الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل في الكفاءة
وهي لغة المساواة والمثل تتكافأ دمائهم أي تتساوى. والمراد بالكفاءة في باب النكاح الدين والمنصب والحرية والصناعة واليسار. وإذا رضيت المرأة والأولياء صح النكاح بالاتفاق إلا في الدين.
(قال تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} لما ذكر تعالى أنه خلقنا من ذكر وأنثى وجعلنا شعوبًا وقبائل لنتعارف: بين الخصلة التي بها فضل الإنسان وأنها التقوى. وكأنه لما قال ليس الشعوب والقبائل للتفاخر. قيل فبأي شيء يستحق الشخص المفخرة قال "من كان أتقى لله وأخشى له" وإلا فالناس متشاركون في الجد والجدة والكل واحد وإنما التفاوت بالدين.
(وعن فاطمة بنت قيس) أخت الضحاك بن قيس القرشية الفهرية. وكانت من المهاجرات الأول. ذات جمال وفضل وكمال (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال لها انكحي أسامة) بن زيد رضي الله عنهما وكانت جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن طلقها أبو عمرو بن حفص بن المغيرة. فأخبرته أن معاوية وأبا جهم خطباها فقال لها "أما أبو جهم فلا يضع عصاه على عاتقه وأما معاوية فصعلوك لا مال له انكحي أسامة"(رواه مسلم) وأسامة مولاه بن مولاه وهي قرشية وقدمه صلى الله عليه وسلم على أكفائها ممن ذكر فدل على أنه لا عبرة في الكفاءة بغير الدين.
(ولأبي داود) وغيره (عن أبي هريرة) رضي الله عنه-
(مرفوعًا) إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (يا بني بياضة) القبيلة المشهورة من الأمصار من بياضة ابن عامر بن زريق الخزرجي رضي الله عنه (أنكحوا أبا هند) واسمه يسار. وهو الذي حجم النبي صلى الله عليه وسلم وكان مولى لبني بياضة (وأنكحوا إليه) وكان حجامًا والحديث صححه الحاكم وجوده الحافظ وغيره فدل على عدم اعتبار كفاءة الأنساب. وثبت أن بلالًا نكح هالة بنت عوف. أخت عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهم. وعرض عمر ابنته على سلمان الفارسي.
وذهب الجمهور إلى أن الكفاءة النسب ليست شرطًا في صحة النكاح كما دلت عليه هذه الأحاديث وغيرها ففي الصحيح أن أبا حذيفة بن عتبة تبني سالمًا وأنكحه ابنة أخيه الوليد بن عتبة. وهو مولى لامرأة من الأنصار. وقال الموفق وغيره الصحيح أن الكفاءة غير مشروطة وهي المذهب عند أكثر المتأخرين. وقول أكثر أهل العلم. وعن أحمد أنها مشروطة لأنها حق لله ولها وأوليائها وأوردوا فيه أخبارًا. قال وما روي فيه يدل على اعتبارها في الجملة. ولا يلزم منه اشتراطها. أما الدين وهو أداء الفرائض واجتناب النواهي فمعتبر باتفاق الأئمة. فلا تزوج عفيفة بفاجر.
وأما المسلمة بمجوسي ونحوه فلا نزاع في بطلانه. وأما المنصب وهو النسب فليس العجمي كفوًا للعربية وروي عن عمر لأمنعن أن تزوج ذات الأحساب إلا من الأكفاء وأما
الحرية فليس العبد كفوًا للحرة ولو عتيقة لقصة بريرة ولأنه منقوص بالرق. ممنوع من التصرف وأما الصناعة فكما روي "العرب بعضهم لبعض أكفاء إلا حائكًا أو حجامًا" وضعفه أحمد وغيره لكن قال العمل عليه عند أهل العرف. وأما اليسار بحسب ما يجب لها من مهر ونفقة. فلما روي "الحسب المال" وأحساب الناس بينهم هذا المال. ولأن عليها ضررًا في إعساره وبه تملك الفسخ كما يأتي.
وقال الخطابي الكفاءة معتبرة في قول أكثر العلماء بأربعة أشياء: الدين والحرية والنسب والصناعة. ومنهم من اعتبر السلامة من العيوب. واعتبر بعضهم اليسار. ومذهب الشافعي وأحمد وجمهور العلماء أن النسب شرط للزوم النكاح. فلو زوج الأب عربية بعجمي أو حرة بعبد فلمن لم يرض من المرأة والأولياء الفسخ. لأن العار عليهم جميعًا وخياره على التراخي. ولا يسقط بإسقاط بعض العصبة. وقال الشافعي ليس نكاح غير الأكفاء حرامًا فيرد به النكاح. وإنما هو تقصير بالمرأة والأولياء. فإذا رضوا صح ويكون حقًا لهم تركوه فلو رضوا إلا واحدًا فله الفسخ.
وفي الاختيارات الذي يقتضيه كلام أحمد أن الرجل إذا تبين له أنه ليس بكفء فرق بينهما وأنه ليس للولي أن يزوج المرأة من غير كفء ولا للزوج أن يتزوج ولا للمرأة أن تفعل ذلك وأن الكفاءة ليست بمنزلة الأمور المالية. ولكنه أمر ينبغي