الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المخزومي رضي الله عنه: من سادات التابعين وفضلائهم سمي واهب قريش وأبو الحارث أخو أبي سفيان من جملة الصحابة رضي الله عنهم. توفي سنة 94 هـ. وقد نظم بعضهم أسماءهم فقال: [712م]
ألا كل من لايقتدي بأئمة
…
فقسمته ضيزى عن الحق خارجه
فخذهم عبيد الله عروة قاسم
…
سعيد أبو بكر سليمان خارجه
15 -
واختلف في السابع فقيل أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف المخزومي الزهري المدني رضي الله عنه: وهو قول الأكثر قيل اسمه كنيته وقيل عبد الله وقيل إسماعيل. كان كثير الحديث من أعيان التابعين وفقهائهم وساداتهم المشهورين بالرواية عن أبي هريرة رضي الله عنه وعن غيره. مولده سنة بضع وعشرين. ومات سنة 94 أو 104. وقيل أبو عمر ويقال أبو عبد الله [712م] [722م].
16 -
سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهم: من سادات التابعين وعلمائهم وثقاتهم. توفي سنة ست ومائة. وقيل أبو بكر بن عبد الرحمن المذكور. وصاحب نظم البيتين مشى على القول الثالث.
الفريدة الخامسة في معرفة طبقات الحديث ومعرفة أئمته
قال الشيخ الأمير في فهرسته: اعلم أن جميع العلوم الشرعية من تفسير وغيره تستمد من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال القاضي أبو بكر بن العربي في عارضة الأحوذي شرح الترمذي: الموطأ هو الأصل الأول واللباب، والبخاري الأصل الثاني في هذا الباب، وعليهم بني الجميع كمسلم والترمذي انتهى.
وألّف جماعة في الصحيح الذي هو معرفة ما تحفظ به السنن المنقولة عن صاحب الشريعة المطهرة صلى الله عليه وسلم. وفي حجة الله البالغة: اعلم أنه لا سبيل لنا إلى معرفة الشرائع والأحكام إلا بخبر النبي صلى الله عليه وسلم بخلاف المصالح فإنها قد تدرك بالتجربة والنظر الصادق والحدس ونحو ذلك. ولا سبيل إلى معرفة أخباره صلى الله عليه وسلم إلا تلقي
الروايات المنتهية إليه بالاتصال والعنعنة سواء كانت من لفظه صلى الله عليه وسلم أو كانت أحاديث موقوفة قد صحت الرواية بها عن جماعة من الصحابة والتابعين بحيث يبعد أقدامهم عن الجزم بمثله لولا النص أو الإشارة من الشارع بمثل ذلك رواية عنه صلى الله عليه وسلم دلالة وتلقي تلك الروايات لا سبيل إليه في يومنا هذا إلا تتبع الكتب المدونة في علم الحديث فإنه لا يوجد اليوم رواية يعتمد عليها غير مدونة وكتب الحديث على طبقات مختلفة ومنازل متباينة فوجب الاعتناء بمعرفة طبقات كتب الحديث فنقول: هي باعتبار الصحة والشهرة على أربع طبقات وذلك لأن أعلى أقسام الحديث كما عرفت فيما سبق ما ثبت بالتواتر وأجمعت الأمة على قبوله والعمل به ثم استفاض من طرق متعددة لا يبقى معها شبهة يعتد بها واتفق على العمل به جمهور فقهاء الأمصار أو لم يختلف فيه علماء الحرمين خاصة فإن الحرمين محل الخلفاء الراشدين في القرون الأولى ومحط رحال العلماء طبقة بعد طبقة يبعد أن يسلموا منهم الخطأ الظاهر أو كان قولاً مشهوراً معمولاً به في قطر عظيم مروياً عن جماعة عظيمة من الصحابة والتابعين ثم ما صح أو حسن سنده وشهد به علماء الحديث ولم يكن قولاً متروكاً لم يذهب إليه أحد من الأمة أما ما كان ضعيفاً أو موضوعاً أو منقطعاً أو مقلوباً في سنده أو متنه أو من رواية المجاهيل أو مخالفاً لما أجمع عليه السلف طبقة بعد طبقة فلا سبيل إلى القول به فالصحة أن يشترط مؤلف الكتاب على نفسه إيراد ما صح أو حسن غير مقلوب ولا شاذ ولا ضعيف إلا مع بيان حاله فإن إيراد الضعيف مع بيان حاله لا يقدح في الكتاب؛ والشهرة أن تكون الأحاديث المذكورة فيها دائرة على ألسنة المحدثين قبل تدوينها وبعد تدوينها فيكون أئمة الحديث قبل المؤلف رووها بطرف شتى وأوردوها في مسانيدهم ومجاميعهم وبعد المؤلف اشتغلوا برواية الكتاب وحفظه وكشف مشكله وشرح غريبه وبيان إعرابه وتخريج طرق أحاديثه واستنباط فقهها والفحص عن أحوال رواتها طبقة بعد طبقة إلى يومنا هذا حتى لا يبقى شيء مما يتعلق به غير مبحوث عنه إلا ما شاء الله ويكون نقاد الحديث قبل المصنف وبعده وافقوه في القول بها وحكموا بصحتها وارتضوا رأي المصنف فيها وتلقوا كتابه بالمدح والثناء ويكون أئمة الفقه لا يزالون يستنبطون منها ويعتمدون عليها ويعتنون بها ويكون العامة لا يخلون عن اعتقادها وتعظيمها وبالجملة فإذا اجتمعت هاتان الخصلتان كلاهما في كتاب كان من الطبقة الأولى ثم، وثم، وإن فقدتا رأساً لم يكن له اعتبار وما كان أعلى عد في الطبقة الأولى بأنه يصل إلى حد التواتر وما دون
ذلك يصل إلى الاستفاضة ثم إلى الصحة القطعية أعني القطع المأخوذ في علم الحديث المفيد للعمل والطبقة الثانية إلى الاستفاضة أو الصحة القطعية أو الظنية وهكذا ينزل الأمر فالطبقة الأولى منحصرة بالاستقراء في ثلاثة كتب الموطأ وصحيح البخاري وصحيح مسلم. قال الشافعي: "أصح كتاب بعد كتاب الله موطأ مالك". واتفق أهل الحديث على أن جميع ما فيه صحيح على رأي مالك ومن وافقه وأما على رأي غيره فليس فيه مرسل ولا منقطع إلا قد اتصل السند فيه من طرق أخرى فلا جرم أنها صحيحة من هذا الوجه. وقد صنف في زمان مالك موطئات كثيرة في تخريج أحاديثه ووصل منقطعه مثل: كتاب ابن أبي ذؤيب وابن عيينة والثوري ومعمر وغيرهم ممن شارك مالكاً في الشيوخ. وقد رواه عن مالك بغير واسطة أكثر من ألف رجل وقد ضرب الناس فيه أكباد الإبل إلى مالك من أقاصي البلاد كما كان النبي صلى الله عليه وسلم -ذكره في حديثه. فمنهم المبرزون من الفقهاء كالشافعي ومحمد بن الحسن وابن وهب وابن القاسم ومنهم نحارير المحدثين كيحيى بن سعيد القطان، وعبد الرحمن بن مهدي وعبد الرزاق ومنهم الملوك والأمراء كالرشيد وابنيه. وقد
اشتهر في عصره حتى بلغ على جميع ديار الإِسلام ثم لم يأت زمان إلا وهو أكثر له شهرة وأقوى به عناية وعليه بني فقهاء الأمصار مذاهبهم حتى أهل العراق في بعض أمرهم ولم يزل العلماء يخرجون أحاديثه ويذكرون متابعته وشواهده ويشرحون غريبه ويضبطون مشكله، ويبحثون عن فقهه ويفتشون عن رجاله، إلى غاية ليس بعدها غاية وإن شئت الحق الصراح فقس كتاب الموطأ بكتاب الآثار لمحمد، والأمالي لأبي يوسف تجد بينه وبينهما بعد المشرقين، فهل سمعت أحداً من المحدثين والفقهاء تعرض لهما واعتنى بهما؟ أما الصحيحان فقد اتفق المحدثون على أن جميع ما فيهما من المتصل المرفوع صحيح بالقطع، وإنهما متواتران إلى مصنفيهما، وإن كل من يهوّن أمرهما فهو مبتدع متبع غير سبيل المؤمنين وإن شئت الحق الصراح فقسهما بكتاب ابن أبي شيبة وكتاب الطحاوي ومسند الخوارزمي وغيرهم تجد بينهما وبينهم بعد المشرقين. وقد استدرك الحاكم عليهما أحاديث هىِ على شرطهما ولم يذكراها، وقد تتبعت ما استدركه فوجدته قد أصاب من وجه ولم يصب من وجه، وذلك لأنه وجد
أحاديث مروية عن رجال الشيخين بشرطهما في الصحة والاتصال فاتجه استدراكه عليهما من هذا الوجه، ولكن الشيخين لا يذكران إلا حديثاً قد تناظر فيه مشايخهما وأجمعوا على القول به والتصحيح له كما أشار مسلم حيث قال:"لم أذكر ها هنا إلا ما أجمعوا عليه"(1). وجل ما تفرد به المستدرك كالموكأ عليه المخفي فكان في زمن مشايخهما وإن اشتهر أمره من بعد أو ما اختلف المحدثون في رجاله فالشيخان كأساتذهما كانا يعتنيان بالبحث عن الأحاديث في الوصل والانقطاع وغير ذلك حتى يتضح الحال والحاكم يعتمد في الأكثر على قواعد مخرجة من صنائعهم كقوله: زيادة الثقات مقبولة وإذا اختلف الناس في الوصل والإرسال والوقف والرفع وغير ذلك فالذي حفظ الزيادة حجة على من لم يحفظ والحق أن كثيراً ما يدخل الخلل في الحفاظ من قبل الموقوف ووصل المنقطع لا سيما عند رغبتهم في المتصل المرفوع وتنويههم به فالشيخان لا يقولان بكثير مما يقول الحاكم والله أعلم. وهاته الكتب الثلاث التي اعتنى القاضي عياض في المشارق في ضبط مشكلة ورد تصحيفها.
الطبقة الثانية: كتب لم تبلغ مبلغ الموطأ والصحيح، ولكنها تتلوها، كان مصنفوها معروفين بالوثوق والعدالة والحفظ والتبحر في فنون الحديث ولم يرضوا في كتبهم بالتساهل فيما اشترطوا على أنفسهم فتلقاها من بعدهم بالقبول واعتنى بها المحدثون والفقهاء طبقة بعد طبقة واشتهرت فيما بين الناس وتعلق بها القوم شرحاً لغريبها وفحصاً عن رجالها واستنباطاً لفقهها وعلى تلك الأحاديث بناء عامة الناس
كسنن أبي داود وجامع الترمذي ومجتبى النسائي. وهاته الكتب مع الطبقة الأولى اعتنى بأحاديثها رزين في تجريد الصحاح وابن الأثير في جامع الأصول فكاد مسند أحمد يكون من جملة هاته الطبقة فإن الإِمام أحمد جعله أصلاً يعرف به الصحيح والسقيم قال: ما ليس فيه فلا تقبلوه.
الطبقة الثالثة: مسانيد وجوامع ومصنفات صنفت قبل البخاري ومسلم، وفي زمانهما وبعدهما جمعت بين الصحيح والحسن والضعيف، والمعروف والغريب، والشاذ والمنكر، والخطأ والصواب، والثابت والمقلوب، ولم تشتهر في العلماء ذلك الاشتهار وإن زال عنها اسم النكارة المطلقة ولم يتداول ما تفردت به الفقهاء كثير تداول، ولم يفحص عن صحتها وسقمها المحدثون كثير فحص، ومنه ما لم يخدمه لغوي ليشرح غريبه ولا فقيه بتطبيقه بمذاهب السلف، ولا محدث ببيان مشكله، ولا مؤرخ بذكر أسماء رجاله، ولا أريد المتأخرين المتعمقين وإنما كلامي في الأئمة المتقدمين من أهل الحديث فهي باقية على استتارها واختفائها وخمولها
كمسند أبي علي ومصنف عبد الرزاق ومصنف أبي بكر بن أبي شيبة ومسند عبد الله بن حميد والطيالسي وكتب البيهقي والطحاوي والطبراني وكان قصدهم جمع ما وجدوه لا تلخيصه وتهذيبه وتقريبه من العمل.
الطبقة الرابعة: كتب قصد مصنفوها بعد قرون متطاولة جمع ما لم يوجد في الطبقتين الأوليين، وكانت في المجامع والمسانيد المختلفة فنوهوا بأمرها، وكانت على ألسنة من لم يكتب حديثه المحدثون ككثير من الوعاظ المتشدقين وأهل الأهواء والضعفاء أو كانت من آثار الصحابة والتابعين أو من أخبار بني إسرائيل أو من كلام الحكماء والوعاظ، خلطها الرواة بحديث النبي صلى الله عليه وسلم سهواً أو عمداً، أو كانت من محتملات القرآن والحديث الصحيح فرواها بالمعنى قوم صالحون لا يعرفون غوامض الرواية فجعلوا المعاني أحاديث مرفوعة، أو كانت معاني مفهومة من إشارات الكتاب والسنة جعلوها أحاديث مستبدة برأسها عمداً، أو كانت جملاً شتى في أحاديث مختلفة جعلوها حديثاً واحداً بنسق واحد. ومظنة هذه الأحاديث كتاب الضعفاء لابن حبان وكامل ابن عدي وكتب الخطيب وأبي نعيم والجوزقاني وابن عساكر وابن النجار والديلمي وكاد مسند الخوارزمي يكون من هذه الطبقة. وأصلح هذه الطبقة ما كان ضعيفاً محتملاً وأسوأها ما كان موضوعاً أو مقلوباً شديد النكارة. وهذه الطبقة مادة كتاب الموضوعات لابن الجوزي.
ها هنا طبقة خامسة منها ما اشتهر على ألسنة الفقهاء والصوفية والمؤرخين ونحوهم وليس له أصل في هذه الطبقات الأربع، ومنها ما دسه الماجن في دينه العالم بلسانه فأتى بإسناد قوي لا يمكن الجرح فيه وكلام بليغ لا يبعد صدوره عنه صلى الله عليه وسلم فأثار في الإِسلام مصيبة عظيمة، لكن الجهابذة من أهل الحديث يوردون مثل ذلك على المتابعات والشواهد فتهتك الأستار ويظهر العوار.
أما الطبقة الأولى والثانية فعليهما اعتماد المحدثين وحوم حمامهما مرتعهم ومسرحهم، وأما الثالثة فلا يباشرها للعمل عليها والقول بها إلا النحارير الجهابذة الذين يحفظون أسماء الرجال وعلل الأحاديث، نعم ربما يؤخذ منها المتابعات والشواهد وقد جعل الله لكل شيء قدراً. وأما الرابعة فالاشتغال بجمعها أو الاستنباط منها نوع تعمق من المتأخرين وإن شئت الحق فطوائف المبتدعين
الرافضة والمعتزلة وغيرهم يتمكنون بأدنى عناية أن يلخصوا منها شواهد مذاهبهم فالانتصار بها غير صحيح في معارك العلماء بالحديث اهـ.
والحاصل أن الموطأ والكتب الخمسة هي الأسوة في فن الحديث في القديم والحديث وشهرة مؤلفيها غنية عن التعريف والبيان والتوصيف. متصلة السند، حملها فحول عن فحول إلى يومنا هذا وسنذكر سندي إليها في آخر المقصد إن شاء الله، وهي:
(1)
الموطأ للإمام مالك وسيأتي ذكره قريباً في المقصد والتتمة.
(2)
صحيح البخاري لمؤلفه أبي عبد الله محمد بن أبي الحسن إسماعيل الجعفي البخاري الإِمام الجليل العلامة شيخ الإِسلام الفهامة الحافظ الحجة النظار. نال من الشهرة والقبول درجة لا يرام فوقها. مولده سنة 194هـ ومات سنة 256 هجرية. أنشد له الشهاب المقري بيتين وقال ليس له غيرهما وهما:
اغتنم في الفراغ فضل ركوع
…
فعسى أن يكون موتك بغته
كم صحيح قد مات قبل سقيم
…
ذهبت نفسه النفيسة بغته
ووقع له ذلك أو قريب منه. قاله الحافظ ابن حجر اهـ من نفح الطيب.
(3)
صحيح مسلم: لمؤلفه أبي الحسن مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري الإمام الجليل الحافظ النظار الحجة مولده سنة 206هـ وتوفي سنة 261 هجرية.
(4)
سنن أبي داود: لمؤلفها أبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني الأزدي الإمام سيد الحفاظ الحجة المثبت مولده سنة 202 هـ وتوفي سنة 275 هجرية.
(5)
الجامع: لمؤلفه أبي عيسى محمد بن عيسى الترمذي الإمام الحافظ الحجة الأميز مولده سنة 209هـ وتوفي سنة 279 هجرية.
(6)
المجتبى: وهي السنن الصغرى لأبي عبد الرحمن أحمد بن علي بن شعيب النسائي الإمام المثبت الحافظ الحجة المتولد سنة 215هـ المتوفى سنة 303 هجرية.