالة

- ‌باب الشركة

- ‌فصل في المضاربة

- ‌باب المساقاة

- ‌باب الإجارة

- ‌باب السبق

- ‌باب العارية

- ‌باب الشفعة

- ‌باب الوديعة

- ‌باب إحياء الموات

- ‌باب الجعالة

- ‌باب اللُقَطة

- ‌باب اللقيط

- ‌باب الوقف

- ‌فصل في شرط الواقفوإبدال الوقف لحاجة وغير ذلك

- ‌باب الهبة

- ‌فصل في العطية

- ‌باب الوصايا

- ‌فصل في الموصى له وإليه

- ‌كتاب الفرائض

- ‌باب الفروض

- ‌باب التعصيب

- ‌باب ميراث ذوي الأرحام

- ‌باب ميراث الحمل والمفقود والخنثى والغرقي

- ‌باب ميراث أهل الملل

- ‌باب ميراث المطلقة والمقربة

- ‌باب ميراث القاتل والمبعض والولاء

- ‌باب العتق

- ‌باب الكتابة

- ‌كتاب النكاح

- ‌فصل في أركانه

- ‌فصل في اشتراط الرضى

- ‌فصل في الولي

- ‌فصل في الشهادة

- ‌فصل في الكفاءة

- ‌باب المحرمات في النكاح

الفصل: ‌فصل في الولي

في بنتها لما روى أحمد وأبو داود من حديث ابن عمر "آمروا النساء في بناتهن" وذلك استطابة للنفس. ولا خلاف أنه ليس لها فيها أمر.

‌فصل في الولي

أي في اشتراط الولي عند عقد النكاح. فلا يصح إلا بولي وهو مذهب مالك والشافعي وأحمد وجمهور العلماء. والولي هو متولي أمر المرأة

(قال تعالى: {وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنكُمْ} الأيم المرأة التي لا زوج لها. أمر تعالى بإنكاحها ولم يكله إليها فدلت على اعتبار الولي. وقال {فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} قال الشافعي هي أصرح آية في اعتبار الولي. وإلا لما كان لعضله معنى ويأتي ذكر سبب نزولها. وقال الشيخ تزويج الأيامى فرض كفاية إجماعًا. وتقدم بيان الإذن وأنه لا يزوج غير الأب صغيرًا إلا الحاكم لحاجة. ولا كبيرة عاقلة ولا بنت تسع سنين إلا بإذن. وإذن بنت تسع فأكثر معتبر وقالت عائشة إذا بلغت الجارية تسع سنين فهي امرأة.

(وقال: {فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ} أي مواليهن. فدلت الآية على أن السيد هو ولي أمته. ويزوجها بغير إذنها. لأنه يملك منافع بضعها. ولا تزوج إلا بإذنه وكذلك وهو ولي

ص: 516

عبده. وليس له أن يتزوج بغير إذنه. ويزوج الصغير بغير إذنه. فإن كان مالك الأمة امرأة زوجها من يزوج سيدتها بإذنها لما في الحديث "لا تزوج المرأة المرأة ولا المرأة نفسها فإن الزانية هي التي تزوج نفسها".

(وعن أبي موسى: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا نكاح) أي لا يصح عقد النكاح (إلا بولي) يعقده. وهو أقرب العصبة بالنسب ثم السبب ثم عصبته ثم المولى. ثم عصبته (رواه الخمسة وصححه أحمد) وابن المديني وابن مهدي والترمذي والبيهقي وابن القيم وغيرهم من الحفاظ. وعن جابر نحوه وقال الضياء رجاله كلهم ثقات. وذكر المناوي أنه متواتر فدل الحديث: أنه لا يصح النكاح إلا بولي. لأن الأصل في النفي نفي الصحة وقال الترمذي العمل عليه عند أهل العلم منهم عمر وعلي وابن عباس وأبو هريرة وغيرهم. وهكذا روي عن فقهاء التابعين أنهم قالوا لا نكاح إلا بولي. وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق. والولي هو الأقرب إلا المرأة من عصبتها دون ذوي أرحامها وهذا مذهب جمهور العلماء. واشترطوا في الولي التكليف لأن غير المكلف يحتاج لمن ينظر له. والذكورية والحرية لأن المرأة والعبد لا ولاية لهما على أنفسهما فغيرهما أولى والرشد في العقد واتفاق الدين والعدالة وقال الشيخ في عقد الكتابي لابنته على المسلم ليس على بطلانه دليل شرعي ولا ينبغي أن يكون متوليًا لنكاح مسلم.

ص: 517

(ولهم) أي للخمسة وغيرهم (عن عائشة) رضي الله عنها (مرفوعًا) إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال (أيما امرأة نكحت) أي تزوجت (بغير إذن وليها فنكاحها باطل) فنكاحها باطل كرره ثلاثًا تأكيدًا لبطلانه. وهذا مع ما تقدم وما يأتي من خبر معقل وغيره يدل على اشتراط الولي. وقال الخطابي في قوله {وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ} أدل آية في كتاب الله على أن النكاح لا يصح إلا بعقد ولي. وأنه لو كان لها سبيل إلى أن تنكح نفسها لم يكن للعضل معنى (فإن دخل بها) أي بمن نكحت بغير إذن ولي (فلها المهر بما استحل من فرجها) قال الرافعي فيه أن وطء الشبهة يوجب المهر وإذا وجب ثبت النسب وانتفى الحد.

(فإن اشتجروا) أي منعوها من كفء، فالاشتجار منع الأولياء المرأة من التزويج من كفء (فالسلطان ولي من لا ولي له) أي فيزوجها السلطان. لأن الولي إذا امتنع فكأنه لا ولي لها فيكون السلطان وليها (صححه الترمذي) وأبو عوانة وابن معين وابن حبان والحاكم وغيرهم. قال الحاكم وقد صحت الرواية فيه عن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عائشة وأم سلمة وزينب وعلي وابن عباس وغيرهم. وذكر ثلاثين صحابيًا.

وجمهور العلماء على اشتراط الولي. كما هو ظاهر هذا الحديث وغيره. وأن المرأة لا تزوج نفسها. وقال ابن المنذر لا يعرف عن الصحابة خلاف في ذلك.

وعن أبي هريرة "لا تزوج المرأة المرأة ولا المرأة نفسها" وقال

ص: 518

الحافظ رجاله ثقات وظاهره لا بإذن الولي ولا غيره. وجعلت امرأة أمرها بيد رجل غير الولي فانكحها فبلغ عمر فجلد الناكح والمنكح. ورد نكاحها. وكان علي يضرب فيه بغير ولي. رواها الدارقطني. وفيه أن المرأة تستحق المهر بالدخول وإن كان النكاح باطلًا. وأن بطلانه يقع مع العلم بالحكم والجهل به.

ويسمى باطلًا أو صحيحًا. ولا واسطة بينهما. وأنه إن اشتجر الأولياء أي عضلوا انتقلت الولاية إلى السلطان.

وظاهره أنه إن عضل الأقرب تنتقل إلى الأبعد وهو مذهب الجمهور. وكذا إن غاب غيبة منقطعة لا تقطع إلا بكلفة ومشقة أو جهل مكانه. أو تعذرت مراجعته. تنتقل إلى من يليه ثم إلى السلطان فلأبي داود وغيره أن النجاشي زوج النبي صلى الله عليه وسلم أم حبيبة وقال ابن القيم وهو المعروف عند أهل العلم. وقال الموفق وغيره للسلطان تزويج من لا ولي لها عند عدم الأولياء أو عضلهم لا نعلم فيه خلافًا. فالسلطان ولي من لا ولي لها لعدمه أو منعه أو غيبته. وعن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعًا "لا نكاح إلا بولي والسلطان ولي من لا ولي له".

رواه الطبراني وغيره. والمراد بالسلطان من إليه الأمر.

وقال الموفق وغيره هو الإمام أو الحاكم أو من فوض إليه ذلك. وعن أحمد عند عدم القاضي. وقال إذا لم يكن لها ولي فالسلطان المسلط على الشيء القاضي يقضي في الفروج والحدود. وقال أيضًا ما للوالي ولاية إنما هو القاضي وقال

ص: 519

بعضهم إن الوالي أذن له في التزويج ويحتمل أنه إذا لم يكن في موضع ولايته قاض. قال الشيخ لأنه موضع ضرورة ويقدم أبو المرأة في إنكاحها لأنه أكمل نظرًا وأشد شفقة. ثم وصيه في النكاح. ولا إشكال في جواز توكيله. لأن ولايته ثابتة شرعًا.

وكذلك لا يعتبر معه إذن كموكله. قال في الإنصاف قطع به الجمهور. وكذا إن كان غير مجبر. لأن ولايته ثابتة بالشرع. فلا تتوقف استنتابته إلى إذنها كالمجبر. وإنما افترقا على إذنها في صحة النكاح. قال وهذه طريقة الموفق وغيره. وهو الأقوى دليلًا انتهى.

وتقدم الكلام في الأب فكذا وكيله. ثم جدها لأب وإن علا. ثم ابنها ثم بنوه وإن نزلوا الأقرب فالأقرب. لما روى النسائي وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمر بن أبي سلمة "قم فزوج رسول الله" فزوجه. ثم أخوها لأبوين ثم لأب ثم بنوهما كذلك. ثم عمها لأبوين ثم لأب ثم بنوهم على ما سبق في الميراث. ثم أقرب عصبة نسب كالإرث ثم المولى ثم المنعم ثم عصبته ثم ولاء. قال الوزير اتفقوا على أن الولاية في النكاح لا تثبت إلا لمن يرث بالتعصيب ولا ولاية لأخ من أم ولا خال ونحوه من ذوي الأرحام وهو مذهب الشافعي.

ولا تزول ولاية بالإغماء ولا بالعمى ولا بالسفه. وإن جن أحيانًا أو أغمي عليه أو أحرم انتظر زوال ذلك. ولا ينعزل الولي بطريان ذلك. ثم السلطان أو نائبه. وقال الشيخ إذا تعذر.

ص: 520

من له ولاية النكاح انتقلت الولاية إلى أصلح من يوجد ممن له نوع ولاية ككبير قرية أو وليها أو أمير قافلة ونحوه. وقال إذا ادعت خلوها من الموانع وأنها لا ولي لها زوجت ولو لم يثبت ذلك ببينة اهـ. وإن زوج الأبعد من غير عذر للأقرب أو زوج أجنبي ولو حاكمًا من غير عذر لم يصح العقد لعدم الولاية من العاقد عليها. مع وجود مستحقها.

وإن كان الأقرب لا يعلم أنه عصبة أو أنه صار أهلًا بأن بلغ أو عاد أهلًا بعد مناف من نحو فسق صح العقد استصحابًا للأصل. ووكيل كل ولي يقوم مقامه لأنه صلى الله عليه وسلم وكل أبا رافع وعمرو بن أمية بشرط إذنها للوكيل بعد توكيله إن لم تكن مجبرة ويشترط في وكيل ولي ما يشترط فيه. ويقول ولي أو وكيله لوكيل الزوج زوجت موكلك فلانًا فلانة وينسبها. ويقول وكيل الزوج قبلته لفلان وينسبه بما يتميز به. وإن استوى وليان فالأكثر سنًا يقدم. فأسن فإن تشاحوا أقرع.

(وعن عقبة) بن عامر رضي الله عنه (مرفوعًا أيمًا امرأة زوجها وليان) استويا في الولاية لرجلين (فهي للأول) أي لمن عقد له أولًا (رواه أبو داود) وأحمد والنسائي وغيرهم والخمسة عن الحسن عن سمرة وحسنه الترمذي فدل الحديثان على أنه إذا عقد لها وليان لرجلين وكان العقد مرتبًا إنها للأول منهما سواء دخل بها الثاني أولا. لأنه تزوج زوجة غيره. أما إن دخل بها عالمًا فأجمعوا على أنه زنا. وأنها للأول وإن كان جاهلًا إلا أنه لا

ص: 521

حد عليه للجهل. فإن وقع العقدان معًا في وقت واحد بطلا عند أكثر الفقهاء وكذا إذا علم ثم التبس. واختار الشيخ يقرع بينهما. وهي للقارع من غير تجديد عقد. وهو ظاهر كلام الجمهور. إلا إذا دخل بها أحدهما برضاها فإنه يقرر العقد الذي أقرت بسبقه.

(وعن جابر) بن عبد الله رضي الله عنه (مرفوعًا أيما عبد تزوج بغير إذن مواليه وأهله فهو عاهر) أي زان رواه أحمد وأبو داود و (صححه الترمذي) وابن حبان. وله عن ابن عمر أنه وجد عبدًا له تزوج بغير إذنه ففرق بينهما. وأبطل عقده. وضربه الحد. فدل على أن نكاح العبد بغير إذن وليه باطل. وحكمه حكم الزنا عند الجمهور. إلا أنه يسقط عنه الحد إذا كان جاهلًا التحريم. ويلحق به النسب. ولا ولاية لأحد عليها معه. ولو أبوها أبو ابنها قال الموفق بلا خلاف.

(وعن معقل بن يسار) رضي الله عنه (قال كانت لي أخت) قال الطبري اسمها جميل بالتصغير. وقيل غير ذلك.

قال وكانت تخطب إلي (فأتى ابن عم لي فأنكحتها إياه) وفي رواية أنه زوج أخته رجلًا من المسلمين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم (ثم طلقها) طلاقًا له رجعة ثم تركها حتى انقضت عدتها وذكر أنها خطبت إليه قال (ثم أتاني) يخطبها (فقلت لا أنكحها) وفي لفظ لا والله لا أنكحها أبدًا (فنزلت){وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ} أن ينكحن أزواجهن) الآية أي

ص: 522

لا تمنعوهن عن النكاح بعد انقضاء العدة. والعضل المنع. وأصله الضيق والشدة. وفيه فكفرت عن يميني وأنكحتها إياه (رواه البخاري) وفي رواية وكانت المرأة تريد أن ترجع إليه وفي رواية فهويها وهويته.

فدل الحديث على اعتبار الولي. وإلا لكان رغوب أحدهما في الآخر كافيًا. ودل على أن السلطان لا يزوج المرأة إلا بعد أن يأمر وليها بالرجوع عن العضل. وقال الشافعي هذا أبين ما في القرآن من أن للولي مع المرأة في نفسها حقًا وأن على الولي أن لا يعضلها إذا رضيت أن تنكح بالمعروف. قال وجاءت السنة بمعنى ما في كتاب الله عز وجل. اهـ. واتفقوا على أنه ليس للولي أن يعضل وليته إذا دعت إلى كفء. وبصداق مثلها.

وقال الشيخ إذا خطبها كفؤ وآخر وآخر فمنع صار ذلك كبيرة يمنع الولاية لأجل الإضرار والفسق. وتمام الآية: {تَرَاضَوْاْ بَيْنَهُم بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ مِنكُمْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُون} ، وهذا خطاب مع الأولياء. وهو أظهر ما يحتج به في اعتبار الولي في العقد. فلو كانت تملك عقد النكاح لم يكن هناك عضل ولا للنهي معنى. وهل أبلغ من هذا الخطاب.

(ولهما عن أنس) رضي الله عنه (أن النبي صلى الله عليه وسلم أعتق صفية) بنت حيى بن أخطب من سبط هرون بن عمران كانت تحت ابن أبي الحقيق. وقتل يوم خيبر ووقعت في السبي.

ص: 523