الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فسبقته على رجلي. فلما حملت اللحم سابقته فسبقني. فقال هذه بتلك السبقة. وفي هذه الأحاديث وغيرها الدلالة على جواز السبق على الأقدام. ولا نزاع في ذلك.
ويجوز اللعب بما فيه مصلحة بلا مضرة. ويكره بأرجوحة ونحوها. وظاهر كلام الشيخ لا يجوز اللعب المعروف بالطابة والنقلة. وقيل هي اللعب بالودع. وكلما أفضى إلى المحرم. إذا لم يكن فيه مصلحة راجحة. لأنه يكون سببًا للشر والفساد وقال الشيخ ما ألهى وشغل عما أمر الله به فهو منهي عنه. وإن لم يحرم جنسه كالبيع والتجارة. وأما سائر ما يتلهى به البطالون من أنواع اللهو وسائر ضروب اللعب مما لا يستعان به في حق شرعي فكله حرام.
باب العارية
بتشديد الياء وتخفيفها. من عار إذا ذهب أو من العري وهو التجرد لتجردها عن العوض. وقيل من العار. وفيه شيء لأنه صلى الله عليه وسلم فعلها. وهي في الشرع إباحة عين بغير عوض. قال ابن رشد تكون في الدور والأرضين والحيوان. وجميع ما يعرف بعينه إذا كانت منفعته مباحة الاستعمال، اهـ. وتنعقد بكل لفظ أو فعل يدل عليها اتفاقًا بشرط أهلية المعير والمستعير. واتفقوا على أنها قربة مندوب إليها. وأن للمعير فيها ثوابًا جزيلًا ومشروعة بالكتاب والسنة والإجماع.
قال تعالى: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى} ، فالعارية داخلة في عموم الآية. فإن البر الإحسان والإعارة منه.
وقال: {وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُون} عارية القدر والفأس والدلو والملح والنار وأمثال ذلك. وشدد فيها قوم من السلف لهذا الآية. وإنه المتاع في البيت يتعاطاه الناس. وقال الشيخ تجب مع غنا المالك. وهو أحد القولين في مذهب أحمد. وتجب إعارة مصحف لمحتاج لقراءة مع عدم غيره. وخرج ابن عقيل وجوب الإعارة في كتب علم للمحتاج لها من القضاة والحكام وأهل الفتاوى.
(وقال: {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} هذا الخطاب يشمل جميع الأمانات. وورودها على سبب لا ينافي ما فيها من العموم. فإن الاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب بإجماع أهل العلم. فدلت الآية على وجوب رد الأمانات إلى أهلها. واستدل بعضهم بهذه الآية على وجوب ضمان العارية. والأمر بالتأدية لا يلزم منه الضمان إذا تلفت.
(واستعار رسول الله صلى الله عليه وسلم فرسًا لأبي طلحة متفق عليه) من حديث أنس قال كنا فزع بالمدينة فاستعار النبي صلى الله عليه وسلم فرسًا من أبي طلحة يقال له المندوب فركب. فلما رجع قال "ما رأينا من شيء. وإن وجدناه لبحرًا " فدل على جواز الاستعارة. وأبو طللحة هو زيد بن سهل بن الأسود ابن حرام الأنصاري
الخزرجي. مشهور بكنيته. وهو زوج أم سليم. يقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد نحري دون نحرك لا يصيبك بعض سهامهم. خير من ألف رجل. مات سنة أربع وثلاثين. وقيل سنة خمسين فالله أعلم.
(واستعار) يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم (من صفوان) يعني ابن أمية قرشي من أشراف قريش. هرب يوم الفتح. واستؤمن له. وحضر حنينًا والطائف. ثم أسلم وحسن إسلامه (أدراعًا) قمصان زرد الحديد تلبس وقاية من سلاح العدو. وذلك يوم خيبر فقال صفوان اغصبا أي هي غصب يا محمد (قال) بل عارية (مضمونة) وحكى الحافظ عن الجمهور ضمانها إذا تلفت في يد المستعير. إلا فيما إذا كان على الوجه المأذون فيه. قال فضاع بعضها فعرض عليه النبي صلى الله عليه وسلم أن يضمنها له. فقال أنا اليوم في الإسلام أرغب (رواه أبو داود) فدل على ضمانها بالتعدي لما يأتي في الرواية الثانية. وقال الشيخ هي مضمونة بشرط ضمانها. وهو رواية عن أحمد.
(وله عن يعلى) أي ولأبي داود وأحمد والنسائي
وغيرهم عن يعلى بن أمية. ويقال منية صاحبي مشهور
(نحوه) أي نحو حديث صفوان. ولفظه "إذا أتتك رسلي فأعطهم ثلاثين درعًا" قلت أعارية مضمونة أو عارية مؤداة (قال) بل (مؤداة) بدل مضمونة. والمؤداة التي تجب تأديتها مع بقاء عينها. فإن تلفت لم تضمن بالقيمة. فدل على أنها لا تضمن
العارية إذا لم يجر منه تعد. وروري "لا ضمان على مؤتمن" ومنه المستعير. وهو مذهب الحنفية والمالكية. واستظهره ابن القيم لأوجه.
أحدها هذه الرواية. فإنها تبين أنه أراد بقوله مضمونة يعني بالرد. والثاني أنه لم يسأله عن تلفها. وإنما سأله هل تأخذها مني أخذ غصب أو أخذ رد. فقال "بل عارية مضمونة" أي أؤديها إليك وأردها لك.
والثالث أنه جعل الضمان صفة لها نفسها. ولو كان ضمان تلف لكان الضمان لبدلها. فلما وقع الضمان على ذاتها دل على أنه ضمان أداء. ولو كان ضمان تلف لكان لما ضاع بعضها لم يعرض عليه أن يضمنها. ولقال هذا حقك. كما لو كان الذاهب بعينه موجودًا. فإنه لا يعرض عليه رده.
(وعن أبي أمامة مرفوعًا: العارية مؤادة) موصلة إلى صاحبها. قال الحافظ ليس فيه دلالة على التضمين. لأن الله يقول {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} وإذا تلفت الأمانة لم يلزم ردها. والحديث رواه أبو داود و (حسنه الترمذي) وصححه ابن حبان وغيره.
فدل على أنها لا تضمن إلا بالتعدي. وهو أوضح الأقوال. وأفتى عبد الله بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب أنها لا تضمن إلا بالتفريط فيها. وإن تلفت في انتفاع بمعروف لم تضمن. لأن
الإذن في الاستعمال تضمن الإذن في الإتلاف. وله استيفاء المنفعة بنفسه ووكيله. وليس له أن يعيرها أو يؤجرها.
(وعن سمرة مرفوعًا على اليد ما أخذت) أي ما أخذته اليد ضمان على صاحبها (حتى تؤديه) من غير نقص عين ولا صفة وأسند إلى اليد لأنها المتصرفة فمن أخذ مال غيره لزمه رده (رواه الخمسة) وصححه الحاكم وحسنه الترمذي والحديث دليل على وجوب رد ما قبضه المرء وهو ملك لغيره. وعليه مؤونة الرد. ولا يبرأ إلا بمصيره إلى مالكه أو من يقوم مقامه. وهم يعم العارية والغصب.
ولو سلم شريك شريكه دابة فتلفت بلا تعد لا تفريط لم يضمن. ولا ضمان عند الجمهور في أربع إذا كانت العارية وقفًا. وإذا أعارها المستأجر أو بليت فيما أعيرت له. أو أركب دابة منقطعًا للثواب فتلفت تحته ما لم يفرط. وللمعير الرجوع متى شاء بلا نزاع. ما لم يأذن في شغله بشيء يضر المستعير برجوعه فيه. كما لو أعاره أرضًا للزرع أو جدارًا ليضع عليه خشبه.
(ولأبي داود) وغيره (عن أبي هريرة) رضي الله عنه (مرفوعًا) إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (أد الأمانة) أي ادفع الأمانة
وهي كل حق لزمك أداؤه وحفظه (إلى من ائتمنك) عليها والائتمان إيداع الشيء لحفظه حتى يعاد إلى المؤتمن (ولا تخن
من خانك) أي لا تكافئ الخائن بمثل فعله. فلا يجازى بالإساءة من أساء وهذه مسألة الظفر وتأتي. والحديث حسنه الترمذي وصححه الحاكم. وتكلم فيه أحمد وغيره. وله طرق متعددة فيها مقال. وقال في نيل الأوطار ينتهض للاحتجاج به.
وهو شامل للعارية والوديعة ونحوهما وأنه يجب أداء الأمانة كما تقدم في قوله: {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} ولا نزاع في ذلك.
وإن اختلفا في الإعارة فقال المالك آجرتك فقبل مضي مدة يقبل قول مدعي الإعارة. وبعد مدة لها أجرة قول المالك. وإن قال أعرتك قال بل أجرتني فقول المالك. لأن الأصل عدم عقد الإجارة. وإن قال أعرتني أو أجرتني وقال المالك بل غصبتني فقوله. لأن الأصل عدمهما. وإن قال أعرتك وقال بل أجرتني والبهيمة تالفة فقول المالك. وإن اختلفا في الرد فقول المالك للخبر.
باب الغصب
أي باب ذكر أحكام الغصب وجناية البهائم وما في معنى ذلك من الاتلافات. والغصب مصدر غصب يغصب غصبًا.
وهو لغة أخذ الشيء ظلمًا. تقول غصبه منه وغصبه أو قهره عليه. واصطلاحًا الاستيلاء عرفًا على حق غيره قهرًا بغير حق
من عقار ومنقول. وهو محرم بالكتاب والسنة والإجماع في الجملة.
قال تعالى: {وَلَا تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم} أي لا يأكل بعضكم مال بعض {بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ} أي من غير الوجه الذي أباحه الله والغصب من أكل أموال الناس بالباطل وأصل الباطل الشيء الذاهب فالأكل بالباطل أنواع قال بعض المفسرين قد يكون بطريق الغصب والنهب وقد يكون بطريق اللهو والقمار.
(وقال صلى الله عليه وسلم فيما رواه عنه ابن عباس وأبو بكرة وغيرهما في خطبته يوم النحر عام حجة الوداع بمنى ومسلم عن جابر بعرفة (إن دماءكم) أي إن دماء بعضكم على بعض حرام (وأموالكم) أي وإن أموال بعضكم على بعض حرام (وأعراضكم) وهي موضع الذم والمدح (عليكم حرام) وقال الحافظ على حذف المضاف أي سفك دمائكم وأخذ أموالكم (كحرمة يومكم هذا) أي يوم النحر، ويوم عرفة أو هما وكلاهما له حرمة أكيدة وثلب أعراضكم عليكم حرام (في بلدكم هذا) أي بلد مكة وتقدم أنه حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة (في شهركم هذا) أي ذي الحجة وفيه ثم قال ألا هل بلغت؟ قالوا اللهم نعم فقال صلى الله عليه وسلم اللهم اشهد الحديث (متفق عليه).
قال الحافظ فيه مشروعية ضرب المثل وإلحاق النظير بالنظير
ليكون أوضح للسامع وقال مناط التشبيه ظهوره عند السامعين لأن تحريم البلد والشهر واليوم كان ثابتاً في نفوسهم متقرراً عندهم بخلاف الأنفس والأموال والأعراض فكانوا في الجاهلية يستبيحونها فأخبر الشارع أن تحريم دم الإنسان وماله وعرضه أعظم من ذلك فدل الحديث على آكدية تحريم مال المسلم.
(وعن أنس) بن مالك رضي الله عنه (مرفوعاً لا يحل مال امرئ مسلم) اخرج الكافر غير المستأمن (إلا عن طيب نفسه) رواه الدارقطني و (رواه ابن ماجه) وغيره ومعناه صريح في الكتاب والسنة ومجمع على تحريمه.
(وعن ابن السائب) عبد الله بن السائب بن يزيد بن سعيد ثمامة الكندي عن أبيه عن جده يزيد (أنه صلى الله عليه وسلم قال لا يأخذ أحدكم متاع أخيه) منفعة كان أو سلعة مما يتمتع به من الحوائج (لا لاعباً) أي لا في حالة اللعب فلا يجوز له أخذ متاع على جهة المزح والهزل فدل على تحريم أخذ متاع الإنسان على جهة المزح (ولا جاداً) أي ولا في حال الجد فيحرم أخذه على جهة الجد أيضاً وفي النهاية وغيرها أن يأخذه. ولا يريد سرقته ولكن يريد المزح وإدخال الهم والغيض عليه فهو لاعب في السرقة جاد في الأذية. وهذا كقوله تعالى (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل) وكقوله صلى الله عليه وسلم "إن دمائكم وأموالكم عليكم حرام" ولا نزاع في تحريم ذلك لا شرعاً ولا عقلاً بل تطابق على
ذلك الشرع والعقل إلا ما استثنى كالزكاة وغيرها من الحقوق المالية الموضحة في مواضعها.
(ومن أخذ عصا أخيه) تنبيهًا على ما هو أعلى منها وجاء ولو قضيبًا من أراك (فليردها إليه رواه أبو داود) وأقره المنذري وحسنه الترمذي فدل على تحريم أخذ مال المسلم بغير حق وليس المراد العصا بل المراد منه كل شيء حتى العصا فدل الحديث على تحريم الغصب ووجوب رد المغصوب بعينه إن أمكن أو مثله وإلا فقيمته كما سيأتي.
(ولهما) أي البخاري ومسلم (عن سعيد بن زيد مرفوعًا من غصب شبرًا من الأرض) وفي لفظ "من أخذ شبرًا" وفي لفظ "شيئًا" من الأرض (طوقه) أي حمله طوقًا على رقبته (من سبع أرضين) ولهما من حديث عائشة "من ظلم شبرًا من الأرض طوقه من سبع أرضين" ولأحمد من حديث أبي هريرة "من اقتطع شبرًا من الأرض بغير حق طوقه الله يوم القيامة من سبع أرضين" ولأبي عوانة "جاء به مقلده".
وفيها دليل على تغليظ عقوبة الغصب وأنه من الكبائر. ودليل على أن من ملك أرضًا ملك قرارها. وله منع من يحفر تحتها بئرًا أو سربًا بغير رضى المالك. وأن ملك ظاهر الأرض ملك لباطنها بما فيه من حجارة وأبنية ومعادن وغير ذلك. وأن له أن ينزل بالحفر ما شاء ما لم يضر بمن يجاوره.
(وعنه مرفوعًا ليس لعرق ظالم حق) قال الحافظ رواية الأكثر بتنوين عرق. وغلط الخطابي من رواه بالإضافة. وظالم نعت له. أي ليس لذي عرق ظالم حق (رواه الخمسة) وحسنه الحافظ وله شواهد. وتمام الحديث ولقد أخبرني الذي حدثني هذا الحديث أن رجلين اختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم غرس أحدهما نخلًا في أرض الآخر. فقضى لصاحب الأرض بأرضه. وأمر صاحب النخل أن يخرج نخله منها. قال فلقد رأيتها وإنما لتضرب أصولها بالفؤس. وإنها لنخل عم. يعني طوالًا.
وحكى ابن رشد الإجماع على أن من اغترس نخلًا أو شجرًا. وبالجملة نباتًا في غير أرضه أنه يؤمر بالقلع اهـ. ولأنه شغل ملك غيره بملكه الذي لا حرمة له في نفسه بغير إذنه فلزمه تفريغه. ويلزمه ارش نقصها وتسويتها وأجرة مثلها إلى وقت التسليم. وأكثر الفقهاء على أن صاحب الأرض يملك إجبار الغاصب على قلعه.
(وعن رافع مرفوعًا: من زرع في أرض قوم بغير إذنهم فليس له من الزرع شيء)، وكذا من بنى أو حفر في أرض غيره بغير حق. ولا شبهة فلا شيء له (وله نفقته) أي للغاصب ما أنفقه على الأرض من المؤونة في الحرث والسقي وقيمة البذر ونحو ذلك رواه الخمسة إلا النسائي. (وحسنهما الترمذي) وحسن البخاري حديث رافع. وله شواهد. وتقدم. وفيه دليل
على أن غاصب الأرض إذا زرعها لا يملك الزرع. وأنه لمالكها. وله ما غرم على الزرع من النفقة والبذر.
ويقال من بذر في أرض غيره بلا إذنه فلا يخلو: إما أن يسترجعها مالكها بعد حصاد الزرع أو قبله. فإن أخذها مستحقها بعد حصاد الزرع فالزرع لغاصب الأرض. قال الموفق لا نعلم فيه خلافًا. وذلك إنه نماء ماله وعليه أجرة الأرض إلى وقت التسليم، وضمان نقص الأرض. وإن أخذها صاحبها من الغاصب والزرع قائم فيها فعند الجمهور أن الزرع لمالك الأرض وعليه نفقته. واختاره الشيخ. ويخير المالك بين أن يدفع إليه نفقته ويكون الزرع له. أو يترك الزرع للغاصب ولم يملك إجباره على قلعه. لأنه أمكن رد المغصوب إلى مالكه من غير إتلاف مال الغاصب على قرب من الزمن. فلم يجز إتلافه.
وفارق الشجر لطول مدته. وحديث ليس لعرق ظالم حق محمول عليه. وهذا الحديث في الزرع. فحصل الجمع بين الخبرين. وأما من زرع بلا إذن شريكه والعادة بأن من زرع فيها له نصيب معلوم. ولربها نصيب معلوم. فقال الشيخ يقسم ما زرعه في نصيب شريكه كذلك اهـ. ولو طلب أحدهما من الآخر أن يزرع معه أو يهاييه فأبي فللأول الزرع في قدر حقه بلا أجرة. كدار بينهما فيها بنيان سكن أحدهما عند امتناعه مما يلزمه. وصوبه في الإنصاف. وأنه لا يسع الناس غيره.
وإن كان المغصوب على خلقته كولد الجارية فقال ابن رشد: لا خلاف أعلمه أن الغاضب يرده كالولد مع الأم المغصوبة. قال والقياس أن تجرى المنافع والأعيان المتولدة مجرى واحدًا. وقال الشيخ المتوجه فيما إذا غصب شيئًا كفرس وكسب به مالًا كالصيد أن يجعل الكسب بين الغاصب ومالك الدابة على قدر نفعها. بأن تقوم منفعة الراكب ومنفعة الفرس. ثم يقسم الصيد بينهما. وأما إذا كسب العبد فالواجب أن يعطى المالك أكثر الأمرين من كسبه أو قيمة نفعه.
(وعن ابن عمر) رضي الله عنهما (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من اعتق) أي حرر من الرق (شركًا له) وفي رواية شقصًا وفي رواية نصيبًا له (في عبد) ذكرًا كان أو أنثى (قوم) أي العبد (عليه قيمة عدل) وفي رواية قوم العبد عليه قيمة عدل (متفق عليه) ورواه غيرهما من غير وجه عن النبي صلى الله عليه وسلم وفيه "فأعطى شركاءه حصصهم وعتق عليه العبد وإلا" أي وإن لم يكن له مال "فقد عتق منه ما عتق" فدل على تقويم حصة الشريك. ولعله مع تعذر المثل.
قال ابن القيم إذا اتلف نقدًا أو حبوبًا. أمكن ضمانها بالمثل. وإن كان ثيابًا أو آنية أو حيوانًا فمثله. وقد يتعذر فالقيمة. واحتج الشيخ بقوله: {فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُم مِّثْلَ مَا أَنفَقُوا} وقال يضمن المغصوب بمثله مكيلًا كان أو موزونًا أو غيرهما حيث أمكن. وإلا فالقيمة. واختار اعتبار المثل بكل ما
يثبت في الذمة. والتشابه في غير المكيل والموزون ممكن. فلا مانع منه. وكذا ما انقسم بالأجزاء بين الشريكين من غير تقويم مضافًا إلى هذا النوع. لوجود التماثل وانتفاء التخالف.
(وللبخاري) في صحيحه من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه (أن إحدى نساء النبي – صلى الله عليه وسلم) وللترمذي أنها عائشة رضي الله عنها (كسرت قصعة الأخرى) هي زينب بنت جحش. كما رواه ابن حزم وغيره والقصعة إناء من خشب (فدفع) يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم (قصعة الكاسرة) وهي لعائشة رضي الله عنها (وحبس المكسورة) في بيت التي كسرت، وقال "طعام بطعام وإناء بإناء" وللنسائي عن أم سلمة أنها أتت بطعام في صحفة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فجاءت عائشة متزرة بكساء ومعها فهر ففلقت به الصحفة. ووقع مثل ذلك لحفصة مع عائشة. وصفية مع عائشة. فلأبي داود قالت ما رأيت صانعًا طعامًا مثل صفية، صنعته فبعثت به، فأخذني: أفكل –رعدة- فكسرت الإناء. فقلت يا رسول الله ما كفارة ما صنعت؟ قال "إناء مثل إناء. وطعام مثل طعام".
ولا ريب أن إتلاف مال الغير عدوانًا من أنواع الغصب. ودلت الأحاديث وما في معناها على أن من استهلك على غيره شيئًا كان مضمونًا بمثله. وهو إجماع في المثلي. حكاه الحافظ وغيره. وأن القيمي يضمن بمثله. ولا يضمن بالقيمة إلا عند عدم المثل. وقال الوزير اتفقوا على أنه يجب على الغاصب
للمغصوب منه رد العين إن كانت عينية. ولم يخف من ردها إتلاف نفس. وأن العروض والحيوان وكل ما كان غير مكيل ولا موزون يضمن إذا غصب وتلف بقيمته. والمكيل والموزون بمثله إذا وجد مثله. وقال ابن عبد البر كل مطعوم من مأكول ومشروب فمجمع على أنه يجب على مستهلكه مثله لا قيمته.
وقال الشيخ وغيره يضمن المغصوب بمثله مكيلًا كان أو موزونًا أو غيرهما. حيث أمكن. وإلا فالقيمة. وقال إذا تغير السعر وفقد المثل فينتقل إلى القيمة وقت الغصب. وهو أرجح الأقوال. وقال في الثوب والعصا والقصعة ونحوها يضمنه بالمثل مراعيًا للقيمة. وقال ولو شق ثوب شخص خير مالكه بين تضمين الشاق نقصه وبين شق ثوبه.
(وعن سمرة) رضي الله عنه (مرفوعًا) إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (من وجد عين متاعه) ما ينتفع به من عروض الدنيا وفي لفظ "عين ماله" أي ما غصب أو سرق أو ضاع من ماله (عند رجل فهو أحق به) فيأخذه وفي لفظ ويتبع البيع بكسر الياء مشددة من باعه رجلًا كان أو امرأة (وفي لفظ إذا سرق من الرجل متاعه) يعني ماله المسروق (أو ضاع) أي متاعه
(فوجده بيد رجل) أي عند رجل (بعينه) أي بعين ماله
المسروق أو الضائع والمراد إذا ثبت ببينة أو إقرار (فهو
أحق به) يأخذه.
وقال الموفق وغيره أجمع العلماء على وجوب رد المغضوب إذا كان بحاله لم يتغير ولم ينشغل بغيره (ويرجع المشتري) إن كان اشتراه (على البائع بالثمن) الذي دفعه (رواه أبو داود) والنسائي ورواه أحمد وابن ماجه. وفي لفظ "ويرجع المشتري" أي للمغصوب ونحوه "على من باعه" أي وأخذه منه الثمن. فإن له أن يخاصمه ويأخذ عين ماله منه. ويرجع مشتري الشيء المأخوذ من يده على من باعه إياه.
فمتى ظهر المبيع مستحقاً فللمشتري أن يرجع بالثمن على من قبضه منه أو ببدله. فإن كان القابض غائباً حكم عليه إذا قامت الحجة. وسلم للمحكوم له حقه من مال الغائب مع بقائه على حجته.
وإن اختلطت الغصوب واشتبه ملك بعضهم ببعض فقال الشيخ إن عرف قدر المال تحقيقًا قسم الموجود عليهم على قدره وإن لم يعرف إلا عدده على قدر العدد. لأن المالين إذا اختلطا قسما بينهم. وإن كان كل منهم يأخذ عين ما كان للآخر. لأن الاختلاط جعلهم شركاء. وسواء اختلط غنم أحدهما بالآخر عمداً أو خطأ. يقسم المالان على العدد إذا لم يعرف الرجحان. وإن عرف وجهل قدره أثبت منه القدر المتيقن. وأسقط الزائد المشكوك فيه. لأن الأصل عدمه.
قال وقدر المتلف إذا لم يمكن تحديده عمل فيه بالاجتهاد
كما يعمل في قيمته بالاجتهاد. إذ التقويم والخرص واحد. فإن الخرص الاجتهاد في معرفة مقدار الشيء. وتقويمه الاجتهاد في معرفة مقدار ثمنه. بل قد يكون الخرص أسهل. وكلاهما يجوز مع الحاجة. قال ومن ندم ورد المغصوب بعد موت المغصوب منه كان للمغصوب منه مطالبته في الآخرة لتفويته الانتفاع به في حياته. كما لو مات الغاصب فرده وارثه. وقال ومن كانت عنده غصوب وودائع وغيرها لا يعرف أربابها صرفت في المصالح. وقاله العلماء.
ولو تصدق بها جاز. وله الأكل منها. ولو كان عاصيًا إذا تاب. وكان فقيرًا. وقيل يدفعه إلى الإمام إن كان عادلًا. أو له نائب كذلك. الأسلم لرجل عالم معروف موثوق به. وأعلمه بالحال ليصرفه في مصارفه. وللعالم أن يصرفه إليه إن كان ممن يجوز الصرف إليه. وله أن يصرفه من نفسه لنفسه إن كان بهذه الصفة. وهو عالم بالأحكام الشرعية. وقال من مات معدمًا يرجى أن الله يقضي عنه ما عليه.
(وعن أبي هريرة مرفوعًا: العجماء) البهيمة لأنها لا تتكلم (جبار) بضم الجيم أي جناية البهائم هدر. قال أهل اللغة الجبار الهدر والباطل. وقال الشيخ كل بهيمة عجماء كالبقر والشاة وغيرهما. فجناية البهائم غير مضمونة إذا فعلت بنفسها. كما لو انفلتت ممن هي في يده وأفسدت فلا ضمان على أحد. ما لم تكن عقورًا ولا فرط صاحبها في حفظها في الليل أو في أسواق
المسلمين ومجامعهم. وكذا قال غير واحد أنه إنما يكون جبارًا إذا كانت منفلتة ذاهبة على وجهها ليس لها قائد ولا سائق إلا الضارية. وكذا الجوارح وشبهها يلزم مالكها وغيره ضمان ما أتلفت.
وفي الفصول من أطلق كلبًا عقورًا أو دابة رفوسًا أو عضوضًا على الناس وخلاه في طريقهم ومصاطبهم ورحابهم فأتلف مالًا أو نفسًا ضمن لتفريطه. وكذا إن كان له طائر جارح كالصقر والبازي فأفسد طيور الناس وحيواناتهم. وقال الشيخ فيمن أمر رجلًا بإمساك الضارية فجنت عليه يضمنه إن لم يعلمه بها. ويضمن جناية ولد الدابة إن فرط نحو أن يعرفه شموصًا.
(والبئر جبار) وذلك أن يحفر شخص في ملك نفسه فيتردى فيها إنسان). فإنه هدر. وإن حفر في فناء داره لنفسه ضمن. وكذا إن حفرها في طريق ضيق. وإن حفرها بطريق واسع لنفع المسلمين بلا ضرر في سابلة لم يضمن ما تلف بها لأنه محسن (والمعدن جبار) وذلك أن يستأجر من يستخرجها. فإذا انهارت عليهم فدماؤهم هدر. لأنهم أعانوا على أنفسهم فزال العتب عمن استأجرهم (متفق عليه) فدل الحديث على أن هذه الثلاثة هدر على ما فصل.
(ولأبي داود والرجل جبار) أي لا ضمان فيما جنته
الدابة برجلها. لكن بشرط أن لا يكون بسبب مالكها. كأن يجذبها باللجام زيادة على العادة أو يضرب وجهها فيضمن ما نفحته برجلها. وإن كانت هذه الزيادة فيها مقال فيشهد لها قوله في الحديث الصحيح "جرحها جبار" فإن عمومه يقتضي عدم الفرق بين جنايتها برجلها أو بغيرها.
(وعن النعمان) بن بشير رضي الله عنه (مرفوعًا) إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (من أوقف دابة) بعيرًا كان أو حمارًا أو غيرهما (في طريق المسلمين) المسلوك وقيده بعضهم بالضيق (أو سوقهم) أو مجامعهم (فأوطأت) أي داست (بيد أو رجل) فأتلفت شيئًا (فهو ضامن) لأن من طبع الدابة الجناية برجلها أو يدها أو فمها (رواه الدارقطني) قال المجد هذا إذا أوقفها في طريق ضيق أو حيث تضر المار اهـ. وكجعلها في الأسواق والمجامع طردها في تلك الأمكنة. فيضمن جنايتها حيث كانت لسببه. وأن لا يكون في الأوقات التي يجب على المالك حفظها فيها كالليل. وبقرب ما تتلفه عادة.
قال الشيخ ولو كان معها قائد أو سائق فما أفسدت بفمها أو يدها فهو عليه. لأنه تفريط. قال الحارثي والبهيمة النزقة التي لا تضبط بكبح ولا نحوه ليس له ركوبها بالأسواق. فإن ركب ضمن لتفريطه. وكذا الرموح التي تضرب برجلها.
(وللخمسة) وغيرهم؛ (إلا الترمذي عن البراء) ابن
عازب رضي الله عنه قال (قضى رسول الله عليه وسلم أن حفظ الحوائط) وهي البساتين إذا كانت محاطة بالجدر. وكذا المزارع حفظها (بالنهار على أهلها) فلا يضمن مالك البهيمة ما جنت بهيمته بالنهار ما لم يرسلها بقرب ما تتلفه عادة. وهذا مذهب مالك والشافعي وأحمد وغيرهم (وأن حفظ الماشية بالليل على أهلها) ومطلقًا عما تتلفه عادة لخبر "لا ضرر ولا ضرار"(وأن على أهل الماشية ما أصابت ماشيتهم بالليل) لتفريطهم بإرسالها كما لو أرسلوها قرب الزرع قاله الشيخ وغيره.
وقال أيضًا هذا إذا كانت ترعى في المراعي المعتادة فانفلتت نهارًا من غير تفريط من صاحبها حتى دخلت اصطبلًا فأفسدته أو أفسدت زرعًا لم يكن على صاحبها ضمان عند أكثر العلماء كمالك والشافعي وأحمد لقصة سليمان بن داود والنفش. ولحديث ناقة البراء. فإنها دخلت حائطًا فأفسدته فقضى فيها رسول الله – صلى الله عليه وسلم بما تقدم. وأما إن كان صاحبها اعتدى وأرسلها في زرع قوم أو بقرب زرع أو ادخلها إلى اصطبل الحمار بغير إذن صاحبه فأتلفت فهنا يضمن لعدوانه.
وقال البغوي ذهب أهل العلم إلى أن ما أفسدت الماشية بالنهار من مال الغير فلا ضمان على أهلها. وما أفسدت بالليل ضمنه مالكها. لأن في العرف أن أصحاب الحوائط والبساتين يحفظونها بالنهار. وأصحاب المواشي بالليل. فمن خالف هذه
العادة كان خارجًا عن رسوم الحفظ. هذا إذا لم يكن مالك الدابة معها. فإن كان معها فعليه ضمان ما أتلفته. وهذا مذهب مالك والشافعي. وذهبت الحنفية على أنه إن لم يكن معها فلا ضمان عليه ليلًا كان أو نهارًا، اهـ.
وفي قصة داود وسليمان ما يشهد لهذا الخبر. لأن النفش إنما يكون بالليل. كما جزم به الشعبي وشريح ومسروق وغيرهم.
وقال الشيخ فصح أنما أفسدت المواشي بالليل ضمان على أهلها. وصح بنص القرآن الثناء على سليمان بتفهيم الضمان بالمثل. فإن النفش رعي الغنم ليلًا. وكان ببستان عنب. فحكم داود بقيمة المتلف. فاعتبر الغنم فوجدها بقدر القيمة. فدفعها إلى أصحاب الحرث. وقضى سليمان بالضمان على أصحاب الغنم. وأن يضمنوا ذلك بالمثل بأن يعمروا البستان حتى يعود كما كان. ولم يضيع عليهم مغله من حين الإتلاف إلى حين العود.
بل أعطى أصحاب البستان ماشية أولئك لياخذوا
من ثمارها بقدر نماء البستان فيستوفوا من نماء غنمهم نظير
ما فاتهم من نماء حرثهم. واعتبر النمائين فوجدهما سواء.
وهذا هو العلم الذي خصه الله به وأثنى عليه بإدراكه. قال ابن القيم وصح بالنصوص والقياس الصحيح وجوب الضمان بالمثل.
فصح أنه هو الصواب والحق. وهو أحد القولين في مذهب أحمد ووجه للشافعية والمالكية.
(وعن عبد الله بن عمرو) رضي الله عنهما (مرفوعًا) إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (من قتل دون ماله) قاتل أو لم يقاتل (فهو شهيد) له أحكام الشهداء في الآخرة والبرزخ وأما تغسيله والصلاة عليه فتقدم (متفق عليه) وفي لفظ "من أريد ماله بغير حق فقاتل فقتل فهو شهيد" صححه الترمذي وله أيضًا وصححه من حديث سعيد بن زيد "من قتل دون دينه فهو شهيد. ومن قتل دون دمه فهو شهيد. ومن قتل دون ماله فهو شهيد".
ولمسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رجل يا رسول الله إن جاء رجل يريد أخذ مالي. قال "فلا تعطه مالك" قال أرأيت إن قاتلني؟ قال "قاتله" قال أرأيت إن قتلني؟ قال "فأنت شهيد" قال: أرأيت إن قتلته؟ قال "هو في النار". ولأحمد إن عدا على مالي قال "أنشد الله" قال فإن أبى قال "انشد الله" قال فإن أبى قال "قاتل فإن قتلت ففي الجنة وإن قتلته ففي النار" ففيه أنه يدفع بالأسهل فالأسهل. ودلت الأحاديث وما في معناها أنها تجوز مقاتلة من أراد أخذ مال الإنسان من غير فرق بين القليل والكثير. إذا كان الأخذ بغير حق. وهو مذهب الجمهور.
وقال ابن المنذر الذي عليه أهل العلم أن للرجل أن يدفع عن ماله ونفسه ودينه وحريمه إذا أريد ظلمًا بغير تفصيل. واستثنى السلطان للآثار الواردة بالصبر على جوره وترك القيام عليه واستثنى بعضهم حالة الفرقة والاختلاف. وأنه يستسلم المبغي على نفسه أو ماله ولا يقاتل. وقال الشيخ يجوز للمظلوم قتل المحاربين والدفع عن النفس والحرمة. ولا يجوز بذلهم من المال لا قليلًا ولا كثيرًا. وقال من طلب منه الفجور كان عليه أن يدفع الصائل عليه. فإن لم يندفع إلا بالقتل فله ذلك باتفاق الفقهاء.
فإن ادعى القاتل أنه صال عليه وأنكر أولياء المقتول. فإن كان المقتول معروفًا بالبر. وقتل في محل لا ريبة فيه لم يقبل قول القاتل. وإن كان معروفًا بالفجور والقاتل معروفًا بالبر فالقول قول القاتل مع يمينه. لا سيما إذا كان معروفًا بالتعرض له قبل ذلك. ومن رأى رجلًا يفجر بأهله جاز له قتلهما فيما بينه وبين الله. سواء كان الفاجر محصنًا أو غير محصن. معروفًا بذلك أم لا كما دل عليه كلام الأصحاب وفتاوى الصحابة.
وليس هذا من باب دفع الصائل كما ظنه بعضهم. بل هو من عقوبة المعتدين المؤذين. وأما إذا دخل الرجل ولم يفعل بعد فاحشة. ولكن دخل لأجل ذلك ففيه نزاع. والأحوط لهذا أن يتوب من القتل في مثل هذه الصورة.
(وعن ابن عمر) رضي الله عنهما (أن النبي صلى الله عليه وسلم شق زقاق الخمر) أي ظروفها والزق بالكسر السقاء أو جلد يجز شعره ولا ينتف وقيل كل وعاء اتخذ للشراب وغيره والزق بالضم من أسماء الخمر (رواه أحمد) وذلك أنها جلبت من الشام فشق ما كان من تلك الزقاق. قال ابن عمر وأمرني أن آتي الأسواق كلها فلا أجد فيها زق خمر إلا شققته ففعلت.
(وللترمذي) وغيره (عن أبي طلحة) زيد بن سهل بن الأسود بن حرام بن عمرو النجاري كان من النقباء وصلى عليه عثمان (في خمر لأيتام) جمع يتيم وهو من مات أبوه ولم يبلغ (في خمر لأيتام) جمع يتيم وهو من مات أبوه ولم يبلغ (في حجر أبي طلحة) ومن حديث أنس أن أبا طلحة سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أيتام ورثوا خمرًا (قال صلى الله عليه وسلم لأبي طلحة (أهرق) أي أرق (الخمر) من الإراقة فدل على وجوب إراقتها (واكسر الدنان) الدن الراقود أطول من الحب ولمسلم أفلا أجعلها خلا قال لا وهو مال يتيم ولأحمد أيضًا عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يأخذ مدية ثم يخرج إلى أسواق المدينة وفيها زقاق الخمر قد جلبت من الشام فشققت بحضرته وأمر أصحابه بذلك.
فدلت الأحاديث على وجوب أهراق الخمر وكسر دنانها. وشق أزقاقها وإن كان مالكها غير مكلف. وكذا آلة اللهو كالطنبور والعود والطبل والدف والصنوج والنرد والشطرنج ونحوها. والصليب وآنية الذهب والفضة لقوله صلى الله عليه وسلم "إن الله