الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
انقضت عدتها. ولا يثبت خيار الشرط ولا خيار المجلس في النكاح إجماعًا.
فصل في اشتراط الرضى
أي ممن يشترط له. فلا يصح أن يكره على النكاح الرجال البالغون الأحرار المالكون لأمر أنفسهم بغير حق ولا الثيب البالغ فقد اتفق العلماء على اشتراط رضاهم وقبولهم في صحة النكاح إلا البالغ المعتوه والمجنونة والصغير والبكر على ما سيأتي ولا ريب أن الشارع اشترط للنكاح شروطًا زائدة على العقد تقطع عنه شبه السفاح. منها تعيين الزوجين ورضاهما والولي. والشهادة عند الجمهور. ومنع المرأة أن تليه بنفسها وندب الشارع إلى إعلانه. لأن في الإخلال به ذريعة إلى وقع السفاح بصورة النكاح. وزوال بعض مقاصده.
وأثبت له أحكامًا زائدة على مجرد الاستمتاع. وجعله وصلة بين الناس بمنزل الرحم. فأما تعيين الزوجين فلأنه المقصود في النكاح فلا يصح بدونه كزوجتك بنتي وله غيرها أو زوجتها ابنك وله بنون وإن أشار الولي إليها أو وصفها بما تتميز به أو قال زوجتك ابنتي وليس له إلا واحدة صح لعدم الالتباس. وأما الرضى فبالكتاب والسنة والإجماع في الجملة.
قال تعالى: {وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاء}
وأول الآية {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاء قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ} وهو ما تقدم من قوله {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَاّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء} .
(قالت عائشة) رضي الله عنها (نزلت في اليتيمة يرغب فيها وليها) ونحوه عن ابن عباس وغيره. وذلك أن اليتيمة تكون في حجر وليها فيرغب في نكاحها إذا كانت ذات مال وجمال بغير رضاها. وبأقل من سنة صداقها. فنهوا عن ذلك فدلت الآية على اعتبار الرضى في الجملة على ما يأتي تفصيله.
(وعنها) أي عن عائشة رضي الله عنها (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوجها بنت سبع سنين) وقيل بنت ست سنين قبل الهجرة (وأدخلت عليه بنت تسع سنين) سنة الهجرة أو السنة الثانية (متفق عليه) فدل الحديث على أن للأب تزويج ابنته البكر. والتي لم يكن لها إلا دون تسع سنين بغير إذنها ورضاها إذا وضعها عند كفء بلا نزاع حكاه ابن رشد والوزير وغيرهما وقال المهلب أجمعوا على أنه يجوز للأب تزويج ابنته الصغيرة والبكر. ولو كانت لا يوطأ مثلها. ودل على تزويج الصغيرة بالكبير. وحكاه الحافظ إجماعًا. قال ولو كانت في المهد لكن لا يمكن منها حتى تصلح للوطء. وله تزويج ابنه الغلام. فإن ابن عمر زوج ابنه وهو غلام. وليس له تزويج البالغ العاقل من بنيه بلا إذنه بلا نزاع.
(ولهما عن أبي هريرة مرفوعًا لا تنكح الأيم) وهي من فارقت زوجها بطلاق أو موت أو غيرهما (حتى تستأمر) من الاستئمار طلب الأمر. أي لا يعقد عليها حتى يطلب الأمر منها. فلهذا يحتاج إلى صريح إذنها. قال الشيخ وغيره وإذنها الكلام بلا خلاف اهـ. وإذا صرحت بمنعه امتنع اتفاقًا (ولا البكر حتى تستأذن وإذنها أن تسكت) أي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قالوا له وكيف إذنها؟ قال "أن تسكت" وفي لفظ "صماتها" ولأحمد "وإن سكتت فهو إذنها وإن أبت لم تكره" وهو قول عامة أهل العلم.
فدل الحديث على أنه لا بد من طلب الأمر بالتزويج من الثيب. فلا يعقد عليها حتى يطلب الولي منها الإذن بالعقد. والمراد من ذلك اعتبار رضاها. وهو معنى أحقيتها بنفسها من وليها، كما جاء في غير ما حديث. وعبر بالاستئذان بحق البكر إشارة إلى الفرق بينهما. وأنها متأكدة مشاورة الثيب. ومحتاج الولي إلى صريح القول بالإذن منها في العقد عليها. وأما البكر فإذنها دائر بين القول والسكوت. واكتفي منها بالسكوت لأنها قد تستحي من التصريح وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قلت يا رسول الله إن البكر تستحي؟ قال "رضاها صماتها".
وحكى ابن رشد وغيره الإجماع على أن الإذن في حق الإبكار المستأذنات واقع بالسكوت وهو الرضى. وأما الرد
فباللفظ للخبر وقال ابن المنذر يستحب أن يعلم أن سكوتها رضى. والأولى أن يرجع إلى القرائن. فإنها لا تخفى. والحديث عام الأولياء من أب وغيره من أنه لا بد من إذن البكر البالغة.
(ولمسلم: والبكر يستأذنها أبوها) والمراد البالغة. إذ لا معنى الاستئذان الصغيرة لأنها لا تدري ما الإذن. وله عن ابن عباس "الثيب أحق بنفسها من وليها والبكر تستأمر وإذنها سكوتها" وفي لفظ لأبي داود وغيره "ليس للولي مع الثيب أمر. واليتيمة تستأمر".
(وفي السنن لا تنكح اليتيمة حتى تستأذن) واليتيمة في الشرع الصغيرة التي لا أب لها وقال ابن عمر زوجني قدامة بن مضعون بنت أخيه عثمان. ودخل المغيرة إلى أمها فأرغبها في المال فأبتا علي حتى ارتفع أمرهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال "هي يتيمة ولا تنكح إلا بإذنها" فانتزعت مني. فلا يجبر اليتيمة وصي ولا غيره وظاهر الأحاديث أن البكر البالغة إذا زوجت بغير إذنها لم يصح العقد. وحكاه الترمذي قول أكثر أهل العلم. ويعتبر في الاستئذان تسمية الزوج على وجه تقع به المعرفة من ذكر نسبه ومنصبه ونحو ذلك. لتكون على بصيرة.
(وللبخاري) من طريق مالك (عن خنساء) بنت خدام بن خالد الأنصاري من بني عمرو بن عوف رضي الله عنها (أن أباها زوجها وهي ثبت فكرهت) ورواه النسائي من
طريق سفيان وهي بكر (فرد رسول الله صلى الله عليه وسلم نكاحها) ولأحمد وأبي داود وغيرهما أن بكرًا ذكرت أن أباها زوجها وهي كارهة. فخيرها النبي صلى الله عليه وسلم. قال ابن القيم وهذا الحديث على طريقة أكثر الفقهاء. وجميع أهل الأصول صحيح. وذكر أحاديث في معناه. وحديث مسلم "البكر يستأمرها أبوها" ثم قام وهذا خبر في معنى الأمر على إحدى الطريقتين. أو خبر محض ويكون خبرًا عن حكم الشرع. لا عن الواقع. وهي طريقة المحققين.
فقد توافق أمره وخبره ونهيه على أن البكر لا تزوج إلا بإذنها ومثل هذا يقرب من القاطع ويبعد كل البعد حمله على الاستحباب ثم قال وحمل هذه القضايا وأشباهها على الثيب دون البكر خلاف مقتضاها. فلا بد من رضاها من غير فرق بين أن يكون الذي زوجها هو الأب أو غيره. وقال الشيخ الصحيح أن البكر البالغة لا يجبرها أحد. وقال ليس للأبوين إلزام الولد بنكاح من لا يريد فلا يكون عاقًا كأكله ما لا يريد وللأب أو وصيه تزويج ابنه البالغ المعتوه والمجنونة والصغير فابن عمر زوج ابنه صغيرًا.
ومن يخنق بعض الأحيان أو زال عقله ببرسام ونحوه لم يصح إلا بإذنه قاله الشيخ وغيره. فإن من أمكن أن يتزوج لنفسه لم تثبت ولاية تزويجه كالعاقل. ويزوج المجنونة مع شهوتها كل ولي الأقرب فالأقرب لحاجتها إليه وصيانتها وغير ذلك.
وتعرف شهوتها من كلامها وتتبعها الرجال وتؤامر المرأة